اخر الروايات

رواية ونس الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة مجدي



 يجلس في غرفته وسط كل ذلك الدمار الذي طال كل شيء بها .. يلهث من شدة غضبه .. عينيه شديدة الحمره .. والعرق يغرق جبينه .. ملابسه غير مهندمه وكأنه خارج الأن من مشاجره كبيرة .. فمن يراه الأن لن يقول عليه أبدًا أنه طارق الصواف إبن الأكابر
كان عقله شارد وعيونه ثابته على شيء وهمي .. بها غضب إذا تركه لأحرق ذلك القصر بكل ساكنيه .. وطالت نيرانه كل شيء..
مرت دقائق أخرى ليبدء يضحك بصوت عالي .. يضحك بهستيريا وكأنه حصل على جائزه كبيره لم يتوقع حصوله عليها ..
ضحك
وضحك
وضحك
ثم بدء يهمس لنفسه قائلاً
-بعد كل إللي عملته ده معقول تكون دي النهاية.. معقول؟!
ليضحك من جديد بصوت عالي وهو يمسك ذلك الإطار الذي يحمي صورة العائلة بأكملها ووضع أصبعه على صورة نرمين وهو يقول
-يعني بعد ما أخدت منك عذريتك .. وعملت فيها الشهم إللي هيتحمل أن يتجوز واحده مغتصبه قدام العيله كلها .. تفلتي من إيدي وتفكري تقولي ليا أنا لأ .. هو أنتِ فاكره إني هسكت .. لا ياحلوه .. لا يا نيمو .. اللعبه لسه مخلصتش وزي ما أخدتك وأنتِ عينك في عيني .. هخليكي تيجي تتوسلي ليا علشان أقبل بيكي والكارت الأخير في أيدي .. والضربه هتكون على الكل
ظل يتأمل صورتها لعدة ثوان .. ثم حول نظره إلى صورة أديم وهو يقول بغضب وغل
-أنت بقى الموت فيك حلال .. وإللي هعمله فيك ده تخليص الدين القديم .. لكن الدين الجديد .. أصبر عليا فيه .. هخده .. وأخد الحق حرفه يا أديم .. يا أبن عمي
ظل ينظر إلى الصورة والوجه .. وأبتسامة سخريه تزين شفتيه .. وفي لحظه خاطفه ألقي بالإطار إلى الحائط المقابل له ليتهشم بالكامل وتناثر زجاجه في كل مكان .. حتى أن إحدى القطع الصغيره جرحت وجنته ليبتسم وهو يرفع سبابته يمسح قطرات الدماء ببرود .. ثم وقف مقرراً أن يأخذ قسط من الراحه حتى يستعد للمرحلة الجديدة .. ليرفع الغطاء بكل ما عليه من أشياء مكسره وألقاه أرضا ثم ألقى بنفسه فوق السرير وأغمض عينيه ونام
…………………
قبالة الفجر وصل حاتم وسالي إلى العاصمة .. لكنه وقبل أن يغادر المطار وقف أمامها وقال
-أحنا مش هينفع نرجع القصر دلوقتي .. أيه رأيك يا نروح عند أديم أو ننزل في أوتيل لحد ما نشوف أيه إللي هيحصل النهاردة في الشركة
لفت ذراعها حول ذراعه وقالت وهي تريح رأسها على أطراف كتفه
-يبقى في أوتيل أحسن أنا محتاجه أنام شوية
ليربت على كفها بكفه الحر ودفع العربه التي تحمل الحقائب .. حتى خرجوا من المطار .. ليشير لأحدى السيارات وأملاه أسم الفندق .. كل ذلك وهي تستند عليه براحه كبيره .. من داخلها تشعر بالخوف مما سيحدث في المؤسسه لكن وجوده يشعرها بأمان لم تشعر به من قبل لم تكن يومًا غير عابئه بأمها وحزنها أو غضبها .. هل لأنها الأن تعلم حقيقتها .. أم لوجوده وحبه والثقه التي يستحقها دون لحظه تفكير
هي معه من الأن وإلى الأبد .. ولن تخذله مره أخرى مهما حدث ومهما كان الثمن خاصه وأن الحق معه .. ورغم الإرهاق كان يشعر بالسعادة أن حركتها البسيطه هذه تجعل قلبه ينتفخ بسعادة ذكوريه لا يستطيع وصفها .. ويشعر أنه أصبح يملك الكون وما عليه .. ليجد يده دون إيراده منه تربت على كفها المستريح على ساقه و الإبتسامه تملئ وجهه الرجولي الوسيم
……………………..
في الصباح الباكر وقبل موعدها بنصف ساعه كانت تقف أمام الباب .. أفكارها الشيطانيه صورت لها آلاف الصور .. ورسمت لها الكثير من الفرص التي ستتاح لها إذا حضرت الأن .. ومن أهمهم ما حضرت من أجله .. وسوف تنفذه .. وستكون الخطوه الأهم
أخرجت المفتاح وفتحت الباب وحين دخلت ظلت واقفه في مكانها تنظر لذلك الممدد على الأريكة بشكل غير مريح .. شعره مشعث .. ووجهه مسترخي ينام على بطنه .. . إحدى ساقيه فوق ذراع الكرسي .. والأخرى مثنيه أسفلها .. وإحدى ذراعيه مستريحه على الأرض
أغلقت الباب بهدوء شديد .. وتقدمت عدة خطوات حتى أصبحت ترى وجهه بوضوح .. كما الأطفال الصغار .. لتبتسم أبتسامة صغيرة.. أختفت حين سمعت صوت من الداخل وتذكرت نرمين .. لتدلف إلى المطبخ وبدأت في إعداد الفطور .. وكانت أيضًا تستعد لأستجواب من نوع خاص من نرمين لكنها لن تهتم … ستكون هادئه كعادتها .. وتجيب بهدوء أنها أتت حتى تباشر عملها كالعاده
خرجت من المطبخ تحمل بين يديها صحون الطعام لتجده قد أستيقظ ويجلس لكنه يضع رأسه بين كفيه .. لتقترب منه ليلاحظ حذائها أمام عينيه ليرفع عيونه لها .. وأبتسم تلقائياً وهو يقول
-أنتِ جيتي أمتى؟!
-من نص ساعه
أجابته بخجل حقيقي ليبتسم وهو يتذكر حاله حين أستيقظ .. ليداعب خصلات شعره بأطراف أصابعه كطفل مشاغب .. يقف أمام والدته التي توبخه .. لتقول هي بهدوء
-أنا جهزت الفطار
أومأ بنعم وقال بهمس
-تسلم أيدك
أبتسمت وغادرت عائده إلى المطبخ ليقف هو حتى يذهب إلى غرفته وطرق في طريقه على باب غرفة أخته ليسمع صوتها فقال من خلف الباب
-أستعدي الفطار جهز
ودلف سريعًا إلى غرفته أخذ حمام وأبدل ملابسه بملابس كلاسيكيه .. تجعل هيئته تخطف الأنفاس .. لمن يراه فكم هو وسيم بشكل يؤلم القلب ظلت تتأمله من عند باب المطبخ حتى أنه لاحظ ذلك لكنه لم يظهر لها أنه يلاحظ وجودها أصلاً .. حتى يظل يستمتع بتلك اللحظه التي تتئمله فيها دون خجل .. لكن لنرمين رأي أخر .. حين خرجت من غرفتها .. لتتحرك ونس سريعاً تضع الأطباق على الطاوله .. وقالت بهدوء وأدب
-هدخل أرتب الأوض على ما تفطروا .. ألف هنا
وغادرت دون أن تنتظر لسماع أي رد .. كانت نرمين تنظر إليهم بضيق .. ما هذه الوقاحه .. أبعد ما حدث بالأمس تأتي اليوم وكأن شيء لم يكن .. وكأنها لم تستمع لاعتراف أديم الصواف بحبه لها .. نظرت لأخيها الذي كان ينظر في أثر ونس بعشق لتقول من بين أسنانها
-صباح الخير يا أبيه … مستعد للي هيحصل النهاردة
أختفت الإبتسامه عن وجهه وجلس على رأس الطاوله وهو يتمتم بصباح الخير .. لكن من داخله يشعر بنار .. نار حارقه تلتهم قلبه .. نار الصدمه .. ونار الحب الذي لا يستطيع الإستمتاع به .. خاصه والأمل بداخله قد أزداد حين رأها في بيته من جديد بعد ما حدث بالأمس .. فقط كان يلوم نفسه على تسرعه في أخبارها بما داخل قلبه .. وغامر بخسارة رؤيتها كل يوم .. لكن الأن يشعر أن الحب متبادل بينهم .. لكن أولا ينتهي مما عليه فعله وحينها ستصبح له إلى الأبد
صمته جعل نرمين تشعر بالغضب من تلك الفتاة .. ولكنها لن تسمح أبداً بأي شيء من هذا .. سوف تجعلها تعرف مكانتها جيدًا .. وترحل دون عوده .. ولكن ليمر اليوم بسلام ولكل حادث حديث
……………..
أغلقت باب الغرفة خلفها وهي تأخذ نفس عميق فعطره يملئ الغرفة بشكل يأسر القلب .. لكن عليها أن تتحرك سريعاً .. أخرجت ذلك الشيء الصغير من جيب بنطالها وأقتربت من الجاكت الخاص بأديم وفي الجيب الداخلي للجاكت وضعت ذلك الشيء .. وثبتته جيدًا ثم همست ببعض كلمات … وأخرجت هاتفها وفتحت إحدى التطبيقات ووضعته على أذنها تستمع إلى صوتها الذي يصل إليها بوضوح برغم أنها كانت تتحدث بهمس .. لتأخذ نفس أخر براحه .. وهي تعيد الجاكيت إلى مكانه .. وبدأت في ترتيب الغرفة بالفعل
……………….
وقفت عند باب المطبخ تنظر إليه وهو يرتدي الجاكت يستمع إلى صوت أبن عمه الذي يخرج من مكبر الصوت الخاص بهاتف نرمين .. يخبره أنه خلال دقائق سيكون في الطريق إلى الشركة .. ليتحدث معه في بعض الأمور .. ثم أغلق الهاتف .. ورفع عينيه ينظر إليها بأبتسامة رقيقه لم تستطع أن تبادله إياها حتى ولو بالكذب .. فهي كانت منشغله في تأمل ملامحه وحفظها في عقلها وقلبها ونقشها فوق عيونها .. فهذه المره الأخيرة التي ستراه فيها .. لقد أنتهت مهمتها .. وقامت بما عليها فعله .. ومؤكد حين يكتشف الأمر لن يريد رؤية وجهها من جديد .. كان من داخله يفكر أنها قلقه من أجله عليه أن يطمئنها .. لكن أخته التي تقف بجانبه تكتف ذراعيها أسفل صدرها بضيق ليشير لأخته حتى تتحرك معه في إتجاه الباب وقبل أن يغلق الباب رفع هاتفه وحركهُ بحركه خفيفه وهو يهمس دون صوت
-هكلمك
وأغلق الباب لتزفر في محاوله لتهدء من ضربات قلبها التي تكاد تصم إذنها من قوتها .. وتؤلم صدرها بسبب سرعتها .. أنتفضت حين سمعت صوت رنين هاتفها لتنظر إلى الأسم لتنفخ الهواء حتى تهدء .. وحين أستقبلت المكالمه وصلها صوته يقول
-متقلقيش عليا .. أنا متعود على مشاكل العيله وهقدر أحلها .. وهرجع لك علشان نكمل كلام إمبارح .. بحبك يا ونس .. بحبك يا ونسي في الحياة
وأغلق الهاتف لتنحدر تلك الدمعه من عينيها وهي تأخذ حقيبتها وتغادر .. للمره الأخيره فهي لن تعود من جديد .. وأسفل البنايه كانت تنظر إليها بألم وحسره لكنها فتحت هاتفها .. وفتحت تطبيق الرسائل وأرسلت رساله لرقم غير مسجل .. من كلمه واحده “تمت” وأغلقت الهاتف .. وبخطوات واسعه تحركت في إتجاه شارع جانبي حتى وقفت أمام سيارة فارهه فتحتها وجلست في مقعد السائق وبكل ما تحمل بداخلها من تناقضات من خوف وحزن وسعاده وأنتصار وخساره فادحه ضغطت على البنزين لتنتطلق بسرعه كبيرة جعلت كل من بالشارع ينظر إليها بأندهاش
…………….
تجلس في سيارتها منذ الصباح البكار .. فلم تغلق عينيها سوا ساعه واحده .. من كثرة الخوف والقلق .. تتوقع أن يدخل طارق إلى غرفتها في أي لحظه حتى ينتقم منها بعد أن دمرت له مخططه الأخير
ظلت في السيارة حتى أصبحت الساعه الثامنه عليها الأن أن تتحرك وتذهب إلى عملها فاليوم هو الأول لها .. وفي جميع الأحوال إذا لم يجد لها فيصل مكان مناسب للسكن فيه خاصه وأن الوقت ضيق جدًا .. فهي حدثته بالأمس فقط .. وكان الوقت قد تأخر كثيرًا .. فهي سوف تذهب إلى إحدى الفنادق المعروفه وتحجز غرفه هناك حتى تجد ما تريد وما يناسبها
شغلت محرك السيارة وتوجهت إلى مقر عملها
أوقفت السيارة في المرأب الخاص بالمبنى .. وترجلت من السيارة بعد أن أخذت حقيبة يدها من على الكرسي المجاور وأغلقت السيارة .. وبرشاقه ورزانه سارت بخطوات واثقه هي جزء لا يتجزء من شخصيتها .. نحو المصعد .. وحين وصلت إلى الدور المطلوب سارت في إتجاه الباب بهدوء .. وبداخلها بدء يرتجف .. فرهبه أول يوم عمل .. مع تركها لبيت العائله لهو أمر صعب ويجعلها تشعر من داخلها ببعض الخوف والتوتر الذي بدء يسيطر عليها خاصه وهي ترى أمامها المكتب الذي كان بالأمس خاليًا تمامًا .. الأن به موظفة أستقبال لبقه .. وهناك أيضاً حارس أمن يجلس عند الباب من الخارج .. وهناك عامل بوفيه يسير في رواق المكتب يحمل أكواب القهوة .. وأصوات باقي الموظفين تأتي إليها واضحه .. تحركت بثقه نحو مكتب الإستقبال وقالت بهدوء
-أنا المترجمه كاميليا حداد
لتبتسم غادة وهي تقول لها بأدب
-أهلا بحضرتك أستاذه كاميليا .. أنا غادة موظفة الإستقبال
لتبتسم لها كاميليا براحه وهي تقول برقه
-أهلا بيكي يا غادة .. ممكن بقا تقوليلي مكتبي فين
تحركت غادة من خلف المكتب وهي تقول
-أه طبعًا أتفضلي .. بس الباشمهندس فيصل طلب مني أخليكي تدخلي له أول ما توصلي
لتنظر إليها بأبتسامة مهزوزه .. لتشير الفتاة إلى مكتب بابه مفتوح يقع أمام مكتب المدير مباشرة وقالت
-ده مكتب حضرتك .. بس الأول أدخلي للباشمهندس
أومأت بنعم وهي تتحرك عكس أتجاه مكتبها .. وقفت أمام مكتب المدير وطرقته بهدوء ليسمح لها بالدخول .. كانت تشعر بالإحراج فما قامت به بالأمس .. أكثر تصرف مجنون قد تقوم به فتاة مثلها .. وكانت تتوقع أن ترى في عينيه نظرة أستخفاف بها .. أو أن يتخيل أنها فتاة لعوب ..لكنه نظر إليها نظرة عاديه كتلك التي كانت في عيونه بالأمس وقال
-أهلا أستاذة كاميليا أتفضلي
أقتربت من المكتب ليشير لها أن تجلس ليقول هو بعمليه
-النهاردة صحيح أول يوم شغل .. لكن أنا من قبل ما أفتح الشركة وأنا براسل شركات كتير علشا أول ما أفتح الشركة يكون فيها شغل ..والإيميلات دي
مد يده لها بملف متوسط الحجم وأكمل
-ودي ردودهم عليا .. عايزك تترجميهم وتطبعي الترجمه وتجبيهم ليا في أسرع وقت
أومأت بنعم وأبتسامة سعادة ترتسم على ملامحها .. ها هي تعمل .. ها هي ستقوم بشيء مفيد في حياتها .. ها هي أمرأة عامله وليست مجرد أمرأة جميلة .. عليها أن تجد عريس مناسب وفقط
وقفت حتى تذهب إلى مكتبها ليقول هو بهدوء
-أنا كلمت كذا شخص علشان موضوع الشقه وخلال ساعات ان شاء الله هيجيلي منهم رد .. أطمني
قال الأخيرة بصوت جعلت القشعريرة تسير في كامل جسدها .. لماذا حين نطقها شعرت بالأمان .. ونسيت تمامًا أفكارها عن كونه يراها الأن بشكل خاطئ .. عادت لتومئ بنعم وهمست ببعض كلمات الشكر غير الواضحه .. وغادرت
ومنذ دخولها إلى مكتبها طلبت كوب قهوة فرنساوي .. وبدأت في العمل .. الذي جعلها تنسى كل شيء .. من هي؟ وإين هي؟ ومن أي عائلة؟
………….
في قاعه الإجتماعات الكبيرة بمؤسسة الصواف يجلس أديم على رأس الطاولة صامت تمامًا يراجع بعض الأوراق الذي طلبها من قسم المحاسبه .. وكذلك أمامه أوراق أخرى من قسم الهندسة والمشتريات .. وكل المشاريع الجديدة التي على وشك دخول الشركة فيها .. كذلك أوراق نسب الأسهم لكل شريك في المؤسسة .. تجلس نرمين على إحدى كراسي الطاولة عقلها سارح في كل ما حدث تلك الأيام .. وذكريات ذلك اليوم القديم .. تعود إليها من وقت لأخر بصور مشوشه وغير واضحه .. لكن نفس الإحساس .. ونفس الشعور يعود إليها .. لينتفض جسدها كما كان ينتفض تحت وطئة لمساته القزره لها .. ذلك الصوت المقزز الذي يتردد داخل أذنها يخبرها بأنها أصبحت ملكه .. وأنها أبداً لن تستطيع الإبتعاد عنه
.. خطوات رجاليه ثابته وكعب نسائي جعلها تنتبه من أفكارها وهي تنظر إلى الخلف لترى سالي تسير جوار حاتم متأبطه ذراعه والسعادة والراحه ترتسم على ملامحها رغم القلق الواضح في عيونها .. إلا أن لغة جسدها تخبر كل من يراها أنها سعيدة جوار ذلك الرجل الذي يسير بجانبها برزانه وهدوء يضع كفه الأخرى فوق كفها التي تحتضن ذراعه .. وبين ثانيه وأخرى يربت عليها برقه
رفع أديم رأسه عن الأوراق ينظر إلى صديقه وأخته وقال
-عصافير الحب الحمدلله ظهروا .. حمدالله على السلامة .. يارب تكونوا قضيتوا شهر عسل سعيد
ليلوي حاتم فمه بضيق مصطنع وهو يقول
-أهو القر ده إللي جايبنا لورى .. واتسبب في قطع رحلتنا ورجوعنا للقرف
كانت سالي تشعر بالخجل حقًا من أخيها .. غير صدمتها بمرحه وأسلوبه البسيط في التعامل مع حاتم … كان ينظر إليها بأبتسامة حزينه .. حين قال
-عاملة أيه يا سالي؟ نسيتي أخوكي علشان الواد ده
لم تشعر بنفسها وهي تترك ذراع حاتم وتقدمت من أخيها حتى وقفت أمامه ليترك كرسيه ويقف هو الآخر .. ليشعر بالصدمه حين حاوطت خصره بذراعيها وهي تقول
-وحشتني أوي يا أبيه .. وحشتني وأنا آسفه .. حقك عليا
كان ينظر لحاتم بصدمه وعينيه تسأله ماذا حدث؟ ليبتسم حاتم إبتسامة صغيره وهو يقول بصوت عالي قليلاً
-الله الله .. أنتِ بتحضني راجل غيري يا هانم والله عال يا عبدالعال
لتضحك نرمين بصوت عالي .. ليضرب حاتم مؤخرة رأسها وهو يقول
-أسكتي أنتِ .. أنا مصدوم وأنتِ بتضحكي
لتعود للضحك من جديد .. ولكن بعيونها كانت هناك نظرة غيره .. فهمها أديم ليفتح لها ذراعه لتركض إليه تشارك سالي ذلك الحضن المميز .. حضن أخ هو الأمان والداعم .. هو الحائط الصد الذي لا بديل عنه مهما كان لك أصدقاء أو أحباب .. حتى إذا وجدت الحب الحقيقي .. يبقى إلا هو له مكانه خاصه وهيبه لا يفهمها إلا من رزقه الله بأخ حقيقي بكل ما للكلمة من معنى
قطع تلك اللحظة .. وفهم أديم لأعتذار أخته الغير المفهوم دخول طارق .. الصامت الذي لم يلقي حتى السلام على أحد وجلس في مكانه وهو ينظر إلى نرمين بنظره لم يفهمها أحد لكنها شعرت بالتقزز بسببها فخبأت وجهها في صدر أخيها الذي ربت على ظهرها ليشعرها بالأمان
.. أجلس سالي في الكرسي المجاور لنرمين وجلس حاتم جواره وجوار زوجته .. وظل الصمت سيد الموقف حتى قال حاتم موجهاً حديثه لطارق
-مفيش سلامو عليكو ولا العواف حتى ؟ أيه يا طارق مش داخل على ناس ولا شايفنا كراسي قدامك؟
لو طارق فمه إلى الجانب قليلاً وقال من بين أسنانه
-لا شايفكم بس مش عايز أسلم أنا حر
ليضع أديم يده على ذراع حاتم يمنعه من أن يدخل في جدال لا طائل منه .. ثوانِ قليله ودخل المحامون .. ثم شاهيناز هانم التي لم يختلف دخولها عن دخول طارق .. لم تنظر لأحد وجلست في مكانها دون أن تنطق بكلمه .. كان أديم يشعر بألم قوي في قلبه .. لما والدته تكره بهذا الشكل؟ سؤال ظل عالقاً في عقله ويتردد صداه في قلبه بألم لا ينتهي .. لكنه لم يظهر شيء من كل ذلك وظل صامت لثوانُ أخرى يحاول أن يتجاهل كل ما بداخله من حزن وألم وحيره .. ثم أخذ نفس عميق وطرق على الطاوله بظهر قلمه وقال
-أجتماع الجمعيه العموميه النهارده أستثنائي .. بناء على إللي حصل أمبارح .. وعلشان كل حاجة تبقى على نور .. قدام كل واحد فيكم ملف فيه نسبة الأسهم لكل واحد فينا .. وطبعاً ده بيبين كل واحد حقه قد أيه في نسبة الأرباح إللي بتوصله كل سنه .. وكمان بيوضح مين إللي له حق إدارة المجموعة
قال طارق مقاطعاً سيل كلمات أديم
-كاميليا مش موجودة .. و
لم يكمل كلماته حين سمعا طرق على الباب لحقه دخول كاميليا وهي تقول بأعتذار
-أسفه أني أتأخرت .. بس أنتوا عارفين أول يوم شغل بقى
وجلست جوار نرمين التي همست لها بأندهاش
-أنتِ بتشتغلي يا كاميليا
أومأت بنعم وهي تهمس
-هبقى أحكيلك
ليقطع أديم حديثهم وهو يقول
-مفيش مشكلة .. أنتِ جيتي في الوقت المناسب .. ومبروك على الشغل .. بس أعملي حسابك بعد الإجتماع ده أنا عايز أتكلم معاكي كلمتين
أومأت بنعم .. ليعود أديم لما كان يقوله
-قبل وفاة بابا كان كاتب ليا بعض أسهم خارج ورثي منه ونسبتي هي الأكبر من بين الجميع
صمت لثواني لتقول نرمين بهدوء
-وأنا موكله أديم بالتصرف في كل الأسهم الخاصه بيا … ومش هستأمن غيره على مالي
أبتسم أديم لها وقال بأمتنان
-دي مسؤلية كبيرة يارب أكون قدها
لتقول سالي بصوت هادئ يكاد يسمع
-أنا كمان أكيد مش هأمن لحد أكثر من أخويا
ثم نظرت لحاتم وقالت بأستفهام
-مش كده
أومأ بنعم وهو يأكد على كلماتها
-من بعد وفاة عمي سراج وقبله بابا .. ومن بعده عمي حداد .. أديم قدر يوصل بالشركة لمكانه مهمه جداً في السوق .. ومؤسسة الصواف بقى ليها شأن كبير والكل بيعملها ألف حساب وبيعمل لمديرها ألف حساب
كانت النظرات ناريه بين طارق وباقي العائلة .. حتى تكلمت كاميليا وقالت بهدوء
-أنا كمان شايفه أن أديم أحق واحد بأدراة المؤسسة .. وأنا مطمنه على نصيبي طول ما هو المسؤل عنه
أبتسم أديم لها وأومأ لها بتحيه شكر ردتها له بأبتسامة صغيره .. لتتحول نظرات طارق لها لكنها تجاهلته تمامًا ولم تنظر حتى إليه منذ دخولها .. أما شاهيناز هانم فقالت بهدوء وبرود
-أنا عايزة أبيع الأسهم بتاعتي .. مش عايزة يبقى ليا أي علاقه بمؤسسة الصواف
صمتت ثوانِ تتابع نظرات الأندهاش والصدمه على وجه الجميع لتكمل هي بنفس البرود
-في الحقيقه أنا كنت ناويه أوزعهم على ولادي بالتساوي .. لكن لقيتهم هبل ومسلمين دقنهم لأديم .. علشان كده
ونظرت لطارق وقالت
-هتشتريهم أنت يا طارق
-دي فلوسك يا شاهيناز هانم ومحدش يقدر يعترض على قرارك
قال أديم بهدوء شديد وبرود واضح على ملامحه
لتقول هي ببرود مشابه
-طبعًا أنا حره .. وفي الأساس أنت ملكش دخل أنا بتكلم عن ولادي .. وأنت مش أبني
ليبتسم بسخريه وهو يقول بألم
-خلاص أتبريتي مني؟
نظرت إلى عمق عينيه وقالت بتحدي
-أتبرى منك ليه؟ أنت فعلا مش أبني أنت أبن سراج من واحده من عشيقاته .. معرفش حتى أسمها أيه؟ وعلشان شكل العيلة وعلشان كلام الناس و لأني وقتها كنت لسه مخلفتش قبلت أن سراج يكتب في شهادة ميلادك أسم الأم شاهيناز السلحدار .. وكنت فاكرة إني هقدر أخليك من العائلات الراقيه .. لكن للأسف دم أمك القذر تغلب على كل شيء وخلى أصلك الواطي يظهر .. وعلشان كده أنا كنت ناوية أسيب نصيبي لبناتي .. لكن هما شايفين أنك أخوهم إللي هيصون فلوسهم .. فمايستهلوش أني أديهم أي حاجه
ثم نظرت إلى المحامي وقالت
-أعمل أجرائات نقل ملكية أسهمي لطارق
ثم نظرت لطارق وقالت بتوضيح
-قبل ما أمضي على الأوراق الفلوس تكون عندي يا طارق
ونظرت إلى بناتها وقالت
-قصر الصواف مفيش واحده فيكم تعتبه .. القصر مكتوب بأسمي من زمان أوى كنوع من التعويض عن إللي شوفته في حياتي مع أبوكم .. ومن النهارده أنا مليش بنات ولا عايزة أعرف عنكم حاجة
ونظرت إلى حاتم وقالت
-بكره بالكتير تيجي تاخد هلاهيلك أنت ومراتك وأي حاجه تخصكم من القصر .. وشوفوا أنتوا هتعيشوا فين
ونظرت إلى نرمين وقالت بغل
-وأنتِ رميتي الإنسان الوحيد إللى كان قابل بيكي بعد ما أغتصبك الكلب إللي هرب ومعرفناش نجيبه .. قبل يتجوزك بعيبك وعقدك .. خليكي في حضن أخوكي يمكن يقدر يلقيلك حمار يلبسك فيه
وتركت الجميع في حالة صدمه وتحركت نحو الباب وقبل أن تفتحه نظرت إلى أديم وقالت
-لو مش مصدق أنا موافقه نعمل تحليل DNA علشان تتأكد
وغادرت وأغلقت الباب بقوة .. تاركه خلفها عيون دامعه وقلب محطم .. وصدمه على جميع الوجوه .. وإبتسامة تشفي على وجه طارق
…………………
وضعت يدها على فمها وهي تستمع لتلك الكلمات .. صدمه أخرى أن تلك الكلمات مسجله وموصوله بجهاز أخر ولن تستطيع أخفاء تلك المعلومات .. ماذا عليها أن تفعل الأن

يتبع…..



الرابع عشر من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close