رواية ندبات قدر الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم الشيماء مسعد
ندبات قدر
٢١
ما أجمل السماء حينما تصبح صافيه بعد ليلة شتوية ممطرة بعدما كانت ملبدة بالغيوم ، ما أجمل أن تتصافي القلوب وتعود المياه لمجاريها ، فالقلوب العاشقة لا تعرف للكره سبيل ولا يدوم غضبها طويلا
دلفت مريم غرفة ابنتها نورين لأنها لم تعتد النهوض في وقت متأخر اقتربت لتوقظها هتفت بأسمها مرات متتالية بضجر وهي تقول
_ في حد ينام فوق الكتاب كده يا بنتي
أمسكت مريم بالكتاب كان كتاب الفيزياء وقعت عيناها على ما كتبت مريم
كان إجابة عن سؤال تعريف الجاذبية
كتبت نورين (تعريف الجاذبية : هي أن يكون أحدهم بمثابة مغناطيس يجذب قلبك وعقلك وروحك دون ارادة ، ثم يأتي مغناطيس اخر اكبر في الحجم والقوة فينجذب مغناطيسك تجاهه تاركا إياك تسقط بلا رحمة ولا شفقة )
اتسعت عيناها بصدمة وهي تقول : هو دا تعريف الجاذبية يا نورين ، هي دي المذاكرة
فكرت بداخلها : ياترى مين المغناطيس اللي جذبك وسابك تقعي يا نورين ؟
توجهت مريم إلى مكتب نورين أخرجت منه دفتر اعتادت نورين ان تسجل فيه خواطر تكتبها هي
قلبت مريم بعجلة وهي تنظر تارة إلى الصفحات وتارة إلى ابنتها التي تخشى ان تستيقظ فتجدها تفتش خلفها
وجدت اخر خاطرة كتبتها نورين منذ ايام
كانت كالآتي :
(ترعرت يتيمة الأب لم ارتشف من ذلك الحنان الذي يتحاكى عنه الناس ، لكني اعتدت ذلك بفضل الله ثم أمي الحبيبة ، لكنك ظهرت لي من العدم احببتك خارج ارادتي ، كنت لي بمثابة العوض عن أب لم اراه ، قدمت لي ليس فقط حب الحبيب ، لكن دفء وحنان وامان الاب لقد كنت تدعوني ابنتي المدللة ، وفجاءة القيت بي من حافة الهاوية ، انفطر قلب ابنتك ، قلب ابنتك يقطر دمًا ، هل انت سعيد الآن.....؟ )
وقع الدفتر من يد مريم كانت في حالة زهول ، عقلها لا يستوعب الفكرة التي طرأت عليه : هل ابنتها نورين تحب استاذ الفيزياء ، لو كان حقا سأضع اصابعي في عينيه ذلك الوغد الحقير يخدع طفلة صغيرة ويوهمها بالحب ، اقسم انني سأقتلع رأسه لو كان تفكيري حقيقي
غادرت الغرفة التقطت هاتفها كانت يدها ترتعش والدم يغلى في رأسها تشعر بحرب نشبت للتو بداخل رأسها
هاتفت الاستاذ عبد الناصر لأول مرة منذ ان أعطاها رقم هاتفه وطلب منها ان تهاتفه بأمر يخص نورين
جاءها الرد فقالت وهي تمثل الهدوء : استاذ عبدالناصر انا والدة نورين ، عايزة اقابلك ضروري برا البيت ممكن
اتاها رده : اهلا يا مدام ، نتقابل انهاردة بعد المغرب في كوفي (ايام السعادة )
وافقت قائلة : تمام هاكون على الوقت ان شاء الله
اغلقت الهاتف وهي تشعر بحزن عميق وغضب أيضا ينهش قلبها فكرت لقد كبرت تلك الطفلة الصغيرة سريعا ، كيف لي أن اتغافل عن كونها أصبحت شابة ، أنه خطأي وحدي كان يجب أن أكون اكثر قربا من طفلتي اعلمها عن مشاعرها وعن وحوش العالم الذين يستغلون تلك المشاعر البريئة لاشباع غرائز مريضة لديهم
مسحت مريم دموعها وتوجهت ناحية نورين
وكزتها بقوة كنوع من المعاتبة
فتحت نورين عيناها بهلع
قالت بكسل : ماما خضتيني
جلست مريم بجوارها وقالت : فيه حاجة حابة تقوليها يا نورين
ابتلعت لعابها بقلق ، حمحمت وقالت : حاجة زي ايه يا ماما
هزت رأسها مريم ورسمت ابتسامة على وجهها بالاجبار : اقصد صباح الخير ، مش هتقولي لماما صباح الخير
استقامت واقفة وقالت هجهز الفطار حصليني على برا
نظرات بريبة اطلقتها نورين شعرت وكأن والدتها تخفي شيئا ما ...
___________________________
كانت قدر تدور ذهابا وايابا قلقا على رازي تساؤلات كثيرة بداخلها : أين ذهب ؟ ولما لم يوقظها ؟ لمَ لم يخبرها؟
حسمت امرها أخيرا بعد تردد قررت أن تتصل به ، ولما لا هو زوجي ... ماذا قلت زوجي .. حتى لو لم يكن كذلك فهو يستحق مني كل هذا القلق
التقطت هاتفها طلبت رقمه لكن صوت نغمة هاتفه صدحت في الشقة ، ذهبت قدر تجاه الصوت ، وجدت هاتفه في الغرفة بدا القلق جليا على ملامحها فكرت : تبا له كيف له ان يترك هاتفه هكذا ، لماذا صنعت الهواتف المحمولة إذا ؟
تذكرت كلامه : لست طفلا لتقلقي عليَ هكذا ؟
قالت : هو فعلا مش طفل عشان اقلق عليه ، بس غصب عني ياترى راح فين ؟
تنهدت بحيرة ثم دلفت إلى المرحاض توضأت لتخرج وتلتقط مصحفا كان في الرواق فهي اعتادت أن تقرأ القرآن حينما تشعر بالقلق يداهمها ، لا تجد راحة سوى في قراءة كلمات من نور
ظلت وحيدة حتى ارتفع أذان المغرب ، مر الوقت بطيئا كالسحلفاة وهي تارة تتصفح مواقع التواصل ، وتارة أخرى تشاهد التلفاز ... حتى طرقت السيدة مريم باب الشقة
ركدت قدر بسرعة حتى أنها تعثرت في كرسي أمامها كادت تسقط .
لكن ظنونها هوت ارضا حينما وجدت السيدة مريم
قالت مريم برجاء : قدر يا حبيبتي ممكن تبقي تخلي بالك على نورين انا خارجة مشوار ومش هتأخر ان شاء الله
قالت قدر بود : اكيد يا طنط ، نورين في عنينا روحي مشوارك وانتي مطمنة
ذهبت السيدة مريم ولم يمر الكثير من الوقت حتى عاد الياس ومهاب الشقة
لقد اصاب الاحباط قدر لدرجة أنها جالسة لا تشعر بمن وصلا للتو
قال الياس بقلق: قدر فيه حاجة حد زعلك
عادت إلى الواقع تقول : ها انتو جيتوا امتي ؟
تبادلا النظرات وقال مهاب : فيه يا قدر ؟
قالت بصدق نابع من قلبها : رازي ، صحيت الصبح مالقيتهوش ولحد دلوقتي مارجعش البيت ، أنا قلقانة اوي عليه وسايب موبايله هنا .
ضيق الياس عينيه يفكر : تلك الأشياء كان يفعلها رازي حينما كان يعمل في المخابرات ، يخرج سرا دون أن يعلم احد خط سيره ، يترك هاتفه في المنزل
نفض الياس تلك الأفكار وقال بداخله : رازي مستحيل يرجع المخابرات ، وحتى لو عايز انا هامنعه
قال مهاب بمشاكسة : سيدي يا سيدي ع الناس اللي بتقلق وتحب ومقضيها وانا خليني جمب امي نقمع بامية
أنهى كلمته حينما صدح جرس الباب
توجه مهاب ناحية الباب ليفتحه وكانت الصاعقة بالنسبة له حينما رأي هاجر ومعها إياد يقف بجوارها !!
______________________________
وصلت السيدة مريم مقهي ايام السعادة وجدت الاستاذ عبد الناصر في انتظارها
توجهت ناحيته بملامح متجهمة ألقت السلام بنوع من الكبر والجمود
قابلها هو بابتسامة رقيقة قائلا : اهلا يا مدام ، يارب تكونوا بخير
قالت هي بغضب : وهيجي منين الخير وفيه حد زي حضرتك في حياتنا
اتسعت عيناه من الصدمة وهو يشير إلى نفسه : زيي أنا
قالت بحزن وقد اغرورقت عيناها بالدموع : استاذ عبد الناصر انا بنتي دي هي اللي طلعت بيها من الدنيا والدها اتوفي وهي عندها سنتين ربتها لوحدي ، رفضت كل العرسان اللي أتقدمت لي عشانها ومش مستعدة اشوف بنتي بتنطفي قدام عيني واقف اتفرج ، اللي يتعرض لبنتي هاكله باسناني
كان يستمع بكل صدر رحب وهدوء متأثرا بتلك الدموع التي تمردت على وجنتيها
قال بعدما تأكد من أنها لن تضيف شيئا اخر : أنا عارف ومقدر كل كلمة انتي قولتيها ، لأني ظروفي ما تختلفش كتير عن ظروفك ، أنا كمان ربيت بنتي لوحدي ولو حد داس لها على طرف مستعد برضو اكله بأسناني
كلامه أشعل حماسها ودفعها تقول بغضب : اومال علقت بنتي ليه بيك ، انت راجل قد ابوها ومربي فاضل وعندك بنت تعمل كده في بنات الناس ليييه
انهت كلامها وهي تلقي دفتر خواطر ابنتها في وجهه وكتاب الفيزياء الخاص بمادته ..
فتح فمه من أثر الصدمة هرب الكلام من فمه هل تتهمني الآن بستغلال طفلة صغيرة ..
_________________________
مهاب الذي تجمد من الصدمة قال : كابتن هاجر وعريسها ، اهلا اهلا ...خير جايين ليه
قالت هاجر بتلعثم : أنا جاية اقولك كل حاجة انا وإياد
صدح قبل أن تتكلم : مش عايز اعرف اي حاجة عنك غوري بقى وسيبيني في حالي عايز انسى
كورت كفها في وضع استعداد لأن تلكمه في أسنانه ذلك العنيد الأحمق
قالت بغضب : لو ما سكتش وسمعت كلامي للأخر هاضربك بوكس أوقع صف أسنانك .
قال هو بغضب وعناد : لمي نفسك لاجيبك من شعرك يا بنت الصاوي
وقف إياد في المنتصف وقال : باااس ، ايه العلاقة المتخلفة دي ، طب ما تدخلوا مصارعة حرة احسن
دفع مهاب لداخل الشقة وهو يقول : وانت مش تقول اتفضلوا دانت مافيش دم خالص يا اخي
خرج الياس من المرحاض اتسعت عيناه حينما رأي إياد ومهاب وهاجر ضيق عينيه وقال : هو فيه حاجة غلط بس انا مش عارف ايه هي .
بعد جهد كبير استطاع الياس وإياد عقد هدنة بين مهاب وهاجر اللذين لو تركوهما لكانا قتل أحدهم الآخر
حك إياد خلف رأسه وقال لقدر بحرج : ممكن يا أنسة تندهي نورين تيجي تقعد معانا هنا
تبادل مهاب والياس النظرات وقال الياس : وإنت تعرف نورين منين ؟
قال إياد بحنق : انتوا بس هاتوا نورين هنا وكل حاجة هتبقى واضحة
قال الياس لقدر : روحي يا قدر اندهي نورين لما نشوف اخرتها معاهم ايه ؟
__________________
بعدما قرأ الاستاذ عبدالناصر ما كتبت نورين وكيف ان والدتها فهمت انه السبب في تحطيم قلب ابنته
قال لها بهدوء : أنا دلوقتي فهمت انتي ليه كنتي عصبية من البداية معايا ، بس لازم تعرفي ان نورين بنتي و فيه شاب بيحبها وتقريبا كده الشاب دا جرحها مش عارف ازاي بس انا شوفته يوم ما وصلتها كان مستني تحت البيت عشان كده طلبت منك ترني عليا عشان اعرفك
شعرت بالخجل كثيرا من سوء ظنها به أنه حقا رجل بأخلاق عالية قالت وعيناها تنظر في الأرض : أنا آسفة يا استاذ
قطع كلامها وهو يقول : ما تتأسفيش يا مدام انا لو مكانك كنت عملت اكتر من كده
أخرج هاتفه كانت صورة شاشته هي صورة لفاطمة ابنته قال لها وهو يبتسم : البنت الشقية دي تبقى فاطمة بنتي الوحيدة هي كل حاجة حلوة في حياتي ، رغم اني رجل وصعب اني أدير حياتي لوحدي وشغل البيت وشغلي واهتمامي ببنتي كل الأمور دي صعبة لكن قصاد سعادة فاطمة انا رفضت اتجوز واجيب لها مرات اب
هزت رأسها ولم تعلق اكمل هو : قربي من نورين ، عاتبيها بهدوء مش عشان حبت الحب مش بأيدينا ، بس عاتبيها لأنها خبت عليكي واعرفي لو عاقبيتها هتخسريها للأبد ...
هزت رأسها واستقامت لتقف مكررة اسفها للمرة الثانية لكنه قال باصرار : مش هتمشي الا لما تشربي القهوة، ولا انتي كمان عايزة تهزقيني وتشكي فيا وتمشي من غير ما تشربي حاجة
ابتسمت وقالت : مش هزعل حضرتك انا محقوقة لك ، وهاشرب القهوة معاك .....
_________________________
دلفت نورين مع قدر وما ان رأت إياد حتى ارتعش جسدها كليا واتسعت عيناها من الصدمة كادت تفر هاربة إلى الخارج لكن قدر أمسكت بيدها وقالت مطمئنة اياها : متخافيش انا معاكي
اقترب هو ضاربا بكل الجمع عرض الحائط وقف أمامها وقال بنبرة جمعت حنان العالم اجمع : نورين حبيبي عاملة ايه ، ليه يا بابا وشك اصفر مش بتاكلي صح ، ولا بتذاكري ، ضيعي مستقبلك بقى عشان تقهريني وتموتيني بحسرتي
رفع مهاب حاجبه وقال : ايه العلاقة اللي مش باين لها ملامح دي ، بابا و حبيبي ، ومستقبلك دي علاقة متعددة الأطراف، اب وام وكراش في نفس الوقت
نظر الي هاجر وقال: وانتي يا قطة ايه وضعك من الإعراب في الليلة دي ، دا بيحب على نفسه قدام عينك
رفعت شفتها بتكشيرة وقالت : هو البعيد مش بيفهم صح ؟
اقترب الياس بغضب نوعا ما وقال : ما تحترم نفسك يا إبني محدش مالي عينك ولا ايه ، عايز إيه من نورين
نظر إليها وعسليتاه تشتعل غضبا وقال : نورين دي بنتي حبيبتي انا اقولها كل الكلام اللي انا عايزه واحبها بالطريقة اللي انا شايفها في مصلحتها ومحدش يقدر يمنعني
تشبثت بقدر اكتر دافنة وجهها في أحضانها لتخفي دموعها
شعر بأن دموعها تنزل كالجمر على قلبه قال بحنان بالغ : بس يا بابا بس يا حبيبي دموعك غالية اوي يا نوري ، أنا ما استاهلش دموعك دي ابدا يا حبيبي
مسح الياس على وجهه بحنق وقال : يا جدع انت ماعندكش دم ايه حبيبي حبيبي ، ماتلم نفسك
وجه كلامه لقدر وقال : خدي نورين يا قدر وروحي شقتهم
نظر إياد لمهاب والياس وقال : لا استني يا نورين ، أنا بحب نورين وهاتجوزها لو الدنيا كلها قالت لا هاقف قصاد الدنيا ، أنا وهاجر اتغصبنا على الخطوبة دي مصالح ابويا اجبرتني على اني أوافق ، وهاجر ابوها هددها أنها لو رفضت هايقفل لكم الشركة بتاعتكم
وجه كلامه لمهاب قائلا : انت ما تستاهلش هاجر ، مش عارف بكت يوم الخطوبة عليك قد إيه
نظر مهاب الي هاجر كانت مطأطأة رأسها تمسح عبراتها
اقترب منها وقال : انتي بنت ستين ك***
حدجته بأعين متسعة أثر الصدمة مما دفعه أن يقول
_ اسف والله بس دا اللي جه في بالي ، أنا زعلان منك يا هاجر ، ليه خبيتي عليا وماقولتيش
تنهدت وقالت بصدق حقيقي : كنت خايفة تركب دماغك وترفض الفكرة ، أنا قولت هتخطب لإياد لحد ما شركتكم تقف على رجلها وبعدين هاتحجج واسيبه ، لكن إياد طلع جدع واتفقنا إننا نساير أهلنا لحد ما كل واحد يوصل للي هو عايزه وبعدها نسيب بعض
وقفت واقتربت من نورين تقول بنبرة حنونة : له حق إياد يوقع على بوزه انتي قمر وبريئة اوي وهو كمان بيحبك حب كبير اوي حبه ليكي وصل لمرحلة انه شايفك بنته وبيتصرف على الاساس دا ، دا كان هيتجنن يوم ما شافك بتعطي ودايخة ضغطه نزل وحالته بقت حالة واتعلقله محاليل من قلة الاكل اوعي تفرطي في إياد مش كل يوم بنصادف حد يحبنا كده
اكملت بابتسامة : تعرفي اني في كل المواقف اللي شوفته فيها كان واحد عنده برود أعصاب ورده مش احسن حاجة ، الا لما يتكلم عنك تحسيه حد لطيف وهش ورفيق اوي
ابتسمت من بين دموعها وهو كان يغمرها بنظراته الحانية
أشار إلى قلبه وقال : دا كان واجعني اوي عليكي ماكنتش بنام الليل صورتك وانتي بتعيطي يا حبيبة بابا مش قادر انساها
همس مهاب لهاجر : بت هو انا لو قلتلك يا حبيبة بابا شعورك هيكون عامل ازاي
رمقته بطرف عينها وقالت : هاقولك العب بعيد يا بابا..
ضحك الجميع وجلسوا يشربون العصير الذي أعدته لهم قدر التي لم تنضم لعالمهم كانت في عالم ملئ بالقلق والاستفهام ...
ولا يوجد أي جواب يهدئ من حريق القلق الناشب بداخلها إلى أن صدح جرس الباب ركدت كالمغيبة فتحت باب الشقة وما ان رأته قامت باحتضانه بحركة عفوية جدا منها مما جعل عينيه تتسع من أثر المفاجأة...
حاوطها بذراعيه ضمها اكثر وهو يهمس ما أثر به فؤادها : أنا كنت محتاج الحضن دا اوي بصراحة ، بس أنا شايف عندنا ضيوف
ابتعلت لعابها وهي تنهر نفسها على اندفاعها ابتعدت عنه بحرج ، نظرت له ثم للجميع وركدت خجلة إلى داخل غرفتها
القى نظرة استفهامية على الجميع يتسأل من هؤلاء ولما هنا ؟ هل انحرف اخي ويحضر فتيات هوى في شقته ، سأفصل رأسه عن عنقه اذا كان الأمر كذلك ، القى السلام ثم حدج الياس بنظرة حادة مضمونها اريد توضيحا لهذا لاحقا ..
اتجه إلى غرفة قدر وكان منهك جدا فيومه حقا كان طويلا
كانت تجلس على فراشها تفرك يديها بعضهما ببعض
دلف وأغلق الباب خلفه بهدوء حتى لا يزيد توترها
اقترب منها كانت تنظر للاسفل جلس جوارها وقد قرر ان يتلاعب بها قال بجدية : ايه اللي حصل برا دا
تعالت نبضاتها وهي تبرر : أنا آسفة، أنا كنت قلقانة بجد عليك ، ماعرفش ازاي عملت كده ، عارفة أنه مش من حقي اني اتصرف كده بس غصب عن.....
بتر كلماتها وهو يحتضنها وقال : هششش
اهدي ، أنا سألتك عشان كنت عايز تكرري اللي عملتيه برا ، محتاج اوي الحضن دا
استكانت وبادلته العناق همس هو : من يوم اللي حصل ، بحس اني تايه مني ، مش بلاقي نفسي غير في الحضن دا .
ابتعد عنها يقول : انتي ليكي كل الحق تسألي وتقلقي عليا ، أنا بحب دا
اتسعت ابتسامتها وهي تفكر بداخلها : هل ستقول هذا الكلام أيضا اذا علمت أنني احببتك حقا ، هل ستعطي لي تصريح بحبك ، لا أفهم لما تعاملني بكل هذا اللطف ، أخشى أن يكون هذا نوعا من الشفقة
فاقت من شردها على يده التي التقطت يدها واضعا بها جواز سفر
تسألت : ايه دا ؟
قال هو : دا جواز سفر ليكي انا اتأخرت انهاردة برا عشان خلصته ، هسافر إيطاليا مع الياس ومهاب عشان الشغل واكيد مش هقدر اسيبك هنا لوحدك مش هكون مطمن
لم يعلم كيف وقعت تلك الكلمات القلائل على قلبها لقد ذاب عشقا لتلك الحروف القليلة التي خرجت بعفوية بحتة
ظلت تطالعه بابتسامتها البريئة ولم تتفوه
لم يرد ان يحرجها تركها تطالعه حتى قال : مين اللي برا دول
قصت له قدر ما رأت وكيف أنها كانت تشعر أنها تشاهد فيلما هندي من بطولة هؤلاء المجانين
هز رأسه يمينا ويسارا بمعني أنه لا فائدة من مهاب وهو يقول : مهاب طول عمره كده حتى قصة حبه مخالفة لقوانين الطبيعة
فتح حقيبته يخرج منها بعض الثياب وقال لقدر : أنا هاخد دش اعمليلي اي حاجة أكلها انا واقع من الجوع
هزت رأسها وقالت بحنان ودفء : من عينيا
نظر هو إليها يستوعب ما قالت وعلى جانب فمه ابتسامة ساحرة قال : لو من عنيكي مش هقدر اكل هفضل اتفرج بس
احمرت وجنتيها خجلا وخرجت من الغرفة لتفادي تلك النظرات التي تبعثرها كليا ...
مر يومان استعدوا فيهم للسفر إلى إيطاليا وها هما الان يهيطون من الطائرة على أرض إيطاليا
قال مهاب بحماس : هنروح بيت الجبل
قال رازي باختصار وبدون أي يبدي سببا لهذا : لا هنروح على فندق انا حجزت فندق قريب من مقر الشركة
استقلوا سيارة وانطلقوا إلى حيث الفندق وحينما وصلوا
وقف رازي وقال لهم ادخلوا انتوا هتلاقوا حجز بأسماكم وفيه غرفة بإسم قدر
تعجب الجميع من كلامه هذا وجه هو كلامه لقدر وقال : خليكي في اوضتك يا قدر ولو احتجت حاجة اوضة الياس جمبك كلميه
قالت بقلق : وانت هتروح فين ؟
رد باختصار : مشوار مهم اخلصه وهارجعلك .
هزت رأسها بتفهم بينما بدأ الشك يساور الياس : عن أي مشوار يتحدث
لذا قال الياس محاولا اضارء فضوله : فين المشوار دا يا رازي
وضع يديه في جيوب المعطف الذي يرتديه ونظر للفراغ قائلا : صديق قديم هاروح اسلم عليه
الآن هدأ الشك بداخل الياس تحركوا جميعهم إلى الفندق اما هو كان ما زال يقف ينظر إليهم حتى استدارت قدر لترى هل غادر ام لا وما ان دلفوا داخل الفندق حتى اخرج نظارة شمسية وارتداها وغادر .
وصل رازي إلى ملهى ليلي ضخم جدا كان كمدينة متكاملة وقف أمامه ينظر إليه وقد أخرج هاتفه كلم احد ما من داخل الفندق قال باللغة الإيطالية : أنا بالخارج الآن سأدخل حالا
اقفل الخط وتوغل داخل الملهى......
رمقته إحدى النادلات بتفحص اقتربت نحوه واعطت له زجاجة كبيرة من الجعة وكانت أثقل الأنواع حيث تجعلك تثمل من أول كأس ..
أخذها منها فتحها وهو يطالع المكان بنظرات تفحص يتذكر اخر مرة كان بها هنا من حوالي ست سنوات . حينما نفذ عملية من أخطر العمليات في تاريخه تحمس كثيرا يريد أن يضيف انتصارا جديدا لنفسه ..
اخذ يرتشف من زجاجة الجعة تلك حتى أوشك على انهائها ، فجأة وقف يتمايل يمينا ويسارا وهو يقول بدون وعي بالايطالية : أين المرحاض ، اريد ان اتقيأ ........