رواية بين الحقيقة والسراب الفصل السادس والعشرون 26 بقلم فاطيما يوسف
مر
أسبوعان علي تلك الأحداث واليوم موعد كتب كتاب مالك وريم ، وبالتحديد في
يخت مالك الجوهري حيث كان الجميع يقفون تعتلي وجوههم الابتسامة وذلك
لاستقرار ريم النفسي اخيرا ،
اما
هي فكان مالك مخصصا لها غرفة في اليخت كي تستعد فيها لأهم يوم في حياته
بالتحديد فطيلة الأسبوعين الماضيين كان يحادثها ليلا ونهارا وجعلها تحت
أنظاره الى أن اعتاد كل منهما على الآخر وزادت العلاقة بينهم وُدًّا ،
انتهت ريم من وضع بعض لمسات التجميل البسيطة فأخذتها أختها بين أحضانها
قائلة :
_بسم الله ما شاء الله جميلة يا حبيبتي ربنا يوفقك في حياتك ويكتب لك فيها الخير ويبعد عنك الأذى والشر يا رب .
وفريدة أيضا قامت باحتضانها وعينيها تلمع دمعا قائلة:
_ألف مبروك يا قلب ماما ربنا يتمم لك بخير وبإذن الله تعيشي سعيدة ومتهنية وربنا يبعد الحزن عن قلبك وما تشوفيهوش تاني يا حبيبتي .
شددت من احتضان والدتها مرددة وهي تربت بيدها على ظهرها:
_ الله يبارك فيكي يا أمي ما انحرمش منك ولا من وجودك جنبي يا أحن وأجمل أم في الدنيا بحالها .
اما
مريم كانت واقفة بينهم وهي تشعر بإحساس الأهل والعزوة التي افتقدته طيلة
عمرها فكم كان المشهد لها رائعًا وحمدت ربها داخلها أنه من عليها بتلك
النعم العظيمة والتي بمثابة حياه كلها اطمئنان وراحة لو شكرته سبحانه عليها
ما كفى عمرها بأكمل فكم من نعم محاطة بنا ولا ندري بها وغيرنا محروم منها
ويشتهيها ،ومدت يدها تصافحها وتبارك لها بحب نابع من قلبها الجميل:
_ألف
مبروك يا حبيبتي بجد يا ريم طالعة زي القمر طول عمرك اصلا رقيقة وقلبك طيب
علشان كده تستاهلي خير ربنا يكمل فرحتك على خير يا قلبي .
لم تبادلها ريم المصافحة بل شدتها إلي أحضانها مرددة باحساس أخوى تشعر به تجاهها حقيقة قائلة بابتسامة:
_ حبيبتي يامريومة ويبارك فيكى ياقلبي وعقبالك وهعمل لك فستان فرح تتحاكى بيه اسكندرية بحالها ،
واسترسلت حديثها وهى تخرجها من أحضانها مكملة بحب :
_ ده إنتي أختى الصغيرة وهتتجوزي الغالي بتاعنا، منحرمش منك ياجميلة.
تحدثت فريدة وهي تدير ريم حول نفسها بانبهار :
_ بجد طلتك ساحرة ياريم ، ده إنتي خطفتى قلبي ، ياعيني عليك يامالك من عيونك لما تشوف الرقة والجمال والدلال .
أكملت راندا مشاغبتها :
_ بجد قلبي عندك يامالك ده إحنا أخواتها وعايشين معاها انبهرنا من جمالها.
مطت ريم شفتيها وهتفت باستنكار مصطنع:
_ الله انتو بتتريقوا عليا ولا ايه ، مش للدرجة دي يعنى ، مكانش رتوش مكياج بسيطة خليتكم تأفوروا كدة .
هنا تحدثت مريم بانبهار مثلهم :
_ لاااا والله ياريما كلامهم بجد علشان إنتي مش بتحطي ميكب خالص فباين عليكى الاختلاف تماما ، بس بجد قمر ١٤ مفيش كلام.
أومأت بأهدابها برقة اعتادت عليها وأردفت بامتنان:
_ تسلمولي ياحبابيي وربنا مايحرمنى من دعمكم ليا ولا من وقفتكم جمبي .
وظلوا
يتحدثون إلي أن استمعوا أصوات الصفير الآتية من الخارج وماهي إلا من رحيم
ومروان شقيق مالك فقد تعرفوا عليه حينما عزمهم جميل قبل ذالك ، دقات قلب
ريم ارتفعت وسار وجهها يشع بالإحمرار لمجرد سماعها بوجوده في الخارج ،
واعتلت وتيرتها وتنفسها صار صعباً من شدة توترها وخجلها ،
أما
ذاك المالك الذي صعد اليخت بطلته الخاطفة للأنظار وشياكته المعتادة في
حلته السوداء والتى كانت عباره عن قميصاً باللون الأسود ويعتليه جاكتا من
اللون الأسود لأنه يعشق ذاك اللون وحقا يليق عليه ، ينظر حوله كي تتمتع
عيناه برؤياه وتهدأ دقات قلبه ولكن تحطمت أماله وعرف أنها في الداخل ،
ابتدأت مراسم كتب الكتاب في جو تزيده السعادة بعد أن سلم مالك على الجميع
وبدأ المأذون بإتمام العقد ،
في
نفس المكان كانت أعين مروان تمشط المكان يبحث عن تلك الصغيرة التى شغلته من
أول وهلة رآها فيها قبل ذلك ، انها تلك السما التى حيرته في أمرها يشعر
أنه رآها قبل ذلك ولكن لم يدرك التعرف عليها جيدا ، وفي لحظة مرت من أمامه
فأغمض عيناه وقد توغلت رائحة البريفيوم الخاصة بها أنفه فتحدث هائما وهو
مغمض العينين:
_ الله على ريحتك الجميلة اللى تدوب ياصبى ياصغير .
كانت
أعين إيهاب تتابعها منذ البداية وللحظ رأى مروان ونظراته وشعر أنه يشبه
عليها ، فكان منتبها معه بشدة ولاحظ حركته تلك عندما مرت من أمامه واستنتج
الكلمات التى نطقها بفاهه فهو أب غيور جداً على ابنته وتوعد داخله لذاك
المروان ،
انتهى المأذون من إتمام
الزواج بعد أن أدخلوا الدفتر لريم كى تدون إمضائها على العقد لأنها خجلت
بشدة ورفضت أن تخرج إليهم وكأنها أول مرة لها ولكن ريم من طبعها الخجل
الشديد ، أما هو أحب خجلها فهو لم يحبذ أن يراها رجلا من الموجودين غيره
حتى لو كانوا محارمها ،
فأخذه جميل ودخل به إلي ابنته
وذهب إليها جميل أولا وأخذها بين أحضانه وهو يتحرك بها يميناً ويساراً ، من
شدة فرحته بابنته الصغيرة ، ثم أخرجها من أحضانه وقبل جبهتها تحت أنظار
ذلك الواقف الذي لم يعد يتحمل الصبر علي أخذها بين راحتيه أكثر من ذلك ولكن
هدأ من حاله وتبدل إحساسه بالفخر لذاك الجميل الرائع الذي يحتضن ابنته بحب
،
أما جميل أخرجها من أحضانه وقبل جبهتها مرددا:
_
قلبي والصغير بتاعى واللى رحلته كانت صعبة على سِنّهُ ، بس بفضل ربنا
وبفضل دعواتي أنا ووالدتك ورضانا عليكى ياحبيبتي عديتي معركتك بخير وسلام ،
ربنا يوفقك في حياتك ويبعد عنك العيون الوحشة ومن كل قلبي بقولك قلبي راضى
عنك يابنتى .
التمع الدمع في عينيها وتحدثت وهي تقبل يداه بحب :
_ لولاك بعد ربنا ياحبيبي مكنتش اتخطيت أسوء أيام عمرى ، انت بجد أعظم بابا وهدية ربنا لينا .
تمسك بيدها بحب وهو يسلمها ليد مالك قائلا له :
_
مش هوصيك عليها يامالك يابنى ، ولادي كلهم غلاوتهم كوم وهي كوم تانى خالص ،
دي ليها حتة في قلبي محدش يجي جنبها ، متزعلهاش ولو حتى هى زعلتك متزعلهاش
وتعالى احكي لي وأنا هعرف أتعامل معاها مش هوصيك تانى .
ابتسم ذاك العاشق وردد بحب جارف وهو ينظر داخل عيناها :
_ هو أنا أقدر أزعلها دي مش حتة من قلبي دى قلبي كله وفوقيهم دقاته .
كانت عبير تقف معهم في نفس الغرفة ثم اقتربت منها وصافحتها بود وهي تبارك لها ، جذبتها ريم داخل أحضانها مرددة بوقار :
__ الله يبارك فيكي يا أمي ومنحرمش منك أبدا.
ابتسمت عبير لتلك الراقية في حديثها وربتت علي ظهرها بحنو :
_
ولا منك يابنتي ، إنتي خلاص بقيتى في معزة ولادي بالظبط ، ومش عايزة
أوصيكى بقى على ابن قلبى وعمرى والله يابنتى ماهتلاقي أطيب ولا أجدع ولا
هتلاقي حد بيحبك قده ربنا يبارك لكم في بعض يارب .
ابتسمت ريم وتحدثت بطمئنه لها:
_ولا يحرمنا منك يا ست الكل وما تقلقيش مالك في عيني الاتنين .
استئذنت منهم وخرجت وتوالت هتافات المباركات عليهم ثم خرجوا من المكان ليتركوا لهم مساحة لفرحتهم ببعضهم ،
كان واقفاً أمامها مسحورا بجمالها وقبل أن يقترب منها حدثتها عيناه :
_
انتظرتك عمراً بأكمله وحلمت ليالي كثيرة بلقاكي ، ظننت أن مامضى من سنينى
بعذاب أيامى أن لن أجبر ولكن عدالة السماء أبهرتنى برؤياكى ، تعى حبيبتي
الي أحضانى كى تسمعي دقات ذاك القلب في حضرتك ياملاكي ، ولكن تمهلى علي
عاشق متيم انتظر عمرا يتمناكى ،
اقترب منها وهو متلهفا لمجرد لمسة من يدها ، أما هى لم تقوى على أن تنظر إليه ولم تستطيع أن ترفع عينيها كي ترى عينيه ،
فتحدث هامسا:
_ ريما ، ارفعي راسك عايز أشوف عيونك .
لم تستجيب لهمسه ولم ترفع عيناها فاقترب منها ورفع وجهها إليه وأجبرها على النظر في عينيه مرددا بوله :
_ ألف مبروك علينا ، نورتى دنيتى ولأول مرة بقولها من قلبي واحساسي بحبك لاااااا بعشقك ياقلب مالك .
ارتفعت دقات قلبها بوتيرة عالية وأردفت بنفس همسه :
_ الله يبارك فيك يامالك .
ردد بتيهة:
_ طب ايه مش نفسك ايدك تلمس ايد مالك وتحسي بإحتواء أول لمسة وتسلمي عليا.
أنهى
كلامه ومد يداه إليها والتقط كلتا يداها بين راحتيه ، أحست برعشة خفيفة
اجتاحت جسدها فلمسته رائعة وتملكه لها جعلها تشعر بالأنس من مجرد لمسة يد ،
أما هو أكمل بعيناي تنطق عشقاً:
_
يااااااه ياريما ده إنتي قربك له لذة تانية خالص مختلفة ، رقتك بتسحرنى ،
هدوئك بيخطفنى ، جمالك البرئ بيشدني وبيطالبنى إني أقرب أكتر بس خايف عليكى
من جيوش اشتياقي ليكى ياعمرى .
كم كان بارعاً فى وصف إحساسه وكم كانت هائمة في همساته ولمساته ، وأومأت بخفوت:
_ ياه ده انتي بتحبنى أوووي لدرجة خلتنى مش مصدقة نفسي اني محتاجة قربك .
ارتفعت
دقات قلبه من مجرد كلمة قالتها واختطفها إلي أحضانه كى يعبر لها عن مدى
إحساسه بحبه لها ، فكانوا حقا رائعين في لقائهم الراقى ،
تركهم الجميع وانصرفوا كل الي وجهته ،
أخرجها من أحضانه مرددا بهيام:
_ طيب ايه بقي هتفضلي بحجابك كدة كتييير ولا ايه ؟
وبغمزة من عيناه ردد ماكرا:
_ عايز أشوف شعرك مش خلاص بقيت جوزك ياقلب مالك .
بتلقائية وضعت يدها على رأسها ورددت بعيون تتهرب منه :
_ ايه ده أنا همشى احنا متفقين هنكتب الكتاب وتسيبنى فترة ناخد على بعض .
تركها وذهب ناحية الباب وأحكم إغلاقه بالمفتاح ورماه إلي أعلي الدولاب الموجود في الغرفة ، اتسعت مقلتيها من حركته وأردفت بذهول :
_ ايه ده انت ازاي تعمل كدة ؟
أجابها بمشاغبة:
_ عملت ايه يعنى ؟
ذهبت ناحية الباب تحاول فتحه وتحدثت باستنكار:
_ إنت هتخلف وعدك معايا ولا إيه متفقناش على كدة من أولها ،
وتابعت وهى تنهره على فعلته :
_ إنت متعرفش إن المؤمنون عند شروطهم ولا ايه ؟
انفرجت أساريره وأردف مكملا حديثها:
_ طيب ماتكملي الحديث ياقطة " إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا .
أشاحت بيديها وسألته:
_أه تمام فين المشكلة بقي ؟
جذبها إلي أحضانه وهو يحاصرها بكلتا يداه :
_ إزاي بقي ؟ في واحدة تسيب جوزها اللى طلعت عينيه عقبال ما كتبوا الكتاب وتقولوا إحنا متفقين !
وتابع بغمزة من عيناه:
_ بذمتك كدة مش بتحرمى الحلال ، ده أنا مستنى اللحظة دي من بقالي كتير وفي أحلامك ياريم هانم إنك تخرجي برة حضنى النهاردة،
وتابع بمشاغبة:
_ وبعدين ده إنتي لسه قايلة لماما ده مالك في عينى الاتنين ، ولا هو مجرد كلام وخلاص.
أحست
بتوتر أعصابها وهي بين يداه فتملكه الشديد لها جعل جميع جسدها يتحرك
عشوائياً وهى تتململ بين يداه كى تهرب من حصاره ، ولكنها لم تستطيع فكان
محكماً الإمساك به ، ثم بحركة عفوية منه نزع عنها حجاب رأسها وانسدل شعرها
وراء ظهرها تلقائيا ، وهبطت خصلاته علي عينيها ،
نظر
إليها منبهرا بجمالها فحقا الاحتشام يدارى جواهر ثمينة وها هو فاز بجوهرته
اللامعة أمامه ، وردد وهو يزيل خصلات شعرها من على عينيها ويضعها خلف
أذنها بوله:
_ ياه ده أنا باينى دخلت الجنة ونعيمها وبين ايديا واحدة من الحور العين ،
وتابع ولهه بها:
_ اتكلمى وفوقينى علشان أحس إني لسه فى الدنيا وانك حقيقة مش حلم ياقلبى .
اعتلت
دقات قلبها بشدة من نظراته وهمساته ولمساته وابتلعت أنفاسها بصعوبة خجلاً ،
فهى لم تعد حالها للقاؤه فقد فاجأها ، وأومأت بخفوت:
_ طيب ممكن تفتح الباب وكفايه كدة أنا أعصابي مش مستحملة ، وكمان مهيئتش نفسي لأننا نتمم جوازنا النهاردة.
ثبت رأسها بكلتا يداها ناطقاً بعشق نابع من عيناه :
_
لما إنتي طالعة مبهرة كدة وانتى مش مستعدة أمال لما تستعدي هتعملي فيا ايه
، لااا خفي على مالك ياقلب مالك والنهاردة مش هتطلعى برة حضنى وكفاية كلام
بقي .
احتضنها بحب جارف وتاه معها في عالمهم الخاص واخيرا التقي العاشق مع معذبته في أولى جولات العشق والغرام.
_________________________________
انتهى اليوم وأتى الصباح محملاً بالتفاؤل والأمل في قلوب أبطالنا ،
في فيلا إيهاب حيث استيقظ ووجد ابنته تجلس في الحديقة بشرود ، أخذ حماما دافئا وأدي فريضة الضحى وذهب الي ابنته ،
ربت على ظهرها من الخلف ثم احتضن رأسها وقبلها من جبهتها وجلس أمامها مرددا بابتسامة:
_ صباح الخير على البرنسيسة سما الجميلة ،
وتابع باستفسار:
_ مش عوايدك تصحى بدرى يعنى ده إنتي بتصحى على بعد الضهر كل يوم ؟
ردت صباحه بابتسامة وأجابته:
_ قلقت من نومى ومعرفتش أنام تانى فقلت أقعد في الجنينة شوية على ماتصحوا ونفطر مع بعض كلنا .
أمسك يداها وتحدث بحب:
_ طيب ممكن بابي يقعد معاكي شوية نتكلم مع بعض ، وحشتني قعدتنا مع بعض من أخر مرة لوحدنا .
ابتسمت عيناها بحب لاهتمام والدها بها منذ رجوعه إليهم فهو دائماً يتقرب منها ولا يدعها تحزن أو تتوه بشرود وأمائت برأسها بموافقة:
_ أنا أطول أقعد مع بابي حبيبي لوحدنا ، دي كانت أسمى أمنياتى سنين يابابي.
أحس بحزنها على فراقه عمرا بأكمله لهم وهو لم يراهم إلا أياماً قليلة وردد :
_ خلاص يا حبيبة بابي انا مش هسيبكم تاني ابدا وهنفضل مع بعض طول العمر ،
وتابع حديثه بتذكر:
_الا قولي لي ياسيمو هو البرفان اللي انتي كنتي حاطاه امبارح بتجيبيه منين ريحته حلوه جدا ؟
أجابته بسعادة لتركيزه معها:
_بجد يابابي عجبك ؟
أومأ لها بموافقة ، وأشار إليها أن تكمل فتابعت هي بعيون مبتسمة:
_واحدة صاحبتى قالت لي عليه وبصراحة طلع جمييل أووى وريحته تحفة بتقلب المكان .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث بإيضاح:
_ طيب إنتي تعرفي إن حرام البنت البالغ أو الست تخرج من بيتها وهي حاطة برفان ولو حتى ريحته متكنش باينة .
ضمت حاجبيها باندهاش وتسائلت باستفسار:
_ إزاي يابابا مش فاهمة حضرتك ؟
أمسك كف يداها وتحدث شارحا لها بهدوء :
_ إنتي متعرفيش حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية"
يعني
الست ما ينفعش تخرج من بيتها وهي حاطه اي برفان أو معطر لأن لو شم ريحتها
اي راجل يعتبر اختلى بيها وده حرام جدا يا بنتي علشان خاطر الفتنة،
إنتي جميلة وحلوة مش محتاجه ان إنتي تظهري نفسك من إن برفانك ريحته تبقى
سابقاكي وتلفتي الأنظار ليكي من مجرد عطر ممكن يخليكي تاخدي ذنوب تعتبر من
الكبائر.
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت:
_بجد يا بابا ! انا ما كنتش اعرف الحديث ده خالص ومحدش قال لي قبل كده اني ما احطش برفان وانا خارجه اول مرة اسمع منك كده .
ربت على يديها بحب :
_
علشان هما لسه شايفينك صغنونة أما أنا بقي شايفك حاجة تانية وعلشان كدة
عايزك تبدأى حياة الالتزام زي أي بنت متدينة وحابة إنها ترضى ربنا ،
وتابع ارشاده وهو ينظر إلي ملابسها:
_
وفي حاجة مهمة كمان ، ليه تخرجى خصلة من شعرك وتبينيها إنتي خلاص ياسوما
كبرتى ولازم تعرفي الحلال والحرام ومينفعش بردوا تبقي لابسة بلوزة وترفعي
كمها وتبيني دراعك الحاجات دي كلها البنات بتعملها علشان الشياكة ويبقوا
شايفين نفسهم في قمة الأناقة ، لكن دي كلها حاجات تغضب ربنا سبحانه وتعالى ،
البنت أو الست ربنا خلقها عفيفة وعندها حياء ودايما تشوف نفسها عالية
وغالية أوووى ياقلبي .
أحست بالارتياح لحديث والدها بشدة وسألته بتيهة:
_ أنا مش فاهمة بردوا يابابا أوووي ، مامى كانت دايما تقول لي عيشى سنك علشان لما تكبرى هتتغيرى تماماً بس عمرى مافهمت معنى كلامها .
ربت على ظهرها بحنو وأردف شارحا لها:
_
شوفي ياقلبي البنت عاملة زي الجوهرة الثمينة اللى محدش يقدر يقرب لها إلا
لما يكون واثق ومتأكد إنه يعرف يشتريها ولما يتعب ويعافر علشان يمتلكها
بيحطها فى أغلي مكان في بيته ويقعد يفتخر بنفسه إنه قدر يوصل للجوهرة
الغالية دي ويفتكر تعبه ومعافرته علشان يوصل لها فبيخبيها من عيون الناس
ويحافظ عليها ويحطها جوة عيونه ، ومفيش حد يقدر يجي ناحيتها أو حتى يبص
عليها غيره ،
واستطرد بإبانة:
_
زي البنت بالظبط اللى خرجت وبينت شعرها وبينت جسمها أو حتى مجرد خصلة
ومجرد حتة من ايديها أو رجليها بس اتعرف الشكل العام ليها بقي عامل ازاي
ويشوفها كتتتير فى دماغه بقي يقول دي للانبساط متنفعش تكون أم ولادي ، أما
بقي اللي بتخرج بحجابها كامل ولبسها محترم وفي نفس الوقت شيك جدااا زي مامى
وخالتو ريم كدة وبردوا خالتوا مريم شفتي بيبقو خارجين إزاي كأنهم ملكات
بالظبط ومحدش يقدر يكتشف جمالهم الداخلي لأنهم صايننينه للى يستحقه ، ياتري
كدة فهمتينى ياسما ؟
انخرطت في البكاء وهى تضع يدها على وجهها تمنع شهقاتها العالية مرددة بوجع:
_ يعنى أنا خلاص كدة يابابا عملت كل حاجة وحشة ومبقتش زي الجوهرة وبقيت زيي زي السلعة الرخيصة ؟
قام من مكانه وجذبها داخل أحضانه وتحدث مهدئا لها:
_ لاااا ياقلب بابا مين اللى كدة ؟
إنتي لسه طفلة بريئة وفي سن صغير والحمد لله تجربتك دي علشان تعرفى ،
واسترسل طمأنته لها:
_
وبعدين ربنا غفور رحيم وطالما عرفتي غلطك وعزمتي النية على إنك مش هترجعى
للذنب ده تانى هتلاقى ربنا واقف جمبك وبيثبتك على التوبة ،
وتابع تهدئته لها مبتسماً:
_
وكمان حابب أقول لك مفاجاة إن البشمهندس نادر اللي شغال مع جدو في البنك
مسح كل الفيديوهات اللي تخصك من على جميع المواقع وما بقاش ليها أثر خالص
وتقريبا عمل حاجة انها ما تبقاش ظاهرة تاني حتى لو هي متشاركة مع صفحات
تانية علشان كده بقول لك إنتي في أمان دلوقتي يا قلب بابا مش عايزك تفكري
في حاجه غير في مستقبلك ،
وأي حاجه تقلقك او أي حاجه ما انتيش عارفاها على طول تيجي تسأليني وانا هسمعك وهبقى مبسوط جدا .
اتسعت أعينها بسعادة وأردفت بدهشة:
_ بجد يابابا إنت وجدوا عملتوا كدة وفعلاً الفيديوهات دي مبقتش موجودة ولا حد بيشوفها ولا بيتفرج عليها ؟
أجابها بوجه تغمره الراحة لسعادتها :
_بجد يا حبيبي عايزك تطمني خالص وما تفكريش في اي حاجه غير مستقبلك وبس .
انطلقت الى احضانه كي تشكره على وجوده جانبها وهي تردد بامتنان:
_بجد بشكرك يا بابا جدا ان انت موجود في حياتي وان انت ما سافرتش تاني لاني بجد كنت محتاجة لك قوي .
_ خلاص ياحبيبتي عمرى ماهبعد عنكم تانى ... نطقها إيهاب بأسى لما وصل إليه أبنائه من عدم استقرار نفسي ، وأكمل وهو يشدها من يداها :
_ طيب يالا قومى نحضر لهم الفطار ونعمل لهم مفاجأة أنا وانتى .
سألته بدهشة:
_ إنت بتعرف تعمل أكل يابابي وتقف في المطبخ ؟
بملامح وجه عابسة أجابها:
_ الغربة بتعلم كل حاجة يابنتى ، يالا بسرعة.
وأخذها وانطلقا إلى الداخل كى ينعم معها بلحظات الإحساس بالأبوة والمسؤولية التى حرم منها عمرا بأكمله.
__________________________________
انتهت
تلك الليلة على ذاك العروسين اللذان تنعما بحلال ربهم وكل منهم وجد عوضه
من ربه فى الآخر ، استيقظ مالك من نومه وجد ملاكه بجانبه ، ظل ينظر إليها
بعيون عاشقة وهو يحفر ملامحها التى تزيده رغبة بها ولم يكتفي من عشقها بعد ،
أزاح خصلاتها من على وجهها برقة وهو يحدث نفسه ولكن في حضرة هيامها :
_ لو أخبرونى منذ زمن بعيد أن ربى حافظا لي نصيبى من الجبر بعد كل ذلك الصبر هو أنتى ماكنت آسيت من رحلة عذابي ،
لكننى تألمت كثيرا قبل أن أراكى وعشت عمرا بأكمله أتمنى راحة قلبي فقط ولكن معكى أنتى عشْتُ جنتى على الأرض بين يداكى ،
أنهى حديثه العاشق لنفسه وهو يمد يده يتحسس وجنتها برفق مرددا :
_ ريما ، قلبي ، اصحى بقي وحشتينى .
تململت في نومها وهى تردد بخفوت:
_ عايزة أنام بقى ياماما أنا نايمة متأخر .
ضحك بشدة على توهانها وأردف وهو يمسك يدها يقبل باطنها:
_ ماما مين ياست ريم هانم ، اصحى كدة إنتي بقيتى في حضن مالك اللى امتلك روحك وقلبك .
أحست بقبلته علي يداها وفتحت جفونها ببطئ وهى تردد بابتسامة:
_ صباح الخير ياقلبى .
رفع حاجبيه وهتف بمكر:
_ يانهار أبيض دي صباح الخير بتاعتك لوحدها وهي طالعة من شفايفك تسحر ،
ثم غمز لها مرددا بعشق:
_ لاااا ده أنا كدة هدوووب ومش هتلحقينى .
ابتسمت خجلاً من غزله لها وأومأت بخفوت:
_ ايه بقي هو انت كل كلامك كدة ، ماتهدى عليا براحة على قلبي .
اتكأ علي يديها وجعل وجهه مقابلاً لوجهها مرددا بنفس نبرة عشقه لها :
_ مابراحة إنتي ياقطتي ، مين فينا اللى بالراحة على التانى ده إنتي سحرتينى ودوبتينى وجننتينى .
ثم أخذها في جولة عشقه لها وسحرا في عالمهما الخاص وهو يسقيها من أنهار حبه .
_____________________________
بعد
مرور شهران على تلك الأحداث في الفيلا التى تمكث بها عبير حيث استمعت إلي
تقيؤات ابنتها هيام والتى تكررت لمرات عديدة ، ذهبت اليها مسرعة وهي تردد
خلفها :
_ يابنتي دي رابع مرة وحالتك دي صعبة ، ده غير علامات الحساسية اللى باينة على وشك وجسمك وانتى عمرك ماكنتى كدة خالص .
انتهت من تقيؤها ونظرت إلي المرآه وهي تتحسس جسمها وترى علامات الطفح الجلدي عليه ورددت بقلق:
_ فعلاً الموضوع كدة بقى مش مطمن أنا هروح للدكتورة النهاردة وأشوف في ايه بالظبط مش مفهوم .
شجعتها والدتها قائلة:
_ تمام البسي يالا وأنا هاجى معاكى .
وبالفعل بعد ساعة كانتا تجلسان أمام الطبيبة تفحصها بعناية ، وعلامات وجهها لاتبشر بالخير ، وبعد فحصها سألتها الطبيبة:
_ هى أعراض الطفح الجلدي ظهرت عليكى من امته بالظبط ؟
أجابتها هيام وهى تهندم ملابسها :
_ تقريباً من أزيد من سنة بدأت تظهر واحدة واحدة لكن من شهرين بالظبط بدأت تتطور بزيادة ، زي ما حضرتك شايفة .
سألتها الطبيبة بعملية:
_ طيب ملاحظتيش إن عندك ورم تحت الإبط وحوالين الثدى لأنه ظاهر جدا وأنا بفحصك دلوقتي؟
حركت رأسها بنفي وأجابتها:
_ لا محستش ومكنتش باخد بالي من الحاجات دي .
باندهاش تحدثت الطبيبة:
_ إزاي يعنى مبتفحصيش منطقة تحت الإبط باستمرار ومنطقة الثدى ، وخاصة إن في حملات توعية كتييير عن الموضوع ده.
مطت شفتيها بعدم فهم :
_ مكنتش باخد بالى من الحاجات دي خالص ، ومتابعتش أي حملات عن كدة ،
وتابعت باستفسار مغلف بالقلق:
_ هو فيه حاجة حضرتك شاكة فيها يادكتورة ؟
بكل أسف تحدثت الطبيبة:
_ في ورم عندك في الثدى ولازم تعملي التحاليل دي علشان نتأكد إذا كان حميد ولا حاجة تانية لاقدر الله وساعتها هنشوف ،
وتابعت ارشادها :
_ بس أهم حاجة تلتزمى بالعلاج اللى هكتبه لك على مانتيجة التحاليل تطلع .
هنا
تحدثت عبير بقلق انتابها على ابنتها فمهما فعلت من جرائم في حق أخيها فهى
فى النهاية أم وهى ابنتها وقلب الأم لايعرف القسوة مهما كان ، فسألت
الطبيبة بقلق:
_ طيب هو المرض ده لاقدر الله بيجي من ايه يادكتورة ؟
أجابتها الطبيبة بعملية:
_
دلوقتي مستلزمات التجميل اللى طلعت وانتشرت بشدة في السنين الأخيرة كلها
كيماويات والستات بتستخدمها بطريقة رهيبة ، وساعات بيحطوا كذا مكونات على
بعضها كنوع من زيادة العطر فبيسبب تراكمات كتييرة وده سبب رئيسى خلى المرض
ده انتشر في العشر سنوات الأخيرة دي ، وحاجات كتيرة تانية هي لو بحثت عنها
هتعرف ،
وأكملت وهى تدلى تعليماتها والخطوات التى ستفعلها هيام وهى تمد لها يدها بالروشتة :
_ أنا كتبت لك على التحاليل اللى هتعمليها ولما تستلميها تعالي لي علطول علشان نشوف .
انصعقت هيام من كلام الطبيبة وقلبها يحدثها أنها ليست بخير وباتت رعباً وهلعا على حالها وأن القادم لن يبشر بالخير أبدا ،
فخرجت هيام وسبقت والدتها إلي الخارج ، فنظرت عبير إلي الطبيبة مرددة بقلق شديد:
_ إنتي شاكة في حاجة يادكتورة ومش حابة تقوليها قدامها ، لو سمحتي طمنينى هي خرجت أهى علشان قلبى مش مطمن خالص من نظراتك ولا كلامك .
تحدثت الطبيبة بأسف:
_
للأسف الشديد بنتك عندها سرطان ثدي وأنا متأكدة من إن نتيجة التحاليل
هتطلع كدة بس عايزة اعرف وصل لأنهى مرحلة بالظبط علشان أتابع طريقة العلاج
معاها ، بس بطلب من حضرتك متقوليلهاش حاجة خالص إلا لما نتيجة التحاليل
تطلع وساعتها أنا هفهمها كل حاجة .
هنا
انفطر قلب الأم على ابنتها ودق ناقوس الخطر بقلبها وتأكدت من ماتوقعته
يوما ، وتحققت عدالة السماء وتأكدت من الحديث " البر لايبلى والإثم لاينسى
والديان لايموت فافعل يابن أدم كما شئت فكما تدين تدان" وخرجت من غرفة
الكشف وقلبها يتألم وجعا على ماستمر به ابنتها من مُرٍِ لم تتوقعه يوما ،
فهى كانت تعتز بجمالها بل وتغتر به وكانت دائما على استعداد عن الاستغناء
بالغالي والنفيس لأجل جمالها ،
صعدت السيارة بجانب ابنتها ولامتها بعتاب :
_
شفتى أخرة البرفانات والمزيلات اللى ملهاش حصر ولا عدد اللى كنتى
بتستخدميها عمال على بطال ودتك لفين ! ودايما كنت بحذرك وأقول لك يابنتى
مينفعش اللى انتى بتعمليه ده وتخرجى بالريحة الجامدة دي من باب الدين وفي
الآخر ربنا يستر عليكى .
كانت
تستمع لوالدتها بقلب يرتعب خوفاً من القادم ولم تستطيع التفوه والرد عليها ،
طلبت منها والدتها أن تذهب على الفور الي معمل التحاليل كى تجريها فى نفس
الوقت ، وبالفعل ذهبتا إلي المعمل وقامت بعمل كل التحاليل التى طلبتها منها
الطبيبة ،
وبعد مرور ثلاثة أيام
مكثتهم هيام في خوف ورعب خوفا من النتيجة ، ذهبوا إلي الطبيبة كي تطمئنهم ،
اطلعت الطبيبة على التحاليل مراراً وتكراراً ثم نطقت بأسف وبكل صراحة :
_ للأسف اللى شكيت فيه طلع في محله ، سرطان ثدي من الدرجة الرابعة يامدام .
انصعقت
هيام من تصريح الطبيبة وأصبحت في حالة يرثى لها وعقلها يجوب بها عن
ماسيحدث لها وأصبحت ترى الأيام القادمة هلاك لجمالها وصحتها وفناء عمرها ،
وبكت بشدة أدمت قلب والدتها ،
تأثرت
الطبيبة بحزن لم تراه من حالات تمر عليها كل يوم ولكن إرادة الله وليس
لبشر بها تحكم ، حاولت والدتها تهدأتها فقد علمت من الطبيبة وكانت على
معرفة بما ستفعله ابنتها ، وأخبرت الطبيبة والدتها بكيفية البدأ برحلة
العلاج وطمأنتهم أن الشفاء بيد الله ،
وهاهي
الأيام تثبت أن رب العالمين ينفذ قصاصه الحكيم العين بالعين والسن بالسن
والجروح قصاص ، ولتعلموا أن الحقد يدمر صاحبه ويلقى به في غيابات جب الكره
والانتقام وأن حب النفس وجعلها تنظر للغير ولرزقهم وعدم القناعة بأن رب
العباد يؤتى كل ذي حق حقه بنفس المقدار وبميزان العدل .
___________________________
فى منزل زاهر الجمال حيث تهاتف هند صديقتها كالعادة فتحدثت صديقتها مرددة باستفسار:
_ حماتك عاملة إيه دلوقتي لسه شايطة بسبب جواز ريم ولا هديت .
لوت هند شفتيها بامتعاض وهى تجمع أشياؤها كى تقضي يومان عند والدتها هي وبناتها :
_
لسه زي ماهى متبطلش هرى في الحوار ده كل يوم لما جابت لي صداع ، وكل شوية
تلومنى وتسمم بدنى بسبب انى شهدت معاها في المحكمة ، وإني مخليتهاش تتجوز
جوزى ، ولية قادرة وعينها مكشوفة ، ده أنا كل يوم بحسبن عليها ليل ونهار
بسبب كلامها اللى مش بتبطل تسمم بدنى بيه .
نصحتها صديقتها كالعادة:
_ ياما قلت لك لو جابت سيرة حد بالباطل متلونيش معاها في الكلام وخليكي في حالك علشان ربنا يوفقك في حياتك ،
وياما
قلت لك متجبيش سيرة ريم بالوحش وهى عمرها ماعملت لك حاجة وانتي مابتصدقى
سيرتها تيجي تعملي زيها بالظبط وتنهشىوا في عرض الولايا، علشان كدة ربنا مش
مريح بالك ولا قلبك .
انفجرت هند باكية وهى تردد من بين شهقاتها:
_
أعمل إيه منها لله كل شوية كانت بتذلنى إن بطنها مبتشلش غير صبيان ، وإنها
عرفت تلف جوزها وتبلفه أحسن منى ، طول عمرها بتقارن بيني وبينها وتحاول
تقللنى في عين نفسي ، لحد ما كرهتها بسبب مقارنتها بيا هى اللى دايما
كسبانة وأنا الوحشة التافهة أم البنات اللى بتجيب مشاكل .
هدأتها صديقتها مرددة بإرشاد:
_
إنتي مالك ومالها ، هى تغتاب وانتي سدي ودانك وكبري دماغك ، هى تقارن بينك
وبين أي حد إنتي تخليكى واثقة فى نفسك ودايما تشوفي نفسك أغلى من أى حد في
الدنيا ، للأسف ياهند قدرت تخليكى تفقدي ثقتك بنفسك ، أهى فضلت تحسد في
ابنها وهي مش واخدة بالها لحد ماجابت أجله ،
وتابعت ارشادها بلطف كى تخفف عنها:
_
المفروض اللى تقول لك ياأم البنات تفتخرى وترفعى راسك كدة وتقولي أنا
يزدنى شرف إني أم لتلت بنات أميرات على قلبي ، وربنا يخليهم لي ويبارك فيهم
، مش تكتمى فى نفسك وكأنهم بيذلوكى ببناتك ، لازم تكونى واثقة إن موضوع
البنات والولاد ده حاجة بإيد ربنا سبحانه وتعالى ، وانتي عندك تلت ملايكة
لو ربيتهم بما يرضي الله هتدخلي بيهم الجنة .
هدأت من حالها وأردفت بموافقة:
_
عندك حق أنا فعلاً غلطانه ولولا إنك معايا خطوة بخطوة وقلتي لي أبعت لك
الفيديوهات اللى صورتها لها وهى بتتفق مع المحامى واللي كانت بتهددها بيها
دايما كان زمانهم رامينى لأنهم خافوا من الفضيحة اللى هعملها لهم وهى ولية
تخاف متختشيش .
وظلت تهاتف صديقتها واعترفت بخطأها في حق ريم ووعدتها أنها لن تخوض في سيرتها مرة أخرى مع تلك الحماه المتجبرة ،
وهبطت للأسفل كى تذهب بيت والدها فقد سبقوها بناتها أمس فهم يعشقون والدتها بشدة ،
وقبل أن تدلف استمعت إلي أصوات اعتماد تردد في أذناى ولدها :
_ إنت لسه بردوا مصمم متجوزش على اللى ماتتسمى بوز الإخص هند .
أجابها زاهر بلا مبالاة:
_
أنا ولا عايز اتجوز ولا أتنيل هى كرهتنى في صنف الحريم بحاله ، أنا مش
فاضي لوش النسوان اللى مبيخلصش ده ، أنا ورايا شغلي اللي اتوسع وبقى يكبر
كل يوم .
كانت تستمع إليهم بحزن وعيناها تلمع بالدموع ، إلي أن أكملت اعتماد زنها له:
_ يابنى اتجوز واحدة صغيرة تجيب لك الواد يشيل اسمك وتدلعك كدة وتجدد لك شبابك.
زاغت عيناه من حديث والدته وأردف :
_ إنتي شايفة كده ياماما ؟
أجابته بتأكيد:
_ ده أنا شايفه ونص وأهي متلقحة فوق أهى هتزعل لها شويه وهتسكت بعد كدة وترضى بالأمر الواقع ،
وأكملت وهى تقوم من جانبه تتجه ناحية المطبخ:
_ أنا هقوم أشوف اللى في الفرن علشان أدوقك عمايل ايديا.
أما هند بعد ما استمعت إليهم نظرت إلي السماء مرددة بدعاء وقلبها يحترق:
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم انتوا الاتنين ، الهى ربنا يو.لع فيكم ياللي معندكمش ذرة ايمان ولا دين ولا حب .
وتركت المنزل وصعدت سيارتها وذهبت إلي بيت أبيها دون أن تستأذنهم بسبب وجيعتها منهم ،
دلفت اعتماد الي المطبخ وجدت الفرن غير مشتعل وظنت أنها لن تشعله وحدثت حالها:
_ يانهار أبيض بقالي ساعتين مفكرة اني مشغلاه وهو زي ماهو .
ثم
أمسكت الكبريت وما إن أشعلته واقتربت من الفرن حتى انفجرت النار في وجهها
وكذلك أنبوبة الغاز وشبت النيران في جميع المنزل من أعلاه إلي أسفله وكأن
دعوة المظلوم من قلبه بحرقة تفتح لها أبواب السماء،
بعد
ساعتين من انفجار الأنبوب وحضرت المطافى ونقلوهم الي المشفى وحالتهم يرثى
لها ، وتدمروا كليا ولم يتبقي منهم غير أنفاس وبقايا من شكل بنى أدم ، وكأن
الجزاء من جنس العمل حيث قال سبحانه وتعالى
"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "
وتحقق
وعد الله في آكل مال اليتيم ، أيها الإنسان الدنيا فانية ولا تستحق أكل
حقوق العباد فما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلي حال ،
فاللهم الاستقامة والقناعة فالرضا لمن يرضى .