اخر الروايات

رواية حي المغربلين الفصل الرابع عشر14 بقلم شيماء سعيد

رواية حي المغربلين الفصل الرابع عشر14 بقلم شيماء سعيد




صرخة قوية خرجت في أعماق الليل بظلامه الدامس، لم و لن يسمعها أحد مثل العادة لتستسلم إلى جحيمها الأبدي الذي لا نهاية له، وسط كل ما يفعله هي فقط تستقبل ذلك بلا حيلة.. فوزي مريض نفسي يتلذذ بعذاب جسدها و قلبها كأنه أعظم انتصار لديه... 

+


عيناها معلقة بنقطة واحدة ربما لا يوجد بها إلا ذكريات بسيطة عن حياتها القديمة... التي تتمنى العودة لها لو دقيقة واحدة.. 


+


دائماً قاسي إلا أنه اليوم أصبح أشد قسوة يحارب من أجل إخراج روحها من جسدها، ارتخت قوتها مغلقة عينيها تتمنى لو كانت تلك آخر أنفاس تخرج منها... 



+


لا يراها من الأساس فقط يرى تلك الزهرة النادرة من اللون الأسود برائحتها الفطرية اللذيذة، يفعل مع هاجر كل ما يحلم أن يفعله معها رغم أنه لم يراها إلا دقائق معدودة... 

+


هاجر كان يحبها لا ينكر و مازال يحبها إلا أنها تستحق الموت على يديه، انتهى منها مع شعوره بجمود و برودة جسدها، إبتسم بسخرية قاسية قبل أن يأخذ كوب الماء المثلج الموضوع بجواره و يقذفه بوجهها.. 


+


شهقت شهقة قوية تختنق فوق وجعها فتحت عينيها لترى أمامها أكثر رجل تكرهه بحياتها مبتسما بانتصار مثل عادته قائلا :


+


_ يا صباح الخير بقى كدة يا حلوة تنامي و إحنا في أول الليلة كدة غلط يا قطة و ليكي عقاب كبير عندي.. 


+


تعلم لو نطقت بكلمة واحدة لا يرغب سماعها الآن سيبدأ عذابها من جديد، غصبت وجهها على الإبتسامة قائلة بنبرة تقاوم لتظل صامدة : 

+


_ آسفة و موافقة على أي عقاب تؤمر بيه.. 


+


رفع أحد أصابعه محركا إياه على جرح على أول ظهرها فعله بسلك الكهرباء مردفا بتلذذ :

+


_ بعشق شكلك و أنتي زي اللوحة الفنية بالشكل ده.. إلا قوليلي يا هاجر إيه سبب قربك من كارم في المستشفى؟! 


+


ابتلعت لعابها برعب قائلة :

+


_ كان لسة فايق و صوته كان كان أقصد يعنى صوته واطي مش عارفة هو بيقول إيه، قربت منه شوية عشان أسمعه... 

+


ضغط على الجرح بقوة لتصرخ متألمة و هو يقول بسخرية : 

+


_ اممم مع إني لما دخلت كان صوته كويس، عموماً أنا واثق إنك مستحيل تكوني كدابة يا هاجر بس خافي مني عشان المرة الجاية لو كان صوته واطي برضو و تعب حبيبتي لدرجة أنها تقرب تسمعه مش هتردد لحظة في قطع لسانه..


+


سقطت دموعها قائلة بتردد مع شدة ألمها :

+


_ أنا تعبانة أوي... 

+


انتفض من مكانه بحركة مسرحية كأنه يحيى الجمهور قائلاً بغضب و عيون حمراء :


+


_ تعبانة بجد إخص عليا معقول أكون أنا وصلتك للمرحلة دي بجد أنا وحش و لا اطاق، بس معلش حقك عليا يا روحي ده درس صغير عشان تبقى تسمعي من على مسافة بدل ما تقربي من الناس.. شوية و الدكتور ييجي شوف مالك بقيتي خرعة أوي... 


               
إقترب من زجاجة الماء الموضوعة بجوار الفراش ثم وضعها بالقرب من فمها يشربها بحب يثبت أن هذا الرجل يأخذ لقب مختل عقليا عن جدارة عالية مردفا :

+


_ اشربي يا حبيبتي و ارتاحي عشان بعد ما الدكتور يمشي الليل كله بتاعنا و مش هنا في اوضتنا الخاصة... 





+


._____شيماء سعيد_______





+


بحي المغربلين استيقظ التوأم الكارثي على صوت جليلة لكي يحضرا معها الإفطار، فركت فتون عينيها قائلة بضجر :

+


_ هي أختك بتزعق ليه على الصبح؟! 

+


أبتسمت لها فريدة إبتسامة باهتة لتقوم فتون من على فراشها ثم جلست بجوار شقيقتها بترقب، تعلم أنها بها شيء مجهول تشعر بألم حاد بصدرها و مع حالة فريدة الغريبة زاد شكها، بلا أي مقدمات وضعت كفها على وجه الأخرى قائلة :


+


_ فريدة قولي فيكي ايه حالا و قبل ما تكدبي لازم تعرفي إن اللي بنا أقوى من الكذب... 

+


أخذت نفس عميق ما تعيشه لا ينفع قوله بأي طريقة حتى لو كان هذا الشخص فتون، كل ما قدرت على فعله لترتاح قليلة إلقاء نفسها بين أحضان الأخرى تضم نفسها إليها مغلقة عينيها.. 

+


خرجت منها آه حارة تخاف إخراجها بصوت مرتفع كما قالت له تخاف فقط، حركت فتون كفها على ظهر شقيقتها بقلق بالغ قائلة :

+


_ قوليلي مالك يا فريدة أنا مش قادرة أشوفك كدة، قولي جواكي إيه أنا و أنتي دايماً واحد بنحس ببعض.. 



+


رفعت رأسها بوجهها الشاحب مردفة :

+


_ مش كل حاجة نقدر نقولها حتى لو لأقرب الناس لينا، أنا كويسة بس حاسة إني نفسيا مش مرتاحة الفترة دي، بلاش تسألي مالك تاني لما أحس إني قادرة أتكلم مش هتردد لحظة عن ده... 



+


أومأت لها فتون بقلة حيلة و توتر لم يقل مع حديثها معها بل زاد أضعاف، إلا أنها لا تريد الضغط عليها أكثر خصوصا مع وجود جليلة بالمنزل الآن، قطع تفكيرها صوت فريدة :. 

+


_ قومي نغير و نحضر الفطار و بعدين نخرج أنا سمعت عابد عايز يخرج معاكي بس أنتي رفضتي، أنا فاهمة إني أدام جليلة أنا اللي خطيبته تعالي نخرج سوا أنا أروح شغلي و أنتي أخرجي معاه شوية...





+


بالخارج أعدت جليلة الفطور و بدأت بوضع الأطباق على السفرة قائلة بغضب :

+


_ منكم لله يا جوز بقر أنتي و أختك يلا يا عملي الأسود أنتي و هي أنا ورايا شغل مش فاضية ليكم... 


+


قطع حديثها الشبه يومي صوت دقات على الباب من رنينها تعلم هوية صاحبها، زفرت بضيق فهذا الرجل كلما تراه ترى معه سنوات عمرها الضائعة أمامها بحسرة.. 

+


وضعت على خصلاتها الحجاب ثم اقتربت بخطوات ثقيلة من الباب، فتحت له بعين جامدة ترفض حتى النظر بداخل عينيه ابتسامته تلك تكسر جزء يستحيل أن يعود مثلما كان بالبداية أبداً.. 



الخامس عشر من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close