رواية جوازة نت الفصل الخامس عشر 15 بقلم مني لطفي
استيقظت منة واستدارت الى جانبها لتجد مكان سيف بجوارها خالٍ، حمدت الله في سرها على انصرافه قبل إستيقاظها، تجعد وجهها لتنخرط ببكاء حار عند تذكرها لما حدث بينهما قبل ساعات، شتمت نفسها للمرة الألف، وهي تلومها أنها ستظل أبدا ضعيفة أمامه، فهي لم تقاومه كما يجب، بل سرعان ما استسلم قلبها الضعيف لهمساته العاشقة والتي تذيب الحجر الصوّان!!..، ولكن كيف لا تفعل وهي تذوب عشقا به؟!، هي لا تنكر أنها تحبه، فسيف كان أول حب يدخل قلبها، لقد أحبته بكل أحاسيسها المختزنة، والتي كانت تدخرها الى زوجها، لتمنحه كامل حبها عن طيب خاطر ومن غير خوف من غضب الله او من خيانة ثقة والديها، فحبهما كان في النور وبمباركة أهليهما!، ولكن كيف أصبح حالهما الآن؟، لقد خانها سيف، ذبحها بأبشع طريقة ممكنة، ولأنها عشقته بكل قطرة دم فكل خلجة من خلجات قلبها كانت تهمس باسمه، فهي لا تستطيع النسيان أو الصفح، ليس بهذه السهولة!، لو لم تكن تحبه بمثل هذا القدر كان من الجائز أن تسامحه وتنسى، ولكن كما أن حبها له كبير فغضبها منه .....أكبر !!...
لمست شفتيها الملتهبتين بأصابعها واللتان تحملان دلائل ما تقاسماه لفترة طويلة!! ، كان يبثها شوقه وحبه بينما يداه تضعان صك ملكيته لجسدها وروحها على حد سواء!، لم تستطع الوقوف في وجه سيْل حبّه الجارف الذي أغرقها به ليجرف معه مقاومتها بعيدا، فقد كان عشقه كالطوفان الهادر لا سبيل للوقوف أمامه أو صدّه !!....
التحفت بالغطاء ونهضت عازمة على الاغتسال أولا ثم التحدث معه بشأنهما، لا بد أن توضح له أن ما حدث بينهما لا يعني أبدا أنها ستنسى أو تصفح، بل ما حدث جعلها أكثر تشبثاً وإصراراً على الطلاق وقبلاً... الرحيل من هنا مع والديْها !!....
خرجت من الحمام بعد أن أنهت اغتسالها، كانت ترتدي ثوبا قطنيا أخذته معها تحسّبا لحضور سيف في غيابها، وحدث ما كانت تخشاه!، إذ فوجئت به يقف في منتصف الغرفة وشعره يلمع بقطرات من الماء وقد ارتدى بنطالا من الجينز وقميصا قطنيا أبرز عضلات صدره، كانت تجفف شعرها بالمنشفة عندما شاهدته فكتمت شهقة صغيرة فيما اندفع اللون الأحمر الى وجهها راسما لوحة أخاذة لحورية تقف أمامه كاد أن يندفع اليها ليغرقا مجددا في طوفان حبهما الجارف!، ولكنه تماسك وقال بصوت هاديء بابتسامة خفيفة:
- صح النوم !، لم تجبه وبدلا من ذلك رمته بنظرة سخط ثم التفتت الى مرآة الزينة لتمشط شعرها، كادت أن تقتلع خصلاته من جذورها لشدة تمشيطها له، تقدم بضعة خطوات منها واقفاً خلفها وغافلها ساحبا فرشاة التسريح منها، حاولت جذبها منه ولكنه أبعد يده وقال بهدوء ولكن يحمل رنة تحذير واضحة:
- كدا هتقطعي شعرك، هسرحهولك أنا!، ليمشط شعرها برقة ونعومة يخالفان خشونة يديه، وما ان انتهى حتى ألقى بفرشاة الشعر جانباً ثم دفن أصابعه في خصلاتها ناثرا اياها فوق كتفيها، ليميل بعد ذلك عليها مقتربا بأنفه من خصلاتها الكستنائية ليشتم عبير الزهور الذي يفوح منها مغمضا عينيه ليتوه في رائحتها العذبة، شعر بها تحاول الفكاك من قبضته، فوضع يديه على كتفيها مديرا إياها له، طالعها بنظرات شوق وعشق سرمدي وتحدث بصوت مخنوق من فرط مشاعره الجياشة بينما نظرت هي الى الأسفل:
- بحبك!، والله بحبك، ولا عمري حبيت قبلك ولا هحب بعدك!، بحبك ومش عاوز حد إلا ..إنتي !!...
+
رفعت عينيها اليه ليُصعق بنظرة الكراهية التي انبعثت من مقلتيها، تكلمت بصوت هامس ولكن يحمل غضبا مكتوما:
+
- إوعى تفكر ان استسلامي ليك دا معناه اني خلاص نسيت وسامحت!،....لأ؟؟!، تبقى غلطان يا باش مهندس، أنا ما انكرش اني ضعفت في لحظة، لكن عارف بعد ما فوقت حسيت بإيه؟، حاسيت بنفسي غامّة عليا!، كنت عاوزة أرجّع!، افتكرت كل كلامك للتانية والقرف اللي انا شوفته، علشان كدا مهما عملت انا وإنت حكايتنا انتهت يا سيف، وياريت تحط كلمة النهاية بدري بدري لان المماطلة ما فيش منها فايدة !!..
+
قست يداه فوق كتفيها وصرخ بغضب بينما طالعها بنظرة ملتهبة من بين فحم عينيه المشتعلتين:
+
- إنتي إيه؟، مش عاوزة تفهمي ليه؟، أنا غلطت وندمت وتُبت لربنا ، واتأسفت بدال المرة ألف ومليون، أعمل ايه تاني ؟!..
+
لم ينتظر ردها وتابع بقسوة بالغة:
+
- انما عارفة لغاية هنا وكفاية يا منة، انا اعتذرت لك كتير وانت مش راضية تدّيني وتدّي لنفسك فرصة تانية، واسمعي آخر كلام عندي بقه علشان نقفل الموضوع دا خالص، طلاق مش بطلق، وسفر من هنا مش هيحصل غير ورجلك على رجلي ، ولما نشوف يا منة.... أنا ولّا.. إنتي !!...، ودفعها جانبا متجها بخطوات تحفر في الارض من قوتها الى باب الغرفة ووقف قبل ان يغادر ناظرا اليها بسخرية:
+
- ولو على اللي حصل، اطمني خاالص ، مش هيتكرر تاني ولا هتضطري انك تقرفي من نفسك ولا ترجّعي، مش هقرب لك يا منة حتى لو وقفتي من غير هدوم قودامي... عن إذنك !!، وانصرف صافقا الباب خلفه بعنف بينما هَوَتْ جالسة فوق الكرسي خلفها دافنة وجهها بين راحتيها وقد انخرطت في بكاء حار يقطع نياط القلوب !!..
+
=================================
+
كان سيف جالسا في حديقة منزلهم الكبير مستندا برأسه الى ظهر مقعده المصنوع من أغصان البامبو، أغمض عينيه زافرا بتعب، كان يفكر كيف يقنع هذه العنيدة التي تقبع في غرفتها بالأعلى أنه لا سبيل إطلاقا لما تفكر فيه؟!، أنه من رابع المستحيلات أن ينفذ لها طلبها المجنون والتي ما أنفكت ترميه في وجهه!، كان يظن أنه بعدما حدث بينهما ستلين، فقد بثها حبه ولواعج شوقه، ألم تشعر بعشقه لها؟، ألم يصلها مدى حبه وولعه بها؟، ألم تعلم بعد أنها بمثابة روح ثانية لهذا الجسد وأنه بدونها يفنى ويهلك؟!......
+
زفر بتعب، وهو يدعو الله في سرّه أن يلهمه الصواب عندما تناهى الى سمعه صوت والدته يناديه بحنوّ:
+
- سيف، سيف يا ولديْ...
+
فتح عينيه وطالع أمه الواقفة بجواره، اعتدل في جلسته وهمّ بالنهوض عندما منعته واضعة يدها على كتفه وهي تجاوره على الكرسي المقابل له قائلة:
+