رواية شد عصب الفصل الخامس 5 بقلم سعاد محمد سلامة
بالفندق
بغرفة سلوان
جلست على أحد المقاعد تتنهد براحه وهى تنظر الى تلك البطاقه الإئتمانيه الخاصه التى بيدها، بعد أن كانت قررت العوده إستجابه لآمر والدها أرجأت ذالك قررت البقاء لبضع أيام تسمتع بالتجول والتنزه بالأقصر، لكن قبل هذا عليها شراء بعض الثياب كذالك هاتف جديد، الآن لم يُعد المال عقبه أمامها،نهضت سريعًا حين سمعت رنين هاتف الغرفه،ردت مُبتسمه لكن سُرعان ما أختفت تلك البسمه حين سمعت حديث والداها المُتهجم والحاسم:
سلوان إرجعي للقاهره فورًا.
ردت سلوان بعناد:
لاء يا بابا أنا خلاص لقيت الكريديت بتاعتي هفضل هنا كم يوم أتفسح،وحتى كمان أسيبك مع عروستك تتهنى شويه أكيد وجودى معاكم فى نفس الشقه عامل ليها إحراج.
زفر هاشم نفسه بغضب قائلًا:
سلوان بلاش عِند وإرجعى فورًا والا رد فعلي قادر أرجعك لهنا تاني غصب.
تنهدت سلوان بعِناد قائله:
بابا قولتلك انه مش أول مره أسافر لمكان لوحدي، تفرق أيه الأقصر عن سفري لأي مكان غيرها، معرفش سبب لرفضك المستمر عليها، بابا هو أسبوع وهرجع للقاهره.
قالت سلوان هذا وأغلقت الهاتف قبل أن تسمع رد والداها،التى لا تعلم سبب لتحكمه هذا،لكن تذكرت قائله:
أنا نسيت الشخص اللى جابلى الكريديت،زمانه أستغيبني وأضايق أو مشي،عالعموم هاخد الچاكيت وأنزل ويارب يكون لسه موجود،أقل حاجه أشكره،بصراحه لولاه كان زماني هرجع تانى غصب للقاهره قبل ما أزور قبر ماما لأول مره فى حياتي.
بعد دقائق توجهت نحو المكان الذى كان ينتظرها به جاويد،لكن فى البدايه ظنت أنه غادر لكن شعرت بآنامل يد توضع على كتفها بتردد.
إستدارت خلفها وسرعان ما إبتسمت له بأعتذار:
آسفه أتأخرت علي ما نزلت بالچاكيت.
إبتسامتها كأنها بنظره لها سحر خاص "فاتن" بالنسبه له،رد بإبتسامه:
فعلًا،أنا كنت إستغيبتك وكنت ماشي،بس جالى إتصال ووقفت أرد عليه شوفتك وإنتِ نازله على السلم،والچاكيت فى إيدك،فرجعت لهنا تاني.
قال هذا ومد يده كي يأخد منها المعطف الخاص به٠
تركته له بإبتسامه ثم مدت يدها الأخرى بذالك السوار الفضي قائله:
أنا كنت لقيت الأسوره دى فى جيب الجاكيت.
شعر جاويد بغصه قويه فى قلبه ومد يده وأخذ منها السوار،بلا حديث.
لم تلاحظ سلوان سأم وجهه،لكن قالت له:.
بصراحه أنا مش عارفه أشكرك على أيه ولا أيه،بسبب أنا لسه موجوده على قيد الحياه،وكمان بطاقتي والكريديت.
لمعت عين جاويد بنظره خاصه هو نفسه لايفهم تفسير لها قائلًا:
كل شئ له سبب،وأنا كنت سبب مش أكتر.
إبتسمت له قائله:
فعلًا كل شئ له سبب،وإنت السبب إنى هفضل هنا كام يوم فى الأقصر بعد خلاص ما كنت هرجع للقاهره من تانى،آجلت الرجوع وقررت أستمتع هنا بجمال الأقصر.
شعر جاويد بإنشراح فى صدره قائلًا:
متأكد الأقصر هتعجبك جدًا.
أكدت سلوان على قوله:
أكيد أنا كنت شوفت أماكن ومزارات عالنت قبل ما أجي،وكمان غير المعابد،قدامى أسبوع أستمتع بيه هنا وأشوف الاقصر كلها.
إبتسم جاويد لكن بنفس اللحظه جاء إليه فكره قائلًا:
بس أنا أقدر أخليكِ تشوفي الأقصر كلها فى ساعتين زمن.
تعجبت وهى تنظر له مُتسأله:. إزاي ده بقى.
قبل أن يرد جاويد صدح رنين هاتفه، أخرجه من جيبه ونظر لشاشته ثم لـ سلوان قائلًا:
مش هقدر أقولك إزاي دلوقتي، بس لو حابه وقلبك جامد نتقابل الساعه سته المغرب.
للحظات ترددت سلوان وكادت ترفض لكن الفضول تملك منها غير أنها تشعر بالراحه النفسيه إتجاه هذا الشخص الغريب والعجيب هذا الشعور لديها إتجاهه، بسبب ما قابلته سابقًا من إدعاءات وأكاذيب لبعض الاشخاص تدعى الإحترام وتُصدم بحقيقتها فيما بعد ، ترددت قليلًا لكن هنالك شعور آخر لا تعلمه يجذبها نحو هذا الشخص التى حتى لا تعرف إسمه،لكن ذلة لسان بدل أن ترفض،قبلت:
تمام هستناك هنا فى لوبي الاوتيل الساعه سته.
..... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد قليل
بالأقصر
بأحد محلات بيع الثياب
وقفتا كل من حفصه ومِسك تتشاوران حول إنتقاء بعض الثياب، اقنعت مِسك حفصه بأحد الثياب، رغم عدم إقتناع حفصه لكن وافقت مِسك فى تجربة إرتداء ذالك الطقم ورؤيته عليها كتجربه قبل الشراء
أخذتا الأثنين الطقم وذهبتا الى مكان قياس الثياب،بنفس اللحظه صدح رنين هاتف مِسك،أخرجت الهاتف من حقيبة يدها ونظرت له ثم لـ حفصه قائله:
دى عمتك هرد عليها وإنتِ إدخلي إلبسي الطقم
دقيقه ورجعالكِ، هتشوفى ذوجي هيعجبك جوي.
أومأت حفصه لها برأسها مُبتسمه تقول:
سلمليلى على عمتي.
تركت مِسك حفصه التى وقفت مخضوضه حين فُتح باب مكان القياس فجأه وكادت تتصادم مع فتاه،توقفت هى الاخرى بخضه لثوانى ثم تجاهلت حفصه ومرت من جوارها دون حديث،شعرت حفصه نحوها بضيق دون سبب او ربما أعتقدت ان عدم حديث الاخرى تعالي منها وهنالك سبب آخر أنها ترتدي زى مثل التى أختارته لها مِسك ويبدوا عليها أنيق للغايه هى تفوقها أنوثه بالهيكل الجسدي،قررت عدم قياس ذالك الطقم وعادت مره أخرى... تنظر نحو تلك الفتاه التى ذهبت ووقفت مع إحدى البائعات التى وقفت تمدح بمدى أناقة الزى عليها وجسدها الذى يُزينه برونق جذاب،تمدح أيضًا بذوقها الانيق فى إختيار ما يُلائم جسدها ، رأت إبتسامة الأخرى لها،حتى إبتسامتها جذابه،شعرت بغيره من تلك الفتاه لا تعرف لها سبب،
بينما الأخرى ردت على تسأول البائعه:
لأ مش من الأقصر أنا من القاهره أنا هنا سياحه.
إبتسمت لها البائعه بمجامله قائله:
خساره ياريتك من إهنه كنت خطبتك لاخويا بيشتغل محاسب فى مصنع الأشرف بتاع الخزف.
إبتسمت لها قائله:
ربنا يرزقه ببنت الحلال دلوقتي أنا عرفت إن المحل بيقبل الدفع بالڤيزا،الڤيزا بتاعتى أهى.
إبتسمت البائعه لها قائله:
تمام،إتفضلى أكتبى الرقم السرى بتاعها.
ردت سلوان:تمام
بعد قليل،آتت البائعه لها بمجموعه من الأكياس قائله:
إتفضلي تدوبيهم بعافية.
إبتسمت سلوان لها قائله:.هو مفيش هنا مكنة سحب فلوس عاوزه اسحب مبلغ من الڤيزا محتاجه له سايل معايا... وكمان محتاجه أشتري موبايل جديد اللى كان معايا ضاع.
أرشدتها البائعه قائله:
فى جنبنا مباشرةً هنا محل بيع موبيلات وهتلاقي كمان چنبيه مكنة سحب فلوس.
إبتسمت لها سلوان شاكره وتركتها لكن قبل خروجها من المحل،كادت تتصادم مع مِسك التى تجنبت منها لكن لفتت نظرها،وبعد ان كادت تصل الى مكان حفصه عادت سريعًا تنظر خارج المحل لكن لم ترى سلوان،وقفت تنظر بكل إتجاه بتأكيد،لكن هى أختفت،ربما ما رأته كان خيال،فتلك تُشبه كثيرًا صوره قديمه رأتها سابقًا
.... ـــــــــــــــــــــــــــ
بحوالي الرابعه والنصف عصرًا
بالمشفى
اثناء سير إيلاف بممرات المشفى سمعت نداء عليها، نظرت خلفها ووقفت تنتظر مُبتسمه قائله:
عم بليغ.
بعد لحظات أمامها يلهث قليلًا قائلًا:
أزيك يا دكتوره إيلاف،كده برضوا نسيتي عمك بليغ جيت لهنا أكتر من مره عشان أغير عالجرح ومكنتش بعتر فيكِ،واللى كان بيغيرلى عالجرح الممرضات وايديهم تجيله جوي،ويفعصوا فى يدي.
إبتسمت له قائله:
أنا طول اليوم ببقى هنا فى المستشفى،بروح عالنوم بس،أكيد ببقى مشغوله مع مريض،بس كويس أهو النهارده عِترت عليا.
مد يده لها بموده بكيس ورقي قائلًا:
ده من حظك الحلو وأنا چاي للمستشفى جابلني بياع "نبق" صابحين أوعي تكسفي يدي.
إبتسمت له ومدت يدها أخذت إحدى الثمرات من الكيس نزعت عنها القشره ثم وضعتها بفمها مُستلذه قائله:
لاء مش هكسف يدك أنا بحب "النبق" جدًا، ولو إديتنى الكيس كله هاخده.
مد يده به لها قائلًا:
يبجى الكيس كله من نصيبك.
إبتسمت له وشعرت بالحرج قائله:
أنا كنت بهزر.
إبتسم بليغ حين رأى إقتراب جواد من مكان وقوفهم قائلًا:
الدكتور جواد كمان بيحب "النبق".
إبتسم جواد وهو يقف جوار بليغ قائلًا:
أحلى وألذ "نبق"تاكليه من يد عم بليغ.
وضعت إيلاف ثمره أخرى بفمها قائله:
فعلاً طعمه لذيذ وصابح إتفضل.
إبتسم جواد ومد يده بالكيس أخذًا ثمره وضعها بفمه قائلًا:
بسرعه إتعرفتي على عم بليغ.
إبتسم بليغ قائلًا:
الدكتوره هى اللى خيطت لى يدي،وبصراحه هى أحن كتير من الممرضات اللى هنا،اللى ناجص يطردوني.
إبتسم جواد ينظر لـ إيلاف عيناه تلمع بشعور خاص،لكن شعر بالغيره حين تحدث بليغ بعفويه:.
الدكتوره إيلاف بلسم،ياريتها كانت جت لإهنه من زمان،جبل ما أشيب كنت جطفت لها"النبق"من عالشجر بيدي.
إبتسمت إيلاف تشعر بآلفه خاصه من هذا الرجل،بسمتها نغزت بقلب جواد وشعر بغِيره من طريقة تبادل الحديث الودى والمرح بين بليغ وبينها كآنهما يعرفان بعض منذ زمن، ود أن يخطفها من أمام بليغ أو يقوم بإبعاده عنها خشية شئ ما يشعر به، من نظرات الاعجاب التى بعين إيلاف لـ بليغ.
نظر بساعة يده قائلًا:
أنا عندي عمليه جراحيه بعد نص ساعه، لو الدكتورع تحب تشارك فى العمليه.
إبتسمت إيلاف بلهفه قائله:
عملية أيه؟.
رد جواد:
عملية قلب مفتوح لـ طفل صغير.
تعجبت إيلاف قائله:
هو النوع ده من العمليات بيتم هنا فى المستشفى دى.
رد جواد:
أيوا المستشفى فيها جزء صغير مخصص لجراحة القلب،بس طبعًا،الحجز بالأسبقيه او بالواسطى،بس ده طفل صغير ومحتاج تدخل سريع صدفه من كام يوم والده قابلنى على باب المستشفى وقالى إن المدير السابق عطاه ميعاد بعد أربع شهور،بس لما جابلى إبنه لقيت إنه محتاج تدخل سريع والإنتظار مش فى صالحهُ.
إبتسمت إيلاف له قائله:
تمام أنا دى هتبقى أول عمليه أحضرها بعد التخرج.
إبتسم لها بليغ قائلًا:
ربنا يوفقكم ويجعل شفا الطفل ده على إيديكم،يلا هروح أشوف أى ممرضه تغيرلى عالجرح النهارده وأستحمل بقى.
إبتسمت إيلاف قائله:
هستناك بكره فى نفس الميعاد ده وأنا اللى هغيرلك عالجرح،بس إنت إدعي لي دى أول عمليه خطيره فى حياتى أشارك فيها وانا دكتوره مش طالبه.
إبتسم لها بليغ قائلًا:
ربنا هيوفقكم عشان قلوبكم الطيبه.
شعر جواد بغِيره لم يستطيع إخفائها قائلًا:
أظن الوقت لازم نتعقم عشان العمليه.
فهم بليغ نبرة صوت جواد إبتسم ساخرًا ماذا يظن به يعتقد أنه ينظر لـ إيلاف كـ حبيبه،هى فعلًا حبيبه،لكن كـ أب،لا حبيب.
بينما هى نظاراتها مختلفه لـ بليغ،وهذا ما يحز بقلب جواد،لا يعرف لما.
إبتسم بليغ وهو ينظر لسيرهم جوار بعضهما شعر من نظرات جواد لـ إيلاف أنه ربما هنالك مشاعر خاصه تنمو إتجاه إيلاف،راهما متكافأن بشده لبعضهما، دخل الى قلبه أمنيه أن يرى هذان يومًا بزي عريس وعروس.
......ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى السادسه وعشر دقائق مساءً
إنشرح قلب جاويد حين رأى سلوان آتيه الى مكان الاستقبال بالفندق، رأى زيها الانيق المُلائم لها يبرز جمال جسدها بآناقه غير سافِره، مع ذالك ليس ضيق على جسدها هى ليست نحيفه ومع ذالك ليست سمينه،بجسد ممشوق.
إبتسم جاويد حين إقتربت منه سلوان ونظر لساعة يدهُ قائلًا بمزح:
عشر دقايق تأخير،الساعه سته وعشره
إبتسمت له بمرح قائله:
مفيش ست بتوصل فى ميعادها مظبوط.
إبتسم لها قائلًا:
الأعتراف بالحق فضيله...عالعموم خلينا نتحرك عشان الوقت.
إبتسمت له قائله:
بصراحه عندى فضول أعرف أزاي هشوف الاقصر كلها فى ساعتين،مفيش غير طريقه واحده وهى هليكوبتر.
إبتسم لها قائلًا:
تخمينك فيه جزء صح،بس مش هليكوبتر،حاجه مُشابه ليه، دقايق وهتعرفي.
أومأت له رأسها وسارت لجواره الى انا وصلا الى سيارته،صعدت لجواره،بعد دقائق أوقف السياره وترجل منها،يشير لها بالنزول هى الأخرى.
ترجلت من السياره تنظر نحو المكان قائله:
منتطاد... إزاي مجاش فى بالي، أنا شوفت ده وأنا بعمل سيرش عالنت عن الاقصر بس أنا...
صمتت فجأه حين أصبح أمامها جاويد، لكن تسأل بفضول:
بس إنتِ أيه، قلبك مش جامد.
شعرت سلوان برجفه حاولت إخفائها قائله:
قلبي جامد، بس الحكايه هنا مش حكاية قلب، أنا قريت عن حوادث كتير إن المنتطاد أوقات بيفرقع وهو فى السما.
إبتسم جاويد مُتفهمًا:
قولتى أوقات يعنى مش دايمًا، دى حوادث فرديه، وممكن تكون بسبب أن اللى بيوجه المنتطاد معندوش فكره عن طريقة التعامل معاه، عالعموم متخافيش، كل حاجه فى الحياه مُجازفه.
تسألت برجفه:
وأنت تعرف تتعامل مع المنتطاد كويس، أنا لسه من يومين بس كنت فى مواجهه مع موت مُحقق تحت عجلات القطر، مش يمكن عزرائيل مستنينى فوق.
ضحك جاويد ومد يده لها قائلًا:
متخافيش، متأكد المجازفه مش هضرك بالعكس يمكن تجمد قلبك أكتر، الرؤيه من فوق شكل تاني،خلي عندك ثقه صدقينى وهتشوفي.
نظرت سلوان لـ يد جاويد المدوده للحظات تُفكر فى الهرب خشية ذالك الرهاب الذى لديها من الأماكن المرتفعه،كذالك رُهاب الأماكن الضيقه والمنتطاد حجمه يساع لإثنين فقط،لكن نبرة صوت جاويد الواثقه تجذبها للموافقه دون إراده منها،لا تعلم سبب لثقتها الزائده به،فكرت للحظات بالتراجُع والرفض،لكن حسها جاويد وهو مازال يمد يده لها قائلًا:
بلاش تفكري كتير،أوقات قرار مجنون فى لحظة تسرُع بيبقى وراه فوز ومتعه عظيمه.
لا تعرف كيف رفعت يدها ووضعتها بيد جاويد الذى سحبها للدخول الى المنتطاد وقام بتشغيله،شعرت بهزه قويه وكاد يختل توازنها لكن أطبقت يدها تتمسك بيد جاويد،وحرف المنتطاد، بسبب إندفاع المنتطاد الى الأعلى،إبتسم جاويد وشعر بلسعة كهرباء تمس قلبهُ مباشرةًبسبب برودة يدها التى بين يدهُ تحدث:
غريبه إيديك ساقعه كده ليه، مع إن الجو يميل للـ الحر أكتر من الخريف.
شعرت بخجل وسحبت يدها من يدهُ،مازالت تشعر برهبه من صعود ذالك المنتطاد لأعلى،نظرت الى تلك الشُعله الموجوده بالمنتطاد أسفل ذالك البالون الكبير الملون،شعرت بتوجس قائله:
بسمع دايمًا عن إن المنتطاد بيتحرق فى الجو.
ضحك جاويد قائلًا بتلاعُب:
فعلًا حصلت كذا حاله المنتطاد ولع وهو طاير فى الجو.
توجست سلوان ونظرت نحو الأرض قائله:
إحنا لسه قريبين من الأرض خلينا ننزل أفضل.
لم يستطيع جاويد تمالك ضحكته قائلًا:
وليه تقدري البلا،إستمتعي بالنسمه اللطيفه والنضيفه اللى فوق فى الجو،ومتخافيش فى فى المنتطاد براشوت لو حصل حاجه نقدر نستعمله.
تهكمت قائله:
على إعتبار إن البارشوت هو كمان مش ممكن بسهوله يفرقع.
ضحك جاويد وحاول صرف نظرها حتى يُزيل ذالك الرُهاب الواضح على وجهها قائلًا:
على فكره الأقصر من فوق غير،وبالذات فى الوقت ده من السنه الخريف له مذاق خاص هنا فى الاقصر،الجو بدأ يلطف بعد حر الصيف،كمان هتشوفى معبد الكرنك من فوق بمنظر تانى غير لو شوفتيه من عالارض هتقولى شوية أعمده خرسانيه صحيح مرسومه ومتنفذه بدقه وإبداع بس الابداع الحقيقى هتشوفيه من فوق مع الصوت والضوء اللى هيبدأوا دلوقتى،هتسمعى حكاية المكان بطريقه تحسسك إنك جوه قصه خياليه.
شعرت سلوان ببعض الهدوء وزالت جزء من تلك الرهبه وهى تنظر الى وجه جاويد الذى إنعكست تلك الشعله على وجهه،شعرت بتوهه قليلًا وهمست لنفسها:
والله أنا اللى حاسه إنى جوه قصه خياليه،لو حد بيحكيها لى كنت قولت عليه ساذج.
كذالك جاويد نظر لإنعكاس تلك الشُعله على وجه سلوان رأى عينيها التى تُشبه لون "الحِناء" التى تُشبه لون اوراق الشجر الخريف التى تميل الى درجات اللون البني الغامق...تذكر قول العرافه له قبل أيام،كم لام وذم نفسه سابقًا على سمعهُ وتصديقه لحديثها،لو أخبره أحدًا بهذا سابقًا كان قال عليه أبله أو مغفل كيف يصدق بأقوال المنجمون
فهما صدقوا هم كاذبون،لكن الآن حتى الكذب يرى به شعور مُميز وهو برفقة تلك الجميله،بين السماء والأرض تبدأ حكاية عِشق بمكان هو منبع لخرافات العشق القديمه...بهذه الأرض عاشت"نفرتيتي "الجميلة الفرعونيه،وسلوان جميله آتت لتُحي قلب عاش يرفض الخرافات لكن بين تلك الخرافات سقطت ورقة العشق .
بعد وقت
زالت الرهبه عن سلوان وبدأت تُخبر جاويد عن جمال حكايات المعابد هنا، لكن فجأه شعرت بنغزه قويه فى قلبها وهى تتذكر والداتها التى ترقُد بين الثرى بأحد البقاع هنا،لمعت عينيها بدمعه لاحظها جاويد وهى تضع يديها تُمسد على عينيها ظن أن ذالك بسبب قوة الهواء المتدافع طرف عينيها،الهواء،الذي بسببه كاد يتطاير وشاح رأسها أكثر من مره لولا إمساكها له بيديها حتى أن بعض خصلات من شعرها التى تُشبه لون عينيها، تطايرت خارج ذالك الوشاح،سار بداخله رغبه فى إمساك تلك الخصلات المتمرده يتنعم بملمسها الغجري بين آنامله،لكن سلوان كانت تحاول السيطره على تمردها بزجها أسفل وشاح رأسها الذى هو الآخر يتمرد لولا أن قامت بربط أطرافه ببعضها بإحكام حول رأسها.
مر الوقت سريعًا ووجب الهبوط بالمنتطاد بعد رحله إنتهت بـ سلام كما تنهدت سلوان براحه حين شعرت بعوده رسو المنتطاد على الأرض مره أخرى،لكن التسرُع عيب فيها إكتشفه جاويد حين فتحت باب المنتطاد وخرجت منه قبل أن يتوقف وكادت تفقد توازنها مره أخرى لولا تشبثها بطرف باب المنتطاد،فى البدايه شعر جاويد باللهفه خشية أن يصيبها مكروه لكن تنهد براحه حين وقفت على الارض لكن مازالت تشعر بترنُح وهى تغمض عينيها تضع يديها حول رأسها،إبتسم قائلًا:
كان لازم تستني المنتطاد يوقف نهائيًا على الارض قبل ما تفتحي الباب وتنزلى منه،واضح إنك مُتسرعه.
فتحت عينيها رغم شعورها بالدوخه قائله:
وعرفت منين بقى إنى متسرعه.
رد جاويد ببساطه:
المره الأولى ليلة ما كنتِ هتقعي على محطة القطر ودي تانى مره برضوا نزلتي قبل المنتطاد ما يوقف عالأرض مش معنى أنه رسي عالأرض تنزلى فورًا منه.
مازالت تشعر بالدوخه لكن كابرت قائله:
عادي جدًا،ده مش تسرع منى،انا ليلة القطر إتأخرت فى النزول ولما نزلت كان القطر بدأ يتحرك،ودلوقتي فكرت طالما وصل المنتطاد الأرض يبقى عادي أنزل منه.
إبتسم جاويد يعلم انه تُكابر كي تظهر غير متسرعه،لكن سلوان نظرت بغيظ من بسمته التى تعلم مغزاها قائله:
بتضحك على أيه،أنا فعلًا مش مُتسرعه دى صدف.
إبتسم جاويد بمهاوده قائلًا:
تمام،فى مطعم كويس قريب من المكان لو معندكيش مانع ممكن تقبلي عزومتي عالعشا.
ترددت سلوان كثيرًا قائله:
لاء،مش هقدر أقبل عزومتك عالعشا لان الوقت خلاص قربنا عالساعه تسعه ونص ولازم أرجع للاوتيل.
إبتسم جاويد قائلًا:
تمام،إتفضلي خلينى أوصلك للاوتيل.
أومأت له برأسها وسارت أمامه الى ان وصلا الى مكان ركن السياره صعدت خلفه وجلست جواره،لكن حل الصمت لوقت قبل أن تتنحنح سلوان متسأله:.
بصراحه أنا نسيت أسألك على إسمك... أنا أسمي سلوان.
نظر جاويد لها قائلًا:
عارف إسمك من قبل كده.
للحظه تعجبت،متسأله:
وعرفته منين بقى؟!.
للحظه كاد يُخبرها جاويد أنه يعرف إسمها من قبل أن يتقابل معها لكن قال:
من بطاقتك الشخصيه وكمان الكريديت.
شعرت سلوان بإحراج قائله:
آه آسفه نسيت،وكمان نسيت أشكرك على إنقاذك ليا ليلة القطر،ولو مش مسكتنى يمكن كان محدش قدر يتعرفلى على ملامح.
نظر لها جاويد مُبتسمًا وهمس لنفسه:بعيد الشر.
لكن قال لها بتواضع:
العفو أى حد كان ممكن يكون مكاني وجودي كان سبب مش أكتر.
إبتسمت سلوان له قائله:
على فكره نسيت تقولى إسمك وكمان عندي سؤال تاني تقدر تعتبره فضول مني،إنت بتشتغل فى السياحه،مُرشد سياحي مثلًا.
إبتسم جاويد قائلًا:
فعلًا بشتغل فى السياحه بس مش مُرشد سياحي.
تعجبت سلوان قائله:
غريبه مع إن عندك معلومات كتير عن الاقصر.
إبتسم جاويد قائلًا:
عادي أعرف المعلومات دى، أنا عِشت هنا معظم حياتى.
إبتسمت سلوان قائله:
نسيت تقولى إسمك أيه؟.
إبتسم جاويد قائلًا:
إسمي"جلال صلاح".
إبتسمت سلوان قائله:
يعنى الاسم اللى محفور فى الأسوره هو إسمك.
غص قلب جاويد صامتًا...للحظات ثم أومأ برأسه.
تنهدت سلوان حين توقف جاويد بالسياره قائله:
وصلنا للفندق مره تانيه بشكرك كانت رحلة المنتطاد فعلًا ممتعه،بس متمناش أعيدها تاني.
إبتسم جاويد قائلًا:
عالعموم إنتِ شوفتي الأقصر من فوق لسه مشوفتهاش من تحت،لما تشوفي الاتنين وقتها هتقررى الأفضل وأعتقد هتختاري تشوفيها مره تانيه من فوق.
إبتسمت سلوان قائله:
ممكن ليه لاؤ،عالعموم مره تانيه شكرًا،تصبح على خير.
إبتسم جاويد وهو يقف أمام سيارته ينظر لدخول سلوان التى إستدارت تنظر له قبل دخولها من باب الفندق الداخلى وأشارت له باصابع يدها، بـ سلام.
أشار لها هو الأخر بشعر بخواء، يتمنى ان تعود مره أخرى، ظل واقفًا على أمل واهى وتذكر حين تعمد النظر ليديها سابقًا
يديها الأثنين كانتا خاليتين من أى مصوغات تُثبت أنها مرتبطه، لكن حتى هذا ليس دليل قاطع فبعض الفتيات تكون مرتبطه لا ترتدين المصوغات حرصًا أو لأسباب خاصه لديها،شعر بغصه وتسأل هل هى مُرتبطه،أم لا؟ عليه معرفة ذالك.
...... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفى
بعد وقت طويل
خرج جواد من غرفة العمليات وأستقبل لهفة والدا ذالك الطفل ببسمه قائلًا:
إطمنوا يا جماعه الحمد لله العمليه مرت بخير وزرعنا الدُعامه ومحصلش أى مضاعفات أثناء العمليه،واضح أن إبنكم بطل.
إبتسمت والدة الطفل قائله:
كتر خيرك يا دكتور جوزي جالي إنك اللى إتبرعت بمصاريف العمليه كلها،ربنا يعمر بيتك ويزيدك من فضله،لولاك كان زمان ولدي منتظر دور فى كشف العمليات.
إبتسم لها جواد قائلًا:
الشكر لله يا ست وربنا يكمل شفاه على خير ويجوم يرمح كيف الخيل،هو دلوك هيطلع عالعنايه المركزه،مالوش لازمه وجوفكم إهنه،هو شخص واحد اللى هيبجى مرافج له.
فى نفس الوقت كانت تخرج إيلاف من غرفة العمليات وسمعت حديث والدة الطفل لـ جواد،شعرت بشعور خاص فسرته على أنه إعجاب بإنسانية جواد،وسارت بعيدًا لم ترى عيني جواد التى ذهبت خلفها،إستأذن من أهل الطفل وذهب خلفها بخطوات سريعه حتى توقفت حين سمعت نداؤه بإسمها.
إبتسم حين اصبح امامها قائلًا:
بشكرك يا دكتوره،بصراحه ساعدتيني كتير وإحنا فى أوضة العمليات،واضح إنك هتبقى دكتوره جراحة قلب شاطره.
إبتسمت إيلاف قائله:
بالعكس أنا كنت بتعلم من حضرتك...واضح إنك دكتور مُتمرس فى جراحة القلب.
إبتسم جواد قائلًا:
بصراحه أنا شاركت مع الدكتور"مجدي يعقوب"قبل كده فى كذا عمليه واتعلمت منه وأهو بحاول اساهم فى نزع الالم على قد ما أقدر.
إبتسمت له إيلاف،لكن قبل أن تتحدث صدح رنين هاتفها،أخرجته من جيب معطفها قائله:
يا دوب فتحت الموبايل ورن،أكيد دى ماما اللى بتتصل،عن إذنك هروح أكلمها من أوضتي.
إبتسم جواد له يومئ برأسه،تنهد بعد ان ذهبت وضع يده على قلبه قائلًا:.واضح إن دكتور القلب هيحتاج إستشاره خاصه قريب من الدكتوره
"إيلاف حامد التقي".
...... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منزل مؤنس
فتح ضلفة الدولاب وأخرج ذالك الصندوق الصغير
وضعه على الفراش أمامه بقلب مُنفطر تردد كثيرًا قبل أن يفتحه
لكن حسم أمرهُ وفتحه
ليرى كم كبير من الرسائل مطويه
شعر بآسى ودموع فرت هاربه من بين أهدابه
دموع حسره وندم وهو يضع يديه بين تلك الرسائل المطويه التى لم تُفتح من قبل
مد يده وأخذ إحدى الرسائل قربها من أنفه يستنشق عبق ماضي أليم،يديه قامت بنزع جزء صغير من المظروف وأخرج الرساله التى كانت بداخله فتح طياتها وبدأ بقرائتها بدموع
"أبوي أنا مبسوطه جوي مع"هاشم"هاشم حنين جوي يا أبوي مش كيف ما جولتلى عليه مع الوجت هيزهج منيكِ،بالعكس يا أبوي،ده مع الوقت حبي فى جلبه عيزيد،فى خبر يا أبوي كنت عاوزه أجوله له وعارفه إنك هتفرح جوي،أنا"حِبله" وهاشم لما عرف مش عاوزنى اشيل الياسمينه من عالأرض،أنا حاسه إنى حبله فى بنت،وإن شاء الله هسميها"سلوان"كيف ما كنت رايد تسميني يا أبوي بس چدتي هى اللى سمتني'مِسك'،انا سعيده يا أبوي مش ناجصني غير رضاك عني".
وضع الرساله وجذب رساله أخري
يقرأها بقلب موجوع
"النهارده يا أبوي سلوان كملت سنه،دى شجيه(شقيه) جوي يا أبوي وعنيده فيها شبه كتير مني ومن چدتى حتى ورثت الشامه اللى كانت على خد جدتى الله يرحمه، وخدودها حمره شبه توت
'خد الچميل'انا بعت لك صوره ليها فى الجواب."
ورساله أخرى وأخرى وأخرى بدأ يقرأها كانت تُرسل له رسائل كل شهر الكِبر والغضب أعمى قلبه عن قراءة تلك الرسائل بوقتها، كانت تُخبره كم هى سعيده لكن عدم رده على رسائلها يغص قلبها يُنقص من سعادتها، وقعت عيناه يقرأ هذا السطر بقلب باكِ
"أنا عارفه يا أبوي إنك مش هتقرى رسالتى زى بجية الرسايل اللى بعتها جبل إكده، بس انا مش هيأس يا ابوي وهفضل أبعتلك رسايل لحد آخر يوم فى عمري،آه نسيت اجولك إن سلوان دخلت المدرسه وشافت صورتك وأنت فى المعبد وجالتلى ان نفسها تزور الأقصر وتشوفك، أنا بحكي ليها عنك كتير يا أبوي."
ورساله أخري تبدوا مثل رسالة قرأ أسطُرها كأنها كانت رسالة وداع منها قرأ آخر سطر باكيًا بشده
"سلوان،بتِ يا أبوي لو چرالي حاجه إبجى أسأل عليها من بعدي'
طوى الرساله مره أخرى ووضعها مع الرسائل
تبوح الدموع بندم كيف قسى قلبه يومًا، لماذا لم يبحث عن تلك الفتاه الصغيره التى كانت بالمقابر تنظر له يوم دفن جثمان"مِسك"
تذكر نظرة عينيها كأنها خائفه أن تقترب منه،توارت خلف جسد والداها باكيه تسأل بعقل طفله لما أغلقوا ذالك المكان الموحش الضيق على جسد والداتها وتركوها وغادروا
حين تصحوا ستخاف من الظلام،ولا جواب لسؤالها
ترك هاشم يأخذها ويرحل وتنقطع ذكري
مُدللته الذى قسى عليها لم يتبقى منها سوا إبنتها وبعض الرسائل المطويه من الماضى.
الفصل السادس من هنا