رواية خطاياها بيننا الفصل السادس 6 بقلم هدير نور
رواية خطاياها بيننا الحلقة السادسة
دلف جابر الي المنزل و هو يشعر بالراحة فقد حصل اخيراً على وثيقة الزواج فقد كان من الصباح يعمل على تسريع الاجراءات حتى يحصل عليها قبل عودته للقرية لذا اتصل بجعفر لكى ينقل غزل الى القرية حتى لا تبقى بالمشفى بمفردها بوقت متأخر… فهو لم يرغب بالعودة الى المنزل بدون تلك الوثيقة فقد كانت مهمة للغاية لما يخطط له..
خرج من افكاره تلك و قد تجمد جسده فور ان دلف الى ردهة المنزل و رأى العائلة مجتمعة هناك و على وجوههم يظهر الهلع و الخوف بينما والده كان جالساً على مقعده يبكى صارخاً بان يحضر احد الاسعاف..
خطر بعقله على الفور شقيقته بسمة فهى من تمرض من كل حين الى اخر لكنه تذكر ان بسمة ليست بالمنزل فقد سافرت الى القاهرة لقضاء عدة ايام لدى اقاربهم مما جعله يطمئن قليلاً..
اسرع نحو والده الذى كان يبكى بشدة و جهه شاحب هاتفاً بقلق
=فى ايه يابا….ايه اللى حصـ……
لكنه ابتلع باقى جملته عندما اتبع نظرات والده الصامتة لتتجمد الدماء بعروقة و انحبست انفاسه داخل صدره كما لو كان يختنق فور ان وقعت عينيه على جسد غزل الملقى على الارض والدماء تحيط به…
لم يشعر بنفسه الا وهو يركض نحوها و وقع منهاراً بجانبهل وهو يصرخ باسمها بصوت ممزق و كامل جسده ينتفض بذعر شاعراً بروحه تكاد تغادر جسده فور ان ادرك انها مصابة بطلقاً نارى….
تحسس بيده التى كانت ترتجف بعنف جانب عنقها بحثاّ عن نبضها ليهدئ ذعره قليلاً عندما وجده لا يزال ينبض لم ينتظر و اسرع بحملها بين ذراعيه صارخاً بجعفر الذى كان واقفاً يتابع ما يحدث بوجه متجهم قلق…
امره جابر و هو يندفع خارج المنزل ركضاً وهو يحمل جسدها الهامد بين ذراعيه بان يفتح باب السيارة و القيادة الى المشفى باقصى سرعة لديه …
جلس جابر بالمقعد الخلفى للسيارة كان وجهه شاحب وعينيه محتقنة بلون الدماء
يضم الى صدره جسد غزل النازف بين ذراعيه بينما يحاول بهسترية كتم الدماء المنسدلة من اعلى صدرها بيده المرتجفة..
بينما يهمس بصوت متألم مختنق باسمها و يقين بداخله انه سوف يفقدها هذه المرة بالفعل…
لكنه لن يستطيع العيش بدونه… لا لن يستطيع رفع عينيه الى اعلى هامساً بتضرع بصوت ممزق و الدموع تسد حلقه
=يا رب متختبرنيش فيها… الا هى يا رب…. الا هى يا رب
ضم جسدها اليه بقوة مما اغرق ملابسه بدمائها..
بينما غمغم جعفر الذى كان يراقب جابر من خلال المرآة الامامية باعين تلتمع بالشفقة فبحياته لم يرى جابر العزايزى منهاراً او ضعيفاً بهذا الشكل المثير للشفقة
=مين اللى عمل فيها كدة يا باشا؟؟
لم يجيبه جابر فهو بهذة اللحظة لا يهتم بمعرفة من فعل بها هذا فكل ما يهتم به الأن هو ان ينقذها بعدها سيعلم من فهل ذلك و سيسحقه تحت اقدامه..
صرخ بجعفر بان يسرع بينما يشدد من احتضانه لها دافناً وجهه بعنقها و هو بهمس بصوت ممزق
=كله الا انك تسيبنى يا غزل… ده انا استحملت اللى مفيش بنى ادم يقدر يتحمله علشان موصلش معاكى للنقطة دى….
مرر يده فوق وجهها الشاحب الساكن ليتلطخ بدمائها التى كانت تملئ يده وهو يدعى الله بان ينقذها من اجله..
༺༺༺༻༻༻
فى وقت لاحق….
كانت غزل مستلقية فى غرفتها بالمشفى و هى غارقة فى ثبات عميق اثر مخدر العملية التى تم اجرائها لها لاخراج الرصاصة التى اصابت اعلى صدرها بالقرب من الكتف….
بينما وقفت باخر الغرفة صفا التى كانت تراقب باعين تلتمع بالشفقة ابن عمها جابر الذى كان جالساً بجانب فراش غزل و وجهه لا يزال شاحب و عينيه التى كانت متحجرة و محتقنة كالدماء مسلطة على جسد غزل الساكن
بينما ملابسه كانت مبعثرة و غارقة بالدماء يمسك بيدها بقوة كما لو كان خائفاً من ان تختفى من امامه..
اقتربت منه مربتة على ذراعه برفق مما جعله يلتف نحوها ينظر اليها باعين فارغة
=جابر..روح انت ارتاح شوية و غير هدومك.. و انا هفضل هنا مع غزل هبات معاها انا و حلا متقلقش….
هز رأسه قائلاً بصوت اجش مهزوز لأول مرة بحياتها تسمعه منه
=لا انا هفضل معاها… روحوا انتوا يا صفا و خلى ابويا و كل اللى برا يمشوا مش عايز حد هنا……
اومأت برأسها فهى تعلم انه لا فائدة من الجدال معه.. لكنها وقفت مترددة قبل ان تسأله السؤال الذى يقلقها
=جابر… هو انت عرفت عمى فراج ضرب غزل بالنار ليه…و الله يا جابر..غزل لا يمكن……
قاطعها بحدة و عينيه تعود للاستقرار على غزل
=اطلعى يا صفا… و عرفيهم محدش يهوب ناحية هنا تانى….
اومأت صفا برأسها بخوف من نبرته الحادة تلك قبل ان تستدير و تغادر الغرفة مسرعة..
فور ان اغلق الباب خلف صفا انهار جابر و دفن وجهه بالوسادة التى يستقر عليها رأس غزل يطلق العنان لدموعه التى كان يحبسها طول الفترة الماضية لا يصدق انه كاد ان يفقدها الى الابد..
رفع يدها الى شفتيه يقبلها بحنان و دموعه تنساب على وجهه لا يستطيع التحكم بها..
كان خوفه من فقدها يكاد يمزق قلبه حاول التحكم بارتجافة جسده و قلبه الذي كان لا يزال يعصف بخوف بداخله..
مرر يده بحنان على وجهها فقد كان محتاج الشعور بها لكى يطمئن قلبه و لو قليلاً..
لكن اهتز جسده بعنف عندما وقعت عينيه علي يده التى كانت مستقرة على خد غزل وكانت ملطخة بالدماء…
لكنها لم تكن اي دماء..فقد كانت دماء غزل انقبض قلبه بألم كاد ان يحطم روحه الي شظايا فور تذكره لمشهدها و هي ملقية على الارض كجثة هامدة و الدماء منتشرة من حولها…
قبل جبينها وجانب عنقها وهو يهمس بصوت مرتجف ممزق
=ليه يا غزل… ليه وصلتينا لكل ده… ده انا محبتش و لا عمرى هحب فى حياتى قدك….
ليكمل و هو يشعر بألم يمزق روحه الى اشلاء
=اديتك فرصة يا حبيبتى.. ليه ضربتينى فى ظهرى تانى… المرة دى مش هعرف اسامحك ياغزل…
انسابت دموعه على خدييه وهو يهمس بضعف و ألم
=و برضو مش هعرف اسيبك تبعدى عنى… انا روحى متعلقة بيكى.. عارف ان ده هيخلينى ضعيف…هيخلينى عثمان عزايزى تانى..هيخلينى اكتر حاجة كنت خايف و بهرب منها بس برضو مش قادر ابعد و اسيبك….
ارتجف جسده بعنف و هو يشعر باليأس مما جعله يعقد ذراعيه من حولها دافناً وجهه في رقبتها يبكى كما لو كان فقد روحه…
ظل على حالته تلك حتى هدئ قليلاً امسك بيدها بين يده دافناً وجهه بعنقها اكثر ممتصاً أنفاس عميقة من رائحتها لتمر الدقائق و الساعات عليه ويقترب الفجر و هو لايزال مكانه لا يمكنه أن يبتعد عنها او يتركها يذهب ..
༺༺༺༺༻༻༻༻
فى الصباح…
افاقت غزل اخيراً لتجد جابر جالساً بالمقعد المجاور لفراشها و ما ان رأها تستيقظ انتفض واقفاً مقترباً منها قائلاً بلهفة
=عاملة ايه…!؟ حاسة بتوجعك انده الدكتور….؟!
هزت رأسها و هى تنظر الى كتفها الذى كانت تشعر بألم حاد به
=كتفى واجعنى اوى….مش قادرة
انهت جملتها وهى تحاول بصعوبة النهوض ليسرع هو برفعها برفق و مساعدتها فى الجلوس واضعاً خلف ظهرها عدة وسائد محاولاً جعل جلستها مريحة بقدر الامكان قبل ان يستدعى الطبيب و اخباره بالألم الذى تشعر به…
فحصها الطبيب و اعطاها بعض من الادوية المسكنة القوية مطمئناً اياه بان ألمها هذا طبيعى فى حالتها خاصة بعد زوال المخدر الذى حقنت به قبل العملية التى اجرت لها..
فى اليوم التالى…
كان الصمت يحل بانحاء الغرفة فقد ظلت غزل جالسة بفراشها تتطلع امامها بصمت و هى تتذكر كل ما حدث لها بالأمس ارتجف جسدها بعنف فور تذكرها للأتهامات القاسية التى القاها فراج بوجهها و طعنه فى شرفها و اخلاقها..و النظرات النافرة التى القاها الجميع نحوها كما لو كانت عاهرة ألحقت العار بعائلتهم
لا تعلم كيف ستخرج من مصيبتها تلك و كيف يمكنها تبرير وجود تلك الملابس بحقيبتها و حبوب منع الحمل وغيابها عن المشفى التفت الى جابر هامسة بصوت منكسر
=لازم تعرفهم انى متجوزة خليل.. و ريهم قسيمة الجواز…و عرفهم انك كنت عارف و انك اللى جوزتنى بايدك…
هز جابر رأسه بالموافقة بصمت و هو لا يزال مخفض الرأس بوجه مكفهر كئيب مما جعلها تشعر بالاختناق فهى الان ستصبح الان حقاً زوجة خليل امام الجميع لم تستطع تمالك نفسها و همست بحسرة وهى تشعر بالألم
=كل ده بسببك…
لمفاجأتها انتفض واقفاً فجأة هاتفاً بصوت مدوى كما لو كان ينفجر
=بسبب انا..!! السبب فى كل اللى احنا فيه ده دلوقتى انتى يا غزل…
ليكمل بخشونة و هو يتطلع اليها بحسرة و ألم
=بسببك ضيعتى كل اللى كان بنا.. بسببك اختى حياتها ادمرت بقت شبح بتخاف تواجه الناس… بقى عندها ٢٨ سنة و مفيش عريس واحد خبط بابها و هى بنت العزايزة اللى ألف واحد يتمناها… ومكتفتيش بكدة لا و صل بيكى الجبروت انك عايزة تدوسى على شرفها و تدمري لها حياتها اكتر ما هى مدمرة…
ليكمل بقسوة وهو ينحنى عليها حتى اصبح وجههما لا يفصلهم شئ ينظر داخل عينيها الضبابيتين بالدموع التى تحاول مكافحتها
=بسببك حياتى ادمرت… بقيت واحد معرفوش…دمرتينى و دمرتى حياتى…انتى اللى خالتينى أسلمك بايديا لراجل تانى….فاكرة انه كان سهل عليا حتى لو كان لدقيقتين حتى و لو كنت واقف برا بس انا كنت بموت… قبل ما كنت بعذبك كنت بعذب نفسى و بدمرها….
اشاحت غزل وجهها بعيداً عنه مخرجة صوت صغير متألم كان كسكين غرز بقلبه لكنه انتفض مبتعداً يوليها ظهره سريعاً عند سماعه لصوت انتحابها يقبض على شعره يجذبه بعنف وهو يحاول تمالك نفسه حتى لا يستدير اليها حيث اراد اكثر من اى شئ سحبها بين ذراعيه و تركها تبكى فوق صدره اراد تهدئتها و اراحتها و احتضانها حتى تهدئ ألامها و ألامه تطلب منه الامر كل ما لديه من قوة ارادة لكى يستدير و يغادر الغرفة بالصمت
تاركاً اياها غارقة فى موجة حزنها…
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور يومين….
غادرت غزل المشفى مع جابر الذى و لدهشتها لم يتركها طوال فترة مكوثها بالمشفى..رافضاً بشكل قاطع طلب كلاً من حلا و صفا بالبقاء معها..
حيث ظل معها يراعاها و يساعدها فى كل شئ قد تحتاجه
فقد تولى مسئولية جعلها تتناول ادويتها فى مواعيدها المحددة و اطعامها..حتى كان يساعدها فى الذهاب الى حمام حيث كان يحملها بين ذراعيه و يدخلها الى هناك من ثم يتركها لقضاء حاجتها و رغم رفض غزل بقاءه معها الا انه تجاهل رفضها هذا…
كان ينام على المقعد الذى يقع بجانب فراشها مما جعل الطبيب يعرض عليه بان ينام بغرفة مجاورة لغرفتها و على الرغم من عدم راحته و عدم حصوله على ما يكفى من ساعات نوم مريحة الا انه رفض هذا العرض و فضل ان يبقى معها فى ذات الغرفة..
فقد كان يظل مستيقظاً بجانبها مستعداً لمساعدتها فى اى شئ قد تحتاجه او تطلبه.. لكنه رغم اهتمامه و رعايته تلك الا انه كان لا يتحدث معها فقد كان يظل صامتاً طوال الوقت…
كما هى الاخرى تجاهلته كما لو كان غير موجود معها بالغرفة فقد كانت تشعر بالغضب و الكراهية نحوه كلما تذكرت الفخ الذى اوقعها به…
فور ان وصلت سيارتهم امام المنزل اوقفها جابر و ظل بمكانه يتطلع امامه باعين تلتمع بالحدة و الجمود مما جعل غزل تفتح الباب تهم بالهروب لكنه امسك بذراعها المعافى يمنعها من الخروج قائلاً بصوت اجش ممتلئ بالتوتر الذى لأول تسمعه منه
=استنى يا غزل عايزك….
هزت غزل رأسها قائلة بتململ
=عايز ايه منى تانى يا جابر…؟؟
فرك وجهه بقوة ملتقطاً نفساً عميقاً كما لو كان يهدئ نفسه قبل ان يمد يده بجيب سترته و يخرج ورقة و مدها نحوها…
ظلت عينيها مسلطة بريبة واضطراب على تلك الورقة قبل ان تستجمع شجاعتها و تقوم بأخذها منه و فتحها ليهتز جسد بعنفها و صدمة كما لو صاعقة قد ضربتها فور ان قرأت محتوى تلك الورقة و التى لم تكن سوى وثيقة زواج قانونية… تثبت زواجها من جابر….
القت الورقة بوجهه هاتفة بصوت مرتجف و كامل جسدها يرتعد بقوة
=ده..ايه..؟! انت عايز تجننى.. مش كدة…دى خطتك الجديدة…
اجابها جابر بهدوء و هو يضغط على فكيه بقوة
=مش خطة جديدة ولا غيره… كتب الكتاب كان حقيقى و خليل كان شاهد على العقد بس…يعنى انتى مراتى على سنة الله و رسوله و……..
قاطع جملته كف غزل الذى سقط على خده بصفعة مدوية تردد صداها بانحاء السيارة الصامتة لم تنتظر غزل رد فعل منه لتهجم عليه مرة اخرة تضربه بيدها المعافية ضربات متفرقة بانحاء جسظه خادشة جانب عنقه بقسوة باظافرها متجاهلة الألم الذى يعصف فى كتفها اثر حركاتها العنيفة تلك لكنها لم تهتم فكل ما تهتم به إلحاق الضرر به فقد كانت تكرهه حقاً بهذة اللحظة ظلت تضربه وتخدشه و هو مستسلم لها لم يقاومها او يدفعها بعيداً رغم قدرته على ابعادها سحقها بيد واحدة..
صرخت بغضب عاصف وهى مستمرة بضربه
=انت مريض… مريض..سلمتنى لخليل و انت عارف انه مش جوزى….
لتكمل بغل وهى فى حالة شبة هستيرية منفجرة فى بكاء مرير
=انا بكرهك سامع بكرهك…. و عمرى ما هسامحك على اللى عملته فيا….
امسك جابر يدها مانعاً اياها من الاستمرار بضربه وهو يقاطعها بشراسة
=على الاقل خليل انا كنت واقف برا و مكنتش هسيبك معاه…كل اللى عملته…عملته بس علشان تدوقى ولو جزء بسيط من اللى كنت عايزة تعمليه فى اختى…. عارف انى غلطت يوم ما عملت كده بس و جعى و غضبى منك هو اللى خالانى اعمل كل القرغ ده… بس عايزك تعرفى انى كنت متفق معاه ميقربش منك و لا حتى عينه تيجى على طيفك… بس هو طلع عيل و سخ وخلي باتفاقى معاه… بس انا عمرى ما كنت هأذيكى ولا اخلى مخلوق يلمسك او يمس شرفك… عكسك و عكس نيتك السودا لبسمة…..
صرخت غزل بحدة وانفعال
=محصلش… متفقتش مع الزفت خليل على انه يغتصب اختك.. كانت بسمة تانية… بسمة تانية….
القى جابر يدها التى كانت بين يده بحدة مزمجراً بصوت مخيف مظلم
=كدابة… كدابة زى اللى خلفتك بالظبط…. نفس الكلام اللى قالته امك لأبويا لما دفعت لواحد من قطاعين الطرق انه يهجم على امى وهى فى البيت لوحدها…
شحب وجه غزل فور سماعها كلماته تلك هامسة بصوت مرتجف وهى لا تصدق ما يقوله
=كداب… امى عمرها ما تعمل كدة..
قاطعها جابر هاتفاً بقسوة و الازدراء يلتمع بعينيه
=امك تعمل اللى اوسخ من كدة…
تابع حديثه مردفاً وهو يشير نحو المنزل
=انزلى اسألى عثمان العزايزى… و هو يقولك حصل ولا محلصش…
انسابت الدموع على خدييها بينما نشيج مؤلم يصدر من حلقها و هى لا تصدق افعال والدتها… لكنها كانت متأكدة بان والدتها ليست بهذا الشر الذى يحاولون جميعاً اظهاره.. لكنها ايضاً تعلم بانها كانت تكره وفاء و لبيبة العزايزى اكثر من اى شئ فى هذة الحياة فهل من الممكن ان تكون فعلت ما يقوله حقاً هل اتفقت مع رجل لكى يغتصب والدة جابر.
مسحت وجهها بيدها المرتجفة قبل ان تلتف اليه قائلة بحدة
=انا معملتش حاجة فى اختك….
لتكمل سريعاً مقاطعة اياه عندما حاول التحدث
=عايز تصدق صدق… مش عايز انت حر مبقاش يهمنى و لا يفرق معايا… اللى يهمنى دلوقتى لو ورقة الجواز دى صح وحقيقية انك تطلقنى… انا مش عايزاك….
التوت شفتيه بتهكم قائلاً بسخرية لاذعة جارحة و هو يقاوم شعوره بالجرح و الألم..
=ده على اساس ان انا اللى عايزك اوى… ولا طايق حتى اشوف خلقتك….
شعرت غزل بكلماته كسكين حاد يغرز بقلبها ممزقاً اياه لكنها رغم هذا لم تظهر له ألامها اخذت نفساً طويلاً مرتجفاً قائلة بهدوء
= يبقى تطلقنى……
قاطعها مزمجراً بقسوة و عينيه تلتمع بالشراسة
=على جثتى… الجوازة دى مش هتخرجى منها الا و انتى ميتة او أرملة…
تسارعت انفاسها نظرت داخل عينيه وعينيها تنصج بالكراهية والغضب الذى تشعر به نحوه قائلة
=يبقى ان شاء الله هخرج منها أرملة… و قريب اوى
ثم فتحت باب السيارة و امسكت بالباب المفتوح محاولة الخروج منها لكنها لم تستطع فقد ازدادت عليها ألام كتفها بسبب الحركة المفرطة و العنيفة التى فعلتها اثناء ضربها له..
وجدت جابر يقف بجانبها يساعدها على الخروج لكنها رفضت مما جعله يطلق لعنة حادة قبل ان يمسكها باصرار و يخرجها ثم احاط كتفها برفق بينما يحثها على التقدم لداخل المنزل لكنها دفعته بعيداً رافضة لمسته تلك لكنه عاد واحاط كتفيها منحنى على رأسها هامساً باذنها
=جوا مش عايز اسمعلك صوت… عايزك توافقى على كل حاجة هقولها…
زجرته بقسوة قائلة بتهكم
=فى المشمش…ابقى قابلنى
توقف جابر مديراً اياها نحوه قائلاً بصرامة وحدة
=غزل… انا مبهزرش الموضوع حياة او موت مش لعبة بنلعبها فاهمة
انهى جملته قبل ان يعاود باستكمال طريقهم لداخل المنزل لكن فور ان دلفوا الى الداخل تصلب جسد غزل بقوة فور ان رأت جميع العائلة مجتمعة مرة اخرى..
مما جعل شعور من الخوف يزحف بداخلها و هى تتذكر اخر مرة تجمعت العائلة بها هنا تلقت رصاصة كادت ان تؤدى بحياتها…
ابتعدت غزل عن جابر و اتجهت نحو القبو للذهاب الى غرفتها القديمة محاولة تجاهلهم لكن اوقفها صوت جابر الصارم الذى هتف من خلفها
=تعالى يا غزل هنا…..
استدارت نحوه مجيبة اياه بجمود و هى لا تتحمل التواجد معه او مع من تسببوا بأذيتها و الطعن فى شرفها
=تعبانة و عايزة انام..
قاطعها جابر بحدة و صرامة
=قولتلك تعالى هنا….
استسلمت و اتجهت اليه حتى لا تصنع مشهد امامهم وقفت بعيدة عنه بعدة خطوات لكنه امسك برفق بذراعها غير المصاب و جذبها نحوه لتصبح واقفة بجانبه ثم التف نحو العمروسى والد حلا صديقتها و الذى كان يعد ذراعه الايمن بالاعمال اشار اليه برأسه قائلاً بنبرة ذات معنى
=عمروسى…..
هز العمروسى رأسه قبل ان يتوجه نحو والد جابر يعطيه ورقة اخذها منه عثمان و قرأها لترتسم على وجهه الصدمة قبل ان يرفع عينيه نحو جابر قائلاً بصوت ممتلئ بالصدمة والدهشة
=اتجوزتها…..؟!!!
ليكمل بحدة و غضب
=لما انت اتجوزتها معرفتناش ليه..يا بنى
قاطعته لبيبة هاتفة بعصبية هى تختطف منه الورقة
=اتجوز مين بالظبط…؟!
ضربت يدها بصدرها فور ان قرأت محتوى الورقة شاعرة بدلو من الماء المثلج يسقط فوق رأسها و غضب عاصف يضرب عروقها
اقتربت من جابر هاتفة بقسوة و غل
=اتجوزت بنت ازهار ياجابر….ازهار اللى موتت امك بحسرتها…اتجوزت اللى حرقت اختك..و دمرت حياتها
لتكمل صارخة بعويل كما لو مات شخصاً ما
=اهاااا يا وفاء يا حبيبتى…. ياللى مش هترتاحى فى تربتك ابداً بعمايل ابنك…. يا وفــــــــــــــاء ياختى… ياللى موتوكى بحسرتك و حرقة قلبك يا غاليــــــة
ظل جابر واقفاً ينظر اليها بجمود محاولاً تجاهل الألم الذى ضرب صدره و هو يستمع الى كلماتها تلك بينما اخذ الحضور يتحدثون بين بعضهم البعض و الصدمة بادية علي وجوههم والعمروسى يمر عليهم يظهر لهم وثيقة الزواج….
هتف بحدة فراج الذى كان يجلس بين الحضور وهو يشير نحو الورقة التى بيده
=و احنا ايه ضمنا ان الورقة دى صحيحة ما يمكن انت ضاربها علشان تتستر على فضيحة حبيبة القلب….
التمع الامل بداخل لبيبة فور سماعها ذلك فركت عينيها التى كانت محتقنة كالدماء محاولة ابعاد دموع الغضب مسلطة عينيها على جابر محاولة كشف الحقيقة من ردة فعله…
بينما اومأ جابر بهدوء مشيراً بيده بصمت نحو العمروسى الذى انطلق مغادراً المكان على الفور..
.
وقفت غزل بجانبه تحاول تجاهل نظرات الجميع التى كانت منصبة عليها فق كانت ممتزجة بالصدمة و الغضب خاصة فراج الذى كان يطالعها بنظرات تنفجر بالحقد كما لو يرغب الانقضاض عليها و قتلها لكنها لن تلومه فها هو بعد كل ما فعله بها يقف امامها بكل هدوء و جبروت دون ان يحاسبه احد على ما فعله بها كما لو كانت روحها التى كادت ان تهلك لا تستحق ان يحاسب من أجلها…
ابتلعت غصة الألم التى تشكلت بحلقها شاعرة بالشفقة على نفسها فقد كانت رخيصة بالنسبة الى جابر فلما يحاسبه فهو يكرهه فهى ليست سوى المرأة التى احرقت شقيقته و تأمرت على تلويث شرفها..
خرجت من افكارها تلك مرفرفة بعينيها بقوة محاولة دفع بعيداً الدموع التى كوت مقلتيها عندما جذب انتباهها العمروسى و هو يعود مرة اخرى بصاحبة رجل يرتدى عباءة و عمامة تعرفت عليه على الفور فقد كان المأذون الذى عقد قرانهم منذ يومين بشقة المنصورة..
اشار العمروسى للمأذون قائلاً
=اتكلم يا أستاذ….
تنحنح المأذون قائلاً بصوت مرتفع
=انا المأذون الشرعى سالم السيد و اشهد امامكم و امام الله…
ليكمل وهو يشير نحو غزل و جابر
=انى عقدت قران الاستاذ جابر عثمان على الاستاذة غزل مجاهد…من يومين بمدينة المنصورة….
ثم التف نحو العمروسى مسلماً اياه بطاقة هوايته و دفتر الزواج الخاص به و هو يردف بهدوء
=و ادى بطاقتى اللى تثبت انى مأذون شرعى و ده دفتر الزواج متسجل فيه العقد..
ذهب العمروسى بتلك الاوراق نحو عثمان والد جابر ثم فراج الذى اشتعل الغضب بعينيه من فلات ابنة ازهار من المأزق الذى كان فرحاً بانها قد وقعت فيه فقد كان يرغب بفضحها اكثر ودعس وجهها بالارض الموحلة..
تمايلت لبيبة التى كانت تنظر الى الدفتر وهى لا تصدق بان كل ما خططت له قد فشل و تحطم فوق رأسها..
تمايلت الى الخلف و هى تكاد ان تفقد الوعى مما جعل شقيقها حسان يسرع نحوها هاتفاً بهلع
=مالك… ياختى فوقى…
هزت رأسها بينما تبتعد عنه محاولة تمالك نفسها حتى لا تنهار امامهم و تفضح امرها..
راقب جابر حالتها تلك و تعبير ساخر مرتسم على وجهه قائلاً بسخرية
=مالك يا خالة لا اجمدى كده… احنا لسه بنقول يا هادى.. اوعى يغمى عليكى لازم تبقى فايقة كدة و مصحصحة علشان تتفرجى و تتعلمى من اللى هيحصل قدام عينك دلوقتى…
انهى حديثه واتجه نحو فراج يمسك به من كتف عبائته يجذبه بقوة كادت ان تجعله يسقط ارضاً
صرخ فراج بحدة و هو يحاول التحرر من قبضته
=اوعى…يا جابر انت ماسكنى كدة ليه…. بقولك اوعى……
تجاهله جابر جاذباً اياه الى منتصف الغرفة مشيراً نحو العمروسى و جعفر اللذان اسرعا بالامساك بفراج وتقييد حركته مما جعل فراج يصرخ بذعر و قد شحب وجهه
=انت بتعملوا اوعى يالا انت و هو.. اوعى….انتوا اتجننتوا…..
صرخ احدى اعمامه بحدة
= بتعمل ايه يا جابر.. ميصحش يا بنى كدة…. مهما كان ده خالك برضو و كان بيدافع عن شرف العيلة
قاطعه جابر مزمجراً بصوت مدوى حاد
=عم مصلحى..مالكش دعوة انت بالليلة دى احسنلك… و خالى مكنش بيدافع عن شرف العيلة.. لا خالى كان بينتقم من بنت ازهار… ازهار اللى كان دايب و واقع فيها لشوشته و هى رفضته و فضلت ابويا عليه…فطلع غله و حقده فى غزل… يمكن نار قلبه تهدى….
ليكمل وهو يوجه حديثه الى جميع الرجال الواقفين ينظرون برهبة الى ما سيفعله فرغم صغر عمره الا انه من كان يدير شئون العائلة بأكملها لا يقوى احد منهم على الوقوف بوجهه
=وكل واحد فيكوا فاهم ده كويس…و زى ما كل واحد فيكوا برضو كان حاطط جزمة فى بوقه و ساكت و هو شايفه بيضرب مراتى بالنار… يحط نفس الجزمة فى بوقه و مسمعش نفس…
صمت الجميع بالفعل بعد ان كانت هناك همهمهات معترضة بينهم
التف جابر نحو غزل التى كانت واقفة تراقب ما يحدث بوجه شاحب امسك بيدها و وضع بين يديها مسدس
=اضربيه بالنار زى ما ضربك….
اهتز جسدها بعنف من شدة الصدمة فور سماعها كلماته تلك بينما صدرت الشهقات الصادمة من حولهم بينما اندفعت لبيبة نحوه تصرخ بهستيرية و صدمة
=عايز تموت خالك يا جابر……
قاطعها جابى بصوت حاد عاصف و عروق عنقه تنتفض من شدة الغضب
=و اقتل عيلتى كلها مش خالى بس… و اى حد يفكر بس انه يلمسها تانى…
شحب وجه لبيبة فور سماعها تهديده هذا متراجعة الى الخلف ببطئ بينما قلبها ينبض بداخلها فى خوف و ذعر…
اخفض جابر عينيه نحو غزل عندما حاولت سحب يدها من يده رافضة الامساك بالمسدس
=جابر ابعد البتاع ده عنى .؟!!!!
استدار و وقف خلفها يستند ظهرها الى صدره ثم اخفض رأسه هامساً باذنها متجاهلاً صراخات المعترضة للبيبة و فراج الذى كان يحاول التحرر من قبضة الرجال
=خدى حقك…
هزت غزل رأسها برفض و دموعها تنساب على خدييها مما جعله يضغط على فكيه بغضب هامساً باذنها بصوت حاد صارم
=قدامك حل من الاتنين لتمسكى المسدس و تضربيه زى ما ضربك و يبقى فى امل ان ضربتك تيجى غلط وتصيب اى حته فى جسمه غير قلبه و يعيش لأما هضربه انا يا غزل و ساعتها رصاصتى مالهاش مكان الا قلبه..
ادارت غزل رأسها تنظر اليه باعين متسعة بالذعر و الخوف و هى لاتدرى ما تفعل….
يتبع…