رواية جوازة نت الفصل الثاني عشر 12 بقلم مني لطفي
دفعت منة صدر سيف بقوة فتركها رغما عنه وما إن تحررت من قبضته حتى رفعت يدها لتهوى على وجهه بصفعة مدوية من دون شعور !!....
ساد السكون من حولهما والذي لم تجرحه الا صوت دقات الساعة الرتيبة، في حين انتبهت منة الى ما فعلت فشهقت شهقة صغيرة وهي تتراجع بضعة خطوات الى الخلف بينما اكتست عينا سيف نظرة غامضة، خرق صوت سيف السكون المحيط بهما وهو يتساءل بهدوء:
- يا ترى القلم دا خلّاكي تهدي؟...
نظرت إليه منة بشرارات نارية تتراقص في مقلتيها وتحدثت بغضب:
- ولا... أي حاجه هتخليني أهدي يا سيف!...
اقترب سيف منها بضعة خطوات حتى وقف على بُعد إنشات قليلة منها وأجاب بصوت منخفض:
- مسيرك هتهدي يا منة، بس وإنت في بيتي، وبناتي في حضني، أنت عارفاني كويس أوي ، عمري ما بزهق بسهولة، وفي موضوع انت وبناتي طرف فيه يبقى عمري ما هزهق خاالص، أنا غلطت واعترفت ما أنكرتش ، توبت واستغفرت ربنا كتير، إذا كان ربنا بيسامح ويقبل التوبة، إنت مش عاوزة تسامحي ليه؟!!...
تحدثت منة بصوت خرج بالرغم منها مهزوزا:
- علشان أنا إنسانة عادية، أنا مش ملاك...، اللي انت عملته دا شيء بشع، انت فاكر الموضوع بسيط؟، ايه واحده عرفتها وسيبتها علشان بيتك ومراتك وخلاص؟!، لا يا باش مهندس، ما سألتش نفسك الجواز اللي بينكم دا مدى شرعيته إيه؟..
أجاب سيف بابتسامة ساخرة بينما حمل صوته دهشته من سؤالها:
- شرعيّة إيه؟، بقولك دا .. نِت!، يعني كدا وكدا، لعب في لعب من الآخر ، فين الشرع اللي في دا عاوز أفهم أنا؟!!..
عقدت منة ذراعيها أمام صدرها وقالت باستخفاف:
- علشان فيه حاجه بسيطة اوي تاهت منك يا أستاذ!، نظر اليها سيف بتساؤل وترقب في حين تابعت هي بجدية بالغة:
- الورقة اللي انتو كتبتوها بينكم ع النت.. اتشيرت لناس كتير، أبسط مثال لاصحابك مثلا واصحابها، يعني....إشهار !!، تقدر تقولي ما فكرتش ولو ثانية انه جوازة الـ... نِت اللعبة دي قلبت جد؟!، ما جاش في بالك الكارثة اللي حصلت؟، المفروض أساس الجواز الاشهار بدليل ايام الرسول عليه الصلاة والسلام ما كانش فيه لا ورق ولا حاجه، بيعلنوا عن الجواز بالدف ووليّ العروسة يقبل زواج العريس ، وفي ايامنا دي لسه في مناطق زي البدو في سينا مثلا.. لا.. فيه مأذون، و...لا ورق، ولا... يحزنون، تقدر تقوللي ما فكرتش انك دلوقتي فعلا متجوز انسانه زبالة زي دي؟!، انا مش هقول مثلا لو جالها عريس يبقى هيّ وضعها ايه متجوزة ولا لأ..لأنه واضح انه مش هيكون فارق معاها، لأنها واضح بردو أن الحلال والحرام دا آخر حاجه ييجي في بالها انها تفكر فيها...، صمتت قليلا بينما تسمّر سيف في مكانه غير مصدق لما يسمعه منها بينما تنهدت منة بعمق وتابعت بأسى:
- الموضوع للأسف عبارة عن كارثة بجميع المقاييس يا سيف، وأنا مش عاوزة أدخل لا أنا ولا بناتي المعمعه دي، علشان كدا يا ريت تقتنع أنه فعلا ما فيش غير حلّ واحد بس....
+
نظر اليها سيف بنظرات سوداء وسألها بهدوء بينما فضحت توتره اختلاجة عضلة فكّه:
+
- اللي هوّ؟،،،
+
أشاحت منة بعينيها بعيدا وأجابت بخفوت:
+
- الطّ.....، ليصدح صوته آمرا بقوة وهو يقطع المسافة التي تفصلهما في خطوتين اثنتين واقفا أمامها يقول بحدة آمرأ:
+
- إيّاكي، شوفي إيّاكي تنطقيها، انسي الفكرة المجنونة اللي في دماغك دي، وجواز صح ولا غلط دي مش مشكلتك، دي مشكلتي أنا وأنا اللي هحلها، وحاجه أخيرة يا منة...
+
وفاجئها بأن أمسك بجانبي رأسها بين راحتيه مقرّبا وجهها منه وهمس أمام شفتيها:
+
- أنا مش هسيبك، لا انهرده ولا بكرة ولا حتى لو فضلتي بعيد عني عشر سنين!، انتي مراتي وأم بناتي، وانتي وهمّا كل حياتي ، فياريت تدخلي الكلام دا في مخّك الناشف دا لأني لما هآجي المرة اللي جاية هآجي علشان ترجعوا بيتكم...
+
لم يتثنى لها الرد عليه اذ تناول شفتيها في قبلة سريعة ولكن حارقة ثم تركها وهو ينظر اليها بنظرات متوعّدة ، قبل ان يستدير منصرفا ولكن قبل ان يغادر وقف أمام باب المنزل قائلا:
+
- بوسيلي هَنا وفرح، وقوليلهم بابا جاي قريب اوي علشان ياخدنا ونرجع بيتنا تاني، فاهمه يا منة؟...
+
لم يدع لها المجال للأجابة وانصرف مسرعا صافقا الباب خلفه، في حين جلست هي على المقعد وراءها وهي تشهق بغصات بكاء حار بينما سالت دموع غزيرة تغسل وجنتيها الشاحبتين...
+
*************************************************
+
سافرت عائلة منة الى الاسكندرية حيث الخالة سهام، صممت الأخيرة على استضافة عائلة شقيقتها كاملة في منزلها السكني، وعندما تعللت عواطف باستحالة ذلك نظرا لضيق المكان مقارنة بعددهم، فهي ستصطحب معها منة وابنتيها واحمد وزوجته وابنته وطبعا خلافها هي وزوجها، ولكن سهام أخبرتها بأن النساء سيمكثن في منزلها بينما الرجال سيمكثن في شقة نادر التي تعلو شقتها!!،،،
+
كانت منة تسير بمحاذاة الشاطيء تاركة ابنتيها تلهوان مع ابنة أخيها مرام تراقبهن إيناس بينما أحمد يسبح في مياه البحر الفيروزية، كان هواء البحر المحمل برائحته العبقة يضرب وجهها الفتيّ، بينما يتطاير طرف وشاحها الحريري فغدا كشلال من اللون الابيض يتناثر حولها مما أكسبها جمال أخاذ جعلها كلوحة تحبس الانفاس لروعتها التي تخلب الألباب، وقفت أمام شاطيء البحر تتأمل أمواجه المتلاحقة، وشردت في حالها، هي في الاسكندرية منذ يومين ولا تعلم شيئا عن سيف، كما أنها لم تخبره عن سفرها هي والبنات برفقة عائلتها، ولم يفاتحها أحد من عائلتها بشأنها هي وسيف، فشكرت لهم امتناعهم هذا حتى تستطيع جلاء عقلها والتفكير برويّةٍ بأمرها هي وسيف، وكلّما مرّ الوقت وأمعنت في التفكير تجد أنه لا مناص مما منه بُد، فستظل الكلمات التي قرأتها وما شاهدته من لقطات أمام عينيها حتى عند أغماضهما فإن ما علمته يرتسم أمام مخيلتها وبكل وضوح...
+