رواية خداع قاسي الفصل الثاني 2 بقلم ديانا ماريا
الجزء الثاني
أسرع أمجد لابنته الممددة على الأرض ورفعها بهلع.
كان واضح أنها فاقدة للوعي فضربها أمجد بخفة على خدها محاولًا افاقتها: داليا ردي عليا!
كان أمجد ينتظر بالخارج بعد أن أخذ الأطباء ابنته ودلفوا للداخل لقد اتصل بأخته حين تمالك نفسه قليلا ليخبرها بما حدث وحتى تعتذر من الناس الذين في انتظارهم.
أتت أخته بعد قليل مع زوجها وأولادها تقول بقلق: في إيه يا أمجد؟ داليا حصلها إيه؟
كان أمجد يقف مستند للجدار خلفه فرفع نظره لفوق وهو يردد بحزن: مش عارف دخلت لقيتها واقعة على الأرض ومش بترد عليا خالص.
ربتت نورا على كتفه تحاول مواساته: طب متقلقش يا حبيبي بإذن الله هتبقى كويسة وبخير.
تنهد أمجد دون أن يجيب وقلبه ملئ بالذنب ناحية ابنته الوحيدة بالتأكيد لقد حزنت مما حدث حتى أثر عليها وأوصلها لتلك الحالة.
خرج الطبيب فسأله أمجد بلهفة: أخبار بنتي إيه يا دكتور؟
رد الطبيب بجدية وبوجه عابس: الحقيقة قدرنا نلحقها بس عملنا لها غسيل معدة علشان الحبوب اللي كانت واخداها.
عقد أمجد حاجبيه باستغراب شديد: حبوب إيه يا دكتور؟
حدق إليه الطبيب قبل أن يقول: لو حضرتك متعرفش فهي كانت واخدة حبوب لغرض الانتحار.
اتسعت عيون الجميع بصدمة وأمجد مازال يحدق إلى الطبيب بعدم استيعاب ثم نطق أخيرا: ا.. انتحار؟
أومأ الطبيب فتسارعت أنفاس أمجد بشدة وهو يتخيل ابنته تحاول الانتحار! ولكن لحظة لقد لمح بجانبها شريط فارغ من الحبوب لم يعره أي اهتمام لأن كامل اهتمامه كان مُنصبًا على ابنته حينها.
رفع يده لجبهته بسبب الألم الذي بدأ يطرق في رأسه، وضعت نورا يدها على كتفه بعد ذهاب الطبيب.
قالت نورا بعطف: متزعلش يا حبيبي هتبقى كويسة وبخير متعملش في نفسك كدة.
ساعدته على الجلوس فتقدم زوجها ليواسيها بينما راقبت نورا أمجد الصامت بقلق، ظلوا في انتظار الطبيب حتى خرج منرة أخرى فأسرع له أمجد وقال بخوف: بنتي عاملة إيه دلوقتي يا دكتور؟
زم الطبيب شفتيه ورفع حاجبيه قبل أن يقول بنبرة عفوية: ممكن نتكلم كلمتين على انفراد يا أستاذ أمجد؟
أصابت الحيرة أمجد من سلوك الطبيب ولكنه وافق وابتعد معه قليلا حتى يحدثه على انفراد.
ابتسم الطبيب نصف ابتسامة: بصراحة مش عارف ابدأ منين بس بنت حضرتك كويسة جدا الصراحة بس أنها كانت واخدة على خاطرها شوية منك علشان تعمل كدة.
تنهد أمجد وهز رأسه موافقًا وهو يحدق للأرض فوضع الطبيب يده على كتفه وتابع: مش عايزك تشيل الهم بنتك لما جت قالت لنا أنها واحدة حبوب علشان تنتحر وأحنا عملنا اللازم بس بعد الفحص الدقيق لقينا أنه كلامها مش صح مية في المية.
زفر أمجد بنفاذ صبر: يعني يا دكتور لو سمحت خليك واضح أعصابي مش مستحملة.
أجاب الطبيب بخفة: يعني هي محاولتش تنتحر بشكل جدي هي خدت كام حباية ميعملوش ليها أذى حقيقي من الآخر هي حبت تقلقك عليها مش أكتر.
استوعب أمجد كلام الطبيب بسرعة فظل صامتا وهو يحدق أمامه بتفكير أردف الطبيب بعطف من حالته: نصيحة ليك متتسرعش وتغضب منها أنا مقدر موقفك ومشاعرك دلوقتى بس متحكمش عليها حاليا أهدى الأول بعدين أحكم على الأمور وساعتها أتصرف.
تنهد أمجد وهو يغمض عينيه ثم فتحها مرة أخرى وهو يبتسم للطبيب بامتنان:شكرا لحضرتك يا دكتور على تعبك.
عاد مرة أخرى لأختها وزوجها التي قالت باستياء حين وصل: قالك أنه الهانم لعبت عليك صح؟ أنا سمعت ما حاجة وفهمت مش قولتلك أنت اللي دلعت على الآخر!
حدق إليها أمجد بصرامة وقال بنبرة حازمة: نورا مش عايز كلام خالص دلوقتي فاهمة؟
نفخت بضيق ولكنها أطاعته وصمتت بينما دلف أمجد لغرفة ابنته التي كانت تفكر حينها بقلق هل يمكن أن يكتشف والدها لعبته التي اتفقت عليها هي وصديقتها؟ ماذا ستكون ردة فعله حينها؟
حين سمعت الباب يفتح تظاهرت فورا بالنوم وقلبها ينبض بشدة من التوتر.
دخل أمجد ونظر لها لبرهة فتوترت أكثر وهي بالكاد تتظاهر بالنوم بشكل طبيعي حتى لا يكشفها.
أغلق الباب ورائه وتقدم ثم جلس بجانب السرير فحينها علمت داليا أنه سيكشفها إذا بقيت تتظاهر ففتحت عيونها ببطئ تتظاهر بالاستيقاظ وتنظر لوالدها بعيون شبه مفتوحة وهي تقول بنبرة تعب مزيفة: أنا فين؟
نظر لها والدها وعلى وجهه تعبير غير مقروء وتحدث بنبرة غامضة: في المستشفى وأكيد عارفة ليه.
أبعدت نظراتها بتوتر عنه وقالت بلوم: معملتش كدة بمزاجي بس حسيت بالزعل واليأس ومحسيتش بنفسي.
كانت تلك الخطة بينها وبين صديقتها أن تحاول الانتحار بشكل مزيف حتى تُشعر والدها بالذنب ويتراجع عن الزواج.
لم يرد وهو يحدق إليها متفحصا فاستدارت داليا للناحية الأخرى لأنها أحست بشيء غامض في والدها وحتى تبين له انها مازالت غاضبة منها وترفض التحدث معه.
خرجت من المستشفى بعد ساعتين وقد انزعجت من وجود عمتها التي نظرت لها بعدم رضى بسبب ما فعلت وطبعا قد أفسدت خطتهم بالذهاب لتلك العروس ولكنها كانت سعيدة بنفسها.
ذهبت لغرفتها حالما وصلت وحين خرج والدها تواصلت فورا مع صديقتها وأخبرتها بما حدث وهي سعيدة، اعتنى بها والدها في الأيام التي تليها وقد انتهزت داليا تلك الفرصة حتى تتدلل على والدها كما تريد وقد ضمنت أن فعلتها أوقفته عن ذلك الزواج.
كانت جالسة تذاكر دروسها في صالة المنزل حين دخل عليها والدها وبين حقيبة ملابس فنظرت له بتعجب.
ابتسم ثم مد يده وأمسك بيد سيدة دخلت للمنزل، كانت سيدة أنيقة في الثلاثينات من عمرها تقف وتبتسم بلطف أمام داليا التي تحدق إليها بدهشة
ابتسم لها أمجد ثم نظر لداليا ووجه حديثه لها قائلا باعتزاز: حبيت أعملها لك مفاجأة يا داليا يا حبيبتي أقدم لك علياء مراتي.