رواية حافية علي جسر عشقي الفصل السابع عشر 17 بقلم سارة محمد
حافية على جسر عشقي السابع عشر:
وسط عيناه التي تقدح شرراً، يقف بهيبة واضعاً كفيه بجيب بنطاله، ليخرجهما نازعاً سترته التي ربما تقيد حركته، لتنظر له "ملك" بخوفٍ مما هو مقدم عليه، ليشمر عن ساعديه التي ظهرت بهما العروق جلية ثم أخذ يتقدم منه متأهباً للإنقضاض، وقف أمامه ليتراجع الأخير خوفاً، ولكنه لم يعطيه الفرصة للفرار، ليرفع ركبته ضارباً بها بأسفل معدته، تلوى الأخير ألماً ليرتمي على الأرضية صارخاً بوجعٍ، سدد له "جواد" العديد من اللكمات التي جعلته يتقيئ دماً، لينحنى لها يمسك به من تلابيبه بكفٍ، والأخر يلكمه بها بقوة جعلته يكاد يبصق أسنانه، ليُقبل كفه هاتفاً برعب:
- أخر مرة ياباشا والنبي!!!! أبوس إيدك!!!
جحظت"ملك" برعبٍ لتهرول نحو "جواد" متحاملة على قدميها تتمسك بذراعه قائلة برجاءٍ لتترقرق الدموع بعيناها:
- جواد كفاية عشان خاطري خلاص!!!!!
أزاحها من أمامه بلطفٍ ليرمي بكلماته على المرتمي أسفل قدميه:
-مشوفش وش أمك هنا!!!!!
أومأ الرجل سريعاً بإرهاق ليلتفت "جواد" للمدير الذي وقف بعدم أستيعاب لما يحدث بمكتبه، ليهدر "جواد" به بعنفٍ:
- أطلب الأمن يرموه برا!!!!
أومأ المدير سريعاً ليرفع سماعة هاتفه الأرضي يطلب من الأمن المجئ..
جذب"جواد" رسغها ليسحبها خلفه بضراوة، سارت معه بإستسلام لترى جميع الأنظار تلتفت لهما، منهما "ريم" التي ركضت لهما، أمسكت بـ "ملك" قائلة بفزع :
- ملك أنتِ كويسة أيه اللي حصل!!!؟
ربتت "ملك" على يدها قائلة بوهن:
- أنا كويسة ياريم متقلقيش!!!!
رفعت "ريم" أنظارها إلى "جواد" تطالعه بإعجابٍ، لتمد يدها له قائلة بنظراتٍ يعملها جيداً:
- أنا ريم صاحبتها!!!!
نظر ليدها المُعلقة بالهواء بسُخرية ليقول بنبرة متهكمة:
- أهلاً!!!!
ثم شدد على ذراع "ملك" ليسحبها خلفه تاركين "ريم" يجن جنونها!!!!
• • • •
سارت "ملك" وراءه بضيق ليقفا أمام سيارته، نفضت كفه صارخة به بعصبيه:
- أنت بتجُر بهيمة ولا أيه أنت أتجننت!!!!!!
جمدت نظراته لينقبض فكه، تقدم منها خطوة صغيرة قائلاً بتحذير أرعبها:
- لما تكلميني صوتك يبقى واطي، إياكي تعليه عليا!!!!!
نظرت له بغلٍ حتى كادت أن تذهب من أمامه ليمسك ذراعها بغضبٍ، مشدداً عليه لدرجة جعلتها تقطب حاجبيه ألماً، لتردف بعنفٍ:
- سيب إيدي يا جواد!!!!
-أنتِ فاكرة نفسك رايحة فين؟!!!
هتف بشراسة ليعيدها إلى محلها أمامه، تاركاً رسغها الذي تركت أصابعه أثرها على يدها، أشار لسيارته بجمودٍ قائلاً:
- أركبي!!!!
نفت برأسها قائلة بنبرة متألمة:
- مش هركب معاك أنا معايا عربيتي،و سيبني لو سمحت أمشي في حالي، كفاية لحد كدا!!!!
أخذت الدموع طريقها إلى عيناها لترتجف شفتيها بقهرٍ..
لانت صفحات وجهه عندما رأى دموعها والتي يخضع أمامها، ليردف بلُطفٍ:
- طب أهدي و أركبي يا ملك، مش هينفع أسيبك تمشي لوحدك..!!!
رفعت أنظارها له لترى عيناه الخضراء التي تجعلها بعالمٍ آخر، وبالفعل تحركت ببطئ لتحتل مقعدها، صعد هو أيضاً بجانبها ليتحرك بالسيارة سريعاً..
نظر لها بطرفٍ عيناه ليجدها ملتصقة بالباب تقضم أظافرها بتوترٍ، ليلتوي ثغره بإبتسامة قائلاً:
- أنتِ متأكدة أن عندك 19 سنة وكبيرة وعاقلة المفروض؟!!!
نظرت له مُيضقة عيناها، لتبعد أظافرها عن فمها زامة شفتيها بعبوس قائلة:
- عندك شك يعني؟!!!
أطلق ضحكة رجولية جعلتها تلتفت له قائلة بغيظ:
- قولت نكتة أنا دلوقتي؟!!!
عاد لجديته قائلاً ببرودٍ:
- هتروحي فين؟!!
جحظت عيناها قائلة ببلاهة:
- أنت بشخصيتين صح!!!!!
أومأ لها قائلاً بجدبة تامة:
- أيوا أنا فعلاً عندي أنفصام، بس محدش يعرف ودة اللي كنت بحاول أخبيه، وشخصيتي التانية وحشة مش هتبقي عايزة تشوفيها!!!
شهقت بعنف لتضع يداها على فمها بصدمة، أغرورقت عيناها بالدموع قائلة:
- طب أنت محاولتش تتعالج؟!!، ليه مقولتش!!! المرض دة صعب أوي والله!!!!!!
- حاولت كتير، بس كله قالي أن حالتي مينفعش معاها علاج!!!!
قال بتأثرٍ زائف مركزاً أنظاره على الطريق، يكتم ضحكة كادت أن تنفلت منه، وبات يتيقن أنها لازالت طفلة كما هي..طفلته!!!!
رفع حاجبيه عندما وجدها تطلق شهقات خافتة جعلته يسرع بصف سيارته سريعاً، ليلتفت لها بقلق قائلاً:
- بتعيطي ليه؟!!!
فركت عيناها كالأطفال قائلة بحزنٍ حقيقي:
- عشان أنا مكنتش أعرف أن عندك المرض دة!!!
أبتسم على طفلته ليقول بحنو:
- أنتِ صدقتي يا ملك؟!! أنا بهزر معاكي مافيش حاجة من دي!!!!!
رفعت عيناها له دقائق تستوعب أنه كان يمزح، لتردف بضيق:
- يعني أنت كنت بتضحك عليا!!!!
صمتت دقائق لتلتفت للأمام قائلة بجمودٍ:
- روّحني البيت..!!!!
أدرك "جواد" أنها لم تتقبل مزحته الثقيلة ليقول محاولاً التبرير:
- أنا كنت بهزر!!!!
ظلت تنظر أمامها بتذمرٍ قائلة بنبرة لا تقبل النقاش:
- روّحني لو سمحت!!!!
نظر لها بضيقٍ ليلتفت ممسكاً بالمقود حتى أبيضت عروقه، ثم ذهب إلى شقتها حسب ما وصفت له العنوان، وقف أسفل البناية ينظر أمامه بجمودٍ، لتترجل "ملك" صافعة الباب متجهة نحو بوابة البناية، ليتابعها "جواد" بنظراته الفارغة، قائلاً بنبرة غامضة:
- لازم تعرف كل حاجة!!!!!!
صعدت "ملك" إلى الشقة بخطواتٍ متعرجة لتقابلها "فتحية" التي ضربت على صدرها بصدمة قائلة وهي تركض لها لتساندها:
- إيه اللي حُصل يا حبيبتي بتعُرچي ليه ياجلبي!!!!
أجلستها على الأريكة لتردف "ملك" بتعبٍ:
- متقلقيش يا دادة أنا بس أتخبطت خبطة صغيرة مافيش حاجة صدقيني!!!!
ربتت على خصلاتها قائلة بحزن:
- سلامتك يا حبيبتي روحي أرتاحي على فرشِتك و أنا هچبلك الوكل عندك..
أومأت "ملك" فهي بالفعل تحتاج للراحة، لتُسندها "فتحية" نحو غرفتها، تساعدها في تبديل ملابسها ثم جعلتها تستلقي على فراشها لتُدثرها بالغطاء جيداً، ثم خرجت تغلق الأنوار عليها، لتنتفض "ملك" قائلة بهيستيرية:
- لاء يا دادة سيبي النور..سيبي النور!!!
تراجعت "فتحيه" لتفتح الأنوار قائلة سريعاً:
- أسفة يا ضنايا نسيت أنك بتخافي من الضلمة أعذريني!!!!
أومأت "ملك" وقد بدأ جسدها بالإرتجاف لتختفي أسفل الغطاء، مُغمضة عيناها برعبٍ تردف بخفوتٍ، ونبراتها مرتعبة:
- لاء يا بابا متحبسنيش في الأوضة دي، لاء يا بابا والنبي أخر مرة!!!!!
بكّت "ملك" بقوة وقد بات جسدها ينتفص، ليرّن هاتفها وكأنه يعلم ما تعانيه حبيبته، جلبته "ملك" لتنظر لشاشته التي أُنيرت بإسمه، ضغطت على زر الإيجاب قائلة بصوتٍ خافت:
- ألـو..!!!
أستشعر "جواد" نبرتها الباكيةة والمهتزة ليردف بتساؤلٍ متوجس:
- صوتك ماله؟!!!
أبتلعت ريقها قائلة وهي تحاول التحكم في إرتعاش جسدها وصوتها معاً:
- مافيش حاجة، أنت..أنت بتتصل ليه!!!!
أغمض عيناه يحاول التحكم بأعصابه ليضرب المقود بكفه صارخاً به:
- ردي عليا صوتك ماله بقولك!!!!!
صرخت هي الأخرى ببكاءٍ قائلة:
- والله مافيش حاجة طيب!!!!
مسح على وجهه ليطلق تنهيدة ينفث بها عن غضبه، ليردف بعد دقيقة بنبرة حانية:
- طب أنا واقف تحت أنزليلي!!!
أنتفضت "ملك" لتهدر بعصبية:
- جواد اللي أنت بتعمله دة مينفعش، حرام أصلاً كلامنا واللي حصل الصبح و أنا مش هسمح أنه يحصل مرة تانية!!!!!
شعر "جواد" بضرورة أخبارها بما حدث، ليهتف بهدوءٍ بارد:
- طيب أنزلي و أنا هفهمك كل حاجة، و أنا مش عيل صغير و عارف أنا بعمل أيه يا ملك،و صدقيني لو منزلتيش دلوقتي هطلعلك أنا!!!!
ضربت على رأسها من أفعاله لتقول وهي تعلم أنه لن يصعد إلى هُنا و أنه فقط يخيفها:
- مش هنزل يا جواد!!!!
فجأة وجدت الخط ينقطع، لتنهض واقفة بتوترٍ، ولكن عقلها يطمئنها قائلاً:
- لن يستطيع المجئ إلى هُنا، لا تقلقي!!!!
أخذ قلبها يخفق بقوة، ومعدتها باتت تؤلمها من فرط توترها وبالفعل وجدت من يفتح باب الغرفة بعنفٍ، لتصرخ "ملك" برعب واضعة كفيها على فمها، قائلة بعدم تصديق:
- أنت أكيد أتجننت، أزاي دخلت هنا و أزاي دادة فتحية فتحتلك، جواد اللي أنت بتعمله دة مينفعش و هتودينا في داهية وظافر وباسل ومازن كمان لو عرفوا هنروح في داهيه و أفرض حد شافك و أنت طالع هنا و أنا واقفة بالبيچامة وبشعري و آآآ!!!!
وجدته يتقدم منها بعصبيه واضعاً كفه على فمها و الأخر أمسك به بعنقها من الخلف هادراً بغضب:
- أفصلي شوية أيه راديو يخربيتك!!!!!
جحظت بعيناها لتضع أناملها على كفه الخشن تحاول إبعاده ولكنه ظل شارداً بها، بعيناها الواسعة وبشرتها البيضاء، خصلاتها التي لأول مرة يراها منذ أن كبرت، كم أصبحت طويلة تصل لِما بعد ظهرها، و تلك الكنزة الخفيفة الملتصقة بها، مع بنطال من نفس اللون الأبيض ذو نقشات بسيطة، ليتصاعد بعيناه إلى عيناها المرتعدة، لينزع كفه ماسحاً على وجهه، ليُمسكها من كتفيها يجلسها على الفراش، ثم جلس بجوارها ممسكاً بكفيها معاً، يردف بهدوء وصبر:
- أنا اللي هقولهولك دة صعب، أنا عارف أنك مش هتستوعبيه، بس أنتِ لازم تعرفيه يا ملك..
خفق قلبها بعنف لتردف بخفوت:
- في أيه ناوي تقولي سر من أسرار الدولة ولا حاجة؟!!!
جمد وجهه ليقرب وجهه من وجهها هامساً:
- الموضوع كبير ومتهزريش فيه..
أبتعدت عنه زامة شفتيها قائلة:
- طب قول يا جواد عشان وضعنا دة مش تمام و أنا قاعدة قدامك كدا بالبيجامة!!! قول بسرعة بقى و أمشي!!!!
أومأ متنهداً بتفكير كيف سيُخبرها، لينطق بعد ثوانٍ:
- ملك أنتِ مراتي، من و أنتِ صغيرة ظافر و أخواتك كلهم صمموا أني أكتب عليكي، لما كانوا بيشوفوا أنا بعاملك أزاي و أد أيه انتِ متعلقة بيا، وقتها كان عندك حوالي 10 سنين ومكنتيش فاهمه حاجة، طبعاً اللي حصل دة كان غلط لأنه يعتبر جواز قاصرات عليه سجن وحُكم، بس طبعاً مكنش في حد يقدر يتكلم أصلاً مع عيلة الهلالي، كل عيلتك وعيلتي عارفين أنك مراتي بس خبوا عليكي وقالوا نصبر شوية ونقولك، بس أنا مقدرتش وقولت أنك لازم تعرفي بـ دة!!!!!
وثبت "ملك" من على الفراش تبتعد عنه لتترقرق عيناها بالدموع قائلة بنفيٍ تام غير مستوعبة ما يحدث:
- أنت كداب، مستحيل أهلي يعملوا كدا أنت بتكدب يا جواد!!!!
ثم أشارت إلى الباب قائلة بصراخ و أنهيار أقلقه عليها:
- أطلع برا البيت، أطلع مش عايزة أشوفك تاني !!!!
نهض يقترب منها محاولاً لمس وجنتيها في محاولةً منها لتهدئته لتنفض كفيه صارخة به بجنونٍ:
- أبعد عني متلمسنيش إياك تلمسني، أنت مش جوزي يا جواد مش جوزي!!!!
دلفت "فتحية" بقلق لتقول بتوجسٍ:
- في أيه يا بنتي!!!!
ركضت لها "ملك" ممسكة جلبابها تقول في بكاءٍ ينفطر له القلب:
- ألحقي يا دادة بيقولي أنه جوزي وأن أهلي جوزوني ليه و أنا 10 سنين، دادة أنتِ أكيد كنتي موجودة ومافيش حاجة من الكلام دة حصل، قولي له يا داداة أني مش مراته!!!!!
نظرت لها "فتحية" بألم عليها، فهي كانت من القانطين على تلك الزيجة، فهي تعتبرها طفلتها التي لم تنجبها، لتجذبها لأحضانه تقبل خصلاتها قائلة بحزن:
- أهدي يا ضنايا، چواد بيه كلامه صحيح مش بيكدب أنتِ حجيجي مراته!!!!!
نزعت نفسها من أحضانها بشرود مبتعدة عنها، قائلة بنبرة جامدة:
- اطلعوا برا، مش عايزة أشوف حد هنا!!!!
أشار "جواد" إلى "فتحية" بالخروج بعيناه التي تشبه الصقر، لتخرُج بالفعل وهي تتحسر عليها، ليقترب منها "جواد"، بخطوات بطيئة وهي شاردة في اللاشئ، تُلصق جسدها بالحائط خلفها، وثب أمامها ثم بهدوء حاوط كتفيها بذراعيه المفتولين يُقربها منه، جاعلاً من رأسها على كتفه، مربتاً على خصلاتها بحنو، يقبل رأسها برفقٍ شديد ثم مسح على ظهرها هامساً بخفوت:
- أهدي، أنا عُمري مـ هأذيكي متخافيش مني!!!!
دفنت رأسها بصدره لتجهش في بكاءٍ عنيف، ليبعدها عنه محاوطاً وجهها يُزيل دموعها بإبهاميه، قائلاً بحنو:
- قوليلي طيب بتعيطي ليه!!! لو أنتِ مش عايزاني جوزك يا ملك مش هجبرك و نروح لأقرب مأذون وهطلقك ويغور أي حد!!!!
نفت سريعاً برأسها ليبتسم هو مربتاً على وجنتيه بأبهامه:
- يعني عايزاني جوزك؟!!!
أسقطت بنظراتها أرضاً ليمسك هو بذقنها يرفع وجهها له، ليجعل عيناها مثبتة على عيناه، قائلاً بإبتسامة:
- بتحبيني يا ملك؟!!!
شعرت بإلتهاب وجنتيها لا تعلم من الحرج أم من أنامله التي سببت لها رعشة قوية، لتنزوي شفتيها بإبتسامة صغيرة، ليضحك هو حتى ظهرت غمازته اليمنى، قائلاً بعبث:
- خلاص وصلني ردِك، أنا أساساً كنت عارف دة!!!!!
أبعد خصلاتها عن وجهها مكوباً وجهها ليردف بلطف:
- أومال بتعيطي ليه دلوقتي!!!!
نظرت له قائلة بحزن:
- عشان أتجوزت و أنا صغيرة أوي، و أول مرة أحس أني أهلي مش بيحبوني أوي كدا، وعشان كنت فاكرة أنك عُمرك مـ حبتني، و أنك مغصوب عليا..، ليه يا جواد قولتلي أنك مش بتحبني؟!!!
ربت على خصلاتها قائلاً:
- مكنتش عايزك تتعلقي بيا، عشان كنت فاكر أني ممكن أسيبك، بس أنا عُمري مـ هسيبك أبداً، و أهلك بيحبوكي على فكرة، و أنتِ أغلى حاجة عندهم.. وعندي أنا كمان!!!!
نظرت له بعشقٍ لترتسم أبتسامة كبيرة على ثغرها، ليُكمل هو قائلاً:
- بما أنك عرفتي كل حاجة دلوقتي عايزك بقا تلمي هدومك عشان تروحي معايا الڤيلا عند أهلي، أمي هتموت وتشوفك!!!!
جحظت عيناها لتضع كلها على فمها تصمت شهقة كادت أن تنفلت منها، قائلة بصدمة:
- أنت بتتكلم بجد؟!!!!
أومأ بهدوءٍ لتُكمل:
- طب و ماما و ظافر وآآ!!!!
قاطعها مردداً بجدية:
- ملك أنتِ مراتي يعني ليا الحق أخدك في أي مكان، أنتِ حقي!!!، وبعدين ياستي ظافر وباسل و مامتك كمان عارفين أنا قولتلهوم..خلاص كدا؟!!!
أومأت "ملك" لتقضم أظافرها قائلة:
- طب ممكن بس تسيبني هنا كام يوم أكون جهزت شنطي ورتبت نفسي؟!!
أكد على حديثها قائلاً:
- دة اللي هيحصل!!!
ثم ودعها وذهب تاركها تكاد تطير من الفرح، لا تصدق أنها أصبحت زوجته، لا تصدق أبداً أن ذلك اليوم تحقق، و أن أسمها كُتب جوار أسمه!!!!
• • • •
أفاق "ظافر" ليجدها متوسدة صدره تعانقه بذراعيها البيضاوتان، أزاحها بلُطفٍ ليميل مقبلاً جبينها، ثم نهض متوجهاً للمرحاض، أغتسل "ظافر" ثم بدّل ثيابه، مرتدياً بنطال باللون الأزرق القاتم، وقميص أبيض يقسِم عضلاته الجذابة، تاركاً أول زرين، ثم أرتدى حلة بلون البنطال، صفف خصلاته بعناية ينثر من عطره ببذخ، أمسك بهاتفه ليجد "ملك" حاولت الإتصال به، عاود يتصل بها ولكن هاتفها غير متاح، تقدم إلى فراشه لينثنى بجذعه لها، سانداً قدمٍ على الفراش والأخر كما هو على الأرضية، ثم طبع قبلة أشبع بها جوعه الذي لا ينتهي لها،لتفيق هي مبتسمة له بعشقٍ قائلة:
- صباح الخير..
تلاعب بخصلاتها قائلاً بحبٍ:
- دة أيه الصباح القمر دة!!!!
أبتسمت محاوطة عنقه قائلة:
- أنت نازل؟!!
أوماً قائلاً ببعضٍ من الجدية:
- أيوا رايح الشركة في حاجات كتير عاوزة تخلص هناك!!!!
أعتدلت في جلستها لتفرك عيناها بنعاسٍ تردف بترددٍ:
- ظافر...
جلس جوارها ليشرد بعيناها مغمغماً:
-مممم...
نظفت حلقها بتوتر، مسترسلة بصعوبة:
- عايزة أنزل الشركة، بقالي كتير معرفش عنها حاجة غير من الموظفين.. ومينفعش اللي بيديرها تبقي السكرتيرة بتاعتي!!!!!
تغيرّت تعابير وجهه في ثوانٍ معدودة، لتُظلم عيناه بوحشية، نهض من أمامها واثباً بقامته المهيبة، قائلاً بنبرة باردة:
- أنسي حاجة أسمها شغلك، مراتي متشتغلش أبداً!!!
جحظت بصدمة قائلة بعدم أستيعاب:
- أنسى شغلي أزاي يعني؟!!! و أيه المشكلة في شغلي يا ظافر أنا مقدرش أبعد عن شغلي وحياتي!!! ولا أنت عايزني أبقى تحت رحمتك و تسيبني وتروح شغلك و أنا أفضل قاعدة هنا مستنياك!!!!
أمسك بذراعها الأيمن بقوة ليجذبها له قائلاً بحدة أرعبتها:
- مــلاذ!!!! أتعدلي معايا!!!!!
نفضت ذراعها لتصرخ به بعنف:
- مش هتعدل يا ظافر، أنا لازم أروح شغلي و أنت مش هتقدر تمنعني!!!!
أمسك بكتفيها بهدوءٍ بإبتسامة مخيفة لا تنم عن ذرة مرح:
- مش هقدر أمنعك؟!!! طب جربي كدا و خَطي عتبة الشقة عشان رجلك تتكسر بعدها!!!!!
أغرورقت عيناها بالدموع قائلة بصدمة:
- أنتَ بتهددني؟!!! أنت فاكر أنك هتحبسني هنا!!!! فوق يا ظافر أنا ملاذ الشافعي محدش يقدر يمشي كلامه عليها، وصدقني أنا لو منزلتش شركتي مش هتشوف وشي تاني!!!!
دفعها للخلف بعنف لتسقط على الأرضية ليصتدم ظهرها بـ ظهر الفراش، كتمت ألمها داخل جوفها لتمسك بظهرها تطالعه بقوة، لينحنى لها هادراً بنبرة قاسية، ووجهٍ تغير ليس هو من وقعت بعشقه:
- لما تتكلمي معايا صوتك يبقى واطي، الظاهر كدا أنك متربتيش و أنا بقى هربيكي من أول و جديد، و كلامي يتسمع مافيش شغل و هفضل حابسك هنا!!!!
حدجها بشراسة ليذهب تاركاً إياها مرتمية على الأرضية،أدمعت عيناها لتمسح دمعاتها سريعاً، وثبت ببطئ لتتآوه بألم من ظهرها، قلبها يأن بما تعانيه من تشوه نفسي، أتجهت نحو المرآة لترفع سترتها، لترى ظهرها الأبيض جزءٍ كبير منه تلون بالبنفسجي، متورماً لا تطيق وضع أصابعها عليه، تأوهت بألم لتضع كفيها على رأسها، جلست على المقعد أمام المزينة، لتجد هاتفها ينبئها عن وجود رسالة ما، ألتقطته من على المزينةثم فتحت الرسالة والتي كانت من رقم شقيقتها كان مضمونها حروفٍ نبع منها حقداً يكفي بلدة بأكملها:
- أزيك يا ملاذ، يارب تكوني عايشة دلوقتي أسوأ أيام حياتك، و أنتِ بتكتشفي جوزك شوية شوية على حقيقته، أتمنى يكون مُوريكي العذاب بألوانه، ظافر مينفعكيش، ظافر بتاعي أنا، كفاية بقا كل حاجة حلوة تبقى ليكي، هحرق قلبك و هاخد منك جوزك و قريب، قريب أوي هيبقى في حُضني!!!!!!
تعالت أنفاسها بشكلٍ مُخيف، ناهيك عن عيناها التي أخذت بذرف دموعٍ تتوالى على وجنتيها، نزفت روحها وقلبها، شددت على الهاتف لتلقيه على الحائط، أطلقت شهقة عنيفة تعقبها بكاءٍ حقيقي، نهضت لتقف ولكنها سرعان ما أنهارت على الأرضية، تنهار معها ثقتها بمن حولها، و شعورها بالأمان أيضاً تفتت، أطلقت آهاتٍ منبعثة من قلبها الملكوم، شعورها بالغرقٍ بمفردها، أطلقت آهات متألمة بما يتوالى عليها، لن يسمعها غيره، لن يشعر بمرارة حياتها إلا خالقها، رغبت فجأة بالشكوى إلى ربُها، لتخبره عن مدى ظلم الحياة، كم هي قاسية، تطلب منه العفو عن تقصيرها معه، تطلب أن يغفر لها كُل ما فعلته بالماضي، وبالفعل نهضت مهرولة إلى المرحاض، ثم توضأت، أرتدت عباءة سوداء لا تظهر منها شئ، و ححابٍ زَين وجهها، ثم وقفت على سجادة الصلاة بخشوعٍ، تُصلي بتضرعٍ، تاركة العنان لدموعها، تدعي أن يهدي لها "ظافر"، و أن يُغفر لشقيقتها، أنهت صلاتها لتسبح بحمد الله، ثم نهضت وهي تشعر بأن روحها تبدلت، نزعت الحجاب و العباءة، ثم خرجت من الغرفة متجهة نحو المطبخ، أحضرت طعاماً لها سريعاً لتسد جوعها، رتبت الشقة سريعاً ململة القمامات تتحامل على ظهرها الذي بات يؤلمها بالفعل، ولكنها تغاضت عنه، ثم أرتدت بيچامة ثقيلة ثم لتجلس أمام التلفاز، أنطفئت تلك الشعلة المتوهجة بعيناها، تاركة بدلاً منها عينان مغيمتان، تنذران بالدموع بأي لحظة، ضمت قدميها إلى صدرها لتستند برأسها على ركبتيها، لتمر الساعات، حتى جاءت الساعة الحادية عشر، وجدت باب الشقة ينفتح بعنف، وجدته يدلف بملامح لا تبشر بخير، ظلت على حالها لتتفاجأ به يقترب منها منحنياً لها، ليجذبها من ذراعيها صارخاً بحدة وعيناه تتفحصها بقلقٍ:
- موبايلك متنيل مقفول ليه!!!! م ترُدي!!!
فجأة صرخت بألم ضرب الكدمة بذراعها دون قصد لينتفض جسدها البارد تاركة العنان لدموعها،ممسكة بظهرها بألمٍ شديد، ليطالعها بقلقٍ ظهر جلياً في نبرته:
- في أيه؟!!!
عندما وجدها تُمسك بظهرها تنحني للأسفل مغمضة عيناها تبكي بوجعٍ لم تستطيع إخفاءه، أبعد يداها مرتعب مما يحدث لها، ليرفع كنزتها الثقيلة، لتتوسع عيناه صارخاً بها:
- من أيه الكدمة دي!!!!
أطبقت بشفتيها ممسكة بكنزته و الألم أصبح يضرب جسدها بأكمله، لينحني بجزعه يحملها بسُرعة، توجه إلى الغرفة ليجلسها عليه، ثم جلس القرفصاء أمامها ممسكاً بكفيها يهتف:
- أيه اللي حصل يا حبيبتي قوليلي، الكدمة دي من أيه؟!!!!
لم تُجيبه ليتذكر عندما دفعها على الأرض، أغمض عيناه لينبض فكه من شدة الغضب، نهض ليُقبل رأسها ثم بحث في الكومود عن مرهماً، ليجده أخيراً، ألتقطه سريعاً ثم جلس خلفها، نزع عنها سترتها، ظهرت الكدمة بوضوح وسط ظهرها الأبيض، ليغمض عيناه لو أستطاع لضرب نفسه مئة مرة، أمسك بالمرهم ليضعه على الكدمة، أنتفضت "ملاذ" بألم لتحاوط نفسها من شدة البرودة و الألم معاً، ليبسط "ظافر" المرهم برقة شديدة يحاول ألا يؤلمها، أنثنى بثغره مقبلاً كتفها الناعم، يقول بنبرة أستشعرت الألم بها:
- أسف، أنا أسف حقيقي!!!!!
أغمضت عيناها تشعر بقشعريرة في جسدها، لتطلق العنان لدموعها مطلقة شهقة جعلته يلتفت جالساً أمامها، ليضمها من كتفيها برفقٍ إلى صدره، حاولت إبعاده عنها بوهن قائلة:
-سيبني، أبعد عني، أنا بكرهك يا ظافر!!!!!!!
غرست تلك الكلمة بقلبه ليتنهد ماسحاً على خصلاتها، ثم قال بحنو:
- طب أهدي..متتعبيش نفسك دلوقتي أهدي ونامي شوية!!!!!
بالفعل أستكانت على صدؤه ولكن ليس بإرادتها، و إنما إرهاقاً مما حدث، ليُغشى عليها سريعاً، ليجعل نصف جسدها على صدره حتى لا تستلقي على ظهرها، محاوطاً خصرها ، حاول تدفئة جسدها البارد بدفئ جسده، ليغفي هو الأخر بإرهاق..
• • • •
بعد عدة ساعات.. أفاقت "ملاذ" لترى جسدها شبه مستلقي فوق جسده، إبتعدت ببطئ، لترتفع بأنظارها تنظر له، صُدمت "ملاذ" عندما وجدته يتصبب عرقاً، جسده بالأكمل ينتفض بين الحين والأخر، وجهه شديد الإحمرار و كأنه نيران موقودة، أنتفضت "ملاذ" لتجلس واضعة يدها على وجهه، لتُبعد كفها سريعاً من شدة إلتهابه، مسحت خصلاته المبللة عن وجهه لتناديه ببكاءٍ قائلة:
- ظافر في أيه والنبي رُد عليا!!!!!
وجدته يفتح عيناه الحمراء لتنهمر الدموع من عيناها، ثم كوّبت وجهه قائلة:
- أنا هتصل بالدكتور..!!!
همت بالنهوض لتجده يمسك برسغها قائلاً:
- متتصليش بحد، متدخليش حد البيت و أنا في الحالة دي، ممكن يعمل فيكي حاجة و أنا كدا، أنا هبقى كويس متقلقيش!!!
صرخت قائلة ببكاءٍ:
- لاء هتصل بيه مينفعش أسيبك كدا!!!!!
نظر لها بوهنٍ قائلاً برجاء:
- لاء يا ملاذذ لو سمحتي!!!!
مسحت على خصلاته لتمسك بكفيه تقبلهما وهي لا تعلم ماذا تفعل، لتنهض سريعاً ترتدي كنزتها، ثم دلفت تجاه المرحاض، ملئت حوض الاستحمام بمياه شديدة البرودة، لتعود له تنظر لوجهه المتعب وعيناه المغمضة بقلق، أتخذت يداها مسارها نحو أزرار قميصه لتسرع بحله واحداً تلو الأخر، جردته من قميصه عدا بنطاله حاوطت وجهه وجهه تقول سريعاً:
- ظافر حبيبي أسمعني حاول معايا تقوم لحد الحمام...
نهض بالفعل معها ليتجها إلى المرحاض، تحاوط خصره و ذراعه يطوق عنقها، حاول هو ألا يتحامل عليها بسبب ما حل بظهرها، لتدلف به إلى المرحاض ، جعلته يمدد جسده داخل حوض الاستحمام ليتشنج وجهه من برودة المياه في هذا الطقس البارد و مع سخونة جسده، جلست هي على حافة الحوض لتمسد على خصلاته قائلة ببكاءٍ:
- أستحمل بس شوية و هتبقى كويس..
ثم أخذت تبكي عليه لتتحرك شفتيه قائلة بإرهاقٍ:
- متعيطيش.. أنا هبقى كويس والله!!!!
أومأت لتنهض أمامه تمسك بالمياه الباردة تمسح بها وجهه بحنو لطيف، ثم أعادت الكرة عدة مرات لتتأكد من زوال حرارته، ظل هو يطالعها بنظراتٍ لم تفهمها، ولكنها أستمرت في ما تفعله، لتضع المياه على عنقه و مقدمة صدره الذي لم تصل له المياة، لتردف قائلة بلُطف:
- بقيت أحسن شوية؟!!
أومأ لينهض ببطئٍ يخرج من حوض الاستحمام، لتحاوطه بالمنشفة حتى لا يبرد، أجلسته على الفراش لتخرج له ملابس مُريحه عوضاً عن التي تبللت، ثم وضعتهما بجواره على الفراش قائلة برفقٍ:
- ظافر ألبس الهدوم دي و أنا هروح أجيب مياة و تلج و هاجي مش هتأخر..!!!
أومأ بإستسلام لتخرج هي من الغرفة، تحضر صحن به ماء وقطع من الثلج وقطعة من القماش ، و صحن آخر أحضرت به حساء ساخن و دجاجة مسلوقة، ثم ذهبت نحو الغرفة لتجده بدل ثيابه مستلقياً على الفراش، اسرعت "ملاذ" تضع الصينية على الكومود، لتجلس بجواره، وجدته مغمص العينان لتنحني تقبل وجنتيه حتى تستشعر جسده، لتجد الحرارة قد نزلت بعض الشئ، التفتت لتُمسك بالقماشة تغطسها بالمياه، ثم عصرتها جيداً، لتضعها على جبينه، أسندت رأسها على كفها تطالع ملامح وجهه، لتقبل عيناه قائلة بحنو:
- هتبقى كويس أن شاء الله!!!!
فتح عيناه ليطالعها، مدّ كفه ليمسك بكفها الصغير، يقبلها بعشقٍ قائلاً بندمٍ شديد:
- أسف على اللي حصل، أنا أكتشفت أن مافيش أغبى مني والله!!!!
أبتسمت له لتستند برأسها على جبهته قائلة:
- أنا كمان أسفة عشان كلمتك بطريقة وحشة، متزعلش مني!!!!
بللت القماشة مجدداً لتضعها على جبينه، ليهتف هو بلطف:
- خلاص يا حبيبتي الحرارة نزلت مافيش حاجة أنا بقيت كويس!!!!
وضعت وجنتيها على وجنتيه لتجد بالفعل وجهه أصبح بارداً بعض الشئ، لتتنهد براحة قائلة بسعادة:
- الحمدلله الحمدلله يارب..!!!
لتعتدل جالسة، ثم أقتربت منه بشدة لترفع الوسادة حتى يجلس، ليشرد هو بوجهها الملائكي، ثم أعتدل في جلسته، لتأتي هي بالصحن قائلة بتحذير:
- الطبق دة كله لازم يخلص وهتاكل الفرخة كلها عشان تخف!!!!
أطلق ضحكة رجولية رُغم إرهاقه ليهتف بمزاح:
- بتكلمي أبن أختك ولا حاجة؟!!!!
أبتسمت لتطعمه حتى أنهى بالفعل الصحن، ليقول و هو يُثنى على طبخها بإعجابٍ:
- أول مرة أعرف أن أكلك حلو كدا..!!!!
أبتسمت له لتقطع الدجاجة قطع، ثم جلست تُطعمه حتى شبع، مسحت فمه بمنديلاً مببللاً ويداها أيضاً، ثم جذبت رأسه إلى صدرها تمسح على خصلاته و كأنه طفلها، ليغفى "ظافر" بأحضانها، وغفت هي أيضاً تحمد ربها لشفاءه، و لظهرها الذي لم يعُد يؤلمها كثيراً..
• • • •
نهضت "فريدة" باكراً، جالسة على فراشها بإبتسامة باهتة، وثبت متجهة إلى خزانتها، لتنتقي بنطال باللون الأبيض، تعلوه كنزة ثقيلة تناسب ذلك الطقس باللون الأحمر، ثم تركت خصلاتها مفرودة، أخذت حقيبتها لتنزل من الدرج، وجدت "رُقية" جالسة على الأريكة ممسكة بالمصحف تقرأ به بصوتٍ رخيم، عندما وجدته قالت بهدوءٍ:
- صدق الله العظيم...
ثم قبلته لتتركه بجوارها، أقتربت "فريدة" منها لتجلس بجوارها قائلة:
- ماما أنا رايحة الشغل، خلي بالك من يزيد و أنا مش هتأخر!!!
ربتت "رقية" على خصلاتها قائلة بإبتسامة:
- متخافيش يابتي، يزيد في عنيا، أيوا أكده ياضنايا عيشي حياتك ومتفكريش فيه، صدجيني أنا يابنتي الراچل عُمره ما بيرجع لواحدة بتبكي عليه، أنچحي و أثبتيله أنك قويه، و أحنا معاكي يا حبيبتي!!!
ظلت شاردة في حديثها طيلة الطريق، تفكر في نصائحها، حتى وصلت للمشفى، دلفت ليبارك لها الجميع على زواجها، لا يعلمون إن تلك الزيجة كانت بمثابة الإعدام شنقاٌ لها، ولكنها قابلت المباركات المتهللة عليها بإبتسامة بسيطة، لتبدأ عملها بجوار الطبيب، ذلك الشخص الذي كانت تعشقه قبل أن يقتحم "مازن" حياتها، ذلك الطبيب والذي يُدعى "إياد"، ذو الطول الفارع والجسد الممشوق، البشرة البيضاء والعينان الزرقاوتان، دلفت لمكتبه لتراه جالساً على مكتبه قائلاٌ بقنوط طفيف:
- مبروك يا فريدة على جوازك، بس مش كُنتي تعزمينا يعني؟!!!!
بُهتت أنظارها عندما تذكرت أنها لم ترتدي ثوباً أبيض كـ جميع الفتيات، لتصمت و لم تُجيب، لتجده يردف بجدية:
- جهزي نفسك النهاردة مليان حالات طارئة..
أومأت بهدوءٍ لتذهب وراءه، مندهشة من حالتها، فهي أصبحت لا تطيق رؤيته حتى، وهي التي كانت تُهيم به!!!!!
• • • •
- يابت يا هانم، تعالي يابت چهزي الوكل، بنت أختي زمانها چاية يلا يابت!!!!!
صرخت "رقية" بصوتٍ عالٍ لينزل "باسل" على الدرج قائلاٌ بدهشة:
- مين اللي جاية يا أمي؟!!!
ألتفتت له "رقية" قائلة بفرحٍ:
- "آسيا" بنت خالتك يا حبيبي!!!!
أشمئزت صفحات وجهه متمتماً بخفوت:
- و دي جاية ليه!!!!
لم تسمعة"رُقية" لتُكمل الترتيبات بالسرايا، ليغير "باسل" وجهته عائداً مجدداً إلى غرفته متأففاً، دلف ليجدها نائمة، خصلاتها تُخفي وجهها، ذراعها مرتمياً على الأرضية ليبتسم "باسل" على حالتها، ليتجه إلى الفراش، أنحنى بجزعه نحوها ليزيل خصلاتها من على وجهها، لينحنى أكثر مقبلاً شفتيها المزمومة، ثم حاول إفاقتها بهدوءٍ مردفاً:
- رهف.. أنتِ من أهل الكهف ولا أيه يا بت؟!!!!
قطبت "رهف" حاجبيها وكأنها تسمعه لتقول غير واعية وهي لازالت مغمضة العينان:
- بسِلة سيبني نايمة بقا!!!!!
رفع حاجبيه ليلتقط أذنيها يقرصهما قائلاً بغيظ:
- عارفة لو قولتي بسِلة تاني هدبحك!!!!
أنتفضت "رهف" جالسة لتمسك بكفيه تزيحهما بغيظٍ قائلة :
- في حد يصحي حد كدا يعني!!!!!
جمد وجهه لينهض يعطيها ظهره قائلاً ببرود زائف:
- انا اللي غلطان وكنت جاي أقولك قومي ألبسي عشان نُخرج!!!!
جحظت عيناها لتنهض مهرولة نحوه، ثم حاوطت خصره من الخلف قائلة بسعادة طفولية:
- أنا أسفة والله مكنتش أقصد، 5 دقايق وهلبس يا أحلى بسِلة في الدنيا..
هرولت نحو غرفة الملابس تاركة إياه مبتسماً يقول في نفسه:
- أهم حاجة أخليها متشوفش آسيا خالص!!!!!
• • • •
أرتدت "رهف" ثوبٍ أسود يصل لأسفل قدميها، مُحكم الضيق لتضع فوقه بوشاحٍ من الفرو، خرجت إلى "باسل" الذي وقف ينتظرها بالغرفة، لينبهر من الحورية التي خرجت له، ولكنه تذكر أن ليس هو فقط من سيراها بذلك الثوب ، ليهدر بها في غضبٍ شديد:
- أنتِ أيه القرف اللي لابساه دة!!!! أدخلي غيري بسُرعة!!!
صُدمت مما قال لتتراجع خطوتين برهبة قائلة:
- في أيه يا باسل أنا قولت هيعجبك!!!!
رفع حاجبيه ليتقدم منها على عجالٍ، ليجذب رسغها له بعنف قائلاً:
- أنتِ مجنونة يا رهف، أنتِ متجوزة شوال بطاطس عشان تبقي ماشية جنبي كدا و العيون كلها هتبقى عليكي، ده أنا أدفنك حية!!!!!!
رُغم صراخه بوجهها وقبضته التي تؤلمها بالفعل، ولكن حديثه جعل أبتسامة صغيرة تلوح على ثغرها، ليستغرب هو أبتسامتها، ولكنه صُدم عندما وجدها تندفع مرتمية بأحضانه، محاوطة عنقه بذراعيها العاريتان، تربت على ظهره وهي لاتسطيع السيطرة على بسمتها التي كادت أن تشق ثغرها، ليحاوط هو خصرها مبتسماً على زوجته المجنونة، أعادت "رهف" وجهها ولا زال جسدها محاصر من قِبله، لتطبع قبلة صغيرة على وجنتيه، مغمغمة بخفوتٍ:
- والله بحبك!!!!!
شعر بدلواً بارد أُلقي على رأسه، ليُبعدها عنه سريعاً قائلاً بعدم تصديق:
- قولتي أيه!!!!!
نظرت أرضاً بخجلٍ قائلة:
- مقولتش حاجة أساساً!!!!!
- وحياة أمك!!!!!
هتف بغضب ليجدها تنظر له بتأففٍ، ليضغط على ذراعها برفقٍ قائلاً برجاء:
- رهف قوليها مرة كمان!!!!!
تنهدت بخجلٍ لترفع أنظارها نحوه قائلة:
- بحبك يا باسل!!!!!!
شعر بقلبه يرقص فرِحاً، ليحاوط وجهها مقرباً شفتيها منه حتى كادا أن يتلامسان، ولكن فُتِح باب الغرفة بعنف لينظر "باسل" لِمَن فعل هذا حتى ينحر رقبته، لتنتفض "رهف" مبتعدة عنه ووجها أصبح مخضباً بإحمرارٍ غزى وجنتيها، و لكنها رفعت أنظارها لمن فعل هذا لتجدها فتاة تقريباً في نفس عُمرها، جسدها ممشوق صاحبة بشرة سمراء جذابة ولكن غاضبة، عيناها باللون الأخضر و لكنها أجزمت أن تلك لم تكن سوى عدسات لاصقة، خصلاتها قصيرة مموجة باللون الأود رفعت أنظارها لتنظر إلى زوجها، وجدت صدره يرتفع علواً وهبوطاً من فرط غضبه، مشدداً على أسنانه بغيظ قائلاً بغلٍ:
- أنتِ أتجننتي أزاي تدخلي الأوضة بالطريقة الزبالة دي و أنتِ عارفة أن دي أوضة واحد ومراته، و لا عيشتك برا نسِتك الأدب و الأخلاق!!!!!
نظرت له بتحدٍ لتقترب منهما تنظر إلى "رهف" من أعلاها حتى أخمص قدميها، قائلة بإستهزاء:
- هي دي بقا مراتك!!!!!!
أشتعلت أنظار "رهف" لتُبعد "باسل" قليلاً تقف أمامها قائلة بشراسة:
- مالها مراته يا حبيبتي!!!!!
نظرت لها بإحتقار قائلة بغيظٍ:
- ولا حاجة، أنا دايماً بشوف إن باسل ذوقه مش أد كدا، بس ع العموم مبروك يا حبيبتي!!!!!
أطلقت "رهف" ضحكة أنثوية جلجلت في الغرفة، لتهتف من بين ضحكاتها:
- ذوقه أيه؟!!! بجد مش قادرة دمك تقيل جداً ما شاء الله!!!!
ثم أردفت قائلة بإبتسامة:
- ع العموم أنا مش هرُد عليكي، عشان لو رديت هتزعلي مني جامد!!!!
أمسكت بذراع زوجها متشبثة به، قائلة بإبتسامة:
- ودلوقتي بقا ياريت تسيبيني مع جوزي شوية!!!!!
صكت على أسنانها بغلٍ واضح، لترميها بنظراتٍ جمر أفصحت عما يغلى بداخلها، لتتصاعد الدماء المحتقنة إلى وجهها، لتلتفت ذاهبة خارج الغرفة بأقدام تحفر الأرضية، لتتحول نظرات "رهف" من تحدٍ إلى غضبٍ شديد، نظر لها "باسل" بإعجاب قائلاً بعبث:
- سمعت كتير عن كيد النسا، بس أول مرة أشوفه بعيني!!!!!!
نظرت له بجمودٍ لتنفض يداها بعيداً عنه تهتف بحدة:
- مين البت دي يا باسل!!!!! و أزاي تدخل كدا هي مجنونة!!!!
أبتسم بهدوءٍ ليجلس على الفراش سانداً كفيه خلف ظهره قائلاً بإستمتاع:
- بنت خالتي، وبتعشقني!!!!!!
فرغت فاهها من وقاحته، لتتقدم منه بعصبيه، جذبت إحدى الوسادات لتبدأ بضربه على وجهه صارخة به:
- بتعشقك ها؟!!! بتعشقك يا باسل والله لهوريك!!!!!
ظلت تضربه وسط ضحكاته واضعاً ذراعه على وجهه ليتفادى الوسادة، وبدون مقدمات جذبها من خصرها ليُرمي بها على الفراش لتشهق هي بحدة مقيداً ذراعيها أعلى رأسها، لتحدق هي به بقنوط مردفة:
- باسل أبعد عني دلوقتي!!!!!
غمز لها قائلاً و هو يتفرسها بوقاحة:
- بالفستان دة مستحيل أبعد!!!!
صرخت به بغضبٍ جم محدجة به بلومٍ:
- سيرتها متجيش تاني، و أنا هعرفها مين رهف كويس!!!!!
قرَب أنفه من أرنبة أنفها يهمس بخفوتٍ وشفتيهما كادتا أن تتلامسان:
- شششش، هي أصلاً و لا فارقة معايا، صدقيني ماتجيش ضُفرك!!!!!
أبتلعت ريقها لتغمغم بتوترٍ تلبسّها:
- أيوا..
أبتسم بخبث ليلتقط قبلة من شفتيها مردداً بمكرٍ:
- أنتِ زي القمر!!!!
همهمت مغمضة عيناها:
- ممممم..!!!
طبع قبلة أخرى بجانب ثغرها قائلاً بعشقٍ:
- و ذكية!!!!
ذابت في كلماته لتردد:
-ممممممم!!!!
ليهمس بجوار أذنها:
- و بحبك!!!!!!
• • • •
مرّت ثلاثة أيام، تحسنت حالة كلاهما، وحافظت "ملاذ" على صلاتها وهي تشعر بروحها أصبحت أنقى، تبدأ بداية جديدة مع ربُها، ولكن أتى ذلك اليوم..عندما كانت بطريقها إلى غرفتهم، لتسترق السمع على زوجها، وجدته يهتف بنبرة هادئة وصلت لها:
- شُحنة السلاح معادها كمان يومين، خلي بالك عايزين كل حاجة تعدي على خير..
جحظت عيناها ليقع قلبها أرضاً، أستندت بجسدها على الحائط لتمتلأ عيناها بالدموع، لا تستوعب أن زوجها تاجر أسلحة!!!!!!!
وسط عيناه التي تقدح شرراً، يقف بهيبة واضعاً كفيه بجيب بنطاله، ليخرجهما نازعاً سترته التي ربما تقيد حركته، لتنظر له "ملك" بخوفٍ مما هو مقدم عليه، ليشمر عن ساعديه التي ظهرت بهما العروق جلية ثم أخذ يتقدم منه متأهباً للإنقضاض، وقف أمامه ليتراجع الأخير خوفاً، ولكنه لم يعطيه الفرصة للفرار، ليرفع ركبته ضارباً بها بأسفل معدته، تلوى الأخير ألماً ليرتمي على الأرضية صارخاً بوجعٍ، سدد له "جواد" العديد من اللكمات التي جعلته يتقيئ دماً، لينحنى لها يمسك به من تلابيبه بكفٍ، والأخر يلكمه بها بقوة جعلته يكاد يبصق أسنانه، ليُقبل كفه هاتفاً برعب:
- أخر مرة ياباشا والنبي!!!! أبوس إيدك!!!
جحظت"ملك" برعبٍ لتهرول نحو "جواد" متحاملة على قدميها تتمسك بذراعه قائلة برجاءٍ لتترقرق الدموع بعيناها:
- جواد كفاية عشان خاطري خلاص!!!!!
أزاحها من أمامه بلطفٍ ليرمي بكلماته على المرتمي أسفل قدميه:
-مشوفش وش أمك هنا!!!!!
أومأ الرجل سريعاً بإرهاق ليلتفت "جواد" للمدير الذي وقف بعدم أستيعاب لما يحدث بمكتبه، ليهدر "جواد" به بعنفٍ:
- أطلب الأمن يرموه برا!!!!
أومأ المدير سريعاً ليرفع سماعة هاتفه الأرضي يطلب من الأمن المجئ..
جذب"جواد" رسغها ليسحبها خلفه بضراوة، سارت معه بإستسلام لترى جميع الأنظار تلتفت لهما، منهما "ريم" التي ركضت لهما، أمسكت بـ "ملك" قائلة بفزع :
- ملك أنتِ كويسة أيه اللي حصل!!!؟
ربتت "ملك" على يدها قائلة بوهن:
- أنا كويسة ياريم متقلقيش!!!!
رفعت "ريم" أنظارها إلى "جواد" تطالعه بإعجابٍ، لتمد يدها له قائلة بنظراتٍ يعملها جيداً:
- أنا ريم صاحبتها!!!!
نظر ليدها المُعلقة بالهواء بسُخرية ليقول بنبرة متهكمة:
- أهلاً!!!!
ثم شدد على ذراع "ملك" ليسحبها خلفه تاركين "ريم" يجن جنونها!!!!
• • • •
سارت "ملك" وراءه بضيق ليقفا أمام سيارته، نفضت كفه صارخة به بعصبيه:
- أنت بتجُر بهيمة ولا أيه أنت أتجننت!!!!!!
جمدت نظراته لينقبض فكه، تقدم منها خطوة صغيرة قائلاً بتحذير أرعبها:
- لما تكلميني صوتك يبقى واطي، إياكي تعليه عليا!!!!!
نظرت له بغلٍ حتى كادت أن تذهب من أمامه ليمسك ذراعها بغضبٍ، مشدداً عليه لدرجة جعلتها تقطب حاجبيه ألماً، لتردف بعنفٍ:
- سيب إيدي يا جواد!!!!
-أنتِ فاكرة نفسك رايحة فين؟!!!
هتف بشراسة ليعيدها إلى محلها أمامه، تاركاً رسغها الذي تركت أصابعه أثرها على يدها، أشار لسيارته بجمودٍ قائلاً:
- أركبي!!!!
نفت برأسها قائلة بنبرة متألمة:
- مش هركب معاك أنا معايا عربيتي،و سيبني لو سمحت أمشي في حالي، كفاية لحد كدا!!!!
أخذت الدموع طريقها إلى عيناها لترتجف شفتيها بقهرٍ..
لانت صفحات وجهه عندما رأى دموعها والتي يخضع أمامها، ليردف بلُطفٍ:
- طب أهدي و أركبي يا ملك، مش هينفع أسيبك تمشي لوحدك..!!!
رفعت أنظارها له لترى عيناه الخضراء التي تجعلها بعالمٍ آخر، وبالفعل تحركت ببطئ لتحتل مقعدها، صعد هو أيضاً بجانبها ليتحرك بالسيارة سريعاً..
نظر لها بطرفٍ عيناه ليجدها ملتصقة بالباب تقضم أظافرها بتوترٍ، ليلتوي ثغره بإبتسامة قائلاً:
- أنتِ متأكدة أن عندك 19 سنة وكبيرة وعاقلة المفروض؟!!!
نظرت له مُيضقة عيناها، لتبعد أظافرها عن فمها زامة شفتيها بعبوس قائلة:
- عندك شك يعني؟!!!
أطلق ضحكة رجولية جعلتها تلتفت له قائلة بغيظ:
- قولت نكتة أنا دلوقتي؟!!!
عاد لجديته قائلاً ببرودٍ:
- هتروحي فين؟!!
جحظت عيناها قائلة ببلاهة:
- أنت بشخصيتين صح!!!!!
أومأ لها قائلاً بجدبة تامة:
- أيوا أنا فعلاً عندي أنفصام، بس محدش يعرف ودة اللي كنت بحاول أخبيه، وشخصيتي التانية وحشة مش هتبقي عايزة تشوفيها!!!
شهقت بعنف لتضع يداها على فمها بصدمة، أغرورقت عيناها بالدموع قائلة:
- طب أنت محاولتش تتعالج؟!!، ليه مقولتش!!! المرض دة صعب أوي والله!!!!!!
- حاولت كتير، بس كله قالي أن حالتي مينفعش معاها علاج!!!!
قال بتأثرٍ زائف مركزاً أنظاره على الطريق، يكتم ضحكة كادت أن تنفلت منه، وبات يتيقن أنها لازالت طفلة كما هي..طفلته!!!!
رفع حاجبيه عندما وجدها تطلق شهقات خافتة جعلته يسرع بصف سيارته سريعاً، ليلتفت لها بقلق قائلاً:
- بتعيطي ليه؟!!!
فركت عيناها كالأطفال قائلة بحزنٍ حقيقي:
- عشان أنا مكنتش أعرف أن عندك المرض دة!!!
أبتسم على طفلته ليقول بحنو:
- أنتِ صدقتي يا ملك؟!! أنا بهزر معاكي مافيش حاجة من دي!!!!!
رفعت عيناها له دقائق تستوعب أنه كان يمزح، لتردف بضيق:
- يعني أنت كنت بتضحك عليا!!!!
صمتت دقائق لتلتفت للأمام قائلة بجمودٍ:
- روّحني البيت..!!!!
أدرك "جواد" أنها لم تتقبل مزحته الثقيلة ليقول محاولاً التبرير:
- أنا كنت بهزر!!!!
ظلت تنظر أمامها بتذمرٍ قائلة بنبرة لا تقبل النقاش:
- روّحني لو سمحت!!!!
نظر لها بضيقٍ ليلتفت ممسكاً بالمقود حتى أبيضت عروقه، ثم ذهب إلى شقتها حسب ما وصفت له العنوان، وقف أسفل البناية ينظر أمامه بجمودٍ، لتترجل "ملك" صافعة الباب متجهة نحو بوابة البناية، ليتابعها "جواد" بنظراته الفارغة، قائلاً بنبرة غامضة:
- لازم تعرف كل حاجة!!!!!!
صعدت "ملك" إلى الشقة بخطواتٍ متعرجة لتقابلها "فتحية" التي ضربت على صدرها بصدمة قائلة وهي تركض لها لتساندها:
- إيه اللي حُصل يا حبيبتي بتعُرچي ليه ياجلبي!!!!
أجلستها على الأريكة لتردف "ملك" بتعبٍ:
- متقلقيش يا دادة أنا بس أتخبطت خبطة صغيرة مافيش حاجة صدقيني!!!!
ربتت على خصلاتها قائلة بحزن:
- سلامتك يا حبيبتي روحي أرتاحي على فرشِتك و أنا هچبلك الوكل عندك..
أومأت "ملك" فهي بالفعل تحتاج للراحة، لتُسندها "فتحية" نحو غرفتها، تساعدها في تبديل ملابسها ثم جعلتها تستلقي على فراشها لتُدثرها بالغطاء جيداً، ثم خرجت تغلق الأنوار عليها، لتنتفض "ملك" قائلة بهيستيرية:
- لاء يا دادة سيبي النور..سيبي النور!!!
تراجعت "فتحيه" لتفتح الأنوار قائلة سريعاً:
- أسفة يا ضنايا نسيت أنك بتخافي من الضلمة أعذريني!!!!
أومأت "ملك" وقد بدأ جسدها بالإرتجاف لتختفي أسفل الغطاء، مُغمضة عيناها برعبٍ تردف بخفوتٍ، ونبراتها مرتعبة:
- لاء يا بابا متحبسنيش في الأوضة دي، لاء يا بابا والنبي أخر مرة!!!!!
بكّت "ملك" بقوة وقد بات جسدها ينتفص، ليرّن هاتفها وكأنه يعلم ما تعانيه حبيبته، جلبته "ملك" لتنظر لشاشته التي أُنيرت بإسمه، ضغطت على زر الإيجاب قائلة بصوتٍ خافت:
- ألـو..!!!
أستشعر "جواد" نبرتها الباكيةة والمهتزة ليردف بتساؤلٍ متوجس:
- صوتك ماله؟!!!
أبتلعت ريقها قائلة وهي تحاول التحكم في إرتعاش جسدها وصوتها معاً:
- مافيش حاجة، أنت..أنت بتتصل ليه!!!!
أغمض عيناه يحاول التحكم بأعصابه ليضرب المقود بكفه صارخاً به:
- ردي عليا صوتك ماله بقولك!!!!!
صرخت هي الأخرى ببكاءٍ قائلة:
- والله مافيش حاجة طيب!!!!
مسح على وجهه ليطلق تنهيدة ينفث بها عن غضبه، ليردف بعد دقيقة بنبرة حانية:
- طب أنا واقف تحت أنزليلي!!!
أنتفضت "ملك" لتهدر بعصبية:
- جواد اللي أنت بتعمله دة مينفعش، حرام أصلاً كلامنا واللي حصل الصبح و أنا مش هسمح أنه يحصل مرة تانية!!!!!
شعر "جواد" بضرورة أخبارها بما حدث، ليهتف بهدوءٍ بارد:
- طيب أنزلي و أنا هفهمك كل حاجة، و أنا مش عيل صغير و عارف أنا بعمل أيه يا ملك،و صدقيني لو منزلتيش دلوقتي هطلعلك أنا!!!!
ضربت على رأسها من أفعاله لتقول وهي تعلم أنه لن يصعد إلى هُنا و أنه فقط يخيفها:
- مش هنزل يا جواد!!!!
فجأة وجدت الخط ينقطع، لتنهض واقفة بتوترٍ، ولكن عقلها يطمئنها قائلاً:
- لن يستطيع المجئ إلى هُنا، لا تقلقي!!!!
أخذ قلبها يخفق بقوة، ومعدتها باتت تؤلمها من فرط توترها وبالفعل وجدت من يفتح باب الغرفة بعنفٍ، لتصرخ "ملك" برعب واضعة كفيها على فمها، قائلة بعدم تصديق:
- أنت أكيد أتجننت، أزاي دخلت هنا و أزاي دادة فتحية فتحتلك، جواد اللي أنت بتعمله دة مينفعش و هتودينا في داهية وظافر وباسل ومازن كمان لو عرفوا هنروح في داهيه و أفرض حد شافك و أنت طالع هنا و أنا واقفة بالبيچامة وبشعري و آآآ!!!!
وجدته يتقدم منها بعصبيه واضعاً كفه على فمها و الأخر أمسك به بعنقها من الخلف هادراً بغضب:
- أفصلي شوية أيه راديو يخربيتك!!!!!
جحظت بعيناها لتضع أناملها على كفه الخشن تحاول إبعاده ولكنه ظل شارداً بها، بعيناها الواسعة وبشرتها البيضاء، خصلاتها التي لأول مرة يراها منذ أن كبرت، كم أصبحت طويلة تصل لِما بعد ظهرها، و تلك الكنزة الخفيفة الملتصقة بها، مع بنطال من نفس اللون الأبيض ذو نقشات بسيطة، ليتصاعد بعيناه إلى عيناها المرتعدة، لينزع كفه ماسحاً على وجهه، ليُمسكها من كتفيها يجلسها على الفراش، ثم جلس بجوارها ممسكاً بكفيها معاً، يردف بهدوء وصبر:
- أنا اللي هقولهولك دة صعب، أنا عارف أنك مش هتستوعبيه، بس أنتِ لازم تعرفيه يا ملك..
خفق قلبها بعنف لتردف بخفوت:
- في أيه ناوي تقولي سر من أسرار الدولة ولا حاجة؟!!!
جمد وجهه ليقرب وجهه من وجهها هامساً:
- الموضوع كبير ومتهزريش فيه..
أبتعدت عنه زامة شفتيها قائلة:
- طب قول يا جواد عشان وضعنا دة مش تمام و أنا قاعدة قدامك كدا بالبيجامة!!! قول بسرعة بقى و أمشي!!!!
أومأ متنهداً بتفكير كيف سيُخبرها، لينطق بعد ثوانٍ:
- ملك أنتِ مراتي، من و أنتِ صغيرة ظافر و أخواتك كلهم صمموا أني أكتب عليكي، لما كانوا بيشوفوا أنا بعاملك أزاي و أد أيه انتِ متعلقة بيا، وقتها كان عندك حوالي 10 سنين ومكنتيش فاهمه حاجة، طبعاً اللي حصل دة كان غلط لأنه يعتبر جواز قاصرات عليه سجن وحُكم، بس طبعاً مكنش في حد يقدر يتكلم أصلاً مع عيلة الهلالي، كل عيلتك وعيلتي عارفين أنك مراتي بس خبوا عليكي وقالوا نصبر شوية ونقولك، بس أنا مقدرتش وقولت أنك لازم تعرفي بـ دة!!!!!
وثبت "ملك" من على الفراش تبتعد عنه لتترقرق عيناها بالدموع قائلة بنفيٍ تام غير مستوعبة ما يحدث:
- أنت كداب، مستحيل أهلي يعملوا كدا أنت بتكدب يا جواد!!!!
ثم أشارت إلى الباب قائلة بصراخ و أنهيار أقلقه عليها:
- أطلع برا البيت، أطلع مش عايزة أشوفك تاني !!!!
نهض يقترب منها محاولاً لمس وجنتيها في محاولةً منها لتهدئته لتنفض كفيه صارخة به بجنونٍ:
- أبعد عني متلمسنيش إياك تلمسني، أنت مش جوزي يا جواد مش جوزي!!!!
دلفت "فتحية" بقلق لتقول بتوجسٍ:
- في أيه يا بنتي!!!!
ركضت لها "ملك" ممسكة جلبابها تقول في بكاءٍ ينفطر له القلب:
- ألحقي يا دادة بيقولي أنه جوزي وأن أهلي جوزوني ليه و أنا 10 سنين، دادة أنتِ أكيد كنتي موجودة ومافيش حاجة من الكلام دة حصل، قولي له يا داداة أني مش مراته!!!!!
نظرت لها "فتحية" بألم عليها، فهي كانت من القانطين على تلك الزيجة، فهي تعتبرها طفلتها التي لم تنجبها، لتجذبها لأحضانه تقبل خصلاتها قائلة بحزن:
- أهدي يا ضنايا، چواد بيه كلامه صحيح مش بيكدب أنتِ حجيجي مراته!!!!!
نزعت نفسها من أحضانها بشرود مبتعدة عنها، قائلة بنبرة جامدة:
- اطلعوا برا، مش عايزة أشوف حد هنا!!!!
أشار "جواد" إلى "فتحية" بالخروج بعيناه التي تشبه الصقر، لتخرُج بالفعل وهي تتحسر عليها، ليقترب منها "جواد"، بخطوات بطيئة وهي شاردة في اللاشئ، تُلصق جسدها بالحائط خلفها، وثب أمامها ثم بهدوء حاوط كتفيها بذراعيه المفتولين يُقربها منه، جاعلاً من رأسها على كتفه، مربتاً على خصلاتها بحنو، يقبل رأسها برفقٍ شديد ثم مسح على ظهرها هامساً بخفوت:
- أهدي، أنا عُمري مـ هأذيكي متخافيش مني!!!!
دفنت رأسها بصدره لتجهش في بكاءٍ عنيف، ليبعدها عنه محاوطاً وجهها يُزيل دموعها بإبهاميه، قائلاً بحنو:
- قوليلي طيب بتعيطي ليه!!! لو أنتِ مش عايزاني جوزك يا ملك مش هجبرك و نروح لأقرب مأذون وهطلقك ويغور أي حد!!!!
نفت سريعاً برأسها ليبتسم هو مربتاً على وجنتيه بأبهامه:
- يعني عايزاني جوزك؟!!!
أسقطت بنظراتها أرضاً ليمسك هو بذقنها يرفع وجهها له، ليجعل عيناها مثبتة على عيناه، قائلاً بإبتسامة:
- بتحبيني يا ملك؟!!!
شعرت بإلتهاب وجنتيها لا تعلم من الحرج أم من أنامله التي سببت لها رعشة قوية، لتنزوي شفتيها بإبتسامة صغيرة، ليضحك هو حتى ظهرت غمازته اليمنى، قائلاً بعبث:
- خلاص وصلني ردِك، أنا أساساً كنت عارف دة!!!!!
أبعد خصلاتها عن وجهها مكوباً وجهها ليردف بلطف:
- أومال بتعيطي ليه دلوقتي!!!!
نظرت له قائلة بحزن:
- عشان أتجوزت و أنا صغيرة أوي، و أول مرة أحس أني أهلي مش بيحبوني أوي كدا، وعشان كنت فاكرة أنك عُمرك مـ حبتني، و أنك مغصوب عليا..، ليه يا جواد قولتلي أنك مش بتحبني؟!!!
ربت على خصلاتها قائلاً:
- مكنتش عايزك تتعلقي بيا، عشان كنت فاكر أني ممكن أسيبك، بس أنا عُمري مـ هسيبك أبداً، و أهلك بيحبوكي على فكرة، و أنتِ أغلى حاجة عندهم.. وعندي أنا كمان!!!!
نظرت له بعشقٍ لترتسم أبتسامة كبيرة على ثغرها، ليُكمل هو قائلاً:
- بما أنك عرفتي كل حاجة دلوقتي عايزك بقا تلمي هدومك عشان تروحي معايا الڤيلا عند أهلي، أمي هتموت وتشوفك!!!!
جحظت عيناها لتضع كلها على فمها تصمت شهقة كادت أن تنفلت منها، قائلة بصدمة:
- أنت بتتكلم بجد؟!!!!
أومأ بهدوءٍ لتُكمل:
- طب و ماما و ظافر وآآ!!!!
قاطعها مردداً بجدية:
- ملك أنتِ مراتي يعني ليا الحق أخدك في أي مكان، أنتِ حقي!!!، وبعدين ياستي ظافر وباسل و مامتك كمان عارفين أنا قولتلهوم..خلاص كدا؟!!!
أومأت "ملك" لتقضم أظافرها قائلة:
- طب ممكن بس تسيبني هنا كام يوم أكون جهزت شنطي ورتبت نفسي؟!!
أكد على حديثها قائلاً:
- دة اللي هيحصل!!!
ثم ودعها وذهب تاركها تكاد تطير من الفرح، لا تصدق أنها أصبحت زوجته، لا تصدق أبداً أن ذلك اليوم تحقق، و أن أسمها كُتب جوار أسمه!!!!
• • • •
أفاق "ظافر" ليجدها متوسدة صدره تعانقه بذراعيها البيضاوتان، أزاحها بلُطفٍ ليميل مقبلاً جبينها، ثم نهض متوجهاً للمرحاض، أغتسل "ظافر" ثم بدّل ثيابه، مرتدياً بنطال باللون الأزرق القاتم، وقميص أبيض يقسِم عضلاته الجذابة، تاركاً أول زرين، ثم أرتدى حلة بلون البنطال، صفف خصلاته بعناية ينثر من عطره ببذخ، أمسك بهاتفه ليجد "ملك" حاولت الإتصال به، عاود يتصل بها ولكن هاتفها غير متاح، تقدم إلى فراشه لينثنى بجذعه لها، سانداً قدمٍ على الفراش والأخر كما هو على الأرضية، ثم طبع قبلة أشبع بها جوعه الذي لا ينتهي لها،لتفيق هي مبتسمة له بعشقٍ قائلة:
- صباح الخير..
تلاعب بخصلاتها قائلاً بحبٍ:
- دة أيه الصباح القمر دة!!!!
أبتسمت محاوطة عنقه قائلة:
- أنت نازل؟!!
أوماً قائلاً ببعضٍ من الجدية:
- أيوا رايح الشركة في حاجات كتير عاوزة تخلص هناك!!!!
أعتدلت في جلستها لتفرك عيناها بنعاسٍ تردف بترددٍ:
- ظافر...
جلس جوارها ليشرد بعيناها مغمغماً:
-مممم...
نظفت حلقها بتوتر، مسترسلة بصعوبة:
- عايزة أنزل الشركة، بقالي كتير معرفش عنها حاجة غير من الموظفين.. ومينفعش اللي بيديرها تبقي السكرتيرة بتاعتي!!!!!
تغيرّت تعابير وجهه في ثوانٍ معدودة، لتُظلم عيناه بوحشية، نهض من أمامها واثباً بقامته المهيبة، قائلاً بنبرة باردة:
- أنسي حاجة أسمها شغلك، مراتي متشتغلش أبداً!!!
جحظت بصدمة قائلة بعدم أستيعاب:
- أنسى شغلي أزاي يعني؟!!! و أيه المشكلة في شغلي يا ظافر أنا مقدرش أبعد عن شغلي وحياتي!!! ولا أنت عايزني أبقى تحت رحمتك و تسيبني وتروح شغلك و أنا أفضل قاعدة هنا مستنياك!!!!
أمسك بذراعها الأيمن بقوة ليجذبها له قائلاً بحدة أرعبتها:
- مــلاذ!!!! أتعدلي معايا!!!!!
نفضت ذراعها لتصرخ به بعنف:
- مش هتعدل يا ظافر، أنا لازم أروح شغلي و أنت مش هتقدر تمنعني!!!!
أمسك بكتفيها بهدوءٍ بإبتسامة مخيفة لا تنم عن ذرة مرح:
- مش هقدر أمنعك؟!!! طب جربي كدا و خَطي عتبة الشقة عشان رجلك تتكسر بعدها!!!!!
أغرورقت عيناها بالدموع قائلة بصدمة:
- أنتَ بتهددني؟!!! أنت فاكر أنك هتحبسني هنا!!!! فوق يا ظافر أنا ملاذ الشافعي محدش يقدر يمشي كلامه عليها، وصدقني أنا لو منزلتش شركتي مش هتشوف وشي تاني!!!!
دفعها للخلف بعنف لتسقط على الأرضية ليصتدم ظهرها بـ ظهر الفراش، كتمت ألمها داخل جوفها لتمسك بظهرها تطالعه بقوة، لينحنى لها هادراً بنبرة قاسية، ووجهٍ تغير ليس هو من وقعت بعشقه:
- لما تتكلمي معايا صوتك يبقى واطي، الظاهر كدا أنك متربتيش و أنا بقى هربيكي من أول و جديد، و كلامي يتسمع مافيش شغل و هفضل حابسك هنا!!!!
حدجها بشراسة ليذهب تاركاً إياها مرتمية على الأرضية،أدمعت عيناها لتمسح دمعاتها سريعاً، وثبت ببطئ لتتآوه بألم من ظهرها، قلبها يأن بما تعانيه من تشوه نفسي، أتجهت نحو المرآة لترفع سترتها، لترى ظهرها الأبيض جزءٍ كبير منه تلون بالبنفسجي، متورماً لا تطيق وضع أصابعها عليه، تأوهت بألم لتضع كفيها على رأسها، جلست على المقعد أمام المزينة، لتجد هاتفها ينبئها عن وجود رسالة ما، ألتقطته من على المزينةثم فتحت الرسالة والتي كانت من رقم شقيقتها كان مضمونها حروفٍ نبع منها حقداً يكفي بلدة بأكملها:
- أزيك يا ملاذ، يارب تكوني عايشة دلوقتي أسوأ أيام حياتك، و أنتِ بتكتشفي جوزك شوية شوية على حقيقته، أتمنى يكون مُوريكي العذاب بألوانه، ظافر مينفعكيش، ظافر بتاعي أنا، كفاية بقا كل حاجة حلوة تبقى ليكي، هحرق قلبك و هاخد منك جوزك و قريب، قريب أوي هيبقى في حُضني!!!!!!
تعالت أنفاسها بشكلٍ مُخيف، ناهيك عن عيناها التي أخذت بذرف دموعٍ تتوالى على وجنتيها، نزفت روحها وقلبها، شددت على الهاتف لتلقيه على الحائط، أطلقت شهقة عنيفة تعقبها بكاءٍ حقيقي، نهضت لتقف ولكنها سرعان ما أنهارت على الأرضية، تنهار معها ثقتها بمن حولها، و شعورها بالأمان أيضاً تفتت، أطلقت آهاتٍ منبعثة من قلبها الملكوم، شعورها بالغرقٍ بمفردها، أطلقت آهات متألمة بما يتوالى عليها، لن يسمعها غيره، لن يشعر بمرارة حياتها إلا خالقها، رغبت فجأة بالشكوى إلى ربُها، لتخبره عن مدى ظلم الحياة، كم هي قاسية، تطلب منه العفو عن تقصيرها معه، تطلب أن يغفر لها كُل ما فعلته بالماضي، وبالفعل نهضت مهرولة إلى المرحاض، ثم توضأت، أرتدت عباءة سوداء لا تظهر منها شئ، و ححابٍ زَين وجهها، ثم وقفت على سجادة الصلاة بخشوعٍ، تُصلي بتضرعٍ، تاركة العنان لدموعها، تدعي أن يهدي لها "ظافر"، و أن يُغفر لشقيقتها، أنهت صلاتها لتسبح بحمد الله، ثم نهضت وهي تشعر بأن روحها تبدلت، نزعت الحجاب و العباءة، ثم خرجت من الغرفة متجهة نحو المطبخ، أحضرت طعاماً لها سريعاً لتسد جوعها، رتبت الشقة سريعاً ململة القمامات تتحامل على ظهرها الذي بات يؤلمها بالفعل، ولكنها تغاضت عنه، ثم أرتدت بيچامة ثقيلة ثم لتجلس أمام التلفاز، أنطفئت تلك الشعلة المتوهجة بعيناها، تاركة بدلاً منها عينان مغيمتان، تنذران بالدموع بأي لحظة، ضمت قدميها إلى صدرها لتستند برأسها على ركبتيها، لتمر الساعات، حتى جاءت الساعة الحادية عشر، وجدت باب الشقة ينفتح بعنف، وجدته يدلف بملامح لا تبشر بخير، ظلت على حالها لتتفاجأ به يقترب منها منحنياً لها، ليجذبها من ذراعيها صارخاً بحدة وعيناه تتفحصها بقلقٍ:
- موبايلك متنيل مقفول ليه!!!! م ترُدي!!!
فجأة صرخت بألم ضرب الكدمة بذراعها دون قصد لينتفض جسدها البارد تاركة العنان لدموعها،ممسكة بظهرها بألمٍ شديد، ليطالعها بقلقٍ ظهر جلياً في نبرته:
- في أيه؟!!!
عندما وجدها تُمسك بظهرها تنحني للأسفل مغمضة عيناها تبكي بوجعٍ لم تستطيع إخفاءه، أبعد يداها مرتعب مما يحدث لها، ليرفع كنزتها الثقيلة، لتتوسع عيناه صارخاً بها:
- من أيه الكدمة دي!!!!
أطبقت بشفتيها ممسكة بكنزته و الألم أصبح يضرب جسدها بأكمله، لينحني بجزعه يحملها بسُرعة، توجه إلى الغرفة ليجلسها عليه، ثم جلس القرفصاء أمامها ممسكاً بكفيها يهتف:
- أيه اللي حصل يا حبيبتي قوليلي، الكدمة دي من أيه؟!!!!
لم تُجيبه ليتذكر عندما دفعها على الأرض، أغمض عيناه لينبض فكه من شدة الغضب، نهض ليُقبل رأسها ثم بحث في الكومود عن مرهماً، ليجده أخيراً، ألتقطه سريعاً ثم جلس خلفها، نزع عنها سترتها، ظهرت الكدمة بوضوح وسط ظهرها الأبيض، ليغمض عيناه لو أستطاع لضرب نفسه مئة مرة، أمسك بالمرهم ليضعه على الكدمة، أنتفضت "ملاذ" بألم لتحاوط نفسها من شدة البرودة و الألم معاً، ليبسط "ظافر" المرهم برقة شديدة يحاول ألا يؤلمها، أنثنى بثغره مقبلاً كتفها الناعم، يقول بنبرة أستشعرت الألم بها:
- أسف، أنا أسف حقيقي!!!!!
أغمضت عيناها تشعر بقشعريرة في جسدها، لتطلق العنان لدموعها مطلقة شهقة جعلته يلتفت جالساً أمامها، ليضمها من كتفيها برفقٍ إلى صدره، حاولت إبعاده عنها بوهن قائلة:
-سيبني، أبعد عني، أنا بكرهك يا ظافر!!!!!!!
غرست تلك الكلمة بقلبه ليتنهد ماسحاً على خصلاتها، ثم قال بحنو:
- طب أهدي..متتعبيش نفسك دلوقتي أهدي ونامي شوية!!!!!
بالفعل أستكانت على صدؤه ولكن ليس بإرادتها، و إنما إرهاقاً مما حدث، ليُغشى عليها سريعاً، ليجعل نصف جسدها على صدره حتى لا تستلقي على ظهرها، محاوطاً خصرها ، حاول تدفئة جسدها البارد بدفئ جسده، ليغفي هو الأخر بإرهاق..
• • • •
بعد عدة ساعات.. أفاقت "ملاذ" لترى جسدها شبه مستلقي فوق جسده، إبتعدت ببطئ، لترتفع بأنظارها تنظر له، صُدمت "ملاذ" عندما وجدته يتصبب عرقاً، جسده بالأكمل ينتفض بين الحين والأخر، وجهه شديد الإحمرار و كأنه نيران موقودة، أنتفضت "ملاذ" لتجلس واضعة يدها على وجهه، لتُبعد كفها سريعاً من شدة إلتهابه، مسحت خصلاته المبللة عن وجهه لتناديه ببكاءٍ قائلة:
- ظافر في أيه والنبي رُد عليا!!!!!
وجدته يفتح عيناه الحمراء لتنهمر الدموع من عيناها، ثم كوّبت وجهه قائلة:
- أنا هتصل بالدكتور..!!!
همت بالنهوض لتجده يمسك برسغها قائلاً:
- متتصليش بحد، متدخليش حد البيت و أنا في الحالة دي، ممكن يعمل فيكي حاجة و أنا كدا، أنا هبقى كويس متقلقيش!!!
صرخت قائلة ببكاءٍ:
- لاء هتصل بيه مينفعش أسيبك كدا!!!!!
نظر لها بوهنٍ قائلاً برجاء:
- لاء يا ملاذذ لو سمحتي!!!!
مسحت على خصلاته لتمسك بكفيه تقبلهما وهي لا تعلم ماذا تفعل، لتنهض سريعاً ترتدي كنزتها، ثم دلفت تجاه المرحاض، ملئت حوض الاستحمام بمياه شديدة البرودة، لتعود له تنظر لوجهه المتعب وعيناه المغمضة بقلق، أتخذت يداها مسارها نحو أزرار قميصه لتسرع بحله واحداً تلو الأخر، جردته من قميصه عدا بنطاله حاوطت وجهه وجهه تقول سريعاً:
- ظافر حبيبي أسمعني حاول معايا تقوم لحد الحمام...
نهض بالفعل معها ليتجها إلى المرحاض، تحاوط خصره و ذراعه يطوق عنقها، حاول هو ألا يتحامل عليها بسبب ما حل بظهرها، لتدلف به إلى المرحاض ، جعلته يمدد جسده داخل حوض الاستحمام ليتشنج وجهه من برودة المياه في هذا الطقس البارد و مع سخونة جسده، جلست هي على حافة الحوض لتمسد على خصلاته قائلة ببكاءٍ:
- أستحمل بس شوية و هتبقى كويس..
ثم أخذت تبكي عليه لتتحرك شفتيه قائلة بإرهاقٍ:
- متعيطيش.. أنا هبقى كويس والله!!!!
أومأت لتنهض أمامه تمسك بالمياه الباردة تمسح بها وجهه بحنو لطيف، ثم أعادت الكرة عدة مرات لتتأكد من زوال حرارته، ظل هو يطالعها بنظراتٍ لم تفهمها، ولكنها أستمرت في ما تفعله، لتضع المياه على عنقه و مقدمة صدره الذي لم تصل له المياة، لتردف قائلة بلُطف:
- بقيت أحسن شوية؟!!
أومأ لينهض ببطئٍ يخرج من حوض الاستحمام، لتحاوطه بالمنشفة حتى لا يبرد، أجلسته على الفراش لتخرج له ملابس مُريحه عوضاً عن التي تبللت، ثم وضعتهما بجواره على الفراش قائلة برفقٍ:
- ظافر ألبس الهدوم دي و أنا هروح أجيب مياة و تلج و هاجي مش هتأخر..!!!
أومأ بإستسلام لتخرج هي من الغرفة، تحضر صحن به ماء وقطع من الثلج وقطعة من القماش ، و صحن آخر أحضرت به حساء ساخن و دجاجة مسلوقة، ثم ذهبت نحو الغرفة لتجده بدل ثيابه مستلقياً على الفراش، اسرعت "ملاذ" تضع الصينية على الكومود، لتجلس بجواره، وجدته مغمص العينان لتنحني تقبل وجنتيه حتى تستشعر جسده، لتجد الحرارة قد نزلت بعض الشئ، التفتت لتُمسك بالقماشة تغطسها بالمياه، ثم عصرتها جيداً، لتضعها على جبينه، أسندت رأسها على كفها تطالع ملامح وجهه، لتقبل عيناه قائلة بحنو:
- هتبقى كويس أن شاء الله!!!!
فتح عيناه ليطالعها، مدّ كفه ليمسك بكفها الصغير، يقبلها بعشقٍ قائلاً بندمٍ شديد:
- أسف على اللي حصل، أنا أكتشفت أن مافيش أغبى مني والله!!!!
أبتسمت له لتستند برأسها على جبهته قائلة:
- أنا كمان أسفة عشان كلمتك بطريقة وحشة، متزعلش مني!!!!
بللت القماشة مجدداً لتضعها على جبينه، ليهتف هو بلطف:
- خلاص يا حبيبتي الحرارة نزلت مافيش حاجة أنا بقيت كويس!!!!
وضعت وجنتيها على وجنتيه لتجد بالفعل وجهه أصبح بارداً بعض الشئ، لتتنهد براحة قائلة بسعادة:
- الحمدلله الحمدلله يارب..!!!
لتعتدل جالسة، ثم أقتربت منه بشدة لترفع الوسادة حتى يجلس، ليشرد هو بوجهها الملائكي، ثم أعتدل في جلسته، لتأتي هي بالصحن قائلة بتحذير:
- الطبق دة كله لازم يخلص وهتاكل الفرخة كلها عشان تخف!!!!
أطلق ضحكة رجولية رُغم إرهاقه ليهتف بمزاح:
- بتكلمي أبن أختك ولا حاجة؟!!!!
أبتسمت لتطعمه حتى أنهى بالفعل الصحن، ليقول و هو يُثنى على طبخها بإعجابٍ:
- أول مرة أعرف أن أكلك حلو كدا..!!!!
أبتسمت له لتقطع الدجاجة قطع، ثم جلست تُطعمه حتى شبع، مسحت فمه بمنديلاً مببللاً ويداها أيضاً، ثم جذبت رأسه إلى صدرها تمسح على خصلاته و كأنه طفلها، ليغفى "ظافر" بأحضانها، وغفت هي أيضاً تحمد ربها لشفاءه، و لظهرها الذي لم يعُد يؤلمها كثيراً..
• • • •
نهضت "فريدة" باكراً، جالسة على فراشها بإبتسامة باهتة، وثبت متجهة إلى خزانتها، لتنتقي بنطال باللون الأبيض، تعلوه كنزة ثقيلة تناسب ذلك الطقس باللون الأحمر، ثم تركت خصلاتها مفرودة، أخذت حقيبتها لتنزل من الدرج، وجدت "رُقية" جالسة على الأريكة ممسكة بالمصحف تقرأ به بصوتٍ رخيم، عندما وجدته قالت بهدوءٍ:
- صدق الله العظيم...
ثم قبلته لتتركه بجوارها، أقتربت "فريدة" منها لتجلس بجوارها قائلة:
- ماما أنا رايحة الشغل، خلي بالك من يزيد و أنا مش هتأخر!!!
ربتت "رقية" على خصلاتها قائلة بإبتسامة:
- متخافيش يابتي، يزيد في عنيا، أيوا أكده ياضنايا عيشي حياتك ومتفكريش فيه، صدجيني أنا يابنتي الراچل عُمره ما بيرجع لواحدة بتبكي عليه، أنچحي و أثبتيله أنك قويه، و أحنا معاكي يا حبيبتي!!!
ظلت شاردة في حديثها طيلة الطريق، تفكر في نصائحها، حتى وصلت للمشفى، دلفت ليبارك لها الجميع على زواجها، لا يعلمون إن تلك الزيجة كانت بمثابة الإعدام شنقاٌ لها، ولكنها قابلت المباركات المتهللة عليها بإبتسامة بسيطة، لتبدأ عملها بجوار الطبيب، ذلك الشخص الذي كانت تعشقه قبل أن يقتحم "مازن" حياتها، ذلك الطبيب والذي يُدعى "إياد"، ذو الطول الفارع والجسد الممشوق، البشرة البيضاء والعينان الزرقاوتان، دلفت لمكتبه لتراه جالساً على مكتبه قائلاٌ بقنوط طفيف:
- مبروك يا فريدة على جوازك، بس مش كُنتي تعزمينا يعني؟!!!!
بُهتت أنظارها عندما تذكرت أنها لم ترتدي ثوباً أبيض كـ جميع الفتيات، لتصمت و لم تُجيب، لتجده يردف بجدية:
- جهزي نفسك النهاردة مليان حالات طارئة..
أومأت بهدوءٍ لتذهب وراءه، مندهشة من حالتها، فهي أصبحت لا تطيق رؤيته حتى، وهي التي كانت تُهيم به!!!!!
• • • •
- يابت يا هانم، تعالي يابت چهزي الوكل، بنت أختي زمانها چاية يلا يابت!!!!!
صرخت "رقية" بصوتٍ عالٍ لينزل "باسل" على الدرج قائلاٌ بدهشة:
- مين اللي جاية يا أمي؟!!!
ألتفتت له "رقية" قائلة بفرحٍ:
- "آسيا" بنت خالتك يا حبيبي!!!!
أشمئزت صفحات وجهه متمتماً بخفوت:
- و دي جاية ليه!!!!
لم تسمعة"رُقية" لتُكمل الترتيبات بالسرايا، ليغير "باسل" وجهته عائداً مجدداً إلى غرفته متأففاً، دلف ليجدها نائمة، خصلاتها تُخفي وجهها، ذراعها مرتمياً على الأرضية ليبتسم "باسل" على حالتها، ليتجه إلى الفراش، أنحنى بجزعه نحوها ليزيل خصلاتها من على وجهها، لينحنى أكثر مقبلاً شفتيها المزمومة، ثم حاول إفاقتها بهدوءٍ مردفاً:
- رهف.. أنتِ من أهل الكهف ولا أيه يا بت؟!!!!
قطبت "رهف" حاجبيها وكأنها تسمعه لتقول غير واعية وهي لازالت مغمضة العينان:
- بسِلة سيبني نايمة بقا!!!!!
رفع حاجبيه ليلتقط أذنيها يقرصهما قائلاً بغيظ:
- عارفة لو قولتي بسِلة تاني هدبحك!!!!
أنتفضت "رهف" جالسة لتمسك بكفيه تزيحهما بغيظٍ قائلة :
- في حد يصحي حد كدا يعني!!!!!
جمد وجهه لينهض يعطيها ظهره قائلاً ببرود زائف:
- انا اللي غلطان وكنت جاي أقولك قومي ألبسي عشان نُخرج!!!!
جحظت عيناها لتنهض مهرولة نحوه، ثم حاوطت خصره من الخلف قائلة بسعادة طفولية:
- أنا أسفة والله مكنتش أقصد، 5 دقايق وهلبس يا أحلى بسِلة في الدنيا..
هرولت نحو غرفة الملابس تاركة إياه مبتسماً يقول في نفسه:
- أهم حاجة أخليها متشوفش آسيا خالص!!!!!
• • • •
أرتدت "رهف" ثوبٍ أسود يصل لأسفل قدميها، مُحكم الضيق لتضع فوقه بوشاحٍ من الفرو، خرجت إلى "باسل" الذي وقف ينتظرها بالغرفة، لينبهر من الحورية التي خرجت له، ولكنه تذكر أن ليس هو فقط من سيراها بذلك الثوب ، ليهدر بها في غضبٍ شديد:
- أنتِ أيه القرف اللي لابساه دة!!!! أدخلي غيري بسُرعة!!!
صُدمت مما قال لتتراجع خطوتين برهبة قائلة:
- في أيه يا باسل أنا قولت هيعجبك!!!!
رفع حاجبيه ليتقدم منها على عجالٍ، ليجذب رسغها له بعنف قائلاً:
- أنتِ مجنونة يا رهف، أنتِ متجوزة شوال بطاطس عشان تبقي ماشية جنبي كدا و العيون كلها هتبقى عليكي، ده أنا أدفنك حية!!!!!!
رُغم صراخه بوجهها وقبضته التي تؤلمها بالفعل، ولكن حديثه جعل أبتسامة صغيرة تلوح على ثغرها، ليستغرب هو أبتسامتها، ولكنه صُدم عندما وجدها تندفع مرتمية بأحضانه، محاوطة عنقه بذراعيها العاريتان، تربت على ظهره وهي لاتسطيع السيطرة على بسمتها التي كادت أن تشق ثغرها، ليحاوط هو خصرها مبتسماً على زوجته المجنونة، أعادت "رهف" وجهها ولا زال جسدها محاصر من قِبله، لتطبع قبلة صغيرة على وجنتيه، مغمغمة بخفوتٍ:
- والله بحبك!!!!!
شعر بدلواً بارد أُلقي على رأسه، ليُبعدها عنه سريعاً قائلاً بعدم تصديق:
- قولتي أيه!!!!!
نظرت أرضاً بخجلٍ قائلة:
- مقولتش حاجة أساساً!!!!!
- وحياة أمك!!!!!
هتف بغضب ليجدها تنظر له بتأففٍ، ليضغط على ذراعها برفقٍ قائلاً برجاء:
- رهف قوليها مرة كمان!!!!!
تنهدت بخجلٍ لترفع أنظارها نحوه قائلة:
- بحبك يا باسل!!!!!!
شعر بقلبه يرقص فرِحاً، ليحاوط وجهها مقرباً شفتيها منه حتى كادا أن يتلامسان، ولكن فُتِح باب الغرفة بعنف لينظر "باسل" لِمَن فعل هذا حتى ينحر رقبته، لتنتفض "رهف" مبتعدة عنه ووجها أصبح مخضباً بإحمرارٍ غزى وجنتيها، و لكنها رفعت أنظارها لمن فعل هذا لتجدها فتاة تقريباً في نفس عُمرها، جسدها ممشوق صاحبة بشرة سمراء جذابة ولكن غاضبة، عيناها باللون الأخضر و لكنها أجزمت أن تلك لم تكن سوى عدسات لاصقة، خصلاتها قصيرة مموجة باللون الأود رفعت أنظارها لتنظر إلى زوجها، وجدت صدره يرتفع علواً وهبوطاً من فرط غضبه، مشدداً على أسنانه بغيظ قائلاً بغلٍ:
- أنتِ أتجننتي أزاي تدخلي الأوضة بالطريقة الزبالة دي و أنتِ عارفة أن دي أوضة واحد ومراته، و لا عيشتك برا نسِتك الأدب و الأخلاق!!!!!
نظرت له بتحدٍ لتقترب منهما تنظر إلى "رهف" من أعلاها حتى أخمص قدميها، قائلة بإستهزاء:
- هي دي بقا مراتك!!!!!!
أشتعلت أنظار "رهف" لتُبعد "باسل" قليلاً تقف أمامها قائلة بشراسة:
- مالها مراته يا حبيبتي!!!!!
نظرت لها بإحتقار قائلة بغيظٍ:
- ولا حاجة، أنا دايماً بشوف إن باسل ذوقه مش أد كدا، بس ع العموم مبروك يا حبيبتي!!!!!
أطلقت "رهف" ضحكة أنثوية جلجلت في الغرفة، لتهتف من بين ضحكاتها:
- ذوقه أيه؟!!! بجد مش قادرة دمك تقيل جداً ما شاء الله!!!!
ثم أردفت قائلة بإبتسامة:
- ع العموم أنا مش هرُد عليكي، عشان لو رديت هتزعلي مني جامد!!!!
أمسكت بذراع زوجها متشبثة به، قائلة بإبتسامة:
- ودلوقتي بقا ياريت تسيبيني مع جوزي شوية!!!!!
صكت على أسنانها بغلٍ واضح، لترميها بنظراتٍ جمر أفصحت عما يغلى بداخلها، لتتصاعد الدماء المحتقنة إلى وجهها، لتلتفت ذاهبة خارج الغرفة بأقدام تحفر الأرضية، لتتحول نظرات "رهف" من تحدٍ إلى غضبٍ شديد، نظر لها "باسل" بإعجاب قائلاً بعبث:
- سمعت كتير عن كيد النسا، بس أول مرة أشوفه بعيني!!!!!!
نظرت له بجمودٍ لتنفض يداها بعيداً عنه تهتف بحدة:
- مين البت دي يا باسل!!!!! و أزاي تدخل كدا هي مجنونة!!!!
أبتسم بهدوءٍ ليجلس على الفراش سانداً كفيه خلف ظهره قائلاً بإستمتاع:
- بنت خالتي، وبتعشقني!!!!!!
فرغت فاهها من وقاحته، لتتقدم منه بعصبيه، جذبت إحدى الوسادات لتبدأ بضربه على وجهه صارخة به:
- بتعشقك ها؟!!! بتعشقك يا باسل والله لهوريك!!!!!
ظلت تضربه وسط ضحكاته واضعاً ذراعه على وجهه ليتفادى الوسادة، وبدون مقدمات جذبها من خصرها ليُرمي بها على الفراش لتشهق هي بحدة مقيداً ذراعيها أعلى رأسها، لتحدق هي به بقنوط مردفة:
- باسل أبعد عني دلوقتي!!!!!
غمز لها قائلاً و هو يتفرسها بوقاحة:
- بالفستان دة مستحيل أبعد!!!!
صرخت به بغضبٍ جم محدجة به بلومٍ:
- سيرتها متجيش تاني، و أنا هعرفها مين رهف كويس!!!!!
قرَب أنفه من أرنبة أنفها يهمس بخفوتٍ وشفتيهما كادتا أن تتلامسان:
- شششش، هي أصلاً و لا فارقة معايا، صدقيني ماتجيش ضُفرك!!!!!
أبتلعت ريقها لتغمغم بتوترٍ تلبسّها:
- أيوا..
أبتسم بخبث ليلتقط قبلة من شفتيها مردداً بمكرٍ:
- أنتِ زي القمر!!!!
همهمت مغمضة عيناها:
- ممممم..!!!
طبع قبلة أخرى بجانب ثغرها قائلاً بعشقٍ:
- و ذكية!!!!
ذابت في كلماته لتردد:
-ممممممم!!!!
ليهمس بجوار أذنها:
- و بحبك!!!!!!
• • • •
مرّت ثلاثة أيام، تحسنت حالة كلاهما، وحافظت "ملاذ" على صلاتها وهي تشعر بروحها أصبحت أنقى، تبدأ بداية جديدة مع ربُها، ولكن أتى ذلك اليوم..عندما كانت بطريقها إلى غرفتهم، لتسترق السمع على زوجها، وجدته يهتف بنبرة هادئة وصلت لها:
- شُحنة السلاح معادها كمان يومين، خلي بالك عايزين كل حاجة تعدي على خير..
جحظت عيناها ليقع قلبها أرضاً، أستندت بجسدها على الحائط لتمتلأ عيناها بالدموع، لا تستوعب أن زوجها تاجر أسلحة!!!!!!!