رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل السادس عشر 16 بقلم سهام احمد
الفصل السادس عشر
دائما ماتخلق لنا الحياة صدف غير متوقعة، لكنها قد تكون ليست مجرد صدفة وستمر مرور الكرام، بل إنها قدر يختبئ وراء مسمى الصدف؛ حتى لا يمكنك من الفرار منه، القدر مكتوب وليس منه هروب فكن على استعداد دائما لمواجهة اقدارك.
اقترب فارس من عماد وثريا وامسك بعماد من عنقه يخنقه بغضب قائلا:
-انت بتمد ايدك عليها ليه، ازاي تتجرأ تمسك ايدها.
صرخت ثريا وهي تحاول تهدأتهم:
-فارس خلاص ارجوك سيبه.
أفلتت ثريا يد فارس التي اوشكت أن تطلع بروح عماد بصعوبة وفرقت بينهم:
-عماد امشي من فضلك امشي.
وجه عماد حديثه إلى فارس وهو يشير إليه بإصبعه:
-هانتقابل يا حيلتها.
كان فارس يريد أن يقتلع لسانه من فمه لولا ثريا:
-خلاص يا فارس كفاية.
-انتي ازاي تسمحي لواحد حيوان ذي ده يمسك ايدك.
-فارس هو مامسكش ايدي انت فهمت غلط.
-كمان بتبرري انا شايفك بعنيا وهو بيمسك ايدك.
-فارس خد بالك من كلامك انت اتجننت.
قام فارس بصفعها على وجهها بقوة وقال:
-انا هوريكي الجنان على اصله يا ثريا تعالي.
أمسك بها من زراعها بشدة يجذبها خلفه، أفلتت زراعها بقوة ونظرت إليه بضيق وهي تلتقط انفاسها بسرعة، وقامت برد تلك الصفعة إليه في الحال وقالت:
-اياك تتجرأ تمد ايدك عليا مرة تانية وإلا.
نظر إليها وامسك بكتفيها بقوة ودفعها إلى الخلف ثم قال بأسى وحزن:
-مفيهاش الا بعد انهارده يا ثريا، خلصت خلاص.
ذهب فارس يشطاط غضبا، بكت ثريا بقهر وكادت أن تفقد توازنها الى ان اتت صديقتها نايا وحاولت تهدئتها:
-اهدي يا ثريا خلاص اهدي، خدي نفسك براحة.
قامت نايا بتوصيل ثريا إلى منزلها بسيارتها، وعندما كانت تغادر رأت فارس بالصدفة وهو يمشي، سمع صوت سيارتها فنظر خلفه، توقفت وقالت:
-ممكن نتكلم شوية.
-نايا من فضلك.
-على فكرة مالوش علاقة بثريا، عايزة اتكلم معاك في موضوع مهم، يلا تعالى.
بينما كان يصعد فارس إلى سيارة نايا، رأته والدته ليلى من النافذة وشعرت بالقلق، يجول في خاطرها:
-من هذه الفتاة، وماذا تريد من ابنها؟ ودارت في رأسها الف فكرة وفكرة حول رؤيتهما معا.
بينما تقود نايا السيارة تحدثت إلى فارس وقالت:
-ايه بقا مالك مبوز ليه كده؟
-مش عايز اتكلم دلوقتي يا نايا، قوليلي انتي في ايه، موضوع ايه اللي عايزه تتكلمي فيه؟
-انت شايف اللي انت عملته ده صح يا فارس؟
-برضوا انتي، من فضلك نزليني على اي جنب هنا.
-طب خلاص خلاص اهدى، بس انا عايزة اقولك حاجة بجد انا طول عمري بشوفك جنتل مان، التصرف اللي حصل منك ده خلاني اغير رأيي فيك على فكرة.
-بصي يا نايا انا وثريا علاقتنا حاجة تانية مينفعش تتقارن باي علاقة في الدنيا، انا مربي ثريا على اديا وهي مربياني على اديها كمان، مش عارف اقولك ايه بس مهما شرحتلك مش هاتفهميني.
-طب ما تجرب كده.
-اجرب ايه؟
-جرب تشرحلي يمكن افهم.
-غيري الموضوع لو سمحتي.
-طيب ماشي زي ما تحب.
-المهم انتي كنتي عايزاني ف إيه؟
-اه فاكر لما سألتني عن شغل بس يكون في تخصصك ادارة الاعمال، انا لقيت لك شغل.
-بجد والله ده فين بقا؟
-شركة راجل محترم جدا اسمه اشرف بيه، انا كلمته عنك انت هاتنزل كمتدرب في الاول هايشوف شغلك واسلوبك ومعاملتك وطريقة ادارتك للشغل، لو عجبته بعد التخرج هتلاقي وظيفتك على طول مستنياك، رغم اني بعد اللي حصل ده اشك في موضوع اسلوبك ده ها.
-هههه والله بجد هي كده يعني، انتي عارفة انا اد ايه شاطر في مجالي وادارتي للامور، لكن المواضيع التانية دي برا الشغل.
-والله هانشوف، ها تحب تقابله امتا؟
-وقت ماهو يقول طبعا.
-طيب تمام هحددلك معاه معاد واكلمك اوك.
-اوك تمام.
نظر فارس في ساعة يده وقال لها:
-يا نهار ابيض نايا معلش بقا رجعيني تاني.
-في ايه مالك احنا لسه هانقعد نشرب حاجة في اي مكان.
-لأ معلش ماما زمانها مستنياني ومكلتش حاجة خالص، مش هقدر اتأخر عليها اكتر من كده.
-تمام اوك.
اوصلت نايا فارس إلى منزله كانت تتطلع إليها والدته عبر النافذة، رآها فارس وقال لنايا:
-اتفضلي معايا بقا، مينفعش تبقي قدام البيت وماتدخليش تشربي حاجة.
-معلش مرة تانية بقا.
-لأ مش هينفع انتي بخيلة والا ايه، تعالي يلا انزلي اعرفك على الكوين بتاعتي.
-ههه طيب يا سيدي اوك.
ترجلت نايا من السيارة بثوبها الفخم ونظاراتها الشمسية وحذائها ذي الكعب المرتفع، كأنها تقول أن لا احد هنا سواها يملك هذا الجمال وهذه الثقة وهذا الغنى ايضاً.
فتحت والدته الباب ورحبت بهما، عرفها فارس عليها وقال:
-ماما دي نايا زميلتي في الجامعة.
-اهلا وسهلا يا نايا اتفضلي.
-ميرسي يا طنط اهلا بحضرتك.
دخلت نايا المنزل وجدت طاولت الطعام جاهزة، قالت ليلى لفارس:
-يلا يا حبيبي غير هدومك وتعالى وانا هقعد مع نايا على مانت تخلص.
-حاضر يا ماما، نايا البيت بيتك خدي راحتك.
-ميرسي يا فارس.
دخل فارس إلى غرفته، وجلست ليلى ونايا على الاريكة، فقالت ليلى:
-نورتي يا نايا، انتي مع فارس في نفس القسم؟
-ميرسي يا طنط اه انا وفارس في نفس القسم.
-انتي سيدة اعمال شاطرة بقا.
-هههه لا يا طنط انا مش كده خالص، بابا هو اللي ماسك كل شغله.
-ليه معندكيش اخوات صبيان؟
-لأ للاسف انا وحيدة معنديش اي اخوات لا صبيان ولا بنات.
-حبيبتي ماتزعليش فارس موجود اهو زي اخوكي لو احتجتي اي حاجة هو مش هايتأخر.
-عارفة يا طنط والله ربنا يخليهولك.
-كمان زيك معندوش اخوات.
-الحمد لله نصيبنا كده.
-وماما بقا بتشتغل هي كمان؟
تحولت ملامح نايا للحزن فجأة، طأطأة راسها قليلا وقالت:
-ماما الله يرحمها، ماتت من زمان اوي كنت لسه طفلة، كان عندي حوالي اربع سنين.
اقبلت عليها ليلى وضمتها إليها، شعرت بها؛ لأنها اذاقت مر هذا الكأس من قبل، ولن يشعر بالشخص سوى من عاش نفس المعاناة، خرج فارس فوجد والدته تحتضن نايا فقال بمزاح:
-الله الله الله ايه دا بقا من ورايا.
إجابته ليلى بسخرية مازحة:
-لأ قدامك اهو احنا بنخاف والا ايه يا ولا.
ضحكت نايا وفارس وليلى، ثم قال فارس:
-حبيتوا بعض كده على طول بدون مقدمات.
ربتت ليلى على كتف نايا بحب وقالت:
-هي بصراحة نايا تتحب.
-ميرسي يا طنط ربنا يخليكي.
قامت ليلى واتجهت إلى طاولت الطعام وقالت:
-يلا بقا تعالوا يلا يا نايا تعالي دوقي اكلي بقا وقوليلى ايه رأيك.
-لأ يا طنط ميرسي انا يدوب امشي اكيد بابا مستنيني.
-الله انتي هاتخليني اصدق كلام الواد ده عنك والا ايه انتي بخيلة؟
-هههه لا طب ايه رأيك انا هقعد واكل واثبتلك العكس.
-طب يلا تعالي الف هنا.
جلست نايا على الطاولة وعندما رأت اصناف الطعام نظرت إليها وتزكرت والدتها، وعندما تناولت اول قضمة من طبق الخضراوات عادت بعمرها إلى سن اربع سنوات، عندما كانت والدتها تحضر لها هذا الطبق خصيصا لها؛ لانها تحبها.
دمعت عيناها واعتذرت منهم وخرجت مسرعة إلى سيارتها، تعجب فارس وليلى مما حدث وقال فارس:
-في ايه يا نايا؟! انتي كويسه؟
-معلش يا جماعة انا بعتذر لازم امشي.
قلقت عليها ليلى وقالت:
-في ايه يابنتي انتي كويسه.
-ميرسي يا طنط على الاكل بعد اذنك.
-فارس وصلها يبني ماتسيبهاش تمشي كده.
خرج فارس مع نايا ببجامة المنزل خاصته وصعد معها إلى السيارة، كانت نايا تسوق السيارة بسرعة، توقفت على الطريق بعد أن اصر عليها فارس بشدة، ترجلت وهي تبكي بقهر، ذهب إليها فارس وامسك بكتفيها يهدأ من حالتها:
-نايا في ايه؟! قلقتيني طب اهدي طيب اهدي وفهميني في ايه؟
بعد قليل هدأت نايا وقالت بهدوء:
-انا اسفة يا فارس بجد، انا افتكرت ماما ومقدرتش امسك نفسي، مش معقول إن مامتك بتعمل نفس الاكلة المفضلة عندي وبنفس طعم وريحة الاكل بتاع ماما، انا مجرد ماحطيت لقمة في بقي حسيت وكأنه ماما قاعدة جنبي.
-ربنا يرحمها، انتي وقعتي قلبي وزمان ماما قاعدة دلوقتي قلقانة علينا.
-معلش انا اسفة بجد اعتذر لها بالنيابة عني، طب قوم بقا ارجعك البيت علشان متتأخرش عليها اكتر من كده.
-طب يلا يلا يا شوية مجانين انهارده يوم حظي مع المجانين والا ايه.
بعدما قام فارس وامسك بباب السيارة يفتحه وهو يقول:
-يلا هاتفضلي قاعدة عندك كتير يا حجة.
-فارس.
-نعمين.
-شكرا بجد.
-ليه مش انا كنت مش جنتل مان من شوية وغيرتي رأيك، اركبي اركبي مش بقولك مجانين.
-ههههه بقا كده طيب يا سيدي شكرا.
-العفو يا ستي بس ماتاخديش على كده.
صعد فارس ونايا إلى السيارة واوصلته إلى منزله وغادرت، دخل فارس المنزل وكانت ليلى تنتظره بقلق:
-ايه يا فارس في ايه يبني قلقتني، مالها نايا؟
-اهدي يا ماما مفيش حاجة هي بس افتكرت مامتها، مامتها الله يرحمها كانت بتعملها نفس الاكلة وبنفس الطعم والريحة تخيلي.
-يا حبيبتي يبنتي، صعب جدا عليها وهي لسه صغيرة، انا لما كنت في سنها وماما ماتت كنت بموت بعدها.
-بعد الشر عليكي يا ملكة قلبي.
-حبيبي انت، طب وانت ماتعرفش يا فارس امها ماتت ازاي؟
-كانت تعبانه يا ماما كان عندها كانسر.
-ربنا يرحمها يارب ويصبرها، طب يلا بقا تعالى كمل اكلك انت ماكلتش.
-لأ أكل ايه بقا خلاص ماليش نفس.
-ليه يا حبيبي وايه اللي سادد نفسك، حد يبقا قاعد مع القمر دي ونفسه تتسد.
-مش فاهم تقصدي ايه يا ملكة.
-يا واد اقصد ايه اقصد نايا طبعا، عروسة زي القمر ومحترمة وبنت ناس، مش زي ناس منكدة عليك ليل ونهار.
-يا ماما يا ماما اشحال لو مكنتيش انتي اللي مسمياها بنفسك.
-اه فعلا سميتها وكنت مبسوطه بيها اوي، قلت انها هاتبقي زي صحبتي اللي سميتها عليها، لكن طلعت نسخة من داليا امها.
-ماما انتي عارفة إن ثريا عندي حاجة تانية، ونايا دي مجرد زميلة وبس ها زميلة وبس، انا داخل ارتاح شوية.
بدأت تهمس لنفسها بصوت منخفض:
-ثريا ثريا مش عارفة عملتلك ايه.
-بتقولي حاجة يا ماما؟
-لأ يا حبيبي بقولك ارتاح يا ماما.
~~~
في مطار لبنان دخلت فتاة جميلة بحقائبها، ترتدي نظاره فخمة وحذاء ذو كعب مرتفع، وفستان كلاسيك اسود اللون، تصعد إلى رحلة طيران الى القاهرة، لإكمال العام الاخير من دراستها في قسم الموسيقى الذي تدرس به ثريا، وقفت الفتاة تراجع بياناتها على شباك التذاكر:
-اهلا بيكي يا فندم رحلة سعيدة، اسم حضرتك.
-ميرسي انا "سارة فوزي الضاهر"
-تشرفنا يا فندم حضرتك نازلة القاهرة في رحلة دراسية مش كده.
-اه فعلاً.
-تمام يا فندم اتفضلي حضرتك رحلة سعيدة.
-ميرسي.
صعدت إلى طيارتها المتجهة إلى مصر لاول مرة في حياتها؛ لتدرس وتنهي بعض الاعمال الخاصة بوالدها هناك، عندما وصلت إلى مصر رن هاتفها وهي في سيارة الاجرة التي ستوصلها إلى فندق "الماسة" في العاصمة الإدارية الجديدة، بعدما وصلت إلى جناحها الخاص واستقبلها مدير الفندق خصيصاً.
القت بحقيبتها على الفراش واستلقت عليه رن هاتفها بمكالمة فيديوا واردة من "مامي":
-مامي، اوووووف آدم ليه بتتكلم من فون ماما.
-سارة بقيتي تتكلمي مصري من اول يوم يا بنتي.
-بلاها برودك دلوقتي آدم فين ماما؟
-حبيبت قلبي، اشتقتلك يا سارة.
-ماما على فكرة هي لسه مبقالهاش كام ساعة ماشية يعني.
-برضوا يا آدم حتى لو بقالها كام دقيقة وحشتني برضوا.
-وانتي كمان يا ماما وحشتيني.
-سارة ايه اخبار مصر احكيلي يا اختي صحيح هي ام الدنيا زي ما بيقولوا.
-والله انا لسه ماشفتش ده لحد دلوقتي بس من وقت ماجيت وكل الناس زوق جدا وشيك جدا، انا هارتاح دلوقتي علشان انظم وقتي للشغل والجامعة.
-اوك يلا باي كلمينا لما تفضي، سارة بنتي.
-نعم يا ماما.
-خلي بالك من نفسك يا قلبي.
-حاضر يا ماما، يلا باي.
-باي.
عادت للاستلقاء مرة اخرى على فراشها.
~~~
بعد مرور عامين تخرج فارس وعمل فارس بالشركة التي اخبرته عنها نايا، ومازال منفصلا عن ثريا، وطلب منه مدير الشركة إن يستقبل سيدة اعمال واقناعها بصفقة شراكة بين شركتها وشركتهم، عمل فارس بجهد على دراسة جدوى لتلك الصفقة، وقام بمهاتفة تلك السيدة وتحديد موعد معها للمقابلة، ارسل إليها فارس سيارة الشركة الخاصة لتوصيلها إلى مكان الاجتماع.
الفصل السابع عشر
لقاء آخر.
نلتقي دائما باشخاص كثر في رحلتنا العمرية، نعرفهم او لا نعرفهم، قريبون منا او بعيدون عنا، يمكن أن تكون هناك روابط تجمعنا ونحن لا نعلم بها، يمكن أن يقف بجوارك شخص ما تراه وتبتسم له ويبتسم لك، ربما تكون تلك المرة الاولى التي تراه فيها وهو كذلك، لا تعلم من هو او حتى ما اسمه، ويكون الرابط المبهم بينكما اقوى مما تتخيل.
هكذا جمعت الصدفة والتي تخفي خلفها القدر بفارس وشقيقته سارة، التي لم يراها بحياته، حتى إنه لا يعلم انها شقيقته، فقط شعر بارتياح لرؤيتها بالرغم من بعدها عنه، كانت تلك السيدة تقف بظهرها على البار تتحدث مع عامل البار عن مصر والاماكن السياحيه المشهورة بها، سأل فارس عنها الاستقبال، فاشار إليها عامل الاستقبال وقال:
-هناك حضرتك هي دي اللي بتتكلم مع عامل البار.
-تمام شكراً.
وقف خلفها فارس وقال:
-آنسة سارة؟
ادارات ظهرها إليه مبتسمة ووقفت وقالت:
-ايوا انا مين حضرتك؟
-انا فارس كلمت حضرتك امبارح بخصوص الصفقة.
-اه اهلا استاذ فارس اتفضل هنا، معلش دي اول زيارة ليا في مصر؛ علشان كده تلاقيني يسأل اي حد عنها اتفضل اقعد.
-وليه تسألي احنا موجودين، عايزة تروحي فين في مصر حضرتك؟
فرحت سارة كثيرا بكلامه معها وروحه المرحة والتي دائما ما تحبب فيه الناس من اللحظة الاولى للقائه بهم:
-بجد والله؟! انا مش عايزة اتعب حضرتك معايا.
-ولو يا فندم ده واجب علينا كمصريين.
-هههه يا ترى بقا كل المصريين دمهم خفيف زيك كده وروحهم مرحة؟
-امال يا فندم انتي لسة ماشفتيش حاجة هههه.
-طيب حيث كده بقا من اللحظة دي انا مسؤولية منك تعرفني كل شبر في مصر، وكمان بلاش حضرتك والرسميات دي انا عندي واحد وعشرين سنة.
-بجد! ماشاء الله انتي صغيرة اوي، يعني لقب سيدة اعمال حسيت انك سيدة كبيرة يعني شوية.
-هههههه فظيع انت يا فارس، طب ايه رأيك نتكلم في الشغل وبعدها تعزمني على الغدا في مكان حلو على زوقك، بس بشرط انا اللي هحاسب.
-لأ يا فندم حضرتك كدة بتشتميني في بيتي يصح برضوا تبقي مع راجل وتقولي الكلام ده.
-ههههه طيب خلاص اوك زي مانت شايف بس نشيل بقا الالقاب والرسميات تمام.
-تمام يا فندم قصدي يا ساره ساره تمام كده.
-تمام يلا بينا؟
-تمام بالنسبة للشغل بقا.
شرح فارس دراسة جدوى المشروع لسارة بطريقة احترافية، وصادقة بل وشرح لها كل المميزات والعيوب الوحيدة التي ستقابلهم في رحلة عملهم على هذا المشروع، اعجبت سارة بالمشروع والطريق التي ادى بها فارس عرض العمل الخاص به، بعد أن انهى كلامه صفقت سارة مبهورة به:
-بجد انا مبهورة، انت بقالك كام سنة بتشتغل يا فارس؟
-ميرسي، انا بقالي حوالي سنة وشوية.
-معقول الاحترافية دي في سنة وشوية، طيب عموما انا احب اقولك اني موافقة على المشروع وقبلت الصفقة، ده مش علشان انت هاتفسحني طبعا لا، بس بجد لأني شايفة المشروع قدامي هايبقا عامل ازاي.
-ده شيء يشرفني طبعا وان شاء الله تكون شراكة خير مابينا وتنبسطي معانا هنا في القاهرة.
-ان شاء الله.
-طيب كده احنا خلصنا كل حاجة تخص الشغل وإن شاء الله شوفي امتى الوقت اللي يناسبك علشان نمضي العقود في الشركة.
-بكرة كويس؟
-كويس جدا تمام هكلمك الصبح؛ علشان نحدد المعاد وابلغ مدير الشركة وبعدها ليكي عندي عزومة على الغدا في احلى مكان ممكن تاكلي منه.
-بجد والله انا متحمسة جدا.
-طيب عربية الشركة هاتوصلك مكان مانتي عايزة وهاتيجي تاخدك برضوا بكرة وقت مانتي عايزة، صحيح انتي قاعدة في فندق ايه؟
-فندق الماسة.
-اه ده في العاصمة، طيب حضرتك هاتجيبي حاجتك وتعملي شيك اوت بكرة إن شاء الله وانا هحجز لحضرتك في مكان اجمل من ده بكتير، هو صحيح مش في جمال الماسة علشان اكون صريح معاكي، لكن هاترتاحي فيه.
-اوك تمام معنديش مانع.
-تمام اشوفك بكرة باي.
-بااااااي.
بعدما انهت سارة مقابلتها مع فارس هاتفت والدها:
-الو بابا، عامل ايه.
-انتي عامله ايه يا حبيبتي؟ ها طمنيني عملتي ايه في الشغل؟
-تمام يا بابا بكرة إن شاء الله هنمضي العقود، المشروع حلو جدا وعجبني جدا جدا، بالإضافة إلى ان عندهم شخص مسؤول عن الصفقات شاطر جدا، يعني تقريبا مشفتش حد في شطارته.
-انا قولتيلي شكله كل عقلك يا بنت وعلشان كده قبلتي الصفقة ها؟
-ههههه لا بتكلم بجد يا بابا والله، الشاب ده مكسب لينا كبير اوي على فكرة، انا ببص لقدام حضرتك عارفني.
-انا واثق في قراراتك يا حبيبتي ومعاكي في اي حاجة تحتاجينها قوليلي بس انتي عايزة ايه، وانا معاكي.
-بابا بصراحة عايزة منصب المساعد الخاص بتاعي ومدير الشركة الجديدة.
-سارة انتي متأكدة يا بنتي؟! يعني المناصب دي مش اي حد يقدر يشتغل عليها، لازم حد ثقة.
-ماتقلقش يا بابا انا اد كلامي.
-تمام حاضر خلصي انتي بس ونشوف.
-اوك حبيبي هكلمك تاني باي.
-اوك باي.
~~~
عندما تضع الانثى هدفا امامها لا تتركه حتى تحصل عليه، هكذا فعلت ثريا، ظلت ترى فارس امامها ولا تستطيع الاقتراب منه لكنه لم يكن لها عائقا عن تحقيق احلامها وطموحاتها، تلك الفتاة الرقيقة صاحبة الصوت العزب والجمال الخلاب، جاهدت بإصرار وبشدة حتى حققت حلمها في أن تصبح نجمة الغناء ومدرسة موسيقي للاطفال.
لكن لم يحقق حلمها بعد في اعتلاء مسرح الاوبرا المصريه بناءاً على رغبة الجميع وحبهم لصوتها، هذا ما كانت تنتظره، ظلت تكافح وتجتهد من جهة ويكافح فارس ويجتهد من جهة اخرى، بالرغم من فراقهم الا ان قلب كل منهم مازال معلق بالآخر.
كان عماد هو الداعم لها من جهة ونايا هي الداعمة لفارس من الجهة الاخرى، ظن كل من عماد ونايا انهم سيحصلون على حبهم بتلك الطريقة، لكن ربما للقدر رأي آخر.