رواية خان غانم الفصل الرابع عشر 14 بقلم سوما العربي
جلست في غرفتها تفتح هاتفها في محاولة منها لتدقيق في صور الصفحات التي أرسلتها لها دعاء.
لكنها كانت على شفى خطوة واحدة من الجنون ، عقلها لا ينفك عن التفكير في كل ما قاله غانم منذ قليل.
تتذكر جيداً ما حدث منذ سنوات تمام التذكر ، و كيف لها أن تنسى أول رجل شعرت بالإعجاب تجاهه .
عودة بالزمن للخلف
كانت تجلس في محاولة منها لمذاكرة دروسها لكن دلفت لعندها رنا بلهفة و أغلقت الباب سريعاً.
رنا : مش مصدقة ، مش مصدقة يا بت يا حلا .. شوفتي مين بعتلي أد ؟
جعدت حلا ما بين حاجبيها و سألت: مين ؟
أشهرت رنا الهاتف في وجهها لترى حلا رجل ليس كأي رجل ، كان مهيب الطول ، عريض الكتف ، أسمر البشرة ضخم الجثة شعره طويل و كثيف ، ملامحة جذابة بها من الكاريزما و الثقة ما يكفي قبيلة ، يرتدي قميص باللون السماوي و بنطال بلون سن الفيل .
كانت تدقق في صورته دون أدنى شعور منها بما يحدث معها.
رمشت بأهدابها على صوت رنا التي قالت: أييييه ، حيلك حيلك ، مالك مبحلقة فيه كده ليه ، المز ده يخصني ، و باعت لي أنا أد ، فنتلم هااا .
استفاقت على صوت رنا التي قالت بحدة: حلاااااا ، اييه ؟
حمحمت حلا و قالت : إيه يا بنتي أنا عملت حاجه ؟
رنا : أصلك عمالة ت.....
صمتت بصدمة و قد صدر عن الهاتف صوت يدل على وصول رسالة إليها و قد أتسعت عينا رنا و قالت بصدمة: ده بعت لي رسالة.
حلا : بيقول ايه ، أوعي تفتحيها .
رنا : ليه ؟ هفتحها عادي.
حلا : و بعد ما تفتحي الرسالة ، كلمة هتجر كلمة و مش بعيد يطلب يقابلك .
رنا : ياريييت .
شهقت حلا و قالت : يعني لو عرض عليكي ممكن توافقي ؟
رنا : إيه ده ؟ مين دي إلي توافق ، لأ مستحيل طبعاً ، أنا كنت بهزر معاكي .
نظرت للهاتف بتشوش ثم قالت مترددة : بس... أصله عاجبني أوي و باين من صورته أبن ناس .
حلا : أه.
رنا : أنا هرد بس بحساب أه ، ما تخافيش عليا على فكره بنت عمك مش سهلة .. يالا هسيبك عشان تذاكري ، سلام .
راقبتها حلا و هي تهرول ناحية الخارج تردد : سلام يا رنا .
كانت تعلم أن رنا لن تصمد طويلاً.
بعد أيام كانت حلا في طريقها للعودة من أحد دروسها الخصوصيه للبيت و وجدت رنا تجلس في شرفة بيتهم تنظر للخضار الممتد أمامها بهيام شديد حتى أنها لم تلاحظ أقتراب حلا منها و لا منادتها لها .
وقفت حلا تردد : رنا .. يا رنا .. مش بكلمك .
نظرت لها رنا بتفاجئ و قالت : حلا ؟ أنتي هنا ؟
حلا : لأ هناك .. في ايه يا بنتي واقفه بقالي ساعه و أنتي و أنتي هنا .
تنهدت رنا و قالت: هيييح ، اتاري الحب حلو اوي.
رددت حلا بصدمة : حب ؟؟! بتحبي مين ؟
رنا : غانم... غانم صفوان غانم .. اه يا حلا لو تشوفيه.. قمر .. هيبة و كاريزما و...
قاطعتها حلا : لو تشوفيه ؟ لا هو أنتي شوفتيه و قابلتيه ؟
رنا : شششش .. وطب صوتك لا حد يسمعنا.
تلفتت حولها ثم همست لحلا : لأ كل ده شات بس ، لكنه مصمم يقابلني ، بيقولي نتقابل بكره بعد الكلية ، بس مش عارفه لسه هلبس إيه.
هزت حلا رأسها بعدم أسيعاب و قالت : تلبسي إيه ؟ يعني مقررة أصلاً انك هتروحي و فاضل اللبس ؟ ده أنتي جرى لمخك حاجة بقا .
اتكئت رنا بجسدها للخلف و هي تردد : هييييح .. أيوه جراله .. حبيت .. حبيته أوي.
انتفضت من مكانها تحكي بلهفة : تخيلي لو حبني و حب يتجوزني ، يا نهار أبيض ، إلي عرفته أنه غني جداً ، و وارث خان كامل بتاعه لوحده .
جعدت حلا ما بين حاجبيها و سألت: خان ؟ يعني إيه ؟
رنا : خان ده زي بلد صغيرة ، زي القرية كلها بس في مدينة بقا و عشان كمان مملوك كله لشخص واحد بمصانعه و اراضيه و بيوته ، ده عندهم مصانع و بيت كبير زي القصر و عربيات و حرس و...
أسكتتها حلا و قالت : إيه يا بنتي ده ، أنتي حبتيه و لا حبيتي إلي عنده و لحقتي عدتيه ؟
رنا : لأ طبعاً ، حبيته هو ، ده قمر قمر قمر ، حاجه كده ماتتوصفش ، يارب بس يطلع شكله زي الصور .
مرت أيام و ذهبت حلا لرنا ، لا تعلم لما كان يجذبها السؤال عن تلك القصة .
طرقت باب غرفة رنا فوجدتها تتحدث بالهاتف مبتسمة ثم قالت لمحدثها : طيب ثواني يا حبيبي و هتصل بيك تاني ، يالا باي باي .
أغلقت الهاتف معه و قالت لحلا : غريبة أنك جيتي أنا إلي دايما بجي لك
حلا : أنتي بتقولي لمين حبيبي؟
رنا : لغانم .
شهقت حلا : أنتي لحقتي .
رنا : لحقت إيه ، ده انا وقعت ولا حدش سمى عليا .
حلا : يعني طلع حلو زي الصور
رنا : لأ صور أيه ، سيبك من الصور خالص ، ده هو حاجة تانية و أحلى كتير .
صمتت حلا تماما و بدأت تستمع لمدح رنا في حبيبها غانم و وصفها له بالتفصيل الممل حتى أنها بدأت تصف في رائحة عطره و طريقة سيره و جلوسه
و ظلت هكذا لفترة كلما ذهبت للقاءه عادت تحكي لحلا أدق أدق التفاصيل حتى بدأت تتغير ، ذبل نضارها و شحب لونها ، كانت كمن يحمل هماً ثقيلاً و توقفت عن الحكي .
حتى أنها كانت تصد حلا في الحديث كلما تطرقت للأمر و أحياناً تجاوب بأقتضاب متهربة .
و من بعدها كان يوم يجر الأخر حتى أستيقظ أهل القريه و هم في طريقهم للحقول صباحا في الفجر على جثة إحدى الفتيات الغارقة في دماء قد لونت كل ثيابها ليتعرف عليها أحد الفلاحين مردداً : يا سنة سوخة يا ولاد ، دي البت رنا ، رنا بنت الحاج عبد الرازق .
و من هنا بدأت الدوامة التي أفضت بوجود حلا الأن في بيت غانم صفوان غانم.
عادت من شرودها على صوت دقات الباب و معه صوت كرم : حلاا ، يا حلا.
تنهدت بصوت عالي ، لم يكن ينقصها عصفورة سلوى هو الآخر.
وقفت من مكانها و ذهبت لتفتح الباب ثم قالت : نعم .
كرم : الست سلوى على التليفون عايزاكي.
سمعت أسمها و ارتبكت قليلاً كأنها تسرق ، هنا أدركت أنها متورطة في شيء ما ، شئ يخص المشاعر ، ما يشبه الخيانة و سرقة الرجال .
و إلا ما كانت لترتبك و تتوتر هكذا .
ابتلعت رمقها و تناولت الهاتف من كرم ثم قالت: ألو ... أيوه يا مدام ، أزاي حضرتك .
وصل لها صوت سلوى تردد برعونة شديدة : هو ايه اللي أزيك؟ أنتي هتاخدي عليا و لا إيه ؟ ماتنسيش نفسك ، أسمعي ، تخرجي دلوقتي لجنينة البيت تنضفيها كلها و تشقي الشجر و براحة على النعناع أنتي فاهمه ، بعدها تكنسي المكان و ترشيه لو كرم قالي إن في عقب سجارة واحد هتبقى سنتك سودة أنتي سامعة ؟
شعرت أن تلك هي فرصتها لذا قالت : لأ مش سامعة .
أتسعت عينا كرم و هو يسمع ما يقال كذلك صدمت سلوى و قالت: نعم ؟ أنتي أتحننتي بقا .
حلا : أحترمي نفسك ، أنا مش شغالة عندك عشان تقولي كده .
سلوى : نعم ؟ امال أنتي إيه.. ما أنتي خدامة ، أنتي هتنسي نفسك ؟
حلا : كنت و مابقتش .
سلوى : الله الله.. إيه قوة القلب دي ، إيه إلي أتغير بقا يا ست حلا مش كنتي جايه خدامة.
أرتبكت حلا قليلاً تشعر بإتهام سلوى الغير منطوق فقالت بتوتر : أنا جيت هنا لخدمة البيت مش جناينية .
سلوى : الجنايني مشي ، تعب و مشي و لسه ماجبناش حد و أنا صاحبة البيت ده و بأمرك تنفذي .
حلا : خلاص أسيب الشغل و أمشي
سلوى : براحتك يا كتكوتة من قلة الخدامين يعني ، بس مافيش مشيان غير لما الي قولته يتنفذ و إلا هتطلعي من البيت بسريقة .
أغلقت الهاتف في وجهها و بقيت حلا مبهوتة لثواني معدودة ثم تحركت بصمت تام ناحية حديقة البيت تنفذ ما أمر منها .
أمام مصنع غانم
كان عزام يقف بملل شديد يحتسي كوب شاي ساخن صنع له .
إلي أن خرج العم جميل من الداخل و وقف معه مردداً: مالك كده ، الزهق طافح على وشك
عزام: ما الشغل هنا على خفيف أوي ، تقريباً مش بعمل حاجة.
جميل : هاااا.. وحشك البيه و خروجات البيه مش كده ؟
عزام : صراحة أه ، أقله كان في حركة كده ، ألا قولي يا عم جميل ، حلا أخبارها إيه ؟
نظر له جميل بمقت شديد ثم قال : لا هو انت بتسألني أنا ، أنت يا واد من يوم ما مشيت من البيت لحد دلوقت لسه ماظبطش حالك وياها .
هز عزام رأسه بيأس وقال: لأ .
جميل: روح إلهي يخيبك ، ما تتلحلح يا واد ، كلمها و قرب منها .
عزام: إزاي بس يا عم جميل ، ما البيه زي ما يكون نقلني هنا عشان يبعدني عنها ، مش بقولك عينه منها .
صر جميل أسنانه بغيظ و قال من بينهما: و أنت كمان عينك منك ماتاخدهاش انت ليه ، احسن منك في ايه البيه .
عزام: ما هو مال و جاه و حسب و نسب ، أكيد مش هتبص لفرد أمن يعني
ثار جميل و خرجت كل الأمور عن سيطرته و صرخ فيه : و ماله فرد الأمن يعني ، ما يمكن ارجل من البيه و إلي خلفوه ..... أسمع ، أنت تطلع دلوقتي على البيت تكلمها ، البيه مش هناك ، راح يبص على المحصول الجديد ، و أنا هسهل دخولك و أغطي مكانك هنا ... يالا أتلحلح.
تهلل وجه عزام بفرحة و قال : و النبي صحيح ، تشكر يا عم جميل.
كاد أن يتحرك لكنه عاد و توقف أمام جميل يسأل : بس مش غريبة ، أنت بتساعدني أنا ليه ؟ و الموضوع ده سيرته بتعصبك أوي كده .
نظر له جميل و قال: أصلك بتفكرني بنفسي زمان .. زمان أوي..
فسأل عزام بفضول قاتل: ايه اللي حصل.
شرد جميل قليلاً ثم أستفاق على صوت عزام الملح ليقول له : أنت لسه هتضيع الوقت و تستفسر ، يالا أتحرك روح لها و خليها تسيب البيت و تمشي معاك ، قعادها في بيت غانم مش في مصلحتك .
عزام : أيوه صح ، لازم أروح لها ... بس... مش هتقولي ايه حكايتك ؟
تنهد جميل بحرارة و قال : كل إلي أقدر أقوله إن كلنا في الهوى مجاريح ، و ساعات الزمن بيعيد نفسه من تاني ، روح يا عزام روح ما تضيعش وقت .
إنصاع عزام لحديث جميل و ذهب و قد عزم على مصارحة حلا اليوم .
في حديقة بيت غانم
انكفئت على الأرض تنضف الحشائش و تقتلع الطويل منها ، تنظيفها تنظيف تام كما طلب منها ، حتى أن معظم ملابسها قد ابتلت من الماء الذي سقت منه النجيله الخضراء .
وقفت تسقي أخر شجرة و هي تلهث من التعب و قد تصبب وجهها عرقاً لتجد صوت أحدهم يناديها من الخلف .
ألتفت لتبصر عزام واقف بين مجموعة من الشجر متخفي بغصونها ، ذهبت إليه بسرعة تسأل: عزام ؟! أنت رجعت .
أبتسم لها بإتساع يردد : لأ ، ده انا جاي سرقة .
رددت بصدمة : سرقة ؟ ليه كده ؟
عزام : عشان أشوفك يا حلا ... حلا انا عايز اقولك كلام... كلام مهم أوي ... و دي فرصتي و مش هضيعها ، بصي يا حلا أنا بصراحة... أنا معجب بيكي و....
قاطعه صوت أحد أفراد الأمن يناديها : أنسة حلا..في حد على البوابة عايزك .
عادت تنظر لعزام و قالت: لازم أروح و أنت أمشي لا حد يشوفك.
لكن عزام قال بإصرار : لأ أنا لازم أتكلم معاكي ضروري .
زمت شفتيها لا تعلم كيف تتصرف ثم قالت : لازم تمشي و أنا لازم أروح ، يالا بسرعة.
كان يعلم أن معها حق لذا هز رأسه و ذهب سريعاً و هي كانت تنظر لأثره مردده : حكايتك إيه يا عزام ، هو انا كنت ناقصة ، كده هأذيه معايا و هو مالوش ذنب.
انتفضت على صوت الأمن يناديها مجدداً فذهبت في عجالة خصوصاً و هي تعلم بهوية السائل عنها بل و تنتظره .
وقفت بجوار الباب بعيده نسبياً عن الحرس أمام عادل يفصل بينها سور حديدي يعلو سور البيت ، مد يده بكتاب ثم قال لها : كله تمام و هتلاقيه في الكتاب .
نظرت حلا حولها ثم سألت : يعني ظبطت كل حاجة و هتخلص بسرعه؟
عادل: كلها أيام ، ما تقلقيش..
أبتلع رمقه و هو يتلفت حوله ثم قال بصوت هامس: بس بقولك ايه.... خمسه و عشرين ألف مش كفاية.. أنا غيرت اتفاقي.
استمعت حلا لبوق سيارت غانم لتعلم أنه قد عاد فقالت على عجالة : نعم ؟ عايز كام يعني ؟
جاوب عادل بسرعة: تلاتين ألف.
صدح صوت غانم الغاضب يهز البيت كله هزاً : حلاااااااااااا .
ارتعدت أوصالها و قالت لعادل: خلاص موافقه ، سلام .
هرولت بسرعة مبتعدة و عادل ينظر لأثرها بصدمة يضرب كف بآخر مردداً: دي وافقت ، شكلي أتسرعت كنت قولت لها خمسة و تلاتين .
زم شفتيه بضيق ثم رحل سريعاً.
أما غانم فقد وقف يغلي على نار من نار و حطب و هو يراها بثوبها الأبيض الملتصق على جسدها الناري يفصله تفصيلاً و عيون الرجال تحملق بها و هي تقف لا مبالية تماماً.
ذهب إليها بسرعه يخلع عنه معطفه الشتوي الطويل و ضعه عليها و هي تحاول الحديث : أنا كنت ....
ليقاطعها بنظرة من عينه مردداً: و لا كلمة زيادة هنا ، يالا على جوا .
سحبها معها و هو يكتف يديها و جسدها يلفهم بالمعطق قابضاً بيده علي مقدمته ثم يجرها خلفه.
ذهب بها حيث غرفتها يدفش الباب بقدمه ثم يدفعها معه للداخل .
ألقاها على السرير و وقف أمامها يقول : إيه.. ها... إيه.. واقفه بهدوم لازقة على جسمك كله و عيون الرجالة هتاكلك أكل و أنتي و لا همك ، إيه بتستعرضي نفسك قدامهم ، ده انا أدفنك مكانك.. إنتي فاهمه.
هزت رأسها برعب ثم قالت: والله ابداً ، ده انا كنت بشتغل و أتبهدلت .
غانم: و الله ؟ شغل إيه ده إلي في الجنينه.
فقالت حلا بتحدي : الست سلوى إلي طلبت ، شغلتني شغل الجنايني كله .
رمش بعيناه ثم سأل بضيق و صدمة : إيه ؟ شغل الجنايني ؟ إزاي ؟ ده كتير أوي و عايز راجل عفي و كلة مرمطة .
شعرت بغصة في حلقها خصوصاً و هي تشعر بتعب شديد بدأ في السيطرة عليها و رددت : و هو أنا شغلتي هنا إيه ، ما خدمة و مرمطة .
جلس لجوارها يقول : ما تقوليش كده تاني و أنا سبق و طلبت منك تبطلي شغل أصلا و....
كاد أن يكمل لولا تذكره شيئ فصل الكهرباء عن عقله و قال: أنا شوفتك كنتي واقفه مع حد. مين ده ؟ أنطقي.
خافت كثيراً من هيئته و تحوله المفاجئ و قالت: ده عادل.. عادل كان جايب لي حاجة .
غانم : حاجة إيه ؟ مالك أنتي و مال المحاسب ؟
حمحمت تجلي صوتها ثم قالت: أصله ... أحممم... أصل أنا... بصراحة كده و من الآخر أنا كدبت عليكم .
صمت بصدمة و سأل مبهوتاً : نعم ؟ كدبتي ؟ كدبتي في إيه ؟
رفرفت بأهدابها ثم قالت بترقب و خشية : أنا.. بصراحة أنا مش دبلوم تجارة زي ما قولت لكم .. أنا في كلية .. في سنة تانية كلية تجارة.
كان يسمعها بصدمه ثم سأل: أيه ؟ إزاي ده ؟ طب و كدبتي ليه من الأول ؟
حلا: عشان الست هانم مراتك توافق تشغلني ، دي من غير حاجة كانت رفضاني و أنا كنت محتاجه الشغل أوي.
فصرخ فيها بغضب: و أنا ؟ كدبتي عليا ليه ؟ ازاي مش عارف عنك أبسط التفاصيل كده ؟! إزاي بجد !
هزت كتفيها و قالت: ما أعرفش أنه هيفرق معاك
غانم: نعم ؟
تقدم منها يقبض على ذراعها ثم سأل : قولي ، مخبية إيه عليا تاني ؟ بتكدبي في ايه تاني ؟
اهتزت مقلتيها قليلاً ثم أستدعت الثبات تردد : وو.. ولا حاجة.
هز رأسه يردد : لو طلعتي بتكدبي عليا في حاجه تانيه مش عارف ممكن أعمل فيكي إيه.. حقيقي مش عارف ، بس مش هرحمك ، حتى لو كان قلبي معاكي.
نظرت له برعب قليلاً ليفاجأها بسؤاله: و عادل كان جاي هنا ليه و واقفه معاه تعملي ايه ؟
حلا : كان جايب لي الكتاب من دعاء خطيبته عشان ماعرفتش اذاكر من على النت ، و بعدين ده خطيب صاحبتي يعني .
غانم: و إيه لازمة كل ده ؟
حلا : أصل .. أصل أنا.. عندي أمتحان بكره.
تفاجأ قليلاً و صمت يستدرك ما قالت ثم قال بصوت رخيم: يعني أنتي عندك أمتحان بكرة.
حلا: أيوه.
أبتسم لها بدفئ ثم قال: يبقى تقومي تذاكري و أنا هعمل لحبيبي سامدوتشات و حاجه سخنة و أجي اذاكر لك .
فقالت بإندفاع : لأ شكراً.. كتر خيرك مش محتاجة .
لكنه قال بصوت لا يقبل النقاش : رأيك مش هيفيد ، أنا قررت ، خمس دقايق و راجع ، بس ياريت تغيري لبسك إلي لازق عليكي ده ، الإنسان ضعيف .. و أنا ماسك نفسي عنك بأعجوبة.
خرج من عندها و تركها مبوته و قد هامت في غرامة و نست نفسها لتستفيق سريعاً و هي تبحث عن الكتاب تنظر في الورقة المدسوسة بنصفه و قد شرح فيها عادل كيف سيتمم مهمته بالتفصيل .
و دون في النهاية المبلغ المراد لتردده هي بإنتشاء : أاااه ... تلاته مليون و نص ، امتى بقا .
وقفت سريعاً تدرك شئ مهم ، أنها لابد و أن تختفي من قبضة غانم قبلما تنفذ ما خطتت له خاصةً و قد أقتربت من النهاية .
لتتذكر حديثها في بداية اليوم مع سلوى ، حاولت جمع أغراضها القليلة و خرجت مسرعة مستغلة غياب غانم.
وقفت عند البوابة و قالت للحارث : عايزه أخرج.
فقال: ممنوع.
حلا: بس دي أوامر سلوى هانم حتى كلمها .
الحارث: ما اقدرش كلميها أنتي .
فاسرعت تنفذ و هاتفت سلوى التي أمرت الحارث أن يفعل فما كان منه إلا أن قال : حاضر يا هانم .
ثم أغلق الهاتف ليتهلل وجه حلا التي قالت: مستني إيه يالا أفتح لي البوابة ؟
هز الحارث رأسه و قال: ممنوع.
صرخت فيه بجنون : ازاي ما الست سلوى لسه قايله لك خرجها و أنت قولت حاضر.
ليرد الحارث بهدوء: هي ست البيت و قالت كده فبهاودها ، لكن صاحب البيت و صاحب الشغل مانع خروجك و أنا بنفذ الأوامر و في نفس الوقت بريح دماغي من كلام الستات لسه هقول لها أه و لأ هي وجوزها بقا يبقوا يتفاهموا مع بعض ، يالا أدخلي أنتي على جوا عشان انتي ممنوعة تقفي كده .
دلفت للداخل و هي تلعن صاحبة البيت على صاحب البيت على اليوم الذي جمعها معمهما .
جلست في غرفتها بغيظ شديد و هي تفتح الورقه مجدداً ليدق هاتفها برقم عادل.
فتحت الهاتف تقول : إيه بقا ، مش قولنا نقلل كلام خالص.
عادل: أسمعي بس ، أنا بقول لو نقفلهم أربعه مليون ، إيه رأيك؟
لتجيب برفض قاطع : لأ ، هما التلاتة و نص بس .
عادل: أسمعي بس دي فرصتنا و أنا هظبط كل حاجه ، ده المثل بيقولك لو سرقت إسرق جمل .
لتصرخ فيه : سرقة ايه يا حمار أنت ، أسمع إلي قولته بس هو إلي تعمله و بلاش تجود من عندك الله يبارك لك... الفلوس دي هي قيمة تركت أبويا... مش سرقة.
عادل: يعني إيه ؟ ما فهمتش.
حلا : مش مهم تفهم ،المهم تنفذ ، سلام
أغلقت الهاتف معه و تفكر شاردة ، فهذا هو تمام هدفها..... المال ، قيمة تركت والدها من تجارة و محلات و عقارات ، لم تأتي كي تنتقم من غانم أو لتجعله يموت من عذاب حبها لم تتوقع أن يقع لها من الأساس أو قد يعتنيها بنظرة ، خطتها كانت مختلفة.. كلها منصب حول المااال و فقط .
انتفضت على صوت الباب و غانم يدلف و معه صينيه عليها شطائر لذيذه مع مشروب الشاي بالحليب يردد : أنا جيت عشان اذاكر لحبيبي .
بللت شفتيها بتوتر ، لا تعلم لما يزيد الأمر صعوبة عليها ، لن تجادل مع نفسها ، تعترف أن له هيمنة عليها غير عادية .
جلس و فتح أحضانه لها يردد : تعالي يا روحي .
رفعت إحدى حاجبيها لها تسأل: و أنا هعرف اذاكر كده ؟
غمز لها و قال: طب جربي ، ده هتبقى أحلى مذاكرة .
شئ ما داخلها دفعها لتجرب ، كأنها تريد ذلك و بشدة خصوصاً و هي تنوي الهرب منه بالغد بعد إنتهاء الامتحانات ، فالحرم الجامعي كبير و سيسهل عليها فعلها.
انصهرت تماماً في أحضانه تستمتع بدفئها خصوصاً مع صوته المميز و هو يشرح لها بسلاسة يخبرها في وسط الحديث أنه أيضاً خريج كلية التجارة مثلها .
في اليوم التالي .
أنهت أداء امتحانها سريعاً ، لم تقف مع أصدقائها ، خطتها في الهرب أهم بكثير.
حاولت السير بسرعه في اتجاه غير إتجاه الخروج لكن أوقفها صوت عزام الذي ساعده العم جميل في التزويغ من عمله و أخبره بميعاد تواجدها في الجامعة.
وقف أمامها فقالت : عزام ، إيه إلي جابك هنا ؟
عزام : جيت أقولك إلي بقالي كتير عايز أقوله.
تناول يدها بين يديه و وضعها قرب قلبه بوضوح ثم أكمل : حلا ، أنا بحبك يا حلا ، بحبك أوي و عايز أتجوزك .
حلا بصدمة: إيه؟
عزام: أيوه و لازم تسيبي الشغل عند البيه و أنا كمان سبيه و نهرب و نتجوز هو مالوش سلطة علينا و أنا هلاقي شغل غيره عادي و أنتي تتتستتي في بيتي و تبقي ليا و بس ، قولتي إيه ؟ تهربي معايا ؟
فقرت لثواني ، فقط ثواني لكن غانم لم يمهلها أياها ، و صرخ فيهما : حلااا .. عزام
قبض على ذراعها يقول : بتعملي إيه عندك ؟
لم يهتم لعزام كثيراً و قبض على ذراع حلا يرغمها على الدخول للسيارة .
حاول عزام التدخل لكن رجال غانم تعاملوا معه.
وصل للبيت يشق الطريق و هو يتوعد لها .. فتح باب السيارة و إلتف يفتح بابها .
مد يده جذبها منها و هي تصرخ : سيبني ،سيبني ، أنا عملت إيه ؟
جرها معه للداخل و هو يردد : عايزه تهربي معاه ، عايزك تتجوزيه ؟ و أنا ؟ أنا إلي حبيتك تعملي معايا كده ؟
حاولت نفضه عنها تصرخ : أنا ما عملتش حاجه ، و ماكنتش وافقت .
فصرخ هو الآخر بقهر : بس وقفتي و سمعتيه و سبتيه يقول ،قرب منك و مسك أيدك.
جذبها مجدداً يقول : تعالي بقا معاياااا .
فتدخل جميل على الفور الذي تقدم هو وابنه يقول : ايه يا ولدي ده إيه اللي حصل.
لم يجيب عليه غانم و صرخت حلا و هي تراه يأخذها معه للسلم المؤدي لغرفته لتصرخ : لااااأ ، أنت موديني فين ؟
جميل مجددا : سيبها يا ولدي و أخزي الشيطان.
كرم: سيبها يا باشا البت مش أدك .
لكنه صرخ فيهم أخرصهم بصوت عاصف: ماحدش يتدخل بينا ، سامعين.
و أستمر في جذبها معه لتصعد السلم و هي تحاول التحرر من قبضته تستعطفه أن يتركها.
فتح باب غرفته و ألقاها بالداخل ثم قال: كان لازم تعرفي أنك بتاعت غانم صفوان و تتعاملي على الأساس ده.
رغم رعبها الشديد لكن سخطها و كرهها كان أضعاف فدبت قدمها في الأرض تردد : أنا مش بتاعتك ، أنت فاهم ، مش بتاعتك و مش بتاعت حد .
نظر لها بأعين شيطانيه سوداء ثم بدأ يفكك في أزرار قمصيه و هو يردد : خلاص أخليكي بتاعتي .
خلع عنه قميصه ليظهر جسده المتحفز بكل عضله فيه لها يريدها و هي أيضاً تحفزت تتذكر رنا و مصيرها تقسم أنها لن تنال نفس النهاية و هي تردد : على جثتي ، كله إلا كده .....
لكن غانم كان يخطو ناحيتها بنفس الإصرار يقسم هو الآخر أن يفعل طالما أنها صعبة الترويض هكذا .
لذا لا حل معها سوى أن يحتلها أولا ثم يتفاوض .