رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم وسام الأشقر
تقف أمام نسمات البحر وقت الغروب لتشعر بقشعريرة بسيطة من لفحة الهواء البارد الذي يصحب هذا الوقت من اليوم، فيداعب الهواء خصلات شعرها العسلي الطويل فيخفي بعض من ملامحها المكدومة.. رغم قوة الهواء الباردة إلا أنها كانت مستمتعة بمنظر الغروب وشكل التقاء القرص الذهبي مع المياه الزرقاء لتحتضن نفسها بذراعيها كأنها تستمد من نفسها القوة.. لا تعلم ماذا تفعل؟ وما سيئول له الوضع؟ إنها تعلم شخصيته جيدًا فهو يتصف بالتملك ومن الصعب التحرر منه.. هل سيقبل بأن يطلق سراحها؟ إنها تريد أن تعيش حياة هادئة لا تريد شريك بها، هذا ما توصلت له بعد تفكير.. حياتها وحيدة افضل بكثير.
لتنتفض فجأة أثر ملامسه، كفين دافئتين لكتفيها بطريقة غير مباشرة حيث كانتا ممسكتا بغطاء صوفي يلفها به، فتشعر بالدفء الذي كانت تنشده منذ بضع ثواني.. ولكن لم يقف المشهد على ذلك.. شعرت بكفه يتحرك على كتفيها صعودًا وهبوطًا ليبث بجسدها الدفء وتلفح عنقها أنفاسه الساخنة، ليقول بصوت غريب عليها:
– متعبتيش من الوقفة؟ أنتِ بقالك أكتر من ساعتين واقفة على رجلك؟
فيسمعها تأخذ نفسًا طويلًا قبل أن تقول:
– لا.
ليقول بعد أن الصق ظهرها بصدره:
– طيب يلا عشان متخديش برد.. لإن هدومك خفيفة.
فتحاول محاولة فاشلة من التخلص من يديه.
– سيبني طيب؟ أوف.
ليبتعد عنها فجأة كما اقترب فجأة ليقول:
– أنا داخل.. ودقيقة تكوني جوه.. آه خلي بالك المنطقة هنا مقطوعة يعني ممكن تلاقي تعبان معدي أو ديب.
لترتعب غزل وتقول بخوف:
– إيه؟ انت بتقول إيه؟ انت أكيد بتهرج.
يوسف:
– انتِ حره متصدقيش.
غزل بتوتر:
– هو.. هو مفيش ناس ساكنة.. هنا غيرنا؟
ليجيبها بثقه:
– لا فيه طبعًا.. بس مش بني آدمين.
يزداد ارتباكها وتتلفت يمينا ويسارًا وتقول:
– يعني إيه؟ مش بني آدمين.
يوسف بابتسامه يحاول إخفائها:
– يعني في عفريت؟
لتطلق صرخة وتقفز من مكانها وتقول:
– أنت أكيد بتهرج صح؟ عشان تخوفني.
إلا أنه لم يجبه ويتحرك من أمامه باتجاه الشاليه وتعلو وعلى وجهه ابتسامة مرح، ليجدها تجري أمامه خوفًا لباب الشاليه لتدخله سريعًا
………..
يدخل وعينيه تبحث عنها ليجدها جالسه على الأريكة وتهز أرجلها بتوتر بالغ وعندما شعرت به اندفعت تقول:
– بقولك ايه.. أنا عايزه أمشي من هنا مش هقعد في المكان ده ليله تانيه.
يوسف بنصف ابتسامه:
– ومين بقي اللي قرر ده؟
غزل بعصبيه:
– يوسف! خلينا نكون واضحين مع بعض.. اللي انت بتعمله ده مش هيجيب نتيجة معايا.. أرجوك ننفصل بهدوء.. لان مش هينفع مستمر مع بعض بعد اللي حصل.
ليصمت للحظات كأنه يرتب كلماته ويقول بصوت متألم هادئ:
– خلينا ننسى اللي حصل ما بينا انا عارف ان اللي عملته معاكي شيء لا يغتفر بس صدقيني مش هقدر ابعد عنك، شوفي ايه الطريقة اللي تاخدي بيها حقك مني وعقبيني.. بس إلا إننا نسيب بعض.. انا عارف انك دلوقت بتكرهيني بس صدقيني أنا حتى لما… لما…
ليغمض عينيه بقوة ليستمد بعض القوة ويكمل:
– خلينا نبذا صفحة جديدة.. وصدقيني مش هتندمي.. وأنا كفيل انسيكي اللي صدر مني.. ارجوكي ياغزل.
غزل بإصرار:
– أنا اسفه.. مش هقدر.. اللي عملته عمره ما هيتنسي يايوسف.. عارف ليه ؟! انت كسرت فرحتي اللي كنت مستنياها.. أنت مش كسرتني بس.. أنت دبحتني بسكينه لما اتهمتني الاتهام ده.. أنت حتى ما ادتنيش فرصة أدافع عن نفسي.. وضربتني! عارف يعني ايه ضربتني وضرب مبرح كنت ممكن أموت فيها.
يوسف برجاء:
– ارجوكي بلاش تتكلمي في اللي حصل.
لتضحك بسخريه وتقول:
– ارجوكي! وأنت كنت فين وأنا بترجاك تسمعني؟ وانا بترجاك تسيبني ..وانا بترجاك تفهمني انا غلط في ايه.. للاسف يا يوسف اللي حصل عمره ما يتصلح.
يوسف بصوت مهزوز:
– انا مش هضغط عليكي.. لو حبه تنفصلي بس عندي طلب لازم توافقي عليه عشان مصلحتك اولًا.
لتتساءل عن الطلب فيجيبها:
– عشان ننفصل لازم نفضل كده قبل الانفصال لان أكيد الكل هيسأل عن السبب ومش الطبيعي إننا نطلق بعد اسبوع من الجواز علي الأقل ندي انطباع للناس اننا في خلاف مآبينا وبعد كده ننفصل.
غزل:
– موافقة.. بس بشرط.
يوسف :
– ايه هو؟!
– طول ما احنا مع بعض كل واحد مالوش دعوة بالتاني هنتعامل زي الاصحاب وكل واحد في حاله.
يوسف:
– موافق.
غزل:
– في شرط تاني.. أنا هرجع بكره.
يوسف:
– لا مش موافق..
غزل بتحدي:
– ليه بقي؟
يوسف:
– بذمتك هتنزلي بوشك ده إزاي؟ ولما يسألوكي إيه اللي في وشك ده هتقولي إيه حساسيه فراولة؟
لتشرد غزل في كلمه فراولة لتتذكر كلماته يوم الزفاف ومداعبته لها.. ليظهر على وجهها التأثر، ويلاحظ يوسف شرودها وتغير ملامحها مع علمه سبب شرودها.
ليداعبها ويقول:
– إيـه؟ نحن هنا.
غزل:
– معاك.. خلاص فهمت ..يعني المطلوب نفضل هنا لحد ما وشي يخف، تمام تصبح علي خير.
فتتركه لتتجه إلى غرفتها ليناديها يقول:
– هتنامي دلوقت؟ لسه بدري! احنا مش اتفقنا اننا نكون اصحاب.
غزل بحاجب مرفوع:
– واتفقنا كل واحد في حاله برده، خليك في حالك.. وشوفلك حته تنام فيها.
ليقول في نفسه:
– ماشي ياغزل.. ادلعي براحتك وعقبيني بس برده مش هطلقك.
……..
يدخل حجرتها والغيظ يملأه في المقابل هي تهنأ بنوم عميق كالأطفال ولا تشعر بأجيج ناره المشتعلة منذ ان تركته وهي تغوص بأحلامها الوردية وقد جفاه النوم لا يعلم لما لا يوقظها بضربة على رأسها لعلها تفقد ذاكرتها ويستريح من تصلب رأسها لا يعلم هل برودها الذي يجعلها تهنأ بنومها ام المسكنات التي تمت تناولها كالبلهاء ليراقبها اثناء نومها ويلاحظ انفراج فمها كطفلة في الخامسة من عمرها مع تذمرها بسبب سقوط خصلات شعرها على جبينها فتحاول إزاحتها ولكن محاولاتها تبوء بالفشل ليبتسم على افعالها الطفولية فتقفز فكرة شيطانيه بعقله لتتسع ابتسامته ويقترب منها ويقوم بكشف الغطاء عن قدميها الصغيرتين ليتساءل ترى هل تجد ما يناسبها من الأحذية يكاد يجزم انها لا تجده إلا بقسم الأطفال أو يمكن الرضع.. كل شي جايز حدوثه بالنسبة لها.
فيبحث عن شي ضروري ولكن كيف سيجده.. هيأ له انه لمحه اثناء ترتيب ملابسها الخاصة بها بعد إحضارها من الفندق، ليبتسم عندما تذكر قمصان نومها الذي كان من المفترض ان تلبسهم له كأي اثني عبقريه ذاهبه لشهر عسلها.. ليفاجأ وسط ملابسها بقميص من المؤكد انه عفا عنه الزمان قميص بالون الأزرق مملوء بالريش ليضحك كلما تخيلها مرتديه هذا الريش فلم ينقصها إلا عشه دواجن وتصيح كالديوك.. ليتجه إلى خزانتها ويبحث عن هدفه إلا أنه يجده لتلمع أعينه بمكر ويقوم بنزع ريشتان منه بقوه ويرفعهم امام أعينه ليقيمهما.
يقرب من قدميها الريشة ليداعب بها قدميها لعلها تستيقظ من ثباتها فيلاحظ تذمرها كلما قربه من قدميها.. فيلقي بما في يده ويقترب من أذنها ليصرخ بطريقها جعلها تنتفض ويصدم وجهها بوجه:
– غـــــزل!
لتصطدم بوجهه وتصرخ متألمه:
– اااااه.. في إيه؟!
لتفتح أعينها وهو ممسك بأنفه متألم يقول:
– هو انتِ رأسك راس بني أدمه ولا راس ثيران؟
ليراها تدلك رأسها متألمة وتقول:
– انا بردوا اللي راس ثيران.. انت جبتلي ارتجاج، وكمان في واحد محترم يصحي حد بالشكل ده؟ انت خليتني اقطع الخلف.. مش هخلف.
ليظهر الضيق على وجهه من كلامها الاخير ويحاول تبديل ملامحه للمرح ويقول:
– اعملك ايه.. سيباني لوحدي بقالك تلت ساعات نايمة وأنا زهقت..
غزل:
– والمطلوب.. اقوم اسليك ولا ارقصلك؟
يوسف بهيام:
– ياريت..
لتدفعه بكتفه:
– اخرج يا يوسف لو سمحت وسيبني انام.. فيراقبها وهي تغطي رأسها بالغطاء.
يخرج يوسف مندفعًا بغيظ من الحجرة ويعود بعد بضع لحظات، كانت كفيلة لتغوص بنومها مرة أخرى، ليقترب منها ويقوم بسكب قارورة المياه الممسك بها فوق رأسها.. لتشهق مذعورة وتقول:
– أنت متخلف.. ايه اللي عملته ده؟ ليقول بجديه:
– انتِ مش ملاحظه ان لسانك طول وعايز قطعه؟ لمي لسانك عشان مقطعهوش!
غزل بغضب:
– في واحد عاقل يعمل كده؟ عايزني اقولك ايه وانا اتبليت.. بسببك.
يوسف بتحدي:
– ولا أي حاجة.. نقوم نعمل كده؟
فيقترب منها فجأة ويحملها على ظهره كالشوال.. رأسها لأسفل ويتجه بها إلى الحمام ويقوم بوضعها تحت المياه الباردة بملابسها مع محاولاتها بالتحرر منه.. ليقول:
– إيه رايك بقى في البلل ده؟
لتصرخ بوجهه:
– منك لله يايوسف يشافعني منك لله.. كان يوم منيل يوم ما شوفتك.
لتصدح ضحكته ويقول:
– بالعكس كان يوم جميل ومليان شمس.. عمري ما هنساه.
……………….
تجلس منكمشة بغطائها بعد أن قام يأخذ حمام دافئ وارتدائها ملابس تساعدها علي التدفئة تجلس ضامه أرجلها الي صدرها حتي يبث في جسدها الدفء امام التلفاز.. فالجو بارد جدا خلال المساء…لتلاحظه مقبل عليها وهو حامل بيده كوبًا يتصاعد منه الأبخرة فتضيق أعينها تحاول استنتاج نوع المشروب، فيجلس أمامها على الطاولة الزجاجية ذات الشكل الرباعي ويوجه الكوب لها ويقول برزانه:
– اشربي ده هيدفيكي شوية..
لتكتشف انه قام بإعداد مشروب الشكولاتة الساخنة المفضل عندها.. إلا أن كرامتها ابت أن تتنازل وتتناوله منه، لتقول:
– مش عايزه منك حاجة.
يوسف بمكر:
– ليه ده حتي جميل وريحته.. اه من ريحته حكايه تانيه.
غزل بغضب:
– قولت مش عاوزه.
فيرفع كتفيه باستسلام ويقول:
– خلاص زي ما تحبي.. اشربه انا، اصل بصراحه من فتره قريبة ادمنته ومش عارف أبطله، تحبي تتفرجي على حاجه معينه؟
لتنظر إليه للحظات بدون جواب وتشيح بوجهها عنه.
يوسف:
– طيب مادام معندكيش حاجة اختار انا؟
ليختار فيلما من أفلام الرعب.. ليجدها بعد عدة دقائق ملتصقهً به خوفًا ومع كل مشهد تخفي وجهها بكتفه.. لتقول:
– كفايه بقى، أنا موت من الرعب مافيش حاجه تانيه غير ده.
ليقول:
– ليه؟ ده حتى جميل ورقيق خالص.. لتقول:
– جميل ايه ورقيق ايه انت مش شايف كل شويه الناس تتحول ويطلعوا يقطعوا في الناس التانيه.. هو في بجد كده يايوسف! ولا ده خيال
أراد ان يصيبها بالخوف حتى لا تبتعد عنه ونبقي بجواره.. يوسف بصوت غريب:
– اه طبعًا فيه.
لينظر لها نظرات إخافتها وعلى وجهه ابتسامه صغراء ارعبتها لتقول بخوف:
– أنت بتبصلي كده ليه؟ يوسف.
فلم يجيبها ونظر لها كالذي ينظر لفريسته مع اقترابه البطيء اتجاهها بثبات نظراته عليها.. لتقول بصوت يتخلله البكاء:
– انت بتعمل كده ليه؟ ها.. يوسف رد عليا أنا خايفة! انت اتحولت زيهم؟ ليمسكها من كتفيها بطريقه أفزعتها لتطلق صرخة هزت الجدران ولم يكن بحسبان يوسف ان ينقطع تيار الكهرباء بنفس اللحظة ليزداد صريخها وتشنجها تخت يديه.. للحظات شعر أنها ستصاب بنوبه قلبيه.. ليقول بجديه لتهدئتها:
– اهدي مافيش حاجه ياغزل.. انا يوسف.. انا كنت بهرج معاكي .
الا ان كلماته لم تصل اليها بسبب علو صراخها ومقاومتها له.. ليخرج هاتفه ويقوم بإضاءته ليزداد قبح وجه يوسف بالظلام.. فتطلق صرخات اكبر ويشنج جسدها رعبًا فتقول بصراخ:
– ااااببعد عني.. ااااااااااه.. الحقوني.. الحقووني.
فيصرخ بوجهها حتى تهدأ ويقول:
– يابنتي أتهدي كنت بهرج معاكي وربنا.. اهدي بقى فرهدتيني.. لتهدأ صرخاتها وتبدأ في الاستيعاب لتقول بصوت خائف:
– انت بجد متحولتش؟! يعني انت يوسف.
يوسف:
– وربنا انا هو بغباوته..
غزل وهي تعتدل في جلستها بخوف:
– طيب اديني اماره عشان اصدقك.
تشرق ابتسامة على وجهه وتمر لحظه اثنان ويجيبها بصوت غذي:
– فراوله.
لم تستوعب كلمته في البدايه ليتحول استغرابها لصدمه لتقول:
– أنت غبي، والله العظيم غبي مش مسمحاك يايوسف مش..
ليبتلع باقي كلماتها في قبله اشتياق قبله يملأها الجنون لم يتحمل أن يبتعد عنها أكثر من ذلك حتى لو كانت تظهر الرفض فهي زوجته حبيبته لن يتنازل عنها مهما حدث، فيشعر بمقاومتها الضعيفة له.. يبتعد عنها دون ان يحررها من احضانه ليقول:
– صدقتي اني يوسف؟!
يطول الصمت بينهم إلا من أصوات انفاسهم ليكمل:
– شكل كده الكهرباء هتطول.. احسن حاجه نقوم ننام وبكره الصبح اشوف العطل فين.
لتقول بخوف:
– بس انا مش هعرف انا في الضلمة.. انا بخاف منها.
يوسف:
– متخافيش.. انا معاكي مش هسيبك الا لما تنامي.
غزل:
– بجد..
يوسف:
– بجد.. يلا عشان ننام.
…………..
تنام بأحضانه نوم هانئ بعد أن تاكدت من حسن نواياه وحكمت عليه بان تنام بجوار ولكن بشروطها بان تضع بعض الوسائد بينهم حتي تضمن عدم اقترابه منها.. غبية لا تعرف انها منذ خطت خطواتها نحو نومها قام هو بإلقاء الوسائد أرضًا واراح رأسها فوق ذراعه لتنام بين احضانه قرير العين، يشتم رائحتها المسكية المتميزه بها ويزيد من ضمها لصدره ليغوص بأحلامه سريعًا.
……………..
مستلقي فوق سريره شاردًا في شكوكه يأكله الظن، هل كانت علي معرفه مسبقة به؟ وإذا كان هناك.. لماذا أنكرت حديثهما عندما سألها؟ لم يخف عليه توترها عند سؤاله وظهور الكذب بنبرات صوتها فاكثر ما يكرهه الكذب، كلما حاول الاتصال بها يسيطر عليه شعور غريب فيتراجع عن مكالمتها.. حتى اتصالها لايجب عليها، يشعر لمشاعر متضاربة لايعرف اذا كان مابينهما حب حقيقي ام ام.. لايستطع الإجابه على اسألته.. يضئ هاتفه بجواره لينبهه باتصالها ولكنه كعادته الاخيره لا يجيبها يشعر بضيق يسيطر عليه..لم يمر إلا أربعه دقائق من اتصالها الفائت ليجد باب حجرته يطرق وتدخل عليه اخته الصغير ملك.. يلاحظ على ملك التغير من مدة كبيرة ولا يعرف السبب هل لهذه الدرجة انشغلوا عنها.. مسكينه ملك بالفعل مسكينة الكل منشغل عنها بأهدافه ونسوا انهم تركوها وحيده لايعلمون عنها شيء.
ملك:
– إييييه.. يامن أنا بكلمك.. أنت سامعني؟
يامن:
– احم.. أيوه ياخبيبتي سامعك.. كنتي عايزه حاجة؟
ملك تجلس بجواره:
– لا ده انت مش سامعني بقى.. بقولك تقى قلقانة عليك.. واتصلت بيا عشان حضرتك مش بترد علي اتصالها، أنا قولتلها انك نايم.. بس الغريبة لقيتك صاحي؟ مش بترد عليها ليه ها..
يامن:
– كل ده رغي؟
ملك:
– قول بقى مش بترد علي البنت ليه؟ انتو زعلانين مع بعض!
يامن:
– لا مش زعلانين ولا حاجة بس كل الحكايه اني مرهق من شغل الشركه اللي اخوكي راميه عليا ومش قادر اتكلم.
ملك:
– بس كده.
يامن:
– بس كده؟
ملك:
– هو انت بتحب تقى يا يامن..
يامن:
– اكيد بحبها.. لو مش بحبها مكنتش خطبتها.
ملك:
– عادي في ناس بيتخطبوا من غير مايحبو بعض.
– طيب قولي يعني ايه تحب؟
يامن:
– ايه السؤال العجيب ده؟ أحب يعني احب.. حاجه تعجبني فأحبها.
ملك:
– بس كده؟
يامن:
– تعالي هنا، قوليلي اخبارك إيه! أنا عارف ياملك اننا كلنا مشغولين عنك.. عمك وسفره الدائم ويوسف مشغول بغزل وأنا شغلي اللي بره.. غصب عننا ياملك صدقيني.
ملك:
– ولا يهمك.. أنا كويسه بروح الكليه وأرجع منها على البيت والحياة ماشية.
يامن:
– يعني مافيش حاجه كده او كده في الكليه في النادي.
ملك بتوتر:
– حاجه زي إيه؟ !لا طبعًا مافيش..
يامن بمحبة:
– شوفي ياملك أنا آه مشغول عنك بس مهما كان أنا اخوكي مش هتلاقي غيري انا ويوسف نحبك اكتر من أي حد.. عايزك تكوني واثقه اننا في ضهرك، فاهمه؟
تهز رأسها بالموافقة بصمت وتقول:
– ربنا يخليك ليا يا يامن.
يامن:
– بقولك إيه ياملك كنت عايز أعرف منك حاجة.. هو يوسف وتقى يعرفوا بعض من امتى؟ عن طريقك بحكم إنها صاحبتك ولا بحكم إنها اخت غزل وكده؟
ملك:
– بتسأل ليه؟ تقى كانت كانت تعرف يوسف لانه كان سعات بيجي ياخدني بعد المحاضرات.
يامن بتفكير:
– تمام يا ملك.. تمام.
………….
في صباح يوم جديد
يمسك هاتفه يحاول الاتصال بصديقه إلا أنه يجد هاتفه مغلق.
ليقول بسخرية:
– طبعًا غرقان في العسل وسايبني هنا أولع.
ليتجه إلى مكتب المحاسبين .
شادي:
– السلام عليكم. محمد:
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..اتفضل.
شادي بضيق:
– بقولك ايه يامحمد كنت عايزك شوية.
محمد:
– خير يابشمهندس في حاجة؟
شادي:
– انا زهقان وقرفان وهطق حاسس اني عايز أولع في اللي حوليا.
محمد بضحك:
– اهدى يا يابني في ايه؟
شادي:
– ماتضحكش يامحمد عشان ماتبقاش اول واحد أولع فيه.
محمد:
– طيب اهدي وفهمني ايه اللي مضايقك.
شادي بحزن:
– هو أنت إيه رأيك فيا يامحمد؟ أنا وحش.. يعني ما ينفعني إني استقر وأحب..
محمد بجديه:
– ليه يابني كده؟ ده انت أي بنت تتمناك!
شادي:
– اه.. قوليلي ياخالتي محسنه وإبه كمان.
محمد:
– بالذمه انت فايق تهرج.
شادي:
– بجد يا محمد لو انا لواتقدمت لواحدة ورفضتني ممكن يكون إيه السبب لرفضها!
محمد:
– مممم هي فيها واحدة! لا الكلام ده مش هينفع هنا ده عايز قاعدة.
………………….
بعد مرور بضعه أسابيع.
تملأ إشاعة الشمس الحجره ليتململ في نومته ويبحث عنها ليكتشف عدم وجودها بجواره فينقبض قلبه من فكرة محاولتها الهرب منه.. ليقفز من نومته مسرعًا للبحث عنها حافي القدمين.. لينتبه إلى ضوضاء صادرة من مطبخه ليكتشف وجودها وسط المطبخ وحالة المطبخ لايرثى له كل أغراض المطبخ ليست بمكانها وجميع الإدراج مفتوحه كأنها تبحث عن اليورانيوم، لتقوم بتصنيع قنبلة نووية.. مع ملاحظته للطحين الواقع على ملابسها والطاولة ليقول:
– بسم الله الرحمن الرحيم.. هو حصل غاره في المطبخ وانا معرفش!
لتنتفض عند سماع صوته وتقول:
– يا اخي بطل تخض فيا أنا خلاص مابقتش ضامنه اخلف بسببك.
يوسف:
– طيب نبدأ من الاول؟ صباح الخير يافراولتي.
غزل بفك ملتوي:
– صباح الخير.
يوسف:
– ها بتعملي ايه؟! وايه خلى المطبخ مقلوب كده؟
غزل:
– مافيش، جه علي بالي إني اعمل معجنات من اللي كنت بعملها زمان، من الصبح شامة ريحتها.. قولت اقوم اعملها.
يوسف:
– مممم معجنات بلدكم! قولتيلي.
لترفع حاجبها بتعجب:
– انت عرفت منين إني بعمل معجنات بلدنا؟
يوسف:
– مش هقولك غير لما توعديني تأكليني منها وخصوصًا أم زعتر.
لتتعجب اكثر لمعرفته بأنواعها لتقول:
– وكمان عارف انها بزعتر.. طيب ياسيدي انا كنت بدور علي الزيت ومش لقياه، الحاجه هنا مش مترتبه خالص.
يوسف:
– طيب وسعي يا اوزعه عشان اجبلك الزيت.. كده هاخد نصيبي مضاعف.
فيتجه إلى الخزانه العلوية ويقوم بفتحها ولكنه لم ياطي فرصة لها للابتعاد فقد حاصرها أمامه ليقترب منها محاولا جذب زجاجه الزيت.. حتى نجح في الإمساك بها وقال:
– اتفضلي الزيت.. أي خدمة تانيه.. انا ممكن اساعد.
غزل بتوتر من قربه:
– لا شكرًا.. ممكن توسع بقى.
يوسف:
– جربيني وأنا هسمع الكلام ومش هلعب في الدقيق زي الأطفال.
…………….
بعد ربع الساعه كانت هيأته مختلفه تماما عن هيأته عند استيقاظه ملابسه ويده مملوءة بالعجين الملتصق بيديه وشعره وقميصه القطني الاسود المملوء. بالطحين ليقول بتذمر:
– إيه ده العجين مش بيطلع من ايدي.. وهدومي اتبهدلت عجبك كده؟
لتقول:
– وانا مالي انت اللي عامل زي العيال.
فتقلد صوته:
– عشان خاطري ياغزل أساعدك.. مش هبهدل الدنيا.. طيب شوفي علميني وهتلاقيني الشيف يوسف قدامك.
يوسف بغيظ:
– بقى كده؟ بتتريقي حضرتك.. ماشي ياغزل شوفي مين هينجدك مني.
ليجري وراءها فتراوغه حتى كاد يمسك بها بيديه الملطخة بالعجين لتصرخ وتفر من أمامه حتى اقتربت من باب الشاليه وقام بالهجوم عليها وسط صراخاتها.. ليسرع في حملها خارجًا بها من باب الشاليه يقول:
– انا بقى هوريكي تتريقي عليا ازاي!
فيزول المرح ويحل مكانه الرعب لتصرخ به تقول:
– لا يا يوسف.. انت هتعمل ايه؟ بلاش المايه لا.
فيجيبها:
– دلوقت بتترجيني؟ قولي إنك جبانه وأنا اسيبك.
غزل بخوف:
– أنا جبانه..انا جباااااانه.
يوسف وهو مستمر بالسير علي الرمال يقترب من المياه:
– قولي مش هسيبك يا يوسف.. بحبك ومش هسيبك.
يعلو صرخاتها رعبًا: – نزلني.. بقولك نزلني..
يوسف بتحدي:
– قولي الأول وأنا اسيبك.. بحبك ومش هسيبك.
غزل وقد تملك منها البكاء وقد بدأت شعر بالمياه الباردة ملامسه الحزء الأسفل من حسدها فتزداد تشبث برقبته ويعلو صوت بكائها.. يوسف برجاء:
– قولي ياغزل.. قوليهالي.. انك مش هتبعدي عني.. عشان بتحبيني.
فيشعر بجسدها ينتفض تحت ذراعيه وصوت اسنانه الذي يصدر من ارتعاش فكها حتي ظن انها لن تجبه لتقول بهمس مرتعش:
– انا معاك.. يتصلب جسده للحظات حتي بستوعب ما سمعه للتو ليتساءل بلهفة:
– قولتي إيه؟
لتجيبه مرة اخرى:
– أنا معاك.. مش هسيبك.
في هذه اللحظه تحديا ألقى البحر بجنونه لترتفع موجه عاليه تلطم ظهرها وتغمرهما بالمياه فيزيد من احتضانها لا يعلم كم مر من الوقت وهو معها داخل البحر يبثها شوقه الملتهب عن طريق قبلات متفرقه على وجهها وعنقيها لا تعلم هل هذا شكرًا على إجابتها أم كلماتها أشعلت نارًا كانت تظن انها مخمدة.
يتبع..