رواية سحر سمرة الفصل الثالث 3 بقلم امل نصر
الفصل الثالث
دلفت" بسيمه "لغرفة ابنتها " سمره " .. لتجدها جالسه على مقعد صغير .. تتناول حذائها وتضع قدمها داخله .. بعد ان اكملت ملبسها .. نظرت اليها مندهشه
- لابسه كده .. ورايحه فين على اول الصبح ؟!.
- رايحه شغلى يعنى هاروح فين
قالتها " سمره " وهى تنهض .. لتفاجأ بوالدتها تمسك بذراعها توقفها .
- يابت انتى اتجنيتى .. فى واحده تطلع وخطوبتها كانت امبارح !!.
سمره وهى تنفض ذراعها
- انا رايحه شغلى .. مش رايحه اتفسح .
بسيمه وهى تجز على اسنانها
- يابت ماتتعبيش قلبى .. الناس اللى هاتيجى تبارك .. .. ولا ناس العريس لما يجيبولك شنطة الهدوم .. هانجولهم ايه ؟!
تناولت حقيبتها لتضعها على ذراعها قبل ان ترد
- مالكيش دعوه بناس العريس .. انا هاتصل ب" مروه " وهفهمها .. اما بجى حكاية الجيران والناس اللى هاتبارك .. ف" رضوى " بت خالى اهى جاعده وتسد عنى !.
....................................
وبمكان اخر بالعاصمه .. فى حى راقى لايسكنه الا النخبه المتميزه من السكان .. دخلت المرأه العجوز وهى تتحامل على نفسها لغرفته !!
فاقتربت منه وهو جالس بالشرفه .. يتناول قهوته بشرود .
- سرحان فى ايه ؟!.
قالتها المرأه وهى تضع كف يدها على ذراعهِ .. جعلته يجفل منتفضاً .. ليتناول يدها بعد ذلك مبتسماً ويقبلها .
- ست الكل منوارانى بنفسها .
المرأه وهى تجلس على اقرب كرسىٍ امامه .
- طب اعمل ايه ؟!.. بقالى كام يوم عايزه اشوفك عشان واحشنى .. وانت ولا سائل !
ابتسم ببشاشه وهو يتناول كف يدها ويقبلها مره اخرى .
- يانهار ابيض .. بقى "لبنا " هانم بنفسها .. نفسها تشوفنى وانا اتاخر .. سامحينى ياست الكل .. انا اسف حقيقى .
ضربت بالكف الاخرى على جبهة رأسه
- بطل بكش .. ووفر كلامك الحلو ده للعروسه .
اشاح بوجهه للجهه الاخرى مستنكراً
- عروسة ايه بس يا تيتيه ؟!.. انتى لسه برضوا حاطه الكلام ده فى دماغك .
صمتت المرأه وهى تنظر اليه بغضب .. فأنب نفسه ليردف .
- خلاص ياتيته بقى ماتزعليش .. انتى عارفانى مقدرش على زعلك .
زفرت بضيق قبل ان تقول
- يابنى انا مش بجبرك عليها .. بس " صفيناز" ماتتعايبش .. وانت مش صغير عشان تستنى تانى على جوازك .. انا عايزه افرح بولادك قبل ما اموت
تقدم منها ليقبل راسها
- الف بعد الشر عليكى ياست الكل .. ربنا يخليكى ليا .. دا انتى اللى فاضلالى من ريحة الغالين .
- انا مش عايزاك تراضينى .. انا عايزه فعل
قالتها وهى تنظر لعينيه لتتبين صدقه .. ليومئ برأسه هو
- حاضر ياتيته .. هافكر فى الموضوع بجد المرادى .. و" صافيناز " بنت حلال زى مابتقولى انتى .. بس والنبى ادينى فرصه كام يوم .
- رؤوف !!.
- خلاص يا تيته بقى انا وعدتك !.
.......................... . ........
وعوده ثانيةً للجنوب وبداخل مدرسة ( اخلاق العظماء ) .. كانت جالسه على كرسىٍ خشبى فى فناء المدرسه مستمتعه بهذا الهواء النقى الذى ينبعث من مجموعة الاشجار القديمه حولها .. لاهيةً نفسها بمتابعة مبارة كرة القدم المقامه بين فريقين من الطلاب .. لتجفل منتفضه على صوت صديقتها
- ياماشاء الله .. العروسه قاعده هنا وانا بدور عليها .
سمره وهى تضع يدها على قلبها
- بسم الله الرحمن الرحيم .. خضتينى يا " رحمه " .
الفتاه وهى تجلس على كرسىٍ اَخر بجوارها
- سلامتك ياقلبى من الخضه .. قوليلى بقى .. انتى ايه اللى جايبك النهارده وانتى اساساً كنتى واخده اجازه عشان خطوبتك ؟!.
ضغطت باطراف اصابعها على جبهتها وهى تشيح بوجهها عنها .. فاردفت صديقتها بطرافه
- دا انتى باينك عامله مشكله .. هببتى ايه يابت مع خطيبك ؟!.
اللتفتت لها " سمره " بعينينٍ لامعه .. مما جعل صديقتها تجفل لرد فعلها .
- لاااا ... دا بين الموصوع كبير .. احكيلى يا" سمره" .. ايه اللى واجعك بالشكل ده .. احكيلى يا صاحبة عمرى اللى تاعبك .
................................
- راحت المدرسه !!.. ازاى يعنى ؟!.
هذا ما اردف به "رفعت " لاخته " مروه " باندهاش .. لترد الأخرى .
- انا برضوا استغربت زيك كده وجولتلها .. بس هى كان ردها .. انها عايزه تخلص المنهج المتراكم عليها مع الطلاب .
اردف هو غاضباً .
- وبتتصل بيكى انتى ليه وماتجوليش انا ؟!.
- ماهى اتصلت بيك يا " رفعت " .. وانت كنت نايم ومرديتش عليها .
تناول هاتفه ليتبين صدق ماتردف به"ِ مروه " .. فالتفت لاختهِ حانقاً
- ويعنى هى افتكرت تتصل بيا وانا نايم .. وماهنش عليها ترد على اتصال واحد منى الليله اللى فاتت !!.
- ماهى جالتلى اعتذرلك .. عشان كانت نايمه وعامله التليفون صامت .
قالتها بمكر وهى تنظر اليه بتفحص .. لتكمل بعدها بسؤال
- هو انت بتحب " سمره " من زمان يا" رفعت " ؟!!
اسبل عينيه بعيداً عنها وهو يهدر بجديه
- امشى يا" مروه حضريلى الفطار .. اخلصى بابت امشى من جدامى .
ازدادت ابتسامتها اتساعاً وهى تتحرك للخروج من الغرفه .
- ماشى يا اخويا اللى تؤمر بيه .. رايحه احضرلك الفطار ..... ياعريس .
زفر بقوه بعد ان خرجت من الغرفه .. وكأنها امسكته بفعل اجرامى .
....... ......................
- يانهار اسود ... انتى بتتكلمى بجد ولابتهزرى .
قالتها " رحمه " بدهشه .
فمالت زاويه فمها الاَخرى بسخريه .. مع هذه الدمعه التى سقطت دون ارادتها .
- ياريت يا " رحمه " يكون هزار .. ياريت يكون كابوس واصحى منه و بعدها اعيش حياتى .. ياريت .
هزت براسها مستنكره
- بس انا عايزه افهم .. انتوا ازاى اتخدعتوا فيه .. ونسيتوا تاريخه الزفت وعمايله !!
زفرت " سمره " بقوه
- اذا كان قدر يقنع اخوه وناسه .. مش هايجدر يقنع خالى وبته .
رحمه بأسف
- يعنى بعد ماقولنا انه خلاص بعد عنينا وخلصنا منه .. يطلع لنا تانى بنفس أجرامه القديم .
لعقت دمعه على شفتاها ثم اردفت
- انتى عارفه يا" رحمه " انا ايه اللى تعبنى صح ؟!.... النظره اللى شوفتها فى عنيه .. نظره تبينلك حقيقى انه مابيهزرش .. ولا بيهوش بالكلام .
- طيب وبعدين يا" سمره " .. هاتتصرفى ازاى معاه ؟!.
اخذت نفسٌ طويل ثم اخرجته ثانيةً
- مش عارفه يا" رحمه " مش عارفه .. مخى وقف وانا مش لاقيه حل .. بس انتى عارفه انا نفسى فى ايه ؟!.
رحمه منتبهه
- جولى يا" سمره " نفسك فى ايه ؟
سمره وهى تنظر امامها
- نفسى اروح لابويا واجولوا يحمينى .. نفسى اسألوا .. انت ليه مشيت وماسالتش عليا تانى .. وسبتنى لامى اللى غلطت اكبر غلطه فى حقى لما وعدت " قاسم " بجوازى منه .. عشان المجنون ده يمسك فى الكلمه دى ويسودلى عيشتى .
قالتها الاخيره بصوت مبحوح .. لتردف صديقتها وهى تربت على ذراعها
- يعنى هى كانت تعرف اللى هايحصل .. امك لما وعدتوا كان هو لسه صغير ومكانش باين عليه انه هايبقى بالجنان ده .. ياللا بقى النصيب .. ربنا يكون فى عونك .
..............................
وعند " رضوى " اللى كانت تتلقى التهانى والمباركات .. من النساء الاقارب والجيران .. وهى تبتسم بسعاده .. تظهر حقيقة ماتشعر به .. فتبرع ايضاً فى اخفاء هذه الغصه الموجوده داخلها .
زفرت بضيق بعد ان خروج احدى النساء الجيران من البيت .. لتنظر لوالدتها باعين مشتعله .
- شايفه ياما مجصوفة الرقبه .. اللى جايبالى الكلام والحديت !.
نعيمه مجفله
- مجصوفة مين ؟!... وكلام ايه اللى بتجولى عليه ؟!.
رضوى وهى تسقط على احدى الارائك بغيظ
- الست " سمره " اللى راحت شغلها .. وسابتنى انا لأسئلة الحريم الى حرجت اعصابى .
نعيمه وهى تومئ برأسها
- جصدك يعنى على شنط الهدوم .. ماهى " مروه " جالتلك انها هاتيجى بيهم ..بعد الضهر .
رضوى بصياح
- بعد الست البرنسيسه ماترجع من الشغل .. عشان ياخدوا رأيها فيهم .. وانا اولع مع نفسى وتتحرج اعصابى من اسئلة الحريم .. اللى نفسها تتفرج على حاجتى وهدية العريس .. اللى لسه فى انتظار الهانم .
نظرت اليها صامته .. فهدرت " رضوى " .
- سكتى ليه ياما ؟!.. ماتتكلمى !.
نعيمه وهى تومئ بيدها
- يعنى هاقول ايه بس يابتى ؟!.
رضوى باعين يملأها الحقد
- تجولى ان الزفته دى .. زى ماخدت حظى طول السنين اللى فاتت .. كمان قاطعه فرحتى دلوك .
هزت المرأه برأسها يأساً وهى تمتم بصوت خفيض
- ربنا يهديكى يابتى .
..............................
بعد ان ترجلت من سيارة الاجره .. وقبل ان تصل لموقف السيارات التابع لقريتها .. توقفت شارده تنظر لهولاء البشر الخارجون بكثافه من محطة القطار .. التى تُمر عليها ذهاباً واياباً فى كل مره ذهبت فيها لعملها .. كم تمنت لو كان ابيها ضمن هؤلاء البشر .. لتهز برأسها وتنفض هذه الفكره التى اَلمتها من كثرة التخيل .
- انتى بينك رجعتى لهبل الطفوله تانى يا" سمره " !!.
تمتمت بيها لنفسها .. لتفاجأ به واقفاً امامها بجوار سيارته ناظراً لها بابتسامه جميله .. فتقدمت بخطواتها اليه .
- انت هنا من امتى ؟
قالتها بابتسامه ساحره .. اسرت قلبه ليرد عليها عالمُغيب .
- انا فى انتظارك بجالى زمن طويل .
اجفلت لمقولته مندهشه
- ازاى يعنى زمن طويل ؟!!!... تجصد مستنينى من بدرى !.
هز برأسه وكأنه فاق من شروده
- اركبى يا" سمره " اوصلك .. ياللا اتحركى انا خطيبك وواد عمك .. مش غريب عليكى ياعنى !.
قال الاخيره بأصرار .. جعلها تدلف للسياره دون اعتراض .
...............
وبداخل السياره .. تحدث بعتب
- برضوا دا كلام يا" سمره " .. تيجى شغلك تانى يوم خطوبتك .
سمره بخجل
- ما انا فهمت " مروه " انه غصبن عنى .. عشان المنهج وو.
رفعت بمقاطعه
- قالتلى " مروه " كل اللى هاتجوليه .. بس برضوا انا زعلان .. عشان جعدت الليل كله امبارح ارن عليكى .. وانا نفسى اسمع صوتك .
بلعت ارياقها بتوتر وهى مسبله عيناها
- عندك حق .. بس انا كنت تعبانه .. فنمت زى الاموات . ما سمعتش اى رنه .
- بعد الشر عليكى من الموت يا" سمره " .
قالها بسرعه وعيناه عليها وهو يقود السياره .. وبعدها تناول علبه مغلفه من جواره .
- امسكى يا " سمره " ؟!.. دا تليفون عشان اكلمك بيه .
- لا يا" رفعت " ..انا معايا واحد .
قالتها وهى تهز برأسها .. فنظر اليها غاضباً .
- اخلصى يا " سمره " وماتزعلنيش .. دا حقك عليا انا خطيبك .
شعرت بالحرج .. ولكنها لم تشأ اغضابه .. فتناولته لتفاجأ منبهره .
- ايه ده يا " رفعت " ؟! .. دا احدث نوع فى السوق واسمع انه غالى جداً .
نظر اليها ليردف بصوتِ اجش
- مافيش حاجه تغلى عليكى يا " سمره " .. انتى اتخلقتى عشان تبجى برنسيسه .
فتحت فمها واقفلته عدة مرات .. وهى لا تجد كلمه مناسبه لهذا الكرم منه .. وهو يبادلها بنظراته الحنونه .. رغم انشغاله بالقياده .. فأردفت ممتنه بابتسامه خجوله
- انا متشكره جوى .. على زوقك وكلامك اللى يجنن .
ليرد هو بصوت دافئ .
- متشكرنيش ... انتى اتمنى بس وجولى عالى نفسك فيه .
اتسعت ابتسامتها لتردف بمرح
- لا ياعم انا بالشكل ده ابقى طماعه .. دا زين جوى كده .
- زين جوى يا" سمره " .
قالها بطرافه فبادلته هى بابتسامه رائعه ..ولكنها اجفلت منتفضه على صوت السياره التى اوقفها " رفعت " على حين غره لدرجه اَلمتها .. حينما فوجئ به واقفا امامه وسط الطريق .. ليهدر بزعر
- انت اتجنيت يا" قاسم " .. مش خايف لادوسك بالعربيه !!!