رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف
لا يُعرف الأصيل ببداية المُصاحبة، فالكل أصيل في البداية، بل يُعرف مع الوقت، حيث تتجلّى أصالته ببطء كتجلي الأفلاق ساعة الغَداة ، ستعرفه مع وحشة الترحال وتبدل الأحوال وهجير الدروب واشتداد الكروب، من نزاهة بطانته، وحصافة عقله، ورأفة قلبه، ورَيْث خُطاه، وسعة صدره، وطول صبره."
+
في المحطة الفضائية الخاصة بالإعلامية هند علام كانت مكة تجلس في مكتبها وأمامها اللابتوب الخاص بها وتتابع عملها بكل أريحية ،
+
كان أمامها أيضاً كوبا من القهوة الفرنسية التى تعشقها وتشعرها بالدفئ في ذاك الشتاء القارص فهي تكره فصل الشتاء بشدة نظرا لخفة جسدها ولأنها تشعر بالبرودة بسهولة ،
+
ثم أمسكت كوبها وأدخلته من تحت نقابها بإحدى يديها وبالأخرى نحت النقاب قليلا كي ترتشف قهوتها كما هى معتادة ،
+
سمعت دقات على الباب فأنزلت الكوب ثم عدلت من نقابها وأذنت للطارق بالدخول ،
+
أما الآخر أخذ نفساً عميقاً وزفره بعمق ثم عدل من هندامه ودق مرة واحدة قبل أن يفتح الباب ويدلف ،
أما هي كانت عيناها مصوبة تجاه الباب وما إن رأته حتى اندهشت ، شعر ذاك الآدم اندهاشها من نظرة عيناها ثم ردد مستئذناً:
+
_ السلام عليكم ورحمة الله ، ممكن أدخل .
+
أشارت إليه بيداها وهي تردد بصوت خفيض تستدعيه في حضرة اي رجل :
+
_ اتفضل يا فنان ، بس سيب الباب مفتوح.
+
ترك مقبض الباب وفتحه على وسعه كي تطمئن ثم جلس أمامها ونظر إلى عيناها بعمق شعرت به وبات داخلها يدق حيرة ،
+
ثم تحمحم قائلا:
+
_ اممم ، شكلك متوترة كدة ليه وخايفة ، متقلقيش يابنتي مش هاكلك والله.
+
شبكت أصابع يديها المغطاة بالجواندي ثم هتفت بخفوت :
+
_ له عادي يعني مش متوترة ولا حاجة بس مستغرِبة .
+
ضم حاجبيه وسألها :
_ ليه مستغربة يا آنسة مكة هو أنا وجودي هنا مضايقك ؟
+
هزت رأسها بنفي وأجابته :
+
_ لااا خالص يافنان حضرتك تشرف في اي وقت بس كل الحكاية إني مش متعوَدة إنك بتروح لحد مكتبه .
+
أومأ لها بأهدابه ثم ردد وهو مبتسماً:
+
_ هو إنتي أي حد برده ، ده إنتي معذبتي .
+
فتحت فاهها من تحت نقابها بدهشة من رده ثم تفوهت بكلمة واحدة يغلبها التعجب:
+
_ هااااا .
+
دق قلبه لخجلها ورقتها الذي استشفهم من نبرتها ونظرة عيناها وأردف بتأكيد:
+
_ هااا مين ياآنسة ، بصي بقي أنا عايزك تسيبك من وضع الصامت ده والجواب اللي على قد السؤال وتدخلي معايا في الحوار علطول .
+
بنبرة صوت جادة وبعينين صارمتين سألته:
+
_ هسألك سؤال يافنان وتجاوبني بكل صراحة لأني بحب الصراحة جداً ومليش في اللف والدوران ،
+
سعد داخله لأنها فهمته واقتصرت طريق المقدمات عليه وأماء لها برأسه أن تسأل فأكملت هي استفسارها :
+
_ هو إنت عايز مني ايه ؟
+
اصل غريبة إن فنان بمكانتك ياجي كل شوية يجر كلام مع واحدة زيي بَعيدة كل البعد عن محيطه وإنت مكانتك متسمحش بإكده واصل ولا وضعك الاجتماعي فممكن تفهَمني بوضوح إيه اللي حضرتك عايزه مني .
+
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقا تحدث شارحاً:
+
_ بصراحة كدة أنا حاسس ناحيتك بشعور عمري ماحسيته تجاه واحدة قبل كدة ، كل لما بشوفك ببقي عايز أفضل باصص لك بالرغم من اني مش شايف حاجة منك غير عنيكي ، ولما ببعد عن المكان اللي شفتك فيه بحس اني مخنوق واني عايز ارجع له تاني ، أنا حاسس في وجودك إحساس جميييييل جداً باختصار أنا مشدود لك أوووي يامكة .
+
دقات قلبها ارتفعت أصواتها داخل صدرها ولم تعلم مالسبب ، لم تتوقع أن يأتي إليها يوماً من الأيام نجما مشهوراً ويقص إعجابه بها ، لم يأتي بمخيلتها تلك الصدفة التي جمعته بها وتوالت بعدها الصدف ، شعرت بالاحمرار يغزو معالم وجهها خجلاً ودهشة ولم تعرف بما تجيبه فهي لم تتوقع منه ذاك الاعتراف يوماً ،
+
ثم أجمعت شتاتها وابتلعت أنفاسها وهتفت بكل وضوح كي تنهي علاقة خاطئة ومن المستحيل أن تستمر :
+
_ بس أني وانت طريقين مختلفين تماماً ومننفعش نكون مع بعض خالص يافنان .
+
انزعج من حكمها لعلاقتهما ولم يهمه إن كانت تفكر به أم لا كل مايهمه الآن أن يستريح قلبه المـ.ـولع بعشقها وعيناه التي تسهر تتمنى رؤياها وطيفها الذي يأتي أمامه كخيال حينما يشتاقها لقد وصل في عشقه لها ذروته وهتف معللا ومدافعا عن حقه في عشقها :
+
_ ليه تحكمي على علاقتنا وهي لسه متولدتش إنها هتـ.ـموت !
أنا عايزك في حياتي يامكة ومصمم على وجودك إنتي بالذات فيها علشان أول مرة أحس الإحساس ده معاكي إنتي ، أول مرة قلبي يدق بالطريقة دي ، أول مرة أحس إني متعلق بحد كدة ومش عارف أخرة تعلقي ايه .
+
تسلل داخلها شعوراً بالعطف تجاهه وتأثرت بكلماته ولكنها لم تشعر تجاهه شعور الحب الذي تسمع عنه ، لم يدق قلبها وتسحر عيناها من أول نظرة كما يقولون ، لم تشتاق لرؤياه كما يشتاق المحبين كمثله ، وغير كل ذلك هي وهو علاقتهم محكوم عليها بالفشل فهو عالم وهي من عالم اخر تماماً ، استجمعت شتات تفكيرها وأجابته بتعقل :