رواية ودق القلب الفصل الثامن 8 بقلم سهام صادق
ودق القلب
**********
أقترب من أخيه وهو يضحك كلما تذكر ملامح الفتاه وهي مُرتبكه منه .. فنظر عمران الي المكان الذي كان يقف فيه أخيه معها
فحدق بها قليلا وهو يراها تقف تُطالع الطريق الذي يؤدي الي الباب الخارجي للمطبخ والي طريق عودتها لغرفتها
وفي نهاية حسمت أمرها وذهبت لغرفتها .. لا يعلم لما أنتباه شعور بالشفقة نحوها فيبدو أنها أصبحت تعلم مكانتها وان وجودها في بيته تقديراً لصديق خاله ليس أكثر
وشعر بيد أمجد علي ذراعيه
- سرحت في أيه ياعمران
فتنهد عمران بحنق
- الضيوف علي وصول
وسار عمران نحو المكان الخاص بالضيوف فأتبعه أمجد متسائلا
- مين البنت ديه ياعمران
فأخبره عمران بأقتضاب عن هويتها وماحدث مع حسام حينما عاد لتصفية اعماله بالخارج
وكاد أن يتحدث أمجد الا أن أصوات بوق السيارات
جعلته يتبع شقيقه بصمت نحو ضيوفهم
..................................................................
وقفت تنظر من شرفة غرفتها علي السيارات وهي تسير للداخل .. فتذكرت تلك المشاهد التي كانت تراها في منزل والدها عندما كان " محمود الرخاوي"
وأبتسمت بشحوب وهي تتذكر والدها وكيف أنتهت حياته
وشعرت بالحزن .. وأتجهت نحو فراشها تجلس عليه وأمسكت بهاتفها داعية الله ان لا تسمع نفس الرساله
ولكن كما دوما تسمع " الهاتف مغلق"
ووضعت بيدها علي رأسها لتجد ان حرارتها بدأت ترتفع
فضربت جبهتها كما اعتادت لأنها نست أن تسأل أمل عن علاج لها
وقررت الأنتظار قليلا ..ثم تذهب الي المطبخ مجدداً
................................................................
جلست نيرة بتأفف وهي تستمع لمميزات العريس الذي لم يروق لها عندما علمت بوضعه المادي .. فهو يجلس أمامها يتفاخر بوضعه العلمي والبعثة التي حصل عليها .. وكل من والديها فخورين بشاب مثله .. ولكن هي لا تري شيئاً مميزاً فيه ... فهو ليس العريس الذي تطمح به فالمال بالنسبة لها هو الأهم .. وجاء بذهنها صورة عمران وهي تري نفسها بجانبه عروس وتصبح شركه الأدوية التي هي مديرة فيها ملكا لها وبأسمها .. أحلاماً بدأت تسبح فيها وهي مُبتسمه والعريس الذي أمامها يظن بأنها تبتسم له .. حتي والديها أشرقت وجوههم وهم يظنون أن أبنتهم ستوافق علي هذا الشاب الذي يروا فيه مستقبلا باهراً
...............................................................
جلس مروان بجانب أمجد يستمعون الي الحوار الذي يدور ورغم أن أمجد كان يتحدث معهم بلباقه كونه اعلامي معروف الا أنه أنسحب من الحديث وظل يتحدث مع مروان الذي جاء مغصوباً بسبب أصرار عمران
- اخوك ده هيموت وهو حياته كلها شغل فشغل
فتمتم أمجد وهو يُطالع اخيه وكيف يتحدث شعور بالفخر يمتلكه نحو ذلك الجالس ولكن شعوره بالأشفاق نحوه كان اكبر
- عمران بقي شايل كل مسئولية العيله علي كتافه ... نفسي يكون أناني لمره ويفكر في نفسه
وبدأت ضحكات الضيوف تعلو .. ليضحك كلا من أمجد ومروان وهم لا يعلمان لما يضحكون ولكن المُجامله قد حتمت عليهم أن يضحكوا .. فالوزير يجلس أمامهم ويضحك
..................................................................
خرجت من غرفتها بخطوات سريعه .. وهي تسمع ضحكات الجالسين .. وشعرت بالخوف وهي تري بعض الرجال بأجسادهم الضخمه .. وكاد أحدهم يقترب منها ليعرف هويتها
الا أن نعمه في تلك اللحظه قد لمحتها فهي قد جائت بالمشروبات لهؤلاء الحراس الخاصين بالوزير
فسألتها نعمه بقلق :
- مالك ياحياه ايه اللي طلعك من اوضتك مش شايفه الفيلا ملغمه أزاي
وضحكت بخفوت بعد أن نطقت بالكلمه الاخيره .. لتضحك حياه بشحوب قد لحظته نعمه
- انتي شكلك تعبانه .. أستنيني هنا هروح أشوفلك خافض للحراره واجي بسرعه
وبعد دقائق كانت تأتي لها نعمه بالدواء .. فأخذته حياه شاكرة
وذهبت لحيث غرفتها فقدماها لم تعد تحتمل
ومن سوء حظها كان عمران يقف يتحدث في الهاتف وقد رأها .. وأقترب منها بعد أن أنهي مُكالمته
- انتي بتعملي ايه هنا .. أنا مش نبهت اني مش عايز اشوف حد النهارده في الجنينه
فلم تجد أجابه فجسدها بدأ يآن من التعب .. ورفعت يدها الممسكه بالدواء وهتفت بصوت ضعيف
- كنت باخد من نعمه الدوا ده
وسارت من امامه دون كلمة أخري .. فهو قاسي بنظراته حتي كلامه وسقطت دموعها دون شعور منها .. وهي تتمني ان يأتي صديق والدها بأسرع وقت ليُخلصها من هنا
ووقف عمران للحظات ينظر اليها وهي تتجه الي غرفتها .. وصورتها الضعيفه تخترق عقله .. فيبدو عليها أنها مريضه فوجهها كان محمراً بشده من أثر الحمي
...................................................................
وفي ظلام الليل كانت تقف سيارة سوداء فخمه تطلق بؤها ..فأستيقظ الحارس سريعا وهو يزيل عنه النُعاس وخرج من غرفته التي بجانب البوابه ليفتح بابها علي مصرعيها وهو يهتف بترحيب
- اهلا أدهم بيه
فحرك أدهم رأسه كتحيه له ..ثم أنطلق مُجدداً بسيارته الي داخل المزرعه
ووقفت السياره ليُطالع أدهم المنزل فهو قد أختار أن ينعزل عن الناس لبعض الوقت حتي يعود كما كان .. يعود للرجل الذي كان لا يهزه أي شئ .. يعود لرجل القانون الصارم
فهو طيلة غربته بأمريكا كان من أشهر المُحامين حتي أنها كان مُحامي لأغلب الشخصيات الهامه وماساعده في ذلك جنسيته الأمريكيه التي أخذها عن والدته فلو كان بجنسية وطنه فقط فحكماً كانت العنصرية ستظهر الا انه عاش هناك مواطن أمريكي بأصول عربيه
وخرجت مُدبرة المنزل راكضه نحوه .. فهي تعيش هنا منذ أن كانت تخدم جده ..جده لوالده وهو من ورث عنه تلك الأملاك في هذه القريه
- أهلا يأدهم بيه نورت البلد كلها
فتمتم أدهم بنبرة هادئه :
- شكراً ياسعديه
ثم نظر الي المُربية التي تحمل صغيره وأشار اليها بأن تتبعه وهو يسأل
- كل حاجه جاهزه ياسعديه
فحركت سعدية رأسها وهي تُجيبه
- الأوض جاهزه يابيه .. وأوضة البيه الصغير جانب أوضتك زي ماطلبت
..................................................................
أستيقظت حياه وهي تشعر بالتعب ونهضت وهي تتحامل علي نفسها كي تذهب لعملها .. ونظرت الي وجهها بالمرآه فوجدته شاحب بشده فأرتدت ملابسها وصلت فرضها
فالصلاه أصبحت دواء روحها كل يوم تتسأل داخلها كيف كانت تحيا سنين عمرها التي مضت وهي بعيدة كل البعد عن ربها ..بعيده عن تلك السكينه والقوة التي أصبحت تتخذها مع كل سجده .. من قال ان القوة هي قوة الجسد او قوة المال والسلطة فالقوة الحقيقه هي قوة الأيمان بأن كل مايُصيبك فهو خيراً من الله
وجائت نعمه اليها بالفطور وهي تسألها عن حالها اليوم
وشهقت بقلق وهي تلتمس حرارتها
- أنتي سخنه ياحياه .. لاء شكلك ميطمنش
فتنحنحت حياه بألم حاولت ان تُداريه
- انا كويسه يانعمه متقلقيش
وعندما أعترضت نعمه علي ذهابها للعمل
- انتي مش شايفه وشك أصفر ازاي .. انا هروح ألحق عمران بيه واقوله أنك تعبانه واخدلك أجازه منه
فهتفت حياه وهي ترتشف من كأس الماء وهي تتذكر نظراته لها ليلة أمس
- لاء يانعمه انا كويسه صدقيني
ثم تمتمت : لو تعبت في الشغل هاخد أجازه واروح
وبعد أصرارها للذهاب للعمل ... رضخت نعمه لقرارها ونظرت اليها حياه وهي تحمل حقيبتها وغادرت مُتجها الي عملها
وصلت العمل وبعد أن شعرت بالتحسن قليلا .. عاد جسدها يآن من الآلم
فأقتربت منها منار بفزع : مالك ياحياه ؟
فجلست حياه علي احد المقاعد وهي تمسح علي وجهها
- تعبانه شويه .
فتأملتها منار وهي تنظر لرامي القادم نحوهم
- طب متصلتيش بيا ليه كنت أخدتلك أجازه
وجذبتها من ذراعها :
- قومي يلا تعالي أخدلك اذن
وبعد جدال هتف رامي :
- قومي ياحياه معاها ..بلاش عند
فأبتسمت اليهم وهي تذهب نحو خزانتها كي تجلب ملابس عملها
- لو تعبت هروح
فأمتعضت منار من عنادها .. وذهب كل منهما حيث مهامه
وبعد مرور الوقت .. نظرت اليها منار بضيق
- لاء هتقومي معايا أخدلك أذن تروحي ..
وبالفعل تلك المره أستجابت لأصرار منار ..لتخبرهم الموظفه الخاصه بشئون العاملين ان عليهم الأنتظار قليلا
وطلبت منهم أن يعودوا الي عملهم الي حين تنهي بعض الامور العالقة بالعمل وبعد نصف ساعه يعودوا اليها
وبعدما انصرفوا .. رفعت هاتف مكتبها لتجري مُكالمه مع السكرتيرة الخاص بالسيد عمران
والذي أخبرهم بأن كل شئ يخص تلك فتاه لابد ان يعلمه
وحولت السكرتيرة المُكالمه في اللحظه التي كان يُعنف فيها عمران احد موظفينه علي أهماله
وعندما علم طلبها للأنصراف ..هتف بها بصراخ
- أرفضي ، أنا مش فتحها وكاله من غير بواب
...................................................................
فتحت مها حقيبتها لتُخرج المرآه من داخلها .. وبدأت تنظر الي هيئتها المُنمقه فقد فعلت كما اخبرتها أختها الصغيره .. ان وضع مساحيق التجميل ورسم الحواجب من سيجعلها تجذب من أرادت من الرجال .. وبالفعل نفذت كل شئ
وأبتسمت لنفسها فقد ظهرت ملامحها وأصبحت أكثر جمالا
وأتجهت نحو حجرة مكتبه كي تُطلعه علي بعض الملفات
فرفع مروان وجهه بعدما تقدمت نحوه وصوت حذائها ذو الكعب العالي يطرق الارض طرقاً ورائحة عطرها التي لأول مره يشتمها تفوح بالمكان هو لم يراها عند دخوله مكتبه لأنه جاء مُبكراً اليوم قبل ميعاد عملها
وتأملها لثواني ثم اشاح وجهه سريعا وهو لا يُصدق ان هذه هي مها ..الفتاه التي لم يراها يوماً هكذا .. فملامحها الهادئه قد أختفت وظهرت له الأنثي التي ينفر منها دوما
فقديما ما أوقعه في حب زوجته جمالها المصطنع وعُريها ام الأن عرف مامعني أن تنخدع في جمال يخفي عيوب الروح كل ليلة يتواعد مع الجميلات ويخرج معهم ويقضي أوقات مُمتعه ويتأكد من شئ واحد
أن أمثالهن لا يستحقوا سوي التلاعب والتمتع
ولكن مها كان يضمها لفئة أخري ...فئة كلما رأي من أمثالها
تمني ان يخبرها أن تظل هكذا طاهرة عفيفه ..
وتجمدت ملامح وجهه وهو يسمع نبرتها التي أصبحت أكثر رقه
فيبدو انها اليوم جائت كل تُمثل دور ليس لها
وأراد أن يجرحها لعلها تفيق
- انتي ايه اللي عملاه في نفسك ده
فأرتبكت من كلماته .. وقبضت بقوه علي الأوراق التي تحملها بين يديها ..ليُكمل هو أحراجها
- بقيتي شبه البلياتشو
فشعرت بالمهانه تسحق روحها فهي أرادت أن تري نظرة الأعجاب بوجهه ولكن
تمالكت دموعها التي أوشكت علي السقوط .. ووضعت الأوراق أمامه ثم خرجت سريعا دون كلمه
فلكماته أدمت قلبها وجعلتها لأول مره تشعر بالخَزَي
...............................................................
قررت فرح السير في القريه قليلا .. فالخضرة تُحاوط المكان
ورائحة الليمون تُنعش الروح .. وسارت تتمشي وتبتسم للأطفال وتُقبل الفتيات الصغار .. وتعطي الحلوي التي كانت معها لهم وأقتربت من أحدي النسوه العجائز تحمل بيديها أكياس الخضار ..فمدّت لها يدها لتُساعدها
فتعجبت المرأه قليلا ولكن لأحتياجها لمن يُساعدها أعطتها ما تحمل وهي تبتسم
- شكرا يابنتي
وبدأت فرح تُعرفها بأسمها ومن أي عائلة تنتمي حتي أطمنت لها المرأه التي لم تُصدق أن فتاه المدينه بمثل هذا الأحترام
وعلي مقربة منهم كان يسير هو ...يرتدي ملابس رياضيه ونظارة سوداء تخفي ملامحه ..فهو اليوم قرر أن يستنشق هواء القريه التي أفتقدها منذ أن كان طفلا يأتي مع والده هنا لجده حيث موطن اجداده
ووقعت عيناه عليها وهو يري مثال أخر من النساء .. النساء اللاتي كرههم بسبب زوجته
...................................................................
رغم اصرار رامي ومنار عليها بأن لا تفعل شئ مهم اليوم الا انها أرادت أن لا تُحمل عليهم ..وأنتهي دوامهم الأول
وجاء الدوام الثاني ..وهو التنظيف
فنظرت منار اليها بقلق :
- لاء ياحياه مش هتنضفي معانا ..انا ورامي هنعمل كل حاجه أقعدي أنتي أرتاحي
فأبتسمت حياه وهي تتأمل نظرات رامي الحانية نحو منار
- يامنار انا بقيت كويسه العلاج اللي رامي جبهولي من الصيدلية بدء مفعوله
ومزاحتهم كي لا تقلقهم عليها :
انا زي الحصان اه
فنظر كلا من رامي ومنار اليها وهم يتمنون أن تكون بالفعل قد تحسنت .. وحمل كل منهما أدواته وساروا كل منهم نحو الجزء المسئول عنه
وحملت حياه هي الأخري أدواتها وهي تشعر بقليل من التحسن .. ووجدت دموعها تنحدر علي وجنتيها وهي تتذكر حياتها القديمه وكيف أصبحت حياتها الان
ولكن شئ بداخلها يُخبرها أن كل شئ سيكون بخير .. وان عمها حسام سيأتي قريباً
وضعت الأمل داخلها .. وبدأت بمهمتها
وبعد وقت ليس بالقصير شعرت بالتعب مجدداً ونظرت الي ماتبقي لها من عمل وأستندت علي الحائط تأخذ أنفاسها
لتأتي اليها منار :
- انتي لسا مخلصتيش ياحياه
وعندما نظرت الي وجهها هتفت بغضب :
- لاء انتي هتاخدي بعضك وتروحي وانا ورامي هنكمل
واصرت منار بشده تلك المره فأنصاعت لها حياه
...................................................................
كان يستعد لحلقة اليوم ويقرء الأسئله التي سيطرحها علي ضيفه وبما انها مساعدته الشخصيه فكانت تجلس معه
وأبتسمت وهي تتأمل ملامحه الجاده وكيف يصبح عندما ينشغل بشئ ويضع كل تركيزه عليه.. وأتكأت بذقنها علي كفيها وأندمجت بمطالعته .. الي ان رفع وجهه نحوها
ليري نظرة لم يراها من قبل .. لا يعلم اهو حب أم فخر
وأبتسم لها .. فتوترت قليلا .. وكل يوم تسقط في بحور عشقه بعد أن كانت تُريد أسقاطه
فهتف أمجد وهو ينهض من مجلسه
- بتبصيلي كده ليه ؟
فنهضت بدورها وفركت يديها وهي تخبره بصدق
- أصل شكلك حلو اوي وانت مندمج مع الورق اللي في ايدك
فضحك وهو يعدل من رابطة عنقه .. بعد ان ترك الورق جانبا .. وكادت أن تتحدث
الا ان رنين هاتفه جعلها تتراجع.
...................................................................
دخلت بوابة الفيلا وهي بالكاد تُحرك قدميها .. وتتمني ان تصل الي حجرتها وسارت بخطوات ضعيفه وهي تدعو الله ان لا تسقط وهي تسير وسمعت صوت البوابه تفتح مرة أخري وتدخل سيارة عمران ..
كان يتحدث مع نيرة التي تُأكد عليه موعد العشاء غداً مع مدراء الشركه التي سيعقدون صفقتهم معهم وتطلب منه الحضور للشركه في الصباح كي تُطلعه علي أوراق الصفقة مُجدداً
ووقع نظره علي التي تسير في الطريق الداخلي للفيلا وفجأة وجدها تسقط علي الأرض .. ليغلق هاتفه سريعا ويوقف سيارته ويترجل منها ويخطو بخطوات قلقة نحوها
ونظر اليها وهي كالجثه الهامده علي الأرض لا تتحرك
وهنا علم أن انتقامه قد حصده .. أذلها وأذبل جسدها
لا يعلم لما يري بها والدها .. لما أصبح يتذكر عمته ودموعها التي لم يكن يفهما وهو صغير وكلما سألها عن سبب بكائها كانت تخبره أن عيناها تدمع لوحدها .. وماتت عمته وهو يظن أنها توفت بحادث كما سمع من جده ووالده .. ولكن كلما كبر بدأت الحقيقه تظهر الي أن عرفها بأكملها
وأرتجفت يداه للحظه وهو يري أنتقامه كيف قاده ونسي أنها أمانة لديه
وأسرع بحملها بعد أن رأي ان الندم ليس الأن .. وسار بها نحو غرفتها وهو يهتف بأسم الحارس الذي أقترب منه بعد أن رأي ماحدث
- أنده علي حد من الخدم
فركض الحارس نحو الفيلا .. لتقف نعمه مذعوره من مظهر سيدها وهو يحمل حياه ..فهي كانت قادمه اليها كي تطمئن هل عادت لتجلب لها العشاء ام مازالت خارجاً
ووضعها علي فراشها ونعمة خلفه ونادي بأسمها
- حياه ..حياه
ثم وضع بيده علي جبينها .. فعلم لما أرادت اليوم الأنصراف من العمل ..فسب نفسه بضيق علي ما أقترفه
وتمتمت بكلمات مُبهمه وبدء حجابها ينزاح عن شعرها لتصبح صورتها كاملة أمامه
فأغمض عيناه وألتف بجسده وهو ينظر لنعمه
- خليكي معاها لحد مااتصل بالدكتور
وأقتربت منها نعمه وهي تشعر بالأسي نحوها .
................................................................
نظر أدهم الي صغيره وهو يبكي والمُربيه تحمله وتُدندن له كي ينام ولكن صغيره لا يهدأ .. فأقترب منها ومدّ ذراعيه لها
- هاتيه
فأنصاعت المُربية لأمره .. وأعطته الصغير
فضمه لحضنه وصغيره لم يكف عن البكاء وظل يسير به بالغرفه الي ان بدء اليأس يمتلكه في أسكاته .. ولم يجد حل أخر الا أن يقرء علي رأسه بعض الأيات القرأنيه كما كان يفعل له والده وهو صغير
فأستكان الصغير بين ذراعيه .. فرفعه قليلا كي يُطالعه فوجده يمضغ أصابعه ..وأبتسم وهو يُحادثه
- شكلك جعان ياباشا
فتمتم الصغير بكلمات غير مفهومه .. فضحك وهو يُدغدغه ببطنه
- طب مش كنت تقول
فضحك الصغير علي مُداعبة والده التي لم يفهما ولكنه هتف
- همهم
ولأول مره يشعر بشعورين متناقضين .. شعوره لتلك النعمه التي في يده .. وشعوره بالآلم لن صغيره لن يحظي براعية أم وسيكون يتيماً وأمه علي قيد الحياه
..................................................................
أنهي الطبيب فحص حياه ومنيرة تجلس جانبها علي الفراش تمسد علي يدها بحنو فنعمه وأمل قد أنصرفوا بعد أن أمرهم عمران بهذا .. ليخرج الطبيب الي الواقف خارجاً
واقترب منه عمران بقلق : خير يادكتور
فبدء يُخبره الطبيب بحالتها .. فأطمن عمران وحرك رأسه بتفهم وشكره وهو يأخذ منه الروشته التي دون بها العلاج
وأنصرف الطبيب لتأتي منيره اليه متسائله
- هي كويسه يابني مش كده
فمنيرة لمكوثها في هذا المنزل منذ ان كان عمران في الخامسة عشر جعل بينهم ألفة لتُناديه هكذا
فطمأنها عمران : عندها ضعف تغذيه ونزلة معوية
وتابع حديثه : هشوف صالح يروح يجيب ليها العلاج ..
وانصرف من أمامها وكأنه يهرب منها .. فهو الأن يشعر بحقارة مافعله بها .. وبعد رؤيتها اليوم هكذا قرر أن يتركها لحالها وسيطلب من احد رفقائه أن يوظفها في شركته وسيجلب لها شقة خاصه لها تجلس بها الي أن يفيق حسام من غيبوبته وسيبتعد عنها حتي لا يؤذيها مُجدداً بفعلته الحمقاء
فمنذ متي وهو يأخذ أحد بذنب اخر .. وينتقم بأقذر الطرق
وكأن اليوم هو أول طريق صحوة الضمير .. ودق القلب