رواية عشتار وجلجامش الفصل السابع 7 بقلم حسن المصوف
بعد أن التحم الجيشان في المعركة سقط ياحين الذي كان له دور كبير في تثبيط معنويات العدو ورفع معنويات جيشه وقتل قائد ميمنة جيش طنطل الأسد الأمرد مُرة
لحسن حظه كان السهم الذي أطلقه عليه القعقاع لم يصب مقتلا مع أن القعقاع معروف بدقة التصويب
أخذه اثنان من الجنود لمؤخرة الجيش مع الحاشية الملكية ووضع أرضاً ممدداً ليرتاح وكان قريباً من عشتار
مع ان #عشتار كانت معصوبة العينين إلا انها كانت تسمع مايجري حولها من الحاشية الملكية الذين يتحدثون فيما بينهم
عشتار: أحسنت ياياحين
أقصر ياحين طرف عينيه لاخوفا بل تأدبا وقال: بل أحسنت يامولاتي فأنت من أحضر لنا جلجامش سالماً من عالم الإنس لعالم الجن إن هذا لعمل بطولي وشجاع
كان ياحين هو أول من دعا عشتار بمولاتي حتى أثار استغراب من حوله ينبههم بأنها زوجة أميرهم
سرعان ما علا صوت ضربات السيوف وحمي وطيس المعركة إذ كان الجيشان مشحونان مايكفي بعد الاستعراض الذي بذله ياحين
كان جلجامش منقضاً عليهم كالباشق يفتك ويبطش بكل من يقابل بسيفه الصاعق
كذلك هو طنطل الذي اخذ يمزق في الجن ويقطعهم إرباً بسيفه الناري بغضبٍ شديد حتى غدا الجن يهربون منه
فجأةً واذا بكرة كبيرةٍ من اللهب ضربت طنطل وقذفت به بعيداً
كان ذلك هو وحيد قرنٍ ضخم جداً جداً مربوط به منجنيقان عن يمينٍ وشمال(المنجنيق هي آلة حربية تستخدم لقذف الحجارة والسهام وكل مايمكن قذفه بواسطة ذراع فيه كفة يتحرر تحت ضغط فتل الحبال) وفوق ظهره اربعة من الجن بذخيرتهم يشدون المنجنيق ويضعون به الكرات ويشعلونها ثم يقذفون بها
اخذ وحيد القرن يركض بسرعةٍ جبارة ويصول ويجول داخل جيش العدو قاذفاً كل من يقابله بقرنه الفتاك ومن فوقه من الجن يقذفون بكرات اللهب أيضاً بواسطة المنجنيقان كان وحيد القرن هجوما جيدا لخلخلة صفوف جيش العدو
فجأةً وإذا بيدٍ كبيرة من يسار وحيد القرن امسكت به من الخلف من قرنه وهو يركض حتى اعوجت رقبته وانقلب بعد ان قام بعرقلته صاحب تلك اليد
كان ذلك هو طنطل عاد يرد الضربة التي وجهها له وحيد القرن
اصبح وحيد القرن منقلباً على ظهره والجن الاربعه محصورون تحته يحاولون الخروج وهو يحرك رجليه محاولاً النهوض مرةً اخرى ولكن طنطل طعنه بسيفه الناري في بطنه وبقر بطنه واشتعل وحيد القرن ناراً من حرارة سيف طنطل حتى غدت امعاؤه كأنها حِممٌ بركانية احرقت من كان تحته من الجن
في نفس الوقت كان هنالك جني من جيش طنطل بشكل اخطبوط كبير له ثمانية عشر ذراعا مدببة بمخالب سامة وطويلة تسعةٌ أذرع بها سيوف وتسعةٌ بها رماح وله ثمانية أرجل كأرجل العنكبوت
دخل هذا الجني الرهيب في نصف جيش جلجامش واخذ يفتك بالجن ويحاصرهم بأذرعته يقذف بجني ويعصر آخر وحينا يبتلع و حينا يقاتل بسيوفه ورماحه
استنجد الجند بجلجامش لمجابهة هذا المسخ فشد عليه جلجامش مسرعاً
امتدت ذراع من أذرع الاخطبوط مسرعة تحمل رمحاً تجاه جلجامش تريد ضربه لكنه كان أسرع من تلك الذراع فضربها بسيفه وقطعها
لكن المفاجأة كانت حين سقطت تلك الذراع تحولت لأفعى عمياء تجري خلف جلجامش اما المكان الذي قطعت منه خرج منه ذراعان
اخذ جلجامش يحارب هذا الوحش الرهيب كلما قطع ذراعاً تحولت لأفعى وخرج مكانها ذراعان واصبحت الأفاعي حوله تلتف على جنده وتعصرهم
كان هذا الاخطبوط من اقوى اسلحة جيش عيقم اذ ارسله مرة من المرات للإفناء قبيلة كاملة نظرا لضخامته وكبر حجمه وقوته والسم الذي يسري من مخالب أذرعته واستحالة قتله
اخيرا استطاع جلجامش الامساك باحد أذرع الاخطبوط وسحبه بشدة واخذ يدور به لكن لسوء الحظ لم ينتبه للمخالب السامة في تلك الذراع التي انغرست في كفيه وامتد السم في يديه واصيب بشلل فيهما
شلت يدا جلجامش واحاط به الاخطبوط من كل جانب فما كان من جلجامش الا ان طار عاليا لكن الاخطبوبط ضربه على رأسه ضربة بذراعه رطمت به الارض أصيب جلجامش بدوار شديد ليس من قوة ارتطامه بالارض لكن من السم الذي انتشر في جسده
اخيرا اطبق الاخطبوط على جلجامش بفمه الكبير وابتلعه
صرخت احدى ابنتا جلجامش: أبيييييييي واويلتاه ابتلع الاخطبوط ابي
واخذت الاخرى تصرخ و تبكي
احتضنت عشتار ابنتيها وصرخت بهلع شديد: ياحين افعل شيئا ارجوك
اراد ياحين النهوض لكن يبدو انه هو الآخر كان مسموما من ذلك السهم الذي رماه به القعقاع
امسكت عشتار بكلتا ابنتيها
والدمع كان قد انهمر من عينيها
من تحت تلك العصبة
ما أن رأى ياحين تلك الدموع تلمع فوق وجنتيها الحمراوتان حتى أصيب بقشعريرة في جسمه كله وحرارة في وجهه و أسر في نفسه “يالها من جميلة أو أنها قد تكون ساحرة فعلا كما اشيع عنها إن كان هذا فقط مافعله بي دمع عينيها فكيف ان رأيت عينيها حقاً”
أحس ياحين بتأنيب الضمير إذ كان ينظر لزوجة أميره وصديقه وهو قد يكون ميتاً
“لابد انها ساحرة”
أشار ياحين لأحد الغيلان وامره ان يذهب لنجدة جلجامش بسرعة
وصل ذلك الغول بسرعة للاخطبوط لكن الاخطبوط وكأنه أصيب بنوبة غضب إذ أطبق بجميع أذرعه على ذلك الغول ورفعه عاليا مقطعا أجزاء جسمه كل جزء في ذراع
أصبح الاخطبوط كالمجنون يهجم على جيش جلجامش واخذ جيش طنطل يصرخون بهم أن يستسلموا اذ انهم يحاربون دون قائد الآن
أصيب الجيش بخيبة أمل لكن فجأة وقف الاخطبوط مهتزا مرةً يرفع رأسه عالياً ومرةً أخرى ينكسه للأسفل
أخيراً انفجرت جبهته التي خرج منها جلجامش مليئا بدماء ذلك الاخطبوط وسقط جاثيا وغرز سيفه المرتعد في الارض وخلفه الاخطبوط خار شيئا فشيئا كانهيار شجرة مقطوعة
كان لحسن حظ جلجامش مضاد للسم يسري في دماء ذلك الاخطبوط حتى لايقتله سمه مما أعاد لجلجامش عافيته واخذ يغرز سيفه الرعدي في قلوب ذلك الاخطبوط إذ كان له ثلاثة قلوب ثم ضرب جبهته من الداخل فخرقها وخرج
استعاد الجيش رباطة جأشه وحيويته وانقضوا على جيش طنطل حتى عاد للمعركة وطيسها
ياحين: لقد استطاع جلجامش التغلب على الاخطبوط العملاق
عشتاربسرور: أعلم ذلك إذ لم يبرد دفئ الخاتم في اصبعي
مع ان الجن عموما تنظر للانس نظرةً دونية لكن لسبب ما أحس ياحين بأن هذه الإنسية شيء عظيم وجميل أخذ يغبط جلجامش عليها
كان كل من في المعركة منشغلا بخصم له والقتال محتد جداً ماعدا القعقاع الذي كان يمشي بهدوء وهيبة وكأن لايراه احد وما ان يمر بأحد جنود جلجامش حتى ارداه قتيلا بطعنة من خنجر مسموم واكمل سيره للأمام حتى أصبح قريبا من جلجامش الذي كان يتنفس الصعداء بعد معركته الشاقة من بعيد استل سهما أراد ان يباغته بضربة غادرة إلا أن طنطل كان قد وصل إليه وقاطعه
طنطل: أرخي سهمك ياقعقاع لاتقتل الأمراء هكذا
قعقاع: عذرا يامولاي لكن الفرصة مواتية
طنطل: لابد من المجابهة
القعقاع: اذا ساجابهه واقتله من اجلك
طنطل: دعه لي ياقعقاع لامزيد من المخاطرة
قعقاع: إن يعطني مولاي فرصة لقتل جلجامش
طنطل: لا ياقعقاع قد سفك مايكفي من دماء الجيش سأحسم الأمر الآن اذهب للطرف الآخر وحاول السيطرة على الجيش
ذهب القعقاع منصاعا لاوامر طنطل بمضض وتقدم طنطل لمجابهة جلجامش
أخيرا التقا الجبلان
جلجامش مقابل طنطل
جلجامش: لم يعد هنالك مايقال ياطنطل سوى حسم الحسام
طنطل: يقال ان سيفك هو اقوى سيف في ارض الجن لكن من يقول ذلك لم يجرب سيفي
جلجامش: هل تظن أن النار تستطيع مجابهة الرعد
تقدم طنطل موجها ضربة بسيفه لجلجامش وهو يقول: قوة سيف الجني تنبع من قلبه
وبدأت مقارعة السيوف والرعد والنيران يتطايران كالشرار في كل مكان
جلجامش: هه لهذا إذا دعي سيفي بأقوى سيوف الجن فالقلب قوي والسيف كذلك
في نفس الوقت أحست عشتار بالقلق
عشتار: ماذا يحدث يا ياحين أحس بسكون مريب
ياحين: إن جلجامش يواجه طنطل الآن إنها المعركة الفيصل لهذه الحرب
ماإن سمعت عشتار هذه الكلمات حتى وقفت مخبئتاً ابنتيها خلفها وهي ترتجف وتدعو أن يسلم زوجها
التف الجيشان حول طنطل وجلجامش لكن في نفس الوقت لم يتوقف القتال بل اشتد قتالها
لكن دوي مقارعة السيفان كان مسيطرا وله هيبة مخيفة
في مؤخرة جيش طنطل كان عيقم وسامد يرقبان بانتباه وحذر شديد
سامد: ماتظن يامولاي
عيقم: سيتغلب عليه ولدي لاشك إنه ولدي لقد قضيت عمري كله أعده وأدربه لهذه المعركة هذه المعركة هي قدره
سامد: عذرا يامولاي لكن إن خسر طنطل علينا برباطة الجأش وتنفيذ ماتفقنا عليه
عيقم مقاطعا: لن يهزم ولدي لابد له ان يفوز ويجب أن يفوز
إنك لاتفهم ياسامد من دون طنطل لافائدة من الفوز في هذه المعركة أنا الآن أشاهدني أقاتل لا أشاهده
ماتراه أمامك هو أنا
ماتراه أمامك هو إنجازي
ألم ترى كيف صرع وحيد القرن الذي يعد أقوى سلاح هجوم لديهم
طرحه أرضا بيد واحدة
سامد بقلق: ماذا فعلت يامولاي .. أين خاتمك الأسود؟؟
عيقم بفخر: أعطيته لطنطل
سامد: لكن هذا الخاتم به قوة أسلافك جميعا
عيقم: وقد حان ووقت استخدامه أما تراني واثقا من فوز ابني لاطاقة لجلجامش أن يواجه هذه القوة ولاتنسى أن عشتار تلبس خاتمه لاشك
لهذا نحن نتفوق عليهم
لم يكن بعلم عيقم أن حب جلجامش لعشتار أعطاه إرادة حديدية توازي القوة المكتسبة من لبس أي خاتم فهي وحيدة في هذا العالم لابد له من حمايتها هي وابنتاها في عالم مليء بالوحوش
كانت ضربات سيف طنطل وقعها أقوى بكثير لاشك لكن جلجامش كان في حالة سلام مع نفسه وثقة إما الفوز في المعركة بكل شيء أو لاشيء
فوزه على طنطل يعني انتصار الجيش وحفظ حياة قبيلته وحياته وحياة عائلته أما الخسارة فتعني موت الجميع وسط ضعف جيشه وكثرة الخونة من حوله الفوز في هذا القتال هو الأمل الوحيد
كانت المعركة رهيبةً جداً
أخذ طنطل يضرب بسيفه الناري سيف جلجامش ضربا متكررا وجلجامش يرجع للوراء
كان طنطل يحاول اثبات قوته
أما جلجامش كان يتحين الفرصة للانتصار
فجأة تشقلب جلجامش للخلف وعاد للأمام بسرعة موجها لكمة لعين طنطل لكن طنطل في نفس الوقت وجه ضربة لفك جلجامش بمقبض سيفه حتى سال الدم من فم جلجامش
أطلق جلجامش رعدةً من سيفه
فماكان من طنطل إلا أن اخذ بتدوير سيفه كمروحة لهبية غدت كدرع صد الموجة الرعدية بسهولة
ثم بدوره اطلق كتلاً نارية باتجاه جلجامش الذي كان يضربها بسيفه ويبددها
غرز جلجامش سيفه في الارض مولدة صاعقة رعدية فانتفض طنطل من الصعقة وسقط ارضا فقفز عليه جلجامش يريد ان يطعنه لكن طنطل ضرب الارض بسيفه هو الآخر فانبثقت النيران من الارض باتجاه جلجامش وارتد ساقطا على الارض
غضب الاثنان واسرعا لبعضهما وعادت مقارعة السيوف من جديد
طنطل: لقد حالفك الحظ في عالم الإنس لكن هذه المرة لن تخرج حيا
جلجامش: في المرة الماضية استخدمت أسلوبا دنيئا ضدي حين احسست انك ستخسر ان هجمت على ابنتاي لتشتت تركيزي هذا يدل على دنائتك
طنطل: هه من له حيلة فليحتال انت ضعيف لديك اشياء تخسرها أما أنا فلا
جلجامش: زوجتي وابنتاي بعيدون عنك هذه المرة لن يشتت شيء تركيزي عن ضرب عنقك اي شيء
صعق طنطل حين سمع جلجامش يقول “زوجتي”
“ترى ماقصده بزوجته وابنتاها بعيدون، أيعقل أن زوجته عشتار ماتزال على قيد الحياة”
ابتعد طنطل قليلا واخذ ينظر لمؤخرة جيش جلجامش بتمعن
وكاد ان يخرج قلبه من مكانه حين رأى عشتار هناك معصوبة العينين تهز رأسها هزا خفيفا كمن يريد معرفة مايجري حوله وشعرها الأسود هادئ فوق خديها
” الآن فقط اعترف لنفسي أني احببت هذه الإنسية بل عشقتها ياله من وجه جميل ياإلهي ماأجملها أخال روحي تخرج من هذا الجسد وتركض إليها الحمدلله لم تمت كم تمنيت لو كنا في زمان ومكان غير مانحن فيه إنها الحر..”
وإذا بسيف جلجامش يهوي فوق رأس طنطل الذي انتبه في اللحظة الأخيرة وابتعد ولكن أصيبت أرنبة أنفه وسال الدم منها
ابتعد طنطل مجددا واضعا يده على انفه ينظر تارة لعشتار وتارة لجلجامش
عيقم بقلق: ماذا يجري ياسامد ماذا دهاه إنه يبدو مشتتا
سامد: لقد انقلبت موازين المعركة لصالح جلجامش
أصبح طنطل يدافع فقط ولايهاجم وهو يتراجع للخلف
عيقم بغضب: إنه ينظر لعشتار
سامد: أين؟؟
عيقم: ألاتراه ينظر تارة لجلجامش وتارة ينظر لمؤخرة جيشهم إنها هناك
ياله من غبي
سامد: الوضع خطير جدا يامولاي يعجز عقلي عن التفكير في حل
عيقم: اعطني الرمح الأسود
سامد: لكن يامولاي..
عيقم بغضب: قلت اعطني الرمح الأسود
لم يرى سامد مولاه غاضباً لهذا الحد من قبل والشرار يتطاير من عينيه فأعطاه الرمح وهو يرتجف
تناول عيقم رمحه الأسود وطار عاليا جدا وصرخ في السماء صرخة سمعها كل من كان على أرض المعركة: أتضحي بملكك من أجل إنسية أيها الأحمق خذذذذذذ اعشقها الآن
رمى عيقم بالرمح الأسود كان هذا الرمح يسمى أيضا بعين الظلام واكمن سر قوته أنه حين ينطلق يحجب ضوء الشمس في ظلام دامس لكي لايراه العدو ولو كانت في عز الظهيرة لم يرمى هذا السهم من قبل إلا وقتل
عم الظلام الدامس في أرض المعركة
ظن جلجامش أن عيقم كان يحدثه وبسرعة ضرب الأرض بسيفه فتكونت عليه كرة رعدية تحميه من هذا الرمح
لكن طنطل فطن أن المقصود ليس جلجامش بهذه الكلمات علاوة على ذلك فطن أن الرمح متجه لعشتار لامحالة
طار عقله وكاد أن تطير روحه أيضا فانطلق بسرعة البرق تجاه عشتار كان الظلام الدامس مخيما ولم يكن باستطاعة أحد رؤية أي شيء
إلى أن انغرس الرمح وانقشع الظلمة شيئا فشيئا كشروق الشمس
صرخ سامد: ياإلهي
كان الرمح مغروسا في صدر طنطل وهو ملقا تحت رجلي عشتار
كأن عيقم أصيب بشلل من هول ما رأى واخذ ينظر يداه وهي ترتجف
خاف ياحين من طنطل أن يفعل شيئا بعشتار فأخذ يزحف تجاهه بسيفه
طنطل: عشتار إنه أنا طنطل .. سامحيني .. أرجوك .. ضحيت بالملك وحياتي أيضا لحمايتك ولتمني علي بنظرة من عينيك حتى أموت بسلام أرجوك
انتبه جلجامش لما يحدث من وراءه فطار مسرعة تجاه عشتار
نزعت عشتار العصبة التي كانت مطوقةً عينيها تنظر بحزن لهذا الجني المسكين وسالت دمعة من عينيها
اقتربت يد طنطل من وجهها
ولكنها أشاحت خوفاً
طنطل: لاتخافي أرجوك
وضع طنطل يده على خدها ومسح تلك الدمعة: أنت جميلة جدا ياعشتار
فكت عشتار قربة الماء من خصرها: خذ اشرب قليلاً من الماء
لكنه ابتسم وفاضت روحه
وصل جلجامش يريد طعن طنطل لكن عشتار أشارت له بالنفي
عشتار: لقد مات
جلجامش: هل أنتي بخير
عشتار: لا أعلم
واخذت العصبة تريد ربطها مرة أخرى وقبل أن تربطها التقت عيناها بعينا ياحين
فانتفض هو الآخر وربطت هي عينيها
لم يبصر ياحين طول حياته أجمل من هذه الفتاة وعينيها الؤلؤيتين فبكا يرتجف مكانه حسرة وندماً محدثا نفسه” ماذا تفكر ياياحين أتخون صديقك وأميرك وهو في أمس الحاجة لك لقد اقترفت ذنبا عظيم”
واخذت نار اللوعة تكوي قلبه
أحس جيش طنطل بالهزيمة بعد موت قائدهم برمح أبيه الذي كان يرتجف من هول الصدمة
صرخ سامد: مولاي أما الآن وإلا فلا
لكن عيقم ظل مسمراً عيناه في يديه
أخذ سامد يهز عيقم قائلاً: لاتضيع موته لقد مات وانتهى الأمر
وقام سامد بسحب عيقم وتبعهما جميع الحاشية الملكية وكبراء قومهم من الجن
كان هجومهم له هيبة عظيمة كانقضاض قطيع من الذئاب على نعاج جريحة
بسرعةٍ استعاد جيش عيقم حماستهم حين رأو ملكهم يهجم بجميع وزراءه أما جواسيس مملكة جلجامش فقاموا برمي أسلحتهم إذ كانت تلك هي الإشارة المرتقبة حتى ظن بقية جيش جلجامش أنهم هزموا فرموا بأسلحتهم أيضاً علاوة على ذلك فقد كثر فيهم القتلى والجرحى وسيطر جيش عيقم على كل شيء
انتهت المعركة
وصل عيقم ومن معه لجلجامش وحاشيته
قام عيقم بحضن ابنه ثم انتزع منه الخاتم والرمح وأمر أثنان من الجن لأخذه و تحنيطه
سامد: إن تستسلموا تسلموا هذه فرصتكم الأخيرة
بادر أزمل بسرعة ودهاء: نستسلم بشرط
وكأنه كان مجهزاً جملته سلفاً
سامد: ماشرطكم
أزمل: أن لاتقتلوا أميرنا
نظر جلجامش لأزمل بغضب وأخذ يجول ببصره بين حاشيته الذين بدا عليهم الخضوع والاستسلام وارتضاء هذا الشرط مخافة الموت
أخيراً نطق عيقم: لك هذا ولكن عليه أن يسلم سيفه و يسجن في بطن السلحفاه هو وهذه الإنسية أربعين يوما ماتقول ياجلجامش؟؟
عم الضجيج في جيش جلجامش
“استسلم ياجلجامش”
“انتهت الحرب ولاطاقة لنا بأخرى”
“أربعون يوماً فقط”
“احقن دمائنا”
أحس جلجامش بالهزيمة وخيبة أمل في قومه الذين استسلموا لهذا الملك الجائر لكنه أسر في نفسه أنهم سيندمون حين لاينفع الندم
جلجامش: ومامصير ابنتاي
عيقم: نرسلهم لقلعة الجنيات السبع شأنهم شأن جميع ضحيا الحروب من أشراف الجن يظلون تحت حمايتهم ورعايتهم حتى تخرج
أخذ جلجامش يفكر محتاراً وكأن لديه خيار آخر
سامد: هيا ياجلجامش سلم سيفك فعرض مولاي سخي جداً إذ قبل على إبقائك حيا أنت وزوجك
أخيراً سلم جلجامش سيفه وكاد أن تخرج روحه معه إذ كيف يقاوم وهو محاصر من جميع الجهات قوم عيقم وقومه ايضاً
أخذ عيقم السيف ورفعه للسماء وتعالت صرخات جيشه مهلهلةً بالنصر
عيقم: من الآن فقدت شرعيتك كأمير وسيتم تنصيبي ملكاً على قبيلتكم بعد ثلاثة أيام كما جرت العادات والتقاليد، سامد
سامد: أمرك مولاي
عيقم: صفدوا جلجامش وعشتار بالسلاسل والشباك واذهب به مع ثلاثة آلاف جني لجزيرة السلاحف واسجنهم في بطن سلحفاة أربعون يوما وأيضاً ارسل من يذهب بابنتي جلجامش لقلعة الجنيات السبع، أين القعقاع
قام سامد بتنفيذ أومر عيقم واقتاد جلجامش وعشتار بعد أن قام بتصفيدهم حولهم ثلاثة آ لاف جني
قدم القعقاع مسرعاً يلبي أمر ملكه
القعقاع: أمرك مولاي
نظر عيقم للقعقاع بحزن وقال: أتعلم أن طنطل قد مات وأنت ابن عمه الوحيد المتبقي على قيد الحياة ولاولد لي
القعقاع: أعلم يامولاي
عيقم: أتعلم أنك ولي عهدي الآن وقائد جيشي هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤلية
كاد وجه القعقاع يتشقق من الفرحة ولكنه تمالك نفسه: أنا تحت تصرفك يامولاي وروحي فداء لك
عيقم: حسناً اذهب وافتك بكل من تبقى من حلفاء جلجامش المخلصين الذين قد يشكلون خطراً عينا بحجة أنهم كانوا جواسيساً
القعقاع: أمرك مولاي
بسرعة ذهب القعقاع وأمر جنوده بجمع ماتبقى من حلفاء جلجامش المخلصين وأولهم ياحين
رجع إليه جني قائلا: أيها القعقاع بحثنا عن ياحين ولم نجده
القعقاع: لايمكنه الهرب والسم يسري في جسده ابحثوا عنه جيدا إنه ليس ببعيد أريد أن انظر في عينيه واخنقه بيدي قبل أن يقتله السم أريد أنتقم
منه
بحث جميع الجن عن ياحين لكنهم لم يجدوه إلى أن استسلم القعقاع لثقته أن ياحين ميت من ذلك السم لامحالة لكن مالم يعلمه القعقاع أن ياحين زحف دون أن ينتبه له أحد و اختبأ في جوف الاخطبوط الذي قتله جلجامش واخذ السم يخرج من جسده شيئا فشيئاً بفضل مضاد السم الموجود في دم الاخطبوط وظل مختبئاً مخافة أن يقضب عليه وهو يراقب مايحدث حوله من أول خيانة للعهد الذي قطعه عيقم على جلجامش بعد تسليم سيفه وهو يفكر في حل لهذه المصيبة
أخيراً جمع أعوان جلجامش ماعدا ياحين واقتيدوا جميعا للسجن في قلعة عيقم حتى يقتلوا بعد ثلاثة أيام عند تتويج عيقم ملكاً على قبيلتهم