اخر الروايات

رواية جوازة نت كاملة وحصرية بقلم مني لطفي

رواية جوازة نت كاملة وحصرية بقلم مني لطفي 



                  
 - يا اهل الدار أين أنتم ؟، باركوا لي يا قوم بئيت الباش- مهندسة منّة عبد العظيم بامتياز مع مرتبة الشرف " ، صاحت منة بهذه العبارة ما ان فتحت لها الباب أمها التي سرعان ما اطلقت زغرودة كبيرة تصدح في الاجواء معلنة فرحتها بنجاح ابنتها منة وحصولها على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم ديكور ، حضر والدها سريعا على صوت الجلبة التي أحدثتها كلاًّ من ابنته وزوجته ، تكلم ما ان شاهدهما :

1



                    
- ايه ايه مش تفرحوني معكم طيب ؟ ايه الاخبار يا بنت عبدالعظيم سبع ولا ضبع ؟؟ ، أجابته منة بمرح وهى تطوق كتفيه بذراعها : 

+



                    
- عيب يا أبو منة دا انا بنتك بردو ...امتياز يا باشا مع مرتبة الشرف كمان ....،قبلها والدها بحب وهو يقول بفخر:

+



                    
- ألف ألف مبروك النجاح يا حبيبتي هو دا النجاح اللي يشرح القلب ويشرّف بصحيح...، اقتربت منهما والدتها وعيناها تذرفان دموع الفرح وقالت لزوجها وهى تجذب يد ابنتها دافعة بها الى احضانها:

+



                    
- أومال ايه.. بنتي دايما رافعه راسي عقبال ما افرح بيكي كدا مع واحد ابن حلال يعزك ويصونك...،قلبت منّة عينيها مخاطبة امها :

+



                    
- يا توفي الزمن ما بقاش هو الزمن... دلوقتي لو الجواز مش هيكون فيه كل مقومات النجاح ويغير حياة الواحدة للأفضل يبقى بلاش منه احسن!، عموما سيبينا من الكلام دا ،.. وقفت واضعه يديها في خصرها وتكلمت بثقة قائلة وهى ترفع رأسها الى أعلى: 

+



                    
- يا ترى النجاح المشرف دا هديته هتكون ايه؟.

+



                    
ضربتها امها بخفة على كتفها قائلة بجدية مفتعلة:

+



                    
- ايه توفي دي يا بنت؟!، حد يقول لمامته توفي؟، وبعدين باباكي وعدك بهدية كبيرة لما تنجحي وهو عند وعده وانا بقه ليكي عندي احلى حفلة لنجاحك...،

+



                    
ضحكت منة ومالت على والدتها قائلة بغمزة من عينها:

+



                    
- ايه بس يا أم منة.. زعلانه من ايه يا قمر؟ هي توفي وحشة؟ انت مش اسمك عواطف تبقي توفي على طول يا أحلى توفي بالكراميل انت يا جميل...

+



                    
تعالت ضحكات والديها التي قطعها صوت ضاحك آت من الداخل يقول :

+



                    
- أيوة أيوة كوليها بكلمتين!، واقترب منها يشد أذنها بمرح محبب مكملا:

+



                    
- وبعدين ايه أم منة دي يا هانم؟، اسمها أم أحمد!، انت نسيتي أخوكي الكبير ولا ايه يا آنسة؟،

+



                    
ضحكت منة وقالت بمرحها المعهود متصنعة الألم من مسكته لأذنها:

+



                    
-آي آي .... خلاص خلاص حرمت يا أبو حميد.... سماح النوبة دي..

+



                    
ترك أذنها وهو يضرب كفا بكف ويقول بدهشة ضاحكة:

+



                    
- أبو حميد؟ انت يا بنتي انت مش ناوية تبطلي تهريجك دا؟ وبعد دا كله تقوليلي سماح؟ سماح ماتت الله يرحمها !!..

4                
تصنعت منة الحزن قالبة شفتها السفلى وهى تقول:

+



- ماتت!!، تصدق زعلتني!.

+



قاطع مشاغبتهما المرحة صوت والدهما الوقور الذي يحمل رنة الفرح بولديه:

+



- خلاص بطلوا انتم الاتنين تهريج، وانت يا باش مهندسة ، واشار الى الاريكة المغطاة بكسوة قماشية فاخرة:

+



- على مامتك ما تحضر الغدا تعالي قوليلي يا ترى فكرت هتعملي ايه بعد ما اتخرجت...

+



ذهبت الأم لتحضير طعام الغذاء بينما جلس عبد العظيم مع ولديْه واجابت منّة سؤاله بحماس:

+



- انا طبعا عارفة انى ممكن جدا ييجي لي تعيين معيدة في الجامعه لكن انا عمري ما فكرت انى ادخل سلك التعليم دا...

+



 انا بحب الشغل.. عاوزة انزل مواقع واشتغل واشوف رسوماتي وهى بتتنفذ على الواقع،.. عمري ما شوفت نفسي دكتورة جامعه وقاعده على مكتب... ماليش في اللون دا!

+



احمد وهو يضربها بخفة على رأسها:

+



- يا بنتي انت بنت!، لا الاه الا الله.. شوية انوثة شوية!، ايه متعرفيش تتكلمي زي البنات ابدا؟!، حاسس انى بكلم واحد صاحبي ومش أي صاحب كمان... لا صاحب ضايع على الاخر!..

+



ابتسم الوالد لقول ابنه ووجه حديثه الى منة قائلا:

+



- هتضيّعوا الوقت في الهزار!، بردو مفهمتش عاوزة تشتغلي في مكتب هندسي يعني؟.

+



منة بانفعال حماسي:

+



- عارف بجد يا بابا نفسي في ايه؟ ، نظر اليها والدها في تساؤل بينما ارتسمت شبح ابتسامة حانية على وجه شقيقها الذي يكبرها بخمس سنوات وهو يرى شقيقته الصغرى تخطط لمستقبلها بحماس ولمعت عيناه بفخر للثقة التي تتحدث بها فهي تعلم موضع قدميها تماما بل وتعلم بكل وضوح ما تريد القيام به الايام القادمة...

+



منة متابعه بحماس:

+



- نفسي اسافر بره يا بابا... ايطاليا او باريس... بلاد الفن الحقيقي... انت عارف انى فنون جميلة قسم ديكور.. عاوزة اتعمق اكتر في دراستي وبفكر اسافر اكمل دراسات عليا هناك ..انا حاسة انى هتعلم هناك حاجات هتنفعني في شغلي بجد...ايه رايك يا بابايا؟، موافق؟..

+



ليقاطعها صوت عال بصرامة:

+



- طبعا...لأ !! .

+



شهقت منة والتفتت الى امها التي نَمّت وقفتها عن جديتها البالغة وكانت قد أتت لاخبارهم بأن الطعام أصبح معدا على مائدة السفرة، قامت منة من مكانها واتجهت الى والدتها محاولةٍ تليين قلبها بدلالها المعهود بينما تبادل الاب وابنه نظرات تدل على معرفتهما برأي الام مسبقا...

+



منة بدلال وهى تحيط كتفي أمها بذراعها:

+



- ليه بس يا توفي؟، انا مابقيتش صغيرة.. دي فرصة يا مامتي حبيبتي علشان خاطري وافقي.. 

+



        

          

                
الأم بجدية بالغة:

+



- عاوزة تسافري يبقى مع جوزك... تتجوزى الأول وبعدين تبقي تسافري مطرح ما انت عاوزة انما غير كدا مالكيش كلام في الموضوع دا ... ودلوقتي ياللا علشان نتغدى قبل ما الاكل يبرد..

+



اجابت منة بنزق :

+



- ايه دا؟!، انا اعرف الواحد يسافر بجواز سفر مش بجواز بحق وحقيقي!، والبيه هاخده ايه بقه ان شاء الله التأشيرة بتاعت السفر؟ ولا هاند باج في ايدي على الطيارة وأسرّبه أول ما انزل منها؟!!..

+



قالت الأم وهى تتأفف بغيظ:

+



- ايه؟ تسرّبيه!، انت يا بنتي انت بتجيبي الكلام دا منين؟، اهو دا اللي انت فالحه فيه التريقة!!.

+



الاب تدخل مانعا ابنته من الرد على امها قائلا بجدية ونظرة صارمة على وجهه:

+



- منة... خلاص اقفلي الموضوع دا دلوقتي.. يعني هي التأشيرة على الباب والطيارة مستنية؟!، ياللا نتغدى وابقي فكري كويس عاوزة تعملي ايه وانا ممكن اكلملك عمك فخري الشركة اللي هو بيشتغل فيها رئيس للشؤون القانونية شركة هندسية كبيرة بتبني مجمعات سكنية وبيحتاجوا مهندسين ديكور في تنفيذ التشطيبات الداخليه.. هكلمهولك وان شاء الله خير..

+



رد احمد ضاحكا محاولا ترطيب الاجواء:

+



معلهش يا والدي العزيز.... اذا كانت منة هتشتغل يبقى مع اخوها!، مش معقولة يبقى اخوها عنده مكتب هندسي واكون مهندس انشاءات اسمه ابتدا يلمع وهى تسيبني وتشتغل عند الغُرب دي حتى كدا تبقى عامله زي القرع يمد لبره!!

+



كتفت منة ذراعيها وطالعته بسخرية قائلة:

+



- يا عم الغرور دا كله.. شوية تواضع علشان الغلابة اللي زيي... وبعدين هو كان مكتبك لوحدك انت معاك اتنين غيرك..

+



أحمد بثقة تامة:

+



- مالكيش دعوه اعتبري نفسك في فترة تمرين من بكرة... انت عارفة عمر وسيف عمرهم ما هيقولوا لأ..

+



منة وهى تصطنع المرض:

+



- يا خرابي هو انا قادرة عليك انت لوحدك علشان تجيب لي احمد وشركاه؟!..

+



الاب بجدية :

+



- خلاص نقفل الموضوع دا دلوقتي ويا للا علشان نتغدى وابقوا اتجادلوا بعدين..

+



واتجه الاربعة حيث غرفة الطعام لتناول الاصناف الشهية التى تبرع في اعدادها الأم......

+



استيقظت منّة في صباح اليوم التالي ونظرت الى الساعة الموضوعة فوق الجارور بجانبها والتي تشير عقاربها الى السابعة والنصف صباحا، شهقت ونفضت الغطاء من فوقها لتقوم سريعا وتناولت منشفتها متجهة الى خارج الغرفة بخطوات سريعة وهى تقول :

+



- مش هخلص من أحمد، هيقعد يقوللي هتأخريني وأخّرتيني..

+



قابلت أم محمود السيدة الممتلئة البدن الخمسينية العمر والتي تأتي يوميا لمساعدة والدتها في شؤون المنزل ولم تكن موجودة بالأمس حيث صادف يوم أجازتها الاسبوعية، ابتسمت منة ملقية عليها تحية الصباح:

+



        
          

                
- صباح الفل يا أم محمود..

+



أم محمود ببشاشة:

+



- صباح الورد والياسمين على عيونك يا ست منّة... ياللا على ما تخلصي حمامك يكون الفطار جاهز..

+



منّة بابتسامة وهى تخطو سريعا للذهاب الى الحمام:

+



- أوكي يا قمر..

+



أم محمود تبادلها المزاح:

+



- أوكيك يا عسليتنا....
 منّة بتقطيبة جبين ونبرة جدية مفتعلة:

+



- كيك؟، كيك بالشوكولاتة ولا البرتقال؟، انت عارفاني الشوكولاتة حبيبتي أنا أنما البرتقال...... وحركت كتفها بدلال متابعة وهى تمط شفتيها المكتنزتين:

+



- أحبووووش!!.

+



دخلت الحمام وسط ضحكات ام محمود...

+



وقفت منّة أمام مرآة الزينة في غرفتها تطالع شكلها النهائي، اختارت طقما عمليّا للذهاب الى المكتب الهندسي مع شقيقها، يتكون من فستان قطني ابيض اللون يصل الى الركبة ذو نقوش من الازهار الصغيرة زرقاء اللون المطبعة على حواف الفستان من الاسفل وذات النقوش مطبوعة على حواف الكُم القصير للفستان ومن الاسفل بنطالا من الجينز الازرق وفوق الفستان سترة قصيرة بأكمام طويلة من الجينز الازرق ايضا وانتعلت حذاءا رياضيا أبيض اللون، ثم عكصت شعرها الكستنائي الناعم الذي يكاد يصل الى خصرها على هيئة كعكة صارمة لتغطيه بعد ذلك بحجاب رقيق عبارة عن وشاح من القماش الناعم ابيض اللون موشي بتعاريج زرقاء بسيطة في لفة محتشمة،ابتسمت لما رأته امامها فهي أنيقة ولكن بغير اسفاف وضحكت عيناها اللوزتيْن المكللتين برموش طويلة معقوفة الى اعلى وكأنها موشاة بأداة تلوين الرموش ولكنه صنعة رب العالمين، اسفلها أنف صغير مرفوع الى الاعلى دليل للعناد الذي هو خصلتها المتأصلة فيها ويعلو هذا الانف شفتين مكتنزتين حمراوين بلون ثمرة الفراولة الطازجة، نظرت الى وجهها يمينا ويسارا ببشرته الذهبية والتي كانت تفخر بها فمن يراها يصفها دائما بأنها تملك الجمال المصري الاصيل وهذا الامر كان يبهجها فهي لم تكن كباقي فتيات جيلها ممن يصبغن شعورهن بالوان صارخة ويرتدين العدسات الملونة فبرأيها ليس هناك أجمل من الهيئة التي خلقها الله عليها....، كان جسدها متناسق ومع أنها لم تكن من ذوات ممارسة الحمية بشكل دائم ولكن ممارستها لرياضة السير بشكل يومي في النادي الرياضي المشترك به عائلتها ساعدها في الحفاظ على لياقتها البدنية..

3



 لم تضع أي زينة كعادتها فهي ليست من هواة هذه الالوان التي يضعنها صديقاتها وكأنهن ذاهبات الى حفل ليلي وليس للدراسة او العمل او حتى يصلح للخروج نهارا، واكتفت بمرطب للشفاه عديم اللون وارتدت حقيبتها القماشية بشكل عكسي كما تحب دائما كي يسهل عليها الحركة....

+



أحمد ينادي بصوت عال:

+



- ياللا يا برنسيسة... هنتأخر كدا.. مش معقول أبقى أنا المدير وأتاخر شكلك من أولها هتجيبي لي الكلام!.

+



        
          

                
اتجهت اليه منّة في خطوات سريعة مجيبة بلهجة واثقة:

+



- مين دا؟، ان ما كونتش أخليك تاخد بونط عن باقية مثلث برمودا بتاعكم دا مابقاش أنا!، هخليهم يقولوا لك جبتها منين دي يا أبو حميد؟!.

+



ضربها اخوها بخفة على رأسها وقال بحنق مفتعل:

+



- بس بس بس..ايه... راديو واتفتح!، اما نشوف يا ختي... يا ما انا خايف اقول انا اللي جبت دا كلو لنفسي....

+



نظرت اليه منة بنصف عين واضعة يدها في منتصف خصرها مجيبة :

+



- والله احنا لسه فيها وان كنت ناسي أفكرك!، انت اللي عرضت عليا انى اشتغل معكم ومش بس كدا انت كنت هتبوس الايادي كمان ان بابا ما يكلمش عمو فخري... صح ولا بتبلّا عليك؟.

+



دفعها احمد امامه بينما أتت والدته على صوت جدالهما العالي وقالت بابتسامة:

+



- انتو مش هتكبروا ابدا؟!...

+



قال احمد وهو يدفع شقيقته المشاغبة خارجا:

+



- مين دي اللي تكبر؟ بنتك؟، دا انا بيتهيألي ان طفلة اربع سنين ممكن تكبر الّا دي!!، سلام عليكم يا ماما...

+



ردت أمهما السلام وهى ترفع يديها داعية الله يوفقهما ويحفظهما لها...

+



نادت أم محمود التى أتت سريعا تلبية لنداء سيدتها:

+



- ياللا يا ام محمود شهِّلي شوية...، عاوزاكي تنزلي تيجيبي الطلبات  اللي قلت لك عليها بسرعه على ما انا اجهز حاجة الغدا انت عارفة الأستاذ عبد العظيم بييجي 3 بالظبط، تظبطي عليه الساعة..

+



اتجهت ام محمود الى الباب وهى تنزل أكمامها المرفوعة توميء برأسها بالايجاب بينما يتبعها صوت عواطف يقول:

+



- آه وما تنسيش ورق العنب يا ام محمود انت عارفة منّة بتحبه أد إيه..

+



" عبد العظيم الأب: موجه أول لغة عربية.. رجل وقور محترم من عائلة عريقة تمتد أصولها الى الريف المصريّ ولكن عائلته سكنت المدينة منذ زمن طويل... يملك قطعة أرض هي ميراثه عن والده في بلده الريفي يرعاها شقيقه الذي يعيش هناك مع عائلته كما تعيش شقيقته في بلدتهما مع زوجها وعائلتها الصغيرة وشقيقة اخرى تعيش في الخليج مع زوجها واسرتها...

+



عواطف الأم: حاصلة على بكالوريوس تجارة.. تزوجت من عبد العظيم زواجا تقليديّا.. عاشت طوال عمرها في القاهرة لا تملك من الاشقاء سوى واحدة وتلك الاخيرة تعيش مع عائلتها في الاسكندرية حيث عمل زوجها، آثرت عواطف عدم العمل وانشغلت برعاية شؤون أسرتها الصغيرة فأصبح شغلها الشاغل مساعدة زوجها في تأمين راحة ولديْها، وتدعو الله ليل نهار أن يوفق كليهما في اختيار شريك حياته لتكتمل بذلك سعادتها هي وزوجها"...

+



**************************************************

+



- اتفضلي يا ستي....، دخلت منّة حيث يشير احمد لتجد نفسها في بهو واسع لشقة كبيرة، حيث لاحظت ثلاثة أبواب، تقدم أحمد مشيرا الى أول باب الى اليمين قائلا:

+



        
          

                
- دا مكتب الموظفين اللي معنا، هعرفك عليهم دلوقتي، والباب التاني دا مكتبي أنا وعمر والباب الأخير اللي في الوش يبقى مكتب الاستاذ سيف..

+



قطبت منة متسائلة:

+



- وايش معنى سيف صاحبك مكتبه لوحده؟.

+



احمد بتلقائية:

+



- طبيعي... سيف هو المهندس المسؤول هنا صحيح المكتب انا وهو وعمر شركا فيه لكن هو اكبر مننا سواء في السن اكبر مننا بتلات سنين وسواء في الخبرة عنده خبرة اكتر مننا بكتير وبعدين هو مش غريب دا ابن خالة عمر فبالنسبة لنا عادي وكويس انه وافق يشاركنا سيف عنده خبرة كويسة اوي وعمل علاقات في السوق مش بطالة...

+



هزت منة برأسها ايجابا ولم تُعقب، أشار اليها احمد لتتقدمه حيث دخلا الى غرفة الموظفين فطالعتهما زوجيْن من الأعين اشار اليهما احمد مبتسما:

+



- المهندسة سحر... زميلتنا هنا ودفعتنا في الكلية... مهندسة انشاءات، تقدمت اليها منة مصافحة وقد شعرت بالراحة اليها فوجهها تعتليه براءة طفولية محببة كما انه غير متكلف خال من أي زينة..،وملابسها بسيطة بعيدة كل البعد عن البهرجة وشعرها القصير الذي يصل حدود أذنيها يُكسبها مسحة من الجمال البريء مع عينيها الواسعتين بلونهما البندقيّ...

+



أكمل احمد التعريف مشيرا الى الأخرى قائلا:

+



- المهندسة ايناس... مهندسة كمبيوتر وأوتو كاد وحاجات كتيرة اوى هتلخبط لك دماغك.. من الاخر مهندسة تصميم ما حصلتش...

+



اتجهت ايناس للسلام على منة وقد احمرت وجنتيها لمدح أحمد لها مما لفت نظر منة التى نقلت نظراتها بينهما هما الاثنين لتشاهد لمحة خاطفة من حنان عبرت وجه اخيها سريعا ولكن لم تكن لتفوتها!!..،ولكنها عذرت شقيقها في اعجابه المُلاحظ بها فهي كالنسمة الهادئة التى تشعر بها لتريح اعصابك بعينيها العسليتين كبحر من العسل المصفى وبشرتها القمحية وشعرها الطويل نسبيا الذي يصل نهاية اكتافها بلونه الشوكولاتة الجذاب ولم تكن متكلفة ايضا لا في زينتها او ثيابها....

+



قالت ايناس بخفر:

+



- ما تبالغش يا باش مهندس... نورتينا يا...

+



ضحكت منة مجيبة وهى تصافحها:

+



- منة... مهندسة ديكور، وأخت الباش مهندس..

+



رحب الجميع بها وفجأة فاح في الهواء رائحة عطر ثقيل جعلت منة تنظر مشدوهه لتلاحظ سحر ترنو ببصرها الى شيء خلفها فاستدارت لتطالعها صورة من عارضة ازياء خرجت حديثا من مجلة للموضة والجمال...

+



احمد بجدية استغربتها منة:

+



- نشوى.... سكرتيرة المكتب او مديرة المكتب زي ما بتحب تقول..

+



اجابت نشوى في غنج لم تستسغه منة:

+



- تقدري تقولي الكل في الكل!، من غيري المكتب يتلخبط، انا اللي بظبط مواعيد العملا والطلبات اللي بتجيلنا وكل الشغل الاداري عليا انا لوحدي ... ابقى اهم واحده ولا لأ؟!..

+



        
          

                
انهت عبارتها وهى ترنو لأحمد بدلال مقزز جعل منة ترغب بلكمها على أنفها المرتفع عاليا علّه ينزل الى الاسفل قليلا!!...

+



فحصتها منة بنظراتها بدءا من شعرها الاشقر المصبوغ مرورا ببشرتها البيضاء الخالية من العيوب مرورا بجسدها المثالي حتى اصابع قدميها الظاهرين من فتحت حذاءها ذو الكعب المرتفع جدا والمطلية بلون احمر قان كما اظافر يديها بينما طالعتها نشوى بنظرات زرقاء مغرورة!!..

+



همست منة في سرها:

+



- اتحدى انه عينيكي عيرة تمام كدا زي شعرك...وربنا يستر ما يكونش فيه حاجات تانية عيرة!!...

+



مالت على احمد هامسة له فلم يسمعها سواه:

+



- انت قلت لي هشتغل في مكتب مع موظفين عاديين زيينا كدا اقدر اعرف الساحرة الشريرة اللي واكله ولادها دي على الصبح بتعمل هنا ايه؟ ، في اشارة منها الى اللون الاحمر الفاقع الذي تطلي بهِ شفتيها!، قاطعته قبل ان يقوم بالرد عليها متابعة:

+



- آه.. بس.. فهمت، جايبينها تخوفوا بيها الزباين صح؟!..

+



كتم احمد ضحكته بصعوبة ونظر اليها نظرة زاجرة بعينيه وقال بخفوت مصطنع الجدية:

+



- منة بقولك ايه ابعدي عن دي خالص.. انا مش ناقص وَشْ!، خليكي مع سحر وايناس ونشوى ابعدي عنها انا ماليش دعوه علشان ما تجيش تشتكي بعد كدا!.

+



منة بحنق هامس:

+



- مين دي اللي تشتكي؟ أنا!....لا معلهش يا استاذ، اختك عندها المقدرة بعون الله انها تحط كل واحد في حجمه الطبيعي ولو عاوزني اخليهالك ماشية والعه والدخان طالع من ودانها ومناخيرها كدا ولا يهمك... أنا لها!، واشارت لنفسها بثقة...

2



اجاب احمد بذعر فهو يعلم شقيقته تماما ومقدرتها على حرق دم من يقف امامها وهى ببرود ثلاجة!:

+



- لالالا .. الطيب احسن... ابعدي عنها وخلاص... مش عاوز عمر أو سيف يتضايقوا هي يمكن مغرورة شوية انما شاطرة وممشية المكتب زي الساعه..

+



قاطع استرسالهما صوت ضاحك:

+



- ايه يا عم وانا ماليش في المعرفة جانب ولا ايه؟

+



تقدم عمر بوجهه البشوش الضاحك من احمد الذي خبط بيده على ظهره بمرح قائلا:

+



- ودا طبعا عمر باشا.... انت عارفاه..

+



قالت منة ولم يصافحها عمر فهو يعلم انها لا تصافح رجال من المرات القليلة التي شاهدها فيها لدى زيارة احمد وكان نادرا ما يزوره فأحمد على قدر مرحه ولكنه غيور جدا ولم يكن يدعو احد من اصدقائه لزيارته بالمنزل حيث والدته وشقيقته، ولكن كان عمر يصادفها لدى مروره على احمد في أمر طاريء....

+



قالت منة بابتسامة صغيرة فمرحها مقتصر فقط مع شقيقها وصديقاتها ولكن ليس مع أي زميل مهما بلغت درجة معرفتها به:

+



        
          

                
- اهلا وسهلا يا عمر.. اتشرفنا..

+



مال احمد على عمر هامسا بتساؤل وصل اسماع منة القريبة منهما:

+



- هو البوس لسه ما وصلش ولا ايه؟.

+



عمر بتلقائية :

+



- انت عارف انه مسافر البلد علشان والده تعبان، وبعدين خلينا يا عم نشم نفسنا شوية، دا ميعرفش حاجه في حياته غير العمل فالعمل ثم العمل!!..

+



فهمت منة ان الحديث الدائر يخص الغائب والذي بالتأكيد لن يكون سوى....سيف!.

+



في وقت لاحق وبعد استقرار منة في المكتب مع زميلاتها سحر وايناس وذهاب احمد الى مكتبه مع عمر... كانت منة تقوم برسم لديكور غرفة اطفال في تدريب لها كما سبق واتفق معها شقيقها ان الفترة الاولى ستكون بمثابة تدريب لها حتى تعلم تماما كيفية سير العمل...،أرادت منة الاستفسار عن بعض الامور ولكنها وجدت كل من سحر وايناس منخرط في عمله ففضلت التوجه الى شقيقها لسؤاله...قائلة في سرها:

+



- ماليش غيرك يا ابو حميد ،ثم استأذنت زميلاتها وخرجت متجهة الى مكتب اخيها...، كانت قد صادفت عمر في طريقها وهو يتجه خارجا من المكتب فعلمت ان شقيقها بمفرده هناك فدخلت بمرحها المعهود قائلة:

+



- معلهش يا حمادة هعطلك شوية....ممكـ...

+



لتبتر عبارتها عندما طالعتها هيئة طويلة من الخلف وجسم رياضي، قطبت باستغراب هامسة بصوت مسموع:

+



- أحمد!، انت ايه اللي طوّلك كدا؟!...ايه حطوك في الردّة ولا ايه؟!..

+



لتشهق عاليا ما ان التفت هذا الجسد الضخم الذي كان موليا اياها ظهره قائلا بفكاهة:

+



- لا معندناش ردة هنا!!..

+



نظرت مشدوهة الى هذا الوجه الرجولي الشديد الجاذبية الماثل امامها، قد لا يكون وسيما بالمعنى المفهوم للكلمة ولكن هناك جاذبية رجولية فجّة تنضح منه تُجبر من حوله على الالتفات اليه، كان يطالعها بنظرات سوداء عميقة كبحر عميق في ليل حالك السواد، بينما هناك خصلة سوداء شاردة تغفو على جبينه العريض تستفز من يراها كي يعيدها مكانها الى اعلى مع باقي الخصلات، وانف طويل شامخ يعلو فم حازم ونغزة عميقة في ذقنه المغطى بلحية خفيفة غير مشذبة او كما يقال هذه الايام "ديرتي"، هذا كله يعلو جسد عضلي يدل على ممارسة صاحبه للرياضة بشكل دائم وطول يصل قرابة الـ 190 سم، مما جعلها تشعر بأنها قزمة أمامه علما بأن طولها يقرب لـ 173 سم، وكثيرا ما لقبها صديقاتها بـ " النخلة "، على سبيل المزاح بينهم فقد كانت اطول واحده في مجموعتها....

+



تحدثت منة بتلعثم قائلة:

+



- مـ....ميـ...مين؟!،أنتـ.....

+



ابتسم صاحب الجسد الضخم قائلا:

+



- بالتأكيد أنا مش حمادة!!.

+



قطبت منة غاضبة من هذا المتحذلق المغرور الذي يسخر منها:

+



- ولمّا انت مش حمادة تقدر تقوللي بتعمل ايه في مكتبه؟

+



رفع حاجبه باستفزاز مجيبا بسخرية:

+



- معلهش ممكن اعرف الاول انت مين وانت داخله زي القطر كدا ومن ساعة ما دخلتِ ما بطلتيش كلام زي ما يكون راديو واتفتح؟!..

+



استهجنت منة حديثه وخاطبت نفسها قائلة :

+



- راديو واتفتح! دا نفس كلام احمد!..

+



قالت وهى تستدير مبتعدة ببرود:

+



- معلهش هاجي بعدين يكون الباش مهندس احمد جه..

+



ليقاطعها ذاك الرجل بسرعه:

+



- لالالا خليكي احمد أكيد راح هنا ولا هنا وجاي على طول،... انما متعرفناش..

+



منة بدون نفس وهي تنظر الى ناحية بعيدة عنه:

+



- مبتعرفش بناس اغراب....

+



الصوت ساخرا:

+



- ايه ماما قالت لك ماتكلميش حد متعرفهوش؟!.

+



منة بغيظ مكتوم استغربته من نفسها فهي قلما  استطاع أحد ان يخرجها عن طورها، ولكن هذا الكائن الضخم الماثل امامها يُخرج أسوأ ما فيها فأجابت بابتسامة صفراء وببرود ثلجي يقطر من كلماتها:

+



- آه فعلا..

+



ليقاطع نقاشهما صوت احمد الضاحك:

+



- سيف!.. حمدلله على السلامة .. جيت امتى؟

+



سيف وهو يتلقى احتضان صديقه اليه بينما ينظر الى وجه منة الممتقع خجلا الماثل وراء احمد بينما عينيه تطالعانها بنظرات غيظ ساخر:

+



- لسه من دقايق مالاقتكش ولا لاقيت عمر،..

+



ابتعد احمد قائلا:

+



- انا نزلت اجيب موبايلي من العربية كنت ناسيه وعمر تلاقيه هنا ولا هنا انت عارفه مش بيثبت في حتة واحده..، ثم تذكر وجود منة فاستدار مطالعا اياها وهو يقول باستفسار وابتسامة تعتلي محياه :

+



- منة فيه حاجه؟ ، همت منة بالكلام ليقاطعها صوت سيف:

+



- طيب مش تعرفنا الأول يا احمد؟، كان سيف يتحرق شوقا لمعرفة من تكون هذه اللبوءة الشرسة التي تنفث نارا من عينيها الرائعتين وكما كان رغبته لمعرفة من هذه الطفلة الفاتنة الواقفة امامه كان يخشى من سبب تواجدها في مكتب احمد او من درجة قرابتها له!!...، وتنفس الصعداء عندما سمع احمد يقول،

+



احمد بتلقائية:

+



- أه صحيح... انتو متعرفوش بعض ما سبقلكش شوفتها،...

+



اعرفك يا منة... المهندس سيف صديقي وشريكي والمدير التنفيذي للمكتب، ثم اشار الى منة قائلا بابتسامة:

+



المهندسة منة...اختى واول يوم تدريب ليها هنا في المكتب!!

+



أومأ سيف بتحية من رأسه قائلا بابتسامة صغيرة:

+



- اتشرفنا يا منة، ومد يده مصافحا فطالعتها منة ببرود لتقول دون ان تمد يدها للمصافحة:

+



- آسفة ما بسلمش....، ثم انصرفت وهى تقول :

+



- أستأذن يا احمد لما تفضى هبقى اجيلك..

+



ابتسم احمد معتذرا من سيف الذي برقت عيناه متابعا لهذا الغزال الهارب من امامه وهو يهمس في نفسه:

+



- واضح كدا ان الايام الجاية هتبقى مش مملة ابدا!!











تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close