رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل الخامس عشر15 بقلم وسام الأشقر
بعد الانتهاء من هذه المهمة القاتلة بالنسبة إليه كان يحارب نفسه حتى لا ينظر إليها والمحافظة على عدم المساس بها.. ذهب إلى غرفته وقام بتبديل ملابسه المبتلة ورجع مرة أخرى إليها بكوب من أعشاب البرد الساخن.
جلس بجوارها ساندًا ظهرها إلى صدره يحاول إفاقتها من نومها.. وبعد نجاحه هذه المرة همس لها في أذنها برقة جديدة غريبة عليه مشتما رائحتها باستمتاع :
– غزل! قومي عشان تشربي الأعشاب دي هتريحك.
لتعقد حاجبها بتعب غير قادرة على المقاومة تقول بإرهاق:
– أنت إيه اللي جابك عندي؟ ودخلت إزاي؟
فيمد يده يحمل الكوب ويقربه من شفاها يحثها على تناوله.
بعد الانتهاء قالت:
– عايزة أنام ،.جسمي بيوجعني.
يوسف ملبيا رغبتها:
– هنيمك بس استني لحظة.. في حاجة لازم تتعمل الأول.
تراه يجلب منشفة جافة صغيرة ويجلس مرة أخرى خلفها ويقوم بتجفيف خصلاتها المبتلة قائلًا:
– لازم شعرك ينشف الأول عشان مبترديش.
وتراه بعد انتهائه ساعدها على تسطحها فوق الفراش ليدثرها جيدًا بغطائها.
وتسمعه يقول بتوتر:
– نامي ياغزل.. أنا هفضل جنبك لحد ما تنامي.
كانت تحمل بصدرها الكثير من الأسئلة.. ولكنها غير قادرة علي المجادلة معه.. لتنعم بالنوم الآن وتجادله غدًا.
بعد لحظات لاحظ انغلاق عينيها وتعمقها في نومها.. ليبتسم على سذاجتها.. كيف تأمن على نفسها معه بعدما صدر منه افعال مشينة اتجاهها ؟! هل حان الوقت ليصحح أخطائه.
في الصباح.
تململت بإرهاق شديد لا تعلم سببًا لألم جسدها ورأسها تشعر بثقل شديد حول جسدها، حاولت التحرك وفشلت، لتبدأ في فتح أعينها بتعب وتشعر بشيء ما يقيدها من خصرها لتحرك رأسها لترى ما الشيء الذي يقيدها.. فارتعبت من رؤيتها له نائمًا بجوارها محتضنًا خصرها بذراعه لتمرر نظرها بينه وبين ذراعه بخوف وارتعاش وتسحب بعنف غطائها ليحميها منه.
عند انتفاضتها بدأ يشعر باستيقاظها ليفتح عينيه الناعسة يواجهها وعلي وجهه ابتسامة خلابة يقول:
– صباح الخير!
تنظر إليه بذهول محدثه حالها(صباح الخير! أي صباح ؟! وهو ينام بجواري فوق فراشي، كأنه امر مسلم به.. ما هذه الوقاحة؟
كأنه سمع صوت تفكيرها فبدأ بالاعتدال في نومته دون تحرير ذراعه من خصرها يقول وعلى وجهه نفس الابتسامة:
– أنتِ كنت تعبانة امبارح بليل.. من الواضح جالك برد بسبب وقوعك في حمام السباحة.
فتشعر بذراعه يحررها وهو يخرج من الفراش:
– انا هقول لهناء تعملك شوربة خضار وماتسبيش سريرك النهاردة.
تفيق من صدمتها تقول بغضب:
– أنت ازاي دخلت اوضتي؟ مين سمحلك كدة؟ وإزاي اصحى الاقيك في سريري.. أنت هتفضل طول عمرك وقح و….
– وقح وقليل الأدب وبارد ..وريحتي لا تطاق.
قالها يوسف ببرود وعلي وجهه ابتسامة لم تترك شفتاه.
تتعجب من كلماته التي اطلقتها عليه من قبل.. ماذا لو علم بالاسم الذي سجلته به على هاتفها (البذيء قاطع الأنفاس )
فتشاهده يتحرك باتجاه الشرفة لتعقد حاجبها تقول:
– أنت رايح فين ؟ الباب من هنا.
– أنا هخرج من مكان مادخلت.
قالها بثقه
– أنت دخلت من هنا ؟ أنت اتجننت؟ إزاي تسمح لنفسك تدخل عليا وأنا نايمة ووو…
فتسقط عينها على ملابسها لتتسع أعينها فهذه الملابس لم ترتديها من قبل، كانت موجودة بخزانتها ولم تجرب ارتدائها قبل ذلك.. لتعطي عقلها إشارة بالخطر ويدور في عقلها الظنون وآلاف السيناريوهات المخلة.
فتقفز ملذوعة من فراشة اتجاهه تمسكه من مقدمة ملابسه تقول بكره:
– أنت عملت ايه وأنا نايمة؟ ..مين غيرلي هدومي أنا مكنتش لابسه كده.
ظل ينظر إليها باستمتاع غريب عليه، ويشتم رائحتها المسكية بسبب قربها ويرفع كفيه يمسك كفيها الممسكين به يقول بهدوء:
– هتصدقيني لو قولتلك انك كنت تعبانة اوي امبارح وبتخرفي بسبب السخونية واضطريت ادخلك تحت الميه.
– أنت اللي…
– هتصدقيني لو قولتلك ان غيرتلك هدومك من غير ما ألمحك حتى؟
تشعر بالغضب الشديد والضيق..
– قالوا للشيطان احلف.
– للدرجة دي شيفاني سيء.. شيطان بالنسبة لك؟ عمومًا…
قطع حديثهما طرق علي الباب وصوت يامن من الخارج يطلب منها الفتح.
لتلطم وجنتها بكفيها في حركة أنثوية جديدة عليه تقول بخوف:
– يامن بره.. اتفضحت، هيقول إيه لما يعرف إنك بايت معايا هنا.
– شششش.. اسكتي.. أنا هخرج من هنا ومحدش هيحس.. فاهمة؟
– لا لا.. هتقع، استنى اخرج من الباب.
– شششش.. مع السلامة.
تركها شاردة في خروجه تقول:
– إيه الجنان ده ياربي…
……………….
ظلت مستلقية على فراشها بملل.. لم يسمح لها أحد بالتحرك من الفراش بعد انتشار خبر مرضها بالمكان.. ظلت مستلقية تتلاعب بهاتفها فمنذ قليل جاءها اتصال من سوزان سبب لها الكثير من القلق والضيق لقد علمت منها أنها سافرت لأهلها بالصعيد وقدمت على أجازه غير محددة، وبعد إلحاحها لمعرفة السبب علمت الهدف الأساسي لسفرها.. بسبب تقدم ابن عمتها لها وسفرها تحت إطار التعارف.. صدمتها هذه الأخبار لقد كانت تعلم نية محمد اتجاه سوزان.. لتعرف بعدها ضيقها منه بسبب عدم اتخاذه لأي خطوات جدية في ارتباطهما.. هي تعلم انه عيب بشخصيته.. عيب التردد في اتخاذ القرارات.
ليدخل عليها يامن يجلس علي حافة فراشها:
– غزل البنات عاملة ايه؟
لتضحك بقوة قائلة:
– دي المرة الكام بقى تسألني السؤال ده، أنت كل خمس دقايق تدخل تسألني.
ضحكت غزل بعد كلمتها الأخيرة فقال يامن بحزن مصطنع:
– الحق عليا بطمن عليكي.. مالكيش في الطيب.
– لا يا دكتور احنا نقدر.. اطمن براحتك.
تتذكر شيئًا ارادت سؤاله عنها فقالت:
– يامن! سألتك قبل كده عن سبب الخلاف بينك وبين يوسف.. وعدتني انك هتقولي.
ليتنهد بقوة :
– الحكاية قديمة اوي.. سببت شرخ في علاقتنا، الحكاية ببساطة إني اتعرفت في يوم على بنت في الجامعة كانت من دفعتي، حبيتها جدا وكنت ناوي اخطبها في يوم خرجنا مع بعض إحنا الاتنين وقابلنا يوسف.
ساعتها ماحستش بارتباكها ولا رد فعل يوسف.. سلم علينا بهدوء ومشي.
بعد ما رجعت لقيته مستنيني.. وفضل يحقق معايا البنت تعرفها منين؟ وإيه اللي بينكم؟ وهكذا.. وفجأة لقيته بيقولي إبعد عنها وأنها بنت مش كويسة.
طبعًا اتخانقنا وسيبت البيت مدة.
بعد مدة لقيتها اتغيرت معايا مبقتش ترد عليا ولا عايزه نتقابل وبتحجج بالدراسة بدأت اشك.. اتفاجأت في يوم برساله منه وبيقولي اروحله على عنوان شقته.
ورحت لقيتها هي اللي بتفتحلي الباب بقميص النوم.
طبعًا ثورت وضربته وضربني وفضلنا من ساعتها مقاطعين بعض.
غزل بضيق:
– وبتقولي طيب وغلبان، لو مكنش طيب كان عمل فيك إيه؟
– لا.. لا هو فعلًا مغلطش .. أنا اكتشفت بعد كده انها أخلاقها مش تمام.
وأنه قبل كدة شافها مع حد.. وحاول طبعًا يجذبها ليه ..وهي ما صدقت.
ويوم ما شوفتها عنده كان بتخطيطه عشان أشوفها بعيني مادام مش مصدقه.
غزل بحيرة:
– يعني هو كان بيساعدك؟ طيب ليه الخلاف بقى مدام تأكدت انه كان عايز مصلحتك وطلع عنده حق.
– صعب ياغزل عليا إني اشوف اول حب في حياتي في حضن اخويا.. كان ممكن يلاقي حل غير كدة أنا حسيت ان رجولتي اتجرحت منه.. ومش قادر انساله اللي عمله.. آه هو حاول يبين لي الحقيقة بس المواجهة كانت صعبة.
غزل بتساؤل:
– عملت إيه بعدها؟
يامن بابتسامه حزينة:
– فضلت مقاطعه سنة كاملة، ودي كانت اخر سنة ليا في الجامعة بعدها انفصلت عنهم.. وسافرت زي ما انتِ شايفة.. عشان كدة بقولك ان يوسف غبي مع اللي حواليه وخصوصًا اللي بيحبهم ..بس قلبه ابيض كلمة بتهديه.
غزل بلامبالاة:
– طيب.. شرير.. لنفسه.. أنا مايخصنيش.
يامن يضيق عينيه بمكر:
– مممم طيب ..عموما احب أقولك اخويا العزيز واقع على بوزه ومحدش سمّى عليه.
فتعقد حاجبها بعدم فهم:
– يعني ايه؟
يامن يرفع عينه للسقف بفقدان صبر:
– ياربي.. مافيش حد طالعلي لمّاح ..أقولك؟ هسيبك تفهمي براحتك ياعروسة .
ويقوم بقرصها من وجنتيها كالأطفال
…………..
– أنا مش مصدقة اللي بسمعه أنت يوسف اخويا اللي اعرفه اللي بيقول كده.. خلاص مش همك اللي عمك عمله.
قالتها ملك بغضب.. يوسف وهو يجلس خلف مكتبها رافعا ساقيه فوق المكتب يتلاعب بالأقلام:
– أنا مش شايف سبب لعصبتيك دي؟ عمي حقه يكتب لبنته اللي هو عايزه.. ماتنسيش ان ماليش في الشركة ومع ذلك كان كاتبلي نسبة فيها قبل ظهورها.
ملك بذهول:
– أنت سمعت بودانك مخططها وده أول الطريق.
يوسف بعقلانية:
– ملك حبيبتي.. ده حقها وهي الوريثة الوحيدة لعمي.. مانقدرش نتكلم في حاجة زي دي.
لتضيق عينيها بتفكير:
– سحرتك؟ أكيد سحرتك …ماهي من ساعة ما رجعت والكل حوليها.. حتى يامن اخوك مش سائل فيا.. تقى كان عندها حق.
يوسف بحدة:
– ملك! سيرة البت دي بقت تعصبني ..وياريت اقطعي معاها.. هي كلامها مش نازل من السماء.
ملك بعدم استيعاب:
– لا.. لا أكيد في حاجة غلط.
– الغلط ياملك اننا نفكر نحرمها من حقها الشرعي ..احنا مش جعانين ومش ظلمة وآكلين حقوق.
ملك بسخرية:
– من أمتى؟
ليصرخ بوجهها يخرسها:
– ومن امتى وانا باكل حقوق حد؟
لتبتلع ريقها بتوتر من صراخه، نعم.. ليست هذه اخلاقهم الذي تربوا عليها.
ملك بفضول:
– يوسف! هو أنت.. أنت في حاجة من ناحيتك لغزل.. أصل شيفاك متغير معاها وبتدافع عنها كتير.
يوسف بتوتر محاولًا الهروب من الإجابة:
– لا.. أبدًا، حاجة إيه؟ خليكي بس كويسة معاها هي مافيش حد هنا تتكلم معاه وانتوا بنات زي بعض حاولي تشيلي الحاجز اللي احنا بنيناه هي بردوا بنت عمنا ومن دمنا.
ملك بعدم اقتناع:
– هحاول يايوسف.
……………….
تلقي بالقلم بضيق وتقوم بفرد ذراعيها محاولة منها لفك عضلات ظهرها من التيبس.. فهي على نفس الحال منذ شهرًا.. الكثير من الأوراق والملفات التي وجدت صعوبة في فهمها بالبداية حتى اعتادت الأمر بفضله.. كان يتابع معها كل كبيرة وصغيرة.. لم يمل أبدا ولم يتقاعس عن مساعدتها.. تتذكر اليوم الأول الذي دخلت فيه مكتبه بدون علما منه مسبقا ليتفاجأ لوجودها داخل مكتبه لتظهر عليه الصدمة ثم للدهشة ويليها السعادة.. كانت تظن انه سيكره وجودها بجواره بالشركة.. لتجده مرحبا بها ترحيبا حارا بالبداية كانت تعمل معه بحذر شديد خوفا من سلوكه وخلفياتها السابقة عنه.. ولكن فاجأها تغيره، لقد اصبح مهذبًا يتعامل معها بحذر لا يتعدى حدود العمل.. حتى الحوارت الجانبية خارج العمل أمتنع عنها ..بعد انتهائها من الشركة يعود بها ليصعد غرفته لا يخرج منها الا اليوم التالي.
فترفع اعينها لتجده يراقب تحركاتها ولكن بنظرة مختلفة عن نظراته الوقحة لا تعرف تفسيرها، فتسمعه يقول:
– شايفك تعبتي.. ماجوعتيش؟
لتجيبه بدون النظر إليه:
– لا ..مش جعانة.
يوسف بلوم :
– مش معقول ياغزل.. هتفضلي اكتر من تمن ساعات من غير اكل وتقولي مش جعانة ويوم ما ضغطت عليكي اكلتي ساندونش؟ شوفي بقي أنا ميت من الجوع وعايزك تفتحي نفسي.. ايه رأيك نروح نتغدى النهاردة برة المكتب وكمان في موضوع عايز أكلمك فيه.
ظهر التردد على وجهها وكادت ان ترفض فقال:
– مش هقبل رفض على فكرة.
…….
تجلس أمامه علي طاولة المطعم غير مصدقة انها شاركته الغداء.. لتكتشف أنها كانت تشعر بالجوع الشديد.. فعندما وضع الطعام التهمته بشراهة ليبتسم بسعادة لحالها.
لتسمعه يقول:
– تصدقي ياغزل إن في حاجات كتير ما اعرفهاش عنك.
اجيبه بسخرية:
– معقول يوسف الشافعي في حاجة ميعرفهاش.
– مش يمكن عايز اسمع منك؟
غزل برسمية :
– اسأل وأنا اجاوب.
فتشاهده يسند ذراعيه ويميل بجزعه للأمام يقول:
– بما ان اعرف انك انت وبيسان كنتوا مش بتشتكوا من علة.. إيه اللي حصلك.. يعني ازاي فقدتي النطق والسمع مع بعض.
لتتسأل :
– مين قالك إني فقدتهم مع بعض؟ أنا كنت كويسة جدا ..لحد اليوم اللي جه فيه بابا واتخانق معاها وخطف بيسان ..يومها كنت عند خالتي صفًا ..وفجأة سمعنا صوت ضرب وصواريخ ..فخرجوا يطمنوا علي مكان الضرب لقوا بيت أمي مضروب ومكنوش يعرفوا أني جريت خرجت وراهم ..فضلت اصرخ اصرخ بانهيار ..تاني يوم الصبح صحيت لقيت نفسي مش بتكلم ..الدكاترة قالوا صدمة.
ليسألها مرة أخرى:
– طيب والسمع؟
“فضلنا مدة كبيره بنعاني من ضرب الرصاص والقنابل والصواريخ وفي مرة كان الضرب شديد عن أي يوم وقريب من مكانًا للأسف ساعتها اضرب جنبنا صاروخ اثر على سمعي سعتها.
لترى في عينيه نظرة حزن غريبة ليقول بهمس:
– أنا اسف ..اسف لو كنت جرحتك في يوم ..بتمنى تسامحيني.
لتغير مجرى الحوار:
– ممكن بقى أسألك أنا ؟ انت شوفت بيسان اختى؟
لتلاحظ ابتسامة شقت شفتاه:
– نسخة منك.. متأكد لو عايشة معانا كانت هتبقى نسخة منك ..بس كانت هتبقى شقية عنك.
لتبتسم بسبب كلماته تقول :
– ماتت ازاي؟
– لما عمي رجع بيها كانت ساعتها بتعاني من حمى شديدة فضلت فيها مدة كبيرة لحد ماتوفت ..تخيلي رغم تعبها كانت بتفضل تتنطط زي مايكون كانت حاسة ان أيامها معدودة.
…….
فتراه يمد يده يمسك كف يدها بنعومة يقول:
– غزل! أنا عايز اعترفلك اعتراف بس خايف ماتحسيش بيا …أنا عارف أني ضايقتك كتير اوي …بس ..بس…
لم يستطع تكملة كلماته تحت ذهولها لتجده يدخل يده الحرة اللي جيب بدلته يخرج منها علبة صغيرة مخملية فيفتحها أمام ذهولها لتجد ما صلب جسدها
فيقول بصوت مهتز:
– تقبلي تتجوزيني؟
…………
يجلس بالسيارة يقبض علي مقودها بعصبية.. لما تحاول اذلاله.. لقد اخطأ كثيرا نعم اخطأ في حقها.. ولكنه لم يتوقع رد فعلها علي عرضه ..كان يتمنى ان يسمع موافقتها عليه.. ولكنها أشعلت ناره اكتفت بالتهرب وطلب الانصراف دون ابداء أي كلمة لهذا الموضوع الهام.. كأنه سألها عن لون ملابسها المفضل.. ليضرب المقود بقبضته بغضب فيشعر بانكماشها خوفا ممن.. يحاول ان يهدأ حاله لقد اتخذ قرارا من مدة انه سيغير طباعه وعاداته السيئة من اجلها هي فقط ..فهي تستحق رجلا بدون نزوات رجلا ملتزما ..لقد امتنع منذ فترة بعيدة عن الشرب بعد ماتسببه الشرب في إفقاده عقله وتهوره معها.
ليقول بصوت متزن :
– ممكن اعرف ساكتة ليه؟ انتِ حتى ماردتيش على طلبي.
فتخجل من عرضه الذي فاجأها به.. فهي تعلم انه يريدها ..يريد امتلاكها ..ومعجب بها ..لكن غير واثقة في إخلاصه وحبه لها.
فتجده يوقف السيارة على جانب الطريق يلتقط انفاسه المتسارعة ..ويضبط انفعالاته يقول بألم :
– أنت بتكرهيني مش كدة ..أنا عارف ان استاهل اي حاجة عايزة تعمليها ..بس الشيء الوحيد اللي مش هقدر عليه انك تكرهيني…
“يمسك كفوفها بيده متوسلا :
– أنت بتكرهيني؟!
تنظر في عينيه يؤلمها حاله هل هذا هو من ضربها بمكتبه من قبل من هددها وهدد الأقربين لها من اتهمها بالفُجر وطعن بأخلاقها من قبل ؟من أساء اليها ومن إعاقتها ؟
تقول بحزن:
– للأسف مش بعرف اكره حد مهما أذاني.. بس زي ما انا مش بعرف اكره.. برضوا مش بعرف احب اللي أذوني أنا آسفة.. لو رفضت طلبك.. أنا كل اللي بتمناه من الدنيا ان يوم مالاقي شريك حياتي ان أكون بحبه زي ماهو بيحبني.
يوسف بلهفة :
– مش يمكن تحبيه بعد ما تعاشريه وتعرفي هو قد ايه بيحبك.
تغمض عينيها بألم نتيجة الدوار الذي داهمها وتقول:
– ويمكن لا.. ايه اللي يخليك متأكد أني هحبه مع الأيام؟
ليلاحظ إغماض عينيها بقوة كأنها تحارب شيء..
-غزل! انت كويسة؟
قالها يوسف بخوف.
– نزلني بسرعة ..افتحلي الباب.
لينتفض من مكانه يخرج من السيارة بقلق وعند فتح الباب وجدها تنحني للأمام خارج السيارة تفرغ ما في معدتها وسط شهقاتها وارتعاشها فيقترب منها ممسكا إياه يحاول رفع شعرها بعيدًا عن وجهها مع وضع كف يده خلف ظهرها المحني.. وعند انتهائها قام بجلب زجاجة مياه من السيارة لينحني علي ركبته أمامها غير مباليًا بملابسه ليغسل وجهها بالمياه فتسمعه يقول بقلق:
– أنتِ كويسة.. أنا لازم واديكي المستشفى.
لتهز رأسها بالرفض تخبره بتعب:
– الحكاية مش مستاهلة.. يامن قالي انه طبيعي بعد العملية يجيلي دوخة وألم.
يوسف بلوم:
– ماقولتيش ليه انك تعبانة بالشكل ده ؟!..مكنتيش نزلتي النهاردة الشركة.
– صدقني الموضوع مش مستاهل ..دي اثار العملية.
ليهز رأسه متفهمًا ويقف أمامها محاولًا إسنادها وادخال ساقيها داخل السيارة.. وبعدها قام بفتح مقعدها لتستلقي عليه بجواره ليكون مسطحا مثل الفراش.. ويجلس خلف المقود ينظر إليها بخوف يحاول طمأنة نفسه فيجدها تغمض عينيها وتستسلم.. ظل يراقب شحوب وجهها ليزداد قلقه عليها.. فقام برفعها من كتفيها محاولًا إيقاظها ولكنها لم تستجب ليحتضنها بذراعه ويسند رأسها فوق صدره ..كانت من اجمل اللحظات لديه وهي مستسلمة بين ذراعيه فيرفع كف يدها يودعها قبلة لم يجد لها تفسير..ويريح كفها فوق صدره.
رائحته القوية داعبت انفها لتكتشف انها بين ذراعيه فتنتفض مبتعدة تحاول السيطرة على خجلها الذى لاحظه ..ليقول بجدية حتى يزيل عنها الحرج:
– انتِ لازم تروحي لدكتور دي تاني مرة اشوفك بالشكل ده ..وأنا هتصل بيامن بيرشحلنا دكتور لحد مايرجع من اجازته.
تهز رأسها بالرفض:
– صدقني انا كويسة.
ليهز رأسه بعدم اقتناع يركز نظره علي طريقة وعقله شارد يقول لحاله هل من الممكن ان تعطيه فرصة جديدة للبدأ معها ..أم كانت القاضي والجلاد واعلنت حكمها قبل المرافعة والدفاع.
عند وصولهما وقبل ان تهم بالخروج من السيارة امسك كفها يمنعها من التحرك ليقول بصوت يشوبه الرجاء :
– مادام مش بتكرهيني يبقى أكيد في أمل مش كدة؟…أدي لنفسك فرصة نعرف بعض من اول وجديد وسيبي نفسك وفكري قبل قرارك!
لتتهرب منه أعينها وتقول بتوتر:
– إن شاء الله ..سيبها لظروفها.
……
تسير بأروقة الشركة بسعادة ورضا ..جديدان عليها ..اول مرة وضعت قدمها داخل هذا الصرح لم كانت لتتخيل انها ستكون مالكة له …أما اليوم تشعر بالتصالح مع نفسها لقد تغيرت حياتها كثيرا في عدة اشهر قليلة .
اقتربت من حجرته أو بالأصح حجرتها لقد شاركته بها بعد ان رفض ان تكون لها غرفة خاصة بها لقد كان ديكتاتوريا لهذا القرار ارادها معه في كل لحظة تحت أعينه الصقرية ..لقد تغير كثيرا عن ذي قبل اصبح يهتم بكل تفاصيلها مع ملاحظاته التي لا يمل بها عن طريقة ملابسها تذكرت عندما هجم علي احد الموظفين بالشركة ولكمه بوجهه ووصل الأمر للتهديد بفصله عندما لمحه ينظر إلى ساقيها المنحوتين أسفل البنطال.. ليصرخ بوجهها بعد دفعها داخل الحجرة بان تمتنع عن ارتداء مثل هذه الملابس لتعدل بعدها طريقة ملابسها لما يناسب مكانتها الجديدة بملابس كلاسيكية عبارة عن تنورة ضيقة وسترة أسفلها قميصا حريريا …ليزداد غضبه من تنورتها التي تنحصر عند جلوسها ليظهر ركبتيها بوضح …لتضحك على ما تذكرته ..عندما فاض به الكيل …عندمًا استقلا المصعد كان يحاول العد التنازلي للإعداد حتى يسيطر علي غضبه لتتفاجأ به يعطل المصعد ويلتفت لها بغضب ينظر لتنورتها ثم يمد يده اتجاهها ويقوم بجذبها للأسفل مع أطلاق السباب علي هذا المصنع الذي ينتج مثل هذه التنورات القصيرة.
تذكرت أيضا عندما وجدته يطرق علي زجاج شرفتها كعادته يحمل بين احضانه عدد من العطور الرجالية لتفتح له بتساؤل ليجيبها انه احضر عدد من العطور الرجولية لتختار له عطرًا مناسبًا غير الذي يستخدمه ويسبب لها ضيقا ..فبعد استمرارها بالعمل معه اضطرت أخباره بمدى ضيقها من عطره النفاذ …ليقوما معانا باختيار عطرا رجوليا جذابا يهدئ الأعصاب لها.
…….
تصل الي حجرته مرورًا بالسكرتيرة الخاصة التي تم تعينها مؤقتا من قبل شادي حتى رجوع سوزان من إجازتها ..لا تعلم لما لا تريحها نظرات تلك النهى ..لا ليس نظراتها فقط بل ملابسها وكثرة طلاء وجهها بأدوات التجميل أيضًا.
تأخذ نفسًا بثقة وتطرق الباب قبل الدخول
عند دخولها قام يستقبلها كعادته بابتسامة خلابة بل خلابة جددًا.. أصبحت تهيم بابتسامته الخلابة ..الذي يخصها بها فقط.
ليقول بمداعبة:
– ربع ساعة تأخير ..كدة هتتعرضي لخصم ..احنا شركة محترمة.
غزل بتفكير:
– طيب مادام فيها خصم يبقى امشي بها.
كانت ان تتحرك وجدته يمنعها يقول بلهفة:
– تمشي! تمشي فين؟ أنا ماصدقت انك وصلتي.
ليكمل بابتسامة رقيقة :
– غزل! مش ناوية تريحيني بقى وتغيري رأيك.
غزل بتوتر:
– مش اتكلمنا في الموضوع ده قبل كدة يايوسف.
فتراه يمسك كفيها ويودعهما قبلتين يقول:
– لسه عندي أمل تغيري رأيك ..أنتي ليه مش مصدقة أني بحبك؟
فتسحب كفيها من بين أصابعه بخجل …
فيضيق بصمتها ويتحرك مبتعدا عنها يقول:
– أنا عارف انك مش قادرة تنسي اللي عملته فيكي ..وأنك مش قادرة تحبيني ..أنا عاذرك ..بس عايزك تعرفي ان وعدت نفسي ان دي اخر مرة هطلب منك ده ..أوعدك مش هضايقك تاني.
فتخطو خطوات هادئة لتصل اليه وترفع يدها تلمس كتفه بهدوء:
– يوسف!
– خلاص ياغزل.. مبقاش له لازمة الكلام.
– أنا موافقة.
يتبع….