اخر الروايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام احمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام احمد 




الفصل الثالث عشر
يمكن ان ننتظر الاشياء عمر بأكمله ولا تاتي، وهناك اشياء تأتي اليك دون توقع عندما تتخلى عن التفكير بها؛ لأنها تبعد عنك بعد السماء عن الارض، هكذا هي الدنيا نتعلم منها في لحظة عبرة ودرس لم يكن في حسباننا، تعطينا اشياء وآمن علينا باخرى وتحرمنا من غيرها، بالرغم من ذلك تظل الدنيا محسوبة عليك.
فخذ ما تعطيه لك بصدر رحب مهما كان، وتقبل ماتمن عليك به، واستعرض الله عز وجل فيما حرمتك منه لعل المانع خير لك.
ظل الدكتور خالد يتمنى تلك اللحظة سنوات، لكنه لم يقدم عليها مرة واحدة لاعتقاده انها تبعد عنه بعد السماء عن الارض، وها هي قد اتت إليه على طبق من ذهب دون اي معاناة؛ ذلك لأنه يستحقها.
عندما اخبره السيد فارس برغبته في الزواج من ابنته، لم يكن يصدق ما يسمعه، انتابه التوتر والصدمة تملكت منه، ظل صامتا لفترة وجيزة يستوعب ما يسمعه، هل حقاً ستكون لي؟! هل حقاً سأحصل عليها؟! لقد كانت حلمه الوحيد منذ أن رآها للمرة الاولى بعد انفصالها عن فوزي.
نظر إلى السيد فارس مبتسما وقال:
-انااا عمري ماكنت اتخيل اني هتحط في الموقف ده، انا سعيد جدا بطلبك وفرحان جدا بكلامك يمكن لو فضلت عمري كله افكر اللحظة دي هاتكون ازاي مش هايخطر في بالي انها هاتكون كده ابدا، انا بحب ليلى يا عمو فارس بس عمري ماصارحتها بده، تأكد إن امانتك محفوظة في قلبي وعنيا لحد ماموت.
-وده عشمي فيك يا خالد يبني، ربنا يريح قلبك زي ما ريحت قلبي، ممكن تبعتهالي من برا عايز اتكلم معاها.
-حاضر من عنيا، بس ليلى ممكن ماتقبلش الموضوع بسهولة من فضلك مش عايزة تضغط عليها في اي حاجة.
-دي مسؤليتك انت بقا انك تقنعها بيك.
-ان شاء الله بعد اذن حضرتك.
-اتفضل يبني.
خرج خالد من الغرفة وكانت ليلى تخرج من غرفتها واغلق الباب، تقدم خالد وقال:
-فارس نام والا إيه؟
-اه لسه نايم، في ايه يا خالد بابا ماله؟
-مفيش حاجة اطمني، في أمانة كان عايزني اوصلها لحد معين بس ده كل الموضوع.
-خالد انت محبي عليا حاجة انا مش مرتاحة، وبعدين امانة ايه دي ولمين؟!بابا عمره ماقالي على حاجة زي كده.
-عمو ما ادخليه هو عايزك كمان انا رايح مشوار صغير كده وجاي.
-رايحة فين؟
-هههه بهزر هعمل تليفون كده على مانتي تخلصي كلام مع بابا.
-اه ماشي طيب ماتمشيش؛ عايزة اتكلم معاك بخصوص موضوع داليا وخليل.
-تمام مستنيكي.
دخلت ليلى إلى غرفة والدها وجلست امامه على مخدعه، امسكت بيده تقبلها:
-ايه يا حبيبي عامل ايه دلوقتي؟
-اسمعيني كويس يا ليلى، انا طول عمري بعملك اللي انتي عايزاه يبنتي وعمري ماضغط عليكي في حاجة، حتى موضوع فوزي ده كان اختيارك ورغبتك، علشان كده انا عايز اطلب منك طلب انهاردة ومش عايزك ترفضين ولا تراجعين فيه.
-خير يا بابا اتفضل انا عنيا ليك، اؤمرني.
-خالد طلب ايدك مني وانا وافقت، مش عايزك تردي كلمتي يا ليلى واعتبري ده اخر طلب هطلبه منك، انا عايز اكون مرتاح ومتطمن عليكي قبل ماموت.
دمعت ليلى وقالت:
-بعد الشر عليك يا بابا ماتقولش كده انا معرفش اعيش من غيرك انا وفارس.
-ده امر الله يا بنتي لكل أجل كتاب محدش بياخد اكتر من نصيبه.
-بابا علشان خاطري ماتقولش كده.
-اطمني انا كويس يا ليلى، بس عايز
اطمن عليكي ريحني يا ليلى ريحني.
-حاضر يا بابا اللي تشوفه حضرتك حاضر بس حضرتك تقوم بالسلامة كده وتخف وهعملك كل اللي انت عايزه.
-اندهيلي خالد من فضلك وتعالي معاه.
-حاضر.
فتحت ليلى الباب ونادت على خالد فحضر إليها، جلست ليلى امام والدها على مخدعه ووقف خالد بجواره، امسك السيد فارس بيد كل منهم وجمعهما معا وقال:
-انا راضي عنكم وربنا يوفئكم في حياتكم، خالد عملت اللي قلتلك عليه؟
-حصل يا عمي زمانهم على وصول.
-طب ساعدني يبني عايز اخرج برا اقعد معاكم شوية.
-عنيا حاضر اتفضل على مهلك يا عمي.
خرج السيد فارس وجلس على كرسيه المفضل وطرق الباب، ذهب خالد يفتحه وحضر خليل واحد اصدقائه وبرفقتهم المأذون الشرعي.
تعجبت ليلى وقالت باستغراب:
-هو في ايه؟! انا مش فاهمة حاجة.
أقبل عليها خالد ومد يده إليها قائلاً بلطف:
-ليلى تقبلي تتجوزيني؟
اومأ إليها والدها برأسه بالقبول، فمدت يدها إليه قائلة:
-اقبل.
جلس الجميع وتم عقد قران خالد وليلى كما كان يرغب والدها، بعد الانتهاء وقف الجميع يبارك ويهنئ ليلى وخالد، كانت هناك ابتسامة عريضة على وجه السيد فارس لم تراها ليلى من قبل، ظنت انه سعيدا للغاية بزواجها لكنه كان سعيدا بشئ آخر.
دخلت ليلى المطبخ لتحضر مشروبات بادرة للجميع وتضايفهم، بينما يمزح الجميع كان السيد فارس يبتسم لتلك الملائكة التي تخرج من غرفته، وزوجته الجميلة التي كانت ترتدي فستان ابيض اللون وخصلات شعرها المسدول، اقتربت منه ومدت يدها إليه قائلة:
-يلا يا فارس.
-يلا يا حبيبتي.
امسك بيدها وغادرت روحه معها إلى الابد، لكن جسده في محله اغلق عيناه ومالت رأسه إلى اسفل، ظنت ليلى إنه قد غلبه النوم فقالت:
-بابا حبيبي؟ خالد ممكن تسنده معايا ندخله اوضته يا حبيبي نام وهو قاعد.
اقترب خالد وكان يعلم أنه قد فارق الحياة، أمسك بيدها يتفقد نبضه، رفع عينيه ينظر إليها بصدمة، صدمت ليلى من نظراته عندما صمت عدة ثوان فقالت وهي تهز رأسها يميناً ويساراً:
-لأ صح لا قول إنه لا.
جلست على ركبتيها ورفعت وجهه ممسكة بذقنه:
-بابا؟ بابا؟ رد عليا والنبي رد عليا يا بابا، انا عملتلك اللي انت عايزة قوم والنبي كلمني يا بابا، رد عليا.
قام خالد وامسك بها يبعدها عنه، ضمها إليه بشدة عندما علت صرخات بين احضانها تنادي:
-بابااااااااا لاااااااااا لاااااا يا باباااااا.
كانت تلك هي المرة الاولى التي يضم خالد ليلى إلى حضنه والمرة الاولى التي تتوجع فيها ويزأر قلبها الماً بين ضلوعه.
فقدت ليلى والدها ووالدتها وحب حياتها لكن عوضها الله بفارس ابنها وبخالد الذي يعشقها حد الموت، تلك هي الدنيا فراق وقران في آن واحد وهذا اكبر دليل على أن الدنيا لا يمكن التحكم بها ولا بما ستفعله، يمكن ان تخطط كما تريد لكن ماسيكون هو كما الله يريد.
ظلت ليلى فترة من الزمن حتى تستوعب غياب والدها لقد اصبحت يتيمة الاب والام، تلك اصعب لحظات الحياة أن يفقد الشخص والده ووالدته.
ظل خالد يتردد عليها من حين لآخر لم تكن تعلم عائلته بزواجه منها بناءاً على رغبتها.
بعد مرور ثلاثة أشهر يحاول فيها خالد قدر المستطاع أن يقربها إليه وينسيها حزنها ويخفف عنها، ذات ليلة جلست ليلى في غرفتها بعدما خلد صغيرها إلى النوم، تجول في خاطرها الف فكرة وفكرة وفجأة قامت وتوجهت إلى الاستحمام وخرجت ارتدت ثوب نوم ابيض اللون ورقيق، وتزينت وتعطرت، ذهب إلى غرفة خالد وطرقت الباب.
كان خالد يرقد متكأ إلى الخلف على سريره، يضع يديه خلف رأسه شاردا، بعدما انهى مكالمة مع والدته واخبرها فيها أنه لديه مناوبة عمل وسينام الليلة في المشفى، قام جالساً وهو يقول:
-اتفضل.
فتحت ليلى الباب واستبقتها رائحتها العطرية التي لا تقاوم، تخللت أنفاسه وشهق منها براحة لا توصف، عندما دخلت خطوتين إلى داخل الغرفة ورآها بتلك الحالة وهذا الجمال، ظن انها قد افرجت عنه واخيرا من سجنه في بعده عنها.
ظل يردد في خاطره:
-معقول يا خالد خلاص؟! معقول اللي انت شايفه ده، اه يا قلبي انا مش مصدق عنيا.
اقبلت عليه ليلى خطوتين، ابتسم إليها وتخيل ما لك انت تتخيله كيف يفكر عاشق عندما يمكن الحصول على معشوقته، سنوات شوق وانتظار ومازال القلب منتظراً.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close