رواية عشق خالي من الدسم الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة سلطان
اذكروا الله
_______________
من السنن المهجورة
التداوي بالدعاء، ويكون ذلك بوضع اليد على مكان الألم، ثُم قول: (باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)
______________
'إن حبك يعمي عقلي المصر على أن يمارس كيانه، إنني أعشقك. '
- غادة السمان
__________
{ في القاهرة }
كانت كريمة قد فقدت وعيها بعد ذلك الخبر الذي وقع عليها كالصاعقة، لحسن الحد كانت جارتها تصعد علي الدرج (ام أسماء) ونادي عليها ذلك الرجل الذي جاء من المحكمة لتلحق تلك السيدة
وضعت ام اسماء كمية من العطر علي يدها لتضعها أمام أنف كريمة لعلها تفيق وبالفعل استعادت وعيها بعد ثواني
فاردفت ام أسماء قائلة بقلق شديد فمهما فعلت كانت أعز أصدقائها في أحدي الأيام
- انتِ كويسة يا كريمة ؟؟ نوديكي المستشفي
- عمر طلقني !!!!
عمر بعتلي ورقة طلاقي يا ام أسماء
كانت تتحدث وهي تضرب ووجهها بكفيها، صافعة ذاتها لا تصدق ما حدث وما سمعته، كيف تشعر بذلك القلق عليه وكادت تموت لغيابه ويرسل لها ورقة طلاقها!
لا تدري هل يجب أن تجعلها تحمد ربها علي ما حدث وتؤنبها وتزيد من وجعها فهي تستحق ذلك وأكثر أم تجعلها تهدأ، أردفت ام اسماء قائلة بنبرة حانقة ولكنها حاولت التهوين عليها
- خلاص يا كريمة أهدي هو انتِ اول واحدة تطلق يعني اهدي اللطم والصويت هيعمل ايه ..
كادت ان تستكمل حديثها ليرن هاتف كريمة وتطلب من ام اسماء ان تأتي لها به فهي ضريحة الفراش ولم تستعيد وعيها بشكل كامل ، ولبت أم اسماء طلبها لتجد أن المتصل هي مروة
- الو يا مروة، اخوكي بعتلي ورقة طلاقي
-............
- يا نهار اسود عمر اتجوز عليا تاجرة المخدرات
قالتها بصراخ شديد وهي تتلقي منه الصفعة الثانية
- ..................
- ايه اللي بتقوليه ده يا مروة انتِ اتجننتي
-....................
__________
{في المنصورة}
{ في غرفة تسنيم ومروان }
بعد منتصف الليل، دخلت تسنيم الغرفة بعد أن انتهت من أحاديثها اليومية، وجدت مروان يتحدث في الهاتف ويضحك كعادته لم تفهم شيء من حديثه وضعت الطعام للقطة واخذت تراقبه وهي تدعي اللامبالاة، ولا تعلم أنه هو من يراقبها
انهي مكالمته أخيرًا ثم أردف قائلا بنبرة خبيثة ومرحة
- بلاش تدلقي عليا كده انشفي شوية يا تسنيم، باين انك هتموتي وتعرفي بكلم مين
هتفت تسنيم بغضب وغيظ
- انا مدلوقه عليك؟؟ شايفني ايه جردل
- متقوليش علي نفسك كده عيب
قالها وهو يتوجه ناحية الفراش، ليستلقي عليه بطريقة مرحة وقفز فوقه، وكانت هي تجلس علي المقعد، فأردفت تسنيم قائلة بنبرة ساخرة
- هنلاقي نفسنا تحت براحة
- عادي البيت بيتنا، جهزتي شنطتك
رمقته باستغراب ثم أردفت قائلة فهل هو معتوه لما تجهز حقيبتها
- شنطة أيه؟؟؟
- شنطة سفرك
- ليه هو انا مسافرة وانا معرفش
ضحك بسخرية ثم أردف قائلا بمرح وهو ينظر لها
- جدعة، عرفتي منين يا لئيمة فعلا مسافرين بكرا
- انتَ هتهرج؟؟
قالتها بحنق واستغراب، فأردف مروان قائلا بنبرة مرحة ولا مبالاة
- اه بهرج هو انا من امته مهرجتش، هنسافر بكرا الساعة ١٠ هنتحرك وهنروح اسكندرية
جزت علي أسنانها بغضب شديد وهي تشتعل من تصرفاته
- يا سلام مش تأخد رأي البهيمة اللي معاك
قهقة مروان قائلا بنبرة ساخرة وهو يغمز لها
- بذمتك اخد رأي بهيمة ليه
قذفته بالوساده المتواجدة علي المقعد الذي يتواجد بجانبها، فتفادها لتصدع ضحكاته الرجولية؛ فأردف مروان بنبرة هادئة
- خلاص عيب بقا، احنا ناس كبيرة ده شغل عيال
- انتَ بتقول عليا بهيمة يا مروان
- والله يا قلب مروان انا امي ربتني انتِ اللي قولتي علي نفسك وانا بصدق اللي بيخرج من شفايفك الحلوة دي
قالها بنبرة أجاد صنع الجدية بها، فأستكمل حديثه قائلا حينما لاحظ الاحمرار الذي احتل في وجنتيها لا يدري هل من الخجل او دلالة انها تشتعل غضبًا
- محمود صاحبي هيتجوز بعد اسبوع وانا لازم اكون جنبه وانتِ محتاجة تغيري جو فهاخدك معايا وبعدين هوديكي القاهرة تشوفي طنط سلوي وتقضي معاه يوم يومين زي ما تحبي
- طب والشغل وباباك يعرف؟؟
- اه قولتله واتفقت مع أحمد هو فاضي وهنادي بقت احسن يعني مش بيقضي الوقت كله معاها زي الأول
قالها مروان بنبرة هادئة وهو يحاول أن يخمن ما يدور في عقلها فاستكمل حديثه قائلا
- ايه مش حابه تسافري؟؟ مش كنتي زهقانة
- لا مش حكاية مش حابه بس يعني...
قاطعها مروان
- مفيش بس انا الراجل هنا وأنا اللي أقرر أيه اللي هيحصل انتِ سامعه
قالها بنبرة صارمة، وهو يوجه لها سبابته، فضحكت علي طريقته التي لا تليق له تمامًا، فأردف مروان قائلا وهو يري ابتسامتها
- هو ايه مليش تأثير خالص
- لا دي حركات ناس نص كم انتَ بتعرف تمشي كلامك من غير الحركات دي
نظر لها مروان وهو يعتدل من نومته وأردف قائلا بحماس وفرحة وهو يصفق لها فهي تفوقت بالفعل
- انا مبهور بيا، انتِ بدأتي تلقطي مني بجد وبتعرفي تثبتيني انا كمروان اللي اثبت بلد اتثبت
- بحاول أتعلم منك
- لا عجبتيني قومي حضري شنطتك انا مش هاخد حاجة عموما حاجتي كلها هناك، هتقضي أحلي أسبوع في حياتك عشان تبقي عارفة
- طب والقطة ؟؟
سألته ببلاهة شديدة، فهتف بحنق وهو بجز علي أسنانه يتمني الفتك بها بينهما
- ماشي يلا اسيب مشاكلي، واسيب الترتيبات اللي في دماغي علشان أفكر في القطة اللي بقطع الخلف منها لما أقوم والاقي عينيها منورة انا أصلا بنسي انها هنا
كانت القطة انتهت من طعامها وقفزت للفراش وجلست علي فخذي مروان، فأردفت تسنيم بنبرة ساخرة
- هي مش بتنبسط إلا لما تقعد علي رجلك، انتَ كارهها بس هي بتحبك شوف القلب الطيب
- عقبالك؛ لما تنبسطي لما ....
قالها بمكر وخبث لتدي وجهها للناحية الاخري وهي تحاول أيجاد شيء تقذفه به من وقاحته واصابتها بالخجل فأستكمل مروان حديثه قائلا
- اقصد لما يكون قلبك طيب زيها، عايز اخذ صورة مع القطة سيلفي يمكن أخذ صورة سيلفي بعدين مع القطة اللي في بالي ..
قالها بمرح وخبث وهو يرمي حديثه لها ويعلم أنها تستمع لكل كلمة لتنظر الي التلفاز وتعطيه ظهرها، وأخرط هاتفه ليلتقط صورة له وللقطة لفعل شيء ما يدور في عقله ...
__________________
{اليوم التالي}
في الإسكندرية / الساعة الثانية عشر ظهرًا
كان مروان يصف بسيارته أمام المطعم، ليهبط منها ويقترب منه ذلك الرجل المسؤول عن حراسة السيارات، فهتف مهللا اساريره بمجرد رؤية مروان
- ازيك يا مروان يا ابني وحشتنا
- وانتَ اكتر يا عم أبراهيم
فتحت تسنيم باب السيارة لتعدل من وشاحها، فقد شعرت بالبرد اليوم، منذ هبوطها من غرفتها في المنصورة فالشتاء علي الأبواب..
هتف ابراهيم بنبرة هادئة
- جاي معاك ضيوف وله ايه يا مروان
اقتربت تسنيم من مروان، فحاوطها بأحدي ذراعيه قائلا في نبرة هادئة وباسمه
- مراتي يا عم أبراهيم
- اهلا أهلا يا بنتي نورتي والله
- بنورك
قالت تسنيم كلماتها بهدوء واحترام فهي لم تأخذ علي الاجواء بعد، فابتعد مروان عن تسنيم واقترب من عم ابراهيم قائلا بمرح
- خد المفتاح اهو اتصرف في العربية عوزت تغير مكانها عوزت ترميها اللي يريحك يا عم ابراهيم اعمله
- لا مكانها كده حلو بس هخليه معايا احتياطي
قالها ابراهيم بهدوء بعد أن أخذ المفتاح منه، ليمسك مروان يد تسنيم مشبكًا أصابعه بأصابعها الباردة، ويدخل المطعم ويُرحب به العاملين ويصافحوه بحرارة حتي وجد صديقه يجلس علي المقعد المتواجد بجانب الكاشير فنهض بمجرد رؤيته فكان ينتظره ولديه علم بإتيانه
- ده ايه النور ده إسكندرية نورت
قالها محمود بمرح وترحاب شديد، احتضنه ووجه التحية لتسنيم فهو كان يعلم بإتيانها لم يندهش، فبادلته التحية وأخيرًا جلسوا
علي أحدي الطاولات في نهاية المطعم ينتظروا الفطار، فقطع مروان صمتها
- ايه ساكته ليه يا تسنيم
- ابدا يعني هتكلم مع مين، كنت بتتكلم مع صاحبك ولسه هو ماشي
كانت تتحدثت بنبرة هادئة وخافتة، فهتف مروان سائلا أياها
- ايه رأيك في المطعم والمكان ؟؟
- جميل ما شاء الله، ربنا يوفقكم وواضح ان صاحبك انسان كويس ومتفق انتَ معاه ربنا معاكم
كانت تتحدث وابتسامة صافية وهادئة ترتسم علي شفتيها، جاء النادل بالطعام فنهض مروان مصافحًا إياه بمرح وحفاوة شديدة
وشرعوا في تناول الطعام، كانت تسنيم تعبث في طبقها وتحاول الا تنظر له، رغم انه هو المسيطر علي عقلها وقلبها، إنسان محبوب بشكل عجيب بداية من الرجل الذي قابله أمام المطعم ومع صديقه ومع العاملين الذي يظهر علي وجوهم أبتسامة صافية ويمرحوا معه، مميز بشكل لم تكن تعرفه، بالرغم من حماقتها التي تعترف بها أحيانا ولكنها تفرق المحبة الحقيقة عن الابتسامة الزائفة
فلم يقابله شخص الا وشعرت بمدي تلقائية مروان في التعامل لم يصافحهم فقط بل يحرص علي سؤالهم عن أحوالهم وحتي أنه يتذكر من كان مخطوب وعلي وشك الزواج، من كانت والدته مريضه، من كانت زوجته علي وشك الإنجاب
شخص مُراعي كثيرًا، يتمني أي شخص ان يكن في حياته نعم مجنون قليلا وغريب أحيانا؛ غاضب علي أقل الأشياء، تأتي لحظات لا تفهم هل هو يتجاهلها كأنها ليست معه، ولحظات اخري يشعر بها وكأنه يقرأ قلبها ولكنه مميز
قطع صمتهم وتناولهم الطعام ذلك الصوت الطفولي
- مارووو
قالتها تلك الفتاة البالغة من العمر ما يقارب خمس سنوات، بضفيرتها الطويلة وسترتها الاي تعطيها حجمًا أكبر من جسدها وقصيرة أكثر من الأطفال بعمرها، وبتلك الشعرات البنية المتمردة علي وجهها
اقتربت منه واحتضنته بحب شديد ليرفعها مروان ويجلسها علي قدمه بسعادة
- أهلا يا قلب مارو
هتفت جني بتلقائية وبراءة
- شوفت عربيتك برا وسألت هيما قالي أنك جيت
كانت تسنيم تنظر لهما باستغراب فمن تلك الفتاة لم تسأل عن هويتها فقد سبقتها تلك الصغيرة متسائلة عن هويتها
- مين دي يا مارو اختك ؟؟
انطلقت منه ضحكة لم يستطع كبحها، ثم هتف بنبرة تحمل الكثير بين طياتها وكانت مرحة أيضًا
- اهو جبتلنا الكلام من العيال اللي واصلين لركبتي عاجبك كده
دعست تسنيم قدمه من أسفل الطاولة بخجل وحنق من حديثه تلك الاحمق، فتأوه مروان بمكر ثم هتف موجه حديثه للصغيرة
- مراتي تسنيم ايه رأيك يا جني حلوة ؟
نظرت جني لها بتفحص وهي تحك ذقنها بترقب ثم عقدت ساعديها، فهتفت بهدوء
- حلوة وقموره عينيها زي روبانزل بس انتَ أحلي.
انطلقت منه ضحكات رجولية، علي كلمات تلك المشاغة التي تزيد من حنق تسنيم، فهتف وهو ييتصنع الهمس الي الصغيرة رغم أن صوته مسموع
- عارفة أنا بحبك ليه يا جني علشان دماغك المتكلفة أحسنتي يا جني
جزت تسنيم علي اسنانها، فأردفت بغيظ
- مين دي مروان، وله نخليها مارو؟
- اه قوليله مارو زي ما أنا بقوله
قبلت جني وجنتي مروان بعد أن ألقت كلماتها الطفولية والمرحة لتسنيم وحاوطت عنقه وهي تخرج لسانها في شكل طفولي لذيذ ليقلدها مروان وهو يخرج لسانه مثلها وكأنه طفل بجانبها
لم تكن تسنيم تدري هل يجب أن تشعر بالاستفزاز أم تضحك علي هيئتهم العجيبة
وبالفعل ضحكت رغم عنها علي شكل مروان تحديدًا، فجاء محمود من الخلف قائلا بمرح وسخرية علي تلك الطفلة المتعلقة بصديقه وتترك والديها وتأتي الي هنا فلديهم متجر خاص بملابس الأطفال يتواجد بجانب المطعم تقف والدتها به اغلبية الوقت وأحيانا يأتي زوجها
- انتِ هنا يا آنسه جني لحقتي يا زئرده تعرفي انه هنا، اتاري امك جت بتقولي أنك دخلتي المطعم وأني اخد بالي أحسن تخرجي
- مين دي يا مروان
قالتها تسنيم بغيرة من كون محمود ذكر والدتها، فمن تلك المرأة ومن تلك الفتاة؟
تنحنح مروان وأردف بهدوء شديد ومازالت الفتاة متعلقة بعنقه ونقلت اخراج لسانها في استفزاز محمود الذي يعبث في وجنتيها
- دي جني بنت واحد وواحده فاتحين محل جنبنا، بس هي من ساعة ما جيت اسكندرية وهي صاحبتي مش كده يا زميلي
- كده يسطا خلصانه بشياكة
قالتها جني وهي تغمز له وتكور يدها مثله وتصطدم بيده، فقال محمود بسخرية
- عليه العوض ومنه العوض ضيعنا البت وخلناها سرسجية
أردفت جني بانزعاج وعقدت ساعديها
- مارو، انا عايزة كريب نوتيلا علشان محدش بيعملوا حلو زيك هنا
هتف محمود بسخرية
- اه فعلا كل اللي جوا في المطبخ مش بيعملوا حاجة حلوة والناس بتيجي شفقة
ابتسم مروان بخبث وهو ينظر لمحمود قائلا في عتاب شديد
- مش قولتلك منضايقش الزباين ياض، وخصوصا جني مش معاها ورقة كاتب فيها اسمي علشان تاكل من هنا مدي الحياة ببلاش، تقوم تزعلها
هتفت جني بحنق
- قوله يا مارو علشان لما بطلع الورقة ماما بتتريق عليا وتقولي لازم ندفع، ومحمود بيقولي مش هدفعك بس بمزاجي مش له علاقة بالورقة
- ايه الاستهتار ده، ازاي بصمتي واسمي ملهمش لزمة روح يا محمود خليهم يعملوا احلي كريب نوتيلا لأحلي جني
كانت تسنيم تراقبهم سواء كان مروان وعلاقته بتلك الطفلة أم بمحمود الذي يمتلك مرح مماثل لمروان، أردف محمود
- ياعم كدابه مش بقولها ادفعي، وبنعملها كريب بتفضل تقول بتاع مروان أحلي
- ايوة بتاعه احلي وانا عايزاه يعملي بنفسه
هزت جني رأسها بتأكيد لما تقوله
- خلاص هقوم أعمله حالًا يلا بينا يا جني
قالها مروان حاملا إياها ووجه حديثه لتسنيم
- هقوم يا تسنيم عشر دقايق واجي تحبي تطلعي
تريحي وله أيه؛ يجبولك حاجة تشربيها ؟؟
- لا هستناك مش هطلع أقعد لوحدي، ممكن شاي
قالتها تسنيم بهدوء، فأردف محمود
- خلاص انا جاي معاك علشان اوصيهم علي اوردر منار بدل ما تيجي تقرفنا
- يلا
ذهب مروان ومعه محمود وجني
{بعد دقائق}
دخلت منار المطعم وهي تحمل حقيبتها بانزعاج وتأفف، وهي ترتدي بنطال لونه أسود وكنزة زهرية اللون وتترك شعرها حرًا في السادسة والعشرون من عمرها، مطلقه بعد زواجها بفترة لم تدم طويلا
ليأتي محمود من الداخل وهو يمسك هاتفه بعد ان اتصلت به
- اهلا اهلا يا منار
- مروان جه ؟؟؟
قالتها بلهفة وعجرفه كعادتها وما ان سمعت تسنيم تلك الكلمات لفت رأسها فكانوا علي مقربة منها، ليلاحظها محمود وعادت برأسها مرة اخري بحنق فمن تلك المرأة التي تتحدث بصوتها العالي وتسأل عنه اول شيء
- اه جه والمفاجاة جه ومعاه مراته
- انتَ بتهرج مراته ميته أساسا هتستعبط عليا يا محمود
قالتها منار بانزعاج شديد فلا تتحمل ان تكن بحياته اخري في الوقت الذي لا يهتم بها ولا يعيرها اهتمام منذ عام وأكثر، معللا أنه لا يريد الزواج
فهتف محمود
- مراته التانية تعالي أما اخليكي تسلمي عليها، بس اوعي تزعليها وله تقولي كلمة كده وله كده زي كلامك اللي زي السم مروان مش عايز اقولك بيغير عليها أزاي ده انا نفسي مسلمتش عليها من كتر مهو ناقص يشيلها في عينه
كانت يتعمد اغضابها بتسلية حتي انه ضخم الأمر فأردفت منار بحنق شديد
- مش عايزة اقابل حد فين الاوردر كان المفروض يتبعت للشركة من بدري علشان الاجتماع
وله اقولك انا عايزة اشوف مراته
كانت عادت الي صوابها فقد جاء في عقلها رؤية تلك الفتاة التي تسمي زوجته هل هي اجمل منها؟؟ فهي كان ما ينقصها عرض الزواج عليه
اقترب محمود من تسنيم قائلا
- مدام تسنيم، دي بقا منار حابة تسلم عليكي لما عرفت ان مروان اتجوز، مقولكيش بقا فرحتله ازاي
مدت منار يدها بحنق شديد كونه ان الفتاة بالفعل رائعة وجميلة جدا فاتنه دون مجهود ودون ان تحاول أظهار جمالها بالمساحيق الخاصة بالتجميل أو بالملابس المكشوفة؛ والأهم من جمالها هي نجحت بالزواج من مروان
صافحتها تسنيم علي مضض ليأتي مروان ومعه جني تحمل طبقها لتصافحه منار وذهبت بعد أن اخذت الطلب فورا من غيرتها التي لاحظها الجميع ..
____________
{ في المساء }
{في الشقة المتواجدة في نفس العمارة التي يتواجد بها المطعم}
خرج مروان من المرحاض بعد أن اخذ حمامه ودخل غرفته، ليرتدي التيشيرت فقد نسي أن ياخذه مع باقية ملابسه، لم يجدها في الغرفة فخرج ولم يجدها في المطبخ، فوجد صوت التلفاز ينبعث من الخارج فعلي ما يبدو تجلس هناك بالتأكيد
خرج ليجد أصعب منظر علي الأطلاق، كانت تسنيم تجلس علي الأريكة أو ليصحح المعلومة بطانية تجلس علي الأريكة بالكاد يظهر وجهها، انبعثت ضحكاته الساخرة التي تعرفها جيدا لتنتبه له، لم يستطيع مقاومة منظرها، فصاح مروان بمرح
- ايه اللي انتِ عملاه في نفسك ده
- هتلج يا مروان هتلج قفلت كل الشبابيك وقفلت البلكونة ومش مستحملة الجو ساقعة جدا، فخدت البطانية من علي السرير جوا
قالتها وهي تتأكد من التفاف تلك البطانية حوالها، فأردف مروان بسخرية وهو يقترب منها ويجلس بجانبها
- انا لابس نص كم وحران ، برد أيه بس
- انا بردانه انتَ مش بردان خلاص
قالتها وهي ترتجف فمن الممكن حينما خرجت من المرحاض ودخلت الشرفة قد أصابت ببرد، أو لأنها لم ترتدي ملابس ثقيلة اليوم لم تكن تظن أن ذلك سيحدث
فأردف مروان بنبرة مرحة
- تحبي مساعدة ؟؟
رمقته بعد فهم
- مساعدة في ايه
- ادفيكي وهتدفي احسن من البطانية كمان
قالها متصنعًا البراءة كما يجب أن تكون، فصاحت تسنيم بنبرة ساخرة وخجلة
- اشعال ذاتي حضرتك، بوتجاز؟؟؟، انا بس شكل داخلي دور برد مش اكتر يعني
- لا الف سلامة عليكي، انتِ طرية كده ليه يابت انشفي حبه برد مش مستحملاهم ده انا مش شايفك من كتر ما انتِ هتفطسي جوا ومش هعرف أخرجك
قالها بمرح وأمسك الريموت ليأتي بالقناة التي تعرض الافلام الأجنبية التي يحبها، فأمسك طرف البطانية ليبعدها عنها، وأخيرا استطاع رؤيتها جيدًا بسترتها الشتوية وبنطالها لا يدري هل بعد كل تلك الملابس تشعر بالبرد حقا؟؟
وضع يده علي يدها ليجدها باردة بالفعل، دخل بجانبها حاوطها بذراعيه ولم تعترض فكيف تعترض اذا كانت علي وشك إدمان أحضانه التي لا يوجد شيء يجعلها تشعر بالسكينة والدفئ والطمأنينة سواها
أردفت تسنيم بنبرة هادئة لتقاطع تركيزه مع الفيلم
- مروان، هو مش صاحبك المفروض عايش هنا
هز مروان رأسه بأيجاب، فاستكملت حديثها بخفوت
- اومال هيبات فين يعني؟؟ هيبات هنا
نظر لها ثم أردف بسخرية من حماقتها
- لا طبعا، هيبات عند أخته ووالدته الفترة دي يعتبر
- مش كده أحنا يعني بنضايقه؟؟
قالتها تسنيم بتساؤل فأردف مروان
- هو اللي اقترح كده لاني كنت هأجر شقة الكام يوم اللي هنقعد فيهم وهو قالي لا وكده كده الفترة اللي أنا فيها مش هنا كان بيبات هناك لان جوز اخته مسافر وهو عموما مبيحبش القعدة لوحده..
هزت رأسها بتفهم وبالنهاية هو حر مع صديقه، وأدري به، كانت تحاول متابعة الفيلم الذي يشاهده وكالعادة يشاهد فيلم كله أموات وحروب ودماء تشمئز فهي لا تفضل تلك الافلام نهائيا والرعب أيضا وهو عكسها تمامًا يعشقهم، فحاولت أن تقطع الصمت قائلة
- هو مش قولت هتحكيلي حكاية محمود وخطيبته وأنهم تاني اغرب ناس بعدنا
- اه قولتلك
- طب يلا احكيلي انا مبحبش الافلام دي وزهقانة، كلها دم وقتل
قالتها باشمئزاز فأردف مروان بنبرة خبيثة ومرحة
- لا ميغركيش الدم ده، استني كده بس عشر دقايق البطل هيمسك البطلة هيقطعها بوس
أحلي حته في الفيلم بتغسلني من جوا
رمقته بغيظ وخجل، لتعيد طلبها مرة أخرى
- كنا بنقول هتحكيلي صح؟؟
- لا أنا قولت بوس انا عارف نفسي كويس قولت أيه بلاش النصاحة والتموية
قالها مروان بنفي، فأردفت تسنيم قائلة بحنق
- معلش احكيلي عقبال ما تيجي الحتة
تنهد مروان ليرفع خصلات شعرها المتواجدة عبي وجهها، كانت خصلاتها مازالت رطبة فلم تجففها جيدًا، أردف قائلا
- محمود خاطب من اربع سنين، الناس بتقعد المدة دي علشان عندهم ظروف مش عارفين يكملوا بسبب الفلوس او حد بيدرس في ظروف مادية يعني ده الطبيعي
- اه ده الطبيعي فعلا يعني صاحبك ظروفه وحشة؟؟
- لا محمود يعني شغله موجود معايا غير كده باباه ليه شغل مع اخواته يعني وبيطلعله فلوس كل شهر كويسة كدخل ثابت، وشقته كمان في عمارة حماه وبيدفع أقساطها
- اومال ايه المشكلة ليه الخطوبة طولت كده
قالتها بفضول شديد، فهي أصبحت تعشق أحاديثه
- علشان هو خاطبلي واحدة أبوها معقد؛ وهو غبي وهي غبية
رفعت تسنيم حاجبيها قائلة باستغراب
- مش فاهمة معقد ازاي
- الراجل ده عنده ٣ بنات، وخطيبة محمود اصغر واحدة فيهم واول اتنين اتجوزوا واطلقوا وفي واحدة منهم معاها عيل والتانية تلاته
- يا نهار أبيض ده ليه حق يتعقد الراجل
قالتها تسنيم بسخرية، فأردف مروان بنبرة هادئة وهو يفسر لها اكثر رغم انه مشغول في النظر في عيناها
- لا ومش بس كده محمود عندي فوق ما تتخيلي ورغم حبه هو وخطيبته ومش بيستغنوا عن بعض، الا ان خطيبته اعند منه ودايما خناقات علي الفاضية
والمليانة اكتر علاقة اتقلعت فيها الشبكة واتلبست علي أتفه الأسباب؛ فابوها معندوش استعداد يجوزها هي كمان جوازه فاشلة فكان بيأجل لغايت ما يحس انهم عقلوا
صاحت قائلة بسخرية
- يالهوي!
اومال هيتجوزوا ازاي علي كلامك ده
مفيش ذرة عقل فيهم
هتف بمرح وهو يداعب أنفها
- لا قرروا ياخدوا شبكتهم ويتخانقوا بعيد عن الناس بقا، هي تفتح دماغه وهو يديها قلمين يرمي في وشها الدبلة ترميله الشبكة كله بالحب بقا لما يتقفل عليهم باب اللي بيقلع بيقلع .. اقصد اللي يقلع الدبلة واللي يلبسها مع نفسهم بقا
تجاهلت كلماته وأحاديثه وتلميحاته
- بس يعني ليه كل ده متأكد انهم بيحبوا بعض
- بيموتوا في بعض، ومهما سابوا بعض يرجعوا بس هما اغبية شوية .. عارفة يعني أيه اغبية
قال كلماته الأخيرة ناظرا في عيناها بخبث، فأردفت تسنيم
- بحاول أعرف يا ظريف، بطل شغل التلقيح ده
- انا بقولك الحاجة في وشك مش بلقح بس مقولتيش ايه رأيك في المطعم واسكندرية والشقة
ابتسمت له ثم تحدثت بنبرة خافتة
- يعني حلو ما شاء الله، وحبيت جدا المكان ولسه لما اتعرف عليه وتخرجني، اما بالنسبة للشقة بصراحة بحيك انتَ وصاحبك علي النظام يعني محدش يفتكر أن الشقة دي بيعيش فيها راجلين لوحدهم
- اه انا اللي علمت محمود النظام
- حساك كل حاجة الناس بتتعلم منك، ده غرور اكيد
- ثقة يا تسنيم
تنهد مروان ثم حديثه متسائلا أياها
- لسه سقعانة
- يعني شوية
قالتها بنبرة هادئة فأردف مروان بنبرة مرحة وماكرة
- ماشي يا باردة؛ طبيعي تبقي علطول سقعانة
- انا باردة قصدك ايه
قالتها بشك وهي ترفع حاجبيها، فتحدث مروان بنبرة هادئة يُشعرك بها بمدي براءته
- مش حاسة بالبرد تبقي باردة هيكون قصدي ايه دايما سيئة الظن بيا كده يا تسنيم بتزعليني
قالها بخبث ومكر شديد، فصاحت تسنيم بنبرة حانقة
- متقولش عليا باردة يا مروان بتعصبني علي فكرة
- دي الحقيقة يا تسنيم؛ لو مش باردة اثبتيلي عكس كده
نظرت له بسخرية وأردفت قائلة بحنق
- دي اثبتها ازاي ان شاء الله؟؟
حك ذقنه بتفكير شديد ثم هتف
- المفروض تكوني ذكية عن كده وتفهميها وهي طايرة واحدة تحب تثبت لجوزها أنها مش باردة هتعمل ايه يعني يا تسنيم شغلي الجزمة اللي هتصدي من قلة الاستعمال الصح ليها، فكري كده ممكن تعمل ايه
أجابته بجدية أجادت صُنعها، فأردفت تسنيم بهدوء ومرح
- تعمل شاي
قرص أحدي وجنتيها قائلا بحنق وهي تقهقه علي ما تفوهت به
- لا قهوة سادة علي روحك اللي هطلعها في أيدي، طب انتِ باردة يا تسنيم ايه رايك
وانتِ واحدة مش قادرة تعبر عن مشاعرها
- متقولش باردة بتستفزني متعصبنيش
قالتها بغضب وحنق وهي تبتعد عن صدره رغم مرحها منذ ثواني فقد أختفي؛ فهتف مروان
- بوسة لجوزك علي خده كده هتاكد أنك مش باردة
- انتَ بتستغلني مش بتتاكد اني باردة
- بوسه بريئة علي خدي زي اللي اتدهاني ...
توقف عن الحديث ثم أردف بنبرة خبيثة وهو يقصد ما يقوله
- اتدهاني منار ... اقصد جني
- منار ؟؟؟؟؟؟؟
قالتها بغضب شديد، فأردفت مروان بنبرة مرحة
- لا يا مجنونة بهزر بوسة ايه هو انا بطيقها
- يعني لو بطيقها عادي ؟؟؟؟؟
- اه ممكن ساعتها افكر
رمقها بمرح وهو يزيد من ثقته بنفسه، فهو يؤثر عليها ولكنها تنكر ذلك، فهتف بخفوت
- مدام بتغيري بتحرميني من بوسة علي خدي بريئة يا ظالمة يا مفترية
- هتكسف
قالتها بتردد ونبرة خافته وهامسة ولكنه سمعها فأردف مروان بنبرة خافتة ومرحة كعادته
- وانا مشكلتي اني بتكسف حتي اسألي بابا وماما وناهد والبيت كله هغمض عيني
ما ان انتهي من كلماته أغلق عيناه وهو متأكد بأنها لن تفعلها هو فقط يزعجها فمن سابع المستحيلات ان تفعلها، ولكنه لا يعلم أنه أثار مشاعرها وغيرتها النابعة عن العشق الذي يأبي عقلها الاعتراف به
أصابته تسنيم بالدهشة لوهلة فلم يصدق ما يحدث حينما وضعت يدها علي وجنتيه لتقترب برأسها ناحية رأسه بهدوء شديد، وتقرب فمها من وجنتيه الآخري
ووضعت قُبلة رقيقة عليه لمست به خشونة ذقنه، وما أن كانت علي وشك ابعاد شفتيها من وجنتيها والعودة الي مكانها بعد أن فعلتها
حتي أمسك بها من يديها وشبك أصابعه بأصابعها، لاحقًا شفتيها الناعمة ملتقط أياها بشفتيه فلم يعطيها فرصة للابتعاد كيف تبعد قبل أن تهدأ تلك الثورة القائمة بداخله بسبب فعلتها البسيطة
فيريد تكرار تلك الدقيقة، فلم تكن وقتها كافية له ليتذوق من شهد شفتيها بعد المرة الأولي
تسارعت دقات قلب تسنيم وشعرت بالدهشة أثر فعلته، يلثم شفتيها بعشق شديد وشغف أثار بداخلها مشاعرها الأولي وأحاسيسها التي لم تعرفها الا معه، ثواني مرت كان هو المُعطي فقط عانقها وبشدة لا يتواجد ذرة بينهم قد تسمح بمرور الهواء
بعد ثواني من جنون مروان وعاطفته القوية، لفت تسنيم يدها حول عنقه وأغلقت قبضه يدها، أصابته بالجنون التام في تلك اللحظة، فهي تعطيه التصريح والحق ليستكمل ما بدأ به بتلك الاستجابة الخجولة، دافعه أياه ومشجعه له بأن يقترب أكثر...
وفي تلك اللحظة رقص قلب مروان، فهي تبادله بخجل وبطئ شغفه بفطرتها الانثوية، بينما هو مشاعره تفوقها بمراحل، كان قلبها لا يسمح حتي لعقلها أن يعمل فقد لا تشعر بشيء سوي دقات قلبها العنيفة
اشعلت بداخله لهيبًا في أعماقه كان يريد المزيد والمزيد منها، ابتعد عنها ساندًا بجبهته علي جبتها وما أن التقطا أنفاسهم، ملقيًا بتلك البطانية التي تعيق حركته، لتميل ويميل فوقها
لا يريد شيء فيكفيهم النيران التي لن تدفئها فقط بل ستحرقهم من فرط مشاعرهم، هبط مروان بشفتيه تلك المرة الي عنقها طابعًا عليه قبلاته الثائرة ولم تعترض أو تبتعد حتي، لا مجال للابتعاد فهو عبث بقلبها وبمشاعرها كما أراد
جعلها ليست باردة بل تجاريه في جنونه الذي راق لها فهي تريده لن تنكر انها تشعر بالرغبة في ترك نفسها بين ذراعيه ولا يهمها النتائج، عاد مرة أخرى الي شفتيها ليزداد عناقهم الحميمي وبادلته تسنيم قبلته حتي انه خلع التيشيرت الخاص به ليصبح عاري الصدر ثم استكمل في جنون عشقه يريدها وبشدة وهي استسلمت له أكثر..
لم يتحدث مروان بسخافة أو مرح ليفسد ما يحدث، أو أن تفصله تسنيم بكلماتها الحمقاء، تركوا قلوبهم النابضة أن تتعامل وتتصرف بعشق يخلو من أي عوائق، كانت في تلك اللحظة لا يريدوا اي كلمات، فهما يسيئوا استعمالها ويفسدوا تلك اللحظات