رواية صراع الذئاب الفصل الثالث عشر 13 بقلم ولاء رفعت
_ بداخل إحدي المشافي الحكومية ....
يجلس
طه ع طرف التخت المعدني تضع له الممرضة بعض اللاصقات الطبية ع جروح وجهه
بعدما قامت بتعقيمها جيدا ... يصدر تأوهات من الألم الذي يشعر به ف كل
أنحاء جسده
_ بس أنا كده يا أستاذ طه لازم أعمل محضر ضد الي عمل فيك كده ... قالها الطبيب وهو يدون شئ ما ف الدفتر الذي بيده
قال
طه بصوت ضعيف : ما أنا قولتلك يا دكتور دول حراميه طلعو عليا وانا راجع من
الشغل ولما قولتلهم معيش حاجه نزلو فيا ضرب ومحستش بحاجه غير وأنا هنا
نزع الطبيب الورقه قائلا : أنزلي أصرفيلو الأدويه دي من الصيدليه
أخذتها الممرضه وقالت : حاضر يادكتور
جذب الطبيب إحدي المقاعد الخشبية المتهالكة وجلس أمام طه محدقا بعينيه :
مش غريبة الحراميه دول ماخدوش بالهم من موبايلك والمحفظه بتاعتك !!!
رمقه طه بتوتر وقال : أنا معرفش حاجه
تنهد
الطبيب وقال: عمتا أنا هكتفي بتقرير عن حالتك إنها خناقه بس ياريت تاخد
بالك من نفسك لأن كان ممكن يجيلك نزيف ف المخ من الضربه الي خدتها ع راسك
بس الحمدلله هي عملت كدمه هتروح مع العلاج
طه : متشكر جدا يادكتور
الطبيب : العفو يا طه ودلوقت ممكن تقدر تروح
_ يصدح رنين الهاتف الموجود فوق الكومود ....
تقلبت شيماء بين زراعي عبدالله الذي يغط ف النوم ومعانقا إياها
شيماء : عبدالله ... تليفونك بيرن ... شوف مين
أطلق زمجرة وقال بصوت ناعس : امممم نامي ياشوشو وفكك من الي بيرن
أنتهي الرنين ليعيد مرة أخري ... نهضت بجذعها تمد يدها لتأخذ الهاتف وقرأت اسم المتصل
_ ده طه ابن عم سالم بيرن عليك
عبدالله : هاتي كده ليكون فيه حاجه .. أخذ الهاتف منها وأجاب :
الو يا نجم
**************************
_ في مطعم فاخر ....
جذب يوسف لزوجته المقعد المخملي لتجلس عليه : أتفضلي يا حبيبتي
ثم ألتف ليجلس ف الجهه المقابله تحت نظرات إنجي المندهشه وهي تقول :
حبيبتك !!!
أبتسم يوسف جاذبا يديها بين يديه وقام بتقبيلهما وقال : اه حبيبتي ومراتي وام أجمل هدية ربنا رزقنا بيها ... مالك مستغربه ليه ؟؟؟
سحبت يديها وقالت بتوتر : أصل أول مرة أسمع منك الكلام الحلو ده من ساعة الهني مون
يوسف
: أنا عارف أن مقصر من ناحيتك جامد بس غصب عني والله زي ما أنتي عارفه
مهنتي كدكتور جراح وقتي مش ملكي ولازم ابقي موجود ف المستشفي بشكل مستمر
عشان حالات الطوارئ الي بتيجي لنا ع طول
أبتسمت بتصنع وقالت : طبعا طبعا يا حبيبي ربنا يقويك
يوسف
: أنا بقولك الكلام ده عشان تقدريني ولما شديت معاكي يوم حفلة لوجي فده من
غيرتي عليكي ... أنا عارف إن مروان بتعتبريه ابن خالتك لكن هو مش بيعتبرك
كده
إنجي : وأي الي خلاك تقول كده هو كان بيسلم عليا بكل إحترام
قاطعها يوسف :
إنجي أنا راجل وأفهم الراجل الي زيي ونظراته واي الي بيفكر فيه ... خصوصا مروان مش قادر ينسي لما أنتي سبتيه وأتخطبتيلي
أبتلعت
ريقها بتوتر وقالت : أنا مليش دعوه بمشاعره من ناحيتي ... ولما سبتو عشان
لاقيته كان مستهتر ومابياخدش خطوة خالص لاقيت نفسي بضيع وقت معاه ومش
هيتغير وقتها عمتو جت كلمتني عنك والباقي أنت عارفه ... يعني مش أنانيه
وبتاعت مصلحتي زي ما أنت كنت بتقولي
يوسف : حقك عليا من غيرتي وحبي كنت متعصب جدا
قاطعهم النادل قائلا :
تؤمر بحاجه يافندم ؟؟
يوسف : عايز روزيتو واستيك مشوي وكلوسلو ... ثم نظر إلي إنجي وأردف : تاكلي أي ؟؟
إنجي : نفس الي طلبته
النادل وهو يدون الطلبات : عايزين حلويات يافندم ؟؟
إنجي : لاء ميرسي
النادل : عن إذنكم ... قالها وأبتعد
يوسف : مقولتليش صح ليه مخلتنيش اعدي عليكي ف القصر ؟؟؟
أبتسمت بتوتر فكانت لاتريد أن تفسد تلك النزهه عندما يعلم بما حدث لشقيقته ...
_ أنا قولت بلاش عشان لوجي متشبطش معانا وكمان دي أول مره نخرج فيها لوحدنا
يوسف : وإن شاء الله مش أخر مره ... وزي ماقولتلك اصبري معايا وهتلاقيني هاعوضك
أومأت له مبتسمه وتقول بداخل عقلها : جاي تتغير دلوقت يا يوسف بعد أي
يوسف : سرحتي ف أي ؟؟؟
إنجي : فرحانه أوي
يوسف : بمناسبة الفرح ممكن ف الويك إند نروح الساحل ونعيد ذكريات الهني مون
إنجي : بجد يا جو ؟؟
يوسف : بجد يا عيون جو وهنسيب لوجي مع جيجي ... بس أدعي إن ميطلعليش عمليات ف اليوم ده
أختفت إبتسامتها وقالت : اه إن شاء الله
جاء النادل وقام بوضع الأطباق ع الطاوله .
***************************
_ في الحارة ....
_ بس هنا ع جمب ياسطا ... قالها عبدالله للسائق
ترجل من السيارة ليلتف إلي الجهة الأخري يفتح الباب ليساعد طه ف النزول مستندا ع كتفه
طه : آآآه ... تأوه عندما كاد يتعثر
عبدالله : ع مهلك يابني .... متشكرين ياسطا طير أنت بقي
_ وبالطابق الثاني تقف في الشرفة وهي تعلق الثياب المبتلة فرأت طه بحالته تلك
سماح : يالهوي ... لم انزل اشوفه واطمن عليه .... ركضت للداخل وهي تلتقط عباءتها ع عجلة من أمرها ... وغادرت المنزل متجهة لأسفل
_
وبالأسفل كان هناك العديد من الشباب يمسكون أوتاد خشبية مرتفعة لأعلي
المباني يعلقون عليها مصابيح ملونة و أغطية مزركشة .... يقف عادل مع إحدهم
ولاحظ وجود طه ليرمقه بحقد وكراهية
ركضت سماح نحو طه وقالت بنبرة خوف وقلق : اي ده ياسي طه مين الي عمل فيك كده ؟؟؟
نظر نحو عادل يرمقه شرزا ... فأجابها عبدالله الذي كان ينظر نحوه بإزدراء :
طلعو عليه ولاد حرام كان عايزين يقلبوه ... بس ع مين مبقاش عبدالله إلا لو خليت ولاد ال..... دول يتربو
ولي عادل لهما ظهره وكأنه لم يسمع شيئا
ألقت سماح نظره عابره حتي أدركت أن هناك خطب ما فقالت وهي تهم بإمساك طه : عنك يا استاذ عبدالله
طه مبتعدا : شكرا يا انسه سماح وشكرا لسؤالك
سماح : العفو يا طه والف سلامه عليك ... بالأذن بقي عشان ورايا غسيل عايز يتنشر
قالتها وسارت نحو مدخل البناء وهي تميل خصرها ليشرد عبدالله بنظره شهوانية نحو خصرها الذي يهتز يمينا ويسارا
طه : تصدق بالله أنت خسارة فيك مراتك الي زيك ميملاش عينه غير التراب
عبدالله : جري اي ياصاحبي ماهي الي ماشيه عماله تتقصع وإحنا بني آدمين برضو
طه : طيب إنجز يابني آدم خليني أطلع ... خليني اطلع اريح حبه عشان اروح لأبويا
قطب حاجبيه وقال : تروح لأبوك فين !!
طه بنبرة ساخرة : ما أنت عاملنا فيها عريس ومبتنزلش من شقتك أنا بابا محجوز بقالو يومين ف المستشفي
عبدالله
متفاجاء : وربنا ما اعرف ... خلاص لما تروح رن عليا ولا اندهلي وانا جاي
معاك وهنزل البت شوشو تقعد مع أختك تونسها لحد ما ارجع
طه : ماشي ياحنين ... مش عارف خديجه رجعت من عند عمي ولا لاء ... يلا انا رجلي ورمت من الوقفه
عبدالله : لامؤاخذه ياصاحبي
صعد كليهما الدرج حتي وصلو أمام باب المنزل فأخرج طه المفتاح الخاص به وقال : اطلع انت بقي لمراتك وانا قبل ما هاروح هنادي عليك
عبدالله : اشطا وانا مستنيك ... قالها وصعد للأعلي
ولج طه إلي الداخل يسير بحذر ليجد غرفة شقيقته مضيئة
طه : خديجة ... لا رد
توجه نحو الغرف ووقف ع الباب المفتوح ليجدها مستلقيه ع تختها بثيابها التي لم تبدلها تغط ف النوم وع وجنتيها آثار البكاء
رمقها
بحزن فهو يعلم شدة تعلقها بوالدهما أقترب منها ليدثرها بالغطاء وربت بحنان
ع ظهرها وقام بتقبيل رأسها ثم أبتعد وأطفأ المصباح حتي يتركها تنعم بالنوم
_
ذهب إلي غرفته ليجلس فوق تخته يتذكر ملامح رحمة وهي تستغيث به ... قاطع
شروده صوت مرتفع للغاية صادر من تلك السماعات الضخمه المتراصة ع جوانب
الحارة .... بدأت الأغاني تدوي بصوت مزعج ...
نهض طه
بثقل لينظر من بين فتحات النافذه الخشبية فأرتسم ع ثغره إبتسامة سخرية بعد
أن علم بإنها ليلة الحناء ... ساخرا من حاله ومن الحياه ومن واقعه المؤلم
لو كان بيده لكانت ملكه هو ... لو كان بيده لم يسمح لها بالبكاء وهي تتوسله
بأن لاتريد أن تكون سوي له فقط ... لو كان بيده لذهب إلي ذلك الذي يدعو
نفسه رجلا وأبرحه ضربا حتي تنقطع أنفاسه ليأخذ بثأره لكنه يخشي أن يسبب لمن
أحبها الفضائح ... رغما عنه سيتنازل عن حقه ... حق نفسه وحق قلبها .
****************************
_ يوما أخر مليئ بالأحداث ... وبداخل قصر البحيري ....
_ مالك يابت يا ياسمين ... بقالك يومين ساكته وتفضلي سرحانه زي الي ندهتها النداهه ... قالتها علا بسخرية مازحه
ياسمين وهي تمسك بالوساده تبدل لها الغطاء أجابتها قائله :
كل ما أقول الدنيا هتضحكلي ترجع تديني ع قفايا لما خلاص قربت أتعمي
رمقتها علا بنظره مبهمه وقالت : اصدك ع ياسين بيه؟؟؟
أبتسمت بتهكم : قولي ياسين ولا جوز أمي ولا أمي نفسها
علا : مال جوز أمك تاني ليكون أمك زقاه عليكي عشان الفلوس
ياسمين : أيوه أمي الي المفروض أقرب الناس ليا وأحن من أي حد للأسف لو تطول تبعني بالفلوس تعملها
لوت علا فمها يمينا ويسارا أسفا ع حال صديقتها فقالت :
فعلا مكذبتش نوال الزغبي لما غنت ملعون أبو الناس العزاز
ألقت ياسمين الوساده ف وجهها بمزاح :
عبو شكلك أنا غلطانه أحكي معاكي ف حاجه تقومي قلبها بتريئه وضحك
علا وهي ف محاوله التوقف عن الضحك :
والله
ما اصدي اتريئ انا لاقيتك هتعيطي قولت اخليكي تفكي شوية ... وبعدين افتكرت
صح اسكتي عشان تعرفي الدنيا دي غداره ودايره ع الغني والفقير بالقفا وبكل
حاجه
رمقتها بإندهاش : حصل أي؟
علا بصوت منخفض : قربي لحد يسمعنا وهاروح ف داهيه ....
أخذت تسرد لها ماحدث لملك ومشاجرة جيهان وعزيز واسترقها للسمع لحوار آدم وخديجه
ياسمين : لا حول ولا قوة إلا بالله ... ربنا ينتقم من كل ظالم
_ الله الله سايبين الشغل وعاملين ترغو انتي وهي ... قالتها سميرة التي دلفت توا
علا : اسفين يامدام سميره احنا بس .....
قاطعتها
سميرة : سيبي الي ف ايدك وروحي حضري الفطار مع أمينه تحت وانتي يا ياسمين
انزلي ف صالة الجيم ولمعيها وامسحيها كويس مش ناقصين تعليقات وشكاوي من
البهوات
أومأت كلا منهما لها لتذهب كل واحده لوجهتها
_ ظلت منهمكة في التنظيف تلمع تلك الألعاب الرياضية حتي يضوي بريق معدنها ... شارده فيما أخبرتها به علا ... فقالت بداخل عقلها :
معقول
الي حصل للانسه ملك عظه وعبرة لياسين عشان يعرف الدنيا دي سلف ودين ...
لاء حرام عليكي يا ياسمين كله إلا الشماته والست ملك اسم ع مسمي ربنا
يحفظها من ولاد الحرام
أمسكت بعصا ملمعة الأرضيات ثم تنهدت : ربنا يهديك يا ياسين وتحبني زي ما بحبك و متستلمش للشيطان الي بيحرضك عليا
أطلقت
شهقة عندما وجدت ذلك الجالس ع الجهاز المعدني الذي أصدر صوت أفزعها من
شرودها ... وكما توقعت هو لكنها لم تعيره أي إهتمام بينما هو يرمقها بنظرات
مليئة بالتعجرف والعنجهية
وجدت
إنها أنتهت من التنظيف ... حملت الدلو وبداخله الأدوات وهمت بالمغادرة ...
أثارت حنقته بتجهلها له فتعمد وقوع إحدي الحوامل الصغيرة ف طريقها بدون أن
تلتفت لها وتأخذ حذرها وبالفعل تعثرت بها ووقعت ع وجهها ... وهي تنهض تجده
أمامها يقف بشموخ يرمقها بنظرات جعلتها تشعر بالإهانه
_ مكانك هو ده بالظبط ... قالها مشيرا لها أمامه وتحت قدميه
نهضت ع الفور ورمقته بإحتقار وهي تمتم :
ربنا ع الظالم والمفتري
قالتها وكادت تغادر ليسبقها بإغلاق الباب وأوصده
تراجعت إلي الخلف بعدما رأت ملامحه القاسية وهو يرمقها بنظرات ناريه
ياسين : عيدي الي كنتي بتقوليه كده تاني ؟؟؟
تلعثم لسانها : أأنا ... حاجه .. مقولتش
رفع إحدي حاجبيه وقال بسخريه : أوعي تفتكري إن نسيت الموضوع ... أنا بس عندي شوية مشاكل تتحل بس وهفضالك ع الأخر
لم تتمالك أعصابها أكثر من ذلك فصاحت ف وجهه : أنت أي ياأخي مبترحمش !!! مفكرتش إن الي حصل لأختك دي رساله ليك ولا البعيد شيطان ؟؟؟
تسمر ف مكانه من كل ماتفوهت به لكن زادت كلماتها ثوارنه فلم يشعر بقبضته إلا وهي تحاوط عنقها الصغير
وبصوت مرعب :
لو
لسانك الوسخ ده جاب سيرة اختي تاني هخليكي خرسه طول عمرك ... ده غير الي
هعملو فيكي ... واياكي تكوني فاكره إن مش قادر أخد الي عايزو منك أنا قادر
وقادر أوي كمان بس بصراحه مليش مزاج دلوقت ... بس لما يحضر مزاجي أعرفي إنك
هتكون بين إيديا وقتها ومحدش يقدر يرحمك مني ... فاهمه يابنت الجنايني ؟؟؟
...
دفعها محررا قبضته فأخذت تسعل بقوة كادت تختنق
... هبطت عبراتها منسدله ع وجهها الطفولي البريئ ... شعرت وكأن الدنيا من
حولها تدور كالساقيه لم تتحملها ساقيها لتقع مغشي عليها ... فأسرع وحملها
قبل أن ترتطم رأسها بأي شئ معدني ... لايعلم ما مصدر تلك الغصة التي تملكت
من قلبه والشعور بالضيق الذي أكتسح صدره لكن مايدركه الأن هو الشعور
بالندم ع ما ألقاه عليها من كلمات قاسية
وضعها فوق أريكه جلديه متمدده أمسك بزجاجه المياه وأخذ منها ليقوم بنثره ع وجهها
_ ياسمين .. ياسمين .. أصحي أنا مكنتش أقصد .. أنا .... زفر بضيق متأففا وهو يربت ع وجهها حتي تفيق
واستطرد منادته لها ياسمين يخربيتك فوءي
أطمأن قلبه عندما أنكمشت ملامحها لتنسدل من طرفي عينيها عبرات لتبدأ بفتح أهدابها وتنهض برويه لتجهش بالبكاء كالأطفال تماما
كره نفسه ف تلك اللحظه فأخذها ع صدره ف عناق يمسد ع ظهرها
_ آسف ... متعيطيش ... حقك عليا يا ياسمين ... قالها وكأنه بلا وعي كالتائه ف عالمها
توقفت عن البكاء بعد محاولة وصعوبة لتنظر إليه بعدما جلست بإعتدال وهو يجثو ع ركبتيه أمامها بنظرات إعتذار وندم
يمسح بأنامله عبراتها وقال : لسه زعلانه مني ؟؟؟
لم تصدق عينيها ولا مسمعيها مما يحدث ... كيف يتحول الشيطان ف لحظات !!!
لم
تجيب لكن شفتيها الورديتان التي ترتجف من نوبة بكاء ع وشك الإنفجار جعلته
أراد أن يخبأها بين ضلوعه ... أنفاسه تتسارع وهو يقترب منها أرادت شفاه أن
تعتذر لها ع ما بدر منه... أخذ تلك الورود المرتجفه ف قبلة يخبرها من
خلالها إنه نادم ... حاوطها بعناق وهو ينهض بها لينتهي من تلك القبلة التي
لم يشعر بمثيل لها لاسيما من تلك الحسناء البريئة ... ضم رأسها ف صدره
ليشتد من معانقتها ولأول مرة يعتريها الشعور بالأمان معه .... فهل يدوم ذلك
الحال أم ماذا يخبئ لهما القدر !!!
****************************
_
وصل بالقرب أمام البناء التي تقطن فيه يترقب مغادرتها ... يمسك بهاتفه
ليجري العديد من المرات للإتصال بها لكن لارد ولا تري الرسائل ... فقرر
النزول وأن يصعد إليها لكن توقف عندما رأها تخرج من البوابه تتحدث ف الهاتف
كارين : أنت فين يابني ... أنا ادام العماره اهو ... اوك شوفتك تعالي يلا
قطب
يونس حاجبيه عندما رأها تشير لشخص ما ومرت ثوان ليأتي إليها إحد أصدقائها
يركب دراجة نارية وهي تصعد خلفه وترتدي خوذة الحماية وتتشبث به بيدها
اليسري
جز ع أسنانه بغضب ليتحرك خلفهما ليري ما سبب تجاهلها له ومن برفقتها هذا ... لم يتحمل فأرسل لها رساله
أمسكت بهاتفها لتقرأ محتوي الرسالة حتي شحب لونها
( خلي الي انتي ركبي وراه ده يقف بدل ما اقلبك انتي وهو من فوق الكوبري )
ألقت نظره إلي الخلف لتجده خلفهم بالفعل
كارين : سوق بسرعه ياهيثم
هيثم : انا عشانك والله وانتي مش ناقصه حوادث
كارين وهي تتلفت خلفها لتراه يقترب منهما أكثر
صاحت قائله : إنجز ياهيثم بدل ما ارميك من فوق الموتوسيكل وهاسوق أنا
هيثم : مجنونه وتعمليها ... الله يسامحك ياريماس حبكت تسافري وتدبسيني ف المجنونه دي
كارين : بطل رغي لاوريك الجنان ع حق
ظلت
تلك المطارده إلي أن توقفو أمام بناء يشبه القصر هبطت من فوق الدراجه
وكذلك هيثم الذي يؤمن إغلاق دراجته فأسرعت بجذبه من يده إلي الداخل
توقفت وهي تلهث وقالت : اسمعني طالبه منك خدمة
رمقها بنظرات تعجب : خير ؟؟
كارين : الي هقولهولك تنفذو بالحرف الواحد ومن غير ليه
هيثم : فهميني بس الحوار أي ؟؟؟
كارين وهي تتلفت يمينا ويسارا : هقولك ....
_ دلف من البوابة بنظراته الثاقبه يبحث عنها في كل الأرجاء ...
وأخيرا وجدها تخرج من إحدي الممرات ...
ركض نحوها ليجذبها من ساعدها وقال :
تقدري تفهميني مش بتردي ع مكالماتي ولا الرسايل ليه ؟؟؟؟
سحبت ساعدها من قبضته وأجابته بغضب : مزاجي كده
جز ع فكه بحنق وقال من بين أسنانه :
كارين أنا مبحبش اللف والدوران ... أنا بسألك فتجاوبي ع طول وإلا ...
قاطعته بتحدي مصتنع : وإلا أي يافنان ؟؟؟؟
يونس : طيب ممكن تيجي معايا دلوقت نتكلم ف اي كافيه قريب من هنا
أجابته بإقتضاب : مش فاضية
يونس : مش فاضيه ولا مستنيه الاستاذ الي كنت راكبه وراه الموتوسيكل
رفعت إحدي حاجبيها وقالت :
أنا مش بتجسس عليكي ... أنا كنت طلعالك وبعد كده شوفتك مع الزفت الي كنتي معاه
كارين بنبرة غضب مصتنعه : لو سمحت متغلطش فيه
قالتها لتجد نظراته كالجحيم المستعر
قاطعهم صوت أخر :
يلا يا حبيبتي عشان نروح
قالها هيثم وهو يمد ساعده لتضع كارين يدها عليه
كان
بداخلها يتحطم وهي تري نظرات يونس إليها لكن لابد من أن تتصنع بما تفعله
حتي يبتعد عن نيران إنتقام شقيقها حتي لو كان الثمن عذاب قلبها
أبتلعت غصتها بمرار وأرتسمت الجمود ع ملامح وجهها وقالت :
أحب أعرفكم ع بعض ... يونس البحيري زميلي ... ثم أشارت إلي هيثم وأردفت : هيثم الوكيل خطيبي
هيثم وهو يمد يده إلي يونس بالمصافحه : اهلا بحضرتك يافنان
تجهم
وجهه وعينيه محدقه بعينيها بنظرات لم تحدد معناها ... لتجدها تتحول إلي
إزدراء وهو يرمقها من أعلي لأسفل ثم تركهما وغادر المكان بأكمله
هيثم أنتبه إلي كارين التي تعتصر ساعده بقبضتها وعينيها التي أمتلأت بالدموع
هيثم : كارين أمسكي نفسك المكان مليان ناس ... مش أنتي الي عايزه كده؟؟
أجابته بصوت مختنق : أنا عايزه أمشي من هنا
هيثم : طيب تعالي أروحك
ذهب كليهما ع الدراجة التي أنطلقت بسرعة .
_
وصل إلي المعرض خاصته ... أغلق الأبواب خلفه ليجلس بكل هدوء وهو ينظر إلي
اللوحه التي قد رسمتها له ... نهض نحو علب الألوان الزيتية ليسكبها بعنف
فوق اللوحة...جميع عروق جسده تنتفض من غليان دماءه ... توقف فجاءة يلهث
فغادر المعرض وقفز إلي سيارته وقرر ألا يستسلم ... فأنطلق إليها .
****************************
_ تهبط الدرج وهي تملأ وجنتيها بالهواء وتزفره بضيق وحنق ...
أوقفت إحدي العاملين :
لو سمحت قصي فين ؟؟؟
الخادمة : موجود ف الجاردن بره مع كنان بيه ومعاهم ناس
لوت فمها جانبا بسخرية وقالت : طيب ممكن تروحي تقوليلو صبا هانم عيزاك
رمقتها الخادمه بتوتر وقالت :
حاضر أمرك
صبا وهي تعقد ساعديها أمام صدرها : وهاشوف أخرة حبستك ليا اي ياقصي باشا
جاءت إليها الخادمه وقالت :
بيقول لحضرتك أستنيه ف مكتبه وأول ما هيخلص هيجيلك
صبا وقد تملك منها العناد :
اوك روحي انتي ع شغلك دلوقت
خرجت
إلي الحديقة لتراه يجلس مع رجال تحفظ وجوههم جيدا فهم أكثر رجال الأعمال
منافسة وكراهية لشركات آل البحيري ... قد رأتهم من قبل ف إحدي الحفلات بقصر
والدها ... أنتابها الفضول لتسترق السمع حتي تتأكد من حدثها فأقتربت منهم
أكثر مختبأه خلف الأشجار كثيفة الأوراق
_ بس معني كده هتبقي خساير جامده لعزيز البحيري ... قالها إحدي الرجال
ضيق قصي عينيه وهو يحدق بذلك الرجل وقال :
وهو ده المطلوب ... وبإمكاني هخليه يعلن إفلاسه ف لمح البصر ... بس أنا أحب ألاعب عدوي واشوفه بيموت بالبطيئ
_ بس كده ف حاجه ياقصي بيه لو كسبنا الصفقات دي كلها محتاجين سيولة أد ميزانية دولة ... قالها الرجل
قصي بنبرة ثقة وتحدي :
وأنا هكون الممول الرئيسي من الألف للياء ملكوش أنتو دعوه ... نفذو بس الي أتفقنا عليه
كنان وهو يبتلع ريقه بتوتر :
اعذرني
ياباشا بس حضرتك كده بتعلن عن حرب كبيرة مش عارفين خسايرها أي وإحنا لسه
ورانا صفقات تانيه وحضرتك فاهم والتجار الي بنتعامل معاهم مبيتفهموش غير
بحاجتين يا الفلوس يا السلاح
إجابه قصي بنظرة مرعبة جعلته ندم ع ماتفوه به فأردف :
اسف حضرتك ... بس كنت بقول رأيي مش أكتر والي حضرتك شايفه ف الأخر اعمله
_ مازالت تقف وتضع يدها فوق فمها حتي لاتصدر أي صوت ويكتشف أمرها ... عادت إلي داخل القصر تبحث عن مربيتها حتي وجدتها في المطبخ
صبا : داده عيزاكي
تركت ما بيدها وأقتربت منها : خير يا حبيبتي عايزه حاجه ؟
أجابتها بصوت منخفض وهي تتلفت يمينا ويسارا :
عايزه الفون بتاعك اعمل مكالمه ضروري
زينات : ابوس ايدك يابنتي بلاش مش كل مره تسلم الجره
صبا : متخافيش هخلص بسرعه واديهولك
زينات : طيب خدي بالك وربنا يستر
أومأت لها وقالت : يارب
_ ولجت إلي غرفة المكتب وأقتربت من النافذه تطمأن من وجوده ف الحديقة ريثما تنتهي من مهاتفة آدم لتخبره
أخذت تنقر ع الأرقام بسرعه وعينيها ع قصي ...
ضعطت علامة الإتصال فأنتظرت
بينما آدم كان في إجتماع مع والده والموظفين تاركا هاتفه ع الوضع الصامت
صبا : أرجوك رد بقي بسرعه
حاولت تكرارا لكن لارد ... فزفرت بحنق وقالت : هبعتلو مسدج وأمري لله ويبقي كده عملت الي عليا
وبدأت بكتابة الرسالة وتلقي نظره إلي الخارج ف ذات الوقت فأتسعت حدقتيها وهي تري المقاعد شاغره وكأنهم أختفوا جميعا
_ كنتي عيزاني ف أي ؟؟؟ ... قالها قصي الذي دلف للتو بدون أن تشعر
فألتفتت له وهي تشهق بفزع وسقط الهاتف من يدها ع الأرض ... تجمدت الدماء ف عروقها عندما وقعت عيناه ع الهاتف
قصي وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة تقدم نحوها واضعا يديه ف جيوبه :
جبتي الموبايل ده منين ؟
صبا : ده ده ... أأ أنا
أنحني بجذعه ليلتقطه وضغط ع زر التشغيل ... قلبها وكأنه وقع ف قاع الهاويه خشيت أن يقرأ الرساله ...
نظراته تدب الرعب ف كل خلايا جسدها وهو ينتظر أن يعمل الهاتف ... أخذ يتفحص ليعلم إنه يخص زينات مربيتها
أخرج هاتفه وتحدث : كنان هاتلي زينات ع المكتب حالا
صاحت صبا بخوف :
داده زينات متعرفش إنه معايا ... أنا بصراحه خدته من وراها ... أرجوك متأذيهاش
رفع إحدي حاجبيه وقال بسخرية وجمود :
وكان بيعمل معاكي اي ؟؟؟
صبا : ككك كنت عايزه أكلم بابا عشان واحشني ونفسي أشوفه
أطلق ضحكة ثم تجمدت ملامحه ف لحظه وقال :
فاكراني عبيط ياصبا ؟؟؟ ... فصاح بغضب جعلها أنتفض جسدها خوفا :
قوليلي كنتي عايزه تكلمي مين ... ولا أقولك أنا ؟؟
دق الباب الذي أنقذها ... ليدلف كلا من كنان وزينات ... أشار قصي لها بأصبعيه ... وعندما رأت هاتفها بيده هربت الدماء من وجهها
أندفعت صبا قبل أن تخطأ زينات ويكتشف كذبتها
_ أنا اسفه يا داده أخدت الفون من وراكي
زينات بتصنع وهي تسايرها :
هو معاكي أنا كنت قالبه عليه الدنيا ف المطبخ
بادلهما قصي بنظراته فأعطي كنان الهاتف وقال :
كنان تروح تلم كل الموبايلات من الشغالين ف القصر وقولهم ممنوع الموبايل طول فترة شغلهم ويستلموه لما يخلصو ويروحو
كنان : أمرك يا باشا
قصي : وأنتي أتفضلي روحي ع شغلك ولو أتكررت حركة زي دي تاني مش هراعي وقتها إنك ست كبيرة أظن إنك فهماني
أومأت له ثم قالت :
اسفه يا باشا مش هتتكرر تاني ... عن إذنك
قالتها وهي تسرع بالمغادرة تتنفس الصعداء
صبا
: أنا عايزه اعرف وأخرة معاملتك دي ليا اي ممنوع الخروج غير وانا معاك
ممنوع الموبايل ... ده لو كنت ف سجن حقيقي كنت هاخد حريتي عن كده
أقترب منها واضعا كفه ع وجنتها وقال :
سميها بخاف عليكي يا حبيبتي
أبعدت يده عنها وتفوهت بما لا تدرك عقباه :
لا هاسميه إن أنت الي خايف أهرب منك لأنك متأكد أول ما هتجيلي الفرصة هاعملها ... وبالنسبة للفون خايف إن أكلمه
أنتهت
من حديثها وأخذت تتنفس لتزيد دقات قلبها من الرعب عندما رأت ذلك الظلام
الذي تحول إليه لون عينيه ... وضعت كفيها ع وجهها لتتفادي أي صفعه وأغمضت
عينيها ... حتي أحست بيديه تمسك بيديها وقام بثنيهم خلف ظهرها لينقض ع
شفتيها بقبلة أفرغ فيها كل الغضب الذي يسري بداخله ولم يترك شفتيها إلا
عندما أحس بإنها ع وشك الإختناق ... وضعت أناملها ع شفاها تتحسسها بألم
لتري دماءها آثر أسنانه التي غرزها متعمدا
أجهشت بالبكاء وأسرعت بالذهاب فأمسكها من خصرها جاذبا إياها نحوه
صرخت ف وجههه :
أبعد عني أنا بكرهك
أحكم
قبضته عليها بيد والأخري رفع وجهها إليه فأقترب نحو شفتيها بقبلة رقيقة
يمسح دماءها بلسانه ... ثم أبتعد وقال هامسا بجوار أذنها :
المفروض مكنش ده عقابك ... ولا وحشك عقاب البدروم تحت !!
قالها لترتسم ع ثغره إبتسامة ماكرة ... أنتفض جسدها خوفا بين يديه
طبع قبلة فوق جبهتها وأردف :
متخافيش مش هاجي جمبك تاني غير لما تكون برغبتك وأنا عند وعدي
أبتعدت عنه لتتركه وتذهب إلي غرفتها فأوقفها :
جهزي نفسك بعد ساعه عشان خارجين
لم تجيب وذهبت ... بينما هو أخذ من فوق مكتبه سيجارته فأشعلها متنهدا وقال :
شكل مشوارنا هيبقي طويل ياصبا
****************************
_ في شركة البحيري ....
عزيز : دلوقتي تقدرو تتفضلو ع مكاتبكو ... قالها مشيرا إلي الموظفين فغادر الجميع
نهض آدم وهو يخرج هاتفه من جيبه ليجد العديد من المكالمات الفائته واسم المتصل (دادة زينات )
آدم : عن أذنك أنا يا بابا رايح ع مكتبي
أشار له ليتوقف وهو يتفحص الورق الذي أمامه ثم تركه وخلع نظارته الطبية ونهض :
أنت هتيجي معايا نطمن ع عمك سالم بقالنا كام يوم مقصرين معاه
آدم : حاضر بس هعمل مكالم......
قاطعه والده بحزم :
يلا يا آدم
زفر بضيق أذعن لأمر والده وغادر معه متجهين نحو المشفي
_ و أمام المشفي ترجلت من سيارة الأجرة فصدح رنين هاتفها
أجابت : الو ياطه أنا وصلت خلاص دقيقه وهاكون عندك ... سلام
أغلقت
المكالمه وولجت عبر البوابة الزجاجية .. وصلت إلي المصعد ودلفت إلي داخله
.. ضغطت ع زر الطابق وكاد يغلق المصعد ليوقفه آسر بقدمه
_ هوب هوب ... دلف وهو يعتدل من مأزره الطبي مبتسما إلي الخديجة وقال :
وأنا بقول الأسانسير ماله منور ليه أتاري القمر جواه
تجاهلته خديجة ... فمد رأسه نحوها بشكل مضحك وقال :
هو القمر لسه زعلان ؟؟
وفجاءه توقف الأسانسير وأنقطع التيار بداخله
خديجة : اي الي حصل ده ؟؟؟
شعر آسر بخوفها من نبرتها فقال :
متخافيش ثواني وهيشتغل
شعرت بالخوف أكثر فأخذت تقول بعض الأدعية
_ ياه لو الأسانسير فضل معلق كده ونفضل محبوسين جواه ... أحلي حبسه دي ولا أي ... قالها آسر
أزداد توترها فصاحت بتحذير :
أرجوك يادكتور آسر التزم حدودك
أحس بالإحراج فقال :
أنا مش اصدي اضايقك والله كنت عايز الطف الجو خصوصا لما لاقيتك خايفة عموما آسف لو ضايقتك
خديجة : طيب ممكن نخلينا نشوف صرفه للعطل ده
آسر : ثواني و ....
لم يكمل ليقاطعه المصعد متحركا لأسفل بإهتزاز فأطلقت صرخة بفزع ... أقترب آسر منها ليطمئنها ... عاد المصعد للطابق الأسفل كما كان
_ دخل كل من آدم وعزيز من الباب
رن هاتف عزيز فتوقف ف المدخل وقال : أطلع أنت وأنا هخلص المكالمه وجاي وراك
ذهب آدم متوجها نحو المصعد وضغط ع الزر الجانبي ... فأنفتح المصعد ليتفاجاء بخديجة ممسك بزراعها آسر وهو يقول لها :
خلاص أهدي الباب أتفتح
هدأت وهي تسحب زراعها الممسك به لتجد من يقف أمامها يرمقها بنظرات سخرية
آدم : أزيك يادكتور آسر عاش من شافك
آسر : الحمدلله يا باشمهندس اديني موجود وفاضي كمان أنت الي مبتسألش
لم يبعد عينيه عنها وقال :
ماهو واضح فعلا
غادرت خديجة المصعد ووجهها تجمعت به كل ألوان الخجل ... فبالرغم إنها غاضبة منه لكن لاتريد أن يظن بها السوء
صعدت
الدرج حتي وصلت وهي تلتقط انفاسها بصعوبة ... وقفت أمام الغرفة حتي تهدأ
... ثم ولجت إلي الغرفه فوجدت شقيقها الذي يملأ وجهه الكدمات وبعض الجروح
وبجواره يجلس آدم
أسكتها طه حتي لا تسأله ما سبب مابي وجهه فقال : أي ده أنتو اتقابلتو ع كده
آدم : اه بس الظاهر خديجه معجبهاش الأسانسير فطلعت السلم
أشتد حنقها من نظراته وتلميحاته فقالت :
الاسانسير اتعطل لما كنت فيه وبعد كده رجع اشتغل تاني
بادلها آدم بإبتسامة ساخره
طه : أنا قلقت عليكي قعدت أتصل بيكي اداني غير متاح
خديجة وهي تبحث عن هاتفها ف الحقيبة : بالتأكيد عشان كنت ف الأسانسير و .....
لم تجد هاتفها ... تنهدت ثم أردفت : ثواني هاروح أشوف الموبايل شكله وقع مني
آدم وهو ينهض : ثوان أنا جاي معاكي
فلم تهتم له لتغادر وهي تبحث ف الرواق فقام بجذب يدها واضعا بداخلها الهاتف وقال :
خدي موبايلك أهو بعتهولك معايا دكتور آسر
أنتفخت أوداجها من ذلك الآدم فقالت :
أنت
فاهم غلط الاسانسير كان عطلان ولما اشتغل نزل لتحت فغصب عني صرخت من خوفي
محستش إنه مسك دراعي عشان يهديني وقتها أنت وصلت ... وبعدين أنت مالك
متضايق ليه
قطب حاجبيه وأحتدت عينيه وقال :
وأنا أي الي هيضايقني يا شيخة خديجة ... لاكون بغير عليكي مثلا !ولا أكون بحبك وأنا مش عارف
كلماته الساخره جعلت قلبها أنتفض و ف نفس اللحظة أرادت صفعه فقالت :
لاء وأنت الصادق يكون عجبك القلم وهو نازل ع وشك فعايز واحد كمان
قالتها وقبل أن تثور أغواره ويدركها غضبه ركضت بأقصي سرعه وعادت إلي الغرفة
زمجر بغضب جارف وود لو يمسك بها يلقنها عقابا ع ماتتفوه به
***************************
_ حل المساء ليسود الظلام ...
لتبدأ
مصابيح الزينة بالإضاءه وتتصاعد الموسيقي الصاخبة من الآلات الموجوده فوق
المنصة الخشبية وع يمينها مقاعد مخملية مزينه للعروسين
_ تنتهي تلك الفتاه من وضع حمرة الوجنتين لرحمة ذات العينين التي تكاد تذرف دما من كثرة البكاء
الفتاه :
حرام عليكي ياعروسه دي سابع مره أمسحلك الميك أب وأعيدو من أول وجديد ... أنتي مغصوبة ع الجوازه دي ولا أي
والدة رحمة : خالص يابنتي هي بس كان نفسها يبقي معاها ابوها الله يرحمه ف اللحظه دي
فاتن شقيقة عادل التي تقف وتتابع الموقف قالت :
فرفشي كده يا رحومه ده الليله ليلتك انتي وابيه عادل مش معقوله هتنكدي ع أخويا من أولها
والدة رحمة : ربنا مايجيب نكد إن شاء الله ... فأنحنت نحوها هامسه :
افردي بوزك الناس هتاخد بالها ومش ناقصين فضايح
كانت
رحمة تكتفي بالإماءه لوالدتها ... ذهنها ف ملكوت أخر تمنت أن يكون زوجها
طه وليس ذلك عديم الدم والإحساس أو كما تلقبه ( إبن أمه ) .... لاتنسي تلك
اللحظه عندما عقد قرانها وكأنها تباع بأرخص الأثمان
_ خلاص كده خلصنا ... قالتها الفتاه
فاتن : لما أتصل ع أبيه عشان ياجي ياخدك
وبعد قليل تعالت الزغاريد من المعارف والجيران ويخرج عادل برفقة عروسه ليندفع نحوهم الكل يهنئهم
أقتربت
والدة عادل من رحمة التي كانت عبارة عن جسد بلا روح جذبتها بمعانقه أعتصرت
جسدها بقوة حتي شعرت بطقطقة فقراتها فهمست ف أذنها :
مبروك يا مرات ابني ... قالتها بصوت مسموع ثم قالت بهمس :
اعدلي خلقتك مش ناقصين فضايح واحمدي ربنا إن ابني ستر عليكي ومسبكيش لأخوكي يقطعك حتت ويرميكي للكلاب
قالتها وأبتعدت وهي تبتسم لها إبتسامة صفراء
لاتصدق
ماتسمعه الآن ... تدعو الله إن ما تعيشه حاليا يكون مجرد حلم مزعج وستفيق
منه ... لكن التهنئات والزغاريد والأغاني والموسيقي التي تخترق أذنيها تؤكد
لها إنها أصبحت ف واقع مرير لامفر منه
_ صعد العروسين إلي مقاعدهم وبدأ الإحتفال كباقي الأفراح الشعبية التي تقيم بالشوارع
_ عاد كلا من خديجة وطه الذي وقف أمام البناء ينظر صوب رحمة التي تجلس بمفردها وعادل يتراقص مع أصدقائه
خديجة : طه ممكن اروح أبارك لرحمه ولو هيضايقك بلاش وممكن هابقي اروح اباركلها ف وقت تاني
ربت طه ع كتفها وقال : روحي ياخديجه انا مش هزعل بالعكس عايزك تواسيها وتخففي عنها
خديجة : حاضر اطلع أنت وأنا شوية وهاجي عشان احضرلك العشا
طه : لاء أنا هاتمشي شويه عايز اشم هوا
خديجة : طيب خد بالك من نفسك
تركته وذهبت لتهنأ صديقتها فتقابلت مع شيماء وذهبا معا إليها
قابل طه عبدالله فأرتمي ع صدره وأجهش بالبكاء
عبدالله : اي يا صاحبي ما تنشف كده هي مش أخر واحده ف العالم
طه بنبرة باكيه : انا ياما ظلمتها معايا ولما جيت انوي خير عشان تكون ليا ظلمتها اكتر
عبدالله : وحد الله يا طه ... ده نصيب .. اهدي انت بس وخد السيجاره دي هتنسيك رحمة والحاره كلها وهتحس إنك مسافر ف دنيا تانيه
نظر إليه طه بتعجب وقال : أنت رجعت تشرب تاني ؟؟
عبدالله
وقد أنتابه التوتر قال : لا ابدا ياصاحبي دي كانت عزومه من ايام الفرح
وشيلتها لوقت الشده واديها جت ف وقتها فجبتهالك معايا وأنا جاي ... خد أنت
بس وادعيلي ده صنف أفغاني لأصحاب المزاج العالي أوي ... عيش يانجم
أخذها منه ليضعها بين شفتيه ويشعلها له عبدالله ليتصاعد دخانها لأعلي
_ ونعود إلي رحمة التي ترتمي ع كتف خديجة تبكي بقهر :
مش قادره استحمل ياخديجة ... نفسي اموت قبل ما يتقفل عليا باب مع البني ادم ده
خديجة : استهدي بالله ياحبيبتي متعلميش الخير فين ... يمكن يطلع كويس
شيماء بنبرة ساخره : وربنا انتي الي طيبة وع نياتك ياخديجة ... اقطع دراعي لو مكنش هو وامه ناوينلها ع نيه سوده
رمقتها خديجة بغضب وقالت :
شيماء ياتقولي كلمة عدله ياتسكتي خالص ... ملكيش دعوه بكلامها يارحمه
أنقطعت شهقاتها فأحست خديجة بثقل رأسها ع كتفها فقامت بهزها :
رحمة ... يا رحمة
ألتفت شيماء لتراها فشهقت وصاحت : الحقي دي أغمي عليها
توجهت
النساء نحوها ف محاولة إيقاظها فقامت إحداهم بنثر العطر بالقرب من أنفها
فأستعادت وعيها لكن يبدو عليها الأعياء والتعب ...توقفت الأغاني
والدة عادل : يا حبيبتي يابنتي ماكلتش حاجه من بدري هتلاقيها عشان كده اغمي عليها ... عااااادل انت يا ولاه
جاء راكضا : ايوه ياما
أبتعد الجميع عن العروس فأردفت والدته : شيل عروستك وفوءها ف شقتكو يلا وخليها تاكل وابقي انده عليا عشان اطلع أطمن عليها
قالتها ثم غمزت له
جاء نحوه أسامه الذي كان منشغلا مع الحاضرين وقال :
رحمة أنتي كويسه ؟؟
رمقته رحمة بنظرات لوم وعتاب فأومأت له ثم ذهبت مع زوجها
_ ليعود الإحتفال كما كان وبعد مرور أكثر من ساعتين والكل ذهب وأنتهي الفرح
كادت تصعد والدة رحمة إلي إبنتها لتطمأن عليها فأوقفتها عديلة :
خير يا ام رحمه عايزه حاجه ياحبيبتي ؟؟
أندهشت والدة رحمة من ردة فعل عديله فقالت :
طالعة أطمن ع بنتي قبل ما اسيبها أمانه عندكو يا ام عادل
أبتسمت بتصنع وقالت : متخافيش يا ام اسامه بنتك ف عنينا وبعدين هي مع جوزها فوق ومينفعش نزعجهم دول عرسان والليله دخلتهم
تنهدت بسأم فقالت : عندك حق هابقي أطمن عليها بكرة ف الصباحية إن شاء الله
عديلة : طبعا ياحبيبتي تجيلها وتنوري عن إذنك بقي هاطلع اريح
_ أتفضلي ياختي ..
قالتها وذهبت مع نجلها وقالت :
أنا قلبي مش مطمن ع البت يا اسامه
اسامه : كلها الليلة وابقي روحيلها الصبح اطمني عليها
_ ولجت عديلة إلي منزلها لتجد شقيقتها ف إنتظارها فقالت :
يلا يا سيده
سيدة : ماتشوفي يا ختي ليكونو نامو
عديلة : نامو أي أنا مأكده عليه يبقو صاحيين
سيدة : والله ما عارفه لازمته اي يا ختي
فاتن وهي تمسك بهاتفها تتصفحه :
أنتي طالعه لهم ليه ياما
عديلة : خليكي ف حالك يابت واقفلي الباب عليكي وإحنا نازلين ع طول
فاتن : من غير زعيئ ياما حاضر
وبالأعلي
... تتمدد رحمة فوق التخت بعدما أبدلت ثوبها بعباءه سوداء فضفاضة فأنتفضت
عندما سمعت رنين جرس المنزل وبعدها ولجت إليها عديلة فشهقت :
هاااا يا ليله سوده اي الي انتي لبساه ده يا منيله !!!
نهضت رحمة وهي تعتدل من مظهرها فقالت :
إزاي حضرتك داخله عليا من غير ماتخبطي
أتسعت عينيها بالغضب وقالت :
وليكي عين وبتتكلمي يا صايعه يالي بتتحضني ف الجناين
صاحت بها رحمة وهي تحذرها:
لو سمحت اتكلمي معايا بإحترام احسن وقسما بالله لأسيبلكو البيت واروح لأمي
قهقهت بسخرية وقالت : ليه ياحلوه هو دخول الحمام زي خروجه !! ولا عايزه تجرسينا ف الحاره وتجيبي العار لأبني
رحمة : أنا كل الي عيزاه محدش ليه دعوه بيا وتسبوني ف حالي
عديلة : هنسيبك ياختي بس لما ابني يدخل عليكي
أتسعت عينيها بصدمة وقالت :
أظن دي حاجه خاصة مابيني وبين ابنك
عديلة : انتي فكراني باخد رأيك يابت .. واد يا عادل هات خالتك وتعالي
دلف
عادل برفقة خالته ... تراجعت رحمة بذعر إلي الوراء وكادت تصرخ فأمسك بها
عادل يضع كفه ع فمها ثم ألقي بها ع التخت لتمسك بها والدته وشقيقتها مقيدين
زراعيها ... ظلت تصرخ وتتوسل لهم لكن لم يرحمها عادل الذي أمسك بساقيها
رافعا عباءتها لأعلي وقام بجذب ماترتديه من أسفل وتساعده ف ذلك والدته حتي
تمنعها من الركلات ... أبعد فخذيها بعنف فأمسك بتلك القطعه القماشية
البيضاء وقام بلفها حول أصبعه
عديله وهي تصفعها بقوة ع فخذها وتصيح بها : انكتمي يابت ال ..... هو إحنا بندبحك
رمقتها
رحمة بنظرات كراهية إلي أن أطلقت صرخة وصلت إلي جميع سكان الحارة عندما
أخذ عذريتها بتلك الطريقة الوحشية بدون شفقة ... لم تقدم لها الحياة سوي
القسوة والألم فهي رحمة لكن لن يكون لها من اسمها نصيب ... وقعت بين أيدي
قساة وغليظين القلوب ... ومازال هناك مايخفيه لها القدر .