رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثالث 3 بقلم فاطيما يوسف
انتهت مريم من محاضرتها واستعدت للرجوع الى مأواها والذي يمثل لها الجحيم على الحياه ،
نعم فالملجأ بالنسبه لمريم جحيمها الأبدي الذي تتمنى ان تخرج منه سليمة الروح وسليمة الجسد ،
استقلت المواصلة "الاتوبيس" التي توصلها الى الملجأ ،
وها هي الآن وصلت بقلب يرتجف بسبب تلك اللعينة التي تهددها ليلا ونهارا عندما وجدتها تنتظرها أمام باب الملجأ،
خطت بأقدام مرتعشة حتى وصلت اليها،
ابتسمت الأخرى ابتسامة ماكرة مردفة لها بعيون تنطق شرا :
_حمد لله على السلامة يا مريم هانم ،
واستطردت بتهكم:
_إنتي ازاي يابت إنتي تتجرئي وتقفلي السكة في وشي !
إنتي مش عارفة ان الفيديو اللي معايا ده أقدر أفضحك بيه وأخليكي عبرة لمن لا يعتبر ،
واسترسلت حديثها بتهديد :
_ انا عايزاكي تفكري في اللي انا قلته لك ده كويس جدا قبل ما تاخدي أي قرار علشان انا مش هتراجع ،
وتابعت سُمَّها التى تلقيه في أذان تلك البريئة:
وبعدين يا بنتي فكري بعد ما تخرجي من الملجأ هتروحي فين ؟
هتاكلي منين هتشربي منين هتعيشي ازاي؟
الملجأ خلاص ما بقاش زي زمان يضمن لك وظيفة ومكان وحتى لو ضمن لك مكان بيبقى في منطقة شعبية كلها مشاكل،
فصدقيني انا عايزة مصلحتك من غير حد من اللي حواليكي ما يحس بيكي .
انتفضت مريم كمن لدغها عقرب وأجابتها بثقة مزيفة ولكن داخلها يرتعب:
_ انا عمري ما هعمل اللي إنتي بتقولي عليه، ده انا لو هاكلها عيش حاف أشرف لي وأكرم لي من اللي انت عايزاني أعمله،
وبعدين اللي رزقني السنين دي كلها مش هيرزقني عمري اللي جاي ؟
قاطعت حديثها وأردفت بنبرة حادة وهي تشير لها بسبابتها:
_ انا على فكرة مش باخد رأيك انتي هتعملي اللي انا عايزاه وغصب عنك،
يا إما هبدا بتنفيذ تهديدي خطوة خطوة ومش هسيبك إلا وانتي متدمرة،
واسترسلت حديثها بهدوء اكثر لكي تميل راسها :
_وبعدين ازاي واحدة زيك وفي جمالك وفي رشاقتك ما تستغلش الجمال ده في حاجة تخليها تعيش سعيدة ومرتاحة .
كورت مريم يديها بغضب وأجابتها ببرود قاتل:
_ هو علشان ربنا جعلني جميلة أستغل الجمال ده في الحرام !
إنتي مش فاهمة انتي بتطلبي مني ايه !
اللي إنتي بتطلبيه ده صعب جدا انفذه ،
ولا انا علشان ما ليش اهل أتحامى فيهم هتستقوي عليا،
واسترسلت بقوة :
_بس خلي بالك انا ليا رب أقوى من أي خلق شاهد ومطلع على ابتزازك ليا واعملي حسابك مش هعمل اللي إنتي بتقولي عليه ده نهائي .
رفعت الاخرى رأسها لأعلى بشموخ وأردفت بقوة مماثلة لقوتها:
_ هنشوف يا حلوة مين اللي هيكسب في الأخر وانتظري مني مفاجأة هتعجبك قوي .
وتركتها وغادرت المكان وهي تركب سيارتها وتنظر لها نظرة الشر ينبعث من خلالها ،
وما أن فرَّتْ بسيارتها حتي انطلقت دموع مريم بغزارة ووجع وقهر ،
وحدثت حالها وهي تناجي ربها:
_ يارب ما ليش غيرك ولا أب ولا أم ولا أخ ولا خال ولا عم ولا ضهر يحميني من غدر الزمان،
يارب اصرف شرها عني ،
ثم ولجت من بوابة الملجأ وجدت المديرة تقف على أعتابه وهي تربع يديها على صدرها وتنظر لها قائلة بتهكم:
_ البرنسيسة مريم حمد لله على السلامة متأخرة عن ميعاد خروجك ساعة بحالها وإنتي عارفة ان انا بحب النظام وما بحبش التاخير،
طول عمرك كده لِعَبِيَّة وملاوعة ،
وعلشان تأخيرك ده تطلعي حالا تغيري هدومك وتنزلي هتنضفي حمامات الملجأ كلها ،
صعقت مريم من حكم تلك القاسية التي لا تصح أن تكون في مكان كل من فيه مدمرين نفسيا ،
وتحدثت إليها باستعطاف:
بالله عليكي يا أبلة انا في امتحانات ومحتاجة كل وقت اذاكر فيه والمواصلات هي اللي أخرتني،
لما أخلص امتحانات أوعدك اني أنفذ عقابك كله من الأول للآخر،
بس يارب يخليكي سيبيني أذاكر علشان عايزة أخرج بتقدير زي اللي انا متعودة عليه كل سنة .
لم تتأثر الأخرى بتوسلات تلك اليتيمة ولا ببكائها واكملت بحدة:
_ما تتحايليش يا هانم علشان انا ما باكلش من دموع التماسيح دي،
اتفضلي على فوق فورا أمري ما فيهوش جدال علشان بعد كده ما تفكريش تكرريها تاني،
يلا يا بنت انجري مش فاضية لدلعك ده،
واسترسلت وهي تعطيها ظهرها:
_تاتكم القرف بنات تجيب الهم أهاليكم سابوكم وطفشوا ورموكم لنا هنا يبلونا بيكم .
لم تعد تتحمل مريم تلك القسوة من مجتمعها التي نضجت وهي تعاني منه بلا رحمة ولا شفقة،
يحملونها هي ومن مثلها أخطاء من رموهم في وكر الحياة وهم لا ذنب لهم في وجودهم في تلك الظروف التي انجبروا عليها ،
وصعدت إلى الأعلى لكي تبدل ملابسها لتنفذ الأمر وتحاول ان تنهيه على عجالة لكي تستطيع ان تذاكر ،
ووعدت حالها ان تستمر في صبرها وان تتحمل أي آلام سواء كانت جسمانية او نفسية لكي تصل بحلمها الى طريق سليم ،
وتأني بحالها بعيدا عن تلك القساوات من المجتمع .
____________________________
عصرا في كافيه مشهور في الإسكندرية تجلس اثنتين من أرقى نساء المجتمع نهال طليقة مالك الجوهري واخته هيام،
نهال بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر :
_انتي فاهمة يعني ايه انا نهال الدين تنطرد من المكتب اللي انا وقفت جنب أخوكي فيه كأي زوجة أصيلة وبنيت معاه المصنع من الصفر،
ووقفت معاه وبعت له مجوهراتي واستلفت من بابا وفي الآخر يطردني انا من المكتب قدام اللي يسوي واللي ما يسواش!
استمعت هيام إلى حديثها بتأفف وضيق وأجابتها بتهكم:
_انت هتألفي يا ست نهال إنتي اه في الأول وقفتي جنبه واديتي له مجوهراتك واستلفتي له من باباكي،
بس
المصنع ساعتها كان عليه ديون كتير جدا وقروض من البنوك جيتي إنتي لما
عرفتي بمرضه أجبرتيه إنه يرجع لك دهبك ويرد لباباكي الفلوس اللي إنتي
استلفتيها له منه،
استشاطت نهال غضبا من حديث تلك الهيام وأردفت بنبرة اكثر حدة :
_امال إنتي كنتي عايزاني أعمل إيه يعني !
كنتي عايزاني أفضل عايشة مع بني آدم عقيم أنا من حقي اني أخلف ويكون لي أولاد من حقي أبقى أم ودي ابسط حقوقي .
أجابتها هيام ببرود:
_
طيب وايه اللي جابرك ان إنتي ترجعي له دلوقتي وكل شوية تصدعيني وتسأليني
عن أخباره عامل إيه ومش عامل إيه وانا علشان صعبانة عليا ببلغك أخباره أول
بأول .
استكانت بجلستها وهدأت من نبرة صوتها وأردفت بنبرة صادقة:
_ انا مش هكذب عليكي يا هيام أنا بحب مالك ومش بس بحبه انا بعشقه ومقدرتش أتخطى حبه ولا أنسى السنين اللي أنا عشتها معاه ،
واسترسلت وهي تفرك يديها:
_ ما تتصوريش انا كل يوم بتعذب من بعد مالك عني ،
وكنت مفكرة اني لما أروح له واعتذر له بنفسي لحد عنده إن هو يسامح ويغفر ونرجع نعيش مع بعض تاني،
مكنتش متخيلة ان هو هيتعامل معايا بالأسلوب العنيف ده ،
كنت متخيلة اني وحشاه زي ما هو ما واحشني وإنه نفسه نرجع لبعض زي ما انا نفسي ارجع له بالضبط .
قطبت هيام جبينها وهزت رأسها بعدم فهم وسألتها متعجبة:
_ ازاي يعني عايزاه يرجع لك بعد كل اللي عملتيه فيه !
سبتيه وهو في عز الديون اللي متراكمة حواليه وزاد عليهم دينك اللي إنتي طالبتيه ان هو يسده ،
وسيبك بردوا من كل ده إنتي كسرتيه لما عرفتي ان هو مش بيخلف وطلبتي منه الطلاق،
مستنية إيه منه !
إنه يرجع يفرش لك الأرض ورد ورمل ويقول لك بالأحضان يا حبيبتي بالأحضان،
إنسي يا نهال ده مش مالك الجوهري خالص مالك مستعد يرمي قلبه تحت رجليه ولا إن حد يذله او يستضعفه .
انطلقت دموع نهال وفرت من عيناها بغزارة ونظرت لها بضعف وأردفت تطلب منها الاستشارة:
_طيب قولي لي يا هيام أعمل ايه علشان مالك يسامحني ويرضى عني ويرجع لي،
أنا طالبة منك إنك تساعديني وتقفي جنبي ومش هنسى لك الجميل ده طول عمري،
استوعبت سؤالها وأردفت بنبرة جادة متجنبة دموعها :
_طب
ما تجيبي من الآخر يا نهال وخليكي صريحة كدة معايا علشان مش انا اللي
بتاكل من جو المشاعر والحب والندم والحوارات دي إنتي عارفة ده كويس،
إنتي عمليه جدا فوق ما تتخيلي،
وا سترسلت حديثها بذكاء:
إنتي عايزة ترجعي لمالك علشان خاطر عرفتي ان هو كشف وربنا أكرمه وهيخف وهيرزقه بأولاد في المستقبل من اللي هيتجوزها،
فبلاش بقى حوار بحبه وبعشقه والحاجات دي ما بتاكلش معايا فخليكي صريحة معايا علشان نتفق .
انصدمت الأخرى من حديث تلك الداهية التي تكشف جانبا من حقيقة رجوعها لمالك وأجابتها بسخرية مماثلة:
_طب طالما إنتي بقى اللي طلبتي الصراحة ما تعترفي إنتي كمان إنك مش عايزة مالك يخلف أصلا،
علشان عايزة تكوشي على ثروته بما إنك أخته وهينوبك من الحب جانب،
أو فيما بعد يعني هينوب ولادك من الثروة العظيمة اللي هيسيبها مالك بحكم انه مش بيخلف صح ولا أنا غلطانة ؟
وقفت الأخرى بحدة بالغة وضربت على المنضدة بيديها وقالت لها بفحيح:
_ما تنسيش نفسك يا نهال وتدوري وتلفي علشان تطلعيني طماعة وأنانية زيك،
واستطردت حديثها بعيون تتسع وعيدا:
_ أنا أصلا اللي غلطانة إني ضيعت من وقتي معاكي وجيت علشان أخفف عنك شوية وأنتي أصلا واحدة ما تستاهليش ،
هنتظر إيه من واحدة باعت جوزها وسابته وهو في بداية حياته علشان مرض يمكن يخف منه مع السنين وما صبرتش عليه،
أردفت الأخرى بحدة مماثلة:
_ يا ريت انت اللي ما تنسيش نفسك يا هيام إنتي اي حاجة بتعمليها لي بتاخدي المقابل بتاعها ،
ما تنسيش اني بخدمك بمركز بابا في الوزارة وجمايلي مغرقاكي من ساسك لراسك ،
فلو هترفضي تساعديني يبقى نفضها سيرة ،
لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك .
رفعت الأخرى حاجبها وأردفت ببرود:
_اه ده انت بتعايريني بقى بالخدمات اللي انا بطلبها منك ما كانش العشم يا مرات اخويا العزيز سابقا،
بس انا عايزة أقول لك على حاجة تحطيها حلقة في ودانك انا لو دراعي وجعني وشد في الوجع عليا هقطعه ولا هيهمني وانت عارفاني كويس جدا ،
واستطردت بصوت عالِ:
_إنتي عايزاني أعمل لك إيه يعني أرجعك لمالك بالعافية،
إنتي عارفة هو مش بيسمع غير كلام نفسه وبس وانا بالذات دون ان اي حد دايما كشفني وما بيقبلش مني ولا كلمة،
فانتي خليكي ذكية وابعدي شوية لحد ما يهدى وكل فترة بعيدة شاغليه وخليه ينشغل بيكي ،
واستمر الحديث بينهما كل منهما تلاعب الاخرى بدهائها .
_____________________________
في شقة راندا المالكي مساء
تجلس في غرفتها وهي متأكة علي الشزلونج في جلسة استرخاء واضعةً أمامها الأيباد الخاص بها تتصفح تطبيق الفيسبوك،
واذا بالفيديو كول يعلن عن وصول مكالمة من زوجها،
على الفور ابتسمت وأجابته :
_حبيب قلبي وحشتني جدا ولسه كنت قاعدة بفكر فيك .
ابتسم الآخر على حديثها ونظر اليها بعيون تنطق غرام:
_ لاااا لو على الوحشة بقى فانتي اللي وحشاني كتير جدا جدا،
طمنيني عليكي يا حبيبتي عاملة إيه والأولاد عاملين إيه ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأردفت قائلة بنبرة محملة بالعشق وعيون ذائبة:
_ ياه يا ايهاب ما تتصورش انا بعد الدقايق والثواني علشان آجي لك يا روح قلبي،
يا ترى انت زي كده بالظبط ؟
اعتدل الآخر بجلسته وأجابها :
_لما تيجي وتوصلي يا روح قلبي من أول حضن بس أحضنه لك هتعرفي قد ايه انا مشتاق ليكي وإن إنتي وحشاني ،
واستطرد متسائلاً باهتمام:
_طمنيني على الأولاد عاملين إيه؟
أجابته باستفاضة وهي تطمئنه على أبنائه:
_ الأولاد بخير يا حبيبي ما تقلقش وراك رجالة واقفين في غيابك زي الأسد ،
واسترسلت بتذكر :
_تصور مهاب النهاردة وقع في النادي أثناء التمرين ورجله كانت هتنكسر لولا ستر ربنا .
قطب الآخر جبينه وتساءل مستفسرا بهلع:
_اتأكدتي كويس يا راندا إن رجله كويسة وما فيهاش حاجة وكشفتي عليه عند دكتور كويس؟
أنا عارف ان مهاب حماسه في التمرين بيخليه يشد على جسمه وعلى نفسه .
_ما تقلقش يا حبيبي انت عارفني من ناحية أي حاجة في ولادي بقعد أفحص وأمحص لحد ما اتاكد إنهم بخير ،
ما تقلقش علينا بس انا حبيت اعرفك علشان خاطر لما زمايله ينزلوا له على جروب النادي يطمنوا عليه ما تقلقش ،
واسترسلت بإبتسامة بشوشة:
_ قول لي بقى نفسك اجيبه لك ايه معايا وانا جاية لك ،
بط ولا حمام ولا ممبار ولا إيه بالظبط؟
إيه اكتر حاجة مشتاق تاكلها من ايدي ؟
نظر إليها الآخر بسعادة بادية على ملامح وجهه مرددا وهو يفتح يديه على وسعهم:
_ هتقولي عليا إني طماع لو قلت لك انا عايز دول كلهم،
نفسي
آكل أكل مصري من إيد مراتي حبيبتي علشان بعيد عنك معدتي أددت من اكل
المطاعم وإنتي عارفاني اصلا ما بحبش اكل المطاعم وبفضل اكل البيت .
بانت معالم الحزن على وجهها من حديث زوجها وأردفت بحنين :
_ده انت تؤمرني وتشاور بس ومع على راندا الا التنفيذ،
بس أهم حاجة لما أعمل لك الأكل تاكله كله وما تزهقش من عمايل ايديا ؟
_لاااا أزهق مين يا ماما هاتي إنتي بس الحاجات اللي انا قلت لك عليها دي وما لكيش دعوة واتوصي بالبط إنتي عارفة ان انا بحبه جدا ،
قالها ايهاب وهو يشاكسها بمداعبة.
وضعت يدها بجانب جبينها كعلامة لتنفيذ الأوامر مرددة لمداعبته بمماثلة:
_ علم وينفذ يا سعادة البشمهندس إيهاب البحيري.
ضحك الآخر بشدة حتى أدمعت عينيه من فكاهة زوجته ثم اكمل حديثه بتمني:
_ نفسي قوي أخلص من الغربة اللي انا فيها دي واتجمع أنا وإنتي والأولاد في بيت واحد وفي مكان واحد وما اسيبكمش ابدا ابدا ،
بجد الغربة اه بتدي فلوس لكن بتسحب من عمرنا ومن صحتنا ومن أسعد لحظاتنا .
حزنت لأجله كثيرا وأردفت بتشجيع :
_عندك
حق في كل اللي انت قلته يا ايهاب بس في الآخر لما تشوف اللي انت اتغربت
عشانهم مرتاحين وحياتهم مستقرة وأمورهم ماشية هتقول انا فنيت عمري لأغلى
الغاليين،
وهتحس إن تمن الغربة على قد ما اخد من عمرنا بس هيخلينا نعيش باقي العمر مرتاحين،
هون على نفسك الأيام علشان تهون،
وآهي ماشية إحنا بنجي لك في الأجازة وانت بتنزل لنا برده أجازة،
استمع الآخر لحديثها الذي نزل على قلبه كبلسم يداوي الجروح وهتف قائلا:
_كل
اللي إنتي قلتيه ده هو اللي مصبرني على الغربة وإني أتحمل علشان خاطر
ولادي يكون مستقبلهم افضل ويعيشوا حياة نوعا ما مرضيه ليهم .
واستمر الحديث بينهم كل منهم يثابر الآخر ويشد من أزره على التحمل والصبر حتى يكملوا رسالتهم مع أبنائهم .
___________________________
في فيلا مالك الجوهري
تجلس عبير وابنتها هيام جلسه الأم وابنتها المعتادة تحدثت هيام وهي تمسك بكوب العصير بين يديها متسائلة:
_ بقول لك إيه يا أمي هو مالك أخبار علاجه إيه في تقدم ولا هو لسه زي ما هو؟
كادت أن تجيبها والدتها إلا أنهم استمعوا لصوت مالك يدلف عليهم مرددا بتهكم وهو ينظر لأخته نظرة ذات مغزى:
-_وانتي مالك يا هيام تسألي عن علاجي،
ليه تدخلي أصلا في حاجة زي دي ؟
ثم وضع حقيبته واستطرد بحدة بالغة:
_ولا بتسألي علشان تروحي تبلغي الهانم اللي بتبلغيها كل اخباري وكأنها هي اللي أختك ومش أنا اللي اخوكي ،
إلا قولي لي يا هيام بتقبضي كام من ورا الشغلانة دي ،
نهال بتقبضك كويس ولا بتضحك عليكي ؟
أجابته متهكمة بكلمات خرجت من بين أسنانها باستنكار:
_إلزم حدودك وانت بتتكلم معايا يا مالك واعرف ان انت بتتكلم مع أختك الكبيرة،
يعني إيه بقبض كام !
هو
أنا محتاجة علشان تقولي الكلام ده ولا أنا أذيتك في إيه قبل كده علشان
تتعامل معايا بالبرود اللي بقالك كذا شهر بتتعامل معايا بيه ؟
واسترسلت بسخرية:
_ولا إنت كتر قعدتك مع العمال خلوك تتعامل مع أختك الكبيرة بقلة ذوق ؟
جلس بجانب والدته ونظر لها بعيون حادة كعيون الصقر قائلا:
_العمال اللي إنتي بتتكلمي عنهم دول أنضف ناس ،
شغالين بعرق جبينهم ومش فاضيين للقيل والقال اللي إنتي عايشة فيه، ده اولا ،
ثانيا أنا حذرتك قبل كده بدل المرة ألف مرة، عايزة تفضلي مكملة صحوبيتك مع نهال على عيني وعلى راسي ،
لكن من غير ما تنقلي لها أخباري أول بأول لأن أنا خلاص جبت اخري منك ،
المرة الجاية همنعك تدخلي هنا اصلا .
كادت أن تتحدث لولا والدته عبير أشارت إليهم ان يصمتوا مرددة بعتاب:
_كده يا ولاد بطني تعملوا كده وانا موجودة وعايشة على وش الدنيا ،
آمال لما أموت هتعملوا إيه في بعضكم إخص عليكم ،
ما كانش العشم يا مالك تطرد أختك من البيت في وجودي،
وما كانش العشم يا هيام تروحي للحرباية طليقته وتبلغيها أخباره على طول ،
اقعدوا انتوا الاتنين واستهدوا بالله أحسن والله العظيم اسيب لكم البيت ده خالص وامشي .
نظر مالك إلى والدته وتحدث باسف وهو يمسك كف يديها ويضع عليه قبلة ويمسك جبينها ويقبله :
_انا
آسف يا أمي ما تزعليش مني وحقك عليا إنتي عارفة إن البيت ده بيتك وأنا ما
اقدرش إن انا أتكلم وأقول مين يدخل ومين ما يدخلش حقك على راسي من فوق،
واسترسل بحزن بالغ:
_بس
أنا صعبان عليا نفسي إن أختي الوحيدة والمفروض ان هي الكبيرة بتاعتنا تقعد
مع طليقتي وتبلغها باللي بيحصل في حياتي وهي عارفة كويس هي عملت فيا إيه.
تنهدت والدته بتعب واحتضنته بشدة وأردفت قائلة بحنان بالغ:
_يا حبيبي ربنا يبعدها عنك ويكفيك شرها ويرزقها باللي يلهيها عنك ويرزقك إنت كمان ببنت الحلال اللي تسعدك ويشفيك يا ابن بطني .
واسترسلت متسائلة:
_بس ليه يا حبيبي افترضت إن أختك بتحكي لها كل أخبارك ما يمكن بتعرفها من حد تاني؟
قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعجبا:
_هي نهال هتجيب رقمي الخاص منين يا ماما محدش يعرفه خالص غيرك انتي ومازن وعلي صاحبي وهي كمان ،
أكيد ما فيش واحد منكم هيديها رقمي غيرها هي ،
ثم نظر الى أخته متسائلاً:
_صح الكلام ده ولا أنا غلطان يا هيام؟
فركت هيام يداها بتوتر وأجابت بزيف:
_والله يا مالك اتصلت بيا واتحايلت عليا اديها الرقم وقالت لي إنها عايزاك في شغل وانا كان نيتي خير ليك،
واسترسلت بدفاع:
_ليه ما تسامحهاش يا مالك نهال بتحبك جدا وندمت على كل اللي عملته معاك،
ليه ما تديهاش فرصة تانية وهي أحسن من غيرها على الاقل عارفة بظروفك وراضية بيها .
كاد مالك أن يعنفها بالكلام إلا أن والدته أشارت اليه بالسكوت لكي ترد بدلا عنه ونظرت إلى ابنتها نظرة غضب متحدثة باندهاش:
_انتي اتجننتي يا بت إنتي ولا جرى لمخك حاجة !
عايزاه
يرجع لها إزاي إنتي ناسية هي عملت فيه ايه اللي تبيع مره تبيع ألف مرة ودي
ما باعتش بس دي باعت ودمرت وهزمت اخوكي وسابته في عز شدته وكملت عليه
واسترسلت متسائلة باستنكار :
_وبعدين إنتي مالك اصلا يرجع لها ولا ما يرجعلهاش،
تدخلي في اللي ما لكيش فيه هو بيجي يتدخل في حياتك وفي خصوصياتك وفي ولادك مالك انتي وماله ،
هتستفادي
ايه يعني من الموضوع ده كله وعماله تحاربي علشانه وانا كل ده وساكته لك
لكن لحد هنا واستوب يا هيام انا اللي هقف لك بعد كده .
استشاطت هيام غضبا وقامت من مكانها بغضب قائلة:
_بقى كده يا ماما بتسمي خوفي على اخويا وعلى مصلحته واني عايزه ارجع له بيته ومراته تدخل في اللي ما ليش فيه،
واني عايزه مصلحة من وراه هتكون يعني ايه المصلحة اللي هستفادها من نهال شكرا قوي يا امي ،
ولم تنتظر رد والدتها واخذت حقيبتها وفرت من امامهم بعد ان جلدوها،
ثم نظرت عبير الى ابنها وهي تربت على ظهره مردده:
_معلش يا حبيبي مهما كان دي اختك الكبيره والوحيده استحملها علشان خاطر امك وانا ما سكتلهاش اهو،
بس
بالله عليك يا مالك اوعوا يا ابني الدنيا والزمن يفرقوكم في يوم من الايام
انا عشت طول عمري اكلكم من طبق واحد وما فرقتش بينكم ابدا ،
ومش عايزه الدنيا تفرقكم عن بعض،
كده
احس ان تعب السنين راح هدر واني ما أديتش الرساله كما ينبغي ان يكون وهحس
ان والدك مش مرتاح في تربته بسبب فرقتكم عن بعض يا ابني،
طمأنها مالك وهو يحتضنها:
_يا حبيبتي يا امي ما تقلقيش ولا تحطي في بالك انتي عارفه ان انا بطلع بطلع وبنزل على ما فيش ،
وان انا بحب اخواتي جدا اكتر من نفسي وما تقلقيش عمري ما هفكر افترق عنهم ابدا في يوم من الايام،
ودايما هعود نفسي اتحمل معاهم غلطاتهم واجي على نفسي علشان خاطر زعلك يا ست الكل .
_لا يا حبيب قلبي اوعى تيجي على نفسك ابدا علشان خاطر اي حد،
كل
اللي بطلبه منك ما تتفرقوش يعني عاقب وخاصم بس ما تزيدش في العقاب والخصام
علشان البعيد عن العين بعيد عن القلب ربنا يحفظكم لبعض يا ولاد عمري .
قالتها ام مالك بنصح وحنين لولدها الغالي .
واكملوا حديثهم ومالك يحاول ان يروي عن قلب والدته وينسيها ما حدث حتى لا تحزن
احيانا
نضطر ان نتنازل بعض الشيء حتى لا نحزن اغلى المقربين لقلوبنا لانهم هم
نفسهم تنازلوا الكثير من اجلنا اجل فلتنازل قليلا كي نعبر بسلام حروب
الحياه
______________________________
في منزل باهر الجمال مساء وبالتحديد في شقه زاهر
يجلس زاهر ممسكا بكوب من القهوة في يد وفي اليد الاخرى سيجاره المفضل منتظرا زوجته هند التي تحمم بناتها وتجعلهم يستعدوا للنوم ،
وممسكا بهاتفه يتصفح من خلاله الأكونت الخاص به الى ان تاتي وبعد نصف ساعه دخلت هند بمنظرها المزري وشعرها الأشعث كعادتها ،
نظر اليها زاهر بضيق متحدثا بتهكم :
_هي قرون الاستشعار دي هتنزل امتى يا ست هند مش هتبطلي بقى بهدله في شكلك وتهتمي بنفسك؟
كذا مره نبهتك على الحوار ده وأنتي ولا إنتي هنا !
واسترسل بسخرية:
_زي برده المنظر المقزز بتاع البيت اللي كل يوم ادخل الشقه والاقيها مبهدله ومش نظيفه وريحتها وحشه بالمنظر ده مش هتعدلي بقى .
تاففت هند بضيق واجابته بلا مبالاه:
_انت
مش هتبطل بقى اسلوبك ده في الكلام معايا وتركز في كل حاجه حواليك هو احنا
بنشوفك امتي اصلا انا والبنات غير الساعتين بتوع بالليل ،
واسترسلت بسخرية:
_ما
بتشوفش اخوك باهر اللي كل يوم ما يرضاش ياكل لقمه ولا يتغدى بره بعيد عن
مرات واولاده ولا احنا بنشوكك ومش قد المقام يا استاذ زاهر .
ضحك بسخريه على حديثها وردد قائلا:
_انتي تيجي ايه في ريم مرات باهر له حق طبعا يجي طاير يتغدى معاها ومع اولاده ست شاطره ونظيفه ومهتمه ببيتها وبولادها ،
بالرغم من ان ليها مهنة بتاخد من وقتها كتير،
اما إنتي ولا وراكي اي حاجه مهمله في نفسك وفي بيتك وفي بناتك وحذرتك بدل المره ميت مره
وخلاص انا جبت أخري منك انا راجل بحب أرجع بيتي بعد يوم شغل صعب الاقي مراتي في احسن صوره وبيتي هادي ومريح استريح فيه،
لكن انا ولا لاقي ده ولا لاقي ده لما اشوف اخرتها معاكي ايه ،
ويلا اتفضلي اطفي النور واخرجي بره عشان عايزه انام .
اجابته بعدم رضا:
_كل يوم خناق على التفاهات وتنكد عليا عيشتي ما اعرفش ليه شكل ما يكون ما فيش غير هند في الدنيا دي اللي واخده الهم كله ،
واكملت حديثها في الخارج دون ان يسمعها:
_تاتكم القرف رجاله تجيب الهم مش كفايه عليا خدمه بناتك اللي مطلعين روحي طول النهار لا وكمان بتتريق على كل حاجه
ونظرت حولها يمينا ويسارا مردده باستنكار:
_مالها
الشقه نظيفه وزي الفل ده جت على حبه الورق والهدوم المرمين في الارض دول
كل يوم يقرفني عليهم لما اروح اشوف لي اي حاجه اكلها بدل الهم ده،
وذهبت الى المطبخ لكي تنفس همها في طعامها ولا تلقي بال لحديث زوجها ولا يزعجها من الاساس لانها اعتادت عليه
_____________________________
نفس المنزل في شقه باهر الجمال
تتحدث ريم مع والدتها في الهاتف
ريم بابتسامه لوالدتها:
_ربنا يخليكي ليا يا امي ويديم صحتك عليكي يا رب،
صينيه النجرسكو اللي إنتي بعتها لي تحفه يا امي ولا الحمام خطير بجد بجد تسلمي لي .
اجابتها والدتها بابتسامه مماثله:
_انا قلت ابعت لك الأكل اللي إنتي بتحبيه علشان انتي ما اكلتيش معانا لما كانت اختك موجوده،
وبرده
عشان اصالحك على زهقي عليكي لما جيتي معلش يا حبيبه قلبي إنتي عارفاني بحب
اجمعكم كلكم مع بعض بحس الفرحه مش سايعالي وانتم كلكم حواليا .
ريم باحترام لوالدتها:
_انا عمري ما ازعل منك ابدا يا امي مهما عملتي ده إنتي احن أم في الدنيا ،
بس إنتي عارفه طبيعه شغلي ايه ،
حتى لو كان التصميم بالنسبه لي هوايه بس انا واخده تحدي مع نفسي اني اتقدم فيه كل يوم خطوات عن اليوم اللي قبله،
واسترسلت بدهاء كي تكسب والدتها:
_وانتي عارفه ان احنا كلنا طالعين لك في الحكايه دي لازم الحاجه اللي بنعملها تطلع من تحت ايدينا مظبوطه وما فيهاش غلطه،
وعودتينا برده ان احنا نبقى توب في مجالاتنا علشان خاطر نفضل طول عمرنا مميزين في كل حاجه
يسلم لي دعمك ليا وحنانك عليا يا ست الكل،
واستمرا في حديثهما الى ان انهت ريم المكالمه بعد رجوع زوجها باهر من العمل،
دخل باهر غرفته ووجدها تتحدث مع والدتها ابدل ملابسه بهدوء وانتظرها حتى انهت مكالماتها وسالها:
_ فين الاولاد يا حبيبتي مش سامع لهم صوت؟
ابتسمت له واجابته برقه:
_الاولاد ناموا من ساعتين انت عارف عمر عنده حضانة وياسين نومه متقطع .
واسترسلت بتساؤل:
_تحب احضر لك العشا دلوقتي .
أجابها باهر متمنعا:
_لا يا حبيبتي خليكي مرتاحه انا مش قادر اكل حاجه خالص من ساعه الغدا لو انت عايزه تتعشي روحي وانا هستناكي .
ريم بابتسامه:
_انت عارف انا مش بتعشى اصلا لان الاكل بالليل بيعمل لي حموضه على صدري،
ثم توترت قبل ان تبدا حديثها معه التي تعد له منذ ايام واجلته عدد من المرات ولكن اخذت نفسا عميقا وقررت ان تفاتحه:
_بقول لك ايه يا حبيبي عايزه اتكلم معاك في موضوع مهم ممكن؟
ضيقه باهر عينيه واجابها بصدر رحب:
_ممكن طبعا يا حبيبتي انتي اصلا ما تستاذنيش تتكلمي على طول .
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
_انا لي عتاب عندك وزعلانه منك بسبب كلامك اللي قلته قدام بابا وماما واخواتي عن شغلي في التصاميم .
ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي ملامحه :
_كلام ايه اللي انا قلته عن التصاميم يا ريم مخليكي زعلانه كده وشايله مني انا عمري قلت حاجه تزعلك اصلا قدام اي حد ؟
تحدثت بهدوء كي لا يبدأوا مناقشتهم بجدال سئ:
_طبعا ليك حق ما تفتكرش لان الكلام اللي قلته ده اللي انت بتقوله لي على طول وحابب توصله لي بس انا ليا كيان وحلم وعايزه احققه،
ومن حقي عليك انك تتناقش معايا فيه بهدوء من غير زعل .
استغرب بشده لحديثها وردد:
_طيب انا وقفت قصاد حلمك ولا منعتك من هوايتك اللي انت بتحبيها بالعكس انا دايما بدعمك برايي وبشجعك تكملي .
نطقت ريم بصراحه كي تنهي هذا الامر بلا رجعه:
_بصراحه يا باهر المصنع اللي انا ببعت له التصاميم كلمني كذا مره اني اشتغل في المصنع معاهم وجها لوجه وهيدوني مرتب كويس جدا،
وقبل ان تكمل حديثها قاطعها:
_انتي عايزه تخرجي تشتغلي في مصانع وتتعاملي مع رجاله!
ما كانش ده اتفاقنا من الاول يا ريم ،
واسترسل بتهكم:
_وبعدين مرتب ايه اللي إنتي محتاجاه انتي عايزه تروحي تشتغلي في المصنع علشان خاطر المرتب ،
طب ما انا مستعد اديكي المرتب ده بس تقعدي في بيتك معززه مكرمه وما تسمحيش لحد يتحكم فيكي عشان حبه فلوس .
اتسعت ملامحها بذهول لعدم فهم زوجها مغزى حديثها واردفت بجدية:
_هو انت مفكرني عايزه اروح اشتغل في المصنع علشان خاطر المرتب ولا علشان خاطر الفلوس؟!
انا بصراحه كده شايفه اني بدفن نفسي وتصاميمي اللي انا شايفاها انها تستحق تبقى براندات عالميه في شغل الأون لاين،
اللي زيي كان زمان دلوقتي عندها اتيليه ومشغل بسيط وعامله مشروع صغير تحقق فيه حلمها،
بس انا ما طلبتش منك كل ده كل اللي انا طالباه اني اشتغل ،
انا حاسه ان انا مخنوقه من روتين الحياه اللي انا عايشاه .
انزعج بشده من حديثها ولاول مره يعلو صوته عليها مرددا بحده:
_يعني انا يا ست ريم هانم خانقك وقافل عليكي!
ما انا حياتي كلها انتم وشاغل نفسي بيكم اكتر من اي حد وبحاول بقدر الامكان اني اخرجك انتي والاولاد وقت ما اكون انا فاضي .
اشارت ريم بسبابتها في وجهه:
_لو سمحت يا باهر ما تعليش صوتك عليا انت عارف اني ما بحبش الصوت العالي،
وعلى فكره اللي انا بطلبه منك ده حقي لا الدين ولا الشرع منع الست انها تشتغل وتحقق حلمها طالما مش هتقصر في بيتها ،
ثم ربعت يديها واكملت بتاكيد:
_وبصراحه كده انا مصممه ان انا انزل اشتغل ويبقى ليا هدف اسعى علشانه .
استشاط غضبا واجابها بصوت عالي اكثر من ذي قبل:
_هو الشرع حلل يا ست هانم ان الست ما تسمعش كلام جوزها او تخالف اوامره شرع ايه ده اللي انت بتتكلمي عنه،
وخلاصه الكلام يا ريم شغل ما فيش شغل انسي .
_تمام ياباهر يا نوصل لحل مرضي يا اما اتصل ببابا وماما يجوا يحلوا معانا المشكله دي،
قالتها ريم بتصميم.
انصدم مما سمع لتوه وتوجع من حديثها وأردف بهدوء ما يسبق العاصفه:
_من امتى يا هانم واحنا بندخل حد في مشاكلنا من امتى خرجنا سر بيتنا بره وحد سمع بينا !
واستطرد بغضب شديد:
_قفلي الحوار ده وما تتكلميش فيه تاني لان انا اديت امري وخلاص .
_لا يا باهر انا مش شغاله عندك انا هنا مراتك وشريكتك في حياتنا ، وأنا مش جرسون شغال عندكم في المطعم علشان تدي له اوامر ويسمعها،
انا بني ادمه ليها راي والمفروض تحترمه .
قالتها ريم بتصميم أكثر .
اجابها باهر وهو ينهي الامر:
_تمام كده يا هنا اختاري يا بيتك واولادك يا الشغل
انصدمت ريم من مقارنته وانهائه للامر بينهم بتلك البساطه ورددت بعناد:
_خليك فاكر يا باهر ان انا اللي ما حطتش المقارنه دي،
وانا هختار الشغل وولادي طالما الانانيه وحب الذات وصلت عندك للدرجه دي !
انصدم الاخر من حديثها ككل وجلس على على تخته وهو يضع راسه بين يديه مرددا:
_عمري ما كنت اتخيل ان المناقشه ما بيني وبينك توصل للدرجه دي!
عمري ما كنت اتخيل ان انتي تهدي بيتنا بسهوله دي وان إنتي تختاري الشغل على باهر !
بجد انا انصدمت فيكي صدمه عمري .
ثم أمرها ان تخرج من الغرفه وتتركه وحده،
كادت
ان تتراجع وترتمي تحت قدميه وتتاسف له الا انها رات ان من حقها العمل
وتحقيق الذات فغادرت الغرفه بسرعه اما هو فارتمى على تخته مغمضا عينيه بوجع
وانتهت تلك الليله محمله بالاثقال على قلوبهم واتى الصباح محملا بعلم الغيب،
استيقظت
واستغربت بشده ان باهر نائم الى الان ولم يذهب الى عمله ولكن استنتجت انه
مهموم من حديث الامس مثلها ولم ينم الا متاخرا من الليل فتركته يستريح
وينام،
انشغلت هي بمتطلبات اولادها ومنزلها ،
حتي فات من الوقت عده ساعات وباهر كما هو نائم،
انشغل قلبها وعقلها عليه بسبب ساعات النوم الكثيره التي نامها باهر وقررت ان تدلف الى الغرفه لكي توقظه،
دقت على الباب قبل ان تدخل كعادتها ولكن لم تجد ردا ففتحت الباب ودخلت ونادت عليه:
_ باهر باهر قوم احنا قربنا على العصر ،
باهر ، باهر مبتردش عليا ليا .