رواية احببت كاتبا الفصل السابع عشر17 بقلم سهام صادق
الفصل السابع عشر
************
لحظات قد هدأت فيها شعلة جنونه ، وبدء العقل يسبح معه في بحور ذكرياته .. ليسمع صوت بكائها الذي بدء يختفي تدريجياُ من هول ما تُعانيه من قسوة جسده القابع فوق جسدها الضعيف .. ليتذكر هو جملة واحده قد ضوي صوتها بقوه في أعماقه فجعلته يبتعد عنها وهو يتأمل أرتجافتها .. ويعود به الماضي مجدداً وهو يطالع تلك المسكينه ويتذكر صوت من كانت سبب حاضره ومستقبله الميت
كان لازم أخونك ، ازاي أعيش مع راجل عقيم مبيخلفش .. انت عقيم ياجاسر ، وانا عايزه طفل حتي لو هنسبه ليك وهو مش منك
ليصحو من ذكرياته فيصرخ بقوه جعلتها تنتفض من بين ذراعيه
جاسر : اخرجي بره ياجنه ، بره بره
ويالها من صدمه مما كان سيفعله بها ، ومما تراه الان من أنكسار في عينيه ،فخرجت وهي تُلملم بقايا نفسها بعدما كان سيقضي علي أخر ذرة حب تنمو بداخلها له .. فرغم قسوته أصبحت تشعر بأنها لا ترغب بسواه
اما هو كان ظلام الماضي يشعل بداخله لهيب كان يطفئه مع كل أمرأة يتزوجها سراً ، فأقترب من شرفة غرفته ليطالع ظلام الليل بجمود وقلبه ينتفض وهو يتمني لو يعود الزمن مجدداً ويأخذ حقه منها ويقتلها ويقتل أوجاعه
ومع لهيب كل سيجارة كان يطفئ شعلتها بداخله ، فتذكر عيناها الخائفة وصوتها الراجي وهي تناديه
متعملش فيا كده ياجاسر ، متعملش فيا كده ياابن عمي !
...............................................................
وقفت أمامها بأمل ، وتأملت جمالها رغم مرور الزمن .. فتنهدت بعمق وهي تري تغير وجهها عندما علمت من مرافقتها بأنها موجوده الان معهم
ناهد بضيق : ايه اللي جايبك أوضتي ، قولت مش عايزه اشوفك
فسقطت دمعة من عينيها وهي تري كرهه أم زوجها لها ، لتنحني حياه بجسدها امام مستواها قائله : ارجوكي متكرهنيش ، صدقيني انا مأخدتهوش منك
فتصرخ ناهد بوجهها وهي تدفعها قائله : ابعدي من قدامي ، عملتي ايه في ابني خلتيه يتجوزك وهو مبيكرهش في حياته قد الستات ... انا امه بيكرهها
فتأملتها حياه وودت لو أخبرتها بأن أبنها لم يتزوجها عن قصةحب خياليه يتزوج فيها صاحب القصور من احدي فتايات الحارات ، بل فجأة قرر أن يتزوجها أشفاق او رغبه لا تعلم ولكن ليس حباً ..فالحب أسمي من يأتي بطريقة البيع والشراء
لتعود ناهد صارخة مجددا : عامر لاء ، عامر محدش ياخده مني ...
فأدمعت عين حياه مجدداً وهي تري بؤس تلك المرأه علي حبها لأبنها البكر
لتقول ناهد راجيه : لو رجعتيلي حب أبني ليا ، ساعتها هحبك واعتبرك بنتي .. غير كده فأنا مش عايزه وجودك وسطينا
فطالعتها حياه وهي لا تعلم لما حيات زوجها مع أمه بمثل تلك الطريقه ، لتخرج من حجرتها مع محاولة فشل جديده في كسب ودها ..
فأبتسمت بود عندما رأته يصعد درجات السُلم بأرهاق ، ليقف أمامها قائلا : مالك ياحياه كنت بتعيطي ليه
ونظر اليها طويلا قبل ان يعود بحديثه قائلا : انتي لسا خارجه من أوضتها صح
لتبتسم قائلة : انا بعيط عشان انا مبسوطه اني اتجوزتك
فتنفتح أعينه بصدمه ، فكيف تبعده عنها .. منذ أن تزوجها من اسبوعين ، وهي تُحادثه هكذا
وأمسكت بيديه لتقول بمرح كان قد دفن منها منذ زمن : عايزه أروح الملجئ ياعامر
ليتنهد متطلعا في أعينها وهو يتأمل كيف أصبحت تبرق عينيها بالدفئ ، فلا يعلم كيف تجمع كل هذه الصفات بداخلها فهي أول النساء من تُشتته عقلا ، فرفع بوجهها قائلا : طب ممكن نأجلها يوم تاني لاني تعبان
فطالعته بأبتسامة راضيه قائله : اللي تشوفه ويريحك
ويالها من كلمات جعلته يتنهد بعمق ليقول دون أن يشعر :انا محتاج حنانك ياحياه ، ارجوكي
وهنا قد أظهر لها ماكان ينقصه ويحتاجه وما كان سبب زوجه منها
فزوجها يفتقد الــــــحــــــنان رغم كل ما يملكه
..............................................................
تنهدت بألم وهي تري لمعان الحب في عين أروي وهي تقص عليها حكاية حبها وعشقها لهاشم أبن عمها
لتبتسم جنه بسعاده لها ، وهي تتذكره .. ولا تعلم لماذا تتذكره وهو منذ ليلتها هجرها فقد سافر وتركها ولا تعلم عنه شئ سوا من عمتها وأروي
لتتحدث أروي بتنهد : انا مش مصدقه ان ابو الهول نطق ، كان مقضيها نظرات
فتضحك جنه بصوت عالي ، لتتنهد تلك العاشقة مجدداً : بتضحكي عليا ليه طب بذمتك جاسر ما وحشكيش
لتخرج تنهيده عميقه من أعماقها ، وهي تتخيل لو كان جاسر رجلا حنوناً احبها واحبته ونطقت دون وعي منها قائله : لو هو وحشني ، فأنا واثقه اني موحشتهوش ...اخوكي مبيحبنيش ياأروي
فتتنهد أروي بحيرة قائله : بصي ياجنه .. جاسر اخويا كان حنين اوي وكان الحب ده من اول الحاجات اللي بيؤمن بيها ، واتحدي العيله والدنيا كلها عشان يتجوز مرام .. حتي نيره رغم انهم ديما كانوا بيقولوا عليهم في العيله انهم لبعض بس مفرقش معاه ، ومن سبع سنين بس كل حاجه اتقلبت أخويا مبقاش هو
لتنطق جنه قائله : هي مرام ديه راحت فين
فتبتسم أروي وهي تطالع رنين هاتفها متجاهله سؤال جنه قائله : ديه نيره اه لو عرفت اننا قاعدين سوا وبندردش دلوقتي
لتحرك جنه رأسها بعدم رضي ، ولكن صرخت اروي السعيده بعدما انهت حديثها مع تلك الأفعي جعلتها تنتفض وهي تستمع همهمات حديثها
أروي : جاسر وافق علي هاشم ،وهينزل يوم الخطوبه يا جنه .. انا مش مصدقه لسا نيره قايله ليا دلوقتي
لتبتلع جنه غصتها بصعوبه وهي تري نفسها لا شئ بحياته فنيره الأسبقي له عنها لتقول بوجع : ونيره عرفت منين
أروي : نيره سكرتيرة جاسر ياجنه ، هو أنتي متعرفيش
.................................................................
تنهد بعمق وهو يري سعادتها بالهاتف والحاسوب الجديد
فلمعت عيناه لشدة افتقاده لمرحها.. فأبتعادها عنه أصبح يزداد كل يوم لدرجة جعلته يشتاق إليها وهو لا يعلم كيف يشتاق لأحداهن وقد دفن كل مشاعر الحب منذ زمن
ليسمع سؤالها الذي اخرجه من بئر ذكرياته
صفا : طب أشغل التليفون ده ازاي ، مش عارفه افتحه
فيضحك أحمد برضي وهو يري تلهفها علي الهاتف الجديد ، فيقترب منها قائلا : تعالي نقعد أوريكي بيشتغل ازاي
لتجلس بجانبه بشغف قائله : لو مفهمتش فيه هاخد تليفونك
وماكان عليه سوا أن يضحك أكثر ، كل شئ بها يجعله ينعش قلبه
احمد : ده انتي طلعتي بلطجيه بقي من غير ما أحس ، طب ايه رأيك ان تليفونك احدث من تليفوني بمراحل
لتقف متذمره كالأطفال ، وترفع بيديها لتتوسط خصرها وماكان لتنورتها القصيره الي حد ما الا ان ترتفع أيضا .. فيبتسم بقوه وهو يطالع هيئتها ويجذبها قائلا : بلاش لماضه ياصفا
فتبعتد عنه بعدما كانت أنفاسه تلاحق وجهها ، ليطالعها بغرابه قائلا : بعدتي عني ليه
فتتنهد بعمق قائله : الاصدقاء في بينهم حدود ، ولازم مانتجاوزش الحدود ديه
لتقتله الكلمه في اعماقه ، ويتحدث بجمود : بس انتي...
ووقفت الكلمه في حلقه مره أخري ، وماكان صدي فعله سوا خذلان أخر
لتنهض سريعا من امامه ، تاركة له هداياه ، فيقف متنهداً بغضب من أفعاله .. فالكل مره يخسرها
..............................................................
أتسعت أبتسامة عمتها وهي تراها بكل هذا الجمال ، وبفستانها الذي قد اظهر كل شئ من أنوثتها .. لتحتضنها قائله : اه لو كان جاسر هنا دلوقتي ، وشاف قد ايه هو محظوظ بالجمال ده كله
لتغمض هي عينيها بألم ، فتبتعد منيره عنها قليلا وتضم وجهها بين كفيها قائله : انا عارفه اني بدخل في حياتكم اوي يابنتي ، بس صدقيني من حبي ليكم .. ومتأكده ان في يوم هشوف الفرحه بتلمع في عينك وهتشكروني انتوا الاتنين علي اللي عملته فيكم
فتتعالا أصوات الزغاريط وطلقات النار ، فيتهلل أسارير منيره قائله : أكيد كتبوا كتب الكتاب
وذهبت منيرة بسعاده قائله : هروح أشوفهم واشوف جاسر ، وانتي أدخلي للبنات وفرحيهم
لتردف جنه ثانية داخل تلك الحجره الواسعه التي تضم معظم نساء وبنات عائلتهم والعائلات الاخري بتلك المناسبه السعيده ، ويقع بصرها علي أروي وسعادتها وسط أصدقائها فتقترب منها قائله بهمس : مبروك يامدام
فتتنحنح أروي حرجا وتخفض برأسها أرضاً من هول احراجها ، حتي تقترب منهم نيره بعدما سمعت همساتهم
ومع نار تشتعل بداخلها همست في أذن جنه قائله : وعقبال لما تبقي انتي كمان مدام فعلا مش بالأسم بس
لتستشيط جنه غضبا من وقاحتها ، وأعين أروي تتطالعهم بغرابه لتقول أروي بفرح وهي تمسك بأيد جنه : هنرقص انا وانتي صح ، اوعي تنسي وعدك ليا
فتزداد ضحكات نيره وهي تستمع اليهم لتقول بوقاحه : وانتي فاكره ديه ست زي بقيت الستات وبتعرف ترقص ، بلاش تخلينا نتكثف قدام الناس.. وتابعت بحديثها وهي ترمقها بغيظ : أقعدي بقي ياأروي واركزي
لتجذبها جنه قائلة : معندناش عروسه تقعد ، وبما أننا بنات وسط بعض .. فهنعمل اللي يعجبنا
وأمسكت بذراعيها وهي تهاتف صديقاتها بأن يلتفون حول أروي ، فتحتضنها أروي بسعاده وأعين دامعه قائله:
أنا النهارده عرفت ان اخويا اختار صح ، انا بحبك اوي ياجنه
.............................................................
أبتسمت بسعاده وهي تراه قابع بين ملفاته وحاسوبه الشخصي لتقول بعدم رضي : طب وصحتك فين من كل ده
فيرفع عامر بوجهه قليلا ، ليراها ترتدي من أحد الثياب التي قد جلبها لها ، وشعرها ينسدل بطوله اللامع علي كتفيها ليقول بأرهاق : الصفقه ديه مهمه اوي ياحياه
وألتمعت عيناه وهو يتأمل كل ذرة بها وأبتسامتها.. فتنهد بتعب قائلا : حياه انتي هتموتيني قريب ، انا حاسس ولا طايل سما ولا أرض
لتضحك بقوه وهي تقترب منه لتمسد كتفيه بحنان قائله : هو مش المخطوبين بيدلعوا بعض برضوه وانا بدلعك اه
فيطلق تنهيده قويه ، وهو يرتخي بجسده لها قائلا : بس انا جوزك ياحياه
لتمسك بأحد أيديه وتنهضه قائله : طب يلا عشان نتعشا
وما من لحظات كانوا قد جلسوا في غرفة والدته ، فيتأمل أبتسامتها وهي تطعم والدته بأيديها .. وتبتسم لزوجها وهي تتأمل سعادة والدته بوجودهم معها ويتناولون عشائهم
لتنطق بسعاده قائله : عامر النهارده هو اللي قرر اننا نتعشا معاكي يا ماما .. واخفضت برأسها أرضا لترفعها قائله : تسمحيلي اقولك ياماما
فتلمع عين ناهد بسعاده ، وهي تلتهم طعامها بفرحه
ناهد : بجد ياعامر ، بجد يابني
فيغمض عيناه بقوه وهو يري سعادة والدته بأن يشاركها فقط طعامهم .. وماكان منه سوا أن ينهض قائلا : شبعت الحمدلله
لتتأمله حياه بغرابه ، وأقتربت منه لتمسك بيدهه قائله بهمس : شايف فرحانه ازاي بوجودك ، ربنا يخليك ياعامر خليك معاها .. لحد ما انزل اجبلكم الكيكه اللي عملتها ولا مش عايز تدوق الكيكه بتاعتي
وأنصرفت سريعا من أمامه ليتأمل طيفها بشرود ، فيسمع صوت ناهد وهي تهاتفه بسعاده : عارف لو الزمن يرجع بيا تاني يابني ، كنت صلحت كل غلطات عمري ، انا مكنتش خاينه والله بس للاسف كنت بحب الفلوس اووي وبحب نفسي كمان
ليضحك ساخرا وهو يتذكر أصعب مشاهد عمره عندما كان يراها في أحضان رجلا اخر غير أباه
عامر : مش قادر انسي جرحك ليا ولرجولتي تعرفي كام مره أتهنت بيكي ، كام مره كنت بتفرج علي صورك في المجلات وانتي في حضنه
لتغمض ناهد عينيها بألم قائله : بس ده كان جوزي
فيصرخ بقوه وهو يتأمل دموعها : وانتي امي ، صعب اشوف امي كده .. انتي كسرتيني وبعتي حب ابويا ليكي
وألتف بجسده كي يغادره حجرتها ، ليجدها تقف ممسكة بكعكتها واعينها دامعه لتنطق بألم وهي تشاهد غضبه علي أمه
حياه : ولادنا بعد كده هيعملوا فينا كده ، انا مش عايزه أعيش معاك
..................................................................
وقف يتأملها وهي تلتهم بقوه وجبة عشائها سرا في مطبخهم المُظلم، لتتسع أبتسامته وهي يراها تتلذذ بطعم الطعام بهمهات مُتلهفه .. فأقترب منها بحزر
أحمد : عشان تحبسي نفسك في اوضتك تاني من غير أكل
لتنتفض هي فزعا وتتأمله وهو يقف امامها حتي قال بتنهد : صفا انا مش عايزك تبعدي عني
وجذب بأيديها قائلا : عايز اوريكي تصميم المنتجع الجديد اللي انا صممته وكان بسبه وجودي هنا
فتتحرك خلفه دون شعور حتي صعدوا الي غرفته ليقول ضاحكا : اصلي بنام واصحي عليه كل يوم ، وقعدت المكتب بقيت مُتعبه ..
وأجلسها علي فراشه ، فأخذت تطالعه بأرتجاف وضعف وكادت ان تنهض وتهرب من خفقان قلبها الذي أطفئته منذ ان جرحها ورفض حبها بوحشيه .. فجذب ذراعها وأجلسها ثانية وجلس بجانبها علي الفراش وفتح حاسوبه قائلا : ها ايه رأيك
لتلمع عيناها بأنبهار
صفا : انت اللي صممت ده
فتزداد ضحكاته وهو يتأمل اندهاشها قائلا بفخر : جوزك مهندس شاطر علي فكره يامدام
فتنفتح شفتاها كالبلهاء وهي تعيد كلماته علي أذنيها ، ليعود هو بحاديثه قائلا : كنت اتمني اني أصمم المشروع ده في مصر
وتابع حديثه قائلا : المشروع ده هو سبب وجودي هنا
بس عارفه ياصفا اجمل حاجه لما تقدري توصلي لأحلامك اللي بتحبيها مش اللي فرضاها لنفسك
وألتمعت عيناه بعدما علم بأنه يثرثر كثيرا عن نفسه
أحمد : نفسك تكوني ايه ياصفا
لتنطق بعقل مغيب وهي هائمه في كلماته بأنها زوجته
صفا : اكون كاتبه
فتتعالا ضحكاته ويترك حاسوبه جانبا ، ويرفع بأحد حاجبيه ليقول : ومين كاتبك المفضل
فتغمض عينيها قائله : مراد زين
ورغم انه اصبح يعلم بحقيقة معرفتها بأنه هو مراد زين ، فتذكر همهماتها عندما كانت الحُمي تُهلكها .. فوقف بأرتباك قائلا : مش عايزه تعرفي تليفونك بيشتغل ازاي
وأتجه ناحيه أحد الرفوف ، ليجذب الهاتف وهو يقول بدعابه : شايفه بحافظ علي الامانه أزاي
واقترب منها ثانية وهو يحمله ، ليجدها هائمه في مكان أخر
احمد : مالك ياصفا ، فيكي ايه
..............................................................
ألتمعت عين أروي وهي تتأمل رقصتهما بعدما انتهت حفلة عقد قرانها ،حتي قالت بصوت عالي قد سمعه اخويها : ديه جنه طلعت أستاذه
فيطالعها كل الموجودين ، ليرفع هو بوجه عن فنجان قهوته
فتتحدث هدي بخبث تتخللها الغيره : كثفتنا قدام حريم العيله ياعمتي ، فضلوا يسألوا مين ديه .. واول ماعرفوا انها مرات كبير عيلة العامري ،معرفناش نخرس لسانهم
ليتأمل فاخر وجه اخاه الغاضب فيصرخ بزوجته قائلا : هدي
لتلتمع عين هدي بضيق فتعود لحديثها ثانية : مالها نيره أختي عقله وراسيه وبنت اصول
فيعلو صوت منيره الغاضب : وبنت أخوي بنت أصول برضوه ياهدي .. خد مرتك يافاخر وعلمها أزاي تعرف تحترم الكُبار
وصرخت بوجه أروي لتقول : وانتي أمسحي المسخره اللي علي تليفونك ديه
فيتعالي صوته ليقول اخيرا : فين جنه ياعمتي
وألتف لأخاه قائلا وهو يربط علي أحد كتفيه بقوه : احتراماً ليك مش هتكلم علي اللي قالته مراتك يافاخر
لتأتيهم هي بسعاده بعدما أنهت حديثها عبر الهاتف مع والديها لتقول : بابا وماما بيسلموا عليكوا ، وباركوا لعمي علي خطوبة أروي
ونظرت الي عمتها قائله : عمي حسن عايزك فوق ياعمتي عشان تكلمي بابا
لتنصرف عمتها بهدوء ،فتتأملهم هي بشك قائله : هو في حاجه حصلت
فيجذب هو ذراعها بقسوه قائلا : يلا
لتنفض ذراعيها متألمه من قسوته
جنه : مش انت قولت اني هفضل هنا في بيت العيله ، لانك مسافر تاني
جاسر بقوه : قولت يلا ، واسمعي الكلام .. انا مبكررش كلامي مرتين
.............................................................
نظرت اليه طويلا وهي تحمل حقيبتها قائله : انا همشي من هنا
ليطالعها هو بجمود قائلا : هو لعب عيال ، فوقي ياحياه مش معني اني بعاملك كويس يبقي انا ضعيف ياهانم .. بلاش تظهري عامر الأولاني
فتتأمله هي ساخره ، ودموعها تتساقط بقوه : انا مقدرش اعيش مع واحد مش قادر يسامح أمه علي ماضيها ... هتسامحني أزاي لما أغلط في حقك
ليتنهد هو بقوه تحرق كل ما بداخله : حياتي مع امي مالكيش دعوه بيها ، ومش معني اني ببادلك بمشاعر كويسه تستغليها
وعاد لبروده وعجرفته القديمه قائلا : مش كفايه سايبك تتدلعي وتتشرطي عليا
فيعم السكون فجأه ، وتتعالا صوت أنفاسهم لتقول باكيه : مش من حقي ادلع صح ، ولا من حقي احب ولا من حقي يسألوني تتجوزي مين ولا من حقي اختار حاجه خالص.. لازم انا بس اللي أضحي وأسامح واتحمل وأتهان وأسكت ..أتظلم واقول مش مهم ، لازم اكون ضعيفه بس
أتجوزتيني ليه ، أتجوزت ليه حتت بنت فقيره شوفتها مره واحده في ملجئ
ليتأمل دموعها بأشفاق ، واقترب منها ليضمها اليه بعدما بدء جسدها يرتجف
عامر : عشان عايزك تموتي الماضي جوايا ، عايز اصحي من ذكرياتي .. عايز حنانك اللي كنتي بتديه للأطفال ، انا عارف كل حاجه عانتيها في حياتك يا حياه ،عارف مهم وصفت مُعاناتي ووجعي مش هيجوا زي ما انتي أتوجعتي .. عايز اكون زيك مبتغيرش للأسوء
وتنهد بعمق وهو يضمها أكثر واكثر اليه قائلا بخبث : وايه ولادنا هيعملوا فينا كده ، عايزه ولاد مني ياحياه
لتبتعد عنه بخوف قائله بأرتباك : انت فهمتني غلط ، انا اقصد
فيقربها منه ثانية ليقول : انا أول راجل في حياتك ياحياه صح
لتتساقط دموعها قائلة بألم : مكنش فيه حد بيتمناني عشان يحبني ويكون في حياتي واكون انا كمان في حياته، حتي مسعد قالهالي
فمتقع وجه عند ذكرها لأسمه لتقول بوجع أكبر : قالي انه عايز يتجوزني عشان يخلص اخته من قرفي ويريحها مني
ليرفع بوجهها الباكي اليه .. لتتابع حديثها ثانية وهي تتلاشي نظراته قائله : حتي انت عايز بس اللي نقصك ، عايز الحنان والاهتمام .. اما انا ولا حاجه
وكادت ان تكمل باقي حديثها ، لتكون قبلته الدافئه علي شفتيها هي من أبتلعت باقي الحديث .. وأرادت ان تبتعد ولكن هيهات
.............................................................
تأملته طويلا بعدما أخيرا حرر أيديها من قبضته القويه ليقول بجمود : أنا أسف ياجنه
وابتلع ريقه وهو يتأمل نظراتها المصدومه .. فيلتف بجسده بعيدا عنها ويتمهل في اخراج باقي حديثه
جاسر : احنا لازم نطلق ياجنه !
************
لحظات قد هدأت فيها شعلة جنونه ، وبدء العقل يسبح معه في بحور ذكرياته .. ليسمع صوت بكائها الذي بدء يختفي تدريجياُ من هول ما تُعانيه من قسوة جسده القابع فوق جسدها الضعيف .. ليتذكر هو جملة واحده قد ضوي صوتها بقوه في أعماقه فجعلته يبتعد عنها وهو يتأمل أرتجافتها .. ويعود به الماضي مجدداً وهو يطالع تلك المسكينه ويتذكر صوت من كانت سبب حاضره ومستقبله الميت
كان لازم أخونك ، ازاي أعيش مع راجل عقيم مبيخلفش .. انت عقيم ياجاسر ، وانا عايزه طفل حتي لو هنسبه ليك وهو مش منك
ليصحو من ذكرياته فيصرخ بقوه جعلتها تنتفض من بين ذراعيه
جاسر : اخرجي بره ياجنه ، بره بره
ويالها من صدمه مما كان سيفعله بها ، ومما تراه الان من أنكسار في عينيه ،فخرجت وهي تُلملم بقايا نفسها بعدما كان سيقضي علي أخر ذرة حب تنمو بداخلها له .. فرغم قسوته أصبحت تشعر بأنها لا ترغب بسواه
اما هو كان ظلام الماضي يشعل بداخله لهيب كان يطفئه مع كل أمرأة يتزوجها سراً ، فأقترب من شرفة غرفته ليطالع ظلام الليل بجمود وقلبه ينتفض وهو يتمني لو يعود الزمن مجدداً ويأخذ حقه منها ويقتلها ويقتل أوجاعه
ومع لهيب كل سيجارة كان يطفئ شعلتها بداخله ، فتذكر عيناها الخائفة وصوتها الراجي وهي تناديه
متعملش فيا كده ياجاسر ، متعملش فيا كده ياابن عمي !
...............................................................
وقفت أمامها بأمل ، وتأملت جمالها رغم مرور الزمن .. فتنهدت بعمق وهي تري تغير وجهها عندما علمت من مرافقتها بأنها موجوده الان معهم
ناهد بضيق : ايه اللي جايبك أوضتي ، قولت مش عايزه اشوفك
فسقطت دمعة من عينيها وهي تري كرهه أم زوجها لها ، لتنحني حياه بجسدها امام مستواها قائله : ارجوكي متكرهنيش ، صدقيني انا مأخدتهوش منك
فتصرخ ناهد بوجهها وهي تدفعها قائله : ابعدي من قدامي ، عملتي ايه في ابني خلتيه يتجوزك وهو مبيكرهش في حياته قد الستات ... انا امه بيكرهها
فتأملتها حياه وودت لو أخبرتها بأن أبنها لم يتزوجها عن قصةحب خياليه يتزوج فيها صاحب القصور من احدي فتايات الحارات ، بل فجأة قرر أن يتزوجها أشفاق او رغبه لا تعلم ولكن ليس حباً ..فالحب أسمي من يأتي بطريقة البيع والشراء
لتعود ناهد صارخة مجددا : عامر لاء ، عامر محدش ياخده مني ...
فأدمعت عين حياه مجدداً وهي تري بؤس تلك المرأه علي حبها لأبنها البكر
لتقول ناهد راجيه : لو رجعتيلي حب أبني ليا ، ساعتها هحبك واعتبرك بنتي .. غير كده فأنا مش عايزه وجودك وسطينا
فطالعتها حياه وهي لا تعلم لما حيات زوجها مع أمه بمثل تلك الطريقه ، لتخرج من حجرتها مع محاولة فشل جديده في كسب ودها ..
فأبتسمت بود عندما رأته يصعد درجات السُلم بأرهاق ، ليقف أمامها قائلا : مالك ياحياه كنت بتعيطي ليه
ونظر اليها طويلا قبل ان يعود بحديثه قائلا : انتي لسا خارجه من أوضتها صح
لتبتسم قائلة : انا بعيط عشان انا مبسوطه اني اتجوزتك
فتنفتح أعينه بصدمه ، فكيف تبعده عنها .. منذ أن تزوجها من اسبوعين ، وهي تُحادثه هكذا
وأمسكت بيديه لتقول بمرح كان قد دفن منها منذ زمن : عايزه أروح الملجئ ياعامر
ليتنهد متطلعا في أعينها وهو يتأمل كيف أصبحت تبرق عينيها بالدفئ ، فلا يعلم كيف تجمع كل هذه الصفات بداخلها فهي أول النساء من تُشتته عقلا ، فرفع بوجهها قائلا : طب ممكن نأجلها يوم تاني لاني تعبان
فطالعته بأبتسامة راضيه قائله : اللي تشوفه ويريحك
ويالها من كلمات جعلته يتنهد بعمق ليقول دون أن يشعر :انا محتاج حنانك ياحياه ، ارجوكي
وهنا قد أظهر لها ماكان ينقصه ويحتاجه وما كان سبب زوجه منها
فزوجها يفتقد الــــــحــــــنان رغم كل ما يملكه
..............................................................
تنهدت بألم وهي تري لمعان الحب في عين أروي وهي تقص عليها حكاية حبها وعشقها لهاشم أبن عمها
لتبتسم جنه بسعاده لها ، وهي تتذكره .. ولا تعلم لماذا تتذكره وهو منذ ليلتها هجرها فقد سافر وتركها ولا تعلم عنه شئ سوا من عمتها وأروي
لتتحدث أروي بتنهد : انا مش مصدقه ان ابو الهول نطق ، كان مقضيها نظرات
فتضحك جنه بصوت عالي ، لتتنهد تلك العاشقة مجدداً : بتضحكي عليا ليه طب بذمتك جاسر ما وحشكيش
لتخرج تنهيده عميقه من أعماقها ، وهي تتخيل لو كان جاسر رجلا حنوناً احبها واحبته ونطقت دون وعي منها قائله : لو هو وحشني ، فأنا واثقه اني موحشتهوش ...اخوكي مبيحبنيش ياأروي
فتتنهد أروي بحيرة قائله : بصي ياجنه .. جاسر اخويا كان حنين اوي وكان الحب ده من اول الحاجات اللي بيؤمن بيها ، واتحدي العيله والدنيا كلها عشان يتجوز مرام .. حتي نيره رغم انهم ديما كانوا بيقولوا عليهم في العيله انهم لبعض بس مفرقش معاه ، ومن سبع سنين بس كل حاجه اتقلبت أخويا مبقاش هو
لتنطق جنه قائله : هي مرام ديه راحت فين
فتبتسم أروي وهي تطالع رنين هاتفها متجاهله سؤال جنه قائله : ديه نيره اه لو عرفت اننا قاعدين سوا وبندردش دلوقتي
لتحرك جنه رأسها بعدم رضي ، ولكن صرخت اروي السعيده بعدما انهت حديثها مع تلك الأفعي جعلتها تنتفض وهي تستمع همهمات حديثها
أروي : جاسر وافق علي هاشم ،وهينزل يوم الخطوبه يا جنه .. انا مش مصدقه لسا نيره قايله ليا دلوقتي
لتبتلع جنه غصتها بصعوبه وهي تري نفسها لا شئ بحياته فنيره الأسبقي له عنها لتقول بوجع : ونيره عرفت منين
أروي : نيره سكرتيرة جاسر ياجنه ، هو أنتي متعرفيش
.................................................................
تنهد بعمق وهو يري سعادتها بالهاتف والحاسوب الجديد
فلمعت عيناه لشدة افتقاده لمرحها.. فأبتعادها عنه أصبح يزداد كل يوم لدرجة جعلته يشتاق إليها وهو لا يعلم كيف يشتاق لأحداهن وقد دفن كل مشاعر الحب منذ زمن
ليسمع سؤالها الذي اخرجه من بئر ذكرياته
صفا : طب أشغل التليفون ده ازاي ، مش عارفه افتحه
فيضحك أحمد برضي وهو يري تلهفها علي الهاتف الجديد ، فيقترب منها قائلا : تعالي نقعد أوريكي بيشتغل ازاي
لتجلس بجانبه بشغف قائله : لو مفهمتش فيه هاخد تليفونك
وماكان عليه سوا أن يضحك أكثر ، كل شئ بها يجعله ينعش قلبه
احمد : ده انتي طلعتي بلطجيه بقي من غير ما أحس ، طب ايه رأيك ان تليفونك احدث من تليفوني بمراحل
لتقف متذمره كالأطفال ، وترفع بيديها لتتوسط خصرها وماكان لتنورتها القصيره الي حد ما الا ان ترتفع أيضا .. فيبتسم بقوه وهو يطالع هيئتها ويجذبها قائلا : بلاش لماضه ياصفا
فتبعتد عنه بعدما كانت أنفاسه تلاحق وجهها ، ليطالعها بغرابه قائلا : بعدتي عني ليه
فتتنهد بعمق قائله : الاصدقاء في بينهم حدود ، ولازم مانتجاوزش الحدود ديه
لتقتله الكلمه في اعماقه ، ويتحدث بجمود : بس انتي...
ووقفت الكلمه في حلقه مره أخري ، وماكان صدي فعله سوا خذلان أخر
لتنهض سريعا من امامه ، تاركة له هداياه ، فيقف متنهداً بغضب من أفعاله .. فالكل مره يخسرها
..............................................................
أتسعت أبتسامة عمتها وهي تراها بكل هذا الجمال ، وبفستانها الذي قد اظهر كل شئ من أنوثتها .. لتحتضنها قائله : اه لو كان جاسر هنا دلوقتي ، وشاف قد ايه هو محظوظ بالجمال ده كله
لتغمض هي عينيها بألم ، فتبتعد منيره عنها قليلا وتضم وجهها بين كفيها قائله : انا عارفه اني بدخل في حياتكم اوي يابنتي ، بس صدقيني من حبي ليكم .. ومتأكده ان في يوم هشوف الفرحه بتلمع في عينك وهتشكروني انتوا الاتنين علي اللي عملته فيكم
فتتعالا أصوات الزغاريط وطلقات النار ، فيتهلل أسارير منيره قائله : أكيد كتبوا كتب الكتاب
وذهبت منيرة بسعاده قائله : هروح أشوفهم واشوف جاسر ، وانتي أدخلي للبنات وفرحيهم
لتردف جنه ثانية داخل تلك الحجره الواسعه التي تضم معظم نساء وبنات عائلتهم والعائلات الاخري بتلك المناسبه السعيده ، ويقع بصرها علي أروي وسعادتها وسط أصدقائها فتقترب منها قائله بهمس : مبروك يامدام
فتتنحنح أروي حرجا وتخفض برأسها أرضاً من هول احراجها ، حتي تقترب منهم نيره بعدما سمعت همساتهم
ومع نار تشتعل بداخلها همست في أذن جنه قائله : وعقبال لما تبقي انتي كمان مدام فعلا مش بالأسم بس
لتستشيط جنه غضبا من وقاحتها ، وأعين أروي تتطالعهم بغرابه لتقول أروي بفرح وهي تمسك بأيد جنه : هنرقص انا وانتي صح ، اوعي تنسي وعدك ليا
فتزداد ضحكات نيره وهي تستمع اليهم لتقول بوقاحه : وانتي فاكره ديه ست زي بقيت الستات وبتعرف ترقص ، بلاش تخلينا نتكثف قدام الناس.. وتابعت بحديثها وهي ترمقها بغيظ : أقعدي بقي ياأروي واركزي
لتجذبها جنه قائلة : معندناش عروسه تقعد ، وبما أننا بنات وسط بعض .. فهنعمل اللي يعجبنا
وأمسكت بذراعيها وهي تهاتف صديقاتها بأن يلتفون حول أروي ، فتحتضنها أروي بسعاده وأعين دامعه قائله:
أنا النهارده عرفت ان اخويا اختار صح ، انا بحبك اوي ياجنه
.............................................................
أبتسمت بسعاده وهي تراه قابع بين ملفاته وحاسوبه الشخصي لتقول بعدم رضي : طب وصحتك فين من كل ده
فيرفع عامر بوجهه قليلا ، ليراها ترتدي من أحد الثياب التي قد جلبها لها ، وشعرها ينسدل بطوله اللامع علي كتفيها ليقول بأرهاق : الصفقه ديه مهمه اوي ياحياه
وألتمعت عيناه وهو يتأمل كل ذرة بها وأبتسامتها.. فتنهد بتعب قائلا : حياه انتي هتموتيني قريب ، انا حاسس ولا طايل سما ولا أرض
لتضحك بقوه وهي تقترب منه لتمسد كتفيه بحنان قائله : هو مش المخطوبين بيدلعوا بعض برضوه وانا بدلعك اه
فيطلق تنهيده قويه ، وهو يرتخي بجسده لها قائلا : بس انا جوزك ياحياه
لتمسك بأحد أيديه وتنهضه قائله : طب يلا عشان نتعشا
وما من لحظات كانوا قد جلسوا في غرفة والدته ، فيتأمل أبتسامتها وهي تطعم والدته بأيديها .. وتبتسم لزوجها وهي تتأمل سعادة والدته بوجودهم معها ويتناولون عشائهم
لتنطق بسعاده قائله : عامر النهارده هو اللي قرر اننا نتعشا معاكي يا ماما .. واخفضت برأسها أرضا لترفعها قائله : تسمحيلي اقولك ياماما
فتلمع عين ناهد بسعاده ، وهي تلتهم طعامها بفرحه
ناهد : بجد ياعامر ، بجد يابني
فيغمض عيناه بقوه وهو يري سعادة والدته بأن يشاركها فقط طعامهم .. وماكان منه سوا أن ينهض قائلا : شبعت الحمدلله
لتتأمله حياه بغرابه ، وأقتربت منه لتمسك بيدهه قائله بهمس : شايف فرحانه ازاي بوجودك ، ربنا يخليك ياعامر خليك معاها .. لحد ما انزل اجبلكم الكيكه اللي عملتها ولا مش عايز تدوق الكيكه بتاعتي
وأنصرفت سريعا من أمامه ليتأمل طيفها بشرود ، فيسمع صوت ناهد وهي تهاتفه بسعاده : عارف لو الزمن يرجع بيا تاني يابني ، كنت صلحت كل غلطات عمري ، انا مكنتش خاينه والله بس للاسف كنت بحب الفلوس اووي وبحب نفسي كمان
ليضحك ساخرا وهو يتذكر أصعب مشاهد عمره عندما كان يراها في أحضان رجلا اخر غير أباه
عامر : مش قادر انسي جرحك ليا ولرجولتي تعرفي كام مره أتهنت بيكي ، كام مره كنت بتفرج علي صورك في المجلات وانتي في حضنه
لتغمض ناهد عينيها بألم قائله : بس ده كان جوزي
فيصرخ بقوه وهو يتأمل دموعها : وانتي امي ، صعب اشوف امي كده .. انتي كسرتيني وبعتي حب ابويا ليكي
وألتف بجسده كي يغادره حجرتها ، ليجدها تقف ممسكة بكعكتها واعينها دامعه لتنطق بألم وهي تشاهد غضبه علي أمه
حياه : ولادنا بعد كده هيعملوا فينا كده ، انا مش عايزه أعيش معاك
..................................................................
وقف يتأملها وهي تلتهم بقوه وجبة عشائها سرا في مطبخهم المُظلم، لتتسع أبتسامته وهي يراها تتلذذ بطعم الطعام بهمهات مُتلهفه .. فأقترب منها بحزر
أحمد : عشان تحبسي نفسك في اوضتك تاني من غير أكل
لتنتفض هي فزعا وتتأمله وهو يقف امامها حتي قال بتنهد : صفا انا مش عايزك تبعدي عني
وجذب بأيديها قائلا : عايز اوريكي تصميم المنتجع الجديد اللي انا صممته وكان بسبه وجودي هنا
فتتحرك خلفه دون شعور حتي صعدوا الي غرفته ليقول ضاحكا : اصلي بنام واصحي عليه كل يوم ، وقعدت المكتب بقيت مُتعبه ..
وأجلسها علي فراشه ، فأخذت تطالعه بأرتجاف وضعف وكادت ان تنهض وتهرب من خفقان قلبها الذي أطفئته منذ ان جرحها ورفض حبها بوحشيه .. فجذب ذراعها وأجلسها ثانية وجلس بجانبها علي الفراش وفتح حاسوبه قائلا : ها ايه رأيك
لتلمع عيناها بأنبهار
صفا : انت اللي صممت ده
فتزداد ضحكاته وهو يتأمل اندهاشها قائلا بفخر : جوزك مهندس شاطر علي فكره يامدام
فتنفتح شفتاها كالبلهاء وهي تعيد كلماته علي أذنيها ، ليعود هو بحاديثه قائلا : كنت اتمني اني أصمم المشروع ده في مصر
وتابع حديثه قائلا : المشروع ده هو سبب وجودي هنا
بس عارفه ياصفا اجمل حاجه لما تقدري توصلي لأحلامك اللي بتحبيها مش اللي فرضاها لنفسك
وألتمعت عيناه بعدما علم بأنه يثرثر كثيرا عن نفسه
أحمد : نفسك تكوني ايه ياصفا
لتنطق بعقل مغيب وهي هائمه في كلماته بأنها زوجته
صفا : اكون كاتبه
فتتعالا ضحكاته ويترك حاسوبه جانبا ، ويرفع بأحد حاجبيه ليقول : ومين كاتبك المفضل
فتغمض عينيها قائله : مراد زين
ورغم انه اصبح يعلم بحقيقة معرفتها بأنه هو مراد زين ، فتذكر همهماتها عندما كانت الحُمي تُهلكها .. فوقف بأرتباك قائلا : مش عايزه تعرفي تليفونك بيشتغل ازاي
وأتجه ناحيه أحد الرفوف ، ليجذب الهاتف وهو يقول بدعابه : شايفه بحافظ علي الامانه أزاي
واقترب منها ثانية وهو يحمله ، ليجدها هائمه في مكان أخر
احمد : مالك ياصفا ، فيكي ايه
..............................................................
ألتمعت عين أروي وهي تتأمل رقصتهما بعدما انتهت حفلة عقد قرانها ،حتي قالت بصوت عالي قد سمعه اخويها : ديه جنه طلعت أستاذه
فيطالعها كل الموجودين ، ليرفع هو بوجه عن فنجان قهوته
فتتحدث هدي بخبث تتخللها الغيره : كثفتنا قدام حريم العيله ياعمتي ، فضلوا يسألوا مين ديه .. واول ماعرفوا انها مرات كبير عيلة العامري ،معرفناش نخرس لسانهم
ليتأمل فاخر وجه اخاه الغاضب فيصرخ بزوجته قائلا : هدي
لتلتمع عين هدي بضيق فتعود لحديثها ثانية : مالها نيره أختي عقله وراسيه وبنت اصول
فيعلو صوت منيره الغاضب : وبنت أخوي بنت أصول برضوه ياهدي .. خد مرتك يافاخر وعلمها أزاي تعرف تحترم الكُبار
وصرخت بوجه أروي لتقول : وانتي أمسحي المسخره اللي علي تليفونك ديه
فيتعالي صوته ليقول اخيرا : فين جنه ياعمتي
وألتف لأخاه قائلا وهو يربط علي أحد كتفيه بقوه : احتراماً ليك مش هتكلم علي اللي قالته مراتك يافاخر
لتأتيهم هي بسعاده بعدما أنهت حديثها عبر الهاتف مع والديها لتقول : بابا وماما بيسلموا عليكوا ، وباركوا لعمي علي خطوبة أروي
ونظرت الي عمتها قائله : عمي حسن عايزك فوق ياعمتي عشان تكلمي بابا
لتنصرف عمتها بهدوء ،فتتأملهم هي بشك قائله : هو في حاجه حصلت
فيجذب هو ذراعها بقسوه قائلا : يلا
لتنفض ذراعيها متألمه من قسوته
جنه : مش انت قولت اني هفضل هنا في بيت العيله ، لانك مسافر تاني
جاسر بقوه : قولت يلا ، واسمعي الكلام .. انا مبكررش كلامي مرتين
.............................................................
نظرت اليه طويلا وهي تحمل حقيبتها قائله : انا همشي من هنا
ليطالعها هو بجمود قائلا : هو لعب عيال ، فوقي ياحياه مش معني اني بعاملك كويس يبقي انا ضعيف ياهانم .. بلاش تظهري عامر الأولاني
فتتأمله هي ساخره ، ودموعها تتساقط بقوه : انا مقدرش اعيش مع واحد مش قادر يسامح أمه علي ماضيها ... هتسامحني أزاي لما أغلط في حقك
ليتنهد هو بقوه تحرق كل ما بداخله : حياتي مع امي مالكيش دعوه بيها ، ومش معني اني ببادلك بمشاعر كويسه تستغليها
وعاد لبروده وعجرفته القديمه قائلا : مش كفايه سايبك تتدلعي وتتشرطي عليا
فيعم السكون فجأه ، وتتعالا صوت أنفاسهم لتقول باكيه : مش من حقي ادلع صح ، ولا من حقي احب ولا من حقي يسألوني تتجوزي مين ولا من حقي اختار حاجه خالص.. لازم انا بس اللي أضحي وأسامح واتحمل وأتهان وأسكت ..أتظلم واقول مش مهم ، لازم اكون ضعيفه بس
أتجوزتيني ليه ، أتجوزت ليه حتت بنت فقيره شوفتها مره واحده في ملجئ
ليتأمل دموعها بأشفاق ، واقترب منها ليضمها اليه بعدما بدء جسدها يرتجف
عامر : عشان عايزك تموتي الماضي جوايا ، عايز اصحي من ذكرياتي .. عايز حنانك اللي كنتي بتديه للأطفال ، انا عارف كل حاجه عانتيها في حياتك يا حياه ،عارف مهم وصفت مُعاناتي ووجعي مش هيجوا زي ما انتي أتوجعتي .. عايز اكون زيك مبتغيرش للأسوء
وتنهد بعمق وهو يضمها أكثر واكثر اليه قائلا بخبث : وايه ولادنا هيعملوا فينا كده ، عايزه ولاد مني ياحياه
لتبتعد عنه بخوف قائله بأرتباك : انت فهمتني غلط ، انا اقصد
فيقربها منه ثانية ليقول : انا أول راجل في حياتك ياحياه صح
لتتساقط دموعها قائلة بألم : مكنش فيه حد بيتمناني عشان يحبني ويكون في حياتي واكون انا كمان في حياته، حتي مسعد قالهالي
فمتقع وجه عند ذكرها لأسمه لتقول بوجع أكبر : قالي انه عايز يتجوزني عشان يخلص اخته من قرفي ويريحها مني
ليرفع بوجهها الباكي اليه .. لتتابع حديثها ثانية وهي تتلاشي نظراته قائله : حتي انت عايز بس اللي نقصك ، عايز الحنان والاهتمام .. اما انا ولا حاجه
وكادت ان تكمل باقي حديثها ، لتكون قبلته الدافئه علي شفتيها هي من أبتلعت باقي الحديث .. وأرادت ان تبتعد ولكن هيهات
.............................................................
تأملته طويلا بعدما أخيرا حرر أيديها من قبضته القويه ليقول بجمود : أنا أسف ياجنه
وابتلع ريقه وهو يتأمل نظراتها المصدومه .. فيلتف بجسده بعيدا عنها ويتمهل في اخراج باقي حديثه
جاسر : احنا لازم نطلق ياجنه !