رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل السابع عشر17 بقلم وسام الأشقر
تقف نهى بتنورتها القصيرة وأحمر شفاها الصارخ تقول بمياعة:
– آسفة يا باشا.. خبطت الباب ومحدش رد عليا حتي سماعة المكتب مرفوعة.
لتشير له بعينها اللي هاتف المكتب.. نعم لقد رفع سماعته حتى لا يزعجه أحد.
يوسف:
– ده ما يمنعش إنك المفروض ما تدخليش من غير إذن.
فيشعر بغزل التي تدفن وجهها بصدره إحراجًا تحاول الابتعاد عنه تقول:
– أنا هروح أشوف محمد وراجعه.
ليمسك ذراعها مانعها عن الإبتعاد عن أحضانه بتحدي لتلك النهى يقول:
– استني هنا.. مافيش مرواح في حته.
ثم يوجهه حديثه لنهى:
– إيه بقى الحاجة المهمة اللي خلى حضرتك تدخلي علينا زي الإعصار كدة؟
تقف مستندة على مقبض الباب بمياعة:
– في واحد برة عايز يقابلك.. اسمه جاسر الصياد.
……….
لحظات وقف في صدمة من ذكر اسمه أمامه لتشعر غزل بتغيره وهبوط ذراعه الذي كان يحيط بها ببطء.. ليقول بغضب بعد إفاقته من الصدمة:
– تطلعي تقوليله يوسف الشافعي مش فاضي يقابل حد.. اتفضلي.
لتنصرف نهى بدلع وهي ترمق غزل نظرات باردة.. لتقول غزل مهدئة إياه:
– يوسف مالك؟ الراجل ده مضايقك في حاجة؟
عند انتهاء كلماتها وجدت الباب يدفع ويدخل منه رجل في مثل عمر يوسف يظهر عليه الأناقة طويل القامة قمحي البشرة يقول:
– مش عيب ترفض تقابل ضيوفك؟ لا انت اتغيرت خالص يا يوسف.
فين يوسف الدنجوان.. النحنوح.. اللي بيوزع عواطف علي الكل.
فيضرب المكتب بقبضته:
– ايه اللي رماك عليا ياجاسر؟ بقالنا سنين بعيد عن بعض إيه اللي فكرك بيا.
جاسر يجلس بأريحية ويظهر عليه الجدية:
– أيوه كدة خلينا في المفيد.
ليكمل مع تغير نبرته التي يشوبها بعض التوتر حاول السيطرة عليه:
– أنا جايلك النهاردة مش بصفتي جاسر صديق عمرك ولا بصفتي عدوك، اعتبرني شخص تاني غير اللي انت تعرفه زمان عشان تقدر تسمعي وتقدر الكلام اللي هقوله.
ليبل شفتيه بلسانه محاولًا ترتيب كلماته انها من اصعب اللحظات التي يمر بها:
– أنا جاي النهاردة وطالب أيد أختك ملك.
لحظات مرت عليه لم يستطع تحديد ما ألقاه علي مسامعه ليجد نفسه غير قادرًا علي تحمل اثباط نوبة الضحك لتصدح ضحكاته عالية وتدمع عينيه من شدة الضحك ليقول بين ضحكه الهستيري:
– بقى انت.. جاي بعد السنين.. دي ..تطلب أيد اختي أنا؟ اكيد شارب حاجة.
يضيق جاسر بتصرفه:
– انت بتضحك ليه؟ ايه الغريب في إني اطلب أيدها.
ليفاجئه يوسف بسؤاله:
– شوفتها فين؟
جاسر بتوتر:
– شوفتها في النادي.
– اتكلمتوا.
– لا.. أنا شوفتها وسألت عنها وعرفت انها أختك.
فيريح يوسف ظهره على مقعده:
– طلبك مرفوض يابشمهندس.. المقابلة انتهت.
جاسر محاولًا تخفيف حدة الموقف:
– يوسف! خرج اللي بينا بره حسابات ملك، انا فعلا بحبها و…
ضربة من يوسف فوق مكتبه اخرست جاسر ليقول بين اسنانه:
– أنا كمان كنت بحبها! أنت خاين ياجاسر وأنا ماسلمش اختي لواحد زيك.
– مش ذنبي اللي حصل صدقني سنين بحاول أفهمك وأنت مش حابب تسمع.. أنا عمري ما كان بيني وبينها أي حاجة ويوم مالقتها عندي أنا أتفاجئت زيك بوجودها قدام باب شقتي.
– انت عارف ان ابوها كان في مصالح بينه وبين أبويا وكان مستخدمها ورقة ضغط عليا.
– انت عايز تقنعني انها جاتلك شقتك من غير ما أنت تكون انت مارست وسختك معاها؟
– سنين بحاول أفهمك انها مش بتحبك وأنت متمسك بيها وروحت خطبتها ولولا شركة عمك والمصالح اللي كانت هتيجي من وراها مكانش ابوها وافق على خطبة بنته من طالب لسه بياخد مصروفه.
ليقف يوسف بغضب مستعر:
– اطلع برررره.. ماشوفش وشك تاني وموضوع اختي تنساه نهائي.
جاسر يقف ويهم بالخروج يقول بتحدي:
– أنا ماشي بس هتشوفني كتير بعد كدة.
ليضرب يوسف الباب بقطعه كريستال فتسقط متهشمة مع تسارع انفاسه.
…………..
تجد من يوقفها أثناء سيرها يقول:
– مدام غزل ..مدام غزل!
لترى من سبب الضيق ليوسف يحاول اللحاق بها فتتوتر من اقترابه ليقول بوقار:
– مدام غزل! أنا جاسر الصياد اللي كنت بالمكتب من شوية.. كنت حابب اباركلك طبعًا مع انها متاخرة.. وكان في موضوع مهم حابب أكلمك فيه.. ده الكارت بتاعي.. هستنى مكالمة من حضرتك لان الموضوع بخصوص ملك.. ياريت يوسف مايعرفش عشان مايحصلش مشكلة عن إذنك.
ليتركها وهي شاردة في الموضوع الذي يريدها فيه فتخفي الكارت الخاص به بحقيبتها مترددة في اخبار يوسف.
……………
يجلس بسيارته منتظرًا خروجها من بوابة الجامعة بعد استدراج ملك في الحديث عنها علم مواعيد خروجها ومحاضراتها ليستغل فرصة عدم حضور ملك لهذا اليوم.. حتى يستطع الحديث معها.. يلمحها تخرج من باب الجامعة وشخصًا يقوم بملاحقتها للحديث معاها ليضيق عينيه فيلاحظ عدم تفاعلها مع هذا الشخص وتحاول إجابته باختصار.. يتحرك من سيارته ليقف امامهما وأول من لاحظه كان (علي) ليقول:
– ايوه؟ في حاجة؟
لتلتف خلفها وتجحظ عينيها من رؤيته وتتذكر لحظة سقوطها أمامه أرضا لتخجل من هذه الذكرى وتقول:
– دكتور يامن! إيه اللي جابك هنا.
فيبتسم لأنها متذكرة اسمه ويقول:
– عاملة إيه ياتقى؟ أنا كنت جاي أحد ملك وتليفونها مقفول.
تحييه بخجل:
– ملك ماجتش النهاردة ازاي تكونوا في مكان واحد ومش عارف انها ماخرجتش؟
ويرتبك من كماته.. وينقذه سؤال الشاب لها:
– مش هتعرفينا ياتقى؟
– ده الدكتور يامن اخو ملك.. وده علي زميل لينا في الدفعة.
– أهلًا وسهلًا.
قالها يامن برسمية ليقول لها:
+ تقى كنت عايزك في موضوع.
فيحرج على رغم ضيقه وينصرف ويودعهم بهدوء.
لتقول تقى بتعجب:
– موضوع إيه اللي عايزني فيه؟
– على الواقف كدة ؟ طيب نقعد في مكان نتكلم.
لتجيبه بحدة:
– ولا واقف ولا قاعد أنا مش بقعد مع حد غريب.. عن إذنك.
يوقفها يامن يقول:
– انت دايمًا حنبلية كده.. أنا مش غريب أنا اخو ملك وابن عم غزل.
الزفر بقوة تاركة إياه بتجاهل. استمر بالسير بجوارها رغم تجاهلها ليقول:
– صدقيني أنا عايزك في موضوع مهم جدًا.. طيب تعالي حتى أوصلك ونتكلم.
فتنظر له بغضب صارخة:
– لو مابعتدش دلوقت هنسى انك اخو صاحبتي.. وهلم عليك الناس.
ظل ينظر حوله بارتياب من علو صوتها يقول:
– على فكرة أنا دكتور محترم ماينفعش اللي بتعمليه ده.. أنا مقصدش اضايقك.. أنا اسف.
هم ينصرف فوجدها تقول:
– كنت عايز إيه؟
ليبتسم يامن ابتسامته الجذابة:
– كان في وحدة غبية عايز اقولها أني معجب بيها.. وعايز موافقتها على ان اكلم اخوها وأتقدم رسمي.
…………….
دخل بابتسامته الجذابة واضع يده بجيوبه يدندن بصوته سعيدا لما حدث منذ الساعة عندما ألقى على مسامعها مفاجأته ليتلون وجهها بألوان الطيف ويتفاجأ بهروبها لتستقل سيارة اجرة للعودة لمنزلها ولكنه لم يترك الفرصة تضيع من يده ليسرع في ركوب سيارته ويسير خلف سيارة الأجرة فيشاهدها تستد رأسها بشرود.. لقد أعجبه مشاكستها فيضغط بوق سيارته بطريقة ملحوظة كأصوات أبواق زفة الأفراح ليلتف جميع الركاب بما فيهم هي فيرى في عينها الدهشة والخجل كأن كل الموجودين يعلمون مقصده ..فتشير اليه بإيهامها بطريقة عرضية علي رقبتها.. كتهديد منها.. فيضحك على فعلتها ويبادلها التحية العسكرية بأصابعه أمام جبهته.
…………
يدخل على اخته فيجدها متقوقعة ضامة صحنًا من حبوب الذرة لصدرها وتأكل منه بدون تركيز بسبب تركيزها في الفيلم المعروض ليجلس بجوارها باريحية يقول:
– ملك!
فتمل منه تقول:
– ايه عايز ايه؟
-عايز اخطب تقى.
لتجحظ عينيها تقول:
– أوعى تقول تقى صحبتي؟
– هي بعينها.
– يا نهار ألوان!
قالتها ملك بصدمة.. يتعجب من رد فعلها يقول:
– مالك؟ أنا قولت هتفرحي ان اخترت صحبتك.
– هو في حاجة تخصها ما أعرفهاش.
ملك بتوتر:
– إيه؟ لا طبعًا.. تقى كويسة جدًا.. بس اشمعنى هي؟
– مش عارف حاجة كدة شدتني ليها بغض النظر عن الكوارث اللي دايمًا تجمعنا.
فيكمل بإصرار:
– أنا قررت أكلم محمد وأتقدم لها رسمي، عقبالك ياملوكتي ما نخلص منك.
يتركها شاردة في هذه الكارثة أنها تعلم أن تقى كانت تهيم بأخيها يوسف.. كيف سيقبل يوسف وجودها مع يامن؟!
– استر يارب من الجاي.
……………….
وقفت بشرفتها مراقبة تحركاته أمام المسبح لقد كان يحارب شياطينه بعد حضور ذلك الشخص الذي يدعى جاسر وقد انقلب حاله حتى معها ..عند عودتهما لم يهتم حتى بالنظر اليها ليسترضيها اكتفى بالانصراف لتسير خلفه مثل الطفلة التائهة الغاضب منها والدها وتحاول استرضائه.. ألمها جفائه بعد أن كان يهيم بها ويحاول اختلاق أي مناسبة لإظهار عشقه لها.. بماذا اخطأت؟ لاتعلم!
منذ فتره حدثها محمد انه نجح في السفر إلى سوزان للتقدم لها رسميًا رغم أنها كانت تنتظر مثل هذا الخبر إلا أن حزنها طغى على مشاعرها فلم تشعر بالسعادة المطلوبة له.
………
تسير بملابس النوم بخف القدمين بغضب طفولي متجهه في الظلام إلى ذلك الأرعن الذي تربع على عرش قلبها في مدة قصير لتصل إلى حافة المسبح حيث تقبع ملابسه الذي كان يرتديها بالشركة من الواضح انه لم يبدلها منذ الصباح.
تقف متخصرة بيديها تهز بساقها بغضب طفولي منتظرة ظهوره من المياه
ليظهر بعد دقائق شاهقًا نتيجة منع الهواء لمدة داخل المياه.. فيلاحظ وقوفها وينظر إليها للحظه ثم يعود مرة أخرى للسباحة للطرف الآخر من المسبح بتجاهل متعمد.
لتصرخ بغضب: ممكن أفهم أنا عملت إيه غلط عشان تتجاهلني كده؟
بصمت للحظات ليجيبها بصرامة:
– روحي نامي ياغزل دلوقت.
ترفع حاجبها من جفائه لها فتجيبه:
– مش متحركة من هنا يايوسف إلا لما تقولي أنا عملت ايه؟ إنت كنت كويس معايا لحد ما الراجل ده جه.. أنا مش فاكره إن حصل مني حاجة.
يصرخ بوجهها:
– قولتلك اطلعي دلوقت.. أنا عفاريتي بتتنطط قدامي ومخنوق.
تشعر بجرح كرامتها لأنها تستعطف استرضائه.. فتقول ودموعها منحصرة داخل عينيها بتحدي:
– مش هطلع يا يوسف! أنا مش بحب المعاملة دي.. ولا أنت عشان ملكتني بتتعامل معايا كدة؟! وعشان اريحك انت لو مقولتليش أنا عملت ايه هنطلك في المية حالًا!
ليتعجب من تحديها وإصرارها على معرفة سبب ضيقه وتحميل نفسها مسئولية ذلك رغم انها ليست ضلعا في ذلك الموضوع فيقول بتحذير:
– بطلي جنان على المسا، أنتِ مش بتعرفي تعومى!
فيشاهدها تخلع خفيها بحركة من قدمها دون الحاجة إلى الانحناء وترجع خطوات للخلف كأنها تستعد للوثب، فينقبض قلبه من تهورها.. يصرخ بها بخوف:
– غزل! إياكِ تعمليها.
يحاول السباحة للاقتراب من حافة المسبح لمنعها ليراها تجري لتقفز في المياه برعونة غير مسبوقة فتخرج صرخة غاضبة منه باسمها مع مشاهدته لمحاولتها البقاء على سطح المياه بصعوبة بالغة، حتى وصل إليها يمسكها بقوة مانعًا إياها
يقوم بهزها بغضب مستعر من تهورها اثناء سعالها:
– أنتِ اتجننتي، غبية.. عايزة تموتي!
لم يشعر بنفسه إلا وهو يضمها بقوة خوفًا من فقدانها.
لتجيبه وسط سعالها:
– أعمل إيه؟ إذا كانت دي الطريقة الوحيدة اللي هتخليك ترجع تخاف عليا وتصالحني!
– مجنونة.
……….
– أنت متأكد من حقيقة مشاعرك دي؟ ومن اختيارك!
قالها يوسف وهو يبتلع قطعة من الخبز على الإفطار، لتقطع حديثهم غزل بسعادة:
– طبعًا هو هيلاقي زي تقى فين يا يوسف؟
ليجيبها يامن:
– اكيد طبعًا كفاية إنها أختك واخت محمد هتطلع لمين إلا لغزل البنات! يمرر يوسف نظره عليهما بضيق مع ملاحظته بصمت ملك وعدم تفاعلها معهم.
فيكمل يوسف بجدية:
– عموما عندك فرصة تفكر كويس لحد ما عمك يرجع من سفره ونشوف هنرسى على إيه.
لتسأل غزل سؤال يلح عليها:
– يوسف هو انت مش ملاحظ ان بابا بيسافر كتير وبيطول في سفره.
ينظر كلًا من يوسف ويامن لبعضهما بريبة.. فينقذ الموقف الأخير قائلا بداعبة:
– يابنتي خليه يسافر مش يمكن يرجعلنا بعروسة.
– لو كدة ماشي.
فيتبادلا النظرات لتقابله نظرة يوسف المملوءة بالامتنان لإنقاذ أخيه الموقف.
…………
– هتتأخري؟ سألها يوسف بهيام وهو يقبل كفها.. لتبتسم بسعادة غريبة تجيبه:
– أول ما اخلص هكلمك تيجي تاخدني.. مش عايز تطلع معايا بردو!
يوسف بمراوغة:
– خليها مرة تانية.. أساسًا خالتك مش بتطقني.
غزل بجدية:
– تمام .. أنا هطمن عليها وعلى تقى ومحمد.
– أنا شحناتي الغزلية اوشكت على النفاذ.. عايزة اشحن.. ماتتأخريش بدل ما اعملك فضيحة عند خالتك.
– لا على ايه؟ مش هتأخر عليك.
……..
– وحشتيني.. كدة ماتحضريش كتب الكتاب.
قالتها غزل وهي بين احضان صفا.
تجيبها سمية بعملية:
– اعذريني كان بابا تعبان مقدرتش اسيبه.
فتلاحظ غزل جديتها في الحديث:
– مالك ياسمية بتكلمي رسمي كدة ليه؟ أنا غزل فكراني.. اللي كنتي بتقطعي شعري زمان عشان لونه اصفر وانتِ اسود.
تبتسم سمية على هذه الطفولة لتقول صفًا:
– هي كدة من ساعة ما بقت تجيلي؟ وغلبت معاها تفك زي زمان.
غزل بود:
– طيب الحاجة اللي اشترتهالك عجبتك؟ وأنا بشتري ليا افتكرت لما كان عم رضا بيشترلنا فساتين زي بعض.. فاشترتلك زي.
سمية بكبرياء:
– معلش ياغزل اعفيني مش هقدر أخدهم.
تتحرك غزل لتواجهها:
– على فكرة أنا فاهمة انت بتفكري في ايه؟ وعيب تظني ان أنا بتعامل معاكي شفقة انتوا طول عمركم خيركم علينا ومكناش بنرفض هداياكم، ولعلمك أنا كان نفسي تيجي تشتغلي معايا بالشركة بس لقيت إن مواعيدها هتعطلك عن المحاضرات والمذاكرة عشان كده حبيت انك تكوني هنا عشان تبقى براحتك.
سمية بابتسامة يشوبها الحزن:
– ربنا ما يحرمني منك.
غزل بمرح:
– بقولك إيه؟ هنقضيها كلام! سبيني اطلع للبت تقى وحضري الفشار وثواني واجبها وأجي.
……..
– ها ياست العرايس.. ايه رأيك؟
قالتها غزل وهي تتربع فوق الفراش مواجهه تقى.. لتجيبها بدون تفكير:
– لا.. أنا مش موافقة.
تعقد حاجبها للتسرعها
– ليه ياتقى؟ ده يامن دكتور محترم وشكله بيحبك.. أنا فرحت لما قالي تقى.. أنت حتى مافكرتيش.
لترى تقى تفرك يديها بعصبية وتحاول الهروب بأعينها من محاصرة غزل.
غزل بإصرار:
– أنا ليه حاسة انك مخبية حاجة وكمان مش انتِ بس.. ده ملك ويوسف كمان.
– هو في حد في حياتك ياتقى.
تبتعد تقى عن مواجهتها والدموع تكاد تهبط:
– حد؟ لا مافيش حد.. خلاص أوعدك أني افكر.
– بسرعة كدة غيرتي رأيك من الرفض لأفكر.. في ايه ياتقى مخبياه عني مش أنا اختك حييبتك.
فتراها تضع وجهها بين كفيها بانهيار ويزداد نحيبها:
– أنا بتألم ياغزل.. عايزة ارتاح ضميري مش بينيمني.
تحثها علي الحديث تقول:
– انت مافيش واحدة زيك ياتقى.. مالك بس.
– ماتقوليش كدة.. بتزودي عذابي.. أنا ولا كويسة ولا استاهل أكون أختك.
ينقبض قلب غزل فتصمت لعلها تكمل.
ظلت تقص تقى على غزل ما حدث بينها وبين يوسف من بداية الإساءة لها لنية يوسف علي الاستيلاء علي أموالها.. ولكنها خجلت ان تخبرها ما حدث بينهما في شقته.. كانت تقص عليها وهي تتلقى الطعنات بصدرها بوجه جامد خالي من الحياة.
تقول تقى ببكاء:
– بتكرهيني صح؟ أنا ما استاهلش أكون أختك.
لتجذبها غزل بثبات انفعالي لأحضانها تقول بوجه جامد:
– انت احسن آخت في الدنيا.. أنا هفضل احبك مهما حصل.
………………
طعن.. غدر.. ألم لما دائمًا تأتي الطعنات من الاقربين.. أيعقل أنها سلمت مقاليد حياتها لسجانها! لجلادها.
جلست بوجه جامد يسيل فوق وجهها سيول من الدموع السوداء التي لطخت وجهها بسبب كحل العين.. تقبض علي كفيها كأنها تحارب حالها علي القفز في اعماق تلك المياة.. بعد ان تلقت كلمات تقى عما كان يفعله ونواياه.. شعرت انها بدوامة تدور وتدور دون توقف ..لا تعرف كيف مر عليها الوقت وهي جالسة أمام البحر وأمواجه لمنتصف الليل؟ لا تستطع تحريك ساكن.. اطرافها تيبست.. عزيمتها اثبطت.. حياتها انهارت وانتهت.. انه لم يحبها يوما.. كيف صدقته وآمنت له؟ كانت دائمًا محاربة جيدة له.. بدأت تدرك انها وحيدة دائمًا منذ وجودها في هذه الحياة وحيدة.. تشعر بالخواء يأكلها.. ما قيمة هذه الحياة.. أنها لا شيء، لأشيء على الإطلاق.. فمن رحلوا عنها رحموا من كبدها وعنائها.. لا تعلم لما تصر تلك الحياة على معاندتها وهزيمتها.
سارت تجر اذيال خيبتها بألم منحنية الرأس بخجل من حالها أنها كانت ضعيفة أمامه وسلمت له قلبها ..يغطي شعرها وجهها لا يظهر منه شيء كسابق عهدها.
دخلت بأرجل متعبة وأعصاب مهتزة تتمنى ان تقبض روحها في تلك اللحظة على أن تتواجد معه بنفس المكان.. لا ترى أمامها سوى خيبتها وغبائها عند وصولها لمنتصف المدخل وجدته يجذبها بغضب يمسك ذراعيها يهزها بقوة كأنه يهز دمية بلا روح ويصرخ بوجهها:
– كنت فين كل ده؟ ازاي تتأخر بالشكل ده بره.
تنظر له بجمود وعلي وجهها أثار الدموع الملطخة بالأسود:
– انت ساكتة ليه؟ وإيه اللي مبهدلك كده.. ما تردي.. إيه اللي خلاكي تسيبي البيت من غير ما أخدك وتليفونك مقفول؟
تمسك كفيه تخفضهما ببطء تقول بإصرار:
– طلقني!
يتبع….