رواية التل الفصل الحادي عشر11 بقلم رانيا الخولي
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الحادي عشر
……………..
أخذ يبحث في المختبرات الأخرى والنتيجة مماثلة
_ سلمى
صدح صوته في المنزل جعل سلمى تسرع الخطى إليه بقلق وهي تراه واقفًا بحالة لم تراه بها من قبل
_ في ايه يامراد؟
أشار لها بالصعود قائلاً بأمر
_ اطلعي جدامي.
لم تفهم منه شيء لكنها طاوعته وصعدت معه للطابق الثاني وقال بحدة وهو يشير ناحية غرفة نور
_ خبطي عليها.
سألته بوجل
_ طيب في ايه طمني.
صاح بها
_ جولتلك خبطي من سكات.
أومأت له مجبرة وطرقت على الباب حتى فتحت لها نور وحينها نحى سلمى من أمامه ودفع الباب ليقف أمامها ويشير لها بالاوراق التي بيده وتمتمت بسخط
_ ممكن تفهميني ايه اللي موچود في الورجة دي.
نظرت للأوراق التي بيده ثم رفعت بصرها إليه لتسأله
_ أوراق ايه مش فاهمة
رفع الورقة أمام عينيها وتحدث بحنق
_ اوراج بتجول إن آسر أخوي عقيم ولا يستطيع الأنجاب، يبجى ده معناه ايه؟
❈-❈-❈
ذهب وهدان إلى منزل عمها كي يعيد طلبه
رحب عمها بشدة وقد اخبرته حياة بموافقتها
_ أهلاً ياولدي اتفضل.
دلف وهدان وهو مخفض بصرة وتمتم بامتنان
_ يزيد فضلك يا حاچ.
جلس في المضيفة وبعد حديث طويل قال وهدان بثبوت
_ أني چاي النهاردة عشان اعرف ردكم على طلبي.
ابتسم صالح وهو يربت على كتفه وقال مازحاً
_ مستعجل على ايه مش لما تشرب الشاي لول.
رد وهدان بابتسامة
_ اعذرني أني سايب البنات وحديهم لأن خالتهم مشغولة اليومين دول ومش هتجدر تكون معاهم.
بعد قليل دلفت حياة وهي تحمل القهوة بين يديها ووضعتها على الطاولة وهي تمتمت بصوت خافت
_ السلام عليكم
رد الاثنين سلامها
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
واضاف عمها
_ اجعدي يا حياة لأن الكلام اللي هجوله ده لازمن تكوني شاهده عليه
القت نظرة إلى وهدان الذي بادلها النظرات بأخرى هادئة بثت الاطمئنان بداخلها وقالت بثبوت
_ حاضر ياعمي
سألها صالح رغم معرفة اجابتها
_ وهدان چاي عشان يعرف رأيك وجبل أي حاچة هو محتاچ أم لأولاده تعوضهم عن الحنان اللي اتحرموا منيه دول بنات ومحتاچين راعية خاصة، محتاچين صدر كبير وحنين لأنهم لو ملقوش ده في بيتهم هيدوروا عليه برة وهيكون ذنبهم في رجبتك
شايفة نفسك جدها نتوكل على الله ونوافج لو شايفة نفسك مش جدها يبجي ترفضي ويا دارك ما دخلك شر.
لا تنكر بأن حديثه أربكها لكن هي عاشت ذلك الحرمان وتود أن تعوض تلك الفتيات كما وجدت من يعوضها رفعت عينيها إلى وهدان الذي انتظر اجابتها فوجدت فيهما احتياج حقًا فلم تستطع الرفض وتمتمت بخفوت
_ موافجة
سعد قلبه قبل محياة الذي اعلن عن مدى فرحته لكنها قلبت كل شيء رأساً على عقب عندما اردفت
_ بس هكون أم للبنات مش زوجة.
جرحته بحديثها وخاصة أمام عمها
والتي ما فعلت ذلك إلا لكي يكون شاهدًا عليه فهذا يدل بأنها لا تثق به فغمغم عمها باحراج من وهدان
_ بس يابنتي…
قاطعه وهدان بثبات
_ مفيش بس ده حجها واني مجدرش اغصب عليها.
اهتزت نظراتها وشعرت بأنها اخطأت في ذكر ذلك الأمر مرة اخرى بعد أن أخبرته من قبل واعطاها موافقته
فعادت عنادها
_ وان ابني رچع هيعيش معايا.
وافقها بصدق
_ هيكون زي ابني واخ للبنات.
اعجب صالح بذلك الرجل وربت على كتفه متحدثًا بفخر
_ صدج اللي جال اللي خلف مامتش ربنا يجعل جدمها جدم سعد عليك ياولدي.
_ إن شاء الله، بس كنت رايد اعچل بالفرح، رايد يكون الخميس الچاي يعني بعد اسبوع عشان خالتهم هتتزوچ كمان اسبوعين.
نظر صالح إلى حياة ينتظر رأيها
فتمتمت بهدوء
_ اللي يشوفه عمي.
_ واني موافج.
نهضت حياة بحرج واستئذنت منهم واسرعت بالخروج تتبعها عين وهدان الذي اقسم بداخله ان يعوضها عن ذلك العذاب الذي عاشته.
❈-❈-❈
لم تستوعب نور معنى حديثه وسألته بعدم استيعاب
_ انت بتقول ايه مش فاهمة
زم فمه دلاله على مدى صعوبة تحكمه في غضبه وغمغم بانفعال
_ زي ما سمعتي وصلتني تحاليل بتجول إن آسر أخوي ميقدرش يخلف يبجى ده معناه ايه؟
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة لا تتخيل ما يحدث، كيف ذلك وهي تحمل طفله في أحشاءها
هل يقصد بأنها خائنة أم ماذا
_ مش بيخلف إزاي وانا حامل منه؟
رفع حاجبيه مؤيدًا
_ ده بجى اللي رايد اعرفه، مادام هو مش بيخلف يبجى حامل كيف؟
عقدت حاجبيها بصدمة وسألته باندفاع
_ انت كداب والتحاليل دي مش حقيقة.
نظر إليها بسخط ومد يده بالاوراق وهو يهدر بها
_ اتفضلي اتأكدي بنفسك وبعدين اتهميني بالكدب، وخصوصاً إن العقم عندهم وراثة ابوه مخلفش غيره وكانت بعد عمليات كتيرة ومتكررتش تاني رغم انه اتزوچ بدل المرة خمس مرات بس محصلتش تاني
وعمه اللي مات بنفس النظام
مد يده بالاوراق وتابع بأمر
_ اتفضلي اتأكدي لول
أخذت الأوراق من يده وأخذت تنقل عينيها من ورقة لأخرى وكلها بالفعل تثبت ذلك
رفعت بصرها إليه
_ التحاليل دي مش صحيحة
تدخلت سلمى التي تشاهد الموقف بصدمة وقالت باقتراح
_ ياريت نهدي ونفكر بالعقل
والعقل بيقول إننا نعمل تحليل دي إن إيه عشان نقطع الشك باليقين ونقفل صفحة الشك دي نهائي.
مازالت لا تستوعب شيئًا مما يحدث ولا الحقائق التي تظهر تباعًا خلف بعضها بأنها كانت مجرد وسيلة للوصول لمبتغاه، او بشكل ادق فأر تجارب ولذلك كان يسألها دائمًا بحجة أن الحمل هو وحده من سيجبر والده على الموافقة.
محال أن يكون ما تمر به حقيقة بل مسلسل هابط تجسدت هي دور بطلته
رفعت عينيها إلى سلمى التي خفضت عينيها بإحراج وذلك الذي يشيح بوجهه بعيدًا عنها مدعيًا للتدين وهو ابعد ما يكون عنه.
عليها الذهاب من هذا المكان وتلك المرة دون رجعة
لا تريد البقاء تحت ضغط مستمر مع ذلك الرجل الذي يتصيد لها الأخطاء
فقالت بثبات رغم ما يعتمل بداخلها من نيران
_ وانا موافقة اننا نعمل التحليل بس بشرط
ضيق عينيه متسائلًا
_ شرط ايه؟
اجابت بقوة زائفة
_ التحليل هيتعمل النهاردة وبعد ما تظهر النتيجة وتتأكدوا أنه ابن اخوك وقتها همشي من البيت ده ومحدش منكم يمنعني
اجفل من حديثها والثقة التي تتحدث بها مما يدل بأنها حقًا صادقة، لكن تلك التحاليل صحيحة فهو طبيب ومتأكد من صحتها
فعاد إليه شكه وغمغم بموافقة
_ واني موافج
نظر إلى زوجته وقال بحدة
_ انا مستنيكم تحت في العربية
خرج مراد ونظرت سلمى إليها بإحراج وتمتمت
_ انا آسفة لو كنت جرحتك بالاقتراح ده بس انا واثقة فيكي وعشان كدة حبيت انهي اي شك جواهم من ناحيتك بالطريقة دي.
اغمضت نور عينيها تحاول منع عبراتها من النزول وقالت بألم
_ صدقني من وقت ما عرفت حقيقته مبقاش يفرق معايا اي شيء بالعكس انا مبسوطة اوي إني عرفت الحقيقة، صحيح متأخر بس عرفتها وخلاص.
ربتت سلمى على كتفها ولم تجد شيء تقوله فالتزمت الصمت وخرجت من الغرفة
….
اخذها بسيارته وذهب بها إلى معمل خارج البلدة كي لا يعلم أحد بذلك الأمر
يعلم جيدًا بأنه سيجد صعوبة بذلك خاصةً بأنه أمر غير قانوني لكن عليه ذلك كي يمحي اي شك بداخله
لكن ماذا إذا كانت صادقة حقًا وقررت الذهاب؟
هل سيسمح برحيلها؟
انقبض قلبه عن تلك النقطة
لكن لما؟
نظر لانعكاس صورتها في المرآة ولاحظ الحزن المرتسم على وجهها وكم آلمه رؤيتها بتلك الحالة.
وجه نظر للطريق أمامه واستغفر ربه ودعاه أن يدله على الحقيقة
توقف عن التفكير عندما وصل امام المعمل ونظر إلى زوجته قائلاً
_ خليكم اهنه لحد ما أجيلكم.
دلف للمشفى وذهب لقسم التحاليل ليقابل الدكتور المختص في تلك الحالات وأراد أن تكون المقابلة سرية
دلف معه مكتبه وتحدث الدكتور
_ اتفضل حضرتك.
جلس مراد وهو يشعر بإحراج كبير لكنه اجتازه وتحدث بعملية
_ أنا دكتور اطفال وكنت چاي بناءً على طلب أم رايدة تثبت نسب عشان الزوج متوفي وعايزة تعمل تحليل الدي إن إيه عشان الميراث
هز الدكتور رأسه بتفاهم وتحدث بجدية
_ بس الموضوع ده مش بيمشي سهل زي ما انت فاهم ده لازم هياخد اجراء قانوني غير إن…..
قاطعه مراد بثبات
_ انا عايز الموضوع يمشي بسرية تامة عشان الشوشرة وانا جاهز في كل اللي تؤمر بيه
فكر الدكتور قليلًا ثم تحدث بجدية
_ طيب كدة عايزين عينه من العم أو الجد.
شعر مراد بالحرج وتمتم برتابة
_ هو اللي موجود عم من الأم مش من الأب.
عدل الطبيب من وضع نظراته وتحدث بتريس
_ تمام، هما جاهزين دلوقت؟
_ اه جاهزين.
_ خلاص انا هكلم الدكتورة نهلة تاخد عينه من دم الجنين.
نهض مراد وذهب إليهم قائلاً بأمر
_ اتفضلوا.
ترجل الاثنين وذهبت نور معه لتجري التحليل
لا تصدق بأنها وافقت على تلك المهزلة، كان عليها أن تنسحب بهدوء لكن ما فعلته هو الصواب إذا كان عليها الذهاب فلتذهب مرفوعة الرأس لا هاربة تحت انظارهم
نظرت إلى الطبيبة والتي تحمل الإبرة التي ستأخذ بها العينة فشعرت بغصة مؤلمة في قلبها يفوق ذلك الألم الناتج عن أخذ العينة
لكن هي اخطأت وتجني ثمار ما زرعته
فلتتحمل إذًا.
بعد الانتهاء رفضت نور يد سلمى التي قدمتها للمساعدة
ابت أن تستند على أحد
فقد قدت الثقة في كل شيء حولها
عادت إلى المنزل وتوجهت إلى غرفتها لتبكي في الخفاء
لن تسمح لقلبها أن يظهر ضعفه أمامهم فيكفي ما رأه حتى الآن
أما هو فقد قرر العودة للمشفى كي ينشغل بعمله ولا يفكر في ذلك الشعور الذي اصبح يراوضه منذ أن رآها تخرج من المعمل بذلك الانكسار، وقد ازداد الخوف بداخله من صدقها
استدار بسيارته وتوجه إلى المشفى ولم يعود تلك الليلة منها
بل فضل المبيت بها كي لا يعود ويجد فرصة للتفكير في الأمر.
شعور غريب قد اقتاحه لا يعرف ماهيته
كل ما يعرفه بأنه أخطأ باتهامها فمن الممكن أن يكون تعالج اثناء وجوده في امريكا ولهذا لف شباكه حول تلك الساذجة التي لا تملك خبره في الحياة كي يأخذها حقل تجارب
فمن هذه حتى تقف امام عاصم الهلالي
لكن إذا كانت حقًا صادقة وأصرت على الذهاب كيف سيتحمل ذلك البعد؟
مهلًا
ولما لا يتحمله؟
فهي مجرد فتاة عابرة مرت من أمامه.
وضع رأسه بين يديه والتفكير بالأمر لا يرحمه
ماذا فعلت به تلك الفتاة؟ لما اقتحمت حياته التي كان راضيًا بها
كان قلبه يهدر بعنف وشعور الخوف يكتنفه من رحيلها
رفع رأسه ينظر للفراغ أمامه
هل ما يشعر به الآن……
هز رأسه بنفي هو لم يختبره يومًا كيف يعرفه الآن، ليس اكثر من مجرد تعاطف
فما يفكر به هو ضرب من الجنون
نعم هو يفكر في امر الزواج بها كي ينتشل ابن أخيه من عار سيظل ملازمًا له طوال عمره
لكن أيضًا لن يستطيع جرح سلمى وهي لا ذنب لها سواء فيما تعرضت له أو فيما أجبر هو عليه.
نهض من مكتبه ونظر من الشرفة وهو يدعوا ربه أن ينتشله من تلك العقبة
والأدهى من ذلك هو ذلك القلب الخائن الذي دق لغير مالكه، هذه هي الحقيقة التي يرفض عقله الاعتراف بها
لكن قضي الأمر.
❈-❈-❈
مرت ايام أخرى بشقاء على قلوب الجميع
بين توليب التي اصبحت تتدارى في غرفتها كي لا يراها
وإن صادفته تخفض عينيها كي لا يخترقهما بنظراته ويعرفها
أما هو فقد ظل حائرًا بين قلبه الذي يؤكد له بأنه لم يكن مخطئًا عندما تعرف عليها وبين عقله الذي صدق حديثهم بأنها فتاة أخرى وليست هي
لكن تلك الندبة التي رآها على يدها لم يكن ليخطئ بها مطلقًا
وفي نفس الوقت قد تكون حادثة مشابهة
فقد أكد له ذلك الرجل بأنها تزوجت وسافرت مع زوجها ولم تعود حتى الآن.
ومراد الذي أخذ يفكر في امر تلك الفتاة التي ارهقت قلبه بنظرات عتاب منها وهي تخرج من المعمل، لم ترحمه من وقتها وظلت تأرق منامه
وسلمى التي بدأت تشعر بالقلق إزاء حالته تلك، فهي لا تعرف حتى الآن ما ينتوي فعله
إحساس غريب أصبح يراوضها بأنه لن يتركها ترحل إن أثبتت براءتها وانه يخطط لأمر ما.
ماذا ستفعل حينها؟
هل ستقبل بقراره؟
ام تنسحب بكرامتها كما يخبرها والدها.
وحياة التي تعلقت بالفتيات وقت أن جاءوا مع والدهم للتعرف عليها فعلمت حينها بأن الدنيا بدأت توارب لها باب السعادة
فلأول مرة تشعر بأنها مسؤولة عن حق وأصبح لوجودها شأن
وها قد جاء يوم عقد القران ولأول مرة تشعر بالرضا عن شيء تفعله
تم عقد القران وها قد جاء موعد ذهابها معه.
رمشت بعينيها عندما وجدته يتقدم منها ومعه عمها كي يأخذها
رفعت عينيها إليه عندما توقف أمامها ينظر إليها ببشاشة وتمتم بحبور
_ چاهزة؟
اهتزت نظراتها بوجل وعادت تنظر إلى عينيه دون إرادة منها تبحث داخلهم عن قسوة أو بغض مخفي كالذي رأته من قبل وكذبت عينيها
لكن الأدهى أنها لم تجد سوى سعادة وفرحة يحاول إخفاءها
فوجدت نفسها تومأ له دون قول شيء
وكأنه بانتظار حركتها تلك فاتسعت ابتسامته وأشار لها قائلاً باحتواء
_ طيب اتفضلي.
خرجت حياة معه وكان آدم ينتظرهم بسيارة جواد الذي لم يستطيع الحضور كي لا تشعر حياة بالحرج منه
كانت ضربات قلبها تهدر بقوة وهي تترقب كل نظرة منه ويده التي يقبضها ويبسطها لا تعرف إذا كانت دلالة على فرحته أم رفضه لما يحدث.
وكأن آدم علم بما يدور بخلدهم فظل يحدثهم طوال الطريق يخفف من وطئة ضغوطهم
حتى وصلوا إلى منزله
تهادت القلوب وقتها ووجدت نفسها تنظر إلى منزله وكأنه جنتها
ابسط بكثير من ذلك المنزل الذي سكنته مع زوجها الأول لكنه دافئ تخرج منه نسائم حب معطرة بزهور الاقحوان.
ترجلت من السيارة ووقفت تنتظر انهاء حديثه مع آدم ثم استدار إليها قائلاً
_ اتفضلي زمان البنات لسة صاحيين مستنيينك.
اومأت له بثبات رغم ارتباكها ودلفت معه لتجد البنات بالفعل مستيقظين ومعهم خالتهم التي نظرت إلى حياة ببغض وقالت باقتضاب وهي تنهض لتستعد للذهاب
_ مبروك.
نظرت حياة إلى وهدان كأنها تستنجده بالرد نيابة عنها فقال بتهذيب
_ الله يبارك فيكي.
رمقت حياة بغيرة واضحة وغمغمت بحنق
_ اني كنت ناوية أخد البنات معاي لجل ما تكونوا براحتكم بس هما موفجوش
تحدث وهدان بمثابرة
_ كتر خيرك بس انتي خابرة زين إن بناتي مش هيباتوا بره حضني.
نظرت لحياة وتمتمت بسخرية
_ ما خلاص انشغل بغيرهم وربنا يستر من اللي چاي.
خرجت من المنزل بعد أن ودعت الفتيات وصفقت الباب خلفها بعنف اجفل حياة قبل الفتيات
تطلع إليها مبتسمًا وتحدث بلهجة حانية
_ متخديش في بالك منيها، ده اسلوبها في الحديت مع الكل.
أومأت له بتفاهم وتمتمت بحرج
_ طيب أني هدخل احضر العشا عشان ياكلوا جبل ما يناموا.
نظرت إلى زينة وقالت بابتسامة مشرقة
_ تاچي تچهزي معاي؟
اومأت زينة بسعادة
_ ايوة اني بعرف اعمل كل حاچة.
أخذ وهدان ينظر إليها وهي تتحرك داخل المطبخ وتعاونها زينة بفرحة
كم افتقد ذلك الجو الأسري منذ رحيل زوجته وخاصة عندما اجتمعوا ليتناولوا عشاءهم
كانت تطعم الصغيرة بيدها وتنتبه لطعام الأخرى وبعدها ساعدتهم بتبديل ملابسهم والاستعداد للنوم.
ساد الصمت ارجاء المنزل الصغير بنومهم وأخذت حياة تنظر حولها ناحية الغرف ولم تملك الجرئة لتسأله عن غرفتها
لكنه علم بذلك فتقدم منها ليتحدث بعقلانية
_ ممكن نتحدت شوية
ازدردت لعابها بوجل وقد تلاعبت بها الظنون من أن يكون قد أخلف بوعده لها
ولاحظ وهدان ارباكها فصحح لها
_ متجلجيش من حاچة انا عند وعدي ليكي بس كل الحكاية إني رايد تنامي معايا في الأوضة.
……..
وقف حسان أمام النافذة في مكتبه يفكر في قصة تلك الفتاة والتي استطاع بعد عناء أن ينحيها من حياة حفيده، ما الذي جعلها تعود إليه مرة أخرى؟
ولما في ذلك الوقت خاصة
هل عادت عندما علمت بموت زوجته؟
أم إنها مصادفة وليس أكثر من ذلك
فمنذ أن أخبروه بوجود فتاة صديقة لياسمين في المزرعة حتى أيقن حينها بأنها تلك الفتاة فحفيدته لا تعرف غيرها
اندهش عندما بدلت اسمها ولم تخبره بهويتها وتأكد بأن حفيده أيضًا لم يتعرف عليها
ولكن لما
لا ضير في وجودها بجانبه الآن فقد رحلت حفيدته ولن يظل هكذا
وقد تكون هذه فرصته للموافقة عليها مقابل عودته للقصر.
عليه أولاً أن يعرف سبب تخفيها وبقاءها كل ذلك الوقت في البلدة
لم يقتنع بقصة اداء والديها لأداء العمرة مؤكد هناك شيء آخر وسيعمل على معرفته
فتلك الفتاة تعد بطاقة رابحة الآن وعليه أن يستغلها جيدًا
اما جواد فمازالت تشغله وتأرق مضجعه
هي؟
أم لا؟
وإذا كانت هي لما تخلت عن نقابها رغم أنها تمسكت به بقوة عندما أُصيبت ولم تقبل بطلب الطبيب لخلعه كي يرى إصابة وجهها، وحينها بعث جواد لاحدى الطبيبات كي تعاينها
لو لم تقوم الطبيبة بمعالجة ذلك الجرح بخياطة تجميلة لاستطاع معرفتها فورًا
فلاش باك
وقف ينتظر خروج مراد من غرفتها والذي خرج إليهم يطمئنهم
_ متجلجوش الچرح اللي في اديها عميق صحيح بس صغير مش كبير وانا خيطته دلوجت وسيطرت على النزيف بس واضح إن فيه جرح في وشها لكن رافضة ترفع النقاب جدامي
انقبض قلبه خوفًا عليها وقال بقلق واضح
_ طيب شوفلنا أي دكتورة يامراد بسرعة.
اندهش الجميع من لهفته مما جعله يعدل من موقفه
_ دي ضيفة ومش رايدين ضرر ليها وابوها زمانه في الطريج عايزين نطمنه عليها.
اقتنع الجميع ما عدا مراد لكن ليس وقته الآن
اخرج هاتفه واتصل على إدارة المشفى
_ ابعتلي الدكتورة وسام بسرعة
تطلع إلى جواد بشك وتحدث بمغزى
_ دجيجة بالكتير وهتاچي، تعالى انت بجى اشوف جرحك ده واعرف حكايته.
في غرفة مراد انتهى أخيرًا من تضميد جرحه ثم خلع قفازيه ونظر إليه بشك
_ ايه حكايتك يا ابن الخليلي؟ شكلك مش عاچبني
نهض جواد من مقعده وجلس على الكرسي المقابل لمراد وتحدث متهربًا
_ حكاية ايه ما انت خابر بكل حاچة.
_ وعشان إكدة بسألك لهفتك على البنت دي مش مريحاني.
ابتسم بألم لم يستطيع اخفاءه
_ لا ارتاح جوي لأن اللي زي مش مكتوب عليه الفرح.
تأثر مراد برد صديقه وتتحدث بعقلانية
_ انت اللي معذب حالك، جلتلك حاول تحبها وترضى بحياتك معها عشان حتى ابنك ولا بنتك اللي چايين.
تطلع إليه جواد بابتسامة مليئة بالأسى
_ مش غريبة شوية لما انت اللي تجول إكدة؟
رد مراد ببساطة وهو يعود بظهره للوراء
_ ومين جالك إني مش راضي؟ بالعكس أني سعيد چدًا بحياتي معها رغم إن فيه أختلاف بيني وبينك، انت بكرة بالكتير هتكون بالنسبالك ام ابنك إنما أنا لا مفيش مقارنة.
ضيق جواد عينيه بشك
_ رايد تفهمني انك مش هتفكر في يوم من الأيام انك تتچوز عشان تخلف؟
تحدث مراد بصدق
_ لأ عمري ما هفكر اظلمها هي بتعمل المستحيل عشان تسعدني فمش هجدر إن اچرحها بحاچة زي دي واكون سبب تعاستها.
نظر جواد إلى صديقه باعجاب وتحدث باعتزاز
_ مع اني مش معاك في اللي بتجوله بس ربنا يوفقك.
انتبه جواد لصوت توفيق بالخارج فقال لمراد
_ ابوه چاه هروح اطمنه.
وفور خروجه تفاجئ بشمس واقفة بجوار عدي تسأل عنه وصادف ذلك خروج توليب من الغرفة وانتهى الأمر فور أن اسرعت إليه شمس بلهفة
_ جواد حبيبي انت بخير؟
لم ينسى تلك النظرات التي تنقلت بينه وبين شمس وبين جوفها الممتلئ فتتحول نظرات الصدمة لأخرى عاتبة قبل أن يسقط قلبه حين سقطت هي بين يدي والدها
باك
عاد من ذكرياته على صوت هاتفه فنظر إلى المتصل فيجده مراد
_ السلام عليكم
اعتدل جواد من فراشه ورد بهدوء
_ وعليكم السلام كيفك
_ بخير الحمد لله، انت فين دلوجت؟
_ في المزرعة
_ طيب نص ساعة وهكون عندك جهز الخيل لحد ما اچيلك.
اغلق جواد الهاتف ونهض ليرتد ساقه ثم خرج من الغرفة
………..
اتسعت عين حياة بصدمة وقبل أن تتلاعب بها الظنون قال برزانة
_ وجبل ما عجلك ياخد لبعيد هفهمك
انتي خابرة إن البنات لسة صغيرين وأكيد هيتعرضوا لاستجواب من خالتهم وستهم عن اللي بيحصل في الدار ومش عايز حد يشك إن چوازنا مش طبيعي، هتنامي معاي في الأوضة بس هتنامي على السرير واني هنام على الكنبة.
عادت ترمش بعينيها دلالة على مدى ارتباكها وشعرت بأنها ربما تكون طريقة يستطيع أن يصل بها لمراده وعندما لاحظ ذلك تابع بلهجة بثت الاطمئنان بداخلها
_ وانا بعيد كلامي وبجولك متخافيش لأن حاچة زي دي مش هتاچي أكدة، إن مكنتش بالتراضي يبجى ملهاش عازة عندي.
ادخلي غيري هدومك وانا هستناكي لحد ما تخلصي.
وافقت حياة وشعر هو بالسعادة لثقتها به وأقسم ان يكون أهلًا لتلك الثقة
……..
جلس مراد مع جواد بعد جولة قضاها الاثنين على الخيل
علم جواد بأن هناك ما يشغله
فهو لا يأتي إلى المزرعة إلا لكي ينسى
ولهذا لابد من وجود خطب ما يؤرقه.
_ ايه اللي حصل؟
قالها جواد بحيرة جعلت مراد يشتد وجومه فهو لا يعرف ماذا يقول
لن يستطيع فضح أمرها أمام صديقه وهو صِدقًا يود أن يستمع إلى نصائحة
فرغم ان صداقتهم اهتزت منذ أن شارك مراد في العملية لكنه لن ييأس وسيظل خلفه حتى يسامح
فقد رفض قرار الأطباء حينها لكنه حقًا لم يجدوا حلًا آخر ولذلك قام باجراءها
تنهد مراد بتعب وتطلع إليه بحيرة
_ مش عارف، بس كل الحكاية ان بين يوم وليلة كل حاچة في حياتي اتبدلت
لم يضغط عليه جواد وتركه يتحدث إذا أراد
_ آسر أخوي كانت متچوز من ورا أبوه، كان خايف يعرف ويأذيها وعشان إكدة مسجلش العجد.
عقد جواد حاجبيه متسائلًا
_ عرفي؟
انكر مراد مسرعًا
_ لا، بس دلوجت بتلاجي المؤذون راكن دفتر على چانب إكدة للچوازات اللي زي إكدة، بيكتبها للي بيزوچوا بناتهم جبل السن القانوني ولما بتوصل للسن المناسب بيعملوا عجد چديد
بس المشكلة إن هي متعرفش حاچة عن كل ده وهي دلوجت حامل.
_ وأهلها رأيهم ايه في حاچة زي دي؟
_ والدها متوفي وولدتها توفت بعد حادثة أخوي.
_ يبجى مفيش جدامك حل تاني.
فهم مراد ما يرمي إليه صديقه لكنه مازال يفكر في مشاعر زوجته.
_ ومرتي؟
_ بس الضرورة بتحكم أولًا العجد ده يعتبر مزور يعني لو فكرت تثبت به الطفل المأذون هيروح في داهية وممكن ينكر حاچة زي دي
ده إن جدرت توصله.
زم مراد فمه باستياء وغمغم بضيق
_ كل حاچة اتعجدت من حوليا ومش عارف اتصرف ازاي، سلمى متستاهلش إني اچرحها
وفي نفس الوجت مش هجدر احافظ على امانة أخوي.
_ اتحدث معها وفهمها إن مفيش حل تاني وبعدين هيكون چواز صوري لجل ما تثبت الطفل فيه باسمك، يا إما هيعيش حياته كلها بوصمة عار في بلدنا أهنه، خليها تضحي مرة زي انت مضحيت.
_ ولو رفضت؟
_ لو شايف إن مرات مؤيد ممكن ترحمها اقنعه يشيل الليلة بدالك.
_______________
امتطى جواد حصانه بعد ذهاب مراد وانطلق به ناحية التل فوجد آدم ينتظر بحصانه على مشارفه.
اوقف جواد حصانه وتحدث بقوة
_ عملت ايه؟
رد آدم بجدية
_ زي ما جولت بالظبط حامد اللي بينجل كل الأخبار لجدك ولما طلب مني انجله أخبارك كان جاصد يتأكد من صدقه، وخالد وعدى الفلوس اللي اختلسوها من المصنع جدموها في اسهم لشركة المحمدي بس لسة ممضوش العجود.
أومأ جواد وتحدث بتوعد
_ إكدة حسابهم تجل أوي
نظر إليه بجديدة وتابع
_ انت هتاخد الفلوس اللي حولتهالك وتشتري انت الأسهم دي بسعر أعلى وتفضل هناك لحد ما ييجي الوجت المناسب اللي هترچع فيه.
_ بس اني جولتلك جبل سابج أني مش هخطي خطوة واحدة بره التل جبل ما انتجم لأبويا وأمي من حسان ……