رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الثامن 8 بقلم سهام احمد
رواية زئير القلوب (عروس مصر)
الفصل الثامن.
بعد مرور ثلاثة أيام دخل الدكتور خالد بعد طرق الباب، وجد فوزي يحتسي قهوته في تراس الغرفة:
-صباح الخير يا فوزي بيه.
-صباح الخير يا خالد اقعد.
-اهو زي مانت شايف مفيش اخبار، انا مسافر بعد بكرة هرجع لبنان، مبقاش عندي حاجة هنا اقعد علشانها.
-اهو ده بقا الكلام اللي مالوش لزمة، معندكش حاجة ازاي امال ليلى وفارس دول يبقوا ايه؟
-ليلى خلاص يا خالد ضاعت مني للابد وانا اللي ضيعتها، انا فارس فانا مقدرش ابدا ابعدها عنها تاني، ومضطر اتحمل غيابه زي ماخليتها هي تتحمل غيابه.
جلس الدكتور خالد على الكرسي امامه:
-يبني اللي انت بتعمله ده هو الغلط في حد ذاته، انت لازم تقعد مع ليلى وتتكلم معاها على الاقل قبل ما تمشي تبقا عارف راسك من رجليك.
-اكلمها ازاي يا خالد هو انا عارف اتكلم معاها كلمتين على بعض دي مبقتش طيقالي كلمه ولا طايقة تشوفني.
-خلاص يا سيدي سيب الموضوع ده عليا وانا هظبطه، بس انت كمان توعدني انك ماتستفزهاش، خصوصاً بعد اللي انت عملته اخر مرة قدام ابوها.
-يا سيدي والله كان غصب عني هي اللي استفزتني.
-اهو ده بقا اللي انا عامل حسابه، انت تقول هي استفزتني وهي تقول هو استفزني ومش هانخلص.
-يا سيدي لا والله كلمها انت بس وانا هحط جزمة ف بقي ومش هاتكلم، بس هي تسمعني يا خالد تسمعني بس.
-هاتسمعك يا روميوا بس انت تكون عندي قبل الساعة سته مساءاً، لا اكتر ولا اقل تمام؟
-تمام ماشي بس قولي هاتحيبها ازاي؟
-مالكش دعوة انت بقا الله، المهم تكون عندي قبل سته، يلا سلام.
-سلام يا دك، مش عارف انا مدام انت شاطر كده مش عارف تظبط نفسك ليه.
-ههههه مش لما اظبطك انت الاول يا سي روميو.
-ههههه ماشي يا سيدي بقا ليك فضل علينا اهو.
اغلق باب الغرفة وهو يضحك قائلاً:
-سلاااااام.
~~~
خرج من الغرفة وجد شقيقته داليا تجلس على الكرسي، لقد قدمت لتوها:
-ايه دا دودو قلب اخوكي ها هانت والا لسه قربتي تفقسي ومرتاح من الكرش ده.
امسكت ببطنها وهي حامل توشك على وضع طفلها بعد ايام:
-اخص عليك يا خالو طيب انا بس اجي وشوف انا هعمل فيك ايه، هنتفك زي الفرخة كده ريشه ريشه.
-هههههه حبيب خالو بس تعالى انت.
اقبل عليها يقبلها ويقبل بطنها:
-عاملة ايه يا حبيبتي؟
-الحمد لله يا حبيبي، ماما قالتلي إن عندك ضيوف.
-اه ده فوزي صحبي قاعد عندي يومين كده.
-انا مش ده اللبناني اللي متخانق مع مراته، هو في حد يعمل في مراته عملته دي، دانا لو خليل جوزي عمل كده كنت نتفته تنتيف.
-هههه اسكتي يا لمضة وبطلب تحشري مناخيرك في اللي مالكيش فيه، ايه يا ماما هو الفول مبقاش يتبل في البيت ده والا ايه.
خرجت والدته من المطبخ تقول بسخريه:
-ايه يا حبيبي بتقول حاجة نفسك في الفول والا إيه؟
-انا طبعا مانا مش هخلص منكم انتو الاتنين انا نازل عايزين حاجة.
-عايزين سلامتك يا يبني ربنا معاك.
-خلوده والنبي حاجة حلوة كده وانت راجع انت عارف ها، ماتقولش لخليل.
-ههه حاضر يا طفصه ربنا يستر الواد مايطلعش طفص هو كمان زي امه.
-حبيبي يا لودا ااااااااه.
توجهت اثناء الكلام وبدأ يزداد المها اسفل بطنها:
-اااااه يا ماما في وجع جامد ااااااه يا خالد الحقني.
عاد خالد من جوار الباب راكضا:
-ايه يا بنتي مالك في إيه؟ مانتي كنتي زي القردة دلوقتي اوعي تكوني هاتعمليها، خدي نفس كده واهدي.
بدأت تلتقط انفاسها بهدوء شهيق ثم زفير شهيق ثم زفير حتى هدأ الوجع، امالت رأسها للخلف على الاريكة:
-ااااه ياني ياما ايه الوجع الغريب ده يا ماما انا عمري ماخسيت بيه قبل كده، يانهار ابيض دانا حسيت إن روحي بتطلع.
وضعت والدتها يدها على رأسها تتحسسها برفق قائلة:
-اهدي يا قلب امك ده بس تلاقي الواد بيتعدل للولادة يا داليا، مايبقاش قلبك رهيف كده اجمدي، دانا خلفتك انتي واخوكي ف صرخة واحدة.
وقف يضرب كف على كف ضاحكاً:
-اهو ده اللي انا مش عارفه ازاي انا كنت قاعد مع دي جوا بطنك يا ماما فو نفس الوقت، يعني كنت متحملها ازاي جوا انا مش عارف.
ضحكت بهدوء ثم اعتزلت في جلستها ورفعت رأسها:
-ماشي يا خويا هو انت تقدر تعيش من غيري لحظة يا تنك، انا مش عارفة انت بتتنك علينا ليه اصلا، الله يرحم مش عايزه اتكلم.
-ههه لااااا ابوس ايدك ماتفتحيش انا نازل، يلا خدي بالك من نفسك لو حسيتي بحاجة كلميني او اتصلي يخليلي على طول سامعة، ماشي يا ماما.
-حاضر يا حبيبي ربنا معاك يا خالد يبني ويكتب لك في كل خطوة سلامة.
امسك بمعطفه، وهو يخرج من الباب ثم قال:
-هو لازم سلامة ده طب قولي عليا، والا حسناء ولا حتى نفيسه اي حاجة يا ماما.
-روح يبني ..
اغلق الباب وخرج مسرعاً ولم يستمع إليها، ضحكت والدته ثم تحدثت إليها داليا بجدية قائلة:
-ايه يا ماما هو انتي مش ناوية تفرحي بخالد بقا، ماتشوفيله عروسة كده محترمة وبنت ناس، مانتي طول اليوم قاعدة تحكي مع ام فلان وام علان.
-يختي وهو راضي وانا قلت لا، انا كل مافتح معاه الموضوع يقولي مش دلوقتي يا ماما لسه يا ماما لما اكون نفسي يا ماما.
-يكون ايه يا ماما هو في تكوين اكبر من كده، ده بقا اد الباب اهو قال يكون قال.
-هههههه يخرب عقلك يابت يا داليا دمك خفيف طالعة لامك.
-طبعا يا حبيبتي ربنا يخليكي لينا.
خرج من باب غرفته يحمحم:
-احم احم طبعا مين يشهد للعروسة، البنت وامها.
كانت داليا تستعد للقيام لتقبل يد والدها وتسلم عليه:
-بابا حبيبي.
-خليكي مرتاحة يابنتي كتر خيرك.
-عامل ايه يا بابا؟
-الحمد لله بخير يابنتي انتي عاملة ايه وجوزك عامل إيه؟
-الحمد لله يا حبيبي بخير طول مانت بخير، لسه كنت بكلم ماما في موضوع خالد وجوازه.
-والله يابنتي انا سايبه على راحته، مش عايز اضغط عليه ويختار وخلاص علشان يريحنا ويرجع يندم، الموضوع ده بالذات مفيهوش ضغط، وربنا يرزقه ببنت الحلال وانا معاه في كل حاجة لحد ما يدخل بيته، علشان ابقا عملت اللي عليا معاكم قدام ربنا؛ علشان لما اموت تفتكروني بدعوة حلوة.
قبلت يده بحب قائلة:
-بعد الشر عليك يا حبيبي ماتقولش كده ربنا يديك الصحة ويخليك لينا وتفرح بعيالنا وعيال عيالنا كمان.
-الحمد لله يابنتي محدش بياخد اكتر من نصيبه.
-الحمد لله يا حبيبي، انا هنزل بقا يا ماما شوية كده علشان الحق اجيب طلباتي وارجع قبل ما خليل يجي من الشغل.
قالت والدتها:
-طب ماتخليكي معانا انهارده وخلي بابا يكلم خليل ويجي مع اخوكي.
-سيبي البنت تشوف بيتها وجوزها يا هانم، شوفي يا بنتي جوزك الاول وبيتك مفتوح في اي وقت تيجي فيه.
-حاضر يابابا.
وقفت داليا تستعد للخروج فقدمت والدتها إليها تقول:
-طب استني اجي اوصلك لا تتعبي في الطريق ولا حاجة.
-لأ يا ماما توصليني ايه بس انا كويسه وبعدين انا هاخد تاكسي من قدام الباب ينزلني قدام الباب، لا تعب ولا حاجة يلا اشوفكم على خير سلام عليكم.
-مع السلامة يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك.
-حاضر يا ماما حاضر.
~~~
دخل الدكتور خالد المشفى، اتجه إلى غرفة خليل صديقه وزوج شقيقته، خليل شاب في التاسعة والعشرون من عمره، تزوج منذ عام، يعمل طبيب اسنان، يعيش منفردا مع زوجته في القاهرة، من اصول صعيدية، تعيش اسرته في محافظة قنا، قدم إلى القاهرة للدراسة وبعدها تعرف على خالد واسرته، وتزوج من شقيقته.
دخل خالد الغرفة دون صوت فوجد خليل نائما على مكتبه، قام بالسخرية منه والمزاح، قام خليل منتفضاً:
-يخرب بيتك يا خالد يا اخي انا قلت المدير.
-هههه ايه يا حلو انت نايم على نفسك من دلوقتي امال لما البيه يشرف هاتعمل إيه؟
مسح وجهه براحتيه، ثم قام برشف قطرات من كوب الماء وقال:
-اعمل ايه بقا ف اختك دي اللي مش مخلياتي انام طول الليل، كل شوية خليل الحقني انا شكلي هولد، خليل الحقني الواد بيتحرك، خليل خليل خليل، لما خلتني كرهت اسمي، يا راجل دانا لتمنيت اكون دكتور نساء وتوليد علشان اطمنها وتقتنع بكلامي.
-هههههههه الله يخرب عقلك يا خليل والله ضحكتني.
-ههههه اضحك ياخويا بكره تدوق من نفس الكاس وتقول إن الله حق.
-لأ يبني انا مرستق نفسي كده تمام ميت فل وعشرة.
-طب ياخويا داليا جت عندكم كانت بتقول هعدي على ماما اطمن عليها.
-اه سايبها هناك مع ماما وبابا.
رن هاتف خالد ، اخرجه من جيبه ونظر ثم اشار الى خليل الا يصدر صوتاً:
-الو سلام عليكم.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
-ازيك يا ليلى عاملة ايه دلوقتي؟ وفارس إخباره ايه وعمو؟
-الحمد لله بخير يا دكتور خالد والله تمام شكرا لسؤالك.
-ولو يا ستي احنا اخوات ماتقوليش كده.
-ربنا يخليك تسلم، انا لقيتك رانن عليا معلش لسه شايفة الفون.
-اه انا فعلا رنيت عليكي علشان كنت عايزك تيجي تشوفيني في العيادة، بصراحة اخر مرة شفت فيها فارس معجبنيش فحبيت اعمله شوية تحاليل كده واطمن عليه لو ماعندكيش مانع.
-فارس ابني انا؟ خير يا دكتور ماله فارس، انا معاه وكويس اهو مش شايفه فيه حاجة تخوف الله يخليك ماتقلقنيش عليه.
-لأ والله ولا تخافي ده شوية تحاليل روتينية كده علشان نطمن على وضعه الصحي بس مش اكتر، فياريت لو انتي فاضية انهارده ممكن تحبيه على الساعة ستة كده هكون فاضي وفي انتظارك؛ علشان اخد بالي منه كويس.
-تمام يا دكتور حاضر اللي تشوفه هجيبه لحضرتك ماشي.
-خلاص تمام كويس اوي هستناكم، وصلي سلامي لعموا فارس.
-الله يسلمك وهو بيسلم عليك.
-الله يسلمه هستناكوا ماتتأخروش، سلام.
-تمام ماشي سلام.
اغلق الهاتف فسأله خليل:
-ايه ده في ايه؟ مين دي؟
-لا ماتاخدش في بالك انت ده حوار كده عبقا اقولك عليه بعدين يلا قوم نشوف شغلنا.
-يلا يا سيدي هلاقيها منك والا من اختك في البيت.
بعدما اغلقت الهاتف شعرت بقلق وتعجبت من مكالمة الدكتور خالد لها، فسألها والدها السيد فارس عندما لاحظ القلق عليها والشرود:
-ليلى انتي كويسه؟ مالك في حاجة؟
اردفت تنظر إليه بقلق:
-والله يا بابا ماعارفة.
-مين كان بيكلمك؟
-ده الدكتور خالد، بيقول إنه عايز يشوف فارس ويعمله شوية تحاليل؛ علشان حالته ماكانتش عجباه اخر مرة شافه فيها، بيقولي عايز يطمن عليه.
-طب وماله يا بنتي خالد جدع وابن حلال، والولد برضوا تعب يا ليلى من وقت مارجع وهو ع طول خايف وقلقان، خديه وروحي وانا هاجي معاكي.
-لأ يا بابا الموضوع مش مستاهل حضرتك خليك مرتاح انا هوديه ومنها نشم شوية هوا انا وهو، بقالنا فترة ماخرجناش برا البيت.
-ماشي يابنتي اللي تشوفيه، امتى هاتروحي؟
-الدكتور خالد قال إنه هيكون مستنينا على الساعة سته كدة.
-تمام إن شاء الله خير.
-ان شاء الله يارب.
~~~
قاربت الساعة الخامسة مساءاً، رن جرس الهاتف المحمول وهي تمسك حقائب بها اغراض التسوق والخضروات، لا تعلم كيف تخرج الهاتف من حقيبة يدها وهي تحمل كل تلك الاشياء وفي نفسك الوقت كبر حجم بطنها جراء الحمل يصعب عليها الامر.
ظلت تتنهد وتلتقط انفاسها بصعوبة، استندت على حائط جانبي لإحدى المنازل في الشارع العام، وضعت اغراضها جانباً واخرجت الهاتف واجابت:
-الو ايه يا خليل.
-ايه يا داليا مالك انتي بتنهجي ليه كده انتي كويسة؟
-اه اه انا كويسه ماتقلقش، انا بس كنت قاعدة برتاح شوية لحد ما الاقي تاكسي.
-انتي خلصتي حاجتك يعني؟
-اه خلصت تمام في حجات بقا مالقيتهاش قلت ابقا انزل اجيبها وقت تاني بيني وبينك انهاردة مش مظبوطة.
-طب اجيلك؟ انتي فين كده هاجي اخدك.
-لأ يا حبيبي مش مستاهلة انا تمام هاخد تاكسي يوصلني لحد البيت.
-طيب ماشي طمنيني عليكي لما توصلي.
-حاااضر من عنيا، يلا سلام.
-سلام.
اغلقت الهاتف ووقفت على الرصيف تنتظر قدوم سيارة الاجرة، بينما تقف على الرصيف الآخر ليلى وهي تحمل فارس تنتظر سيارة اجرة ايضاً، بدأت تتأفف من حرارة الجو وتتعرق لا تحتمل الوقوف من ثقل بطنها:
-يارب ايه الحر ده هي التاكسيات خلاص دلوقتي خلصت، ولا تاكسي بقالي ساعة واقفة.
نظرت إلى الجهة المقابلة بحقد وغل..
تحياتي سهام احمد
سندريلا القلم