رواية زوجتي المتمردة كامله وحصريه بقلم ريم السيد
ليست المرة الأولى التي أعود فيها الى المنزل وتكون زوجتي خارجا تتنزه برفقة صديقاتها بات الأمر مزعجا جدا بالنسبة إلي فلا غداء جاهز ولا مكان مرتب ولا ثياب جاهزة حتى أنها لا تهتم لوجودي وكأن صديقاتها في المرتبة الأولى وأنا خارج الاطار تماما .. فأنا على رغم إنشغالي في عملي الى أني أحاول الاهتمام بها كثيرا من وقت لآخر فتارة آخذ اجازة لبضعة أيام وأصحبها الى احدى المنتجعات لتجديد علاقتنا وتارة أقدم لها الهدايا الثمينة لتعلم معزتها لدي فأنا أحبها جدا ولولا حبي لها لما تحملت كل ذلك لكن لدي طاقة وأخاف كل الخوف أن تنفذ طاقتي ويحدث بيننا ما لا أتمناه ... بعد ساعتين من انتظاري بالمنزل أتت ودخلت إلى الغرفة حتى أنها لم تنتبه لوجودي....
-حمد الله على السلامة
=بسم الله (قالتها وقد انتفضت مفزوعة) ...خضيتني ...
-كنتي فين يا سهام
=مافيش مع نجوى وإلهام وميرفت ...
-اممم... طيب مش هنتغدى
=انا اتغديت بره ... اتغدى انت (قالتها وهي تستدير بظهرها عني في اتجاهها للغرفة مهملة كلامي )
-فين الغدا ...
=....(استمرت في مشيتها دون أن تقف)
-سهام ... انا عايز اعرف اخرتها ايه ... انا حاسس اني باجي أوتيل أنام وارجع العيادة واروح مطعم اتغدى ... حاسس اني لوحدي ... صدقيني راجل غيري مايتحملش كل ده
=...(توقفت وهي تنظر إلي بطرف عينها) ... ماحدش قالك استحمل
-عارفة يا سهام ... انتي الكلام معاكي فعلا بقى غلط ...
ثم حملت مفاتيحي وتركت المنزل وذهبت وأنا حزين لا أدري هل تريثي في كل مرة معها يجعلها تتمادى معي ؟ .. هل سماحي لها دائما بالترويح عن نفسها برفقة صديقاتها بدلا من وحدتها كان خطأ ؟ .. في كل مرة أتمالك أعصابي لم تأتِ لمرة واحدة واعتذرت عن تصرفاتها الهوجاء أعتقد أني يجب أن آخذ موقفا حيال ذلك حتى تستفيق من غفلتها بدلا أن يضيع كل الذي بيننا ... اتجهت حينها إلى منزل أهلها للتحدث إليهم فلا أريد أن تدخل عائلتي في الأمر حتى لا تفسد العلاقة بيننا فسينعتوني حينها بمعدوم الشخصية وليس الأمر كذلك أبدا فالحقيقة أني أحاول اعطائها كل الفرص للتغير لنعيش حياة طبيعية فلم أحب واتزوجها حتى أتركها هكذا ... تحدثت إلى والدتها ووالدها وقصصت إليهم مايحدث وأني أريدها زوجة لي أولا تهتم لأموري ومن ثم تفعل ماتريد لن أمنعها لكن فقط أريد أن اعيش معها مرتاح البال ...
=قصدك ان بنتي قليلة الأدب يعني ولا ايه ... مانت في شغلك طول النهار ايه يعني لما تخرج
-ياطنط انا مش قصدي امنعها او أحبسها بس أرجع احس ان ليا بيت أرتاح فيه يعني واكل جاهز وزوجة مستنياني
=•معاك حق يابني ... بنتي غلطانة وحقك على راسي
=هي مين اللي غلطانة يا سمير ... لا بنتي ماعملتش حاجة .. ومن حقها تروح وتيجي وتدلع نفسها اومال عايزها تدفن نفسها بالحيا
=•لا بنتك غلطانة والغلط راكبها من ساسها لراسها ... الراجل كتر ألف خيره صابر عليها عشان باقي على العشرة .. المفروض تقوم بواجباته وبعد كدة تعمل اللي عايزاه هو مش هيمنعها ... لكن كل يوم بره لا كدة كتير
=انت بتتكلم على البت كدة ليه و..
=•عشان اللي بقوله هو اللي بيحصل انت دلعك فيها هو اللي بوظها ولا بتغلطيها ولا بتوعيها
-انا اسف جدا ماقصدش ان يحصل كدة والله ... انا كنت قصدي حضرتك تتكلمي معاها بالراحة بس .. وهي بنت ناس ومحترمة و....
=وايه يا دكتور ... بعد ماقلت فيها القطط الفاطسة جاي تقول ماقصدش ...
=•حقك عليا يابني وتشكر انك ماتسرعتش في اتخاذ قرار ممكن يدمر حياة بنتي
-ياعمي بنتك دي ميراتي وفي عنيا وعمري ماهظلمها ... حقك عليا يا طنط انا ماقصدش .. انا هستأذن
=•استني يابني اشرب الشاي
-تشكر يا عمي ...بعد اذنك
ذهبت وقد تركت والدها الوقور المحترم ووالدتها المدللة جدا لابنتها لأنها الوحيدة ولا تريد سوى سعادة ابنتها بغض النظر عن سعادتي ... أحيانا أشفق على سهام وأحاول منحها العديد من الفرص لأني أشعر أن والدتها هي السبب في تمردها بسبب عدم ممانعتها لها في أي من تصرفاتها لكن ها هو والدها منتهى الرقي والإحترام لمّ لم تتعلم منه ؟... كان سفره الدائم طوال نشأة ابنته يجعلها تأخذ فقط من صفات والدتها وكان هو يكتفي في اجازته القصيرة بملاعبتها وملاطفتها حتى لا يبدو قاسيا عليها ... لكن ذاك جعلها متمردة أنانية ورغم كل ذلك أحاول تغييرها للأفضل لأني عن حق أحبها ...
ذهبت لعيادتي حيث أعمل طبيب أسنان وأقسم وقتي بين العمل الحكومي صباحا حتى الواحدة ظهرا ثم العودة للمنزل ومن ثم الذهاب للعيادة في السادسة مساءا والانتهاء في التاسعة مساءا ... فأنا لا أطيل البقاء بالعيادة ليتسنى لي الجلوس مع سهام التي دائما ماتكون مشغولة بمكالماتها مع صديقاتها ... لكن أعتقد أن الحل هو تغير خطتي اليوم لعلها تشتاق لوجودي إن أطلت فترة الجلوس بعيادتي الخاصة ... عند وصولي للعيادة كان مساعدي لم يأتِ بعد فقد ذهبت اليوم اليها مبكرا عن ميعادي بساعة فدخلت الى غرفة الكشف الخاصة بي وأغلقت الباب وحين أتى سعيد تقريبا لم يكن على علم بوجودي بالداخل لذا كان يتحدث مع زوجته بأريحية بالغة وقد فتح المايكروفون الخارجي فكنت أسمع المكالمة بوضوح خاصة وأن العيادة لا زالت فارغة من المرضى وصدى الصوت واضح....
=طيب وأنا ذنبي ايه
=•ماانا بقولك بطلي تشربي شاي عشان الأنيميا ...اهي وصلت ل ٧ أهي
=والله مابشرب كتير ... الدكتور نفسه قالي انه حوامل كتير بيحصل معاهم كدا مش أنا بس
=•طيب والحل...
=الدكتور قالي كلي كبدة كتير وهبقى تمام
=•كبدة كتير منين بس يا غادة ماانتي عارفة البير وغطاه ... كفاية ربع كيلو في الأسبوع وخليه يشوف بدايل .. ده انا حتة تمرجي في عيادة هجيب منين
=هتدبر ياحبيبي ... ربنا موجود
=•الحمد لله ... ربنا مابينساش حد ..يلا خلي بالك من نفسك ..انا هدخل احضر النسكافيه بتاع الدكتور زمانه على وصول
=حاضر..مع السلامة
كنت أسمع المكالمة بقلب يعتصر حزنا لحال سمير وزوجته ربما حدث كل ذلك معي اليوم حتى آتى مبكرا للعيادة وأتمكن من مساعدته ... انتهزت فرصة دخوله للمطبخ وخرجت ببطئ شديد حتى لا يشعر بي وذهبت لأقرب ماكينة سحب نقود ثم عدت للعيادة وكأني وصلت لتوي وقد تظاهرت برسم ابتسامة عريضة جدا على وجهي وألقيت السلام ...
=عليكم السلام .. ازيك يادكتور
-تمام جدا ... انا النهاردة مبسوط ومزاجي عنب
=يارب دايما يادكتور
-عشان كدة خد الألف جنيه دول حلال ليك
=ده كتير يادكتور
-ياعم انا واخد النهاردة مكافأة في الشغل ..ودول حلال عليك ... وان شاء الله من الشهر الجاي هزودلك الضعف
=انا مش عارف أقول لحضرتك ايه ربنا يباركلك ويرزقك من حيث لا تحتسب (كاد أن يبكي لكنه تمالك نفسه )
-ياعم أنا زي أخوك ولو احتجت أي حاجة انا تحت أمرك ... الحقني بالنسكافيه بقى
خرج سعيد والفرحة تملؤه ولا يكاد يصدق .. أنا أيضا انتابتني سعادة عمل الخير ولا أدري لمّ اخترعت تلك الكذبة سامحني الله عليها لكن لن يقبل سعيد أي مساعدة فهو عفيف النفس جدا لذا كانت تلك أفضل طريقة وسيرزقني الله بإذن الله برزقه.
الثاني من هنا