اخر الروايات

رواية بائعة الجبن كاملة وحصرية بقلم حمادة هيكل

رواية بائعة الجبن كاملة وحصرية بقلم حمادة هيكل




أنا ابن الست بياعة الجبنه والزبدة في السوق
واللي كان شغلها سبب كبير في أني أكره حياتي
وابقى مش طايق نفسي وحاقد على غيري
انا اتولدت في قرية بريف واحده من محافظات الدلتا
والدي كان راجل بسيط فلاح أجري ، بيسعى على أكل عيشه
من الصبح لحد المغربية ، اتجوز امي واللي كانت بنت خاله
وعشان هما قرايب اتجوزوا بدري وبأقل التكاليف
الواد للبت جوزوهم دا الجواز سترة
فضلت أمي كام سنه مبتخلفش ، وكان والدي
رغم كل اللي بيتقاله رافض يطلقها او يتجوز عليها
ويقول إستحالة أكسر بخاطر زينب مهمها حصل
وبعدين مش يمكن اني اللي مبخلفش
أمي فضلت شايلاها لأبويا طول عمرها
وزاد حبه ومعزته في قلبها بشكل كبير
امي كانت يتيمة امها ماتت وابوها اتجوز وملهاش حد يسأل فيها ..مكنش ليها اخوات شقايق ، واخواتها من ابوها
مكنش حد منهم بيسأل عليها ، حتى لما جدي مات
مورثتش منه ، ماهو من امتى النسوان عندنا بتورث
دا شرع ربنا يا جماعه ..دي حقي في ورث أبويا
محدش استجاب ، لكن ربنا استجاب لدعاها اخيرا
وحبلت فيا ، ربك كريم يا حسان اني حبله
ابويا مكنتش الدنيا سايعاه ، اخيرا ربنا هيعوضني
ويبقالي نسل يحمل أسمي ولا ينقطعش في الدنيا بعد ما اموت ..ياما انت كريم يارب
جيت للدنيا والبيت دخله الفرح والزغاريد
ولد ..ولد زي البدر يا زينب
هنسميه ايه يا حسانين
هو زي البدر ..وهنسميه بدر ، لانه نور بيتنا وحياتنا
خلاص هو بدر ..بدر حسانين متولي
ربنا يبارك فيه ويجعله سند وعون لينا
واني في الكتاب أبويا جاله دور حما وسخونيه وهو في الغيط وقع وهو شغال ..الرجاله جابوه ع الدار
طلعنا بيه على الحكيم في الوحده الصحيه
ولكن السر الإلهي طلع ومات ابويا وانا عندي 7 سنين
مش ناسي يومها شكل أمي لما سمعت الخبر
اخدتني في حضنها جامد ودموعها نزلت على خدي
وهي بتقول ..روحت لفين يا حسانين وسايبنا لمين من بعدك
وحدي الله يا أم بدر ..وشدي حيلك
ونعم بالله ، أمي كانت معززة مكرمه عمرها ما أشتغلت
ولا خرجت برا الدار ، ابويا الله يرحمه رغم فقره
لكنه مكنش مقصر معاها ولا معايا في حاجه
عمره ما بخل علينا ، لكنه خلاص راح ، ومفيش مصدر دخل
ولاد الحلال حبوا يساعدوا الست الأرملة وابنها
لكنها رفضت بعزة نفس وكبرياء
متشكرين يا جماعه مستورة
مستورة أزاي بس ياما وانت بتاكلي طقة وحده في اليوم
عشان اني أفضل شبعان ومجوعش
الزاد والدقيق ابتدا يقل في الدار ، وبعد الأربعين
أمي قررت انها تنزل تبيع جبنه وزبدة في السوق
كنت بروح اقعد جنبها وهي بتبيع
بس كانت بتزعق فيا وتقولي ارجع ع الكتاب
اوعى يابدر تسيب العلام ..دا العلام زين يا ولدي
كنت صغير ساعتها ومش واعي اللي بيحصل
يعني ايه وحده ست أرملة صغيرة وجميلة
الحال يوصل بيها انها تقعد بمشنه تبيع جبنه وزبدة في السوق
رفضت كل عروض الجواز وقالت لا يمكن
يلمسني راجل بعد ابو بدر .هو كان أبويل واخويا
وكل دنيتي ودلوقتي مفضليش منه غير بدر
أمانته ليا ولازما أحافظ عليها ليوم ملقاه
ولا انتوا عايزيني أضيع الأمانه !!
ولمحبتها وتحفيزها ليا كنت من أشهر التلاميذ
فاتت السنين وكبرت ودخلت الثانوي
وروحت البندر وهناك شوفت دنيا غير الدنيا
بيوت مبنيه بخرسانه ومن كذا دور
الشوارع مرصوفه ومحلات أكل ولبس
وفكهانية وبتوع صاغه ،
أبتديت احس اننا ولا حاجة ومش عايشين
كنت من الاوائل في المدرسه وكتير من الطلبة
كانوا بيغيروا مني..لغاية ما حصل موقف
خلاني اكره نفسي ، لما في يوم
سألني مدرس ابوك شغال ايه
قولت له ابويا متوفي
طيب عايشين أزاي مين بيعولكم
الحمدلله يا أستاذ بتدبر
نط عيل مكنتش بحبه وقال
امه بيتبيع جبنه وزبدة في السوق يا أستاذ
العيال فضلوا يضحكوا عليا
وقالوا وعلى ايه القنعرة الكدابة اللي انت فيها دي
الاستاذ ضربهم وقالي اوعى تزعل يابدر يا بني
الشغل مش عيب الهم انها بتشتغل شغلانه شريفه
ومش بتمد إيدها لحد
من يومها وانا أبتديت اكره نفسي
ليه انا اتولد في الظروف القاسيه دي
ليه والدي يموت وأنا عيل ويسيبنا فقرا
ماكتير ناس عايشه وفي وظايف وشغلانات محترمه
ومعيشين عيالهم احسن عيشه
أمي ولا انا ملناش ذنب في عيشتنا
بس شي جوايا انكسر وابتديت أتغير في معاملتي مع امي
لكني مقدرتش أقولها صراحه اني مستعر من شغلها
لانه لولاها وشغلها لا كنت كبرت ولا اتعلمت
امي صحيح كانت ست مش متعلمه
لكنها كانت ذكية وواعية ، وقعدتها في السوق
وتعاملها مع الناس خلاها تفهم اي حد من غير ما يتكلم
وانا مش اي حد انا ابنها الوحيد كانت حاسه
وفاهمه اني كبرت وشوفت البندر وعيني راحت
لحياة أفضل وعيشه أحسن
في ليلة كنت بذاكر على لمبة الجاز
واللمبة اطفت
ياما ..ياما


الثاني من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close