رواية غمزة الفهد الفصل السابع والعشرين 27 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
أضيئوا بالحب قلوبَكم، إن القلوب حين تحب تضاء، وقولوا لمن تحبوا سلاما، فقول المحب للمحب شفاء، الناس موتى في هجرهم، وأهل المحبة في حبهم أحياء...
جلسه عائليه جميله يحيط جنباتها الحب والعاطفه الدافئه، ضحك الجده ومداعبة الفتيات، وسعادة محب على أعتاب العشق جديد، ألفه من نوع خاص لا يشعر بمذاقها الا من يفتقد روح العائله..
يجلس فهد متوتر بعد أن قص لجدته عن رغبته فى الارتباط ب غمزه وذهاب هنيه لمنزل أنعام وعزت للاطمئنان عليها واستطلاع أمر قبول عرض زواجه من ابنتهم، استحلف جدته بألا تحزن أو تغضب من هنيه ومنه، فاستعجاله فى التقصى عن رأى اهل حبيبته كان نتاج فاجعته بأمر الحادثه الذى غص قلبه من فكرة فقدانها..
تفهمت عليه الحجه راضيه وباركت زواجه واستحسانه فى اختيار العروس المناسبه كنه للحفيد الأكبر للعائله..
أرادات الحجه راضيه أن تشاكسه زوت بين عينيها و هتفت بتكهم:
-- كَنك مش جاعد على بعضك يافهد.. أهدى مش طَبْختها أنت وأمك هنيه.. هتيجي دالوجيت وتديك البشاره.. أصل مَرت ابنى وعَرفها زين واعره رغم طيبة جلبها.. لحد ولادها تمشيها بلاد لجل سعادتهم..
أومأ لها فهد مجيباً:
-- عارف ياجده.. بس برضوا عايز اسمع منها.. هتجنن خايف لحسن العصفوره تطير منى.. وبعدها اكون انا ولعت في نفسي..
صدحت ضحكات فجر و زينه والحجه راضيه
هتفت الحجه راضيه باندهاش :
-- معجول للدرجه دى مش متحمل ده بينه الهوا جابك على خشمك ياولد سعد.. آه ياخوفي تبجى زى أبوك فى العشج دمه حامى..
تنهد فهد بحالميه معقبا:
-- هو أنا أطول أبقى زى سعد.. وحبه ل هنيه.. دوول ناخدهم قدوه عشان نتعلم الحب على أصوله.. بس بصراحة يا جده مش قادر نفسي أغمض وافتح الاقيها مراتي.. البنت دى هي اللي هزت كياني..
ابتسمت زينه بحبور داعيه لأخيها:
-- إن شاء الله تتجوزها وتتهنى.. هي تستهلك زى القمر وطيبه ودمها خفيف زى أخوها الشربات اللي هتجوزهولي عن قريب إن شاءالله..
قالتها وثغرها يضاء بضحكتها الصبوحه...
جزت الحجه راضيه على شفتيها بغيظ من واقحة حفيدتها هاتفه :
-- شوف البت وجلة حياها.. أنا هجوم أدشمل راسها واضربها بالمركوب عشان يرجعلها عجلها غورى يا بت من وشي .
تحدثت بحنق من كلامها الاهوج بدون وعى..
ضحكت زينه هاتفه بتلاعب:
-- مش مهم اضربيني بس خلاص هتجوزه مش بقى خطيبى يبقى فات الكتير ومبقاش الا القليل وهتجوزوا ياحجوج ياكوبارة عيلة الراوى..
نطقت كلماتها باندفاع وهرولت سريعا للأعلى تتفادى سلاح جدتها الطائر وهي تضحك لتهرول ورائها فجر تشاركها الضحكات
ظل فهد والحجه راضيه ماكثين فى انتظار مجئ هنيه، مضى ما يقارب الساعاتان إلى أن طلت هنيه وجوارها سعد، تنهد فهد براحه عند رؤيتهم قائلا:
-- حمد لله على السلامه كل ده تأخير ده انا خلاص اعصابى باظت من الانتظار
ذهبت هنيه تجلس جواره هاتفه بحب:
-- الله يسلمك ياقلب امك.. مسافة السكه والقاعده، ولا كنت أمشى من غير ما تكلمها..
هنيه بدموع أخذته بأحضانها وتابعت بغبطه:
-- ألف مليون مبروووك يا قلب أمك بشارتك شهد مكرر.. وعروستك اتحسنت كتيرر واستنى تليفون من أخوها هيحدد الميعاد مع أبوها بس لما البنت تشد حيلها..
شدد فهد من احتضانها قائلا:
-- حبيبتي يا أمى ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك يا ست الكل..
استقام وخطى نحو سعد لثم كفيه بعرفان بحبه وعطفه الذى دوما يغدقه به، وذهب لجدته فعل المثل فهى دوما سنده فى أحلك الظروف..
تطلعت الحجه راضيه ل هنيه هاتفه بحنق واهى كى تشاكسها لتخطيها والذهاب بدون علمها:
-- هي تبجي الدكتوره غمزه مش كده.. تجريبا يبجى أخواتها الدكتور أحمد والبشمهندس عبدالله خُطاب بناتك صح يامرت ابنى ياغاليه..
اتكأت على نطق الحروف الأخيره من كلمتها لتزيد من توتر هنيه
فزعت هنيه من عبوس وجهها ولهجتها المتهكمه بعتاب، انتفضت من مكانها مهروله لها تجثى تحت قدميها، قبضت على راحتيها تقبلهم بأسف معتذره بحزن هاتفه:
-- حقك عليا انا محقوقه ليكى ياماما.. وغلوتك أنا نزلت لحضرتك وكنتِ نايمه حتى أسألى "سعد" دخل معايا وشافك وأنتى نايمه.. وأنا مقدرش اتخطاكى بس لما لاقيت "فهد" مستعجل وقلقان عليها بعد الحادثة بتاعتها فى المصنع.. حبيت أراضيه واطمن قلبه.. علشان خاطرى مش تزعلى منى.. أنا مقدرش اعيش وأنتى زعلانه .. أنتى الخير والبركه اللى مزينه حياتى..
انهت كلماتها والدموع علقت بأهدابها لتنساب على وجنتيها حزنا على استياء أم زوجها من تصرفها..
ابتسمت الحجه راضيه برضا من زوجة ابنها، ونقاء قلبها ومحبتها الصافيه من أى شوائب تعكر صفو عشرتهم، مسدت على رأسها بحب هاتفه:
-- قومى ياأم فهد ياغاليه.. أنا أصدج العفش فى الدنيا كُلاتها لكن أنتى جلبك دهب صافى لا يخون ولا يغش ولا يغدر.. أنا بنغشك بس اتوحشت شجاوتك بتاعة زمان..
صدحت ضحكات "سعد" على مشاكسة والدته التى لاحظها من لمعة عينيها بمكر والتى كالعاده دخلت على "هنيه" ووقعت فى شباكها..
كففت هنيه عبراتها وهى تنظر ل سعد بحنق:
-- بقى كده بتضحك عليا ياسعد ماشى خاليك فكرها..
قطم سعد ضحكاته وذهب نحوها يضمها بين زراعيه قائلا:
-- معلش ياهنون أصل القافيه تحكم اعملك ايه ماهو أنتى اللى مش بتاخدى بالك من وش الحجه وهى بتتكلم.. بتدبى على بوزك كل مره
دست هنيه رأسها فى صدره بإحراج، ربت على ظهرها بحب، وأخذها وجلسا سويا على الاريكه مقابل فهد والجده..
هتف سعد متذكرا فترة بعادهم:
-- سبحان الله مين كان يقول بعد السنين دى كلها من البعاد يجى الولاد الصغار يقربونى أنا وعزت من جديد.. فعلا الدنيا صغيره
ردت عليه الحجه راضيه :
-- خلاص اللي فات مات واديكم هترجعوا أيام زمان من تاني.. ربنا يبارك فى الشباب وفى لمتكم ويبعد عنكم ولاد الحرام..
تابعت بحماس:
-- روح أنت يا سعد اتكلم مع الحاج شوف هيجولك أيه وهترتبوها ازاى.. ابنك عاوز يعمل فرحه بعد اسبوع من لما ربنا يتمم شفاها على خير..
أجابها سعد متأهباً للأمر:
-- وأيه يعني أنا مستعد وكل حاجه جاهزه و موجوده وان شاء الله ربنا يتمم بخير.. ومن عينى حاضر هروح اتكلم مع أبويا الحاج..
أنهى حديثه واستدار ينظر ل فهد قائلا:
-- يلا أنت كمان عشان نفهم الدنيا هتمشي ازاى عقبال ما يبعتوا الرد نكون احنا شوفنا هنحهز نفسنا ازاى..
أومأ له فهد بطاعه واستقام معه للداخل لمشاورة الحج عبدالجواد الراوى..
---------------------
زينت الفرحه جنبات منزل عزت، عندما جاء مساء من عمله هو والشباب، لتسرد لهم أنعام ما حدث وقت مجيئ هنيه وطلبها يد ابنتهم لابنهم فهد، سُر عزت من الأخبار، وتجهم وجه الشباب بقلق على أختهم...
هتف عبدالله بقلق:
-- يابابا انا عندى كلمه بعد أذنك
أومأ له عزت سامحا له بالحديث
-- بص يابابا أنا مش عندى اعتراض على فهد.. بالعكس انا شايف أنه راجل وأى عيله تتمناه لبنتها .. ولو كان جه اتقدم فى وقت تانى غير ده كنت رحبت بيه لأختى.. بس المشاكل حواليه كتير وأنا خايف على غمزه.. احنا لسه على البر وشوف حصل معها أيه..
وافقه أحمد الرأى قائلا :
-- أنا رأى من رأى عبدالله فهد صاحبى وعشرة العمر وحد نضيف وملتزم.. بس ياترى غمزه هتقدر تستحمل ظروفه والمشاكل اللى محاوطه ولحد الوقت مش عارف مين اللى بيحاربه وعايز يوقعه..
تابع بخوف:
-- غمزه تبان قويه بس إحنا أكتر ناس إللى نعرف هى قد أيه ضعيفه الكلمه بتأثر فيها مابالك لما يتكرر معها مشكله زى إللى وقعت فيها دى.. أنا خايف عليها واستحاله استكتر عليها الفرح..
صمت قليلا وهو يرى نظرات أبيه الغامضه واستطرد مؤكدا
-- يابابا أنا مش بشكك فى حب فهد أو أنه مش هيقدر يسعدها ويوفر لها الأمان والحمايه.. بالعكس أنا متأكد أن فهد هيقدر يديها الحب والسعاده اللى تستحقهم وكمان هيوفر ليها الأمان..
استرسل موضحا:
-- للعلم يابابا يوم حادث الحريق فهد صارحني بحبه ليها وعلى رقبته اللى حصل ده يتكرر تانى.. وصارح عبدالله كمان ونفسه نديله فرصه يثبت لينا أنه أهل للثقه وقد أمانة أنه يشيل غمزه فى قلبه وعينه
تنهد بقلة حيله قائلا:
-- للأمانه أنا قولت لحضرتك كل حاجه أعرفها وخايف منها.. عشان مصلحة أختى مينفعش أجمل الكلام.. قولت المميزات والعيوب اللى هى مجرد مخاوف من المستقبل وده علمه عند ربنا.. بس حبيت أكون صريح وأوصل لحضرتك الصوره زى ما أنا وأحمد شيفينها..
أنهى حديثه وهو يتبادل النظرات مع عبدالله، ليومئ عبدالله برأسه مؤيدا حديثه..
تنحنحت أنعام والتوتر بصوتها كفيل ان يحكى ما تشعر به
-- أنت أيه رأيك فى كلام ولادك ياعزت.. هنرمى البت فى النار بأيدينا.. أينعم نسب يشرف..واحنا متكلمين على بناتهم.. بس ده ميمنعش أننا نخاف على بنتنا.. هما بناتهم هيدخلوا بيتنا معززين مكرمين وهنحطهم في عنينا.. لكن كده احنا بنضحى ببنتنا..
بينما "عزت" يستمع لهم انحنى بجزعه للأمام وهو يهزه رأسه بحركات بسيطه، كمن يوزن الحديث بميزان من ألماس فالحديث عن درته المصونه لابد أن يوزن بميزان حساس، تاره يشبك أصابعه وتاره يمسح على ذقنه وتاره يقوس فمه، أخذ يتمعن التفكير بحديث أولاده فى صمت، يضع الاحتمالات ويستدل بالبراهين التى بالنهايه اوصلته لنتيجه واحده، زفر أنفاسه دفعه واحده واستقام دون أن يتحدث معهم، لاحظ نهوضهم متتبعين خطواته، استوققهم باشاره من يده قائلا :
-- عايز أقعد مع بنتى لوحدنا..
امتثل الجميع لأمره، تركهم وخطى نحو غرفة أبنته فالرأى شورى، وهو واجب عليه أخذ رأيها لا يجوز التعسف فى قرار مصيرى مثل هذا، دوما هو معطى لها الحريه فى اختيار ما تريد وتحب وتهوى..
---------------------
بابتسامه بشوشه ولج عزت غرفة غمزه، ومشاعر أبوه نقيه هى ما تعطر الأجواء، خطى نحوها وجلس جوارها يميل عليها يلثم جبهتها قائلا بحنو:
-- عروستنا عامله أيه النهارده..
توردت وجنتى غمزه من تلميح أبيها وردت بتلعثم:
-- الحمد لله بخير يابابا طول ما حضرتك بخير..
تنهد عزت مبتسما من الحمره التى غزت وجه ابنته وحثه يخبره عما تكنه من قبل أن يحدثها..
مغيرا لتوقعاتها سألها
-- أومال فين "بسنت" مش شيفها قاعده معاكِ ولا كانت قاعده معنا برا واحنا بنتعشى..
أجابته براحه ظنا منها أنه لن يأخذ برأيها
-- هى كانت معايا من شويه.. بس شغلها فى ترميم مصنع الراوى محتاج تخلصه عشان تسلم الميزانيه المطلوبه ل ريان الراوى بكرا وتبدأ فى التنفيذ عشان مفيش وقت..
هز رأسه بتفهم وهو يقول:
-- على كده ريان زى فهد أخوه بيفهم فى الشغل والاداره ولا مالوش غير فى السهر وبس
قالها بخبث كى يستشف مشاعرها قبل أن يفاتحها
ردت باندفاع مغيره الإجابه بدون وعى
-- لا خالص فهد ملوش فى السهر والستات.. وشاطر قوى فى شغله
ابتسم عزت على صغيرته العفويه التى سقطت فى فخه بسهوله..
أردف عزت بدهاء:
-- ده انتى متابعه بقى بس أنا مجيبتش سيرة أن فهد بيسهر أو يعرف ستات.. اللى اعرفه ان ريان ليه فى السهر
بمكر حاورها كى تبوح بما تكنه بقلبها
حدقته ببلاهه هاتفه بتردد:
-- أنا مش متابعه لأخبار فهد ولا حاجه ومعرفش إذا كان بيعرف ستات ولا لأ .. بس يعنى أنا قولت ريان بيسهر يبقى فى ستات زى ما بنشوف فى الأفلام لكن أنا هعرف منين..
انهت كلماتها المتلعثمه وهى تعتصر راحتيها بتوتر من حديث والدها..
امتعض وجه عزت بتمثيل مقوسا شفتيه يدعى التفكير قائلا:
-- أمممممم يعنى مش واد مخربش كده زى "ريان" ومقطع السمكه وديلها.. ده أنا قولت كان مسافر برا واكتسب من صفات الخوجات..
اندفعت غمزه بسذاجه تجيبه:
-- لا خالص فهد حد محترم وراجل ملتزم.. مشفتش منه عيبه قبل كده..
تعالت قهقهات عزت بعطف يرحم قلبها البريئ قائلا:
-- حبيبة أبوها مهتمه مش بتسيب فرصه الا والدفاع عن فهد .. يعنى أقول أنى بنتى قلبها دق..
طأطأت غمزه رأسها تنصهر من خلجها لا تعلم بماذا تجيب..
جذبها عزت يضمها لصدره بعطف وحنان أب يتمنى سعادة أبنته مهما كلفه الأمر، مسد على شعرها بسرور من مشاعرها النقيه، طبع قبله على جبهتها واخرجها من احضانه هاتفا بحبور:
-- ليه مكسوفه ده حقك ياحبيبتى مدام بالأصول والشرع.. متخجليش مني أنا سترك وغطاك سندك وقوتك ياقلب ابوكى..
ابتسمت غمزه بسعاده لحديث ابيها الذى أثلج صدرها
-- ربنا يخليك ليا يابابا أنا ديما فخوره بيك .. بحسك صاحبى مش أبويا.. ديما بتفهمنى من غير ما أتكلم.. بتحس بيا من غير ما اتوجع..
ازدرت لعابها هاتفه بحيره:
-- ياترى المقدمه دى واللى أنا وقعت فى شباكها ليها علاقة بطلب فهد للجواز منى..
ابتسم عزت على فطنة ابنته قائلا:
-- غمزتى كبرت وحبت وهتتجوز ولازم اطمن على قلبها عايز ايه
قطمت غمزه شفتيها متوتره من متاهة حديث أبيها..
تابع عزت يسألها مباشره يرحمها من الحيره التى انطبعت على محياها..
-- بصى ياغمزه فهد طلب أيدك زى ما أنتى عارفه.. بس فهد حواليه مشاكل كتير ولحد الوقت اللى بيحاربه مجهول.. الحب لوحده مش كفايه عندك استعداد تبنى حياتك معاه وتفوضى أمرك لله.. والمستقبل خيره وشره فى علم الغيب.. ممكن يشيلك خير الدنيا بس يكون شايل معاه شر.. هتقدرى تساعديه وتسانديه وتكوني عون ليه.. ولا تنطى من المركب من أولها وتوفرى عليكى مشوار طويل الله أعلم مصيره ايه ده..
بتروى استمعت لوالدها وهتفت
-- ممكن تسيبني اصلى استخاره وابلغ حضرتك رأى.. أنا عقلى مقتنع أنى اكمل معاه وقلبى بيطمن وهو جنبي.. بس محتاجه ربنا يكلل موافقتى ببشاره منه تريحني أكتر..
اراحته إجابتها ورجاحة عقلها لثم جبهتها وتركها تستخير ربها يفعل لها ما يحبه ويرضاه..
--------------------
بنفس الاثناء بغرفة مكيده الوضع جنونى، أشبه بعنبر للمختلين عقلياً، تهذى وتتوعد، تجول وتثور، تجادل بالباطل توسوس لها شياطين عقلها أن ما تفعله حق لها، حلال عليها الغنيمه التى تقتنصها عنوه منهم، الأدهى والأغرب مقتنعه اقتناع تام أن إدمان ابنها ما هو إلا وسيله لضمان بقائها تحت سقف هذه العائله، وليس بضرر اذا استمر مدمن فهو ليس بالأول ولا الأخير الذى يعيش على هذا المنوال، فما اكثر من يعيش طيلة حياته بين دروب الإدمان والعربده، لا يهم اذا كان مغيب الوعى والفكر مدام سيظل تحت طوع رغباتها، وبالأخير حى يرزق وهذا يكفيها أنه على قيد الحياه فبالنهايه ابنها غاليها.. منزوعة الضمير متبلدة القلب تتحدث بمنطق ليس له نص تشريعى فى الدين ولا العرف، كل همها مصلحتها فقط، ولا يهم مصير ولدها وحياته..
أيعقل أن تكون فرحه وهو مغيب المهم انه قيد الحياه..؟!
للأسف هذا مصدر السعاده الوحيد لها.
هل ستتنعمى بحياتك وولدك فاقد الاهليه لكل شى محيط به..؟!
نعم ستعيش حياه رغده، ليس يوجد ضرر بإدمان ابنها لما ستحزن فهو يعيش ويتنفس هى ليست بأم أنانيه هى تحبه ولكن تحبه وهو مغيب جسد خالى بالى أشبه بخيال ماته تحركه كيفما تشاء..
لعينه شريره أى أفك تشركين به أيتها الشيطانه، جهنم وبئس المصير لكل ام على شابهتك..
ظلت تأخذ الغرفه ذهابا وأيابا تلف وتدور عقلها يعمل كالمكوك كيفية الانتقام من فهد بعد تصريحه بكشف المستور وتلميحاته التى دبت الرعب بقلبها من كشف أمرها..
تذكرت أمر المفكره التى دونت بها مسبقا أرقام أصحاب السوء الذى استعانت بهم كى يعاونها على إسقاط ابنها فى هوية الإدمان..
ذهبت لخزانة ملابسها ألقت بهم أرضا وأخذت تبحث عن تلك المفكره اللعينه كى تجدد العهد معهم لإستمالة ولدها لهم من جديد، ظلت تعبث بين أشيائها حتى وجدت مبتغاه، اعتدلت بعيون تلمع شر وضحكاته هيستريه تتصاعد تهز أرجاء الغرفه من صراع الشياطين الذى يحاك داخلها..
صاحت بجنون:
-- أنا بقي هرجعه يتعطي تاني يافهد..
انا هقتلك بالبطئ وانت شايف كل اللى بتعمله بيضيع.. وأنت شايف عيلتك بتروح واحد ورا واحد.. أنا هدمر الكل وهخليك انت تتذل وانت متكتف ومش عارف تعمل حاجه.. مش هخليك تلاحق على المشاكل مش هسيب لك فرصه تفكر فيها ازاى تسن سيكنتك وتدبحنى.. أنا هدبحك بسكينة تلمه.. وجف اتفرج عليك.. جنانك على أيدى من اللى هعمله.. أنا معرفتش اجتلك زمان.. يبجى هخليك لا طايل عايش ولا ميت.. هخلى ولادك ياسعد واحد مجنون والتانى مدمن.. هدمرك ياسعد واهد العيله اللى بتتباهو بيها..
بحثت بالمفكره وجدت رقم شيطانه من جنس لعنتها المدعوه "غاده" رفيقة السوء السابقه ل ريان
تحدثت بغل
-- هو أنتى ياغاده اللى هتساعدينى.. ابنى بيحب الرمرمه ومش هيجدر يجاوم ألاعيبك..
جرت نحو الهاتف وأدارت اتصال لم يأتى الرد سريعا نهرتها بغيظ
-- ما تردى يابنت المركوب هى ناجصه محن بنته معجوله بتتسرمحى لحد دالوكيت
ظلت تعيد الاتصال وبعدعدت رنات فجأه فتحت المكالمه وجاءها الرد هاتفه بدلع مقزز:
-- الو مين معايا.
صدحت ضحكه عاليه من مكيده هاتفه بسخريه:
-- أنا أم ريان حبيب جلبك ومن غير كلام كتير عوزاكي فى اجرب وجت تجينى وتكوني مظبطه حالك و فايجه ومصحصه لو لسه بتحبى "ريان" تيجى على العنوان اللي هبعتهولك وانا اوعدك ريان يكون من نصيبك..
اردفت غاده بلهفه :
-- ابعتي العنوان انا مسافره مع مامى وهوصل كمان كام يوم وهكون عندك أول ما وصل
سُرت مكيده لاستجابتها السريعه وأملتها العنوان بالتفصيل هاتفه بغرور:
-- أول ما توصلي البلد كلميني هبعتلك حد من رجالتى يجيبك.
أغلقت الهاتف وهي تضحك بهستريا تقول بشر يستعسر بمقلتيها
-- أبقى وريني بقي هتعمل إيه يافهد لما ارجعه مدمن تاني..
بكل أريحية تسطحت على فراشها تغط فى نوم عميق تحلم بالخلاص من فهد وعائلة الراوى...
-------------------
فى صباح يوم جديد استيقظ ريان بخمول وتكسير رهيب يضرب جسده، فهو لا علم له بما حدث له بالأمس من ضرب مبرح على يد من تدعى أمه، هبط من فراشه وولج غرفة حمامه انتعش بحمام دافئ وخرج احسن حال ارتدى ثيابه سريعا، وذهب غرفة أخيه، وجده بالمثل انتهى من ارتداء ملابسه، أخذه وهبط للاسفل، وجد الجميع على طاولة الطعام، القوا تحية الصباح وهم يقبلوا يد جديهم ووالديهم وأخذ كلا منهم مكانه..
جلس ريان يأكل بشراهه ونظرات الجميع تحاوطه بسعاده..
ابتسم الجد قائلا
-- على مهلك ياولدى هتزور.. شكلك جعان جوى.. هفتان اياك ولا أيه
أبجى اتوصى بيه شويه بالأكل ياهنيه لحسن يجوع وياكل دراع فهد فى المصنع..
قال الأخيره وهو ينظر لزوجة ابنه الحنونه.. جعلهم يضحكون على مزحته التى أضافت روح لمجلسهم..
اجابته هنيه بمحبه:
-- يعلم رينا بيبقى هاين عليا ازغطه ذى دكر البط.. بس هو اللى اكلته صايصه.. بس خير عالصبح وشه رايق وبيضحك ونفسه مفتوحه . ربنا يفرحوا كمان وكمان وانا اعمله الاكل كله اللى نفسه فيه..
تحدث ريان وهو يَلُكْ الطعام بفمه قائلا
-- ربنا يخليكى ليا ياهنون وتفضلى مدلعانى كده..
ثم تابع وهو ينظر لجده قائلا:
-- أنا فعلا جعان قوى ياجدى ونفسى مفتوحه اكل خروف.. بس أنا هرضى بقليله عشان مشطبش على خزين المطبخ ناس غلابه بقى هرأُف بحالكم..
صفعه الجد على مؤخرة رأسه قائلا بحب:
-- حبيب جدك بالهنا والشفا كُل زى ما انت عاوز انا ديك الساعه لما ضحكتك ترجع تنور لمة العيله..
قاطعهم فهد الذى كان يأكل وعقله شريد فيمن سرقت لُبه، لديه هاجس أن فى شئ ما حدث، زفر نفس حار يجثم على صدره قائلا:
-- يالا يافهد ورانا شغل كتير والبشمهندسه بسنت على وصول عشان تستلم منها وتتابع معها التجهيزات عايزين نخلص بسرعه..
تكدر هيئته جعل القلق يتشكل على وجه هنيه وهى تقول:
-- مالك ياقلب أمك فى حاجه مضيقاك..
أجابها فهد بخفوت:
-- لأ مفيش بس مش فاضى..
استدار صائحا على ريان قائلا:
-- خلص وحصلنى عالعربيه..
نهض ريان سريعا قائلا:
-- جاى وراك هوااااا
تحرك يهرول أمسكته هنيه من ساعده هاتفه بعطف:
-- صندوق الاكل ومتنساش تأكل زى إمبارح.. مش عيزاك تتعب حافظ على نفسك..
لثم ريان راحتيها وأومأ لها شاكراً اهتمامها، وأخذه وترجل يذهب لأخيه..
صعد ريان السياره دُهش من تجهم وجه أخيه سأله بريبه:
-- مالك قالب وشك وشكلك متغير ومتقولش مفيش.. مش داخل عليا البوقين اللى قولتهم ل هنيه..
انطلق فهد بسرعة الريح ولم يعطيه اجابه تريح عقله، التزم ريان الصمت فهو تأكد أن أخيه به شئ ولن يبوح بسهوله الا عندما تنحل العقده..
---------------------
استيقظت بسنت بهمه ونشاط ارتدت ملابس عمليه مريحه نظرا لنزولها مع المهندسين والعمال لتباشر العمل بنفسها كان عباره عن طقم من خامة الجينز بنطلون ثلجى اللون يلتف يحدد ساقيها وقميص من نفس اللون والخامه يأخد وضع منحنايتها بفضفضه تجعله غير ملتصق بجسدها يصل لأعلى ركبتيها، ووشاح رأس عباره عن إيشارب قصير مزركش بعدة ألوان تلفه حول وجهها بمظهر عصرى، أنتهت من ارتداء ملابسها، حملت حقائبها وذهبت تلقى تحية الصباح على الجميع وودعتهم مغادره لتعيش يوم جديد فى محراب صدفه غيرت مجرى حياتها...
ذهبت مبكرا لتصل قبل ريان وفهد، سألت عليهم امن المصانع وعلمت بعدم وصولهم بعد، دخلت تباشر عملها لحين وصولهم، ألقت التعليمات على المهندسين المساعدين معها والصنيعيه أصحاب الحرف اليدويه، ووقفت هى بينهم تتابع العمل بشغف دؤب كى تطمئن على جودة سير العمل، لم يمر الكثير من الوقت وأتى كلا من ريان وفهد القوا التحيه عليهم وصعد فهد مكتبه وظل جوارها ريان الذى بدوره هتف بعمليه:
-- انا شايف أن حضرتك وزعتى عليهم الشغل وكل واحد خد مهمته..
من وراء نظارتها أجابته بجديه:
-- فعلا بدأنا الحمدلله وأسست معاهم الشغل اللى هيمشوا عليه زى ما أتفقت مع حضرتك إمبارح..
هز ريان رأسه قائلا بنبره متهكمه خرجت لا اراديا بحكم العاده:
-- على كده حضرتك قدرتى تخلصى الميزانيه المطلوبه ولا ملحقتيش.
عقبت بسنت عليه بخشونه:
-- مدام وعدت بنفذ.. الميزانيه جاهزه يافندم تقدر حضرتك تطلع عليها..
ثم تابعت وهى تغادر
-- ثوانى هجيب الملف من العربيه
قاطع طريقها قائلا باللين بعدما لاحظ حدتها:
-- أنا مش قصدى حاجه بس لاقيتك جايه بدرى قولت أنك مممكن متكونيش خلصتى.. بس عموما هشوفهم بس مش دالوقت هنخلص مع المهندسين والعمال وفى البريك نبقى نشوفها..
قال آخر كلماته بجديه ورجع لثباته عندما لاحظ عبوس وجهها من وقفته امامها..
تقهقهرت للخلف تستعدل وضع النظاره على وجهها هاتفه بخفوت:
-- تمام يافندم بعد أذنك هشوف شغلى..
وقف يتطلع لأثارها بانبهار وهى تقف وسط المهندسين والعمال تعمل بهمه وجديه تتحرك يمين يسار تعطى أوامرها بخشونه وكأنها رجل من نفس جنسهم، تفتح ساقيها مثلهم تصعد على السقاله
( السقاله هي منصة مرفوعة علي أعمدة خشبية أو معدنية..وتستخدم هذه السقالة لحمل العمال المشتغلين في عمل بمكان مرتفع وحمل المعدات المستخدمة والخامات اللازمة لغرض أعمال البناء أو الترميم)
ترى الشقوق والتصدعات الناجمه عن الحريق، ثم تهبط للأسفل تصيح بانفعال عليهم لعدم التزامهم بالتعليمات المطلوبه.. تفرد اوراقها وتراجع معهم خطة العمل تشير ييديها لأعلى ولأسفل على التصدعات الواجب ترميهما والحوائط التى يجب ازالتها لتوسيع المكان، الكل يسمع باصغاء وينفذ بجديه، ظلت هكذا تتحرك من أقصى اليمين لأقصى الشمال فى حركات دؤوبه متقنه، إلى أن جاء وقت استراحة العمال والمهندسين..
دبت الغيره بصدره من هذا المهندس الذى يتقرب منها، بحجة استشارتها فى بعض الأمور، حاول كبح زمام غيرته حتى لا يظهر بمظهر غير لائق أمام موظفيها، ظغط يطحن أسنانه وهو يراها تسير جواره والآخر ملتصق بها كالعلكه يدوعها لتناول وجبة الغداء معهم، لم يستطع صبرا..
اقتحم وقفتهم هاتفا بخشونه
-- بعد أذنك يابشمهندسه مدام جه ميعاد البريك ممكن نطلع مكتبى نشوف الميزانيه عشان فهد باشا يمضى عليها عشان تعرفى تنجزى الشغل المطلوب..
أومأت له باحترام واستأذنت من زميلها وذهبت معه للتشاور فى الميزانيه.
----------------
استيقظت غمزه براحه وانشراح صدر بعد أن أدت صلاة الاستخاره التى وعدت أبيها بها كى تعطيه رد على حديثهم بالأمس، تنهدت بغبطه تجتاحها من شعور جميل يتوغل ثنايا روحها، همت واقفه وخرجت تخطو خارج غرفتها، ذهبت نحو تجمعهم على طاولة الإفطار وجلست تشاركهم فطورهم..
هتفت باستفهام:
-- أومال بسنت فين..
احابتها أنعام
--- خرجت الصبح بدرى علشان هتاخد العمال.في الموقع المتضرر فى مصنع الراوى
بحيره عاودت السؤال مجددا وهى تحك رأسها هاتفه:
-- هو أنا نمت كتير ولا انتم اللى راحت عليكم نومه .. محدش خرج لحد الوقتى مش عوايدكم الضهر قرب يأذن
أجابها أحمد يرضى فضولها
-- أنا ياستى نازل المركز أجيب شوية مستلزمات طبيه للعياده فتأخرت عقبال المحلات ما تفتح..
داعبها عبدالله قائلا:
-- وانا ياست ماما عندى مرور على الأراضي بتاعة الحج الراوى فمش رايح المصنع النهارده..
وأنعام لم تخلو نظراتها من ابتسامه مشاكسه وهى تهتف:
-- والست الناظره واخده أجازه لحد ما بنتها القمر تخف وتقوم بالسلامه..
حدقتهم ببلاهه وهى تراهم يحدقونها بمعنى هل من مزيد، ابتلعت ما كانت تلكه بفمها مره واحده، وشهقت تسعل من خجلها ونظراتهم المربكه لها، مدت أنعام يدها بكوب الماء، اخذته وارتشفت منه تبلع ظمأ سعالها، وأومات لهم بتفهم وصمتت تأكل بنهم وتلذذ، تلهى خجلها فى الطعام...
شاهد عزت ووجها المشرق بابتسامه مضيئه هتف بحنو:
-- شكلك نمتي كويس.. شايفك صاحيه أحسن بكتير عن اليومين اللى فاتووو
توردت وجنتيها هاتفه بسرور:
-- فعلا يابابا ليلتى كانت هاديه ونمت بسرعه رهيبه كان بقالى فتره مش بشبع نوم زى النهارده روحت فى سابع نومه وقومت على صلاة الفجر رغم سبحان الله بقالى كتير مش مواظبه عليها وقريت الورد بتاعى كمان اللى كنت هجراه من لخمتى فى الشغل والمذاكره.. حاسه براحه رهيبه ونفسى أروح اشوف صخر بقالى كتير مشفتوش بطمن عليه من مرعى بس..
ابتسم عزت وهو يومئ بغبطه لسعادة ابنته التى هى خير برهان على موافقتها، حدقها بنظرات ذات مغزى تفهمت هى على أبيها وهزت رأسها بخجل..
لاحظت أنعام توردها واشراقتها سُرت للبشاره التى لمعت بوجهها، وخصوصا بعد حديث ليلة أمس بينها وبين زوجها، الذى وضح لها قبوله ولن يهدم سعادة ابنته ويضيع من يدها حب راجل سيصونها ويعفها فى مقابل حفنه من التخوفات قادر الله على ردعها فى غمضة عين، هدء من مخاوفها عندما ذكرها بقول الله تعالى
{أنى أعلم ما لا تعلمون}
وأكمل بتأكيد
{كلا لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}
وأنهى حديثه
ما فى علم الغيب الله أعلم به سيبها على اللى لا بيغفل ولا ينام هو هيدبر مخاوفنا ويعدلها بمشيئته..
قطع تبادل نظراتهم الصامت ل غمزه صوت عزت الأجش وهو يقول:
-- بحكم انك انت الكبير اتصل ياأحمد ب فهد بلغه بموافقتى وأنتى ياأنعام اتصلى بالست هنيه عشان تقدير زيارتها ل غمزه وبلغوهم احنا منتظرينهم النهارده بعد المغرب..
قالها وتطلع ل غمزه يستفهم منها اذا ما كان هذا الموعد مناسب
-- الميعاد ده مناسبك ياقلب ابوكى انا شايف جرح أيدك مش هيمنعك من قاعدة التعارف.. عشان أنا مش بحب أطول فى الرد وخصوصا أنهم نهار أخواتك ردوا علينا فى يومها فمينفعش نتعالى عليهم ونأخر الرد..
أومأت غمزه مبتسمه وكأن الكلام اعتقل على فمها من السعاده، هزات بسيطه من رأسها هى ما صدرت منها
اطلق عبدالله صفير هاتفا بمزاح
-- والله وجه اليوم اللى شوفتك فيه مكسوفه ومش عارفه تردى.. بركاتك ياحج فهد ده شكلنا هنشوف غمزه جديده على أيدك..
كشكت غمزه عينيها تمط شفتيها بامتعاض هاتفه بسخريه:
-- خفيف وظريف أيه الخفه دى حاسب لحسن تطير..
عقب عليها عبدالله مقهقها
-- ايوه كده أنا اطمنت أختى ولا مية فهد يربطوا لسانها..
حولت غمزة نظرها لابيها هاتفه بحنق:
-- شايف عبدالله ورزالته يا بابا بدل ما يقولى مبروك.. شكله باصص فى الجوازه ما هو انا هبقى عمة عروسته وهخليها تنكد عليه.. عشان يتعلم الأدب..
استقام عبدالله يقف بجوار كرسيها يقبل رأسها هاتفا برجاء:
-- لأ وعلى ايه الطيب أحسن.. ألف مبروك يااختى ياحبيبتى.. بس اهم حاجه أبعدى عن المجنونه بتاعتى هى مش ناقصه إرشاداتك هى عندها ربع طاير وانا قابل بيه فمش ناقص تطيرى عقلها كله.. اتنين مجانين فى العيله كده كتير عليا..
ردت عليه غمزه بغرور
-- عفونا عنك يالا انصرف عايزه افطر بمزاج..
تصاعدت ضحكات عزت وانعام وأحمد على مشاكسة هذان التوأمان الذى لا يفض مجلسهم من مزاحهم..
انهوا فطورهم وذهبت غمزه غرفتها تاخذ ادويتها وتتسطح قليلا حتى تأتى بسنت، ومكث عزت مع أولاده وزوجته، لاحظ تردد احمد وعبدالله، فهتف يريح اثنتيهم من مخاوفهم على أختهم قائلا:
-- مش عيزكم تخافوا على اختكم.. زى ما أنتم قولتم بلسانكم فهد راجل وهيصونها برقبته هيراعى ربنا فيها وده اللى انا عايزه لبنتى.. ومينفعش أرفض راجل شريها لمجرد مخاوف علمها عند الله.. ارموت حمولكم على الله انا هجوزها لراجل انا واثق فيه كفايه انه تربية سعد وهنيه وحفيد الراوي الكبير..
أومأ له الشبان بطاعه واحترام واستقام كلا منهم يقبل يديه يهنئوه بزيجة أختهم، وانصرف كلا منهم يتدبر أعمال يومه...
-------------------
يترجل ريان وبسنت تاركين الموقع حيث العمل الدؤب واتجه بها نحو السياره كى تجلب الملف المراد فحصه ومناقشته، انحنت تفتح الصندوق الخلفي للسياره واستمالت بجزعها قليلا داخل الصندوق لتفتش عن الملف وسط أوراقها، مع انحنائها شُبك طرف وشاح رأسها، عدلته بعشوائيه وهى تتدلى برأسها أكثر للداخل..
حركه عفويه ولكن لم تمر مرور الكرام على زير نساء خبير ومضت عينيه بلهيب الرغبه وهو يرى تهدل نهديها كالتفاحه المحرمه التى يشتهى تذوقها، هبط بعينيه أكثر ليسيل لعابه على بروز تقاسيم مؤخرتها، توهجت أوردته وتأجج داخله نشوه فى احتضانها والتنعم بقربها، أخذ يزفر نفسه بتروى يحث نفسه على التماسك ازدرد جفاف لعابه بصعوبه وهو يقول:
-- عايزة أى مساعده..
أجابته بسنت وهى ترفع رأسها
-- لا شكرا خلاص لاقيته.. آسفه على عطلة حضرتك..
نعومة صوتها تدغدغ مسامعه وكأنه لم يسمع صوت أنثى مسبقا..
هز رأسه قائلا بود:
-- تعبك راحه
قالها ببحه رجوليه مهلكه
ابتلعت لعابها من نظراته التى تخدرها وتسحبها لمتاهة بنيته، خطت تمشى بجواره، ليزفر بحراره وهو يشوح بيده يرطب على وجهه الحراره التى دبت بأوصاله..
وقفوا أمام المصعد المؤدى للمكتب، بسط يده للوحة المفاتيح الخاصه بالمصعد كى يفتحه، قليلا وفتح الباب، بسط زراعه بالقرب من ظهرها واشار لها بالدخول، توترت ملامحها من قربه يكاد يحتضنها بزراعه، تقهقرت للخلف وهى تحدقه بحده، ازدرد لعابه عندما طالعته بسودويتها التى تأثر لبه من أول وهله وقعت عينيه عليها، ابتعد وترك لها المساحه كى تلج للداخل، دلفت وهو ورائها، بسط زراعه يضغط على الزر كى يغلق باب المصعد عليهم، لقرب ساعده من وجهها عطره الرجولى توغل لأنفها يثير حواسها أجبرها على استنشاقه وحبسه داخل رئتيه، عصفت بها التخيلات جعلتها ترتعش مبتعده عنه تستند بظهرها تكتم أنفاسها بصعوبه ليفضح أمرها، تشعر بانقباض خافقها يضرب بشده قفصها الصدرى، ولا بأحلامها أن تعيش مثل هذا الموقف، أو تشعر نحو هذا الكائن بأى إحساس سوى البغض، عقلها نهرها فلم تستطع حبس أنفاسها كثيرا أفرجت عن شهيق رئتيها وكأنها كانت تجرى لمسافة طويله لتصدر صوت دوى فى المصعد نتيجة لصغر حجمه..
للوهله الأولى توردها وارتعاشها وهى تشتم عطره أرضت رجولته، ولكن ما أن شهقت أنفاسها دفعه واحده وكأنها تحاول لفظ عبق عطره الذى انتشر يالمصعد، حتى حزن على حالتها..
اقترب منها ريان بفزع قائلا بلهفه:
-- مالك حاسه بحاجه.. خدى نفسك بشويش خلاص قربنا نوصل..
قالها بخوف حقيقى قرأته بسنت فى عينيه..
هزت بسنت رأسها نافيه أى ضرر يحدث معها، ليرأف بها القدر ويطلق المصعد صفير توقفه، خرجت تحمد الله أن الموقف مرء على خير، استنشقت أنفاسها براحه وهى تتطلع له بامتنان.. تفهم عليها وخطى يمشى وهى تتبعه إلى أن وصل غرفة مكتبه..
جلست على المقعد المقابل لمكتبه، وذهب هو خلف مكتبه، رفع سماعة هاتف المكتب وأمر مريهان سكرتيرة مكتب أخيه أن تجلب لها كوب ماء، وكأس عصير فريش، فهى سكرتيره مشتركه لأثنتيهم، نفذت ما طلبه منها وجلبته سريعا..
طرقت ماهى الباب ودلفت هاتفه باحترام:
-- اتفضل يافندم
اجابها ريان
-- قدميهم للبشمهندسه نفذت ما طلبه ووضعت أمامها الصينه وتركتهم وغادرت..
تطلع ريان لها بنظره حنونه وأجبرته قدميه أن يقوم يجلس بالمقعد المقابل لها هو يقول:
-- حقك عليا تعبناك معنا.. ياريت تشربى العصير ممكن تكون ضربة شمس من ووقفتك على السقاله وسط العمال وهى اللى عملت لك هبوط..
قربه أرعد أواصرها بمشاعر جديده عليها، هزات عنيفه ضربت خافقها وهى ترى نظرة عينيه ينبعث منهم وميض وكأنه يحتضنها يطمئن قلبها من تخيلات أحداث سالفه..
رمشت بسنت بعينيها كى تتفادى سهام عينيه وعقبت عليه بخفوت:
-- حصل خير يافندم مفيش داعى لده كله ده شغلى ومتعوده عليه..
أردف ريان بحنو:
-- طب ريحنى واشربى عشان نبدأ شغل..
لم تجادل بسنتت كثيرا حتى تتفادى جلوسه بهذا القرب وتنهى ما أتت من أجله.. قبضت على كأس العصير ارتشفت منه بضع رشفات، زاولتها وهى ترتشف خصله هاربها من تحت وشاح رأسها نتيجة عشوائيته أثر اجهادها بالعمل، لتلتصق بجانب شفتيها..
ريان بلا وعى هائم فى تقاسيم وجهها يتشرب بتلذذ من حمرة الخجل الطاغيه على محياها، وكأن عينيها ألقت عليه تعويذه لم يشعر بنفسه إلا وهو يشرأب بنفسه ينحني عليها يبسط أنامله يزيح تلك الخصله من جانب شفتيها، حركه هوجاء جعلته يلامس نعومة بشرتها، اقترابه منها جعلت أنفاسه تلفح بشرتها، لتفقدها مقاومتها وثباتها وهى ترتعش تقفز فزعه منه ليسقط منها كأس العصير متهشما، تقهقرت للخلف لتصطدم بالمقعد التى كانت تجلس عليه ليصطدم بالأرض تحت صراخها الهلع..
استقام ريان فى محاوله منه لتهدئتها هاتفا بتوتر:
-- أهدى مفيش حاجه حصلت.. صدقينى مش هأذيكى.. نفسى تغيرى الفكره اللى أخدتيها عنى..
زفرت أنفاسها بلهاث وهى تهز رأسها بهيستريه، كبت "ريان" غضبه مخافتا من حالاتها وأشار لها على باب داخلى بغرفة المكتب قائلا:
-- ده حمام ادخلى اغسلى وشك وهدى نفسك وانا هبعت حد ينضف المكان..
قالها واستدار يوليها ظهره يخفى عبراته التى تهدد بالهطول، من هيئتها الفزعه منه، يلعن نفسه ألهذه الدرجه أذاها نفسيا كى تخافه وتهابه بهذا الشكل المقزز..
مجرد أن أعطاها ظهره فرت "بسنت" هاربه بداخل الباب الذى أشار عليه، وقفت تستند بظهرها على الباب تضع يدها على صدرها تتنفس سريعا شهيق زفيرا تهدء من روعتها على مهل، تحركت ساقيها بارتجاف ووقفت أمام مرآة الحمام تشاهد زعر ملامحها التى استحالت للون الأحمر القانى وكأن أمبوب بوتاجاز هب لهيبه بوجهها، فتحت صنبور المياه وأخذت حفنه بين راحتيها وصفعت بها وجهها مره اثنتان ثلاثه كررتها كثيرا لعلها تهدء من تلك الحميه التى تستعير داخلها ، ولكن الغريب الذى آثار دهشتها نبضات خافقها الآن مختلفه عن سابقتها، ليست اشمئزاز ولا مقت، تشعر بحنين وكأنها تنتمى اليه، تشعر بصدق يومض بمقلتيه، تحس من نبرته بلهفه وخوف جديده عليه، استمتعت وهى تشتم عبق عطره الرجولى الذى لفح أنفاسها وهز كيانها، لحظات قربه منها ما دامت إلا لحظات ولكن فعل بها ما لم يفعله أعتى الرجال، هى دوما محاطه برجال كثيره بحكم عملها ولكن لم يشغل تفكيرها أو يؤثر فيها أيا منهم، سألت نفسها تُرى ما السبب الذى طرأ كى أتناسى بشاعة لقائنا الأول وذكرى أحداث مؤلمه فظه افتعلها معى تلازمنى فى صحوى ومنامى، تُرى هل ما يفعله معى هدنه كى استرد ثقتى به، تُرى هل مشاعرى بدأت تميل نحوه..
ضاقت روحها وهى تزجرها كيف أيتها المعتوهه تستميلى لجلاد روحك ومعذبها، استفيقى أيتها الغبيه أنه زير نساء ولا عزاء للأغبياء، لا تكونى فريسه سهله كى يحوم حولها يرمى شباك العطف والحنان ويرتدى قناع التغيير ويعطيكى الأمان كى ينقض عليكى يلتهمك بلا رحمه، هذا الريان ألعوبان كبير وأنتى ما الا رغبه يطفئ بها عطشه من جاريه جديده لم تملكه زمام عفتها، دق ناقوس الخطر برأسها واستعادة وعيها وكامل تركيزها وأبى عنفوانها للخضوع، رفعت هامتها وعدلت هندامها ووشاح رأسها وخرجت كحد السيف تطالعه بكبرياء وشموخ كعادتها معه لا تميل للهوى ولا تستميل لمخادع..
شاهد ريان طلتها الصارمه علم أنه رجع لنقطة الصفر، استغل الجزء العملى الذى يجمعهم، وتمسك بزمام هيبته وأجلى صوته محمحا بخشونه:
-- أظن حضرتك فوقتى يالا بينا ندرس الملف عشان مرتبط بمواعيد..
أومأت بصمت وخطت نحو طاولة الاجتماعات تجلس بعيده عنه نوعا ما كى تتفادى عبق عطره الذى مازال عالق بانفها، فتحت أوراقها وأخذت تناقشه بعمليه فى كل بند من بنود الميزانيه بالإضافة أطلعته على الرسومات الهندسيه التى صممتها للشكل النهائى للمكان بعد إزالة بعض الحوائط للتوسيع لاستيعاب أجهزة أكثر فى محال عملهم، استمر النقاش ما يقارب الساعه إلى أن قطع نقاشهم طرقات على الباب..
اعتدل ريان فى جلسته وأمر من بالخارج بالدخول، لتقول له السكرتيره أنه يوجد من يريد الدخول للبشمندسه، أومأ له بالسماح له بالدخول..
دلف البشمهندس عماد الذى كان يحوم حولها بالأسفل والذى أثار غيرة ريان وهو يلقى التحيه قائلا:
-- سلام عليكم ياريان باشا.. آسف للمقاطعه بس البشمهندسه اتاخرت وانا قلقت عليها..
امتعض وجه بسنت هاتفه بضيق:
-- نعم حضرتك تقلق عليا بتاع أيه يابشمهندس.. هو أنا عيله صغيره وأنت ولى أمرى.. من أمتى أنا سمحت لحد يقرب منى لدرجة انه يخاف عليا.. افتكر أن أنا من أول يوم شغل بينا عمله حدود لكل واحد بيتعامل معايا.. مش معنى أن احنا بنشتغل فى مجال واحد مع بعض أنى هسمح بتجاوزات.
أطلقت كلماتها كبارود المدافع دفعه واحده، جعلت "عماد" يتصبب عرقا من الإحراج الذى شملته به من فظاظة حديثها..
بينما يوجد من سمع حديثها بطرب وكأن بلبل غناء شذى بأعذب الألحان، تقام الآن فى قلبه أفراح ومهرجانات جعلت السعاده تتقافز بخافقه تفعل ما لم يخطر على عقل بشر، يود لو يزرعها الآن بين أضلعه يغدق شفتيها بوابل من القبلات الشبقه تحية تقدير للسانها الذى أثلج صدره من توبيخ ذلك المتبجح الذى اقتحم مجلسهم دون وجه حق..
ولكن صوت نشاذ قطع صفو اللحن العذب الذى شنف آذانه منذ قليل وهو يقول :
-- أنا فاهم كويس حدودى يابشمهندسه وفاهم كويس حضرتك تكونى إيه وعمرى ما أقلل من تقديرك أو أنى أفرض نفسى عليك.. بس أنا محتاج اتكلم مع حضرتك على انفراد فى أمر هام..
استغربت الحاحه ولكن لا ضرر من الاستماع له، حولت نظرها ل ريان هاتفه باستأذان:
-- بعد أذنك حضرتك هنقطع كلامنا عشر دقايق هخلص مع البشمهندس عماد ونرجع لشغلنا من تانى..
جز على نواجزه وأراد أن يعترض، ولكن تراجع فى آخر لحظه فهو لا يرغب بمضايقتها حتى لا يخسرها، أوما لها بصمت وغادر يترك لهم بعض المساحه لحديثهم المبغض من وجهة نظره..
وقفت قابلة ذلك السمج هاتفه بجديه:
-- خير يابشمهندس فى أيه يخليك تقاطعني فى اجتماع شغل
مباشرة وبدون مراوغه اردف :
-- بعد أذنك أنا عايز أزوركم النهارده واطلب أيدك من السيد الوالد
دهشه احتلت وجهها لم تتخيل أن يكون هذا هو الحديث الذى يريد مخاطبتها من أجله، اقتحم جلسة عمل لمهترات مثل الذى قالها، صمتت تستوعب حديثه وهى تحتقن غضبا، حاولت التماسك كى تتحدث بلباقه دون جرح لمشاعره فبالأخير القلوب ليس عليها سلطان..
بينما ريان يسترق السمع لما يقولون، وتحولت أفراح قلبه لمآتم، صاعقه ضربت قلبه ليتهاوى صريع عشقها، نار أضرمت بصدره من صمتها وكأنها تبلغه موافقتها بذلك الصمت البالى، لم يتحمل فكرة أنها ستكتب على اسم غيره و سيتنعم بدفئ قربها، نفذ صبره مع طيلة صمتها قبض على كفيه يصارعهما ببعضهما ينفس فيهم غضبه، هرول يبتعد عن غرفة مكتبه عندما حطم صمتها ثباته..
بتروى هتفت بسنت تنهى مالم يبدء بعد مردفه
-- والله يابشمهندس حضرتك فاجأتني بطلبك.. انت شخص جدير يالثقه والاحترام وحاشى لله انا مشوفتش منك حاجه وحشه بغض النظر عن الموقف الأخير دالوقت.. بس للأسف طلبك مرفوض لانى مش بفكر فى الارتباط حاليا..
انهت حديثها برسميه جعلت ملامح عماد تحتقن من الإحراج الذى أصابه من رفضها المهين لكرامته، أراد لملمة الباقى من كرامته المهدوره وأردف قائلا :
-- تمام يابشمهندسه فرصه سعيده
تركها وغادر تحت سخط عقله الذى فكر بالارتباط، هو لم يحبها بالأساس ولكن مجرد انجذاب لأدبها وأخلاقها، زفر بغيظ وأخذت ساقيه تسابق الريح مندفعا للخارج..
-----------------
الصبر مفاتح الفرج ولكن هو كائن غير صبور بالمره، أضاع على نفسه فرصة سماع ما سيجعل روحه تهيم فى غيمه ورديه تحملها سحب عشقها السرمدى..
زمجر يزأر كالأسد الحبيس داخل قفص ينازع الخلاص ولا أحد يدرى بعذاب وحدته فى عشقها، عض على نواجزه بقهر من ضراوة عشقها الذى يزلزل كيانه وهى لا ترأف بحاله ولا تشعر بقلبه الشريد الذى لا مأوى له إلا قلبها..
حسم أمره وهرول مندفع لها ينهى تلك المهزله الذى تدور بالداخل مهما كلفه الامر، دخل يدفع الباب كالثور الهائج محتقن الملامح، متحجر العينين، متشنج العضلات، تلفظ بفظاظه قائلا:
-- أيه ياهانم فين حبيب القلب اللى مقضياها معاه غراميات على قفه صاحب الشغل..
قالها وهاج وهو يدور حولها يبث الرعب بقلبها يقذف ما تطوله يده أرضا..
شهقت فزعه من منظره وتبجحه، وعقبت عليه بانفعال صارخ:
-- انت اتجننت شكلها هبت منك ومش عارف أنت بتتكلم على مين.. أنا اشرف منك ومن مية زيك ياحيوان.. أنت اكتر واحد عارف أنى زى الجنيه الدهب ماليش فى الغراميات.. أنت اللى ليك فى القذاره.. عشان كده فاكر كل الناس ذيك..
قالت كلماتها ودفعته بصدره كى يتقهفر للخلف ولكن كان كالجبل لا يتزعزع ، وقف قبالتها يناطحها بغرور تلبسته شخصيته القديمه، قبض على معصمها، يجذبها عليه لتصطدم بصدره ثم مال على وجهها يتلمس نعومة بشرتها بشفتيه وحاله من التيه سحبته فيها حبه المتملك لها جعلته يهذى بفحيح قائلا:
-- كلمتين حطيهم حلقه فى ودانك.. طال الوقت على قد ما طال أنتى ملكيه خاصه ل ريان الراوى..
-------------------
يتبع
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
أضيئوا بالحب قلوبَكم، إن القلوب حين تحب تضاء، وقولوا لمن تحبوا سلاما، فقول المحب للمحب شفاء، الناس موتى في هجرهم، وأهل المحبة في حبهم أحياء...
جلسه عائليه جميله يحيط جنباتها الحب والعاطفه الدافئه، ضحك الجده ومداعبة الفتيات، وسعادة محب على أعتاب العشق جديد، ألفه من نوع خاص لا يشعر بمذاقها الا من يفتقد روح العائله..
يجلس فهد متوتر بعد أن قص لجدته عن رغبته فى الارتباط ب غمزه وذهاب هنيه لمنزل أنعام وعزت للاطمئنان عليها واستطلاع أمر قبول عرض زواجه من ابنتهم، استحلف جدته بألا تحزن أو تغضب من هنيه ومنه، فاستعجاله فى التقصى عن رأى اهل حبيبته كان نتاج فاجعته بأمر الحادثه الذى غص قلبه من فكرة فقدانها..
تفهمت عليه الحجه راضيه وباركت زواجه واستحسانه فى اختيار العروس المناسبه كنه للحفيد الأكبر للعائله..
أرادات الحجه راضيه أن تشاكسه زوت بين عينيها و هتفت بتكهم:
-- كَنك مش جاعد على بعضك يافهد.. أهدى مش طَبْختها أنت وأمك هنيه.. هتيجي دالوجيت وتديك البشاره.. أصل مَرت ابنى وعَرفها زين واعره رغم طيبة جلبها.. لحد ولادها تمشيها بلاد لجل سعادتهم..
أومأ لها فهد مجيباً:
-- عارف ياجده.. بس برضوا عايز اسمع منها.. هتجنن خايف لحسن العصفوره تطير منى.. وبعدها اكون انا ولعت في نفسي..
صدحت ضحكات فجر و زينه والحجه راضيه
هتفت الحجه راضيه باندهاش :
-- معجول للدرجه دى مش متحمل ده بينه الهوا جابك على خشمك ياولد سعد.. آه ياخوفي تبجى زى أبوك فى العشج دمه حامى..
تنهد فهد بحالميه معقبا:
-- هو أنا أطول أبقى زى سعد.. وحبه ل هنيه.. دوول ناخدهم قدوه عشان نتعلم الحب على أصوله.. بس بصراحة يا جده مش قادر نفسي أغمض وافتح الاقيها مراتي.. البنت دى هي اللي هزت كياني..
ابتسمت زينه بحبور داعيه لأخيها:
-- إن شاء الله تتجوزها وتتهنى.. هي تستهلك زى القمر وطيبه ودمها خفيف زى أخوها الشربات اللي هتجوزهولي عن قريب إن شاءالله..
قالتها وثغرها يضاء بضحكتها الصبوحه...
جزت الحجه راضيه على شفتيها بغيظ من واقحة حفيدتها هاتفه :
-- شوف البت وجلة حياها.. أنا هجوم أدشمل راسها واضربها بالمركوب عشان يرجعلها عجلها غورى يا بت من وشي .
تحدثت بحنق من كلامها الاهوج بدون وعى..
ضحكت زينه هاتفه بتلاعب:
-- مش مهم اضربيني بس خلاص هتجوزه مش بقى خطيبى يبقى فات الكتير ومبقاش الا القليل وهتجوزوا ياحجوج ياكوبارة عيلة الراوى..
نطقت كلماتها باندفاع وهرولت سريعا للأعلى تتفادى سلاح جدتها الطائر وهي تضحك لتهرول ورائها فجر تشاركها الضحكات
ظل فهد والحجه راضيه ماكثين فى انتظار مجئ هنيه، مضى ما يقارب الساعاتان إلى أن طلت هنيه وجوارها سعد، تنهد فهد براحه عند رؤيتهم قائلا:
-- حمد لله على السلامه كل ده تأخير ده انا خلاص اعصابى باظت من الانتظار
ذهبت هنيه تجلس جواره هاتفه بحب:
-- الله يسلمك ياقلب امك.. مسافة السكه والقاعده، ولا كنت أمشى من غير ما تكلمها..
هنيه بدموع أخذته بأحضانها وتابعت بغبطه:
-- ألف مليون مبروووك يا قلب أمك بشارتك شهد مكرر.. وعروستك اتحسنت كتيرر واستنى تليفون من أخوها هيحدد الميعاد مع أبوها بس لما البنت تشد حيلها..
شدد فهد من احتضانها قائلا:
-- حبيبتي يا أمى ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك يا ست الكل..
استقام وخطى نحو سعد لثم كفيه بعرفان بحبه وعطفه الذى دوما يغدقه به، وذهب لجدته فعل المثل فهى دوما سنده فى أحلك الظروف..
تطلعت الحجه راضيه ل هنيه هاتفه بحنق واهى كى تشاكسها لتخطيها والذهاب بدون علمها:
-- هي تبجي الدكتوره غمزه مش كده.. تجريبا يبجى أخواتها الدكتور أحمد والبشمهندس عبدالله خُطاب بناتك صح يامرت ابنى ياغاليه..
اتكأت على نطق الحروف الأخيره من كلمتها لتزيد من توتر هنيه
فزعت هنيه من عبوس وجهها ولهجتها المتهكمه بعتاب، انتفضت من مكانها مهروله لها تجثى تحت قدميها، قبضت على راحتيها تقبلهم بأسف معتذره بحزن هاتفه:
-- حقك عليا انا محقوقه ليكى ياماما.. وغلوتك أنا نزلت لحضرتك وكنتِ نايمه حتى أسألى "سعد" دخل معايا وشافك وأنتى نايمه.. وأنا مقدرش اتخطاكى بس لما لاقيت "فهد" مستعجل وقلقان عليها بعد الحادثة بتاعتها فى المصنع.. حبيت أراضيه واطمن قلبه.. علشان خاطرى مش تزعلى منى.. أنا مقدرش اعيش وأنتى زعلانه .. أنتى الخير والبركه اللى مزينه حياتى..
انهت كلماتها والدموع علقت بأهدابها لتنساب على وجنتيها حزنا على استياء أم زوجها من تصرفها..
ابتسمت الحجه راضيه برضا من زوجة ابنها، ونقاء قلبها ومحبتها الصافيه من أى شوائب تعكر صفو عشرتهم، مسدت على رأسها بحب هاتفه:
-- قومى ياأم فهد ياغاليه.. أنا أصدج العفش فى الدنيا كُلاتها لكن أنتى جلبك دهب صافى لا يخون ولا يغش ولا يغدر.. أنا بنغشك بس اتوحشت شجاوتك بتاعة زمان..
صدحت ضحكات "سعد" على مشاكسة والدته التى لاحظها من لمعة عينيها بمكر والتى كالعاده دخلت على "هنيه" ووقعت فى شباكها..
كففت هنيه عبراتها وهى تنظر ل سعد بحنق:
-- بقى كده بتضحك عليا ياسعد ماشى خاليك فكرها..
قطم سعد ضحكاته وذهب نحوها يضمها بين زراعيه قائلا:
-- معلش ياهنون أصل القافيه تحكم اعملك ايه ماهو أنتى اللى مش بتاخدى بالك من وش الحجه وهى بتتكلم.. بتدبى على بوزك كل مره
دست هنيه رأسها فى صدره بإحراج، ربت على ظهرها بحب، وأخذها وجلسا سويا على الاريكه مقابل فهد والجده..
هتف سعد متذكرا فترة بعادهم:
-- سبحان الله مين كان يقول بعد السنين دى كلها من البعاد يجى الولاد الصغار يقربونى أنا وعزت من جديد.. فعلا الدنيا صغيره
ردت عليه الحجه راضيه :
-- خلاص اللي فات مات واديكم هترجعوا أيام زمان من تاني.. ربنا يبارك فى الشباب وفى لمتكم ويبعد عنكم ولاد الحرام..
تابعت بحماس:
-- روح أنت يا سعد اتكلم مع الحاج شوف هيجولك أيه وهترتبوها ازاى.. ابنك عاوز يعمل فرحه بعد اسبوع من لما ربنا يتمم شفاها على خير..
أجابها سعد متأهباً للأمر:
-- وأيه يعني أنا مستعد وكل حاجه جاهزه و موجوده وان شاء الله ربنا يتمم بخير.. ومن عينى حاضر هروح اتكلم مع أبويا الحاج..
أنهى حديثه واستدار ينظر ل فهد قائلا:
-- يلا أنت كمان عشان نفهم الدنيا هتمشي ازاى عقبال ما يبعتوا الرد نكون احنا شوفنا هنحهز نفسنا ازاى..
أومأ له فهد بطاعه واستقام معه للداخل لمشاورة الحج عبدالجواد الراوى..
---------------------
زينت الفرحه جنبات منزل عزت، عندما جاء مساء من عمله هو والشباب، لتسرد لهم أنعام ما حدث وقت مجيئ هنيه وطلبها يد ابنتهم لابنهم فهد، سُر عزت من الأخبار، وتجهم وجه الشباب بقلق على أختهم...
هتف عبدالله بقلق:
-- يابابا انا عندى كلمه بعد أذنك
أومأ له عزت سامحا له بالحديث
-- بص يابابا أنا مش عندى اعتراض على فهد.. بالعكس انا شايف أنه راجل وأى عيله تتمناه لبنتها .. ولو كان جه اتقدم فى وقت تانى غير ده كنت رحبت بيه لأختى.. بس المشاكل حواليه كتير وأنا خايف على غمزه.. احنا لسه على البر وشوف حصل معها أيه..
وافقه أحمد الرأى قائلا :
-- أنا رأى من رأى عبدالله فهد صاحبى وعشرة العمر وحد نضيف وملتزم.. بس ياترى غمزه هتقدر تستحمل ظروفه والمشاكل اللى محاوطه ولحد الوقت مش عارف مين اللى بيحاربه وعايز يوقعه..
تابع بخوف:
-- غمزه تبان قويه بس إحنا أكتر ناس إللى نعرف هى قد أيه ضعيفه الكلمه بتأثر فيها مابالك لما يتكرر معها مشكله زى إللى وقعت فيها دى.. أنا خايف عليها واستحاله استكتر عليها الفرح..
صمت قليلا وهو يرى نظرات أبيه الغامضه واستطرد مؤكدا
-- يابابا أنا مش بشكك فى حب فهد أو أنه مش هيقدر يسعدها ويوفر لها الأمان والحمايه.. بالعكس أنا متأكد أن فهد هيقدر يديها الحب والسعاده اللى تستحقهم وكمان هيوفر ليها الأمان..
استرسل موضحا:
-- للعلم يابابا يوم حادث الحريق فهد صارحني بحبه ليها وعلى رقبته اللى حصل ده يتكرر تانى.. وصارح عبدالله كمان ونفسه نديله فرصه يثبت لينا أنه أهل للثقه وقد أمانة أنه يشيل غمزه فى قلبه وعينه
تنهد بقلة حيله قائلا:
-- للأمانه أنا قولت لحضرتك كل حاجه أعرفها وخايف منها.. عشان مصلحة أختى مينفعش أجمل الكلام.. قولت المميزات والعيوب اللى هى مجرد مخاوف من المستقبل وده علمه عند ربنا.. بس حبيت أكون صريح وأوصل لحضرتك الصوره زى ما أنا وأحمد شيفينها..
أنهى حديثه وهو يتبادل النظرات مع عبدالله، ليومئ عبدالله برأسه مؤيدا حديثه..
تنحنحت أنعام والتوتر بصوتها كفيل ان يحكى ما تشعر به
-- أنت أيه رأيك فى كلام ولادك ياعزت.. هنرمى البت فى النار بأيدينا.. أينعم نسب يشرف..واحنا متكلمين على بناتهم.. بس ده ميمنعش أننا نخاف على بنتنا.. هما بناتهم هيدخلوا بيتنا معززين مكرمين وهنحطهم في عنينا.. لكن كده احنا بنضحى ببنتنا..
بينما "عزت" يستمع لهم انحنى بجزعه للأمام وهو يهزه رأسه بحركات بسيطه، كمن يوزن الحديث بميزان من ألماس فالحديث عن درته المصونه لابد أن يوزن بميزان حساس، تاره يشبك أصابعه وتاره يمسح على ذقنه وتاره يقوس فمه، أخذ يتمعن التفكير بحديث أولاده فى صمت، يضع الاحتمالات ويستدل بالبراهين التى بالنهايه اوصلته لنتيجه واحده، زفر أنفاسه دفعه واحده واستقام دون أن يتحدث معهم، لاحظ نهوضهم متتبعين خطواته، استوققهم باشاره من يده قائلا :
-- عايز أقعد مع بنتى لوحدنا..
امتثل الجميع لأمره، تركهم وخطى نحو غرفة أبنته فالرأى شورى، وهو واجب عليه أخذ رأيها لا يجوز التعسف فى قرار مصيرى مثل هذا، دوما هو معطى لها الحريه فى اختيار ما تريد وتحب وتهوى..
---------------------
بابتسامه بشوشه ولج عزت غرفة غمزه، ومشاعر أبوه نقيه هى ما تعطر الأجواء، خطى نحوها وجلس جوارها يميل عليها يلثم جبهتها قائلا بحنو:
-- عروستنا عامله أيه النهارده..
توردت وجنتى غمزه من تلميح أبيها وردت بتلعثم:
-- الحمد لله بخير يابابا طول ما حضرتك بخير..
تنهد عزت مبتسما من الحمره التى غزت وجه ابنته وحثه يخبره عما تكنه من قبل أن يحدثها..
مغيرا لتوقعاتها سألها
-- أومال فين "بسنت" مش شيفها قاعده معاكِ ولا كانت قاعده معنا برا واحنا بنتعشى..
أجابته براحه ظنا منها أنه لن يأخذ برأيها
-- هى كانت معايا من شويه.. بس شغلها فى ترميم مصنع الراوى محتاج تخلصه عشان تسلم الميزانيه المطلوبه ل ريان الراوى بكرا وتبدأ فى التنفيذ عشان مفيش وقت..
هز رأسه بتفهم وهو يقول:
-- على كده ريان زى فهد أخوه بيفهم فى الشغل والاداره ولا مالوش غير فى السهر وبس
قالها بخبث كى يستشف مشاعرها قبل أن يفاتحها
ردت باندفاع مغيره الإجابه بدون وعى
-- لا خالص فهد ملوش فى السهر والستات.. وشاطر قوى فى شغله
ابتسم عزت على صغيرته العفويه التى سقطت فى فخه بسهوله..
أردف عزت بدهاء:
-- ده انتى متابعه بقى بس أنا مجيبتش سيرة أن فهد بيسهر أو يعرف ستات.. اللى اعرفه ان ريان ليه فى السهر
بمكر حاورها كى تبوح بما تكنه بقلبها
حدقته ببلاهه هاتفه بتردد:
-- أنا مش متابعه لأخبار فهد ولا حاجه ومعرفش إذا كان بيعرف ستات ولا لأ .. بس يعنى أنا قولت ريان بيسهر يبقى فى ستات زى ما بنشوف فى الأفلام لكن أنا هعرف منين..
انهت كلماتها المتلعثمه وهى تعتصر راحتيها بتوتر من حديث والدها..
امتعض وجه عزت بتمثيل مقوسا شفتيه يدعى التفكير قائلا:
-- أمممممم يعنى مش واد مخربش كده زى "ريان" ومقطع السمكه وديلها.. ده أنا قولت كان مسافر برا واكتسب من صفات الخوجات..
اندفعت غمزه بسذاجه تجيبه:
-- لا خالص فهد حد محترم وراجل ملتزم.. مشفتش منه عيبه قبل كده..
تعالت قهقهات عزت بعطف يرحم قلبها البريئ قائلا:
-- حبيبة أبوها مهتمه مش بتسيب فرصه الا والدفاع عن فهد .. يعنى أقول أنى بنتى قلبها دق..
طأطأت غمزه رأسها تنصهر من خلجها لا تعلم بماذا تجيب..
جذبها عزت يضمها لصدره بعطف وحنان أب يتمنى سعادة أبنته مهما كلفه الأمر، مسد على شعرها بسرور من مشاعرها النقيه، طبع قبله على جبهتها واخرجها من احضانه هاتفا بحبور:
-- ليه مكسوفه ده حقك ياحبيبتى مدام بالأصول والشرع.. متخجليش مني أنا سترك وغطاك سندك وقوتك ياقلب ابوكى..
ابتسمت غمزه بسعاده لحديث ابيها الذى أثلج صدرها
-- ربنا يخليك ليا يابابا أنا ديما فخوره بيك .. بحسك صاحبى مش أبويا.. ديما بتفهمنى من غير ما أتكلم.. بتحس بيا من غير ما اتوجع..
ازدرت لعابها هاتفه بحيره:
-- ياترى المقدمه دى واللى أنا وقعت فى شباكها ليها علاقة بطلب فهد للجواز منى..
ابتسم عزت على فطنة ابنته قائلا:
-- غمزتى كبرت وحبت وهتتجوز ولازم اطمن على قلبها عايز ايه
قطمت غمزه شفتيها متوتره من متاهة حديث أبيها..
تابع عزت يسألها مباشره يرحمها من الحيره التى انطبعت على محياها..
-- بصى ياغمزه فهد طلب أيدك زى ما أنتى عارفه.. بس فهد حواليه مشاكل كتير ولحد الوقت اللى بيحاربه مجهول.. الحب لوحده مش كفايه عندك استعداد تبنى حياتك معاه وتفوضى أمرك لله.. والمستقبل خيره وشره فى علم الغيب.. ممكن يشيلك خير الدنيا بس يكون شايل معاه شر.. هتقدرى تساعديه وتسانديه وتكوني عون ليه.. ولا تنطى من المركب من أولها وتوفرى عليكى مشوار طويل الله أعلم مصيره ايه ده..
بتروى استمعت لوالدها وهتفت
-- ممكن تسيبني اصلى استخاره وابلغ حضرتك رأى.. أنا عقلى مقتنع أنى اكمل معاه وقلبى بيطمن وهو جنبي.. بس محتاجه ربنا يكلل موافقتى ببشاره منه تريحني أكتر..
اراحته إجابتها ورجاحة عقلها لثم جبهتها وتركها تستخير ربها يفعل لها ما يحبه ويرضاه..
--------------------
بنفس الاثناء بغرفة مكيده الوضع جنونى، أشبه بعنبر للمختلين عقلياً، تهذى وتتوعد، تجول وتثور، تجادل بالباطل توسوس لها شياطين عقلها أن ما تفعله حق لها، حلال عليها الغنيمه التى تقتنصها عنوه منهم، الأدهى والأغرب مقتنعه اقتناع تام أن إدمان ابنها ما هو إلا وسيله لضمان بقائها تحت سقف هذه العائله، وليس بضرر اذا استمر مدمن فهو ليس بالأول ولا الأخير الذى يعيش على هذا المنوال، فما اكثر من يعيش طيلة حياته بين دروب الإدمان والعربده، لا يهم اذا كان مغيب الوعى والفكر مدام سيظل تحت طوع رغباتها، وبالأخير حى يرزق وهذا يكفيها أنه على قيد الحياه فبالنهايه ابنها غاليها.. منزوعة الضمير متبلدة القلب تتحدث بمنطق ليس له نص تشريعى فى الدين ولا العرف، كل همها مصلحتها فقط، ولا يهم مصير ولدها وحياته..
أيعقل أن تكون فرحه وهو مغيب المهم انه قيد الحياه..؟!
للأسف هذا مصدر السعاده الوحيد لها.
هل ستتنعمى بحياتك وولدك فاقد الاهليه لكل شى محيط به..؟!
نعم ستعيش حياه رغده، ليس يوجد ضرر بإدمان ابنها لما ستحزن فهو يعيش ويتنفس هى ليست بأم أنانيه هى تحبه ولكن تحبه وهو مغيب جسد خالى بالى أشبه بخيال ماته تحركه كيفما تشاء..
لعينه شريره أى أفك تشركين به أيتها الشيطانه، جهنم وبئس المصير لكل ام على شابهتك..
ظلت تأخذ الغرفه ذهابا وأيابا تلف وتدور عقلها يعمل كالمكوك كيفية الانتقام من فهد بعد تصريحه بكشف المستور وتلميحاته التى دبت الرعب بقلبها من كشف أمرها..
تذكرت أمر المفكره التى دونت بها مسبقا أرقام أصحاب السوء الذى استعانت بهم كى يعاونها على إسقاط ابنها فى هوية الإدمان..
ذهبت لخزانة ملابسها ألقت بهم أرضا وأخذت تبحث عن تلك المفكره اللعينه كى تجدد العهد معهم لإستمالة ولدها لهم من جديد، ظلت تعبث بين أشيائها حتى وجدت مبتغاه، اعتدلت بعيون تلمع شر وضحكاته هيستريه تتصاعد تهز أرجاء الغرفه من صراع الشياطين الذى يحاك داخلها..
صاحت بجنون:
-- أنا بقي هرجعه يتعطي تاني يافهد..
انا هقتلك بالبطئ وانت شايف كل اللى بتعمله بيضيع.. وأنت شايف عيلتك بتروح واحد ورا واحد.. أنا هدمر الكل وهخليك انت تتذل وانت متكتف ومش عارف تعمل حاجه.. مش هخليك تلاحق على المشاكل مش هسيب لك فرصه تفكر فيها ازاى تسن سيكنتك وتدبحنى.. أنا هدبحك بسكينة تلمه.. وجف اتفرج عليك.. جنانك على أيدى من اللى هعمله.. أنا معرفتش اجتلك زمان.. يبجى هخليك لا طايل عايش ولا ميت.. هخلى ولادك ياسعد واحد مجنون والتانى مدمن.. هدمرك ياسعد واهد العيله اللى بتتباهو بيها..
بحثت بالمفكره وجدت رقم شيطانه من جنس لعنتها المدعوه "غاده" رفيقة السوء السابقه ل ريان
تحدثت بغل
-- هو أنتى ياغاده اللى هتساعدينى.. ابنى بيحب الرمرمه ومش هيجدر يجاوم ألاعيبك..
جرت نحو الهاتف وأدارت اتصال لم يأتى الرد سريعا نهرتها بغيظ
-- ما تردى يابنت المركوب هى ناجصه محن بنته معجوله بتتسرمحى لحد دالوكيت
ظلت تعيد الاتصال وبعدعدت رنات فجأه فتحت المكالمه وجاءها الرد هاتفه بدلع مقزز:
-- الو مين معايا.
صدحت ضحكه عاليه من مكيده هاتفه بسخريه:
-- أنا أم ريان حبيب جلبك ومن غير كلام كتير عوزاكي فى اجرب وجت تجينى وتكوني مظبطه حالك و فايجه ومصحصه لو لسه بتحبى "ريان" تيجى على العنوان اللي هبعتهولك وانا اوعدك ريان يكون من نصيبك..
اردفت غاده بلهفه :
-- ابعتي العنوان انا مسافره مع مامى وهوصل كمان كام يوم وهكون عندك أول ما وصل
سُرت مكيده لاستجابتها السريعه وأملتها العنوان بالتفصيل هاتفه بغرور:
-- أول ما توصلي البلد كلميني هبعتلك حد من رجالتى يجيبك.
أغلقت الهاتف وهي تضحك بهستريا تقول بشر يستعسر بمقلتيها
-- أبقى وريني بقي هتعمل إيه يافهد لما ارجعه مدمن تاني..
بكل أريحية تسطحت على فراشها تغط فى نوم عميق تحلم بالخلاص من فهد وعائلة الراوى...
-------------------
فى صباح يوم جديد استيقظ ريان بخمول وتكسير رهيب يضرب جسده، فهو لا علم له بما حدث له بالأمس من ضرب مبرح على يد من تدعى أمه، هبط من فراشه وولج غرفة حمامه انتعش بحمام دافئ وخرج احسن حال ارتدى ثيابه سريعا، وذهب غرفة أخيه، وجده بالمثل انتهى من ارتداء ملابسه، أخذه وهبط للاسفل، وجد الجميع على طاولة الطعام، القوا تحية الصباح وهم يقبلوا يد جديهم ووالديهم وأخذ كلا منهم مكانه..
جلس ريان يأكل بشراهه ونظرات الجميع تحاوطه بسعاده..
ابتسم الجد قائلا
-- على مهلك ياولدى هتزور.. شكلك جعان جوى.. هفتان اياك ولا أيه
أبجى اتوصى بيه شويه بالأكل ياهنيه لحسن يجوع وياكل دراع فهد فى المصنع..
قال الأخيره وهو ينظر لزوجة ابنه الحنونه.. جعلهم يضحكون على مزحته التى أضافت روح لمجلسهم..
اجابته هنيه بمحبه:
-- يعلم رينا بيبقى هاين عليا ازغطه ذى دكر البط.. بس هو اللى اكلته صايصه.. بس خير عالصبح وشه رايق وبيضحك ونفسه مفتوحه . ربنا يفرحوا كمان وكمان وانا اعمله الاكل كله اللى نفسه فيه..
تحدث ريان وهو يَلُكْ الطعام بفمه قائلا
-- ربنا يخليكى ليا ياهنون وتفضلى مدلعانى كده..
ثم تابع وهو ينظر لجده قائلا:
-- أنا فعلا جعان قوى ياجدى ونفسى مفتوحه اكل خروف.. بس أنا هرضى بقليله عشان مشطبش على خزين المطبخ ناس غلابه بقى هرأُف بحالكم..
صفعه الجد على مؤخرة رأسه قائلا بحب:
-- حبيب جدك بالهنا والشفا كُل زى ما انت عاوز انا ديك الساعه لما ضحكتك ترجع تنور لمة العيله..
قاطعهم فهد الذى كان يأكل وعقله شريد فيمن سرقت لُبه، لديه هاجس أن فى شئ ما حدث، زفر نفس حار يجثم على صدره قائلا:
-- يالا يافهد ورانا شغل كتير والبشمهندسه بسنت على وصول عشان تستلم منها وتتابع معها التجهيزات عايزين نخلص بسرعه..
تكدر هيئته جعل القلق يتشكل على وجه هنيه وهى تقول:
-- مالك ياقلب أمك فى حاجه مضيقاك..
أجابها فهد بخفوت:
-- لأ مفيش بس مش فاضى..
استدار صائحا على ريان قائلا:
-- خلص وحصلنى عالعربيه..
نهض ريان سريعا قائلا:
-- جاى وراك هوااااا
تحرك يهرول أمسكته هنيه من ساعده هاتفه بعطف:
-- صندوق الاكل ومتنساش تأكل زى إمبارح.. مش عيزاك تتعب حافظ على نفسك..
لثم ريان راحتيها وأومأ لها شاكراً اهتمامها، وأخذه وترجل يذهب لأخيه..
صعد ريان السياره دُهش من تجهم وجه أخيه سأله بريبه:
-- مالك قالب وشك وشكلك متغير ومتقولش مفيش.. مش داخل عليا البوقين اللى قولتهم ل هنيه..
انطلق فهد بسرعة الريح ولم يعطيه اجابه تريح عقله، التزم ريان الصمت فهو تأكد أن أخيه به شئ ولن يبوح بسهوله الا عندما تنحل العقده..
---------------------
استيقظت بسنت بهمه ونشاط ارتدت ملابس عمليه مريحه نظرا لنزولها مع المهندسين والعمال لتباشر العمل بنفسها كان عباره عن طقم من خامة الجينز بنطلون ثلجى اللون يلتف يحدد ساقيها وقميص من نفس اللون والخامه يأخد وضع منحنايتها بفضفضه تجعله غير ملتصق بجسدها يصل لأعلى ركبتيها، ووشاح رأس عباره عن إيشارب قصير مزركش بعدة ألوان تلفه حول وجهها بمظهر عصرى، أنتهت من ارتداء ملابسها، حملت حقائبها وذهبت تلقى تحية الصباح على الجميع وودعتهم مغادره لتعيش يوم جديد فى محراب صدفه غيرت مجرى حياتها...
ذهبت مبكرا لتصل قبل ريان وفهد، سألت عليهم امن المصانع وعلمت بعدم وصولهم بعد، دخلت تباشر عملها لحين وصولهم، ألقت التعليمات على المهندسين المساعدين معها والصنيعيه أصحاب الحرف اليدويه، ووقفت هى بينهم تتابع العمل بشغف دؤب كى تطمئن على جودة سير العمل، لم يمر الكثير من الوقت وأتى كلا من ريان وفهد القوا التحيه عليهم وصعد فهد مكتبه وظل جوارها ريان الذى بدوره هتف بعمليه:
-- انا شايف أن حضرتك وزعتى عليهم الشغل وكل واحد خد مهمته..
من وراء نظارتها أجابته بجديه:
-- فعلا بدأنا الحمدلله وأسست معاهم الشغل اللى هيمشوا عليه زى ما أتفقت مع حضرتك إمبارح..
هز ريان رأسه قائلا بنبره متهكمه خرجت لا اراديا بحكم العاده:
-- على كده حضرتك قدرتى تخلصى الميزانيه المطلوبه ولا ملحقتيش.
عقبت بسنت عليه بخشونه:
-- مدام وعدت بنفذ.. الميزانيه جاهزه يافندم تقدر حضرتك تطلع عليها..
ثم تابعت وهى تغادر
-- ثوانى هجيب الملف من العربيه
قاطع طريقها قائلا باللين بعدما لاحظ حدتها:
-- أنا مش قصدى حاجه بس لاقيتك جايه بدرى قولت أنك مممكن متكونيش خلصتى.. بس عموما هشوفهم بس مش دالوقت هنخلص مع المهندسين والعمال وفى البريك نبقى نشوفها..
قال آخر كلماته بجديه ورجع لثباته عندما لاحظ عبوس وجهها من وقفته امامها..
تقهقهرت للخلف تستعدل وضع النظاره على وجهها هاتفه بخفوت:
-- تمام يافندم بعد أذنك هشوف شغلى..
وقف يتطلع لأثارها بانبهار وهى تقف وسط المهندسين والعمال تعمل بهمه وجديه تتحرك يمين يسار تعطى أوامرها بخشونه وكأنها رجل من نفس جنسهم، تفتح ساقيها مثلهم تصعد على السقاله
( السقاله هي منصة مرفوعة علي أعمدة خشبية أو معدنية..وتستخدم هذه السقالة لحمل العمال المشتغلين في عمل بمكان مرتفع وحمل المعدات المستخدمة والخامات اللازمة لغرض أعمال البناء أو الترميم)
ترى الشقوق والتصدعات الناجمه عن الحريق، ثم تهبط للأسفل تصيح بانفعال عليهم لعدم التزامهم بالتعليمات المطلوبه.. تفرد اوراقها وتراجع معهم خطة العمل تشير ييديها لأعلى ولأسفل على التصدعات الواجب ترميهما والحوائط التى يجب ازالتها لتوسيع المكان، الكل يسمع باصغاء وينفذ بجديه، ظلت هكذا تتحرك من أقصى اليمين لأقصى الشمال فى حركات دؤوبه متقنه، إلى أن جاء وقت استراحة العمال والمهندسين..
دبت الغيره بصدره من هذا المهندس الذى يتقرب منها، بحجة استشارتها فى بعض الأمور، حاول كبح زمام غيرته حتى لا يظهر بمظهر غير لائق أمام موظفيها، ظغط يطحن أسنانه وهو يراها تسير جواره والآخر ملتصق بها كالعلكه يدوعها لتناول وجبة الغداء معهم، لم يستطع صبرا..
اقتحم وقفتهم هاتفا بخشونه
-- بعد أذنك يابشمهندسه مدام جه ميعاد البريك ممكن نطلع مكتبى نشوف الميزانيه عشان فهد باشا يمضى عليها عشان تعرفى تنجزى الشغل المطلوب..
أومأت له باحترام واستأذنت من زميلها وذهبت معه للتشاور فى الميزانيه.
----------------
استيقظت غمزه براحه وانشراح صدر بعد أن أدت صلاة الاستخاره التى وعدت أبيها بها كى تعطيه رد على حديثهم بالأمس، تنهدت بغبطه تجتاحها من شعور جميل يتوغل ثنايا روحها، همت واقفه وخرجت تخطو خارج غرفتها، ذهبت نحو تجمعهم على طاولة الإفطار وجلست تشاركهم فطورهم..
هتفت باستفهام:
-- أومال بسنت فين..
احابتها أنعام
--- خرجت الصبح بدرى علشان هتاخد العمال.في الموقع المتضرر فى مصنع الراوى
بحيره عاودت السؤال مجددا وهى تحك رأسها هاتفه:
-- هو أنا نمت كتير ولا انتم اللى راحت عليكم نومه .. محدش خرج لحد الوقتى مش عوايدكم الضهر قرب يأذن
أجابها أحمد يرضى فضولها
-- أنا ياستى نازل المركز أجيب شوية مستلزمات طبيه للعياده فتأخرت عقبال المحلات ما تفتح..
داعبها عبدالله قائلا:
-- وانا ياست ماما عندى مرور على الأراضي بتاعة الحج الراوى فمش رايح المصنع النهارده..
وأنعام لم تخلو نظراتها من ابتسامه مشاكسه وهى تهتف:
-- والست الناظره واخده أجازه لحد ما بنتها القمر تخف وتقوم بالسلامه..
حدقتهم ببلاهه وهى تراهم يحدقونها بمعنى هل من مزيد، ابتلعت ما كانت تلكه بفمها مره واحده، وشهقت تسعل من خجلها ونظراتهم المربكه لها، مدت أنعام يدها بكوب الماء، اخذته وارتشفت منه تبلع ظمأ سعالها، وأومات لهم بتفهم وصمتت تأكل بنهم وتلذذ، تلهى خجلها فى الطعام...
شاهد عزت ووجها المشرق بابتسامه مضيئه هتف بحنو:
-- شكلك نمتي كويس.. شايفك صاحيه أحسن بكتير عن اليومين اللى فاتووو
توردت وجنتيها هاتفه بسرور:
-- فعلا يابابا ليلتى كانت هاديه ونمت بسرعه رهيبه كان بقالى فتره مش بشبع نوم زى النهارده روحت فى سابع نومه وقومت على صلاة الفجر رغم سبحان الله بقالى كتير مش مواظبه عليها وقريت الورد بتاعى كمان اللى كنت هجراه من لخمتى فى الشغل والمذاكره.. حاسه براحه رهيبه ونفسى أروح اشوف صخر بقالى كتير مشفتوش بطمن عليه من مرعى بس..
ابتسم عزت وهو يومئ بغبطه لسعادة ابنته التى هى خير برهان على موافقتها، حدقها بنظرات ذات مغزى تفهمت هى على أبيها وهزت رأسها بخجل..
لاحظت أنعام توردها واشراقتها سُرت للبشاره التى لمعت بوجهها، وخصوصا بعد حديث ليلة أمس بينها وبين زوجها، الذى وضح لها قبوله ولن يهدم سعادة ابنته ويضيع من يدها حب راجل سيصونها ويعفها فى مقابل حفنه من التخوفات قادر الله على ردعها فى غمضة عين، هدء من مخاوفها عندما ذكرها بقول الله تعالى
{أنى أعلم ما لا تعلمون}
وأكمل بتأكيد
{كلا لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}
وأنهى حديثه
ما فى علم الغيب الله أعلم به سيبها على اللى لا بيغفل ولا ينام هو هيدبر مخاوفنا ويعدلها بمشيئته..
قطع تبادل نظراتهم الصامت ل غمزه صوت عزت الأجش وهو يقول:
-- بحكم انك انت الكبير اتصل ياأحمد ب فهد بلغه بموافقتى وأنتى ياأنعام اتصلى بالست هنيه عشان تقدير زيارتها ل غمزه وبلغوهم احنا منتظرينهم النهارده بعد المغرب..
قالها وتطلع ل غمزه يستفهم منها اذا ما كان هذا الموعد مناسب
-- الميعاد ده مناسبك ياقلب ابوكى انا شايف جرح أيدك مش هيمنعك من قاعدة التعارف.. عشان أنا مش بحب أطول فى الرد وخصوصا أنهم نهار أخواتك ردوا علينا فى يومها فمينفعش نتعالى عليهم ونأخر الرد..
أومأت غمزه مبتسمه وكأن الكلام اعتقل على فمها من السعاده، هزات بسيطه من رأسها هى ما صدرت منها
اطلق عبدالله صفير هاتفا بمزاح
-- والله وجه اليوم اللى شوفتك فيه مكسوفه ومش عارفه تردى.. بركاتك ياحج فهد ده شكلنا هنشوف غمزه جديده على أيدك..
كشكت غمزه عينيها تمط شفتيها بامتعاض هاتفه بسخريه:
-- خفيف وظريف أيه الخفه دى حاسب لحسن تطير..
عقب عليها عبدالله مقهقها
-- ايوه كده أنا اطمنت أختى ولا مية فهد يربطوا لسانها..
حولت غمزة نظرها لابيها هاتفه بحنق:
-- شايف عبدالله ورزالته يا بابا بدل ما يقولى مبروك.. شكله باصص فى الجوازه ما هو انا هبقى عمة عروسته وهخليها تنكد عليه.. عشان يتعلم الأدب..
استقام عبدالله يقف بجوار كرسيها يقبل رأسها هاتفا برجاء:
-- لأ وعلى ايه الطيب أحسن.. ألف مبروك يااختى ياحبيبتى.. بس اهم حاجه أبعدى عن المجنونه بتاعتى هى مش ناقصه إرشاداتك هى عندها ربع طاير وانا قابل بيه فمش ناقص تطيرى عقلها كله.. اتنين مجانين فى العيله كده كتير عليا..
ردت عليه غمزه بغرور
-- عفونا عنك يالا انصرف عايزه افطر بمزاج..
تصاعدت ضحكات عزت وانعام وأحمد على مشاكسة هذان التوأمان الذى لا يفض مجلسهم من مزاحهم..
انهوا فطورهم وذهبت غمزه غرفتها تاخذ ادويتها وتتسطح قليلا حتى تأتى بسنت، ومكث عزت مع أولاده وزوجته، لاحظ تردد احمد وعبدالله، فهتف يريح اثنتيهم من مخاوفهم على أختهم قائلا:
-- مش عيزكم تخافوا على اختكم.. زى ما أنتم قولتم بلسانكم فهد راجل وهيصونها برقبته هيراعى ربنا فيها وده اللى انا عايزه لبنتى.. ومينفعش أرفض راجل شريها لمجرد مخاوف علمها عند الله.. ارموت حمولكم على الله انا هجوزها لراجل انا واثق فيه كفايه انه تربية سعد وهنيه وحفيد الراوي الكبير..
أومأ له الشبان بطاعه واحترام واستقام كلا منهم يقبل يديه يهنئوه بزيجة أختهم، وانصرف كلا منهم يتدبر أعمال يومه...
-------------------
يترجل ريان وبسنت تاركين الموقع حيث العمل الدؤب واتجه بها نحو السياره كى تجلب الملف المراد فحصه ومناقشته، انحنت تفتح الصندوق الخلفي للسياره واستمالت بجزعها قليلا داخل الصندوق لتفتش عن الملف وسط أوراقها، مع انحنائها شُبك طرف وشاح رأسها، عدلته بعشوائيه وهى تتدلى برأسها أكثر للداخل..
حركه عفويه ولكن لم تمر مرور الكرام على زير نساء خبير ومضت عينيه بلهيب الرغبه وهو يرى تهدل نهديها كالتفاحه المحرمه التى يشتهى تذوقها، هبط بعينيه أكثر ليسيل لعابه على بروز تقاسيم مؤخرتها، توهجت أوردته وتأجج داخله نشوه فى احتضانها والتنعم بقربها، أخذ يزفر نفسه بتروى يحث نفسه على التماسك ازدرد جفاف لعابه بصعوبه وهو يقول:
-- عايزة أى مساعده..
أجابته بسنت وهى ترفع رأسها
-- لا شكرا خلاص لاقيته.. آسفه على عطلة حضرتك..
نعومة صوتها تدغدغ مسامعه وكأنه لم يسمع صوت أنثى مسبقا..
هز رأسه قائلا بود:
-- تعبك راحه
قالها ببحه رجوليه مهلكه
ابتلعت لعابها من نظراته التى تخدرها وتسحبها لمتاهة بنيته، خطت تمشى بجواره، ليزفر بحراره وهو يشوح بيده يرطب على وجهه الحراره التى دبت بأوصاله..
وقفوا أمام المصعد المؤدى للمكتب، بسط يده للوحة المفاتيح الخاصه بالمصعد كى يفتحه، قليلا وفتح الباب، بسط زراعه بالقرب من ظهرها واشار لها بالدخول، توترت ملامحها من قربه يكاد يحتضنها بزراعه، تقهقرت للخلف وهى تحدقه بحده، ازدرد لعابه عندما طالعته بسودويتها التى تأثر لبه من أول وهله وقعت عينيه عليها، ابتعد وترك لها المساحه كى تلج للداخل، دلفت وهو ورائها، بسط زراعه يضغط على الزر كى يغلق باب المصعد عليهم، لقرب ساعده من وجهها عطره الرجولى توغل لأنفها يثير حواسها أجبرها على استنشاقه وحبسه داخل رئتيه، عصفت بها التخيلات جعلتها ترتعش مبتعده عنه تستند بظهرها تكتم أنفاسها بصعوبه ليفضح أمرها، تشعر بانقباض خافقها يضرب بشده قفصها الصدرى، ولا بأحلامها أن تعيش مثل هذا الموقف، أو تشعر نحو هذا الكائن بأى إحساس سوى البغض، عقلها نهرها فلم تستطع حبس أنفاسها كثيرا أفرجت عن شهيق رئتيها وكأنها كانت تجرى لمسافة طويله لتصدر صوت دوى فى المصعد نتيجة لصغر حجمه..
للوهله الأولى توردها وارتعاشها وهى تشتم عطره أرضت رجولته، ولكن ما أن شهقت أنفاسها دفعه واحده وكأنها تحاول لفظ عبق عطره الذى انتشر يالمصعد، حتى حزن على حالتها..
اقترب منها ريان بفزع قائلا بلهفه:
-- مالك حاسه بحاجه.. خدى نفسك بشويش خلاص قربنا نوصل..
قالها بخوف حقيقى قرأته بسنت فى عينيه..
هزت بسنت رأسها نافيه أى ضرر يحدث معها، ليرأف بها القدر ويطلق المصعد صفير توقفه، خرجت تحمد الله أن الموقف مرء على خير، استنشقت أنفاسها براحه وهى تتطلع له بامتنان.. تفهم عليها وخطى يمشى وهى تتبعه إلى أن وصل غرفة مكتبه..
جلست على المقعد المقابل لمكتبه، وذهب هو خلف مكتبه، رفع سماعة هاتف المكتب وأمر مريهان سكرتيرة مكتب أخيه أن تجلب لها كوب ماء، وكأس عصير فريش، فهى سكرتيره مشتركه لأثنتيهم، نفذت ما طلبه منها وجلبته سريعا..
طرقت ماهى الباب ودلفت هاتفه باحترام:
-- اتفضل يافندم
اجابها ريان
-- قدميهم للبشمهندسه نفذت ما طلبه ووضعت أمامها الصينه وتركتهم وغادرت..
تطلع ريان لها بنظره حنونه وأجبرته قدميه أن يقوم يجلس بالمقعد المقابل لها هو يقول:
-- حقك عليا تعبناك معنا.. ياريت تشربى العصير ممكن تكون ضربة شمس من ووقفتك على السقاله وسط العمال وهى اللى عملت لك هبوط..
قربه أرعد أواصرها بمشاعر جديده عليها، هزات عنيفه ضربت خافقها وهى ترى نظرة عينيه ينبعث منهم وميض وكأنه يحتضنها يطمئن قلبها من تخيلات أحداث سالفه..
رمشت بسنت بعينيها كى تتفادى سهام عينيه وعقبت عليه بخفوت:
-- حصل خير يافندم مفيش داعى لده كله ده شغلى ومتعوده عليه..
أردف ريان بحنو:
-- طب ريحنى واشربى عشان نبدأ شغل..
لم تجادل بسنتت كثيرا حتى تتفادى جلوسه بهذا القرب وتنهى ما أتت من أجله.. قبضت على كأس العصير ارتشفت منه بضع رشفات، زاولتها وهى ترتشف خصله هاربها من تحت وشاح رأسها نتيجة عشوائيته أثر اجهادها بالعمل، لتلتصق بجانب شفتيها..
ريان بلا وعى هائم فى تقاسيم وجهها يتشرب بتلذذ من حمرة الخجل الطاغيه على محياها، وكأن عينيها ألقت عليه تعويذه لم يشعر بنفسه إلا وهو يشرأب بنفسه ينحني عليها يبسط أنامله يزيح تلك الخصله من جانب شفتيها، حركه هوجاء جعلته يلامس نعومة بشرتها، اقترابه منها جعلت أنفاسه تلفح بشرتها، لتفقدها مقاومتها وثباتها وهى ترتعش تقفز فزعه منه ليسقط منها كأس العصير متهشما، تقهقرت للخلف لتصطدم بالمقعد التى كانت تجلس عليه ليصطدم بالأرض تحت صراخها الهلع..
استقام ريان فى محاوله منه لتهدئتها هاتفا بتوتر:
-- أهدى مفيش حاجه حصلت.. صدقينى مش هأذيكى.. نفسى تغيرى الفكره اللى أخدتيها عنى..
زفرت أنفاسها بلهاث وهى تهز رأسها بهيستريه، كبت "ريان" غضبه مخافتا من حالاتها وأشار لها على باب داخلى بغرفة المكتب قائلا:
-- ده حمام ادخلى اغسلى وشك وهدى نفسك وانا هبعت حد ينضف المكان..
قالها واستدار يوليها ظهره يخفى عبراته التى تهدد بالهطول، من هيئتها الفزعه منه، يلعن نفسه ألهذه الدرجه أذاها نفسيا كى تخافه وتهابه بهذا الشكل المقزز..
مجرد أن أعطاها ظهره فرت "بسنت" هاربه بداخل الباب الذى أشار عليه، وقفت تستند بظهرها على الباب تضع يدها على صدرها تتنفس سريعا شهيق زفيرا تهدء من روعتها على مهل، تحركت ساقيها بارتجاف ووقفت أمام مرآة الحمام تشاهد زعر ملامحها التى استحالت للون الأحمر القانى وكأن أمبوب بوتاجاز هب لهيبه بوجهها، فتحت صنبور المياه وأخذت حفنه بين راحتيها وصفعت بها وجهها مره اثنتان ثلاثه كررتها كثيرا لعلها تهدء من تلك الحميه التى تستعير داخلها ، ولكن الغريب الذى آثار دهشتها نبضات خافقها الآن مختلفه عن سابقتها، ليست اشمئزاز ولا مقت، تشعر بحنين وكأنها تنتمى اليه، تشعر بصدق يومض بمقلتيه، تحس من نبرته بلهفه وخوف جديده عليه، استمتعت وهى تشتم عبق عطره الرجولى الذى لفح أنفاسها وهز كيانها، لحظات قربه منها ما دامت إلا لحظات ولكن فعل بها ما لم يفعله أعتى الرجال، هى دوما محاطه برجال كثيره بحكم عملها ولكن لم يشغل تفكيرها أو يؤثر فيها أيا منهم، سألت نفسها تُرى ما السبب الذى طرأ كى أتناسى بشاعة لقائنا الأول وذكرى أحداث مؤلمه فظه افتعلها معى تلازمنى فى صحوى ومنامى، تُرى هل ما يفعله معى هدنه كى استرد ثقتى به، تُرى هل مشاعرى بدأت تميل نحوه..
ضاقت روحها وهى تزجرها كيف أيتها المعتوهه تستميلى لجلاد روحك ومعذبها، استفيقى أيتها الغبيه أنه زير نساء ولا عزاء للأغبياء، لا تكونى فريسه سهله كى يحوم حولها يرمى شباك العطف والحنان ويرتدى قناع التغيير ويعطيكى الأمان كى ينقض عليكى يلتهمك بلا رحمه، هذا الريان ألعوبان كبير وأنتى ما الا رغبه يطفئ بها عطشه من جاريه جديده لم تملكه زمام عفتها، دق ناقوس الخطر برأسها واستعادة وعيها وكامل تركيزها وأبى عنفوانها للخضوع، رفعت هامتها وعدلت هندامها ووشاح رأسها وخرجت كحد السيف تطالعه بكبرياء وشموخ كعادتها معه لا تميل للهوى ولا تستميل لمخادع..
شاهد ريان طلتها الصارمه علم أنه رجع لنقطة الصفر، استغل الجزء العملى الذى يجمعهم، وتمسك بزمام هيبته وأجلى صوته محمحا بخشونه:
-- أظن حضرتك فوقتى يالا بينا ندرس الملف عشان مرتبط بمواعيد..
أومأت بصمت وخطت نحو طاولة الاجتماعات تجلس بعيده عنه نوعا ما كى تتفادى عبق عطره الذى مازال عالق بانفها، فتحت أوراقها وأخذت تناقشه بعمليه فى كل بند من بنود الميزانيه بالإضافة أطلعته على الرسومات الهندسيه التى صممتها للشكل النهائى للمكان بعد إزالة بعض الحوائط للتوسيع لاستيعاب أجهزة أكثر فى محال عملهم، استمر النقاش ما يقارب الساعه إلى أن قطع نقاشهم طرقات على الباب..
اعتدل ريان فى جلسته وأمر من بالخارج بالدخول، لتقول له السكرتيره أنه يوجد من يريد الدخول للبشمندسه، أومأ له بالسماح له بالدخول..
دلف البشمهندس عماد الذى كان يحوم حولها بالأسفل والذى أثار غيرة ريان وهو يلقى التحيه قائلا:
-- سلام عليكم ياريان باشا.. آسف للمقاطعه بس البشمهندسه اتاخرت وانا قلقت عليها..
امتعض وجه بسنت هاتفه بضيق:
-- نعم حضرتك تقلق عليا بتاع أيه يابشمهندس.. هو أنا عيله صغيره وأنت ولى أمرى.. من أمتى أنا سمحت لحد يقرب منى لدرجة انه يخاف عليا.. افتكر أن أنا من أول يوم شغل بينا عمله حدود لكل واحد بيتعامل معايا.. مش معنى أن احنا بنشتغل فى مجال واحد مع بعض أنى هسمح بتجاوزات.
أطلقت كلماتها كبارود المدافع دفعه واحده، جعلت "عماد" يتصبب عرقا من الإحراج الذى شملته به من فظاظة حديثها..
بينما يوجد من سمع حديثها بطرب وكأن بلبل غناء شذى بأعذب الألحان، تقام الآن فى قلبه أفراح ومهرجانات جعلت السعاده تتقافز بخافقه تفعل ما لم يخطر على عقل بشر، يود لو يزرعها الآن بين أضلعه يغدق شفتيها بوابل من القبلات الشبقه تحية تقدير للسانها الذى أثلج صدره من توبيخ ذلك المتبجح الذى اقتحم مجلسهم دون وجه حق..
ولكن صوت نشاذ قطع صفو اللحن العذب الذى شنف آذانه منذ قليل وهو يقول :
-- أنا فاهم كويس حدودى يابشمهندسه وفاهم كويس حضرتك تكونى إيه وعمرى ما أقلل من تقديرك أو أنى أفرض نفسى عليك.. بس أنا محتاج اتكلم مع حضرتك على انفراد فى أمر هام..
استغربت الحاحه ولكن لا ضرر من الاستماع له، حولت نظرها ل ريان هاتفه باستأذان:
-- بعد أذنك حضرتك هنقطع كلامنا عشر دقايق هخلص مع البشمهندس عماد ونرجع لشغلنا من تانى..
جز على نواجزه وأراد أن يعترض، ولكن تراجع فى آخر لحظه فهو لا يرغب بمضايقتها حتى لا يخسرها، أوما لها بصمت وغادر يترك لهم بعض المساحه لحديثهم المبغض من وجهة نظره..
وقفت قابلة ذلك السمج هاتفه بجديه:
-- خير يابشمهندس فى أيه يخليك تقاطعني فى اجتماع شغل
مباشرة وبدون مراوغه اردف :
-- بعد أذنك أنا عايز أزوركم النهارده واطلب أيدك من السيد الوالد
دهشه احتلت وجهها لم تتخيل أن يكون هذا هو الحديث الذى يريد مخاطبتها من أجله، اقتحم جلسة عمل لمهترات مثل الذى قالها، صمتت تستوعب حديثه وهى تحتقن غضبا، حاولت التماسك كى تتحدث بلباقه دون جرح لمشاعره فبالأخير القلوب ليس عليها سلطان..
بينما ريان يسترق السمع لما يقولون، وتحولت أفراح قلبه لمآتم، صاعقه ضربت قلبه ليتهاوى صريع عشقها، نار أضرمت بصدره من صمتها وكأنها تبلغه موافقتها بذلك الصمت البالى، لم يتحمل فكرة أنها ستكتب على اسم غيره و سيتنعم بدفئ قربها، نفذ صبره مع طيلة صمتها قبض على كفيه يصارعهما ببعضهما ينفس فيهم غضبه، هرول يبتعد عن غرفة مكتبه عندما حطم صمتها ثباته..
بتروى هتفت بسنت تنهى مالم يبدء بعد مردفه
-- والله يابشمهندس حضرتك فاجأتني بطلبك.. انت شخص جدير يالثقه والاحترام وحاشى لله انا مشوفتش منك حاجه وحشه بغض النظر عن الموقف الأخير دالوقت.. بس للأسف طلبك مرفوض لانى مش بفكر فى الارتباط حاليا..
انهت حديثها برسميه جعلت ملامح عماد تحتقن من الإحراج الذى أصابه من رفضها المهين لكرامته، أراد لملمة الباقى من كرامته المهدوره وأردف قائلا :
-- تمام يابشمهندسه فرصه سعيده
تركها وغادر تحت سخط عقله الذى فكر بالارتباط، هو لم يحبها بالأساس ولكن مجرد انجذاب لأدبها وأخلاقها، زفر بغيظ وأخذت ساقيه تسابق الريح مندفعا للخارج..
-----------------
الصبر مفاتح الفرج ولكن هو كائن غير صبور بالمره، أضاع على نفسه فرصة سماع ما سيجعل روحه تهيم فى غيمه ورديه تحملها سحب عشقها السرمدى..
زمجر يزأر كالأسد الحبيس داخل قفص ينازع الخلاص ولا أحد يدرى بعذاب وحدته فى عشقها، عض على نواجزه بقهر من ضراوة عشقها الذى يزلزل كيانه وهى لا ترأف بحاله ولا تشعر بقلبه الشريد الذى لا مأوى له إلا قلبها..
حسم أمره وهرول مندفع لها ينهى تلك المهزله الذى تدور بالداخل مهما كلفه الامر، دخل يدفع الباب كالثور الهائج محتقن الملامح، متحجر العينين، متشنج العضلات، تلفظ بفظاظه قائلا:
-- أيه ياهانم فين حبيب القلب اللى مقضياها معاه غراميات على قفه صاحب الشغل..
قالها وهاج وهو يدور حولها يبث الرعب بقلبها يقذف ما تطوله يده أرضا..
شهقت فزعه من منظره وتبجحه، وعقبت عليه بانفعال صارخ:
-- انت اتجننت شكلها هبت منك ومش عارف أنت بتتكلم على مين.. أنا اشرف منك ومن مية زيك ياحيوان.. أنت اكتر واحد عارف أنى زى الجنيه الدهب ماليش فى الغراميات.. أنت اللى ليك فى القذاره.. عشان كده فاكر كل الناس ذيك..
قالت كلماتها ودفعته بصدره كى يتقهفر للخلف ولكن كان كالجبل لا يتزعزع ، وقف قبالتها يناطحها بغرور تلبسته شخصيته القديمه، قبض على معصمها، يجذبها عليه لتصطدم بصدره ثم مال على وجهها يتلمس نعومة بشرتها بشفتيه وحاله من التيه سحبته فيها حبه المتملك لها جعلته يهذى بفحيح قائلا:
-- كلمتين حطيهم حلقه فى ودانك.. طال الوقت على قد ما طال أنتى ملكيه خاصه ل ريان الراوى..
-------------------
يتبع
الثامن والعشريم ن هنا