رواية الشيطان المتملك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ياسمين عزيز
الفصل الواحد و الثلاثون
:"تعالي يا حبيبتي زمانك جعتي... انا جبتلك كل
الأكلات اللي بتحبيها و عملتلك العصير داه بأيدي...
بس مكانش في داعي تتعبي نفسك انا مش جعانة
جعدت كاريمان ملامحها بانزعاج قبل أن تهتف
برفض :"ميصحش كده إنت لازم تاكلي و تتغذي
عشانك و عشان الي في بطنك كمان...
ليليان بلوم :"ارجوكي يا طنط وطي صوتك
لأحسن حد يسمعك...
كاريمان بتأفف :" أنا مش فاهمة لازمتها إيه تخبي
حاجة مهمة زي دي...دي العيلة كلها مستنية
الحفيد داه بفارغ الصبر ليه تحرمينا من الفرحة
دي؟؟
مسحت ليليان دموعها بسرعة قبل أن تراها
كاريمان قبل أن تقول بصوت جاهدت لكي يخرج طبيعيا :" بعد ما أيهم يطلقني حبقى أعلن الخبر داه... انا لو لا حضرتك شفتيني مكنتش حقلك كمان.....
وضعت ليليان الصينية فوق ساقيها و هي تقول
بتشجيع محاولة تغيير الموضوع حتى لا تزيد
من حزنها قائلة بحماس :" طيب يا حبيبتي
إعملي اللي يريحك و دلوقتي لازم تاكلي
عشان النونو باين عليه جعان و لازم يتغذى".
إغتصبت إبتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن
تنظر لزوجة عمها اللطيفة التي ما فتئت تساندها
منذ تلك الليلة....
نزل شاهين الدرج بخطوات مسرعة متجها نحو
غرفة والدته.... دخل دون أن يطرق الباب ليجدها
في شرفة غرفتها تسقي نباتاتها المفضلة التي
زرعتها في أصص صغيرة و تضعها فوق سور الشرفة القصير....
وضعت المرش من يديها على الأرضية عندما
رأت إبنها يدخل الغرفة بوجه متجهم....
إنحنى ليجلس على ركبتيه أمامها و يضع
رأسه في حجرها متمتما بصوت حزين :"بتكرهني
يا أمي.... بتكرهني لدرجة إنها عاوزة تموت
إبننا مش عاوزة حاجة تربطها بيا... مش عاوزاني
مش عاوزاني...
صمت قليلا ليتنفس بعنف قبل أن يكمل بنبرة
ضعيفة غريبة عنه :" بحبها و الله العظيم بحبها
أنا تغيرت عشانها، تغيرت بس عشانها... انا ليه
حظي كده ليه؟؟ ليه كل ما إحب واحدة
تغدرني مش من حقي أحب و أتحب زي بقية
الناس..... للدرجة دي وحش و ما أستحقش
لو تشوفي انا تغيرت إزاي عشانها... بقيت زي
الطفل الصغير بفرح بأي كلمة منها...بفكر فيها
في كل لحظة حتى لما أكون بعيد عنها ببقى بعد
الساعات و الدقائق عشان أرجع لحضنها.... في
الليل بقيت بصحي من النوم عشان أتأكد إنها
جنبي و إنها حقيقة مش حلم جميل و حصحى
منه.....
رفع شاهين رأسه لينظر لوجه والدته التي كانت
تطالعه بحزن و أسف ظاهر على إنكساره و ضعفه
الذي لا يبينه لأحد غيرها...
إستأنف حديثه من جديد بصوت متحشرج:" اول مرة في حياتي بحس بالعجز.. مش عارف أتصرف إزاي
مقدرش اجبرها على حاجة هي مش عاوزاها بس كمان مقدرش أخسرها.... هي بقت روحي و حياتي
الهوا اللي بتنفسه..... انا مش عارف انا إزاي او إمتى
حبيتها كده بس كل اللي عارفه إني مش متخيل
حياتي من غيرها.. إنت و فادي و هي و البيبي
الصغير اللي جاي في السكة اهم ناس في حياتي
بس هي عاوزة تحرمني منها و منه...بتهددني
حتقتل نفسها لو مطلقتهاش.. عاوزة تسيبني
يا أمي...قوليلها متعملش كده هي بتحبك و أكيد حتسمع كلامك... ارجوكي يا ماما ارجوكي
بدأ يتمتم بهذيان و هو ينظر لوالدته باستعطاف
لتحيط ثريا وجهه بيديها قائلة بصوت حنون
يبعث الدفئ و الطمئنينة بداخله:"ششش
إهدى يا حبيبي إهدى....كاميليا متقدرش تعمل
كده دي متقدرش تأذي نملة حتقتل إبنها... دي
كانت بتقول كده عشان مصدومة بالخبر....
كاميليا حنينة و طيبة و لايمكن تعمل حاجة
وحشة زي دي... إهدى و كل حاجة حتتصلح
اصبر شوية و حتشوف بنفسك هي كمان
محتاجة وقت عشان تسامحك إنت كمان
متنساش إن اللي عملته فيها مكانش شوية....
زي ما جرحتها لازم تداويها.. و عشان ترجعها لحضنك لازم تكون صبور....
أومأ لها بإيجاب و قد لمعت عيناه بفرح بسبب
تأثير كلام والدته الذي كان كالبلسم الشافي
قبلت ثريا جبينه بلطف و هي تختم كلامها
بمرح :"فادي حيفرح أوي عشان حيكون عنده
اخ يلعب معاه..."
شاهين :"صح إنشاء الله حيبقى عنده اخوات
كثير...بس ربنا يهدي المجنونة اللي فوق دي
عشان هدت حيلي".
ثريا بضحك :"آمين...
شاهين و هو يقبل يديها الاثنتين هامسا بامتنان
:" شكرا ليكي يا ست الكل مش عارف من غيرك
كنت حعمل إيه...
منتصف الليل.....
صعد شاهين الدرج بخطوات متثاقلةنحو غرفته بعد أن أمضى بقية وقته في المكتب و إكتفي بسؤال
زينب عن كاميليا من حين لآخر.
فتح الباب ببطئ و حذر حتى لا يزعجها ثم
مشى باتجاه السرير بهدوء ليجلس على حافته
مد يده بتردد ليدثرها بالغطاء جيدا قبل أن يتوجه
نحو غرفة الملابس ليغير ثيابه و يخرج ليندس
بجانبها تحت الغطاء تاركا مسافة بينهما حتى
لا يزعجها...
تمدد على ظهره ليحدق في سقف الغرفة بشرود
بعد أن جافاه النوم....منذ ساعات و هو يحاول
التفكير في حل أو طريقة تجعلها تتراجع عن
قرارها ليهديه تفكيره أخيرا إلى الاتصال غدا
صباحا بوالدتهاو إخبارها بكل شيئ.
أعاده صوتها الهادئ من شروده عندما سمعها
تقول بصوت هامس :" أنا عاوزة بنت".
إلتفت إليها و على وجهه علامات الحيرة....لم
يصدق ما تسمعه أذناه او تراه عيناه كانت مستندة
على ظهر السرير و تضع يدها على بطنها تحسسها
برفق.. تساءل في داخله كيف تحركت بجانبه
و لم يشعر بها الهذه الدرجة كان غارقا في تفكيره
واصلت كاميليا كلامها دون أن تنظر إليه :" أنا
إللي حسميها وانا اللي حختار لبسها و انا
اللي حهتم بيها بنفسي و مش حسمح لحد يلمسها
او يلعب معاها غير طنط ثريا او فادي.....
تنهد شاهين بصوت مسموع و هو يبتسم
على هذه المجنونة التي سيموت بسببها
ذات يوم...رفع جسده قليلا ليجلس على
السرير مثلها و هو يشعر و كأن صخرة عملاقة
قد إنزاحت من على صدره لتعود له أنفاسه
من جديد قائلا بتسلية:"طيب و أنا مليش أي حق فيها دي مهما كان بنتي ؟؟؟
نظرت له بحنق قبل أن تنفي برأسها :" لا
ملكش دعوة بيها دي بنتي أنا و بس....
اجابها بمسايرة :"طيب عاوزة تسميها إيه؟؟؟
هزت كتفيها بلامبالاة قبل أن تجيبه :" مش
عارفة... في دماغي أسامي كثيرة بس لسه
مقررتش ".
شاهين بهمهمة :"طيب نامي دلوقتي عشان
بكرة الصبح لازم نروح المستشفى".
كاميليا بنفي :" لا مش عاوزة انام انا جعانة....
رمش شاهين قليلا بعينيه قبل أن يبعد الغطاء عنه قائلا :" طيب حنزل أجيبلك حاجة تاكليها......
كاميليا بجدية :" لا انا نفسي في بيتزا و إنت اللي
تعملها....
شاهين باستغراب:"حطلبلك دلفري احسن...
كاميليا باصرار:"لا مش عاوزة دلفري... انا عاوزاك
إنت اللي تعملها....
شاهين :"بتتكلمي جد...
كاميليا :" أيوا داه إسمه وحم يعني مش ذنبي
لو طلبت من حضرتك طلبات غريبة كده.....
شاهين و هو يقف من مكانه متمتما بحنق :"ما انا
عارف إنه زفت وحم بس مكنتش عارف إنه كله حيقع على دماغي انا....و على فكرة انا معرفش
اعمل بيتزا....
جذبت كاميليا روبها من فوق الاريكة لترتديها
فوق ملابسها و هي تجيبه :" ما انا عارفة عشان
كده حنزل معاك.... إسبقني إنت بس على
المطبخ و انا حلبس حاجة ثقيلة و ألحقك....
شاهين برجاء أخير :" طيب مينفعش نطلب
دلفري و بكرة اعملك البيتزا اللي إنت عاوزاها.....
تجاهلته كاميليا لتسير نحو غرفة الملابس و هي تمتم في سرها :"و هو إنت لسه شفت حاجة
داه حخليك تقول حقي برقبتي...مش عاوز فرصة
ثانية إشبع بقى... يا انا يا إنت يا شيطان ".
بعد دقائق عديدة كان شاهين يجلس على طاولة
المطبخ و هو يراقب بذهول كاميليا التي كانت تعلمه
طريقة صنع للبيتزا.
قهقه بسعادة للمرة الالف و هو يتعمد وضع المقادير
بطريقة خاطئة حتى يشاكسها و يتمتع برؤية ملامحها اللذيذة الحانقة حامدا الله في سره
عدة مرات على مرور تلك الغيمة السوداء التي
كادت تدمر حياته من جديد.
يتبع