رواية لهيب الهوي الفصل الثامن 8 بقلم شيماء الجندي
الفصل الثامن ” وحيده ”
ركضت الي جناحهم ودموعها تهطل بغزاره لم تعد
تطيق تلك الاهانات … هو يكرهها حسنا.. تزوجها من اجل وصيه تعلم ذلك ايضا،
لكن ليس من حقه اهانتها إن لم يتدخل “سيف” بالاسفل حائلا بينهم لكان استمر
بجنونه ذلك.. تعالت شهقاتها تحتضن جسدها جالسه بالارضيه ظلت نظرات تلك
الافعي المتشفيه بها تتكرر داخل عقلها وكأنها ترفض أن ترأف بحالها …
استمعت
الي خطوات عنيفه تقترب لتهب علي الفور مسرعه الي غرفه ابنائها مغلقه الباب
مُوصده اياه خلفها لكنه وقف خلف الباب يطرق الباب بقوه قائلا:
-افتحي يارنيم احسنلك !!
صاحت غاضبه تتحامي بذلك الباب الذي يمنعه عنها:
-هتعمل ايه يعني اكتر من اللي عملته … انت انسان همجي وانا مش عايزه اعيش معاك انا بكرهككككك!!
صاح بها وهو يركل الباب بعنف:
-وانا مش عايز واحده زيك تحبني !!
استشاطت
من كلماته للغايه لم تتركه يقلل من شأنها اكثر من ذلك اتجهت الي الباب
تفتحه بعنف ثم بادرته بلكز اياه بغضب بصدره تصرخ غاضبه بقهر ثم توالت علي
صدره ضرباتها الحانقه من يديها الصغيرتين:
-انا مش مجنونه ولا رخيصه
…انتوا اللي مفتريين وهمج ممكن تعملوا اي حاجه عشان الفلوس …. مش ذنبي ان
عمي وابنه نهبوني … مش ذنبي انهم حبسوني في المستشفي دي عشان ماتكلمش..رغم
اني مكنتش هقدر اعمل ده … مش ذنبي ان اخوك بعد ماكان بيطمني واتجوزني عشان
يحميني..اعترفلي بحبه.. انت متعرفش اي حاجه.. زيك زيهم.. محدش سمعني غير
شهااب … محدش صدقني غيره …محدش كان بيحميني غيره !!
وقفت تلهث دموعها تتساقط احمر وجهها سقط وشاحها لتُكمل صارخه مستغله صمته:
-انت
متعرفش حصلي ايه في المستشفي دي … محدش كان معايا …. مكنش ليا حد بعد مoت
بابا وماما … محدش رحمني … انت متعرفش اي حاجه عني …. انتي ضربتني عشان
رديت علي بنت عمك !! زعلك الرد بتاعي … فاكر ان قلمك هيسكتني !! مش هسكت
واي حد هيفكر يجي جنبي او جنب ولادي مش هرحمه ….. انتوا مش بشر … انتوا
شويه شياطين وانا مش هسيب حد يذلني تاااااااااني !!
نظر اليها بملامح صارمه يقول:
-برافو
بس للاسف مش هصدقك زي شهاب.. انا مش طيب زيه …. انا متأكد انك لفيتي عليه
زيه الحيه لحد ماتجوزك.. واخدتي كل فلوسه وهفضل شاكك فيكي ما يظهر القاتل …
عاوزه تقنعيني انك يعيني البنت الضحيه اللي اخويا وقع في حبها !!
اقترب منها يقول:
-انتي في منتهي الغباء … انتي متعرفيش شهاب كان قريب مني ازاي !!
عادت الي الخلف رافعه سبابتها بوجهه تقول بعنف ونبره تحذيريه:
–
اياك تقرب مني تاني … تصدق او متصدقش انت ولا حاجه … وتكذبيك ليا او
تصديقك مايفرقوش معايا … انت نفسك ماتفرقش معايا … احنا بينا اتفاق.. ينتهي
وكل واحد يروح في حاله … ولو فكرت تمد ايدك عليا تاني سواء قدام حد او
لوحدنا لاني مش بس هردلك اهانتك لا انا هوريك المجانين اللي زيي بيتصرفوا
ازاي ساعتها وصدقني مش هتعرف توقفني بحقن ولا بمليون قلم !!!
ثم أكملت وعينيها تزداد توهجًا:
–
اما بقي البس ايه واقلع ايه ومرات زفت الرفاعي او غيره دي متخصكش متنساش
ان جوازنا اتفاق مش اكتر فاحسنلك بلاش دور سي السيد معايا.. انا هغير هدومي
وانزل الشركات من النهارده.. هتيجي تبدأ في تنفيذ وصيه اخوك … انت حر مش
هتيجي يبقي احسن برضه انا مش عايزه اشوف وشك … وعايزه مفاتيح عربيه شهاب
القديمه … !!
قالت كلماتها بتحدي سافر.. وكأنها تحولت بلحظات ليبتسم بسخريه مرددا:
-مش عايزه تشوفي وشك.. ايه مبقتيش خايفه يعني !!
اقتربت منه تنظر اليه عينيه تقول:
-مش
هتعمل فيا اسوأ من اللي اتعمل …. بما انك شايفني واحده قذره ورخيصه
وقاتله..يبقي خاف علي نفسك ومتقربش مني … وياريت متتحشرش في امور الستات
تاني … لاني المره الجايه مش بس هزعق في بنت عمك.. لا هجيبها من شعرها كمان
… وهما المجانين بيعملوا ايه غير كده !!
نظر لها بغضب يقول بتحذير:
-رنيم انتي زودتيها انااآآآ …!!
قطعت حديثه تقول:
-انت كداب !!
نظر لها باعين متسعه لتُكمل:
-ايوه
كداب … كدبت عليا وقولت ان جوازنا مش اكتر من تنفيذ وصيه … وانت غرضك
تنتقم !! بس للاسف ياايهم هتضيع وقتك معايا..!!! انا..مش ممكن اقتل
شهاب…اما حكايه فلوسه دي فهي حاجه تخصني انا وهو … عاوز تعتبرني انا اللي
قتلت شهاب اوك !!
ثم اتجهت الي غرفه الملابس تخرج ليتجه خلفها بقلق
وجدها تتجه ناحيه ملابسه مخرجه شيئ ثم تقدمت منه مُمسكه بالسلاح الناري
الخاص به..تقول:
-امسك اضربني بالنار يلا !! لو ده هيريحك ويحسسك انك اخدت حق اخوك يلا !!
نظر لها جازا علي اسنانه يقول:
– رجعيه مكانه وماتخلنيش اعملها فعلا.. اسلوبك ده مش هيغير …آآآ!!
قاطعته تقول وهي تفتح يده واضعه السلاح به
-وانا مش عايزه حاجه تتغير … انا عايزه اريحك واريح نفسي … !!
لتتساقط دموعها وتُكمل
-انت
تقدر تخلص عليا من اول يوم دخلت فيه هنا..لو كنت متأكد من كلامك … انت بس
مش لاقي حد غيري تطلع وجع فراق شهاب فيه …. رغم اني زيي زيك واكتر..انت
شهاب كان بالنسبه ليك اخ..اب … انا كان كل حاجه ليا.. مكنش عندي غيره … يلا
ياايهم … اقتلني …!!
امسك السلاح بغضب ثم اتجه الي مكانه يعيده به يقول
-اجهزي عشان نروح الشركه !!
ثم
اتجه الي الخارج مُغلقا الباب خلفه بغضب وعقله لم ينفك عن التفكير.. هو
اخطأ بلطمها.. لكنه خاف من تماديها هي لم تكذب … هو يخرج وجعه بهااا كلما
يراها يتذكره.. منذ امس وهو يتصرف بغرابه.. كيف له ان يصفعها امام الجميع …
الم يقل انها تخصه.. وزوجته.. ذلك يعني كرامتها تخصه وهو اهانها بيده …..
جلس اعلي الاريكه واضعا رأسه بين يديه مستعيدا بذاكرته هيئتها منذ قليل وهي
تبكي وتصرخ به … يعيد كل كلمه بتركيز شديد … افعاله البربريه سوف تقضي علي
هيبته معها ….. لقد رأي بعينيها اصرار وقوه تهدد سلطته عليها !!
انفتح
الباب ليجدها ترتدي جيبه قصيره ضيقه تصل الي ركبتيها اعلاها بلوزه ورديه
اللون رقيقه للغايه تجمع خصلاتها بعشوائيه لطيفه راقت له عاقده حاجبيها
تتقدم من البابون ان تعيره التفاته واحده.. وقف عاقدا حاجبيه يقول:
-انتي هتنزلي بالمنظر ده !!
التفتت اليه تقول ببرود:
– انا لسه قايلالك ياريت تخليك قد اتفاقك ومتتدخلش في خصوصياتي.. ولا انت بتغير عليا !!
عقد حاجبيه يقول بغضب:
-انا اغير عليكي انتي !! ليه اتعميت !!
ابتسمت بسخريه تقول..
-خلاص يبقي خليك في حالك … وهات المفاتيح !!
عقد حاجبيه يقول:
-مفاتيح ايه !!
قلبت عيناها بملل وردت بتأفف:
-عربيه شهاب !!
اغمض عينيه ورد عليها:
-لا عربيه شهاب لا.. شاوري علي اي عربيه واجيبهالك !! لكن عربيه شهااب لااااا
ردت بغضب:
-يعني ايه لا … ممنوع اخد حاجه جوزي !!
ابتسم لها يقول:
-لا طبعا مش ممنوع مفاتيح عربيتي اهي !!
عقدت حاجبيها لحظات ثم تنهدت تقول:
-خلاص مش عاوزه حاجه هتصرف !!
استني !!انتي عرفتي منين مكان سلاحي !!
صاح بها لتقف ثم لفت رأسها تقول بهدوء:
-شهاب كان بيحطه في نفس الاماكن دي !!
كادت ان تُكمل لكنه اوقفها يقول بهدوء:
-رنيم احنا رايحين نفس المكان بلاش عند واركبي معايا !!
ابتسمت من زاويه فمها تقول:
-مش احنا بس اللي رايحين نفس المكان !!
ثم
اتجهت الي الخارج مُصدره صوت قوي بكعبها العالي.. لفتت انتباه سيدات القصر
وخاصه تلك الافعي التي وففت عاقده حاجبيها حين وجدتها تهبط بخيلاء واضحه
وكأنها لم تُهان منذ قليل لتتجه اليها بغل مقرره تذكيرها باهانتها اما
م الجميع لتعرف مكانتها اوقفتها تقول بسخريه:
-ايه يارنيم هو ايهم مكملش اللوحه اللي بدأها علي وشك ولا ايه !!
ارتفعت ضحكات والدتها اللعينه تساند ابنتها وتقول بسخافه:
-صافي متتامليش مع المستويات دي ياروحي !!
ارتسمت ابتسامه علي وجه رنيم واتجهت الي السيده الكبيره تقول بصوت مرتقع لتسمعها الاثنتين..
-صحيح متتعامليش مع مستويات اعلي منك … لاني بصراحه مش بعرف انزل للمستويات دي !!
ثم مالت علي تلك السيده الخمسينيه مُمسكه فنجان القهوه الساخن بيدها وتقول:
-بقولك ايه ياطنط ماتشربي قهوتك قبل ماتبرد.. انتي متضمنيش يمكن تعدي واحده مجنونه تحرقلك وشك بيها ولا حاجه !!
ثم وقفت تُكمل بضحكه قصيره:
-اسألي بنتك المجانين مش مضمونين ازاي !!!
اتسعت اعينها بهلع لتكتم “ريماس” ضحكتها مشيحه بوجهها لتصرخ “صافي”
-انتي بتهددينا يا همجيه انتي !!
استقامت رنيم تبتسم ببرود واتجهت الي باب القصر تقول:
-تؤ تؤ..ليه الصوت الهمجي ده يابيبي … لا لا ده مش اسلوب بنات القصور !!!
ثم
استقامت بوقفتها حين وجدت “سيف” واقف بالجانب يتابعها بابتسامه مشجعه …
وهبط “ايهم” السلالم متجها اليها متجاهلا “صافي” التي كانت علي وشك الحديث
اليه يقول:
-يلا يارنيم !!
نظرت له ثم الي سيف وقالت:
-كلامي كان واضح فوق ياايهم انا هروح مع سيف !!
كشر ملامحه بغضب وكاد ان يرد لكن صوت “سيف” اوقفه حين قال بهدوء:
-خلاص بقي ياايهم.. معايا ومعاك واحد.. انا هاخد بالي منها متقلقش !!
ثم
غمز اليه متجها خلفها وهو يودع زوجنه بقبله لطيفه.. في حين تركتهم هي بلا
مبالاه واضحه منها للعيان..اتسعت اعين جميع من شهد ذلك الموقف لترفع “صافي”
احدي حاجبيها تقول فور مغادرتهم !!
-ده واضح انك مش زي ما تخيلتك خاالص يارنيم هانم !!
-***-
سارت
بطرقات الشركة بجانب “سيف “رمقها الموظفون بنظرات فضولية وأخرى معجبة
وأخرى محتقرة لتلك الفتاة الصغيرة التي أغوت رئيسهم العاقل ليحكموا عليها
مثله بلا دليل … اتجهت إلى غرفة الإدارة لتدلف إلى غرفة “شهاب” تتفقدها
…لأول مرة ترى مكان عمله …
كان يخفيها عن الجميع.. كانت مجرد سر من
أسراره ولكنها لم تتذمر يوما اكتفت به ليصبح عالمها … فأين هو الآن … انهار
عالمها الصغير فوق رأسها دون شعور منها … سقطت دمعاتها بعد تلك الأفكار
التي راودتها.. دارت بالغرفة الواسعة تنظر إلى أشياءه بحزن واضح.. تابعها
“سيف” بصمت تام … لاحظ حزنها الكامن ليقترب منها قائلا:
-شهاب كان عاملك دولاب هنا ومحدش كان بيقدر يجي جنبه.. حتي أنا وأيهم مكناش نعرف عنه أصلا !!
نظرت
إليه بفضول ليشير برأسه ناحيته …اتجهت حيث أشار تنظر إليه بفضول لتجد أنه
مغلق بكلمة سرية التفتت له بتساؤل..ليرفع كتفيه معبرا عن جهله بها وقال:
-معرفش هو قالي إنك عارفاها كويس أو مميزة عندك !!
عقدت حاجبيها باندهاش..ثم نكست رأسها ترفع كتفيها هي الأخرى تقول:
-مش فاهمة.. خلاص مش مهم !!
اندهش “سيف” فهي طوال الطريق صامتة شاردة تنظر من النافذة ولم يقاطعها أقلقه وضعها ليقول:
-رنيم.. متزعليش من اللي عمله أيهم الصبح..هو مندفع شوية خصوصا بعد مoت شهاب.. بس أنا كلمته.. أنا معاكي دايما صدقيني !!
انصتت إلى حديثه بصمت تام ثم ابتسمت بسخرية تقول:
-أنا
مصدقاك ياسيف … ياريت انت كمان تصدق اللي هقوله … أنا مبقاش يفرق معايا
مين هيساعدني ومين ضدي …. ولا فارق معايا عمايل أيهم !! عارف أنا وافقت علي
الوصية دي ليه !!
نظر لها بفضول ثم هز رأسه بالسلب لتقول:
-عشان
ولادي … عمر وجوان أنا معنديش استعداد يلوموني لما يكبروا إني فرطت في حقهم
…. مش عايزة غير إني أطمن عليهم ياسيف … انت متعرفش أنا خايفة عليهم قد
أيه …. ولادي ملهومش ذنب في كره أخوك ليا.. أنا عارفة إن صورتي مش هتتغير
في عيونكم.. عارف كنت عايزة أرجع شقة شهاب ليه !! عشان ولادي ميكبروش وسط
أفكاركم عني … مش عايزة أشوف في عيونهم نفس نظراتكم ليا … !!
نظر لها ثم ابتسم قائلا بمرح:
-مين فهمك إننا بنكرهك.. ده أنا برتاحلك أكتر من ريماس بس إوعي تقوليلها دي بتغير عليا أوي !!
ابتسمت بهدوء ثم قالت بعملية:
-شوف هنبدأ منين لحد ما أخوك يوصل !!
قضت
يومها تستمع إلى تعليمات أبناء الرفاعي بالعمل وما يقتضي أن تفعله وما
عليها ألا تفعله وكيف تتعامل مع الموظفين.. تعمدت ألا ينفرد بها “أيهم” بأي
مكان حيث التصقت بـ “سيف” بحجج مختلفة ليلاحظ هو ذلك لكنه فضل الصمت
ومراقبة أفعالها حتى حان وقت راحة الغداء …
غمز “أيهم” لـ “سيف” ليفهم الآخر مبتسما بهدوء وقال فجأة:
-طيب وقت الغداء وأنا رايح آكل !!
وقفت “رنيم” تقول مسرعة:
-استنى هاجي معاك !!
-لا إحنا هنطلب هنا ورانا حاجات كتير مينفعش تخرجي !!
قالها “أيهم” بعد أن عاد بظهره إلى الخلف مستندا إلى الكرسي ببرود نظرت له بغضب ثم إلى “سيف” الذي قال:
-خلاص أنا هطلبلكم من بره !!
نظرت له “رنيم” بترجي تقول:
-طيب ماتقعد تاكل معانا !!
ابتسم لها يقول:
-معلش يارنيم أصل عندي مشوار مهم وهلحقه في فترة الراحة وهاكل حاجة سريعة في العربية !!
ثم انطلق على الفور إلى الخارج مغلقا الباب خلفه … لتجز على أسنانها حين قال ساخرًا:
-تعالي اقعدي ماتتكسفيش أنا زي جوزك برضه..!!
أجابته بحدة:
-وأنا أتكسف ليه أصلاا !!
ثم
اتجهت إلى الأريكة البعيدة تجلس فوقها واضعة ساق فوق الأخرى تتفقد هاتفها
ناسية أنها ترتدي جيب قصيرة بعض الشيء ارتفع إلى منتصف فخذيها البض مُظهرا
جمالها بسخاء.. نهض عن كرسيه متجها إليها لتقع عينيه علي ساقيها ليرفع
نظراته إليها مبتلعا رمقه يقول بعد أن جلس فوق الأريكة ذاتها:
-تحبي تاكلي أيه ولا هتثقي في ذوق سيف !!
لم ترفع أنظارها إليه بل تابعت ما تفعل وردت:
-هثق في ذوق سيف !!
استشاط من أسلوبها ليقول:
-وأنتِ تعرفي ذوقه منين عشان تثقي فيه !!
رفعت كتفيها بلا مبالاة وتابعت ما تفعل وقالت:
-معرفوش هجربه !!
ضيق عينيه بغضب لم تعامله أنثى هكذا من قبل.. كيف لها أن تفعل ذلك به …ارتفع غضبه إلى أعلى المراحل ليرفع ذقنها إليه قائلا بغضب:
-أنتِ إزاي تعامليني كده !!
نفضت ذراعه بغضب وقالت:
-متقربش مني تاني …أظن إنك نسيت كلام الصبح !!
نظر لها ببرود وقال:
-كل ده عشان ضربتك بالقلم !!
وقفت متجهة إلى المرحاض وهي تقول:
-لا كل ده عشان انت شخص معدوم الضمير …كنت فاكراك هتفوق وإديتك فرصة واتنين بس عقلك مش مستوعب حاجة غير الانتقام مني !!.
دلفت إلى الحمام مغلقة إياه خلفها، مر اليوم وهي تبتعد عنه وتتجنبه تحاول بشتى الطرق إنهاء مايكلفها به بعملية تامة …
وفي
المساء بعد أن فرغت المجموعة من الموظفين ولم يبق سواهم أنهوا الأعمال
تاركين ماتبقى إلى الغد وقفت على الفور تلملم حاجياتها وكادت أن ترافق
“سيف” لكنه قال بصوت صارم:
-رايحه فين … أنتِ هتيجي معايا وكفايا أوي لحد كده أنا جايب آخري منك !!
لم تجيبه بل نظرت له باحتقار ثم خطت إلى الأمام تقول:
-هستنى مع سيف تحت لحد ماتخلص !!
تركها ثم لملم أشياءه وعقله لازال يحاول فك شفرات تلك الأنثى التي تتلاعب علي أوتار عقله …
وصل
إلى القصر بسلام طوال الطريق لم تحادثه كان متحيرا هل يفتح معها حديث أم
لا.. لكن ماذا يقول … لم يكن يبنهم أحاديث خاصة … كما بينها وبين أخيه
“سيف” … هبطت من السيارة فور وقوفها تتجه إلى الداخل بخطوات سريعة ثم إلى
جناحهم ومنها إلى غرفة الأطفال تطمئن عليهم لتنظر إليهم أثناء نومهم
بابتسامة جميلة ثم مالت عليهم تقبل كلا منهم بنعومة متجهة إلى الخارج مغلقة
الباب بهدوء.. ثم إلى الحمام تنعش جسدها بحمام دافئ بعد ذلك اليوم الشاق..
وقفت
وهي تستعيد بعض ذكرياتها … كيف تركها والديها منذ أعوام.. لتبقي وحيدة
بذلك العالم.. كيف افترسها عمها وابنه ونهب كلا منهما حقها ولم يكتفيا بذلك
… بل كانا يريدان التخلص منها تماما … لم تختار يوما … حتي “شهاب” لم
تختاره … هو من اختارها … اعتبرها الجميع قطعة شطرنج يحركونها كيفما
يشاؤون.. غير عابئين بما تريد هي !!!
جففت جسدها وخصلاتها ثم ارتدت
البورنص الخاص بها لتخرج متجهة إلى غرفة الملابس.. انتقت قميص طويل وردي
اللون يصل إلى كعبيها مفتوح من الجنبين من ركبتها إلى أقدامها بحمالات
رفيعة..
ارتدت مسرعة ثم اتجهت إلى أريكتها بعد أن أعدتها لتُغمض عينيها
بصمت تام … هي لمحت أنه بالغرفة يلقيها بنظرات فضولية علها تلتفت أو تتحدث
لكنها لم تعيره اهتمام.. كما لم يعيرها أحد أدنى اهتمام.. هي وحيدة وستظل
وحيدة فلتتمتع بالهدوء بوحدتها يكفيها صراعات إلى الآن …..
لم تكن تلك
الوحدة خياري يوماَ ما لم يهبني الراحلون حق الاختيار، إن تركتم الأمر لي
لتخيرت رفقه هادئه تُعيد سلامي النفسي المسلوب رغما عني، لكني لم اختار…
-***-
اسند ظهره العاري إلي الوسائد خلفه يحتضنها بلطف وهو يجذب الغطاء فوق جسديهما معا لتهمس له بحزن:
-رنيم صعبت عليا أوي النهارده مكنش ينفع يعمل كده فيها أبدا..
تنهد بارهاق وهو يربت علي جسدها بلطف قائلًا بنبره هادئه:
-هي ربته طول اليوم في الشركة اصلا، محدش عجبه اللي حصل غير الحربايه دي …
ثم شرد بحديث أخيه معه صباحًا وهو يبتسم بهدوء …
Flash back …..
وقف “أيهم” ينظر إلي شقيقه الغاضب الذي يطالعه بأعين تقدح بالعنف مُدافعا عن تلك البريئه التي ظلمها بعنفوانه يصيح به:
–
أنا مش قادر افهم ازااااي كنت بتحبهااا محدش بيعمل كده في اللي بيحبه
يااأخي … هي ذنبها إييييه أن شهاب حبهااا بتحاسبهااا علي اييييه ؟!!!!
صرخ أخيرًا ذاك الوحش بانفعال شديد وهو يركل الطاولة بقدمه بعنف ممسكًا بتلابيب قميصه بغضب:
–
عاااايز تووصل لايه يااااسيف ؟!! ذنبهااا إنه لمسهااااا أنت عااارف بتحرق
قد إيه من سااعه ماعرفت أنه بيحبهاااا وخدهااا ليه ؟!! عااارف النااار اللي
جوايااااا شكلهااا إييييييه ؟!!!! أنا لسه بتنيل بحبهاااااا ده اللي
اكتشفته من ساعه ما شوفتها تااااني مبسوط كدااااا ؟!!!!!!
لاحت تلك البسمه الخبيثه علي شفتيه لكن ما اندلعت النظرات الساخره من مقلتيه وهو يقول ببرود:
– واللي بيحب حد بيهينه مش كده ؟!! منين تقول انها تخصك وتاني يوم تضربها بالقلم قصادنااا كلنا ؟!!!
تركه وتحرك بالغرفه بجنون وهو يشعر أن أخيه تولي منصب ضميره يجلده وبشده أدمعت عينها وجلس بانهاك أعلي الأريكة وهو يقول بحزن بالغ:
-مش عارف اكرهها ياسيف ليه مش عايز تسيبني في حالي ؟! بقولك شوفت صورها معاه بعينياااا..
زفر الآخر بغضب وهو يطالع نظرات أخيه الحزينه المرهقه بحزن ثم تقدم منه يربت علي كتفه يقول بعقلانية وهدوء:
–
يابني افهم ناصف ده قذر وانا وانت عارفين ده وواضح جدا أنه عاوز يوقع
بينكم هي هتتفق معاه ليه وهي كان قصادها ورث ابوها كله اللي نهبوه معقول ده
الطفل مايصدقش ده ….
دس يده بخصلاته بعنف واردف بغضب:
-وهي مردتش عليها ليه وبرأت نفسها ؟!!!
اشاح “سيف” بيده بغضب واردف بانفعال:
-يابني متعصبنيش مش أنت رديت وقولتها تخليها في حالها وقفلت الكلام يخربيت صاافي وقرفهاااا …
تطلع إليه بصمت لحظات واردف بغضب:
– اهو اللي حصل بقااا،احسن خليها تكرهني وتبعد عني..
زفر “سيف” وقال ببرود وصوت ورخيم:
– خلاص كرهها فيك وخليها تقول نار ناصف ولا جنه أيهم علي الاقل ده بيجري وراها حتي لو طمع مش زيك أبدا …
ثم
تركه لأفكاره السوداويه عله يعود إلي رشده وهو علي يقين أن أخيه بحاجه
ماسه لبعض الوقت فقط وسوف يتغلب قلبه علي جميع أفكاره.. إنه عشق توغل
بخلاياه حرمه علي حاله حين
انقلبت الموازين وأحبها أخيه تنازل مُرهق مؤلم يدفع ثمنه بمفرده الآن ….
Back
أفاق
من شروده علي تلك القبله اللطيفه من زوجته التي أصبحت أشد جراءه بتلك
الفترة بادلها قبلتها وهو يحتضن جسدها بلطف ويديه العابثه تعزف برقه علي
جسدها مما دفع الدماء لوجهها وجعلها تدس جسدها داخل أحضانه الدافئه
المُلهبه ورفع يديها تحيط عنقه جيدا وهي تعبث بخصلاته بلطف بالغ تهمس له:
-روحت فيين؟! مين واخد عقلك مني ؟!!
ابتسم وهو يعيد ترتيب خصلاتها التي أشعثها بأنامله منذ لحظات وهو يهمش بصوت أجش عابث:
– اللي وخداه واحده بقيت قمر أوي في فتره الحمل.. انا حبيت الحمل خلاااص ….
عضت علي شفتيها بخجل ولم تستطع كبح تلك الابتسامه اللطيفه من علي شفتيها بل ورفعت حاجبها الأيسر مثله تجاريه بجراءه هامسه له …
– وهو قبل الحمل مكنتش كده ؟!! أنا في حمل او منغيره قمر..
ارتفعت
ضحكاته وهو يحيطها جيدا داخل أحضانه مقبلًا شف-تيها بقوه وحماس لحظات مرت
وهي تستلم لذاك الشعور اللطيف باحضانه إلي أن قطع قبلته لاهثا يهمس له قبل
أن يسحبها لدوامه من مشاعره المفرطه تجاه تلك الجميله:
– حصلللل وانا شاهد … بمoت فيكِ ياريماس …
رفعت أناملها تحيط عنقه وهي تعبث باصابعها النحيله بخصلاته هامسه له وهي تحدق بمقلتيه بعشق:
– وانا بعشقك ياقلب ريماس ….
-***-
استمرت
الأيام هكذا تتجنب الجميع تضع كل من يحادثها بكلمة مُهينة عند حده استخدمت
أسلوب السخرية اللاذعة معهم وهو أولهم … اكتفت بأبنائها وعملها طوال اليوم
تتجنبه تجيبه بأحاديث مقتضبة تخشي جميع من حولها.. ابتعدت حتى عن
“ريماس”..تتناول طعامها بعيدا عنهم بفترة الراحة … تجلس صامتة إذا انتقل
حديثهم من العمل لأحاديث جانبية.. اندهش “سيف” محاولا عدة مرات معها لكنه
كانت تجيبه بابتسامة هادئة صامتة ….
إلى أن جاء ذلك اليوم حيث وقفت أمام
خزانتها التي خصصها لها “شهاب” وهي تبتسم مُستغلة غياب “سيف” و”أيهم”عن
المكان.. حيث تذكرت كلمة السر …عيد مولد أمها التاريخ الأحب إلى قلبها كم
تفتقدها ….
فتحت الخزانة وياليتها لم تفتح …. بدأت تقلب الصور بابتسامة
هادئة لقد جمع لها العديد من الصور هنا بمراحل عمرية مختلفة …. عقدت
حاجبيها حين وجدت ذلك العُقد الذي انتزعه
عمها من رقبتها … فهو يخص
أمها … كيف وصل إلى هنا !!! نظرت إلى الورقة بجانبه ثم التقطتها باندهاش
لتجد خط يد “شهاب” … كاتبا أنه استرده بأمواله من أجلها وكان سوف يهاديها
به بعيد مولدها.. ابتسمت بحزن … ظلت تنتقل بين الارفف طالما حكي لها “شهاب”
كم يعشقها منذ زمن لكنها لم تتوقع ذلك.. أغلقت الخزانة بحزن ودموعها تهبط
بصمت ….. تبكي بقهر لما وصلت إليه … تعاني وحدها … تدافع عن نفسها أمام
الجميع وهي ضحيتهم جميعا ……