اخر الروايات

رواية سراج الثريا الفصل السادس 6 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية سراج الثريا الفصل السادس 6 بقلم سعاد محمد سلامة



السرج السادس «أضعاف حقها الشرعي»
#سراج_الثريا
❈-❈-❈
بمنزل ثريا
شعرت نجيه بالقلق بسبب تأخير ثريا
فالساعة إقتربت من التاسعة مساءً، وثريا لم تعُد للمنزل فكرت ربما عادت وجلست بالمكتب الخاص بها، فتحت ذاك الباب ونظرت بالمكتب كان مُظلمًا، إذن هى لم تعُد بعد، جذبت ذاك الهاتف الخيلوي القديم الطراز بحثت بين بعض الارقام حتى عثرت على رقم ثريا قامت بالإتصال عليه، لكن لم يأتيها رد، رنين فقط، شعرت بالحِيرة ربما ذهبت لمنزل سعدية، كادت تُهاتفها، لكن بنفس الوقت دق الهاتف بيدها وأظهرت الشاشه رقم سعدية، أجابتها سريعًا، لكن زاد القلق فى قلبها حين سألت عن ثريا وعاتبت أنها وعدتها بالذهاب لمنزلها ولم تأتي
لم تعرف نجية كيف تُبرر لها أتخبرها أن ثريا لم تعود للمنزل،لكن فى آخر لحظة تراجعت، ربما تعود ثريا بخير، ولا تكتسب سوا قلق سعدية هى الاخري.
ظلت لوقت أصبحت الساعة العاشرة مساء،إحتارت ماذا تفعل،لكن كأي أم يُحركها مشاعرها،تنهدت بحسم قائله:
هروح لـ ممدوح الجهوه اللى عيشتغل فيها وأجوله،ممدوح حنين وميستحملش الهوا على أخته.
بالفعل خرجت من دارها،لكن أثناء سيرها،تعثرت وكادت تقع،لكن تمسكت بأحد عواميد الإنارة بالشارع وقفت تلتقط نفسها، رأتها رغد التي كانت تقف بدكان البقالة الخاص بوالدها، خرجت مُسرعة نحوها… وسألتها بلهفه:
خالتي نجية خير بتجري كده ليه وكنتِ هتقعي.
إلتقطت نجية نفسها ونظرت الى رغد تدمع عينيها، لوهله أرادت الا تطلب منها مساعدة لكن إلحاح رغد، كذالك شعورها الطيب نحو رغد
تفوهت بقلق:
ثريا سرحت الغيط من قبل العصر ولساها مرجعتش لحد دلوك، وبتصل علي موبايلها بيرن ومش بترد، كنت رايحه لـ ممدوح الجهوه عشان يشوف أخته فين.
حين ذكرت إسم ممدوح خفق قلبها، وكذالك هى تشعر مع ثريا بالأُلفة وتحترمها عكس الكثير من بعض الأهالي، ترددت قبل أن تعرض عليها:
تعالي إقعدى مع أبوي فى الدكان، وأنا هروح له القهوه أنادي عليه.
نظرت لها نجية بإمتنان وكادت ترفض لكن نهضت تسير معها الى أن وصلن الى محل البقالة،جلب والد رغد مقعدًا جلست عليه،سردت رغد لوالدها،بينما عاودت نجية الرفض ونهضت كي تذهب الى ممدوح لكن والد رغد حثها قائلًا:
خليكِ جاعدة إرتاحي يا ست نجيه وأحمد هيروح مع رغد ينادوا لـ ممدوح.
نظرت نجيه نحو أحمد الصبي الصغير، وإقتنعت حين أكمل حديثه:
إحنا فى الصيف والدنيا ماشيه وإطمني إن شاء الله ثريا بخير يمكن هنا ولا هنا، إنتِ عارفة حصيرة الصيف واسعة وثريا ليها محبين كتير.
حاولت تهدئة قلبها وأومأت بتمني، أن يخيب حدس قلبها.
❈-❈-❈
بالإستطبل
قبل قليل
شعرت ثريا بالخوف من نظرات عصران القذرة وهو يقترب منها يخلع قميصه العلوي ومازال يرتدى سروال فوقه فانلة بنصف كُم، تُظهر ضخامة جسده، إزدردت ريقها، وذكرى سابقة تمر أمام عينيها
لكن بشخص آخر، أغمضت عينيها لوهله، تسمع صوت ضحكة تشفي، ورائحة فم تفوح منها رائحة كحول مقيتة، فتحت عينيها سريعًا كآنها ترا نفس الشخص لكن هنالك اختلاف بالحجم بين هذا وذاك الذي كان رغم جبروته وإحتساؤه للكحوليات، كان يهتم بجسدهُ الرياضي كي يتباهي بذلك ويخدع أنه شخص مثالي، لوهله توجست خوفًا من ذاك البغيض،نهضت واقفة دون شعور منها سارت للخلف بخطوات لكن كادت تتعرقل لولا تلك الأصفاد التى بقدميها موصوله بسلاسل حديدية مغروسه بالحائط، نظرت الى ذاك الحجر التى كادت تتعثر به
بسرعة فكر عقلها وإنحنت تجذب تلك القطعة، وإستقامت سريعًا، بينما عصران يقترب يضع يده فوق حزام بنطاله بحذر يخشي من تهديد سراج له، الى أصبح أمامها مباشرة ضحك ضحكة شر يقول:
بتعصي أمر سراج باشا، متعرفيش غلاوة سراج باشا عندى ده موصي عليكِ أوي.
تهكمت بسخريه وإستبياع رغم رجفة قلبها الذي ينتفض بداخلها، لكن لن تستسلم كما فعلت سابقًا بالنهاية ماذا جنت من خلف ذاك الضعف، قالت بتريقه:
سراج باشا عليك إنت، وبلاش تقرب مني بدل ما تبقي نهاية عمرك على إيد “مره” (إمرأة).
هو سابقًا كان مجرم لو مازال بنفس العقلية ما كان تركها تتحدث، كما أنه ربما كان مُجرمًا لكن لم يهتك عرض إمرأة سابقًا ولن يفعلها الآن هو يمارس تهديد فقط، لكن ثريا يدها ترتعش وهي تمسك ذاك الحجر، كما أنها مستبيعة لن تتنازل عن الأرض حتى لو أصبحت قاتلة وليتها فعلت ذلك من قبل….
يقترب بخطوات وئيدة الى أن أصبح خطوة أو إثنان بينهم، يستفزها بضحكته الشريرة
بينما هي كآنها ترا غيث عاريًا يتلذذ وهو يحاول فرض ساديته عليها، وذكرى أخري وهو يأخذها لشقة بالمدينة ويأتي بإمرأة عاهرة يغصبها أن تشاهدهم بعينيها وهما يُمارسان الغرام بتقزوز من أجل إذلالها، وهدر كرامتها كأنثي وزوجة
ذكريات بائسة تمُر وهي فقط تشاهد لا تُعطي رد فعل، لأول مره عليها إتخاذ قرار أنها لن تكون بدور ثانوي فى قصة هي بطلتها ليحدث ما يحدث، قبل أن يخطوا عصران آخر خطوة
أخذت القرار وتقدمت تلك الخطوة وفى لحظة جسارة منها ضربت عصران بذلك الحجر على رأسه بعد أن إستجمعت قوة شيطانية، فى الحال تلقى عصران الضربة برأسه لعدم إنتباهه، وعدم روؤيته لذاك الحجر،سقط مُمددًا أمام قدميها، تنزف دماء رأسه وهو شبه غائب عن الوعي، نظرت له بعلو وألقت ذاك الحجر من يدها تدمع عينيها بقسوة ما تشعر به لم تتوقع يومًا أن تكون قاتلة، من إتخذت طريق القانون بإختيارها أضحت قاتلة، كان دخولها لـ عائلة العوامري أكبر سوء مسها بحياتها، هم الجحيم بعينهُ، لكن شعرت بندم وهي ترا دماء عصران تسيل أسفل قدميها، كذالك كآنها توهمت أن عصران قد ينهض ويعاود ما بدأه، عادت بجسدها للخلف تبتعد عنه لعدم إنتباهها تعرقلت بسبب تلك السلاسل الموصولة بالأصفاد الذي بقدميها، إختل توازنها دون إنتباة منها لم تستطيع أن تحفظ توازنها فسقطت دون إنتباة للحائط وذاك الجزء الحاد البارز بها، خبطت رأسها بها، لم تشعر بشئ بعدها.
بسبب عدم سماعه لأي إستغاثة، دلف الى تلك الغرفة بغضب تحول الى فزع و
ذُهول من ما يراه أمامه، ذهب نحو عصران الجالس ارضًا يحاول إستعادة قُدرته يتآلم وهو يلف قميصه حول رأسه يضع يديه فوقها،لكنه يرتدي ببقية ثيابه ليس به عاريًا سوا ساعدي يديه، لكن شعر بالغضب الساحق منه وأمسكه من تلباب ثوبه بعنف، يسحبه بقوة عاصفة جعله ينهض واقفًا وهتف بهجوم شرس:
عملت فيها إيه يا حقير أنا قولتلك ترهبها وإياك تقرب منها حنيت للإجرام من تاني.
شعر عصران برهبة وبرر بخوف ودفاع عن نفسه:
والله ما لمستها زي ما قولتلى يا سراج بيه أرهبها بس…
توقف عصران عن إسترسال تبريره يشعر بدوخة…
قبض سراج على كتفيه بغضب سائلًا:
بس إيه إنطق.
أجابه عصران:
معرفش يا باشا،دي ضربتني بالحجر على رأسي وبعدها حسيت إني دايخ ومش حاسس باللى حواليا،ولسه جدامك أها بحاول أفهم أيه اللى حصل.
تركه وذهب نحوها مباشرةً رأي رأسها تنزف،لا يعلم لما شعر بالرفق عليها،هكذا فسر عقلة،رفع ذاك الوشاح عن رأسها تفاجي بإندفاع الدماء، سريعًا خلع قميصه وزال ذاك الوشاح عن رأسها حاول الضغط على رأسها يكتم إندفاع الدماء،وحملها ناهضّا يسير سريعًا نحو الخارج غير مُباليًا لـ عصران وإصابته الشبة خطيرة…
خرج من الغرفة ذهب سيارة نصف نقل كانت بالإستطبل، أمر سائقها بلهفة:
إفتح الباب بسرعة.
فعل السائق ما أمره به، فى ثواني وضعها بالسيارة، وتحدث للسائق:
فين مفاتيح العربية.
أخبرهُ:
المفاتيح فى كونتاكت العربية يا باشا.
إغلق باب السياره وإستدار سريعًا نحو الباب الآخر، صعد يقود السيارة بسرعه جنونية وهو يصرخ على حارس بوابة الإستطبل الخارجية أن يفتح له الباب سريعًا
قبل أن يصل الى الباب كان مفتوحًا سريعًا كان يقود السيارة فى ظرف دقائق صف السيارة بفناء الوحدة الصحية الخاصة بالبلدة وترجل سريعّا نحو الباب الآخر، حملها بين يديه، سمع بعض هزيان منها لم يستطيع تفسير منه سوا كلمات
“أنا بكره عيلة العوامري”.
لم يهتم بما سمع ودخل بها سريعًا الى داخل الوحدة الصحية يصرخ عليهم بأن يساعدوه.
أرشده حارس الوحدة نحو غرفة الإستقبال بالوحدة،وضعها على فراش طبي،بنفس الوقت دخلت إحد الممرضات نظرت الى الدماء التى تنشع من ذاك القميص الملفوف حول رأسها،نزعته ورأت ذاك الجرح،ثم نظرت نحو سراج قائله:
الدكتور النبطشي هنا فى الوحدة بيمر على حالة فى الدور التاني،هطلع أنادي عليه.
لا يعلم سبب لقوله:
ومفيش هنا دكتورة ست.
نظرت له قائله:
للآسف مفيش غير الدكتور النبطشي.
أومأ لها قائلًا:
تمام ناديه بسرعة.
أومات رأسها بدهشه ثم غابت لدقائق،كان يشعر أنها ساعات،وهو يسمع هزيانها غير المفهوم وكلمات غاضبة بشآن”غيث”، لا يعلم لما أراد النظر لملامحها وهى نائمة، لولا تلك الدماء التى تُغطي جبينها وجزء من وجهها لكانت ملاكًا، كذالك لاحظ تلك الشُعيرات الرمادية التى تتخلل شعرها البنية المحروقه تقترب من السوداء، لحظات كآن عقله شارد وقلبه مشدوه نحو تلك المُصابة… أخرجه من ذاك التآمل نحنحة الطبيب الذى دلف ببطئ معه تلك الممرضة
لوهله أراد أن لا يدخل هذا الطبيب لكن أصبح الضماد الملفوف حول رأسها دمويًا، تنحى جانبًا، سعر بضيق خين نزع الطبيب عن رأسها ذاك الضماد،وقبل أن يبدأ يتعامل مع إصابتها،تحدث بمهنيه:
ياريت تطلع بره الاوضة لحد ما نخلص تضميد حرج المُصابة.
نظر له سراج قائلًا:
لاء مش هخرج وإتفضل شوف شغلك.
كاد الطبيب أن يعاود الطلب منه، لكن الممرضة تحدثت بتبجيل لـ سراج قائله:
ده سراج بيه العوامري، الوحدة مفتوحة بسبب تبرعات عيلته، وهو أكيد قلقان عالمصابة.
لمعت عين سراج بغرور من معرفة الممرضة السابقة له رغم أنها بالبلدة منذ فترة وجيزة، وسأل عقله هل تعلم هاوية ثريا أيضًا
لكن لم تُظهر ذلك، بدأ الطبيب يتعامل مع حالة ثريا
الى أن إنتهي، وضع ضماد طبي يلف رأس ثريا شبة كاملًا… ثم خلع قفازيه، وبالصدفه بسبب إنحصار جلباب ثريا، رغم أنها أيضًا ترتدي بنطالًا أسفل جلبابها، لكن وضح جزء من إحد ساقيها وظهر به جرح واضح… ذهب نحوه الطبيب وكاد يرفع البنطال، لكن توقف بعد أن قبض سراج على يده قائلًا بنبرة إحتقان:
إنت هتعمل إيه؟.
أجابه الطبيب:
مش شايف الجرح الظاهر فى رِجلها،هعالجه.
زفر سراج نفسه بضجر قائلًا:
لاء كفاية عليك إكده،الجرح ده واضح إنه صغير والممرضة هتتعامل معاه.
نظر له الطبيب بحده قائلًا:
أنا هنا دكتور فى المستشفى،وكمان المسؤول عن النبطشية،وواضح من الخبطة اللى فى راس المُصابه،كمان الجرح اللى واضح فى رِجلها أن فى إشتباة جريمة فى الموضوع،وهفتح تحقيق باللى شايفه ده.
تهكم سراج من نبرة الطبيب الحادة،وقال بآستهزاء:
واضح إنك مش من البلد إهنه ومتعرفش أنا مين…
قاطعه الطبيب بلا إهتمام:
حتى لو كنت من البلد وأعرف جنابك كنت هعمل اللى يمليه عليا ضميري،واضح وجود جنايه.
ضحك سراج مستهولًا ومُستكبرًا:
جنااايه!
أعتقد مهمتك خلصت وتقدر تعمل اللى إنت عاوزه إتفضل.
كاد الطبيب يحتد لولا أن جذبته الممرضة وخرجت خارج الغرفة،طاوعها الطبيب فقط لانه لا يُحبء الجدال مع ذاك المُتكبر،
خرج وهي خلفه
وقفت تقول له بذم:
إنت مش عارف مين الشخص اللى جوه ده
ده سراج بيه العوامري.
تهكم الطبيب سائلًا:
ومين بقى سراج بيه العوامري.
أجابته بمكانته وسط عائلة العوامري المعروفة،ثم أكملت:
أنا كنت زيك مكنتش أعرفة بس كان راكب حصانه وبيتمشى بيه فى البلد وكنت واجفة مع چوزي فى دكان العلف،واحد من الفلاحين عرفه،وجال ده سراج بيه العوامري.
تهكم الطبيب قائلًا:
مُتغطرس يعني.
طب والمصابة دي كمان تبقى مين؟.
أجابته:
لاه دي مهعرفهاش، يمكن جريبته (قريبته)..
أو تخصه، هنعرف هى مين لما يسجل إسمها فى المرضي، وكمان أنا هعاود أدخل الأوضه وهسأله هي مين، مع إن شكلها مش غريب علي.
غصبًا إمتثل الطبيب وغادر… بينما عاودت الممرضه الدخول الى الغرفة وعرض خدماتها عليه وسألته بإستفسار:
هي المريضة دي تقرب لجنابك.
تنفس وإحتار بماذا يُجيب عليها لكن بالنهايه قرر واجابها:
لاء دى لقيتها وانا ماشي عالطريق.
ذُهلت الممرضة وهي تشعر بإستغراب كيف هذا لم يعرفها وبهذه اللهفه الواضحة، هي ظنت أنها قريبته وربما تخُصهُ… لم تهتم وسألت:
طالما كده كان لازم تسمح للدكتور يقدم بلاغ فى النُجطة (قسم الشرطة) جنابك لاجيتها عالطريق يمكن اللى إتسبب فى إصابتها جاطع (قاطع)طريق ليه تحمل نفسك مسئوليه طالما متعرفش هي مين؟.
أجابها:
بس أنا أعرف هي مين كويس؟
تسألت بإستفسار:
حضرتك تعرفها منين؟.
بصعوبه لا يعلم سبب لما لم يكُن يريد أن يقول أنها كانت زوجة “غيث” إبن عمته لكن غصب أجابها :
تبقى آرملة إبن عمتي.
تبسمت الممرضه قائله دون إنتباة:
أنت جبتها إهنه شهامة منيك يعني،عشان خاطر إكده،لو كان حد غير چنابك مكنش جابها،انا مكنتش أعرف شكلها بس اللى أعرفه إنها مصانتش موت چوزها وسابت داره قبل الاربعين بتاعه…شابة وحلوه ولساها صغيرة أكيد مش…
قاطعها سراج بغضب قائلًا
أعتقد كفايه كلام فارغ، التحقيق بتاعك ده يخلص،ومش عاوز حد يعرف بانها موجودة إهنه بالوحدة،وإتفضلي شوفى شغلك،الجرح اللى فى رجلها داويه.
شعرت الممرضة بحرج من صد سراج لها،بدأت فى مداواة ساق ثريا،وخرجت وتركت سراج معها،يشعر بإستغراب من شعوره بالضيق والغضب والإستغراب الاكبر وجوده هنا، لما لا يطلب من احد العاملين الموجودين بالمشفى الإتصال بأحد ذويها.
زفر نفسه وهو ينظر لها وهي غافيه رغم ذاك الضماد على رأسها تبدوا كآنها صافية، وعلى وجهها بسمه لا يعلم إن كانت بسمه أم مجرد ملاحظة منه.
❈-❈-❈
بينما خرجت الممرضة وذهبت الى إحد الغرف كانت خاصه بالممرضات كان معها ممرضة أخري جلسن سويًا، سردت لها عن وجود سراج مع تلك الفتاة
لم تستغرب الاخري قائله:
وفيها إيه اللى أعرفه إهنه إن أرملة الأخ بيتجوزها أخوه، ويمكن هو عينه عليها.
فكرت الممرضه:
بس ده مش أخوه ده واد عمته، ومن عيلة العوامري، كمان اللى سمعته إن البت دي مسببه ناوشة لعيلة العوامري.
أجابتها الممرضه الاخري:
يمكن عامله الدوشه دي عشان إكده، إنها تتجوز واحد تاني منيهم،بس تفتكري مين اللى إتسبب فى اللى حصل لها.
أجابتها:
معرفش،بس لهفته عليها تجول أنه مش هو،من شكل إصابتها إكده إن حد ضربها على راسها،وكان فى جرح فى رِجلها،يمكن كان حد عاوز يغتصبها.
وضعت الممرضه الاخري يدها على فاهها بذهول قائله:
ربنا يحمي عرض ولايانا،هقوم أشوف الست اللى محجوزه فوق دي،والله حالتها متستاهل الحجز،بس الناس مفكره الوحده فيها عناية أكتر من الدار.
غادرت الممرضة الاخري،بنفس الوقت دق هاتفها،أخرجته من جيب مِعطفها ونظرت له،ثم قامت بالرد تسمع سؤال زوجها لها عن بعض الأغراض ومتي ستنتهي ورديتها بالوحدة،اجابته ثم سردت له عن ما حدث
قائله:
بس شكل سراج بيه ده راچل جوي،لو واحد غيره كان عالاقل سابها لما وصلها الوحدة،شكلها إكدة كان حد عاوز يأذيها وهو نجدها منيه.
❈-❈-❈
باحد مقاهي البلدة
وقفت رغد على جنب قريب منها، ودخل احمد نادي على ممدوح الذى خرج معه وتوجه ناحيتها يقول بلهفه وذم:
رغد إيه اللى جابك إهنه دلوك، القهوة كلها شباب…وممكن يعاكسوكِ وانا مكنتش هسكت ليهم.
شعرت رغد بسعادة أنها لا يود ان يُضايقها أحد،توترت قائله:
خالتي نجية عندنا فى الدكان،بتقول إن ثريا لحد دلوك مرجعتش الدار وهي قلقانه عليها أوي.
شعر ممدوح بقلق قائلًا:
إزاي مرجعتش للدار، إستني دقيقه وراجع لك.
لم يمر أكثر من دقيقة وعاد ممدوح يقول لها:
خلينا نروح للدار يارب تكون رجعت.
اومأت له ببسمه وهي تسير على الطرف الآخر جوار أخيها الذي يفصل بينهم،تحاول هى وأخيها مُجارات خطواته السريعه الى أن وصل الى ذاك الدكان وجد والدته جالسه…سألها بلهفه:
أمى.. ثريا رجعت.
أومأت رأسها بـ لا
أخرج ممدوح هاتفه يتصل على ثريا،ولا يآتيه رد شعر بزيادة القلق قائلًا:
موبايلها بيرن ومش بترد، هي مش متعودة متردش، معقول تكون لسه فى الغيط، هروح أشوفها وارجع.
تنهدت نجيه بدموع قائله:
وإيه اللى هيقعدها فى الغيط لحد دلوك، دي كانت بترجع للدار يادوب السمس تغيب.
ساور ممدوح القلق بشدة وفكر بـ عائلة العوامري، وكاد يتفوه، لكن قبل ذلك
صدح رنين هاتف صاحب البقالة، قام بالرد كان تاجر الاعلاف يسأله عن بعض المُنتجات لديه، وسمع بالصدفة قول ممدوح الذي لم يهتم:
أكيد اللى ورا إختفاء ثريا عيلة العوامري أنا رايح لهم.
نهضت نجيه بفزع وتمسكت به قائله:
إعقل يا ممدوح، وإهدي.
بضجر تفوه ممدوح:
عقلت كتير وصبرت مش كفايه…
قاطعه صاحب البقاله:.
إهدي يا ممدوح وإسمع لحديت أمك، بس اخلص من المكالمة.
غصبًا صمت ممدوح يتآكل قلبه القلق ويصور له الشيطان لما لا تذهب ويحدث ما يحدث.
بينما سريعًا أكمل البقال الحديث عبر الهاتف مع ذاك الشخص الذى سمع حديث ممدوح وذكر عائلة العوامري، بفضول منه سأله، حاول البقال عدم الإفصاح عن اختفاء ثريا، بينما تفوه الآخر:
مراتي ممرضة فى الوحدة وبتجول إن سراج العوامري هناك ومعاه ثريا اللى كانت متجوزه إبن عمته.
إندهش البقال قائلًا بإستفسار:
إنت متأكد من حديتك ده،ثريا مع سراج فى الوحدة،طب ليه؟.
أجابه الآخر:
معرفش مراتي من شويه كنت بسألها هتعاود أمتي،وجالت لى إكده وبس،وكمان طلبت مني شوية مستلزمات للدار وعشان إكدة بتصل عليك عشان إنت بتبيع أرخص.
أغلق البقال الهاتف…ونظر نحو ممدوح ونجية التى وقفت بإستغاثه تسأله:
مين اللى كان بيتحدت أمعاك،أنا سمعتك بتجول ثريا وسراج.
بهدوء قال لها ما أخبره له ذاك الشخص،سريعًا كاد يذهب ممدوح،لكن تشبثت به نجية قائله:
خدني معك يا ولدي.
برأفه منه إحتوي يدها وذهبا الإثنين الى الوحدة.
تنهد البقال قائلًا:
ربنا يطمن جلوبهم، والله نظرتي فى ممدوح إتغيرت، طلع راجل.
تبسمت رغد وهي تُأمن على دعاء والدها تشعر بمشاعر صافية نحو ممدوح الذي يظهر عكس شخصيته الحقيقيه،أنه غير مُبالي بما يحدث حوله.
❈-❈-❈
بعد قليل
بالوحدة الصحية
مازال عقل سراج غير مستوعب لما حدث يلوم عقله كيف وصل به الدناءة لهذا الحد، لم يحسب ان يصل الى هذا المستوي ولا تلك النتيجة…
لا يعلم لما يظل معها بالغرفة لما لم يغادر ويخبر الوحدة بذويها وتنتهي الليلة
بالفعل وقف حين فُتح باب الغرفة ودخلت نجية خلفها ممدوح الذى نظر الى سراح بإستحقار ثم ذهب نحوه غير مُباليًا:
أختي فيها إيه يا سراج،متفكرش إنى هسكت على قذارة عيلة العوامري.
نفض سراج يدي ممدوح ونظر الى نجية التى إقتربت من فراش ثريا تبكي وهي تراها ممددة هكذا بوجهها الشاحب وضماد رأسها…
كاد أن يتواقح سراج ويُلقن ممدوح درسًا لا بأس به بسبب سبه لعائلة العوامري،لكن إرتأف قلبه حين سمع قول نجية بإستجداء وهي تُقبل وجنة ثريا بدون قصد منها:
إصحي يا روحي عملوا فيكِ إيه تاني منهم لله،ربنا ينتجم منيهم…جولت ليكِ تغور الأرض وإبعدي عن شرهم… كفايه اللى حصلك قبل إكده.
لم يفهم قول نجية ماذا ومن تقصد
هل تقصد عائلة العوامري،هو حقًا المسؤول عن ما حدث لها الليلة،لكن ماذا حدث سابقًا ولماذا قالت تلك السيدة ذلك.
مازال ممدوح يحاول التهجم على سراج لكن تدخل حارس الوحدة وعامل آخر وطلبوا من سراج المُغادرة منعًا للإشتباك وإثارة مشاكل فى غني عنها، إمتثل لذلك وغادر مُتعسفًا
يشعر بغضب عارم
❈-❈-❈
بعد قليل دخل الى دار والده… تقابل مع آدم الذى إنخص بسبب الدماء على ملابسه سائلًا بقلق:
سراج إيه الدم اللى على هدومك دم إنت كويس.
أجابه سراج:
أنا بخير، هطلع أخد دُوش واقلع الهدوم دي، تصبح على خير.
تنهد آدم بإرتياح، قائلًا:
الحمد لله، بس إيه سبب الدم ده.
أجابه بضجر:
بعدين.
إمتثل آدم قائلًا:
سراج فى موضوع خاص بيا كنت عاوز اكلمك فيه.
تركه سراج يصعد السلم قائلًا:
بعدين يا آدم، أنا مصدع ومحتاج أرتاح.
إمتثل آدم، رغم فضولة معرفة سبب تلك الدماء، بينما صعد سراج الى غرفته توجه نحو حمام الغرفة مباشرة خلع ثيابه وفتح صنبور المياة وقف أسفلها يُعيد عقله ماحدث منذ رؤيته لـ ثريا اليوم، الى قبل دقائق وحديث والدتها المُبهم، يشعر بتشتت فى عقله…
أغلق صنبور المياة وجذب منشفه لكن قبل ان يخرج من الحمام وقع بصره على ملابسه الملوثة بدماء ثريا
من تلك
ترك النظر للملابس،وخرج من الحمام ذهب نحو فراشه وإرتمي بجسده عليه يشعر كآنه بإعصار،أغمض عينيه سُرعان ما غفي.
❈-❈-❈
فجأة إنقشعت الغيوم وسطعت الشمس
ظهرت معها حورية مُضوية تجذبه لها بإشارة منها، إقترب منها يخفق قلبه أصبحت خطوة بينهم،عاودت بعض الغيوم تكاد تقترب منها،شعر بلهفة، جذبها عليه،ينظر لشفتيها يشعر بإحساس خاص لأول مره يتوغل منه يُريد تذوق شفتيها وتقبيلها إقترب بوجهه إختلطت أنفاسه معها أغمض عينيه لوهله ثم فتحهما وعاود النظر الى شِفاها بلا شعور منها رفع يده يجذب رأسها يحتوي شفتيها بين شفتيه بقُبلة شغف وإجتياح، ترك شِفاها وسارت رغبة أخري تؤرق جسده لأول مره يتملكه ذاك الشعور الخاص، ضمها قويًا يديه تكاد تخترقها للحظات يحتويها، عاود يُقبلها مرة ومرات بإحساس مُتملك منه،ترك شفاها وأغمض عيناه مُنتشيًا ثم فتحهما يود رؤية بقية ملامحها،لكن فجأة حجظت عيناه حين وقع بصره على ملامح وجهها،وكآن عُقد لسانه عن الحديث،بصعوبه نطق
“ثريا”
-مستحيل!.
رفض عقله ذلك وفتح عينيه بسرعة رافضًا عقله ذلك،نظر حوله كانت الغرفة مُظلمة لا يوجد بها أي آثر لضوء نهض من فوق الفراش مثل الملسوع، ذهب نحو ذاك الشباك الزجاجي الذى بالغرفة أزاح الستائر ونظر للخارج كانت الشمس تبعث نورها الأول… فتح ذاك الزجاج كي يشعر بنسمة هواء تُرطب حرارة جسده فعمله السابق بالصحاري جعله لا يستهوي تكييفات ومبردات الهواء، صدمت نسمة لطيفة صدره، لكن مازال عقله شبه تائه ولائم.
❈-❈-❈
صباحً
ما أسهل أن تتنقل كلمات تشتعل بأقاويل تنتشر سريعًا بين الآلسنه تزداد لهيبً فوق لهيبها
إخبار الممرضه لزوجها صاحب دكان الاعلاف زاد فى نشر ما حقيقة زائفة لما حدث بالأمس، أظهر سراج أنه البطل الذي حمي عِرض أرملة إبن عمته، كذالك غِيرته عليها من الطبيب كما فسرت الممرضة وتوقعت أن هذا السراج يحمل مشاعر لـ ثريا وأنها من حقه والأولى بها
أكاذيب، وأكاذيب، وما أسهل إنطلاق أكاذيب يُصدقها الناس ويفسرها حسب أهوائهم.
……… …
بالوحدة الصحيه
فتحت ثريا عينيها تشعر بآلم طفيف برأسها، نظرت حولها، تفاجئت بوالدتها كذالك خالتها اللتان إقتربا منها بلهفه سألتان:
ثريا إنت فوجتي أخيرًا.
تحدثت بخفوت:
أنا فين؟.
اجابتها نجيه:
إنتِ فى الوحدة الصحية.
شعرت ثريا بصداع وهي تتذكر آخر ما فعلته هو ضرب ذاك المجرم،ماذا حدث لها بعد ذلك لا تتذكر.
سألتها سعديه:
مين اللى ضربك على راسك.
ضيقت ثريا عينيها تحاول تذكر لكن صمتت،إقترب منها ممدوح،رغم تلك الثورة بقلبه لكن إدعي البرود قائلًا بقصد:
-البلد كلياتها ملهاش سيرة غير عن شهامة سراج العوامري هو اللى أنقذك من اللى كان بيعترض طريجك وكان هيغتصبك.
إتسعت عين ثريا غير مُصدقة لذلك.
❈-❈-❈
بدار العوامري
طرقت إحد الخادمات على باب غرفة سراج، وإنتظرت حتى فتح لها وقفت امامه بإحترام قائله:
سراج بيه الملف ده بعته المحامي، وجال إن ده المستندات اللى كنت طلبتها منيه.
أخذ منها الملف واومأ لها بالمغادرة
أغلق خلفها الباب، وذهب يجلس على أحد المقاعد يضع ساق فوق أخري، يقرأ تلك الوثائق الموجودة بالملف
ذُهل من محتواها فى البداية، لكن سُرعان ما تهكم، جذب هاتفه وقام بإتصال أجابه الآخر سريعًا سأله:
إنت متأكد من كشف الحساب اللى إنت بعته ليا ده، معقول ثريا معاها المبلغ ده كله فى البنك.
أجابه المحامي:
أيوه المرحوم غيث كان فتح الحساب ده لـ مدام ثريا قبل ما يتجوز منها، وحول لها مبلغ قبل الجواز، ومبلغ تاني تم تحويله بعد الجواز، عندك تواريخ الإيداع.
تفهم سراج وسأله وإنت متأكد إن ثريا عندها عِلم بالحساب ده.
أجابه بتوضيح:
أيوه عندها عِلم لأن مذكور عندك إن اللى فتح الحساب ده فى البنك هي بنفسها، واللى حول الاموال عالحساب كان غيث بيه الله يرحمه وأكيد كان بيعرفها بده.
شعر سراج بضيق قائلًا:
تمام، لو إحتاجت لمعلومات تانيه هكلمك.
أغلق سراج الهاتف، وتنهد بقوة غاضبًا يقرأ قيمة ذاك المبلغ الضخم الموجود برصيدها
يبدوا أنه أمام مُحتالة كما وصفتها عمته ولاء
ثريا بهذا المبلغ المثبوت بالمستندات أخذت ميراثً
” أضعاف حقها الشرعي”

يتبع…


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close