رواية شط بحر الهوي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سوما العربي
كانت تتلفت حولها بتوجس ،تبتلع رمقها بعدم ارتياح،ارادت التنزه مع شقيقتها والاستمتاع بجو اخوى دافئ تجرب شعوره لأول مره.
+
لم تكن تعلم أن شقيقتها والتى من المفترض أنها أكبر منها بعامان ستفعل ذلك.
+
أجلت صوتها محمحمه ثم قالت:غنوة انا مقدره مشاعرك ومش عايزه اجرحك بس ليه ؟هااا ليه؟! أنا قولتلك تعالى نخرج.
+
نظرت غنوة لها بعبوس تردد:مش انتى الى قولتيلى خدينى لأكتر مكان بترتاحى فيه ؟!
+
صرخت نغم بجنون: تقومى تجبينى المقابر!!!
+
ردت غنوة بإصرار شديد:ايوه عند أبويا.
+
غزى الشجن صوتها ولمع الدمع بعينها تخبرها بصوت مبحوح بعدما ضمت كتفيها نسبياً فظهرت ضعيفه لأول مره وهى تقول:كنت عايزه أعرفه عليكى،واقوله يطمن وانه ماسبنيش بطولى فى الدنيا.
+
رفعت وجهها لشقيقتها فشهقت نغم وهى ترى الدمع قد اغرق وجهها تردد: اصله كان شايل همى طول ماهو تعبان ،كان خايف يموت ويسيبنى،بس انا كنت دايما متأكدة أنه هيفضل معايا ،انا عارفه إن كلنا هنموت بس عند الى بنحبهم بيختفى المنطق ،كنت مهما يتعب ونلف على مستشفيات ويتعالج ويتعب ويقوم بردو ببقى شايفه انه هيفضل معايا وعمره مايفارقنى،كنت اهله مش بنته وهو كان كل دنيتى،ولحد دلوقتي هو كل دنيتي وحياتى واقفه عليه.
+
اخذت نفس عالى تحاول كبت دموعها وقالت:من يوم موته وانا مش عارفه أخد خطوه جديده فى حياتى وبضيع فرص كتير.
+
زوت نغم مابين حاجبيها تسأل مستغربه: أيوه بس انتى شاطره اوى فى شغلك،انا عملت سيرش كده بالصدفة على الأماكن الى بتشتغلى فيها ،كنت فاكره مش هلاقى معلومات وأنها شركات كده مش اوى ،بس اتفاجئت إنها شركات كبيره.
+
لكزتها فى كتفها مع غمزه عابثه تردد:وبتاخدى مرتب واو على فكره.
+
اعتدلت فى وقفتها تسأل:بس سؤال ضرورى بقا،فلوسك دى كلها بتروح فين.
+
ضحكت غنوة وقالت: اصلى مبذره أوى مش بعرف اشيل قرش.
+
نغم:غريبه جدا انتى حتى لحد دلوقتي مش عندك عربيه ولا جبتى شقه حتى ولو صغيره ،ولبسك حلو اوي بس مش براند يعنى ،مبذره ازاى بقا.
+
التفت لها غنوة تردد: خروج بقا وأكل ،اكل ،يااااه أنا بحب الأكل اوى،هو بالنسبة لى ألذ لذة فى الحياه.
11
نظرت حولها وجدت الشمس اوشكت على الغروب وبدأ ضوء النهار يخفض تدريجيا ممتزجا بسواد طفيف من بداية الليل .
+
اخذت نفس عميق ووضعت يدها على كتف شقيقتها مردده:الجو بدأ يضلم يالى بينا نمشى.
+
نغم متنهده:ايوه أنا تعبت ومحتاجة أروح.
+
غنوة: لأ تروحى ايه؟انتى أكلتى كشرى مصرى من يوم ما جيتى؟
+
التمعت أعين نغم تردد: لأ لسه.
+
غنوة بعدم رضا:طب وده ينفع بردو،لازم نروح دلوقتي وبعدها اقدر اقولك Welcome in Egypt.
+
ضحكت نغم تسير معها وتخرج من ذلك الحوش الواسع مردده السلام على أهل المكان الذي يعمه السكون تدعو بالرحمه والمغفره لوالدها.
+
لكنها لم تغادر المكان بعد وإنما تقدمت تدفع أحد الابواب والقلق ينهش قلبها أكثر وأكثر.
+
ترى رجل ثمين الجثه بملامح غليظه وصوت اغلظ يردد: أنتى مين يا ابله.
+
رمشت بعيناها تردد: امال فين أهل المكان.
+
رد عليها بصوته الغير مريح يقول:عم شعبان مات اديلوا اسبوعين وبنته جت عربيه فيخمه وفيها اتنين رجاله واخدوها ومشوا .
+
ارتعد قلب غنوة تردد صارخه به: إيه؟!اتنين رجاله ايه؟مين دول ؟وازاى تسيبوهم ياخدوها ويمشوا عادى؟!
+
تحدث الرجل بقلة حيلة: والله ما نعرف يا ابله ،انا اصلا ماكنتش هنا دول الناس الى حكولى وقالوا إنهم أبوها وأخوها عشان كده سابوها وأنا لما لاقيت المطرح بقا فاضى اخدته بدل النومه فى الطل.
+
كانت نغم تستمع لكل شيء بجهل شديد عن مايقال او حتى عن هوية تلك الفتاه بينما غنوة تهز رأسها باستنكار شديد تردد: هو إيه الى أبوها واخوها ،مانت بنفسك لسه قايلى عم شعبان مات من اسبوعين يبقى أزاى أبوها بالعقل كده؟ايه ليها أبين؟!
+
فكر الرجل قليلا بحديثها يقول:اى والله عندك حق ،بس وانا بأيدى ايه نعمله بس يا أبله؟
+
زمت شفتيها بضيق وقلق كبير ينمو بداخلها على تلك الفتاه ذات العيون الرماديه.
+
تعلم أنها عانت الكثير فى حياتها،حتى تعليمها لم تستطع إكماله رغم ذكائها واجتهادها.
+
هزت رأسها بتصميم تردد:ماشى ماتعملش انت حاجه،بس أنا مش هسكت.
+
خرجت من المكان تتبعها نغم تسير بمحاذتها تسأل بفضول واستغراب: مين البنت دى يا غنوة وتعرفيها منين؟وايه حكاية باباها مات وجه راجل اخدها.
+
غنوة بعدم ارتياح تفكر فيما يمكن أن يحدث لتلك الفتاه وهى وحدها ،نظرت لأختها تقول بقلق:دى بنت اعرفها من كذا سنه ،عايشه هنا فى المقابر قريبه من مدفن بابا زى ما شوفتى،اهلها فقرا او تقريباً معدمين،اتعرفت عليها وساعدتها أنها تلاقى شغل كويس فى مكان كويس عشان تساعد فى علاج مامتها وباباها،الموضوع أخد وقت لانها تعتبر معاها اعداديه بس؟
+
نغم بصدمه: معقول؟
+
غنوة متنهده بأسى:ده كده حلو او على ظروفها هى تعتبر بطله ،كمان هى خلصت ثانوي بمجموع كبير بس ماكنتش أد مصاريف الكليه الى بتحلم بيها ،لا دى ماكنتش معاها حتى تمن سحب الملف من مدرستها،انتى متخيله؟
+
خرجت للطريق العام توقف إحدى سيارات الأجرة تصعد فيه هى وشقيقتها التى اردفت بحزن وفضول:كملى.