اخر الروايات

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل السابع 7 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل السابع 7 بقلم فاطيما يوسف


نزل مالك من سيارته وخطي بساقية داخل منزله وجد والدته وأخته ألقى السلام عليهن وذهب الى اخته واخذها بين احضانه وقبلها من راسها مرددا باعتذار :

_ انا اسف يا هيام على اللي حصل المرة اللي فاتت صدقيني كان غصب عني بس انا برده معذور ما كانش ينفع تدي رقمي لنهال خالص انتي عارفه ان هي صفحة وانا طويتها ونسيتها ومش عايز افتكرها تاني .

ابتسمت هيام ببرود ورددت على اعتذار أخيها قائلة :

_معلش يا مالك مش عايزين نتكلم في الحوار ده تاني انا لسه كنت مفهمه ماما اني مش هتدخل في اي حاجة تخصك تاني وده قرار أخدته مع نفسي علشان نفضل اخوات وحبايب ولا انا عايزه أخسرك ولا حابه اني أدخل في جدال معاك يخلينا نوصل لطريق مسدود مع بعض .

ابتسم لها مالك بحب وتحدث متسائلا :

_تمام يا هيام كده أفضل برده علشان نبقى في السليم ،

قولي لي اخبارك ايه وأولادك عاملين ايه بقى لي كتير ما شفتهمش بتيجي لوحدك ومش بتجيبيهم معاكي ليه ؟

اجابته هيام ببرود:

_والله انا ببقى راجعة من أي مكان بره وهما ساعات بيبقوا في الدروس او في النادي فبقول اعدي على ماما اشوفها علشان خاطر بيعطلوني وبيشغلوني لكن احنا ان شاء الله جايين كلنا يوم الجمعه علشان ماما حابه تشوف الاولاد ويتغدوا معاها .

تحدثت والدتهم وهي تنظر اليهم براحه مرددة بدعاء :

_ايوه كده يا حبايبي ربنا ما يحرمكوش من بعض ويبعد عنكم العين ويجعلكم دايما سند وعون لبعض عايزاكم تفضلوا كده في حياتي وبعد مماتي علشان اكون مرتاحة .

انقبض قلب مالك عندما ذكرت والدته الموت فهو لا يتخيل حياته بدونها ابدا وامسك يده يقبلها مرددا بحزن :
_بعد الشر عليكي يا أمي ربنا يخليكي لينا وما يحرمناش منك ابدا يا ريت ما تجيبيش سيره الموت تاني علشان خاطر بتتعبيني نفسيا لأني ما اقدرش اتخيل حياتي من غيرك يا حبيبتي .

اما هيام نظرت الى والدتها قائله بنفي:

_وانا كمان بعد اذنك يا ماما ما تجيبيش سيره الموت ده تاني علشان إنتي عارفه انت بالنسبه لي ايه إنتي مش امي بس انت امي واختي وكل حاجه ليا في الدنيا ربنا يخليكي لينا يا ست الكل .

ابتسمت اليهم والدتهم ورددت بايمان قائله :

_يا حبايبي الموت علينا حق وانتم ما بقيتوش صغيرين ربنا يحفظكم عايزاكم دايما تحبوا بعض وتخافوا على بعض لا الفلوس تفرقكم ولا النفوس تتغير لان كل حاجه زايله الا المحبة اللي هتفضل ما بينكم،
والله يا ولاد كل ما بسمع عن الأخ اللي قتل اخوه بسبب الميراث ولا بسبب الدنيا ولا اي سبب ايا كان يخليه يقتل اخوه بحزن من جوايا بقوا كتير قوي قوي ،

واسترسلت حديثها بنصح وارشاد :

_الا الأخ واخوه لازم كل واحد فيهم يفضل التاني على نفسه علشان فرقة الأخوه وعداوتهم وحشه قوي ، ربنا يبعدها عنكم واشوفكم دايما حبايب متجمعين مع بعض ويبعد عنكم العيون الوحشه والاذي .

امسك مالك يدها وقبلها وتحدث قائلا برفق:

_مش عايزك يا ماما تشيلي همنا احنا خلاص كبرنا وانت تعبتي زيادة عن اللزوم معانا بعد وفاه بابا الله يرحمه ما تقلقيش علينا يا حبيبتي انا اخواتي بالنسبه لي هما نور عيوني الاتنين فما تقلقيش خالص ،

ما فيش اي حاجه في الدنيا تقدر تفرقنا مهما كان الا الخيانه واظن انتي مربيانا كلنا على الأمانه وما فيش واحد فينا هيستجرا يخون التاني اما الفلوس عمري ما هختلف مع اخواتي عشانها ولا هشيل منهم انا كلي ليهم وكل حاجه بتتعوض الا الاخ زي ما بتقولي .

انهي حديثه وقام من مكانه مرددا وهو يصعد الى الاعلى :

_بعد اذنك يا ماما انا هستريح شويه يا ريت تبقي تصحيني كمان ساعتين علشان عندي ميتنج في الباخرة مع عملاء مهمين ما تنسيش بالله عليكي يا امي .

اجابته والدته بحب :

_حاضر يا حبيبي مش هنسى اطلع انت استريح انت بتتعب في الشغل جدا ربنا يرزقك فوق ما تتمنى يا حبيبي وزياده .

نظرت عبير الى ابنتها قائله بارشاد :

_شايفه اخوكي يا عبير جه رضاكي اهو منه لنفسه من غير ما انا ما اتكلم كنت لسه عماله تقولي مالك اتغير وما تغيرش ،

يا بنتي اخواتك الاتنين هما سندك وضهرك في الدنيا بعد ربنا سبحانه وتعالى عايزاكي ما تخسريهمش ابدا انا مش هعيش لك العمر كله اشيل معاكي واشيل عنك ،

ومالك بالذات متمشيش معاه في طريق العند هو عمره في يوم من الأيام ماهيخلق معاكي مشكلة هو السبب فيها.

لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:

_ يعني إنتي ياماما هتيجي في صفي يعني مالازم تقفي صف حبيب القلب والروح مالك باشا دايما انا الغلطانه في نظرك ،

ودايما أنا بجيب المشاكل متشكرة جداً ياأمي.

اتسعت عيناها بذهول ورفعت احدي حاجبيها متعجبة وتحدثت باندهاش:

_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هيام انا عمري ما فرقت بينك وبين اخواتك ولا عمري جيت في صف الغلطان حتى لو كان مين طول عمري واقفه بينكم الند بالند لأي واحد بيغلط وانتي دايما اللي بتبدأي مع اخواتك وخاصة مالك وانا الظاهر اني دلعتك كتير علشان خاطر انتي البنت الوحيدة ومن واجبي عليكي اني دايما انبهك وأوجهك عن الغلط أول بأول علشان انا مش هعيش لك العمر كله يا هيام .

رفعت حاجبيها وتحدثت باستنكار:

_طالما إنتي شايفه كده يا ماما لو تحبي إني ما اجيش هنا تاني علشان ما اعملكيش مشاكل مع اولادك الاتنين علشان كل اما اجي تقعدي تديني في نصايح وحوارات وكأني انا أمنا الشريرة .

تنهدت عبير بثقل وألم نفسي انتابها جراء كلمات ابنتها وتحدثت بإبانة :

_يا بنتي انتم كلكم عندي واحد وعمري ما افرق في المحبه ما بين ولد ولا بنت وإنتي بالذات عارفه غلاوتك عندي قد ايه انا كل اللي انا اقصده انك تقفي في وسط اخواتك مش عليهم وحتى لو واحد فيهم غلط تلتمسي له العذر علشان كده بتكلم معاكي وبوضح لك،

وإنتي ام وعندك اولاد وعارفه الكلام ده كويس جدا علشان ما تفرقيش بين اولادك في يوم من الأيام في المعاملة وتخسري واحد فيهم لازم توزني الأمور في كل حياتك علشان تطلعي كسبانه .

وظلت والدتها تلقي عليها نصائح الام وهيام لا تلقي لها بال كعادتها فهي فارغه جدا من داخلها ولا تهتم الا بالذي تأتي لأجله وهو مصلحتها التي تفضلها عن اي شيء ،

ثم قامت مستأذنة من والدتها وهي تنتوي المغادرة لكي تأتي بأولادها من النادي،

وبعد ان خرجت امسكت هاتفها وهاتفت نهال وانتظرت الرد الى ان اتاها فتحدثت اليها قائله :

_ايوه يا نهال أخر حاجه هساعدك فيها النوبادي لأن مش مستعدة اخسر مالك ابدا ،

واسترسلت حديثها قائله لها بابانة :

_شوفي يا ستي مالك عنده ميعاد في الباخرة بتاعته النهارده معاه عملاء بعد تلت ساعات من دلوقتي شوفي بقى تعملي اي حاجه على انها صدفه تاخدي مثلا اتنين من صاحباتك انتي طبعا بتروحي تسهري هناك كتير ودي عادتك او اعملي اي حجه بعيدا عن انه يشك فيا عشان المرة دي هيقاطعني خالص وده اللي انا مش مستعد له نهائي .

ابتسمت الأخرى ببلهاء وطارت من السعادة وقفزت من مكانها وانتقت من الثياب اجملها وهاتفت صديقتها قائلة لها بأمر :

_بقول لك ايه يا لبنى تعالي لي دلوقتي حالا والبسي لبس خروج علشان انا عازماكي على العشا بره عايزه اروح اليخت اللي بوديكي فيه على طول واشم شوية هوا عشان مخنوقة .

وكالعادة استجابت لها صديقتها وبعد مده ذهبا الاثنتين الى اليخت قبل وصول مالك لكي لا يشك في امرهما فهو راها قبل مره في اليخت هي وصديقتها ،

وصل مالك بشياكته المعتادة لمقابلة العملاء المتفق معهم على الموعد وجلسوا في مكانهم المعروف لدي مالك في اليخت ،

وظلوا يتحدثون في أمور العمل حتى انتهت المقابلة وأوصلهم مالك فظنت نهال انه لن يعود وحزنت لأنه لم يراها ولكن قفز قلبها من الفرحة عندما عاد مرة اخرى فنظرت الى صديقتها قائلة :

_شوفي بقى يا لبنى مالك هنا وانا عايزاه ياخد باله مني علشان عايزه اقعد معاه شويه فانا هقوم دلوقتي وهكسر كعب الجزمة اللي انا لابساها،

فطبعا لما ينكسر هعمل نفسي اني هظبط مكياجي فهقع طبعا فانتي هتصوتي بصوت عالي علشان تلفتي انتباه كل اللي حوالينا وهو طبعا من ضمن الموجودين وسيبيني انا بقى اللي هكمل بس بعدها تستأذني وتقولي لي هروح اشتري لك شوز وجايه واقعدي لك كده قد ساعة تمام ،
وما تقلقيش ليك هديه عندي على الفرهدة دي .

وما ان عاد مالك الى مكانه واستقر حتى سمع صراخ حوله فذهب سريعا ليرى ما حدث واذا به ينصدم عندما وجدها نهال وصديقتها فقال في نفسه بحسرة :

_يادي اليوم اللي زي وشك يا نهال مش عارف ايه الحظ ده اخرج في اليوم اللي إنتي تيجي فيه هنا ،

وما ان رأى رجلاً يمد يده اليها لكي يرفعها من مكانها لأنها تتالم من اثر الارتطام بالأرض حتى مد يده سريعا إليها فهي مهما كان طليقته وبينهما عشرة سنين ومالك لا ينسى العشره ابدا ،

رفعها مالك وأوصلها الى مكانها الذي تجلس فيه الى ان استمع الى صديقتها تردد :

_قلت لك يا نهال كم مره بلاش الكعب العالي زيادة عن اللزوم ده وبرده بتصممي تلبسيه،

خليكي قاعده هنا مستنياني هروح اشتري لك شوز واجي احنا تقريبا مقاسنا واحد ما تقلقيش مش هتأخر عليكي .


نظر اليها مالك وهي تتوجع مرددا بتساؤل :

_ضهرك او رجلك جرى لهم حاجه يا نهال تحبي اوديكي المستشفى ولا إنتي كويسه ؟

استمعت الي سؤاله ونظرت اليه بابتسامه هادئه ورددت بتساؤل:

_للدرجه دي خايف عليا يا مالك ؟

تنهد مالك بهدوء ونظر اليها مجيبا على تساؤلها بذوق :

_طبيعي اني لو لقيت ست وقعت قدامي اشوف هي مين واعرض عليها المساعدة علشان رجولتي بتحتم عليا كده فما بالك لما تكون انسانه كان بينا عشرة ايام وسنين فدي طبيعة مالك اللي إنتي عارفاها كويس جدا .

ارتفعت دقات قلبها من حديثه فهي استوحشت كلامه ونظراته وستظل نادمة على فراقه فهي تحبه بل تعشقه جدا ونظرت اليه وتحدثت بندم واضح على معالم وجهها قائلة :

_ما آنش الاوان انك تسامح بقى يا مالك ؟

لسه ما جاش الوقت اللي تغفر لي فيه غلطتي اللي ندمت عليها واعتذرت بدل المره ألف ونرجع لبعض تاني ؟

عمري ما كان قلبك قاسي كده طول عمري في السنين اللي انا عشتها معاك كنت دايما حنين معاياو عمرك ما شديت عليا ولا شفت القسوة منك زي الأيام دي ،

واسترسلت حديثها والدموع متجمعة في مقلتيها مردده بندم :

_انسى بقى يا مالك وتعالي نرجع لبعض تاني انا خلاص ندمت وعرفت غلطتي وصدقني هتلاقي نهال تانيه خالص غير اللي انت كنت عايش معاها.

تنهد بنفاذ صبر من محاولات تلك العنيدة معه ولن يلجأ معها الآن الى اسلوب التعنيف والشدة لأنها صادقة في حديثها كما دموعها تدل على ذلك وتحدث اليه بابانة :

_هو اللي اتكسر بيتصلح يانهال ؟!

وقبل ما تردي وتقولي اه بيتصلح لا في مكسور بيبقى عبارة عن قزاز لو جينا نلمسه بس عشان نجمعه بنكون خايفين لا يجرحنا تاني وجرحه مبيخفش بسرعة ومهما نجمع فيه علشان خاطر نداويه ونرجعه زي ما كان عمره ما هيرجع انا وانتي بقى عاملين زي الازاز ده لا ينفع اداوي ولا اجمع علشان خاطر ما لهوش لازمه تعب وضياع الوقت في حاجه عمرها ما ترجع لأصلها تاني .

قطبت جبينها وهزت رأسها بعدم فهم وتسائلت متعحبة :

_وليه تعتبرني زي الإزاز المكسور يا مالك ؟!

ليه ما شبهتنيش بأي حاجة تانية لما تنكسر بتتصلح عادي جدا ؟

ليه اخترت لي واخترت ليك الصعب علشان خاطر ما نحاولش ونرجع تاني ونتعلم من اخطائنا ؟

استمع الى تساؤلها واجابها بتوضيح :

_انا اتوجعت منك قوي يا نهال وكذاب اللي يقول ان الوجع بيتنسي ،

كذاب اللي يقول ان جراح الروح اللي علمت في كل حته في قلبي وفي روحي بتتنسي ،

كداب اللي يقول ان الزمن والأيام بيداوو كرامه اي راجل ورجولته اللي انداست واتبعترت من اغلى الناس ،

كداب اللي يقول انه ممكن يسامح ويكمل ويعيش وينسى جرح الكرامه والرجوله ما بيتنسيش .

انسدلت الدموع من مقلتيها كالشلالات ثم هدأت من حالها وتحدثت بأسف :

_ربنا سبحانه وتعالى بيغفر الذنوب يا مالك وبيسامح عباده على اخطائهم كلها الا الشرك بيه فانت ليه ما تدينيش فرصة اخيرة وتسامح وتنسى علشان خاطر نرجع نعيش مع بعض تاني وخاصه لما تكون اللي هتعيش معاك راجعة لك وهي ندمانة على اللي حصل وعمرها ما هتفرط في الفرصة دي تاني .

ابتسم مالك بسخريه واجابها باندهاش :

_عايزاني اديكي فرصة ما اديتهاليش وقت ضعفي ؟!

عايزاني اسامحك وارجع واكمل وإنتي ذات نفسك وقت ما تحايلت عليكي علشان ما نهدش بيتنا واقول لك اصبري اديهالك انا ؟

للأسف يا نهال فاقد الشيء لا يعطيه ،

واسترسل وهو يشير إليها بكفاي يديه بامتعاض :

_افتكري كده وارجعي بذاكرتك لما جيت وقلت لك ما تمشيش واستنيني وهتعالج والموضوع اللي عندي الدكاترة قالوا لي ان له علاج بس بياخد وقت وخاصة إني في حاجة مش مفهومة عندهم في التحاليل وإنتي ساعتها مشيتي وصممتي على الفراق رغم محاولاتي الشديدة اني ما اهدش البيت ولا اضيع العشرة ورغم محاولاتي الكتيرة بردوا اني اكمل معاكي رغم طبعك القاسي والشديد اللي كنتي بتتعاملي بيه مع كل اللي حواليا وخاصه والدتي .

وضعت يدها على كفاي يده ونظرت داخل عينيه قائلة :

_انا اسفه يا مالك سامحني وخلينا نرجع لبعض واوعدك اني هتغير تماما ده إن ما كنتش اتغيرت اصلا .

ابتسم بسماجة وتحدث موضحاً لها:

_عارفه يا نهال مشكلتك انك بتتعاملي مع مالك على انه افقه ضيق قوي لكن انك ما تعرفيش ان مالك ما بقاش يبص بسطحية على الأمور زي زمان لا ده بيتعمق قوي فيها،

عارفه لو رجعتي لي من غير ما يكون عندك ادنى معرفك بأني خلاص على وشك اني ىخف وأبقى طبيعي ،

ورجعتي لي منك لنفسك وإنتي فعلا ندمانة وعايزه نرجع نعيش مع بعض تاني من غير ما يكون ليكي علاقة بهيام اختي وانها بتوصل لك اخباري على طول كنت فكرت وكنا رجعنا لبعض .

كادت ان تتحدث وتقاطعه الا أنه أشار اليها بكف يديه ان تصمت واكمل حديثه بتصميم :

_شوفي بقى مهما تحاولي معايا من محاولات كده إنتي بتتعبي نفسك على الفاضي وبتضيعي وقت لأن اللي انا برميه ورا ضهري وخاصه لما يكون اللي رميته غدر بيا وما استحملنيش وقت شدتي يبقى ما يلزمنيش وقت زهوتي .

ثم انتصب واقفا عندما راى صديقتها اتت اليها مرددا باعتذار :

_معلش مضطر امشي علشان عندي مواعيد شغل تانيه فرصة سعيدة ،
ويا ريت تفكري في كل الكلام اللي قلته لك كويس وما تضيعيش وقت في الفاضي .

ألقى اليها كلماته وترك المكان بأكمله عائدا الى منزله بجراح انفتحت من جديد ومواجع انقلبت داخل عقله وسببت له بوجع لن ينتهي على مر الزمان

________________________________

في كلية التجارة جامعة عين شمس

احست بخيال من الأمل طاف أمامها وجعل قلبها يهدا من روعه قليلا ولكن ما تذكرته في الحال قضى على الأمل الذي بداخلها وشرعت في بكاء مرير ،

شعر بان دموعها تقطع داخله ولا يعرف ما السبب ونظر اليها متسائلا بضيق من تلك الدموع :

_ممكن اعرف ليه بتعيطي دلوقتي؟

انا عايزك تهدي علشان خاطر نفكر هنعمل ايه في المشكلة دي وتطلعى منها بأقل الخساير ،

ودلوقتي ممكن اعرف سبب الدموع ايه ؟

هدأت من حالها وأجابته بتيهة :

_ عمرها مابعتتلي رسايل تهديد وعمري ما فكرت اني اسجل لها وهي بتكلمني في التليفون ما جاش في بالي اني اعمل كده ،

كل تهديداتها لي اكترها بتجي لي الملجأ تفضى سمها في وداني وتنغص علي عيشتي وتمشي ،

واكملت حديثها وهي تجفف دموعها بيديها مرددة باستفسار :

_مش عارفه ليه انا الوحيدة اللي مركزه معايا في البنات الموجودين مع انها تقريبا عملت نفس الحوار ده مع كذا بنت وهكرت موبايلها .

نظر اليه بعيون تملؤها الشجن على ما تعيش من بلاء ومرار لا يليق بتلك البراءة وردد بكلمات تطمئنها:

_دلوقتي يا انسه مريم مش عايز دموع ولا عايز ضعف ولا عايزك كمان تبيني لها انك خايفه منها او ضعيفة،

في واحد مهندس الكترونيات شغال مع بابا في البنك هتكلم مع بابا في الموضوع ده ونحاول نلاقي حل بس لحد ما ده يحصل عايزك لو كلمتك في التليفون او جات لك تحاولي تسجلي لها وتماطلى معاها في الكلام وتستفزيها علشان نقدر نوقعها بسهولة .

واسترسل حديثه باستجواد:

_مش عايزك تبيني لها انك خايفه ودايما بص لها بعيون قوية وهي اكيد هتفضل مستخدمه سلاح التهديد ده ومش هتنفذ اي حاجه لأنها محتاجاكي فانتي اهدي وركزي في مذاكرتك علشان خلاص امتحانات الترم الاول قربت تخلص وما تتشتتيش .

اطمئن قلبها من حديثه وتمنت من داخل قلبها ان يكون لها اخ يساندها ويؤازرها في محنتها تلك ويقف بجانبها من غدر الزمان وتحدثت اليه بشكر وامتنان :

_مش عارفه اشكرك ازاي يا دكتور انك ضيعت وقتك وسمعتني بجد انا ممتنه ليك جدا ولذوقك ولوقفتك جنبي وعمري ما هنسى سندك ليا ،

واسترسلت حديثها بخوف متسائلة بتردد :

_بس ازاي حضرتك بتقول إنها هتستنى كتير انا دلوقتي فاضل لي اربع شهور واتخرج خالص من الجامعة وهي هتنفذ تهديدها ده لو انا ما وافقتش قبل ما اتخرج علشان خاطر تضمن اني ما لقيش مكان يحتويني غير الدار وتدمرلي مستقبلي خالص .

استوعب حديثها وأردف بنبرة جادة:

_ان شاء الله هنحاول نحل المشكله دي في اضيق وقت ممكن ،

انا هديكي رقمي دلوقتي وانت تبعتي لي رقمك وفي اي وقت تيجي لك او يحصل حاجة جديدة تعرفيني أول بأول وما تقلقيش اللي بينا ده عمره ما يخرج لأي حد انت زي اخواتي بالظبط اللي ما رضهوش عليهم مارضهوش عليكي ،

واستطرد حديثه بتوضيح وعيون تطمأنها:

_اهم حاجه تخلي عندك ثقة في ربنا ان هو مش هيسيبك ابدا وان كل ابتلاء بيبقى وراه فرج واني دايما ربنا بيخلق بعد الليل نهار علشان ينور قلوبنا وينور دنيتنا وان دايما الخير يكمن في الشر اهم حاجه ما تستسلميش لمداخل الشيطانة دي وربنا المعين .

انتصبت واقفه بعدما تبادلا الأرقام وحملت حقيبتها وتحدثت اليه بعيون شاكره لذاك الخلوق :

_بجد انا ربنا بيحبني انه وقعك في طريقي علشان تسندني وتقف جنبي بعد ربنا سبحانه وتعالى بشكرك من كل قلبي يا دكتور وبجد ربنا يكتب لك الخير دايما علشان اللي بيعمل خير اكيد هيلاقيه وعطفك عليا ووقوفك جنبي عمري ما هنساه طول حياتي .

شعر رحيم من حديثها بالشجن ولا يعرف ما السبب فى ذلك لأنه يحس إحساسا اخر غير العطف تماما كما قالت فبحضرتها تزداد دقات قلبه ولا يحبذ ان ينتهي الحديث بينهما فهو يشعر براحه تجتاح كيانه كلما يمر طيفها بباله ولم يفسر معنى ذلك الشعور الى الان وردد باستنكار لحديثها :

_شوفي مش عايزك تفتكري اني وقوفي جنبك ده عطف انا كده هزعل جدا لو قلتي الكلمة دي تاني انا بجد يا آنسة مريم بعتبرك حد مني و يخصني ما تتصوريش انا حزين من مشكلتك دي قد ايه وقلبي قايد نار من ساعه ما سمعت الكلام ده منك بس ما تقلقيش انا جنبك ومش هسيبك لحد ما تمري مشكلتك بأمان بس اي وقت تحسي بالخطر قريب منك فورا تكلميني وهتلاقيني على طول قدامك ما تقلقيش .

يا الله كم جميل شعور الانسان الفاقد للاحتواء بالاحتواء ،

يا الله كم جميل لطفك وكرمك حين تبعث للروح من يهدهدها ويروي ظمأها ،

يا الله كم جميل ان تبعث لنا من وسط العتمه نورا ولو كان طفيفا يطمئن قلوبنا وينر دروبنا ،

كانت تلك الكلمات ترددها مريم مع حالها بعدما انتهت من الحديث مع ذاك الخلوق،
كم احست بارتياح شديد عندما خرجت ما يؤرق حياتها من الم واحست بطيف امل بعدما كانت وحيدة وشعور الخوف يدمر قلبها وكيانها تدميرا ،

ولكن هل سيستطيع ذاك الطيف انتزاعها من الحفرة قبل ان تقبع بها أم للقدر رأي آخر ،

كانت تردد مريم في شرودها تلك التساؤلات التي اهلكت روحها ولكن قررت ان تصمت لكي تستريح ثم تعود الى معركة حياتها لكي تحارب بكل قواها وتدعو الله ان تنتصر .

________________________________

شعرت الأخرى بغضب عارم من حديث تلك الريم واستشاطت غضبا ،
ولوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة وهي تضرب علي فخذيها بغل :

_طب ولما الست هانم بتحس وعارفه الشرع وعارفه ربنا ليه عملتي اللي عملتيه واتسببتي

في موته وعايشه دور الكئيبة الحزينة بتمثليه علينا والكل عمال يطبطب على الكونتيسة ريم وهم ما يعرفوش ان إنتي السبب في موته ،

وخاتمه الكل على قفاه وسابكة الدور على الاخر بس مش علي هند ياعنيا .

نزلت تلك الكلمات على قلب ريم كالنيران التي شبت بين ضلوعها ورددت لتلك الشمطاء بتساؤل مريب :

_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هند وعايزه توصلي بيه يعني لإن انا السبب في موته!
قصدك ايه انا اللي قتلته مثلا؟

زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن مفتعل ممزوج بمكر وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :

_انا كنت تحتيكوا يا حبيبتي في اليوم اللي انتم كنتم بتتخانقوا فيه مع بعض وصوتكم كان عالي وصوته هو بالذات لما كان بيقول لك يانا يا شغلك بره يا ريم تختاري ما بينا وإنتي بجبروتك قلتي له هختار شغلي وكسرتي قلبه ما مهمكيش الحب اللي كان بيحبه لك ده كله ،

واسترسلت حديثها بعيون تنطق مكرا وشرا :

_الراجل يا عين امه ما استحملش قسوتك في الكلام ولا استحمل شدتك معاه وانصدم من ردك عليه وانك بعتيه بالسهولة دي علشان خاطر الشغل والكلام الفاضي اللي انت بتعمليه ده ونام النومه ما قامش منها ليه الجبروت ده كله ،

ثم لوت فمها وتابعت حديثها بنبرة ساخطة:

_ ده انت اللي يشوفك يقول عليكي اطيب منك ما فيش وإنتي حية وحرباية بتتلون ب 100 لون وانا الوحيدة اللي هنا في البيت فاهماكي ، مش ريم الرقيقة الجميلة اللي الكل واخد الفكرة دي عنها .

كانت الأخرى في عالم اخر تستمع الى حديث تلك المسمومة الممزوج بالسخرية والتهديد واحست انها غير قادرة على النطق ولكن ليس خوفا من تلك الماكرة الشريرة ولكن تذكرت الموقف والحديث الاخير بينها وبين عزيز عيناها وروحها باتت تؤلمها من حديث تلك الهند التي غرزته بسكين داخل قلبها المسكين ،

وتابعت الأخرى وهي ترفع حاجبها بمكر عندما استشفت معالم وجهها المرتعبة وظنت أنها وصلت لمبتغاها :

_كلامي صدمك طبعا واعرفك اني مش قاعده هنا زي الاطرش في الزفه فا بالذوق كده هتاخدي بعضك وتاخدي ولادك وتورينا عرض كتافك ولا نقعد هنا انا وإنتي ونقابل بعض في الملعب واللي معاه الملك هو اللي يكسب .

افاقت ريم من تيهتها وقطبت جبينها باستغراب وتحدثت باستفسار :

_انت ليه بتكرهيني قوي كده انا عملت لك ايه خلاكي تبقي مش طايقه وجودي وحتى بعد جوزي ما مات الله يرحمه لسه زي ما انتي ؟!

حالي ما صعبش عليكي يا شيخه علشان تتعظى وتنعدلي وتنظبطي وتنضفي قلبك ده من جوه ،

واسترسلت حديثها بدموع هابطة كالشلالات على وجهها وكأنها حاضرة واعتادت النزول:

_انتي ايه شر بيتحرك على الأرض يا شيخه ده انا جوزي لسه ميت بقى له اسبوعين ارحميني وابعدي عني بأذاكي وبقلبك اللي مليان شر ده وسيبيني في حالي وانا اصلا ما ليش علاقه بيكي ولا هاجي ناحيتك ويا نحله لا تقرصيني ولا عايزه عسل منك .

ضحكت الأخرى بصوت عالي ثم ضربت على فخذيها بغل ورددت بعيون جاحدة:

_اقول لك انا السبب ايه يا حلوه انا وإنتي ما ينفعش نجتمع مع بعض في مكان واحد من الأخر يا انت تطيريني يا انا طيرك وبصراحه كده الأحق منا اللي هي تطير وتفارق هو انتي،

انا هنا عايشه وسط جوزي وبناتي اما انتي ما بقاش ليكي حد اللي كنت عايشه في ضله وفي حماه الله يرحمه اتكل على الله ،

واسترسلت بتهديد واضح :

_هاي هتمشي وتورينا جمال خطوتك علشان نعيش في هدوء وسلام كلنا ولا كل واحد يقول اللي عنده وشوفي بقى حماتك وابنها الكبير وامك وابوكي لما يعرفوا ان بنتهم المصونة الرقيقه عملت كده في جوزها وسممت بدنه قبل ما يموت رغم انه قاعد يتحايل عليها ويترجاها وهي قلبها قوي وقسيت عليه لحد ما جابت له سكته قلبية ومات .

الى هنا لم تستطيع ريم الصمود امام الاتهام البشع من تلك الخبيثه التي تجلس امامها وتتحدث بعيون مكشوفه ورددت بصرامه :

_شوفي بقى يا اللي اسمك هند انا لحد دلوقتي سايباكي تبخي السم اللي عندك كله وبرميه وبعديه وبكبر لكن هتقلي في الكلام معايا وتعتبريني ان انا بقى واحده جوزها ميت وما لهاش سند ولا ضهر وتهدديني ان السبب في موت جوزي الله يرحمه يبقى فلتت منك على الاخر ،

واسترسلت بعيون قويه امام تلك الهند :

_مش معنى ان انا طيبه وهاديه اني اسمح لأي حد في الدنيا يدوس على طرفي، لا فوقي لنفسك على الاخر انا ريم المالكي اللي طول عمرها ما حدش يقدر يدوس لها علي طرف مش تيجي واحده جاهله زيك كل حياتها تافهه هتدمر لي حياتي وحياه ولادي ولعلمك انا قاعده هنا على قلبك ومش هسيب بيت جوزي ولا هتحرك منه واللي عندك اعمليه انا ما بخافش غير من اللي خلقني .

انتصبت تلك الهند واقفه ورددت بهدوء ما قبل العاصفة قائلة :

_تمام يا سلفتي انا عليا حذرتك ونبهتك انك تمشي بهدوء وإنتي متبتة وماسكة فيها بايديكي وسنانك بس ما ترجعيش تعيطي لما اقلع لك سنانك دي خالص واكسر لك ايدك اللي مخلياكي متبته وما بقاش هند اما قلبت الدنيا عليكي وخليتك ما تسويش في البيت ده بتلاتة تعريفه .

قالت تلك الكلمات واعطت لها ظهرها فردت على حديثها ريم بسرعه قبل ان تغادر :

_ما اتولدش ولا لسه نزل الدنيا ولا شافها اللي تقدر او يقدر يكسر ريم المالكي يا ام البنات فوقي لنفسك وركزي في حياتك وفي حالك وسيبك من حالي اللي انتي حاشرة نفسك فيه بالغصب ومن زمان قوي ولما تشوفي حلمة ودنك تبقي تشوفيني مكسورة ومذلولة لأمثالك .

كانت الأخرى تمشي على عجالة ولكن تستمع الى كل حرف نطقت به ريم وتتواعد بداخلها ان توقد النار وتجعلها تلتهب وستدافع عن بيتها وزوجها امام تلك الريم كما ظنت في عقلها وتوهمت أن ريم بالتاكيد سترضخ للزواج من زوجها وإن حدث ذلك فالموت أهون لها ،

ورددت بتوعد وهي تخرج من الباب قبل أن تغلقه :

_ هتشوفي الجاهلة هتعمل فيكي إيه علشان هددتي أمانها والعبرة بالخواتيم ياحب .

كانت تلك الكلمات الشيطانية التي أخرجتها كالسم من جوفها ،

وجلست ريم تناجي ربها وتحادث نفسها قائلة :

_يا الهي ان كنت اخطات وأذنبت فاستر عبدتك الضعيفه من غدر الزمان ،

يا الهي ابعد عني وعن قلبي وعن اولادي شر شياطين الانس واغفر لي ذلتي فانت الأعلم اني لم اكن اقصد فلتات اللسان،

العون منك يا رب ضد من يعترض اماني وسلامي ويسر لي طريقي من شر الجبان .

 

 

الثامن من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close