رواية في بيتنا سيبا الفصل الثالث 3 بقلم اسماعيل موسي
فى بيتنا سيبا
٣
كان الوقت عصر، الجو ساكن مع نسمة هواء تسمعك حفيف الأشجار، الطريق خالى كأنه لم يمر خلاله انسان قبلى، حقول الذره التى تقطعها غيطان الفلفل وبقايا البرسيم تحيط بالمقابر، ومكنة مياه قديمه وبعيده صوتها يصل اذنى، المقابر تنتصب امامى شاهد على ما يكونه الإنسان بعد مده من الزمن، وشجرة توت بين المقابر افرعها تراها عينى، مش لازم اخاف من اى شيء، مفيش عفريت بيطلع فى النهار
البنت العفريته انقذتنى لازم اثبتلها انى مش اقل شجاعه منها
المقابر كانت خاليه، يبقى البنت اكيد فى بيتها تحت الأرض وسط أشجار الصفصاف والكافور، اخدت الطريق الترابى وقابلتنى قمريه كانت بتنقر القش وتجمعه لعش ليها، كان الحماس اخدنى وتوقعت الاقى البنت هناك، لكن الحيز كان فاضى، قعدت على الأرض، اكيد العفريته هتظهر دلوقتى مش هينفع تسيبنى قلقان عليها، مر الوقت ولم يظهر اى شيء
الظلام زحف ومعاه الخوف راح يتملكنى، رجعت على البيت عقلى بيغلى من الأفكار وقفتنى والدتى على باب البيت
اسماعيل كنت فين؟
مكنتش يا والدتى عادى حسيت بخنقه وخرجت اشم هوا
انت بتشم يا اسماعيل؟
بشم هوا يا امى هوا، نسمة ريح مش إلى فى بالك يعنى
انا طبخت ليك الديك إلى قولت عليه، أكبر ديك عندى، ادخل كل ""
مليش نفس يا امى، كلى اننى هبقى اكل بعدين
حدجتنى امى بنظره مستعره وعرفت انى مش هخلص منها
انا ادبح وانضف واطبخ أكبر ديك عندى إلى الفراخ مش هتبيض بعده وحضرتك ملكش نفس؟
خلاص يا امى هاكل حاضر
ومالك كده بتقولها من غير نفس؟ اسمع يا ولد انا والدتك مش مراتك تتأمر وتشخط فيها براحتك
على الطاوله الصغيره ظهر الديك والذى اتضح انه مجموعه من العظام والارجل ولا لحم فيه، فكرت ان دا ديك متشرد مستحيل يكون من فراخ والدتى إلى كلها مربربه وبتمشى تتهز من التخن والعافيه
دا اكبر ديك عندك يا امى؟
قالت والدتى بحسره كأنها خسرت أكبر معاركها للأسف ايوه
دا الديك الضخم إلى كان بيأذن قبل الفجر كل يوم ويصحينى اصلى، شفت انت ارتكبت ذنب كبير ازاى؟
امى؟ ابصقى فى وشى احسن من التقريع ده؟ انتى بتسممى الاكل عليه
كان هذا اليوم الذى قررت فيه ان أقضى على دجاجات امى واحده تلو الأخرى عندما اصعد إلى السطح
اسماعيل؟ انت لازم تتجوز حالك مش عاجبنى، انت خرجت العصر رجعت المغرب '
قلتلك مش هتجوز بنت عطيات يا امى حتى لو الدنيا ولعت
ليه أن شاء الله؟ البنت طالبه جامعيه بتساعد والدها فى شغل الحسابات، جميله وعفيفه ودايما بتسأل عليه
امى شيلى موضوع الجواز دا من دماغك انا مش بفكر اتجوز حاليا خالص!
اشجينى!؟ تكونش بتفكر تحضر الدراسات العليه؟ انت اخدت اداب جغرافيا بالعافيه وعلى ايدى
امى؟ انت مش ملاحظه ان المصطلحات بتاعتك أصبحت راقيه ومثقفه فجأه!؟ انتى كنتى لحد فتره قريبه بتتلخبطى بين دكر البط ودكر الوز، ايه إلى جرى يا امى!؟
نهضت والدتى بغيظ ورفعت حاجبها، دى اهانه كبيره يا اسماعيل، بتلقح على امك عشان واخده اعداديه بس؟
ربنا يسامحك يا ابنى، دا آخرة إلى بناخده من الوقوف فى ضهر أولادنا ومساعدتهم للوصول لتحقيق أحلامهم
لم يخفى على ان نبرة والدتى متغيره جدا وان تلك الكلمات لا أعرف من أين سمعتها واخدت فى تلك اللحظه قرارى الثانى بعد قتل الدجاجات سأقوم بقتل الشخص الذى لعب فى اعدادات عقل والدتى بتلك الطريقه المرعبه
على سطح المنزل بعدما انتصف الليل عددت عشرين دجاجه وديك بلدى ثمينه وتخينه
لم تنقص مزرعة والدتى اى دجاجه وعرفت بالصدفه انها ابتاعت ديك من تاجر فراخ، ديك ضعيف ومسلوع لم يتناول طعامه منذ اسبوع كان ذلك الديك الذى التهمته
بعد أن أنهيت العمل عدت من نفس الطريق كان اختفاء الفتاه التى اسميتها سيبا لأنى وجدته اسم يليق بعفريته امر محير بالنسبه لى، سيبا ظهرت فجأه واختفت فجأه وليس هناك امر افجع لرجل من ظهور أنثى تعجبك فى حياتك واختفائها فجأه
ودار فى عقلى الكثير من الحكايات، ربما تزوجت عفريت اخر أكثر جمال وبهاء منى، عفريت لائق لا يتلعثم بعد كلمتين معها. اعرف حظى منذ ايام الطفوله، ولا اعرف ما الذى جرى
لست الشاب الذى قد يقنع فتاه ان تقع فى حبه او حتى صداقته، الكل ينفر منى بعد اول مقابله وطوال عمرى لم اتحدث لفتاه وجه لوجه الا مره واحده، سرت ببطيء والأمل لازال يحبونى ان احظى بنظره من سيبا، انا اتأمل وجهها مره اخرى برويه واحفظ معالمها
قلت فى سرى يارب لماذا لا يخبرنا الراحلين بموعد رحيلهم ان يمنحونا الفرصه لنشبع من معالمهم التى لن نراها مره اخرى؟
عدت إلى المنزل والحسره تتملكنى، كانت قصه جميله انتهت قبل أن ابدأها
فى دفترى الكثير من القصص الغير مكتمله، دفترى مليان عنواين لم يكتب سطر اسفل منها، تشعر انها جزر متفرقه لن تجتمع ولن يلم شملها
انت قدمتلها خدمه وهى ردت الخدمه بلاش تفكر فيها اكتر من كده لحد ما الشك وصل بيا ان اعتقد انه كان مجرد حلم ولم أرى به فى الحقيقه
مش تقول احم قبل ما تدخل؟
صرخت والدتى مع أول خطوه وضعتها فى المنزل
همست مكنتش اعرف ان عندنا ضيوف؟
وهتعرف ازاى؟ انت لسه راجع من الشغل متأخر عن ميعادك المعتاد ربنا يكون فى عونك
على الأريكه التى ابتاعتها امى لاستقبال ضيوفها كانت تجلس فتاه باهتتة الملامح، بيضاء الوجه نحيفه متحجره، نظراتها ثابته مثل خنجر وانت تتأملها تشعر انها رأت بنفسها وفاة كل عائلتها امام عيونها حتى تصل لتلك الدرجه من التجمد والصلابه
مظهرها لائق بعيد عن العشوائيه، بسيط لكنه يتمتع بالاناقه، كانت تعرف ما يلائمها بالضبط دون أدنى ثغره
قابضه كف بكف، واضعها يديها على حجرها، ضامه الكتفين، مشدودة الظهر، فى عيونها رائحة البحر وطعم البندق ورفرة الطيور المهاجره، قدميها تحتك ببعضها، أفعل ذلك عندما أشعر بالتوتر، لا اعتقد اننى رأيت أنثى بمثل تلك الملامح من قبل، ذات مره ان لم تخونى الذاكره فاتنى موعد مع فتاه تشبه تلك الملامح من زمن بعيد
قلت مرحبآ واعتذر
همست والدتى تعالى يا اسماعيل سلم
نظرت والدتى بغيظ، تحرجنى دائما، سلمت على الفتاه المحرجه
الانسه فرحه المشرفه الاجتماعيه الجديده فى المدرسه الاعداديه، وصلت هنا تسأل عن إمكانية تأجير منزلنا الملاصق من أجل سكنها، قالت واردفت والدتى بسعاده الناس شكرو فينا وقالو مفيش مكان اريح ولا آآمن من بيتنا تعيش فيه وتكون مطمنه على نفسها
مفيش مشكله، الانسه فرحه تشرفنا ان شاء الله ولا احتاجت اى حاجه انا موجود