اخر الروايات

رواية ميراث الندم الفصل الثامن عشر 18 بقلم أمل نصر

رواية ميراث الندم الفصل الثامن عشر 18 بقلم أمل نصر


 

 بابتسامة منتشية تقلب في شاشة الهاتف، وتتمعن النظر بكل صورة على حدا، وابتسامة ثغرها تزداد اتساعًا، بل واحيانًا بالضحكات البلهاء غير مبالية بهذه المرأة التي تقف قبالها، يغمرها الزهو بمتابعة ردود ألأفعال المرتسمة على ملامحها، ودافع الطمع داخلها يزداد.

– هاا يا ست الناس، عجبتك الصوره صح؟ عشان تعرفي بس شطارة نفيسة، وانك لما اعتمدتي عليها، كان أفضل اختيار منك.

رفعت فتنة رأسها إليها بملامح تبدلت للإمتعاض، وقد فهمت مقصدها، لتعقب لها بتقليل:
– ليه يا ختي؟ كنتي اتولدتي مصورة فتوسيشن من بتوع الايام دي؟ بطلي هويل يا نفيسة عشان مجلبش عليكي من أولها، دي حاجة اجل من العادية يا حبيبتي، اي عيل صغير هيلجط احسن منها كمان، فبلاش منها النفخة الكدابة دي.

– لا والله يا ست ما هي نفخة كدابة، طب بذمتك يا انتي، أنه عيل ده اللي هتجدري تكلفيه بمهمة زي دي؟ دي حاجة واعرة جوي ، وتطير فيه رجاب….

تلفظت قولها بخبث استدركته الأخرى لتحدجها بنظرة نارية خطرة قادرة على احراقها حية، لتجعلها تنكمش على نفسها برعب جلي، تلجم فاهاها عن التفوه ببنت شفاه، حتى خرج صوتها بتهديد وشر:

– امسكي لسانك الحلو ده يا نفيسة، بلاش تخليه فالت زي سيرتك كمان…. لاحسن يجيبلك الاَذية وانتي مش ناجصة لط.

ابتعلت ريقها المذكورة، تُظهر طاعة ظاهرة، لتجنب نفسها شر هذه المجنونة والتي تابعت بلهجة اخف بعد ذلك:

– انا مش عايزة اخوفك مني، انا بس عايزة انبهك عشان تاخدي بالك، انما انتي حبيبتي الغالية، دا كفاية الحاجات الحلوة اللي جبتهالي دي، تستاهلي عليها مكافأة صح.

ارتخت معالم الأخيرة وسأل لعابها مع ذكر المكافأة، لتردف بتملق:
– صح يا ست الهوانم، انا عارفاكي طيبة وكريمة مع أي حد يخدمك، خصوصًا بجى لما يبجى الحد ده جايبلك الحاجة اللي بتتمنيها من زمان، ولا ايه؟

استجابت لها بنصف ابتسامة، لتعود للنظر في الشاشة، وقد اشتدت تعابيرها، تردد بحقد:
– الا من زمان، دا من زمان جوي كمان، المحروسة اللي عاملة نفسها الملكة المتوجة علينا في البيت، تأمر وتنهي والكل يطيع واكنها منزهة عن الغلط، واخدة حظها وحظ غيرها، واكن الأرض مجابتش الا هي، كبرت وهتعدي التلاتين وبرضك احسن فرص بتجيلها، واد عمها اللي تتمناه أي بت في البلد، جاعد مربوط في انتظار اشارة منها، حتى بعد ما فسخت خطوبتها منه، ورفضته بدل المرة الف، برضوا جاعد مستني، اخوها، اللي اسمه جوزي، مكبرها عليا ولا اكنها اميرة في برج عالي، تعمل اللي هي عايزاه، وترفض على كيفها، وبرضوا صابر عليها، وجال ايه؟ واثق في رأيها، عشان هي العاجلة المثقفة، اللي مفيش منها، وانا الجاهلة ام دبلوم ام عجل ناجص، طب اهي بانت على حجيجتها اهي، بجى في واحدة مأدبة تعمل كدة؟

– لأ طبعا يا ست الناس، هي اكيد اللي ضميرها عفش وياكي وعشان كدة ربنا ظهرلك حجيجتها، بس انتي هتعملي ايه دلوك؟

عقبت بها نفيسة بخبث، وقد اشتعل خيالها المريض، بمادة خصبة تبني عليها طموحها في كسب المزيد من الأخرى، والتي طالعتها بحيرة:

– مش عارفة، بس انا هموت واكشفها، أديكي شوفتي بنفسك، كد ايه هي لئيمة ومحدش بيعرف يمسك ذلة عليها، انا بجى عايز الكل يعرف حجيجتها، اعملها ازاي دي؟

اشرق وجه نفيسة، والتمعت عينيها بشغف لتخبرها بالحل الألمعي:
– دي حاجة ساهلة خالص عند محسوبتك، انتي بس اديني الاشارة وانا اخلي البلد كلها……..

– لأ بلد مين انتي كمان؟
قاطعتها لتتوقف فجأة بتفكير:
– بصي…… عشان عايزاكي تفهميني زين……. انا غرضي اكشفها جدام العيلة، يعني يعرف جوزي، عمي يامن وولده عارف، ابويا واخويا، مش الأمر يتعدى الحدود أكتر من كدة، ما هو يعني مين في البلد دي تاني هيهمني يعرف ولا اعمله جيمة اصلا.

عضت نفيسة على باطن خدها من الداخل، تخفي حنقها الشديد من هذه المجنونة المتغطرسة، تذكر نفسها بالمال الذي تعشم نفسها بالحصول عليه منها. وهي على استعداد لفعل أي شيء من أجله:

– واللي يحججلك كل اللي جولتي عليه ده بالظبوط، تديلوا كام؟

تحفزت تجيبها بحماس أسعدها:
– اديلوا اللي هو عايزه؟.
تبسمت نفيسة باتساع وقد حصلت على مبتغاها:
– حلو جوي، يبجى احنا كدة اتفجنا.

❈-❈-❈

في السيارة التي كان يقودها رجله الامين، بسيوني، وقد احتل هو مقعده في الخلف، بعد عودته من زيارة هامة لأحد نواب مجلس الشعب في البلدة المجاورة، للتفاوض معه على إحدى الأمور الهامة بمصالح العائلة هناك قبل سفره، وقد تمكن من الانجاز معه في وقت قياسي، بفضل الخبرة التي اكتسبها من جده، في مرافقة الكبار ، فلابد من الاحترام المتبادل، وألا يستهين بأحد مهما كان وضعه.

رجل العائلة، هذا اللقب الذي حصل عليه من الجد الأكبر، حينما قرر ان يخلفه في تحمل المسؤلية من بعده، متحديًا الجميع، وقد نجح هو في اثبات جدارته، ليُخمد للأبد كل الاصوات التي كانت معارضة له في البداية.

أما عنه! ف أين هو؟ أين نصيبه من الحياة؟ فما فائدة الهيبة مع التعاسة؟ وما فائدة الترف المادي مع فقر الحظ؟ ليته ما قبل بقرار الجد، ليته ما وقع عليه الاختيار من الأساس، ليته اكتسب نفسه وسعادته، حتى لو كان فاشلًا امام الجميع.

قطع حبل افكاره فجأة منتبهًا على خروج إحدى النساء من الباب الخلفي للمنزل الكبير، لفت انظاره سرعتها في العدو واضطراب خطواتها، حتى شك في شخصيتها:

– بسيوني…… مش هي دي البت نفيسة برضوا ولا انا خربطت؟
بنظرة واحدة منه، عرفها الأخير، ليجيبه بتأكيد:
– لا طبعًا يا كبير مخربطش، هي نفسها مضروبة الدم، بعرجوب رجلها الناشف، ودي حد ما يعرفهاش برضوا؟
تلاجيها جاية تطلب حسنة ولا حاجة؟

– تطلب حسنة!
غمغم غازي باستغراب داخله:
– وايه اللي يخليها تطلع من الباب الوراني للبيت؟ مش مكديها الباب الكبير؟ اما عجايب دي والله.

❈-❈-❈

في طريقه نحو باب المنزل الداخلي تفاجأ بها، اَتية أمامه من الجزء الخلفي للمنزل، تحمل بيدها ابنها الذي كانت مندمجة في مداعبته او المزاح، لا يعلم، ولكنها كانت تضحك بملئ فمها، حتى ان وجهها البيضاوي كان مشرقًا، ونضرًا، وجميلًا بصورة مؤلمة، وهو لا ينقصه.

استجمع قوته من الداخل ليكمل طريقه محددًا الهدف دون الالتفاف يمينًا أو يسارًا، فقد اتخذ القرار وانتهى، ليعود الى حياته، مكتفيًا بنصيبه مع زوجة فُرض عليه إكمال حياته معها، بفضل الرابط الواحيد الذي يجعله مواصلًا، فتياته الصغار، فليضحي براحة البال من أجلهن.

تخطى وكاد ان ينجح ولكن وبوسط المسافة وصله صوت الصغير الذي تعلم حديثًا بعض الكلمات على يديه:
– عمو…. يا عمو خازي.
توقفت قدميه دونا عن ارادته، عقله يأمره بالتحرك، ولكن قلبه فرض القرار على باقي اعضاء الجسد، ليلتف نحو الصغير، متجنبًا النظر إلى والدته والتي اضطرت لإنزال ابنها الى الارض، بعدما اجبرها على ذلك، بمحاولاته العديد في التملص، حتى يركض نحوه وقد فتح له الاَخر ذراعيه، في دعوة تلقفها الصغير كالعادة وبكل ترحاب.

ضمه اليه باشتيقاق جعله يتنفس رائحته للحظات، قبل ان يرفع رأسه يحيها بالإماء بذقنه كتحية عادية، قابلتها بالرد الروتيني، رغم استغرابها جموده، لتواصل طريقها نحو استراحتها، تنتظر ابنها في الداخل، وقد تجاهلها الأخر بالإندمداج مع طفلها، يعطيها ظهره عن قصد

التقط انفاسه اخيرًا، حينما سمع بصوت فتح وغلق باب الاستراحة، يعلم الله كم الجهد الذي بذله ليعاملها بهذا البرود، ولكنه مع التدريب المستمر سوف ينجح، لابد له أن ينجح.

جلس بالصغير متربعًا على الأرض، أسفل إحدى الشجيرات الكبرى بجانب السور، غير عابئًا بمظهره ولا بتغبر ملابسه الباهظة، يتحدث معه وكأنه يفهمه:
– بس انت ملكش دعوة يا معتز، انتي حبيبي وصاحبي، وانا لو خلفت عشر ولد هتبجى انت اغلاهم، سامعني يا باشا، اغلاهم.

❈-❈-❈

حتى وبرغم مرور يومين على مجيئه، ما زال المنزل مزدحم بالأفراد من البشر التي تأتي وتذهب دون توقف، للتهنئة بعودته، لقد تمكن من الخروج بصعوبة منذ ساعات والاَن؛ لا يعلم كيف له يدخل بحالته المزاجية السعيدة هذه لينغص على نفسه بتحمل هذا او ذاك من مدعي المحبة الجديدة عليه، لذلك تحركت قدميه على الفور وبدون تردد ليدلف المنزل من الباب الأخر،

بفمه كان يُصفر انغامًا لأغاني يعشقها، يضع كفيه في جيبي بنطاله وكأنه عاد مراهقًا، ابن الثامنة عشر،

– اول مرة تحب يا قلبي، هي دي اول مرة برضوا يا عمر؟
عقبت بها جميلة ضاحكة، وقد فهمت على كلمات اللحن الذي كان يدندنه، لتنهض عن العمل الذي كانت تقوم به في تنظيف الطيور الذي تم ذبحها وسلقها بالماء الساخن، لتجهيزها في وجبة الغداء،

وتابعت بخبث غير ابهة بنظرات الفتيات من ابناء شقيقاتها الاَتي كن يساعدن معها:
– ياريتها جات الطلعة الحلوة دي من اول ما وصلت، عشان نشوف الوش المنور ده.

جلجل بضحكته حتى مالت رأسه للخلف، ثم داعبها يلاعب حاجبيه أمامها بعبث جعلها تشهق فاغرة فاهاها بشغف، لا تطيق الصبر على المعرفة، فطالعته باستفهام تسأله بخفوت:
– ايه؟ انا عايزة اعرف الأخبار.

هم ليزيد بمناكفتها، ولكن اوقفه الصوت المفاجئ لهذه الفتاة التي اقتحمت منادية:.
– خالة جميلة انا جيبت فروجتين.

اجفل عمر برؤيتها امامه مباشرة، تحمل بيدها دجاجتين، مخاطبة شقيقته بلهفة، وابصارها منصبة عليه:
– خليت الفرارجي وزنهم بالمظبوط عشان ميضحكش عليا في التمن .

بهت امام تحديقها المباشر به وتسمرها امامه، حتى ود ان يسألها، ان كانت تريد منه شيئًا، ولكن منعه تدخل شقيقته والتي اقتربت تتناول الدجاجتين، مربتة على ذراعها بحزم:

– براوة عليكي يا هدير، شاطرة يا حبيبتي، روحي ياللا ساعدي البنتة هناكة، عندينا عزومة كبيرة لناس حبايبنا جم عندنا النهاردة في زيارة عزيزة .

حينما ظلت على تصلبها، شددت جميلة لتدفعها دفع:
– يا للا يا حبيتي اتحركي، ربنا يرضى عننك.

استفاقت اخيرًا لتردف لها بلهفة وهي تحرك قدميها بصعوبة:
– من عنيا يا خالة جميلة، من عيوني الجوز، انتي تؤمري، هعملك أحلى طبيخ.

كانت تردد بالكلمات ورأسها ما زالت ملتفة للخلف، حتى كادت ان تصطدم في الجدار الفاصل بين المطبخ المفتوح والردهة، ولكنها لحقت تتجنبها، قبل ان تأخذ مقعدها بجوار الفتيات، وتساعدهن في نزع الريش عن الطيور.

ليُعقب عمر بابتسامة ملوحًا بكفه امام شقيقته:
– مالها دي؟
ضحكت جميلة تجيبه:
– عيلة يا عم ما تخدش عليها، مش عارف انت عمايل البنتة في السن ده؟ المهم بجى خلينا في اللي احنا فيه، عايزة اعرف كل الاخبار، فرحني وبشرني بالجديد.

❈-❈-❈

بهمة ونشاط غير عادي، غلقت له حقيبة السفر التي حشرتها بالملابس المختلفة، لتناسب جميع الاوقات معه في الأيام اللي سيغيب بها، وبنفس السرعة دنت تتناول الحذاء تلمعه جيدًا، وتتحدث باهتمام جديد عنها:

– خلي بالك يا غازي، اوعى تنسى انك تتصل وتطمني عليك، مع اني شايفة انك تأجل للصبح احسن، اصل سفرك دلوك، معناه انك هتوصل وتشتغل على طول وانت اساسًا هلكان من مشوار نايب الزفت اللي جمبينا، ودا تعب عليك يا حبيبي

– حبيبي.
غمغم بها، غير مستسيغًا اللفظ منها، وقد تفوهت بها اثناء الكلام وكأنه شيء عادي، مالها اليوم مختلفة عن كل يوم .

نفض رأسهٍ ليعود لمراَته يمشط بالفرشاة على الشعر المبتل، بعد استحمامه، حتى اذا انتهى وجلس ليرتدي حذائه، وجدها تجلس ملتصقة به، قائلة بنعومة واضعة كفها على عظم كتفه:

– اوعي تكون لساك شايل مني يا غازي، انتي عارفني، بجوم بجوم، وانزل على مفيش، دا انا هبلة واللي في جلبي لساني ودا اللي بيخلي الناس تفهمني غلط .

ضيق عينيه بريبة يريد توضيحًا أكثر:
– عايزة ايه يا فتنة؟ جيبي من الاخر، ميعاد طيارتي على وشك.
ابتعلت تظهر امامها الارتباك، لتردف بأسف:
– انا بصراحة مش جادرة انام من امبارح، حساك زعلان
ومولي وشك عني، من ساعة يعني…. ما فضفضت جدامك بالكلمتين بتوع نادية، وجوزها المرحوم…..

– خلااااص.
قطع بحزم يوقفها من البداية حتى لا تعاود الخوض في نفس الحديث.
– جفلي ع الموضوووع…… مش عايز نص كلمة تاني.

ولدهشته وجدها تومئ بطاعة وانصياع:
– امرك يا حبيبي، انا بس كنت عايزة اعرفك اني حاسة بالندم….. لأن مهما كان يعني، محدش يجيب سيرة الميتين بحاجة عفشة، حتى لو كان الأمر يخص ناس عايشة متستاهلش.

بعبارتها الأخيرة وفهمه لمقصدها، غزت ابتسامة ساخره ثغره، فقد اطمئن الاَن ان من يحدثه هو زوجته، وقد ظن لوهلة انها تبدلت لمرأة أخرى لا يعرفها، ولكن عقله اليقظ سرعان ما تحركت به الظنون، ليردف محذرًا:

– اسمعي يا فتنة، مش عايز اعيد ولا ازيد في الكلام من تاني، عايز اسافر وارجع في هدوء، لا اسمع عن مشاكل ولا أي حوارت….

– خبر ايه يا غازي؟ ما انا بكلمك اها وبجولك اني اسفة، وليكي عليا يا سيدي، البت دي لو شتمتني حتي ما هرد عليها، ما هي مهما كان برضوا ضيفة عندنا، وانا عشان عيونك اتحمل.

ذوى ما بين حاجبيه بتوجس حقيقي هذه المرة، يطالعها بشك، وشيء من عدم الارتياح يتسرب داخله، انثي ناعمة وتلاطفه بكلمات الحب! هذه ليست فتنة

❈-❈-❈

– غازي.
هتفت توقفه فور هبوطه الدرج، من طابقه الثاني، بعد انتظارها له على احر من الجمر، من وقت عودتها وعلمها باستعداده للمغادرة،
حينما انتبه، والتف اليها باستفهام، أجابته على الفور:
– عايزاك في كلمتين.

تبسم بمرح يلوح له بالساعة الملتفة حول رسغه:
– كلام ايه يا محروسة دلوك؟ ميعاد الطيارة جرب .
– هما دجيجتين بس، والله ما هزود، اصلهم كمان مينفعش يتأجلوا، ارجوك.
هتفت بها بالحاح أجبره على النزول لرغبتها ، حتى سحبته معها داخل غرفتها لتخبره على عجالة بطلبها.

– عريس ليكي انتي؟ كيف يعني؟
سألها قاطبًا بعدم فهم، فخرج ردها بحماس:
– ايوة عريس يا غازي، اخته كلمتني من شوية، وجالتلي على طلب اخوها، بس انا بلغتها ان انت مسافر، راحت هي مشددة انها لازم تيجي تزورنا هي وامها عشان يجابلوا جدتي على ما جيت انت من السفر.

– دول مستعجلين جوي
– ايوة والله مستعجلين، امال انا بكلمك ليه؟ ما عشان اخد منك رد اريح بيه الناس على ما تاجي انت من سفرك.
– ومالك فرحانة جوي كدة وهامك الموضوع؟

قالها بخبث جعلها تطرق رأسها عنه بخجل اسعده، ليضف بمرح بعد أن اوقعها في الفخ:
– والله وحصلت يا ولاد، البرنسيسة روح، بتخبرني بنفسها عن عريس متجدملها، لا وكمان فرحانة! ايه اللي جرا فيكي يا دنيا؟

– وه، يا بوي عليك يا غازي لما تطلب معاك غلاسة

تمتمت بها بأنفاس متلاحقة، تشيح بوجهها عنه، باضطراب بدا جليًا على ملامحها، حتى أثارت بفعلها ضحكة مجلجلة من شقيقها الذي كان مسمتعًا برد فعلها، لا يصدق انه أتى هذا اليوم، ليجد هذه العنيدة تنزل من عليائها، لتخبره بلهفة عن طلب أحدهم للزواج منها،

– دا لازم واد مفيش منه، مين سعيد الحظ ده اللي واخد رضا امه؟

رفعت رأسها ترد بابتسامة مستترة:
– رغم اني حاسة في كلامك بنبرة تريجة، لكن مش مهم انا برضك هجاوبك عشان الوقت، سعيد الحظ اللي بتجول عليه دا يبجى اخو جميلة صاحبتي، اسمه عمر.

– المتغرب بجالوا سنين؟
– لا ما هو رجع دلوك، مش بجولك اخته هي اللي جالتلي.

زوى ما بين حاجبيه قليلُا يتذكر هذا الشاب الذي تصادف برؤيته عدد من المرات لا يتذكر منها الاَن سوى القليل، وبظروف سفره التي تعدت السنوات، اضحت ملامحه في ذاكرة عقله مجرد رتوش، ولكن يبدوا ان الامر به أهمية هذه المرة، مدامت شقيقته تعطيه اهتمام، والتي تقف مترقبة له الان في انتظار رأيه، ود لو يلاعبها قليلُا ولكن وقته لا يسمح.

تحركت قدميه نحو الذهاب ليردف لها على عجالة:
– خلى الحريم ياجو، وكإنها جلسة حريم عادية وعلى ما ارجع انا من سفري، يبجى لينا كلام مع الرجالة.

❈-❈-❈

خرجت من الغرفة، تحمل بيدها هذه القطعة الغريبة عن باقي الملابس ، بعد أن وجدتها في زاوية وحدها، بعيدا عن القطع التي تعلمها جيدا، لترفعها امامه سائلة بفضول:
– ايه دي يا فايز؟ جلبية جديدة؟
توقف فمه عن المضغ لحظة لا تتعدى الثواني، ثم ما لبث ان يجيبها على عجالة وهو يتابع تناوله وجبة العشاء مع اولاده:

– ايوة جديدة، جيبتها امبارح عشية.
اعتلى ملامحها استنكار واضح لتردف بغيظ مكتوم وهي تتفحص الجلباب جيدًا:
– يا ما شاء الله عليها دي جماشتها زينة وبتلمع كمان ، شكلها حتة نضيفة مش اي كلام يعني، ودي اختيارك بجى، ولا اختيار الخياط اللي دفعلته شيء وشويات عشان تفصلها يدوي كمان، واضح الصرف فيها صراحة، كلفتك كام دي على كدة؟

نهض فجأة يخطفها من يدها معنفًا:
– اييييه؟ انتي هتعملي للجلبية فحص، ما تكلف زي ما تكلف، ولا دي اول مرة تشوفي فيها جلبية مفصلة يدوي وعليها الجيمة.

تخصرت امامه غير اَبهة بأنظار الاولاد المتابعة لهما، تردد:
– لاه مش اول مرة يا فايز، لكن الحاجات الغالية دي، انت معملتهاش غير مرة ولا مرتين من ساعة من اتجوزتك، الباجي كلها جلابيب عادية على كد فلوسك زي ما بتجول، تجدر تجولي فرجت امتى عليك دلوك عشان تجيبها؟ ومنين؟ وانت عارف بالاجساط المكومة علينا من كل ناحية، طب سد الشهور المتأخرة الاول وبعدها اعمل ما بدالك.

لم يكن اقل منها تحفزًا في الرد بغضب:
– وانتي مالك انتي؟ فرجت منين ولا سويتها بكام؟ هامك جوي الاجساط المتكومة، ما هو كله منك، تسحبي من البياعين وتجيدي عليا، اشي هدوم واشي مفارش للبيت على اجهزة كل شوية تجدديها، وكله على جفايا، لا بتسدي ولا بتنيلي، يبجى تحطي مركوب في خشمك، اجيب مجيبش، ملكيش دعوة……

تسمرت جاحظة العينين امامه بصدمة زاد عليها، حينما دفعها فجأة من أمامه متمتمًا:
– واوعي كدة خليني اعدي، سادة الطرجة بجسمك الضخم ده.

تبعته بانظارها وهو يتخطاها بكل برود، ذاهبًا للغرفة التي خرجت هي منها، وقد تدلى فكها بشدة، لا تستوعب فعلته، لقد زجرها دون أدنى تردد، ولم يعطيها فرصة حتى للرد عليه، وكيف تفعل؟ وقد تبدل لرجل اخر لا يطيق لها كلمة، وكأنه قد زهدها، ولم تعد به حاجة اليها، هذا ما استنتجته الاَن وبقوة.

التفت براسها وقد تذكرت الأولاد على طاولة الطعام، وصورتها امامهم، والتي وضح تأثير ما حدث على اكبرهم وبكل وضوح، مالك ابنها الذي كان مضيقًا عينيه امامها بغموض يزيدها ارتيابًا وتخوفًا أيضًا.

❈-❈-❈

بسأم يجاهد في اخفاءه، ليتحلى ببعض الزوق، مجبرًا نفسه على الإنصات، وسماع الترهات في حديث منتهي من الأساس، لا جدوى منه، غير متقبلًا للإقتناع به، وهو يعلم بمن هو الأحق.

– ها يا واد عمي، ناوي تساعدني؟
– اساعدك في ايه بالظبط يا ناجي؟
سأله بجفاء لم يوثر به، فخرج رده بتشدق:

– وه يا عارف، يعني عمال بحكي وبشكى بجالي ساعة، عشان تيجي انت دلوك وتعمل نفسك معرفش، خبر ايه يا عمنا، ما تفتح مخك كدة، وتعرف انا غرضي ايه؟

ردد معقبًا خلفه باستنكار:
– اه يعني ولما افتح مخي معاك واعرف بغرضك، تجدر تجولي انا في إيدي ايه عشان اساعدك؟ لا انا اخوها ولا ليا اي اختصاص بيها، ثم تعالى هنا بجى ومتزعلش مني، واحدة رافضة الجواز وسيرته من الاساس، ما نسيبها يا سيدي في حالها.

– كيف اسيبها في حالها يا عارف وانا هموت عليها من زمان وما صدجت الفرصة جاتني؟ بعد ما بجت حرة والطريج بجي مفتوح، يا راجل دا انا جولت ان انت اكتر واحد هتحس بيا، دونا عن الناس كلها.

التوى ثغره بامتعاض واضح، وقد وصله مغزى ما يقصده هذا المعتوه عن عشقه اليائس من ابنة عمهما التي اتعبته في الركض خلفها دون امل، وهو الشيء المختلف تمامًا عن رغبة قوية يتمسك بها فرد مثل ناجي، ويحترق حتى ينالها.

– طب وعشان انا بجى حاسس بيك، انصحك تشيلها من مخك خالص، عيش حياتك احسن، دي واحدة عايشة على اطلال اللي راح، مالك انت بيها؟

لون كلماته بغرض النصح، ولكن الاَخر لم يتقبل:
– يعني ايه مالي بيها؟ هي دي برضوا مساعدتك، اجولك كلم واد عمك عشان يأثر عليها، وانت تجولي سيبك منها، مكانش العشم يا عارف .

لم يتحمل الاَخير، حتى فاض به منفعلًا:
– ما انت اللي كلامك مستفز يا عم، بتجولي اكلم غازي اللي هي جاعدة عنده ضيفة، طب بذمتك دا كلام يُعجل؟ دا كدة ممكن تفتكر انها ضيفة تجيلة ع الراجل،
ولا يكونش عايزو يشد عليها ولا يفرض رأيه كمان؟

– وه، انا جولت كدة يا عارف؟
– لا مجولتش، بس بصراحة دا معنى كلامك.

دافع يردف بالكلمات الحانفة، ولكن عارف تجاهله عن قصد، ليرى محتوى تلك الرسالة التي وردت اليه في اللحظة، انتفض فجأة بوجه شاحب، جاحظ العينين بغضبٍ اعتلى تعابيره، حتى انتبه عليه الاخر يسأله:
– إيه مالك؟ شوفت خبر عفش ياك؟

نفى بتوتر ليتحرك بقدميه مغادرًا:
– عن اذنك يا ناجي، نكمل كلامنا في وجت تاني.

تطلع الاَخير في الفراغ الذي تركه ابن عمه بذهابه، ليغمغم باستغراب:
– ولا اكنه شاف نصيبة في التلفون، يا ترى ايه اللي حصل؟
لم يكمل تساؤله، حتى ورد على هاتفه هو الاَخر نفس الرسالة، وتأتيه الاجابة سريعًا،
ليعلق بسخرية متمعنا النظر في شاشة الهاتف:
– وه وه، دا انت عندك حج تتخطف وتتسرع على كدة يا عارف، اما دي حكاية يا ولاد

❈-❈-❈

في شقته في العاصمة

وبعد ان غفى قليلُا، استيقظ على صوت الهاتف الذي كان يدوي بصخب بجوار رأسهِ حتى اجبره على الإستيقاظ، ليتناوله من فوق الكمود، يجيب عنه وهو يعتدل على الفراش:

– الوو…. ايوة يا فتنة .
– الوو…. ايوة يا غازي، كدة برضوا متتصلش بيا ولا تبلغني بوصولك؟

برغم استغرابه لهذا الاهتمام المفاجئ إلا أنه أجاب، متجاهلًا هذه الشعور بعدم الارتياح، لربما كان هذا تمهيد منها لتصلح من نفسها، وهو لن يخذلها، فسوف يحاول ايضًا:

– انا وصلت ع الإجتماع على طول، شريكنا الأستاذ يوسف بهنسي، ما صدج ولجاني جدامه، ما سبنيش غير عشان اريح جسمي.

تثائب بصوت عالي ثم نهض يفرد ويثني في ساعديه وباقي أعضاءه، ليفك عنه تشنج عضلات جسده، والتي تيبست قليلُا بنومه، مستمعًا لها وهي تردف بتردد:

– اااه، يعني على كدة انت ماكنتش فاضي خالص عشان تتصل ولا حتى تبص ع التليفون؟!

فهم مقصدها انه عتاب، فرد بسجيته:
– يا بت بجولك والله ما فضيت، ع العموم بس اخلص المشوار اللي ورايا دلوك واتصل بيكي على ما ارجع ، حتى عشان اكلم البنات.

– فتنة!
هتف منايا باسمها حينما لم يسمع لها صوتا، حتى ردت بارتباك:
– ايوة يا غازي سمعتك.
– طيب يا ستي، هجفل معاكي دلوك عشان اللحق اتسبح جبل ما يوسف يطب فوج راسي، ورانا اجتماع مهم مع عميل،

– ماشي يا غازي…. فهمت…. طب تبجى تتصل عاد، ومتنساش.
– لا مش هنسى، هرن واتصل….. هو انتي عايزة حاجة يا فتنة؟
– ها… لا… لا يا غازي انا بجولك عشان اطمن عليك يا حبيبي

– تاني حبيبي؟!…..
غمغم بها قبل أن ينهي معها المكالمة، ثم تحرك نحو المرحاض، بخطواته المجهدة، وحدسه يخبره انها كانت تنتظر شيئًا ما منه، رغم نفيها ذلك، والدليل تقطع الكلمات منها وخروجها بدون تركيز.

اما عنها فقد كانت تعض على شفتيها بغيظ مكتوم، تهز قدميها بتوتر شديد، فقد تأكد لها الاَن انه لم يرى الرسالة، لقد ودت ان تكون هي اول من يسمع منه، بل وترى رد فعله حينما يصدم بما يراه، ليعلم بحقيقة مدللته، أو كما يسمها شقيقة روحه.

هذا الهدوء في الأجواء يزيدها توترًا وغضبًا، وهذه الملعونة تمارس حياتها الطبيعية، فلا يوجد بشائر لأي شيء حتى الاَن، لنتيجة تلتمسها على أرض الواقع.

دارت الظنون برأسها، حتى تناولت الهاتف لتتصل، بهذه المصيبة شريكتها في الأمر:
– أيوة يا زفتة، انتي متأكدة انك بعتي الصور لنفس الأرقام اللي خدتيها ولا لاه؟

على الفور جاءها الرد:
– أيوة يا ست هانم والله، ما سيبتش رقم

❈-❈-❈

وفي خلف المنزل ، في هذه البقعة الخالية من الجميع ، كانتا الاثنتان، يفترشان الارض حول منقل الشواء الصغير، حيث كانتا تضعان عليه بعض قناديل الذرة، التي يتم شويها، مع الاستمتاع بالهدوء الذي يعم المكان حولهما، والهواء النقي في هذا الوقت رغم البرودة الطفيفة، وأحاديث انثويه لا تنتهي:

– يعني مجولتيش برضوا يا ست نادية، انتي لما اتجدملك المرحوم، كان ايه ساعتها رد فعلك؟ كنتي هتطيري من الفرح؟ ولا ايه كان شعورك بالظبط؟

تبسمت تجيبها بوجه مشرق، وقد عادت بها لهذه الذكريات الجميلة:
– أكيد طبعًا كنت فرحانة، وكلمة هطير دي حاجة جليلة بالنسبة للي كنت حساه وجتها ، اصلي بصراحة مكنتش متوقعة، الواد الحليوة اللي كل البنات هيتجنوا عليه في المدرسة، ساب الكل ونجاني أنا، تخيلي بجى احساسي.

– اممم، طبعا احساس يجنن، بس يعني، معجول مكنتيش حاسة بإعجابه ده؟ ولا شوفتي أي اماره، تبينلك إنه مهتم؟

قالتها روح بشقاوة، جعلت الأخرى تزداد خجلا، وسخونة اللهبت وجنتيها لتضيف على تأثرها بدفء حرارة الفحم المشتعل، تعطي ابنها أحدهما الذي نضج سريعًا، وذهنها يعود بالصور القديمة بذاكرتها:

– بصراحة كنت حاسة وواخدة بالي هكدب يعني، اما كنت اعدي بالمريلة الكحلي، وهو واجف جصاد سور المدرسة، عيونه عليا، يبرطم بكلام، اقسم بالله ما كنت بفهم منه حاجة، المهم انه كان بيعمل الحركة دي ويخليني غصب عني ابص له بعبطي….

قالتها بعفوية جعلت الأخرى، تنطلق ضاحكة لمدة من الوقت ولا تستطيع التوقف، حتى خرج صوتها:
– يا عيني دا انتي كنتي على نياتك، وهو كان عفريت وبيعرف ازاي يلفت نظرك.

– هو فعلا كان كدة .
قالتها تخرج تنهيدة من العمق، تضم ابنها بقوة ، تشتم رائحة الفقيد به، لتردف بشجن:
– عدت عليا الأيام كانت زي الحلم، سعادة انك تكوني متجوزة واحد بتحبيه وبيحبك، دي أحلى حاجة في الدنيا، وخصوصا لما يبجى حنين زي شخصية المرحوم، احلى دلع واحلى كلام واحلى كل حاجة والله.

وكأنها كانت تعزف على لحن اشواقها، وهذه الامال التي تداعب خيالها، والاحلام التي تجددت الاَن، وقد أوشكت على القرب منها، حتى رددت لها بتمني:
– ياااه يا نادية، ياااه دا لو يحصل؟ نفسي بجى ، نفسي ومنى عيني والله، انا اتجدملي كتير، كتير جوي كمان، ودايما كنت برفض، عارفة ليه؟ عشان الإحساس اللي بتجولي عليه ده، مجدرش اتجوز عشان لازم اتجوز، بحسها بالظبط زي اللي بياكلوا عشان الاكل حلو وخلاص…… عندي اكلها عيش وكمون، بس اكون حابة الأكل ده.

– ربنا يكرمك يارب
تمتمت بالدعوة التي أممت عليها الأخرى، وهي تتمعن النظر اليها جيدًا، وفضول استبد بها، لتسألها:
– روحي انتي حبيتي حد جبل كدة؟

وقبل ان تجيبها او تفكر حتى في الرد، قطع عليهم صوت الهاتف، الذي دوى باتصال أحدهم.
ردت نادية على الفور:

– الوو،… اهلًا يا خالة وجدان.
ردت الأخرى على عجل:
– اهلا بيكي يا نادية يا بتي، معلش لو روح جاعدة عندك ممكن تديهاني؟
– جاعدة جمبي كمان، استني اديها التلفون.
– ياريت يا بتي الله يخليكي.

تناولت الأخرى منها الهاتف على الفور تجيب على شقيقتها الكبرى:
– الوو يا جوجو، لحجت اوحشك؟ دا انا امبارح كنت عندك؟

فاجئتها بردها الجاف الغاضب:
– مش وجت جوجو ولا أي جلع يا بت ابوي، انتي ليه مبترديش ع التلفون؟ بجالي ساعة برن عليكي،

اجفلت لهذه العصبية المفرطة منها، حتى أجابتها بقلق:
– التلفون مش معايا، نسيته في الأوضة، انا جاعدة بشوي درة مع نادية زي ما كنا بنعملها زمان ، انا وانتي وبجية اخواتك……

– مش وجت درة دلوك .
هدرت بها مقاطعة بحدة، لتتابع بتشديد:
– تطلعي دلوك على اوضتك على طول، وتشوفي اللي باعتهولك انا من تلفوني على تلفونك، اخلصي ياللا مفيش وجت.

بمزيد من الارتياب سألتها:
– طب انتي بعتالي ايه طيب ما تجولي؟
– لا هجول ولا أعيد، اخلصي بجولك، انا معنديش وجت للأخد والرد، خلينا نشوف الموضوع ده.

بصياحها الاَخير، اضطرت ان تزعن لرغبتها ، تستأذن نادية ان تسبقها الإنصراف، حتى تقف على ما تقصده شقيقتها، فهذه اول مرة تعاملها بهذا الإنفعال،
– لمي انتي كل حاجة يا نادية، وانا بس اشوف وجدان عايزاني في ايه؟ واجي اكمل السهرة عندك ان شاء الله.

ردت بتفهم، رغم القلق الذي تسرب اليها هي الأخرى:
– تمام روحي، وان شاء الله خير.
– اللهم امين.

تضرعت بها على عجالة، لتأخذ طريقها على الفور نحو المدخل الأمامي للمنزل، وكانت المفاجأة حينما وجدته امامها، يقف في وسط الردهة بالمنزل الكبير، وكأنه كان في انتظارها.
– مساء الخير يا عارف، انت واجف هنا مستني حد؟
– طبعا مستنيكي.
باغتها بالرد المفاجئ، ليزيد من دهشتها بهذه النبرة الغاضبة:
– شوفتي ردي طلع معاكي ايه؟ مستنيكي!…. وانتي مستينة مين؟ دا السؤال اللي طول الوجت بسأله لنفسي، لحد ما عرفت الإجابة النهاردة.

هتفت به تقابل غضبه بغضب أكبر:
– انت بتخترف بتجول ايه؟ ما تجيب من الاخر وتفهمني غرضك.

– اجيب من الاَخر وافهمك غرضي، تمام.
رفع الهاتف ليثبت الشاشة امام عينيها التي اتسعت بذهول، برؤية ما يلوح به، ليضيف سائلًا:
– ممكن بجى يا ست روح، تفهميني من الاتنين اللي في الصورة اللي جدامك دي؟

يتبع…



التاسع عشر من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close