اخر الروايات

رواية دائرة العشق الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم ياسمين رجب

رواية دائرة العشق الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم ياسمين رجب


كان مائلا بزاوية و لم يشعر الا بقبضة قوية لكمته بعينه اليسرى ،و قبضة رجل يمسك بلاتيب ملابسه وهو يدفعه فوق السيارة صارخا بوجهه.....
ابتعدت همس للخلف صارخة بخوف وهي تضع يدها على فمها من الهلع....
كريم يقبض على ملابس عماد وقد سدد له لكمتين بينما استعاد الاخر توازنه وهو يرد له لكمته......
استعر الغضب بعيناه حينما وصل امام البوابة ،فوجد همس يجاورها شاب غريب مائلا عليها ،و يلمس شعرها لم يشعر بنفسه إلا وهو يترجل من سيارته يهجم عليه بكل قوته ......
:_ انت مين يا كلب و بتعمل ايه؟؟......
قالها وهو يمسك بمقدمة قميصه ،بينما الاخر استعاد قوته و قد اتسعت زرقة عيناه بغضب يرد له لكمته!!!! بعدما دفعه بعيدا عنه
انتبهت همس وهي تصرخ بخوف !!!لتقف بينهما تمسك بذراع كريم قائلة برعب.....
:_ لك كريم شو عم تعمل يا مجنون؟!
ابعد يدها عنه ينوي الهجوم على الاخر وهو يردد بغضب.....
:_ مسمعش صوتك حسابك معايا بعدين...
عادت مرة أخرى وهي تشير بيدها لعماد الذي تحفزت حواسه بينما قالت هي....
:_ يا كريم مشان الله هاد مديري بالشغل....
ومض الغضب بعيناه، وهو يدفعها بكل قوته يبعدها عن طريقه، فتعثرت قدمها وسقطت ارضا !!ليسرع إليه عماد وهو يركله بغضب بينما صرخت همس بفزع وهي تنهض بتآلم بعد سقوطها.....
:_ لك منشان الله بيكفي انتوا الاتنين....
حاولت فصلهم مرة أخرى فلم تستطيع
فقالت ......
:_استاذ عماد بكفي هيك ...
لم يرد عليها احد الا حينما
دوي صوت كامل بينهما غاضبا......
:_كريم
لم يرد عليه اول مره مستمرا بتشابك الايدي!! فهدر صوت كامل هذه المرة اعنف و اقوي
حتى ابتعد الاثنين عن بعضهم فاقترب منهما يراقبهم بغضب وقال.....
قدامي على الفيلا من غير ولا صوت واحد نتكلم بدل الفضيحة الي عملتوها دي
____________بالفيلا
راقبهم كامل بعينين غاضبتين ،كريم بأنفه النازف و مقدمة قميصه ممزقة... بينما الضيف الغريب لكمة اسفل عينه اليسري....
بنبرة قوية خاوية من الهدوء الذي اعتادوا كامل عليه
:_ ايه الي حصل بره ده؟!
:_ اسأل الهانم واقفه في نص الليل بره مع مين؟؟ وشكل الواقفة كان عامل ازي؟؟
قالها كريم بتحفز وهو يرمق عماد بشر!!
بينما انكمشت همس قليلا بجوار سلمي الجالسة على احد المقاعد....
لكنها قالت بتعلثم.... و قد استفزها ما يشير اليه..
:_ احترم حالك شو عم تحكي!!
:_ كامل بيه لو سمحت
قاطعها صوت عماد الذي يحاول أن يلزم قواعد الادب بحضور كامل والذي عرف انه صاحب هذا البيت...
اشار له كامل بأسترسال حديثه وهو يرمق ابن اخيه بغضب محذرا اياه من التمادي
فتابع عماد قائلا
:_ انا عماد زيدان مدير همس و حضوري في وقت زي ده عارف انه غلط ،و انا اسف عليه وعلى المشكلة الي حصلت بسببي.... بس كمان همس ملهاش علاقه بوجودي انا اتصلت بيها و طلبت اشوفها ضروري.....
صمت قليلا ثم نظر اليها بعيناه الزرقاويتين وقال بنبرة جعلت قلبها يخفق بين ضلوعها...
:_ انا سبق و عرضت على همس الجواز، وكنت مستني ردها و الحقيقة مكنتش قادر استحمل فقررت اسمع رأيها بنفسي علشان كده جيت
:_ طلبك مرفوض.!!..
قالها كريم بغضب!! فنظر اليه الجميع ليتابع هو..
:_ معندناش بنات ليك.... ثم انك لو كنت انسان محترم كنت طلبت ايدها من خالها، مش تيجي في نص الليل تسمع رأيها
كان غاضبا كاد يجن حينما لمح شاب غريب يجاور ابنة عمته .... خاف ان يتكرر ما فعله و تهوره مع زوجته قبل الزفاف ... خاف ان ترد له افعاله و تجاوزه حينما كان يقترب من سلمي... لقد ندم في قرارة نفسه على ما فعل بعدما انكشفت الصور و الفضيحة التي حدثت ببلدة سلمي، و الخزي الذي طال والدها.... فيخشي ان يتكرر الأمر بهمس و لا يعلم نوايا الشاب الذي امامه......
رمقه عماد ساخرا لقد تذكره الان..... هو نفسه الشاب الذي انقذه من الاختطاف ومعه حبيبته وتذكر الفضيحة التي تلت ذلك ... بعدم ارسل احدهم صور الفتاة لأبيها بأحضان ابن عمها ... بليلة خطبتها لشاب اخر..... الامر يشبه الدراما الهندية لكنه حدث بالفعل....
:_ ما انا دخلت من الباب و باخد رأيها هي...
وموافقتها تهمني، بعدها مستعد استحمل اقابل واحد زيك!!
قالها عماد بضيق و نبرته بدت اكثر عداء...
انقبضت يده لجواره وهو يحاول تمالك اعصابه، الا ان يد سلمي التي مسدت بها على ظهره جعلته يحاول تخفيف غضبه حتى لا تتآثر بما يحدث....
بعيناه يراقب الشاب الذي امامه... نظرته كرجل يستطيع أن يري بأنه شخصا امينا مهذبا و راقيا الا انه سريع الغضب.... لقد سأل عنه عمار ما ان اخبرته همس بأسمه و قد علم بأنه ربيب عائلة رسلان بعد وفاة عائلته..... و رغم تخوفه من ارتباط كهذا الا ان ما علمه عن توفيق رسلان يكفيه حتى يعرف اي رجل هو وكيف ستكون تربيته....... شعوره بأنه رأه سابقا يلازمه لكنه لا يعلم متي و اين قابله فقال بتساؤل.....
:_انا شوفتك قبل كده صح...
:_لك هاد استاذ عماد هو الي انقذها لسلمي وقت كانت مخطوفة
قالتها همس بحماس، و حين ألتفتت اليها الرؤوس اخفضت وجهها بخجل بينما لسان حالها يردد {القبضاي يا خالوا هاد القبضاي}
اخفي عماد ابتسامة تراقصت على ثغره، بينما هز كامل رأسه وقد تذكره جيدا، لكنه اخفي شعوره و نظر اليه بجدية ثم قال ...
:_ اسمع يا باشمهندس طلبك سبق وهمس بلغتني بيه وانا قولتلها هفكر و هرد عليك.... و بالنسبة للي حصل دلوقتي و خروج همس ليك ..
صمت قليلا ولكنه ركز بأنظاره على ابن اخيه قائلا....
:_ قبل ما تطلع دخلت بلغتني بوجودك بره و طلبك انك تشوفها...... و انا سمحت لها بالخروج وده مش معناه تساهل مني لا ده ثقة في تربية همس، و انا عارف هي طالعه لمين بره....
وخزها الالم وهي تري عمها يكذب لاول مره من اجلها.... فرفعت عيناها بامتنان وهي تراقبه بحب، بينما كريم ازداد غيظه وقد ادرك هويته الان الشاب ذاته الذي انقذه.... و بالطبع علم بتلك الفضيحة التي حدثت وقتها...
تحرك عماد بمقعده وهو يقول بفخر واعتزاز بالرجل الذي رباه....
:_ اتمنى طلبي يلاقي القبول عند حضرتك.... و في شئ حابب ابلغك بيه... انا بعد وفاة عيلتي اتربيت انا واخويا في بيت سيادة اللواء توفيق رسلان.... وهو بمثابة والدي و حرمه هي والدتي ... الناس دي هي عيلتي الحقيقية و انا معرفش غيرهم... و اللي هيحط ايده في ايدك
انما عيلة والدي الحقيقة فما ضيوف في حياتي مش اكتر..
تبسم ثغر كامل بهدوء وهو يراقبه بتمعن ثم رمق ابنة اخته الواقفة مشدودة الاعصاب وقال....
:_ وانا اتشرف بنسب زي توفيق رسلان.... بس كمان الكلمة مش كلمتي همس لها عيلة والدها في لبنان، ومقدرش اتجاوز الاصول.... و على
كل حال والدتها نازلة زيارة اخر الاسبوع وقتها تقدر تجيب والدك توفيق رسلان وتشرب القهوة...
ومض بريق السعادة بعيناها محاولة منع ابتسامتها، بينما ترك كريم المكان وصعد للطابق الثاني تاركا الجميع يراقبون طيفه الذي غاب....
نهض عماد من مجلسه وهو يقول بنبرة مهذبة....
:_انا اسف على سوء الفهم الي حصل بره ،و اسف مرة تانية لتجاوزي الاصول و مقابلة همس في وقت زي ده.....
نهض كامل من مجلسه وهو يري عزم الشاب على الرحيل فصافحه قائلا.....
:_ حصل خير و انا تشرفت بمعرفتك يا بشمهندس،
:_ الشرف ليا... بعد اذن حضرتك
قالها وهو ينوي الرحيل فتمتم كامل قائلا..
:_وصلي البشمهندس للباب يا همس
بخطوات سريعة لحقت به ،و قلبها الصغير يهفو اليه وما ان فتح الباب التفت إليها فأستندت بكتفها للباب تطالع عينه المكدومة
:_ انا آسف على المشكلة الي حصلت بسببي،
قالها بندم حقيقي ظهر بعيناه ،لكنه عاد وتابع
:_ بس مش ندمان اني ضربت قريبك ده!!!
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها، وعادت تنظر إليه بعيناها الجميلتين وهي تقول....
:_ انا بعتذر نيابة عنه... كريم كتير منيح بس بيعصب بسرعة...
هز رأسه بالايجاب وهو يشاكسها بالقول..
:_ تستاهلي انه يتعصب علشانك يا همس،
اخفضت وجهها بخجل فاخذ نفسا طويلا وهو يراقبها بعين أخري ومشاعر مختلفة احساسه بهمس شئ لم يجربه قبل الان، شعور يبعث بروحه البهجة و السكينة....
:_ تصبحي على خير يا همس
حدقت به وهي تراه يبتعد عن مرمي عيناها وكلما ابتعد خطوة سرق من قلبها نبضة ....
اغلقت الباب وعادت، فقابلها كامل وهو يضع يده بجيب بنطاله فلم تشعر بنفسها الا وهي تركض إليه و تلقي بثقل جسدها على صدره تردد بحب.....
:_ بحبك يا احلي خالوا بكل الدنيا الله لا يحرمني منك...
ضمها إليه بمحبة وهو يربت على ظهرها بحنان....
ولا يحرمني منك يا حبيبة خالك..
___________________________________
بالاعلي...دلفت عليه الغرفة فوجدته جالسا على الاريكة يستند بمرفقيه على ركبتيه وعيناه تنظران للفراغ .... حتى لم يشعر بدخولها .... جلست بجواره وبيدها مسحت على ظهره قائلة بصوت هامس...
:_ الوضع كله مكنش مستاهل كل الي انت عملته تحت...
رفع عيناه إليها وقد ومض الندم بعيناه.. الندم على تجاوزه بحقها ،الندم على افعاله وما سببه لها من آلم ،و ما سببه لوالدها فقال بصوت ميت...
:_ انا واثق في همس يا سلمي بس اوقات مشاعرنا بتخلينا ننسي العادات الي اتربينا عليها..... رغبتنا في اننا نقرب للي بنحبه بتخلينا نتجاوز حدودنا !!!
بيده لمس خدها الناعم وهو يردد بآلم...
:_ انا اسف ليكي يا سلمي ،اسف لكل مرة لمستك فيها قبل ما نتجوز ،اسف لكل تجاوز حصل بينا ومكنش من حقي،
الجمت الصدمة لسانها و هي تتدرك حقيقة ما قاله فهتفت بخوف...
:_ احنا تجاوزنا الحدود لا اي درجة يا كريم يعني انا سلمتك نفسي قبل ما نتجوز؟؟؟!
قالتها بخوف من شئ لا تذكره وقد لمع الدمع بعيناها!!
فهز رأسه رافضا وهو يطبق على وجهها بين كفيه قائلا بسرعة....
:_لا لا يا سلمي مش كده... مش ده قصدي
توترت عيناه محاولا شرح الامر لها وهو يقول..
:_ احنا حصل بنا تجاوزت بس مش الي في بالك عارف انها غلط و حرام و ندمان عليها دلوقتي ....
دمعت عيناها وقالت بحزن.....
:_ انا عمري ما كنت كده و لا سمحت لحد يقرب مني... واضح ان تآثيرك عليا كان سلبي..
نزل امامها على ركبتيه ومازال يطبق على وجهها قائلا....
:_ سلمي حبيبتي انا عارف ، وواثق فيكي هي اوقات بنستسلم لمشاعرنا، و رغبتنا بتضعف ايمانا ،و بننسي العادات والتقاليد وقيم اتربينا عليها.... انا اسف بجد و بتمنى اقدر امحي الي فات...
نظرت اليه بضعف وقالت بيأس..
:_ هو ممكن يكون مرضي عقاب من ربنا ليا؟!
انا عارفه اني قصرت في حقه وبتهاون كتير في حقه يعني ده عقاب ليا؟!
:_ سلمي سلمي لا مش كده ايه الي بتقوليه ده
حديثها ضربه بمقتل ولم يعرف بما يجيبها هو نفسه مذنب، فروضه التي لا يذكر اخر مره قام
بها تنهد قليلا وقال بخوف ....
:_ ربنا رحيم بينا احنا بنغلط وهو بيغفر، وبعدين المرض ابتلاء اكتر الانبياء و الصالحين اٌصيبوا بيه ،بلاش تفكري بالشكل ده بالله عليكي،
دمعت عيناها وهي تقول ببكاء مرير...
:_انا محتاجه اتغير يا كريم محتاجه افوق لنفسي و لحياتي، لو مرضي ابتلاء من ربنا ليا علشان اطلع من دوامة ذنوبي دي، فأنا راضية بيه و هستغل ده علشان افوق، بس انت خليك معايا متسبنيش وساعدني،
جذبها لصدره و بكائها يمزق نياط قلبه فقال بحب.....
:_ يمكن ده اختبار لينا احنا الاتنين يا سلمي و سبب علشان انا و انتي نتغير،
ابعدها عن صدره قليلا و مسح دموعها بيده وهو يتابع......
:_ ولازم تعرفي اني عمري ما هسيبك يا سلمي، ولا هبعد عنك لا دلوقتي ولا بعدين...
ارتجفت شفتيها بالبكاء فلمس رأسها بشفتيه و ساعدها على الوقوف قائلا...
:_ يلا ارتاحي انتي تعبتي النهاردة... وبكرا عندنا متابعة مع الدكتور.... في اخبار حلوة ليكي،
ابتسمت بوهن فساعدها للجلوس على الفراش ،و ركع على ركبتيه يساعدها بخلع الحذاء، ثم نزع عنها ثوبها الاسود وقام بإحضار احدي المنامات الخاصة بها، و بعدها ناولها كوب ماء و قرص الدواء الخاص بها.... وبعد ذالك ابتعد يبدل ملابسه...... خفقان قلبها يتزايد له، شعورها بالامان والاكتفاء و كأنها حصلت على قطعة من الجنة بين يديها.... ما عاشته اليوم معه من مشاعر و حب رأته بعيناه جعلها تدرك انها عشقت هذا الرجل بالماضي، و هاهي عشقته مرة أخرى...... فقدان الذاكرة انساها هويته لكنها لم تنسي شعورها نحوه ...... اقترب منها مبتسما بعدما نزع ملابسه وعاد لم يكن يرتدي سوي بنطال قطني بينما جزعه الاعلي عاريا...
:_ حاولي تنامي شوية و انسي اي حاجه حصلت متفكريش غير فاللي اتفقنا عليه...
دثرها بالغطاء جيدا ،و كاد يبتعد حتى يعود لنومه على الاريكة الموجودة بالغرفة، الا ان يدها منعته وهي تمسك برغسه قائلة برجاء..
:_ ممكن تخليك جنبي الليلة ؟
الرجاء بعيناها هزم حصونه التي يحاول التمسك بها.... لقد حاول جاهدا الابتعاد عنها حتى لا تخونه مشاعره ويقترب منها ... ابتعدت قليلا حتى يستطيع النوم بجوارها فجلس هو و رمقها بعيناه محاولا عدم الاقتراب، بينما هي ظلت تراقبه بعيناها، تتمنى أن يضمها لصدره، ان يطمئن قلبها بأنه لن يتخلي عنها، لن يتركها ،تريد الاطمئنان حتى و ان كان قد اكد هذا قبل قليلا.....
تمدد هو لجوارها و اعصابه مشدودة يحاول بقدر الامكان التماسك.... و لكنها لم ترحمه بل زادت النيران اشتعال حينما اقتربت و وضعت رأسها على صدره وقد اسبلت اهدابها ......
ابتلع لعابه حينما شعر بأنتظام انفاسها فراقب ملامحها وبيده الاخري لمس شعرها بحنان وقد هدأت اعصابه...... الحقيقة انه يحبها بل متيم بها و كل شيء في سبيل حبها يهون حتى ان كان عذابه........
___________________________________
بشقة حنان......
انتي في ايه بالظبط مالك ؟؟؟!
قالها بغضب وهو يبتعد عنها!!
بينما لملمت هي اطراف ثوبها الناعم وهي تمسد على جانبها بآلم قائلة.......
:_ قولتلك من الاول اني تعبانة!!!
اقترب منها وهو يطبق على ذراعها بقوة حتى تآلمت و تغضنت زوايتا عيناها بالدمع....
:_ ومال ده ومال وجع ضهرك ولا جانبك نفسي افهم...... مش قادرة تتحملي شويه وكل واحد يغور من وش التاني!!!
انهمرت دموعها تحرق وجنتاها وهي تحاول سحب ذراعها من يده ،و قد اشتد الآلم عليها فقالت......
:_ وهو انا كنت اتكلمت ما انا ساكتة اهووو،
دفع ذراعها بعيدا عنه حتي كاد يسقطها من فوق الفراش ليهتف بغضب!!
:_ كفاية لوية البوز دي جاتك القرف عكرتي مزاجي الله يسامحه الي كان السبب في الجوازة الهم دي......
ليأخذ بعدها الوسادة الصغيرة و تمدد على جانبه وضعها فوق رأسه يوليها ظهره....
غصة مسننة بحلقها تشعر بها تكاد تخنقها فأجهشت بالبكاء !!
لقد اتصلت بأختها، و طلبت منها احضار الادوية الخاصة بها، والتي اخبرتها بأحتمالية عدم حضورها اليوم و ستأتي به في صباح اليوم التالي..
نهضت من الفراش تتحامل على نفسها، ويدها تمسد موضع الآلم كانت هذه احدى نوبات المغص الكلوي!!! الذي طالما هاجمها و اليوم كان هجومه عليها اشد قسوة، لتخرج بعدها من الغرفة تستند بيدها إلى الجدار، حتى القت بثقلها إلى اقرب أريكة قابلتها، وما ان وضعت رأسها حتى انهمرت دموعها بقهر... هل هذه الحياة التي تنتظرها،؟؟ هل هذا ما كان يتمناه لها والدها؟؟ اين السعادة التي اخبرها بأنها ستحظى بها بعد الزفاف؟؟.... هل الزواج من شاب متعلم ميسور الحال هو شريك العمر المناسب؟!
هل هذا من رفض احمد لأجله؟! هذا من حطم قلبها و كسر خاطرها لاجل هذا النائم بالداخل لا يبالي بوجعها..... لم تمر الا بضعة ايام على زواجهما ومنذ اليوم الثاني رأت شخص أخر !!
غير المهذب الهادئ بفترة الخطبة... لقد تم خداعها بهيئته المهذبة..... و هاهي ستدفع الثمن!!
كبرياء حبيبها، و طمع والدها،
ابتسامة حزينة شقت شفتيها ،و قد تفرق الالم لأسفل ظهرها تشعر به يكاد يزهق روحها... لقد عانت الفترة الاخيرة من المغص الكلوي !!والذي كون بعض الحصوات في الأواني الاخيرة مسببا لها آلما مضاعفا..... اه قوية خرجت منها وهي تتكور على نفسها بوضع الجنين!! حتى فاق الآلم تحملها ،فنهضت تتحامل على نفسها ويدها تمسد اسفل ظهرها، وقد تعاظم الالم اكثر فدلفت للغرفة و وقفت بجوار الفراش وهي تهتف بنبرة متعبة....
:_ سليم.... قوم يا سليم انا تعبانة اوي
لم يأتيها رد فهزت كتفه مرة أخرى وهي تهتف بآلم....
:_يا سليم قوم قوم بقا
ازاح الوسادة عن رأسه قائلا بغضب
:_ نعم عايزة ايه!!
تراجعت للخلف قليلا وهي تهتف ببكاء....
:_ بقولك تعبانة و الوجع زاد مش قادرة اتحمله!!!
ضغط بأسنانه على شفتيه وهو يهتف بغضب غير مهتم بحالتها التي ازدادت سوء...
:_حنان انا مش طايق اشوف وشك دلوقتي، فروحي خديلك اي مسكن بعيد عني!!!
تحاملت على نفسها قليلا وهي تهتف بعدم فهم...
:_ وانا عملت ايه لكل ده ايه مضايقك مني؟!
نهض وهو يقترب منها قائلا بضيق...
:_ والله مش عارفه عملتي ايه ،من امبارح كل ما اقرب منك تمثلي انك تعبانة !!و اقول اصبر عليها عروسة جديدة و بتتدلع عليك، بس انا مش بتاع دلع انا متجوزك و دافع دم قلبي!! علشان راحتي و مزاجي و تخدميني!!! فبلاش جو البنات و المحن الفاضي ده!!!
تجمعت الدموع بعينيها وهي ترمقه بعدم تصديق و يدها لازالت تمسك بظهرها، فخانتها دموعها و انهمرت وهي تهتف بآلم....
:_ انا مش بتدلع و لو كنت اهتميت شوية كنت لاحظت اني تعبانة، وغير كده انا ممنعتش نفسي عنك برغم تعبي من امبارح ،
نظر إليها بسخرية وعاد للفراش مرة أخرى وهو يقول بضيق...
:_ روحي خديلك اي مسكن يا حنان و اقفلي النور و انتي طالعة..... علشان عايز انام ساعتين قبل ما أطلع اسهر مع صحابي على القهوة!!!
بحالة ذهول رمقته لا تصدق الجحود بقلبه إلا يشفق عليها.....
جرت قدميها جر للخارج وقد شعرت بالغثيان!!
فأتجهت للمرحاض وما ان فعلت حتى افرغت ما بجوفها ،........ خارت قواها فسقطت ارضا وقد استندت بظهرها للمغطس.... عيناها تذرفان الدمع على ما آلت إليه امورها ،و رغما عنها خذلها قلبها الملعون بعشقه ،فتذكره و كأنه يأبى نسيانه، قلبها يعصيها و ليس باليد حيلة ،فقد ملك الفؤاد منذ الصبا فكيف لغيره ان يسكنه.... توالت الذكريات ليوم شبيه كانت اول مره يزورها هذا الآلم ، و اجمل المرات لقلبها المسكين
_________________________________
قبل ثلاث سنوات.....
:_اه يا ماما مش قادرة اه هموت!!
قالتها ببكاء وهي تمسك بظهرها بينما امها تربت على ساقها بحزن وهي تقول...
:_ استحملي شوية يا حنان لحد الصبح النهار له عنين، و كمان ابوكي مش هنا و احنا ممعناش رجل يا بنتي!!
ضمت ساقيها لصدرها وقد فاق الآلم تحملها فقالت بوجع....
:_ مش قادرة استحمل!! طيب هاتيلي اي مسكن حتى من الصيدلية..... مش قادرة والله ما قادره!!
:_ لله الامر من قبل و من بعد عين و صابتك يا بنتي.... استحملي و انا هنزل الصيدلية اللي على اول الشارع اخلي الدكتور محمود يديني اي مسكن لحد الصبح..... جيب العواقب سليمة يارب...
قالتها امها بحزن وهي تضع الحجاب على رأسها، بينما ناولتها ابنتها الصغرى حافظة النقود.....
خرجت من البناية القديمة وهي تنوي تخطي الرصيف إلا ان الصوت الذي ناداها جعلها تلتفت، فأبتسمت ببشاشة
حينما اقترب احمد منها وهو يخفض انظاره قائلا بهدوء.....
:_ خير يا خالة في حاجة ولا ايه؟
هزت المرأة رأسها بحزن وقالت...
كل خير يا ابني....... حمدلله على سلامتك سمعت انك كنت مسافر مع البيه الي شغال معاه،
هز رأسه بتهذيب قائلا.... الله يسلمك يا خالة...
انا يادوب لسه راجع اريح شوية و هرجع على القصر تاني........ بس انتي مش عادتك تنزلي متأخر كده!!
هزت راسها بحزن قائلة....
:_ نازلة اجيب شريط برشام مسكن لحنان ،
رفع عيناه بهلع وهو يقول بخوف ظهر بنبرته...
:_ مالها حنان؟!
نظرت إليه امها تطمئنه وقد لمست الخوف بنبرته....
متخافش يا ابني ده جنبها شد عليها تلاقيها الاملاح بس ما انت عارف حنان من صغرها تعشق المالح و المشطشط!!
:_ لو تحبي نوديها المستشفى احسن بلاش علاج من غير كشف
قالها بخوف، بينما نظرت إليه بقلق وخوف على ابنتها لتقول بعدها
:_ ما انت عارف ابوها مش هنا ومحدش معنا،
:_ ربنا موجود يا خالة متقوليش كده... وبعدين انا رحت فين... عربية ريان بيه معايا خليني اوصلكم...
نظرت إليه بتوتر و لا تعرف ما الذي عليها فعله، لكنها تثق به و تعرفه تمام المعرفة انه حتى و ان كانت لهفته على ابنتها هي ما تحركه الان الا انه لن يتجاوز حدوده بغياب والدها.....
ابتلعت لعابها بتوتر وقالت.....
:_ خلاص اديني خمس دقايق اطلع اخليها تغير هدومها وتنزل...
رحلت وتركته يكتوي بنيران القلق ،و كأنه على صفيح ساخن .... حينما هبطت المرأة تسند ابنتها التي اخفضت وجهها من فرط الآلم، بمجرد رؤيتها هكذا وخز الآلم قلبه، و اسرع يفتح باب السيارة الخلفي حتى صعدت و اغلق الباب خلفها بينما جاورتها امها من الجانب الآخر.....
حينما ركب بدوره خلف عجلة القيادة رفع عيناه لمرآة السيارة فقابل عيناها بحديث صامت، و كأن نظرته تربت على قلبها الملكوم بعشقه.... عاد يخفض عيناه مجددا و شغل محرك السيارة لأقرب مشفي بطريقه....
______________________
بعد انقضاء ساعتين و اجراء بعض الفحوصات الطبية اللازمة لها ،وقد كتبت لها الطبية بعض الادوية الخاصة بحصوات الكلي.... دفع تكاليف المشفي و احضر الادوية ،و هاهو يقف يستقبل امها التي لا تزال تساعدها على السير حينما وصلت اليه قالت امها .....
:_خليكي هنا وانا هجيبه و ارجع،
نظر لأمها بتساؤل والتي ابتسمت بحرج قائلة...
:_ معلش يا احمد عارفه يا ابني اني اخرتك... بس نسيت البوك بتاعي في الاوضه هرجع اجيبه...
:_ خليك معاها و انا هروح و...
قاطعته امها بنفي وهي تقول...
:_ لا والله ابدا انا هروح...
تركته و هرولت لاخر الرواق بينما جلست حنان على احد المقاعد القريبة ،و هي تخفض وجهها على استحياء بينما لم يستطيع منع نفسه قلبه العاصي تحكم به و لم يستطيع ردعه فقال بقلق....
:_ انتي كويسه حاسة بحاجة لسه تعبانة؟؟....
رفعت وجهها المستدير إليه ،عيناها جنته قد ومض بهم الآلم، لكنها اهدته احدى ابتسامتها التي تقطر على قلبه عسلا وقالت....
:_ الحمدلله احسن
وجهها المتعب و الآلم الظاهر بعيناه جعله يقول برجاء....
:_ بالله عليكي خلي بالك من صحتك بلاش الي يتعبك،
هزت رأسها وهي تطالعه من جلستها كان يشرف عليها بطوله و جسده العريض ،بينما ملامحه وجهه الحبيبة مرهقة كعادته ،فقالت بنبرتها التي لم تفشل بإبهاج قلبه المسكين...
:_ طول ما انت بخير انا بخير يا احمد اطمن
اغمض عيناه بشجن يتذوق حلاوة اسمه من ثغرها.... اسمه الذي لم يسمعه بهذه الرقة الا منها... وكأنها بنطقها لأسمه تعطيه أكثر من وعد بالحب... ......
عودة للحاضر...
انتبهت من شرودها على صوت الباب فنهضت بتثاقل تجر قدميها بعدم غسلت وجهها وخرجت......
حينما فتحت الباب تفاجأت بأختها فقالت...
:_حنين مش قولتي مش هتقدري تيجي النهاردة
احتضنتها اختها بحزن وهي تقول...
:_ مهونتيش عليا قولت اكيد تعبانه طالما طلبتي العلاج،
ابتسمت بآلم و هي تجذبها للداخل فقالت الاخري برفض....
:_ حنان مينفعش ادخل دلوقتي الوقت اتأخر و لازم ارجع البيت،
امسكت الاخري اسفل ظهرها وقالت...
:_ طيب اقعدي اشربي حاجة و انا هخلي سليم يوصلك..
جعدت الاخري حاجبيها وقالت بتساؤل...
:_ مش قولتي ان سليم تعبان ومقدرش حتى ينزل يجيب العلاج؟!
تعلثمت الاخري وهي ترد بتوتر...
:_اه بس فاق شوية اخد دواء برد وفاق
دقيقة هصحيه يوصلك،
رأت الكذب بعين اختها لكنها تمالكت نفسها و انتظرتها لتخبرها بأن معاها وسيلة مواصلة...
بينما هتفت الاخري بصوت منخفض...
:_ سليم قوم معلش قوم
:_ هو يوم مش فايت!!!
قالها بغضب وهو يبعد الوسادة عن رأسه ليهتف بعدها بصوت غاضب !!
:_ عايزه ايه هااا مش هعرف انام يعني عايزة ايه؟؟
ابتلعت غصة مريرة بحلقها و هي تنظر بعيناها تجاه الخارج ثم قالت بصوت منخفض...
:_ وطي صوتك اختي بره جابتلي العلاج
نظر اليها بعدم فهم وقال...
:_ والمطلوب يعني مني عايزه ايه؟؟
:_تقوم توصلها اكيد مش هترجع لوحدها...
رمقها بسخرية قد امتزجت بغضبه ثم اطبق على يدها وقال...
:_ هو حد فهمك اني شغال سواق... اختك مش صغيرة زي ما جات لوحدها ترجع..
صوت غلق الباب جعلها تدرك بأن شقيقتها قد سمعت حديثهم، ورحلت فسحبت يدها بقوة من يده وهي تحاول اللحاق بالاخري، لكنها لم تجدها فجلست على الاريكة الواسعة بصالة المعيشية بيأس وهي ترفع وجهها للسماء شاكية امرها لله...
___________________________________
بقصر ريان بأحد زوايا القصر و بأحدي الغرف
انهمرت الدموع ساخنة على صدغه، بينما هو شعوره بأنه بين يدي الرحمن كان عظيما... وهو يردد بعض الآيات القرآنية التي تعلمها مؤخراً... كل ركوع يتبعه سجود تنهمر دموعه عما فاته و هو عاريا من كل عنجهيته، و سلطته، عاريا من نفوذه و أمواله، طالبا عفوا و سماح ،أغرته الدنيا فنسي أخرته.... ظلمته فظلم نفسه بعصيانه..... شغلته فشغل نفسه ..... و ها هو عاد باكيا و يريد خلع جلده، و محوا ذنوبه لقد ضل السبيل لسنوات و تعثرت خطواته ... فأهلكته الدنيا بالمعاصي و عاد لربه ينتوي نسيان ماضي... بحياة جديدة فيخشي لقائه وهو على معصيته.....
حينما انتهي و فرغ من صلاته رفع وجهه و رغم شعور الخذلان من طلب العفو إلا انه طلبه و يأمل بعفو الكريم.... ‏‎"يا ربَّ التَّائهين : دُلَّني
يا ربَّ المكسورين : اجبرني يا ربَّ الجاهلين : علِّمني يا ربَّ الضعفاء : قوِّني
نهض من مكانه بتثاقل متجه للمرحاض،ط
فاغمض عيناه بضعف ثم غسل وجهه وخرج من الغرفة وهو يغلقها خلفه....
حينما دلف لجناحه وجدها جالسة على سجادة الصلاة تقرأ وردها اليومي.... فرفعت عيناها إليه مبتسمة حين دخوله، ثم تابعت قرائتها.. راقبها من وقفته و ثغره مبتسما و قلبه مطمئن فاقترب منها وجلس امامها يستمع إليها بأنصات و بداخله تمني ان تعلمه ما لم يكن يعلم...... صدقت كلماتها و اغلقت كتابها وهي تضعه بجوارها ،لترفع عينين جميلتين وهي تقول بحب..
:_ كنت فين صحيت لصلاة الفجر مكنتش جانبي...
حدق بها بتفحص و قال....
:_كان معايا شغل كنت بخلصه،
وجهها مضيئ بأبتسامتها فمال برأسه على قدميها و مدد جسده ضحكت بخفة قائلة...
:_ انت هتنام على الارض؟!
حدقاتاه يرقبان بتفاصيل وجهها، فتوردت وجنتاها من نظراته العاشقة....
:_ مش هنام بس حابب اكون شايفك.... قريبة مني كده
اناملهاا امتدت و داعبت خصلات شعره، بينما يدها الاخري كان يمسك بها ثم اخذها لشفتيه و طبع قبلة حنونة عليها..... و بعينيه بريق مختلف
:_ انا خايف!!
قالها بجدية وصمت... بينما خفق قلب الاخري بترقب حتى تابع هو....
:_ خايف اتعاقب على افعالي فيكم.... خايف ذنوبي كلها تترد للناس الي بحبها...
ابتلع لعابه وهو يراقب قسمات وجهها و الالم الذي ومض بعيناها.....
:_ ياريت اخد جزائي على افعالي و محدش منكم يتأذي!!
:_ ريان!!
قالتها بآلم ويدها تلامس وجهه لكنه رمقها بقلق..
:_ هيسامحني؟! هيسامح واحد عاصي كله ذنوب و خطايا؟! هيسامح واحد معملش حاجة صح في حياته؟؟؟! هيسامح؟؟!
دمعت عيناها من خوفه البادي بمقلتيه، بينما استمر هو وقد تغضنت زاويتا عيناه بدموع حبيسة....
:_لو مت هقابله ازي؟!
صمت مجددا،، وقد تعالت انفاسه قليلا ثم بلل شفتيه بطرف لسانه وقد جف حلقه...
:_انا مش خايف من الموت قد خوفي من اني اقابله بكل ذنوبي..... مش خايف من الموت قد خوفي من عقابه..... انا كنت مدرك لكل ذنب بعمله و برجع اندم جوايا بس عمري ما رجعت عنه..... كنت مستني اللحظة الفاصلة الي هينتهي بيها كل انا فيه..... عايز اغير شكل الحياة دي نفسي ارجع له و اقف تحت رحمته من غير خذلان... من غير ما احس اني عايز اشيل جلدي و اغيره...... انا ندمان على عمري الي فات.... بس هو عارف انه كان غصب عني!!
صح...اكيد عارف و عالم.... يمكن انا اتماديت بس مكنش فيه مرشد يقولي الصح فين...
محدش علمني حاجة....... محدش قالي صلي اعبد ربنا....الي بتعمله حرام.... انا مش ببرر ذنوبي و غلطي بس
يا يارا نفسي يسامحني...... قبل ما اقابله
تفتكري هيسامح؟! هيقبل التوبة مني؟؟ ؟
:_ ريان حبيبي اسمعني...
قالتها وهي ترتجف، بينما كفوفها تحتضن وجهه و دموعها انهمرت على وجنتاها....
:_ احنا مش ملايكة احنا بشر بنغلط محدش معصوم من الخطأ... كل واحد مننا عنده ذنوبه اهم حاجه انك تكون معترف بذنبك وعايز تتوب وتتغير.... ربنا غفور رحيم يا ريان وهو هيقبل التوبة منك... و زي ما قولت مكنش ليك مرشد، ربنا اكيد سبب الاسباب علشان ترجع ليه ندمان، ترجع ليه بضعفك هيردك بقوته.... احنا بنعصي و بنصمم على العصيان و هو بقوته و عفوه يملي قلبك ندم.... العبد مبتلي يا ريان مبتلي و انتي بلوتك كانت دنيتك... بس الحمدلله ان الابتلاء مصابش قلبك لسه فيه حتة ايمان، لسه فيه جزء مش مصاب بلهو الدنيا. ... الحمدلله انك معترف بذنبك وعايز ترجع لربنا.... ربنا قابل التوبة و قال عز وجل....
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }
ده كلام ربنا يا حبيبي ده كلام ربنا ...
شعرت بمرارة الدموع بفمها.....فنهض هو من نومته على قدميها، و امسك كفيها بين يده مبتسما بوهن ،ها هو امامها عاريا وقد نزع لباس قوته و جبروته ،نزع كل شيء و بقي فقط ريان .... حقيقة توبته لم تكن حديثة العهد، لكنه لم يعرف من اين يبدأ؟ و اين الطريق؟.... الايام الماضية و شعوره بدنوا الموت منه... جعله يفكر كيف سيكون اللقاء بين يدي الرحمن؟؟ كيف وهو مشبع بالخطايا؟.!! ... و ربما كانت هي الاخري سببا لتوبته.... حينما تنهض من جواره تصلي فرضها ... كان يكتوي بنيران الندم قلبه، يكتوي يريد ان يفعل مثلها، يريد الاقتراب ان يدنوا للطمأنينة للراحة.... فقط يريد أن يضئ و يعمر قلبه بالايمان.... لكن ذاك الشئ برأسه يخبره... ابعد كل هذه المعاصي، سيقبل منك ،ستقف و تطلب التوبة بكل تبجح... فيعود مرة أخرى لذنوبه و ينغمس بها اكثر من ذي قبل....
تآثر قلبه لبكائها فمد يده يمسح دموعها
وهو يقول بحب يغير دفة الحديث قليلا
:_انتي لم دخلتي بيتي و عرفتك كنت شايفك كتيرة عليا... شايف انك اطهر من اني ادنسك بذنوبي، و انك انقي من اني اقرب ليكي.... بس غصب عني طمعت فيكي.... قلبي كان طمعان في المنحة الي بعتها القدر ليا ... لو بتمنى حاجة من ربنا فهي انه يسامحني و يهديني علشانك انتي وسلين..... بتمنى محدش فيكم يتأذي بسببي..... بتمنى اموت و انا مطمن عليكم
:_ريان !!
قالتها ببكاء وهي تلقي بنفسها على صدره فشدد هو من ضمها إليه وقال بنبرة صادقة مست شغاف قلبها اراد الاعتراف مرارا وتكرارا حتى يكتفي منها....
:_ بحبك و دي اصدق و انقي حاجة في حياتي الملخبطة.... بحبك و طول ما بتنفس هحبك، و لو ليا عمر هتغير علشان نفسي وعلشانكم... هتغير علشان حبيتك..... ولانك تستاهلي اني اعمل علشان الي عجزت السنين الي فاتت علشان اعمله
اصاب قلبها غصة مريرة وشعور الخوف يزحف ببطئ لقلبها لكنها نفضته عنها وهي تبتعد عن احضانه تقول بصدق من بين دموعها.....
:_ انا بحبك و حبك اغلي ما املك.. بحبك لحد اخر نفس ليا،
ابتسم لها برضي وقد ملئ شعور الرضا قلبه فنهض من جلسته و هو يمد يده لها
فرفعت كفها و وضعته بيده فجذبها له حتى وقفت على قدميها وقال....
:_الشمس طلعت تعالي نتمشي شوية...
اخذت نفسا عميق و هي تهز رأسها بموافقة ثم اتجهت تغير ملابسها..... و ظل هو يراقبها بشعورين كلا منهم يناقض الاخر....
___________________________________
قبل ذالك بعدة ساعات
بعد تركها لمنزل ريان رسلان قد تلقت مكالمة من سليمان البدري جدها، و الذي اخبرها بحضوره للقاهرة.. طالبا رؤيتها... اتجهت مباشرا إلى البناية التي تقطن بها، و يجاورها شقة ابن عمها بنفس الطابق....... خرجت من سيارتها تنوي الصعود الا ان الصوت الذي هتف بأسمها جعلها تتوقف لم تكن قادرة على مواجهة جديدة و حديث اصبح لا طائلة منه...
:_مليكه.....
رفعت عيناها للسماء تتنهد بنفاذ صبر ،تداري شعور الخذلان وهي تلتفت إليه بجسدها...
رأته يقترب بقميص اسود وبنطال من نفس اللون، وبرغم وسامته الطاغية إلا انه لم يعد يحرك ساكنا بداخلها، و كأنه لم يكن ذاك الشخص الذي أذاب قلبها حبا قبل سنوات....
وقف امامها وهو يتفحصها بأشتياق ظهر بعيناه وهو يقول......
:_ بتتهربي مني ليه؟!
وضعت يديها بجيب سترتها البيضاء وهي تقول بنبرة قوية خاوية من اي شعور تجاهه...
:_ هو انت مين علشان اتهرب منك... انا بس مشغولة...
رمقها بقلق وهو يقول بتوتر...
:_ مليكه خلينا نرجع.... انسي و انا اوعدك اني اخليكي تنسي اي حاجه زعلتك مني... و اثبتلك اني اتغيرت بجد...
رفعت حاجبها وهي تبتسم بسخرية!! ثم قالت بعد القليل من الصمت....
:_ ارجعلك ؟! طيب ليه!! و ازي ارجع لحد هان عليه قلبي.... هان عليه خيانته ليا حتى لو كنت بعيدة...
اما بقا انسي.... محدش بينسي يا شهاب انا نسيتك انت ....بس وجعي منك استحالة انساه.... الجرح الي سبته فقلبي مستحيل الايام و السنين تمحيه... ازي جاي بكل بجاحه تطلب مني انسي.... انسي اني شفتك بعيني في حضن غيري!!... انسي ان الشخص الوحيد الي أمنته على قلبي خان قلبي و وجعه!!.... انا فعلا بتمني انسي الوجع ده، بس مشكلتي مبقدرش انسي الخذلان لم بيجي من اقرب الناس بيوجع!!.... و انت وجعتني لدرجة شالت اي مشاعر جوايا ليك.....
اقترب يقول بلهفة...
:_ نبدأ صفحة جديدة..... سيبي القديم بوجعه و انا هخليكي تكوني اسعد واحدة في الدنيا،
عضت على شفتيها السفلية مبتسمة بسخرية وهي تهز رأسها بنفي قائلة......
:_مستحيل يا شهاب مستحيل... الي يخون مره هيخون تاني..... و الوجع هيتجدد وهيكون اصعب و اصعب....
اقترب منها محاولا بكل اصرار وقد لمعت عيناه بالغضب....
:_ انتي ليه مش عايزه تفهمي انها كانت نزوة و عدت.... ليه مش مستوعبة اني اتغيرت و ان الوضع وقتها كان طيش شباب وكان عندنا عادي
:_ عندكم عادي؟!
قالتها بتساؤل غاضب وقد استعرت عيناها فشعر بالخوف لولهة منها... بينما تابعت هي...
:_ ليه محسسني انكم من كوكب تاني... انت مش واخد بالك من حجم غلطك و ذنبك!! مش حاسس بمدي بشاعة الي عملته في حقي وحق نفسك وحق طفل انت و الحيوانة التانية الي مفكرتش لحظة واحدة في قتله!!.... لا بجد ايه كمية القرف الي فيكم دي.... يا اخي الحيوانات بتخاف على طفلها انتوا الاتنين ضميركم كان فين وقتها؟؟..... روح يا شهاب روح صلح نفسك و انساني لانك لو اخر رجل في الدنيا مش هرجعله...
تركته و رحلت، بينما وقف هو يطالع طيفها الذي غاب و لا يعرف مالذي عليه فعله حتى تعود إليه.... يريدها بكل عنجهيتها هذه يريد مليكه ولا آنثي سواها تستطيع اخذ مكانها
__________________
... دلفت شقتها متعبة منهكة و خائرة القوي
مقابلة شهاب اليوم كانت اخر ما تتمني، لكنها حمدت ربها انها لم تضعف حينها لم تبكي و تثير شفقته عليها..... اقتلعت كل ما يخصه من رأسها كما اقتلعته من قلبها ،و برغم شعور الآلم الذي تركه بداخلها إلا انها ستتعافي منه... ستشفي و بيدها ستجبر عطب الروح ،ستلملم بقايا قلبها كما تفعل دائما.... احيانا خلع الضرس من جذوره وتحمل مكان فراغه ...افضل بكثير من بقائه ينغص عليها سلامها و راحتها.... شهاب حكاية آلم... وفصل بروايتها عليها انهائه... و انتقاء فصولها القادمة بكلماتها هي و بطلا جديد لروايتها بطلا امينا صادقا.. بطلا يمسك بيدها و يخرجها من تحت ركام الماضي...
فوقفت تطالع نفسها بمرآة صغيرة بالمرحاض، عيناها ذابلتين و اصابع شقيقتها تركت آثر على وجنتاها كما تركته بروحها، مالت برأسها تحت صنبور المياه وقد اغرق الماء وجهها و شعرها ثم رفعتها بعد ذالك تتنفس عدة مرات بصعوبة وهي تردد بآلم.....
:_ انتي اقوي يا مليكه... مش هتبكي تاني انتي اقوي..... مهما حصل يارا اختك مهما حصل....
اغمضت عيناها و الدموع الحبيسة تهدد بالانهمار لكنها منعتها بقوة...... لتقوم بعد ذالك بتبديل ثيابها بأخري مريحة و جمعت شعرها بعناية..... و بخطوات بطيئة اتجهت للشقة المقابلة وهي تجرب احد المفاتيح حتى فشلت بفتحه، تخصرت و هي تنظر إلى الباب بضيق، فأرتسم على وجهها ابتسامة ماكرة وهي تمسك بشيء صغير مشترك بسلسلة مفاتيحها ثم قامت بوضعه بقفل الباب تحركه عدة مرات وهي تردد....
:_ ماشي يا فارس ابقا غيره تاني و انا هفتحه..
انفتح الباب امامها بسهولة فأبتسمت وهي تدخل بهدوء تراقب الشقة المنظمة حولها.. عليها الاعتراف بشئ ابن عمها رغم شخصيته المرحة و التي يعطي انطباع على الفور انه شخص فوضوي الا انه منسق و لديه وسواس الترتيب والنظام ،كل شيء بمكانه المظبوط كل شيء نظيف و مرتب.... سارت خطواتها بداخل الشقة تنادي عليه وحينما لم يأتيها الجواب دلفت إلى غرفته الراقية... كما تسميها غرفة شبابية الالوان إلا انها مريحة للعين و هادئة، بها بعض اللوحات و العديد والعديد من الصور اكثرها تجمعها به.... منذ الثانوية حتى الان ازدادت ابتسامتها اتساع وهي تراقب احدى صورهم بعيد الاضحي ملطخين بدماء الاضحية ببلدة آبيها..... تنهدت بآلم للذكريات البعيدة وعادت بعيناها للنائم على فراشه ولم يشعر بها!! وكيف يشعر؟ وقد استخدمت مواهب الخداع لديها!! سارت بهدوء حتى وقفت بجواره تنوي اخافته، لكنها اشفقت على ملامحه المتعبة كان غارقا بالنوم ولم تشاء افزاعه رأفة به، مالت برأسها عليه وهي تنادي.....
:_فارس ....... فارس..... فوق يا فارس....
صوتها الناعم يتسلل عبر خلايا مخه محدثا زوبعة تذبذب نبضات قلبه .... فتح عيناه ببطئ، فهلت عليه رماديتين عيناها فأربكت دواخله ما عاد قادرا على تمييز الواقع من الخيال.....ملامحها البهية تطل عليه من علوا تزيد تذبذب نبضات قلبه..... مليكه حبيبة العمر بقربه الان !!و بغرفة نومه تيقظه!! اهو احد احلامه.... فكر لولهة هل هي بهذا القرب؟؟
أبتلع لعابه حينما لمست كتفه بيدها و هزته بقوة وهي تقول....
:_ يا ابني قوم ايه غيبوبة نوم....
اغمض عيناه مرة أخرى و قد ادراك حقيقة وجودها ،فتمالك مشاعره و اعتدل جالسا وهو يقول بضيق يخفي خلفه لهيب مشاعره...
:_ نفسي افهم انتي بينك ايه و بين باب شقتي؟؟
كل ما اغيره لازم تفتحيه!!
دارت بالغرفة حوله وهي تناظرها بفخر.... فارس سيبقى كما هو يعتز بكل ما يخص صداقتهم ،و هذا الشئ يجبر عطب قلبها بأن هناك من يهتم لاجلها..... اخفت شعورها وقالت تغيظه.....
:_ و انا نفسي افهم ليه بتغير قفل الباب؟ ... اكيد مش هسرق حاجة من شقتكم يعني!
زفر بنفاذ صبر وهو يقول...
:_ في حاجة اسمها خصوصية.... ايه مسمعتيش الكلمة دي قبل كده...
صمت بعدها ثم نظر اليها ساخرا وهو يقول...
:_ وهتسمعيها ليه وانتي واقفه في اوضة نومي و انا شاب وحيد مليش حد و اخاف تتغرغري بيا!!...
قالها بمسكنة !!بينما شقت ابتسامة صغيرة شفتيها، وهي تقترب منه حتى مالت برأسها ناحيته وقالت بنبرة ساخرة.....
:_ و انا هتغرغر بيك ازي وانت شايفني رجل زي زيك مش ده كلامك...
ابتلع لعابه يحاول اخفاء تآثيرها عليه ...كيف يخبرها بكذبه .و انها اكثر النساء فتنة و جمال، كيف يخبرها بأنها تملك زمام قلبه و لا سبيل للفكاك منها؟.... تفحصت عيناه ملامحها الجميلة حتى توقفت عيناه على آثر اصابع على وجنتاها ... لمع الغضب بعيناه وهو يقول...
:_ مين مد ايده عليكي؟!
لم تحيد بعيناها عن عيناه وهي تراقب تبدل ملامحه، الا ان سؤاله جلب عليها ذكري الصفعة ،فقالت بكذب بدي واضحا لعيناه...
:_ مفيش حاجة اتخبطت و انا خارجة من الحمام....
نظر اليها بصمت يعرف بكذبها منتظر ان تقص عليه الحقيقة فابتعدت عنه وهي تقول بنفاذ صبر.....
:_ فارس مش وقت نقاش اي حاجه جدك كلمني، وقال انه وصل القاهرة و طالب يشوفنا احنا الاتنين.... تفتكر عايز ايه
نهض من الفراش وعيناه على اثر الصفعة قائلا....
:_ مين عمل كده يا مليكه؟؟!!
اخذت نفسا طويلا ثم بعدها قصت عليه ما حدث، وكيف كان الامر سريا ،فلم تكن تعلم ببداية القبض عليه انه يساعد الجهاز ،وبعد علمها بحقيقة عمله كانت مجبرة على الصمت... كل ما حدث رغما عنها ولكنها مقابل صمتها خسرت شقيقتها ....
انقبضت يده لجواره غاضبا وقد تآلم قلبه كيف واجهت الجميع بعدما صفعتها اختها امامهم؟؟!! مليكه تعتز بنفسها و بكرامتها ،و فعلة اختها بالتاكيد جرحتها رغما اخفائها الامر، الا انها تتآلم هو اكثر الاشخاص علما بكم الحب الذي تكنه ليارا ،وكيف تخاف عليها.... مليكه دفعت عمرها و ابتعدت عن حضن امها مقابلا ان تبقي اختها .... قسوتها الظاهرية يعلم بأنها قشرة تحتمي بها فقط .. لكنها اشبة بطفلة صغيرة ضائعة.... و هو غارق بغرامها غارق حتي إذنيه.... طال صمته ونظراته فأنتبه من شروده على صوتها......
:_ ابوك فين
تجعد جبينه وقد انتشلته من حالة الغرق بسؤالها فقال ساخرا...
:_ اسمها ابوك.... منه لله التعليم المجاني..
راقب ابتسامة صغيرة على شفتيها ثم قال بعدها......
:_ مش عارف رجعت مكنش موجود... اطلعي برا اغير هدومي ولا تحبي اغير و انتي واقفة عادي!!
ان كان يظن انها ستتورد خجلا فقد خابت اماله.... لم تكن كالفتيات التي يخجلن من امور الشباب....
رفعت عيناها الساخرتين وقالت....
:_ هطلع اعملنا قهوة لحد ما جدو يوصل....
قالتها وخرجت بينما استطاع الاخر اخذ انفاسه التي حبسها منذ علم بوجودها داخل غرفته... فهل سيأتي اليوم الذي ستشاركه غرفته؟ هل ستكون له يوما ما؟
تآلم قلبه وهو يراقب احدى الصور القديمة و بداخله يدرك انها ستبقي حلمه المستحيل ستبقى تراه صديقا و اخ لم تنجبه امها
من مكانه سمع صوت وصول جده وهو يبتسم حينما بدأت بالترحيب الحار بالعجوز... مليكه تكن مشاعر جياشة تجاه جدها... مشاعر لم يصل لها احد سوي العجوز....
_______________________بخارج الغرفة
وضعت رأسها لصدر جدها وهي تمتم....
:_ وحشتني اوي يا جدو...
مسح الرجل على رأسها وقال...
:_ولم وحشتك مسألتيش عني و نزلتي البلد ليه؟؟
ابتعدت عنه تقول بندم..
:_ ما انت عارف شغلي يا جدو و شايف بعينك، عمو محمد بينزل البلد كل فين وفين
لمس وجهها بحنان وهو يردد...
:_ انا بس عايز اطمن عليكي مش اكتر انتي بالذات من بين احفادي قلبي متشعلق بيكي يا مليكه كأنك عبد الرحمن ولدي نفس طباعه بيكتم جواه وخايف كتمانك ده يأذيك
ابتسمت بحزن وهي تتمتم....
:_ متقلقش عليا يا جدو انا قدها ادعيلي انت بس
:_ كل الحب للست مليكه و اختها انما فارس المسكين راحت عليه!!
قالها فارس بمسكنة وهو ينحني يقبل يد جده و رأسه فربت الرجل على فخذه بعدما جلس بجواره.....
:_ده انت الغالي يا فارس يعلم ربنا كلكم مقامكم واحد
هز رأسه بحزن مصطنع وهو يردد...
:_ حصل خير يا جدو هعمل ايه ما انا ابن البطة السودة!!
أبتسمت ساخرة وهي تنهض من مجلسها قائلة....
:_ بلاش تندب زي مرات عمك بالله عليك هاا...
ثم وجهت حديثها لجدها
:_هجهزلك الغداء يا جدو
قالتها تهم بالانصراف بينما قال جدها برفض....
:_ مش وقته يا مليكه خلينا نتكلم الاول في الي جاي من البلد علشانه...
جلست بجواره وقد شعرت بالقلق مما هو قادم بينما قال العجوز بهدوء....
:_ انتوا الاتنين عارفين غلاوتكم و محبتكم في قلبي و انكم اغلي احفادي عليا... و علشان ارضى ضميري و اقابل رب كريم و انا مطمن عليكم اخدت قرار يخصكم انتوا الاتنين....
صمت قليلا يراقب التوتر البادي على وجههم ثم قال بعدها....
:_ والقرار ده مفهوش رجوع... وهو اني آن الاوان اطمن على بنت عبد الرحمن مع الي يصونها ويقدرها و اظن مفيش احسن من فارس ليكي يا مليكه!!!
:_نعم!!
قالها فارس بغضب وهو ينهض من مجلسه و قد رمق جده بعدم تصديق ثم قال بعدها..
:_ انت بتقول ايه يا جدي مستحيل الكلام ده اساسا ازي تفكر فيه....
ابقت الاخري على وجهها منخفض وهي تشبك اصابعها ببعضها وقد وخز الدمع عيناها فجاهدت على عدم ذرفه....
بينما رفع سليمان وجهه لحفيده قائلا..
:_ و ايه الي يمنع يا ولدي انتوا الاتنين فاهمين بعض و شغلكم واحد يبقى ايه الي يمنع
:_ بس احنا بنعتبر بعض زي الاخوات
قالها بغضب فقال جده بنفاذ صبر...
:_ انت و مليكه مش اخوات يا فارس لاكنت و لا هتكون..
:_ ما تردي يا مليكه ساكتة ليه بلغي جدك برفضك
رفعت عيناها إليه وقالت بجمود...
:_ الي يشوفه جدي انا موافقة عليه
رجع بظهره للخلف بينما ربت سليمان على فخدها وقال بنبرة حنونة....
:_ روحي على شقتك انتي و خليني اتكلم مع فارس شوية....
هزت رأسها بأيجاب ونهضت من مكانها لتخرج بعدها متجهة إلى شقتها الخاصة بها و ما ان اغلقت الباب حتى تكورت على نفسها بجوار الباب باكية.....
:_ القرار ده مستحيل يتنفذ يا جدي... انا مش هقبل بيه!!!
قالها فارس بغضب بينما رمقه سليمان بحزن ظهر على قسمات وجهه...
:_ بتكسر كلمتي يا فارس.... بترفض بنت عمك لحمك و دمك بدل ما تقول انا اولي بيها من الغريب...
:_ لا عشت ولا كنت علشان اكسر كلمتك... و مليكه اي رجل في الدنيا يتمناها بس انا منفعش انا لا يا جدي بلاش تفرض رأيك على مليكه بالشكل ده...
:_ بس هي موافقة و انت سمعت بنفسك
اخفض الاخر وجهه بآلم وقال...
:_ هي هتوافق علشان ده طلبك انت .. علشان بتحترمك و بتخاف على زعلك انما هي عمرها ما فكرت فيا!!
:_ و انت يا فارس عمرك ما فكرت فيها يا ولدي... من غير كذب عمرك ما حبيتها و لا قلبك رايدها؟؟
تنهد بآلم وهو يحاول كبت المشاعر بداخله فقال....
:_ مش كل حاجه نحبها تبقي لينا يا جدي... و انا اتعودت متعلقش بحبال دايبة!!
:_ طب ما تحارب علشان توصلها .... ادي قلبك فرصة يفرض سيطرته.... يا ابني متبقاش واقف على اول الطريق و تقول القطر سابني اجري عليه ... يا فارس انا اكتر واحد حاسس بيك يا ولدي وعارف انك بتحبها من يوم ما ابوك جابها في يده وقال دي بنت عبد الرحمن!!
انت مبتفارقش مليكه مش عشان بنت عمك لا عشان قلبك مش قادر على بعدها.....
:_ بس هي عمرها ما شافتني غير اخ.... الله يكرمك يا جدي اقفل على السيرة دي و انسي،
قالها بآلم فهتف سليمان بهدوء....
:_ وهتستحمل تكون لغيرك..... هتقدر تشوف رجل تاني معاها
رفع وجهه مصدوما غير مصدقا لما قاله الرجل بينما تابع سليمان...
:_ بنت عمك جالها عريس مناسب ومن عيلة كبيرة كمان لو هتقدر تتحمل يبقى على بركة الله.... بس خليني اقولك انك هتندم يا ولدي لو ضيعتها من ايدك هتعيش عمرك كلوا ندمان.... الرجل يا ولدي في ايده يخلي الست تعشق التراب الي بيمشي عليه ،جوفي ايده التانية يقدر يخليها تتمني موته ولا تطيق تشوف وشه..... فكر في كلامي ورد عليا....
وعلي فكرة العريس شغله زي شغلكم يعني مليكه مش هترفض.... فكر بقلبك مش بعقلك يا ولدي
___________________________________
بحديقة القصر....
ضم ظهرها لصدره و احاط كتفيها بذراعيه... بينما الارجوحة الكبيرة تهتز بهم..... منذ ما يقارب الساعتين وهما يجلسان هنا يشاهدان شروق الشمس و كأن حياته قد أشرقت اليوم... السكينة والطمأنينة التي انبعثت بروحه كانت بوصلته لحياة جديدة..... حتى و ان كانت قصيرة اغلق عيناه الزرقاويتين وهو يتنهد براحة ثم مال بشفتيه يلثم وجنتاها الباردة وهو يقول.....
:_ مش كفاية قعدة في البرد كده؟!
مسحت رأسها بصدره كقطة شقية وهي ترفع عيناها الرماديتين إليه قائلة...
:_ بس انا مش بردانة حضنك مدفيني...
ابتسامة شقيه ارتسمت على ثغره وهو يقول بمكر....
:_ ما حضني ممكن يدفيكي بس مش هنا في اوضتنا فوق...
لكزته بصدره وهي تبتسم و قد توردت وجنتاها فلمسها بأصبعه قائلا....
:_ تعرفي ان ضحكتك جميلة اوي؟!
رفعت عيناها إليه وقد اتسعت ابتسامتها فقالت تشاكسه علها تنسيه ما مر به...
:_ ضحكتي بس؟!
اعتدل قليلا بجلسته وهو يتفحصها بعيناه ثم قال ويده قد امتدت بجرأة لجسدها...
:_لا هو في حاجات كتير جميلة لو تحبي اعدها...
ضربت يده فتعالت ضحكاته التي غابت عنه ضحكاته التي ردت الحياة لقلبها المسكين... وقالت هي بتحذير حينما عادت يده للعبث بين ملابسها...
:_ ريان
:_ عيونه...
يعرف كيف يخرس لسانها بكلمته هذه، لكنها لم تسمح له بالتمادي اكثر و ابتعدت عنه قليلا، بينما تنهد هو قليلا وقد وقف على قدميه قائلا بجدية....
:_ خلاص كفاية كده خلينا ندخل علشان الحق اغير هدومي و انزل عندي شغل كتير متأخر..
قوست شفتيها بضيق وهي تردد بحزن...
:_ هترجع تروح الشركة تاني وتغيب عني طول اليوم
نظر اليها وهو يمد يده قائلا...
:_ مش هتأخر عليكي في اوراق لازم امضيها و هرجعلك...
نظرت ليده الممدودة قليلا وهي تقلب شفتيها كطفل صغير لكنها
مدت كفها إليه فأستقبلها بحب حينما وقفت و لمس بأنفه أرنبة انفها قائلا...
:_ انا لو عليا مش عايز ابعد ثانية وحدة
تراقصت الابتسامة على شفتيها وهي تمسك بياقة قميصه قائلة بمسكنة....
:_ طيب وليه تبعد خليك معايا
راقب المكر بعيناها فقال....
:_ قد كلامك ده هااا قد كلامك ده؟؟
بللت شفتيها بطرف لسانها وقالت....
:_لا خلاص رجعت فيه!!
اتسعت ابتسامته وهو يطوق كتفيها بحنان يسير معاها للداخل.... لو كان بيده لما ابتعد عنها ... لكنه عليه تعديل اموره اولا وبعدها ان قدر له القدر الحياة مرة أخرى سيحيا ما فاته كله دفعة واحدة
توقفت هي ببهو الفيلا قائلة...
:_ هدخل اجهزلك الفطار.... تحب تفطر فوق؟؟
بيده لمس خدها وهو يقبل خدها الاخر...
:_ لا خلينا نفطر كلنا هنا يمكن اقدر اتجاوز الي فات ،محتاج اصلح علاقتي بالكل هنا،
رق قلبها له و وضعت كفها على قلبه و نظرت إليه بحنو قائلة....
:_ صدقني دي اول خطوة كان لازم تاخدها... لو عايز تفتح صفحة جديدة مش هقولك انسي بس على الاقل سامح يا ريان.... مهما كان هما اهلك و عزوتك....
ومض الالم بعيناه وهو يرفع يدها و يلثم باطن كفها بشفتيه فأبتسمت هي و ارتفعت على اطراف اصابعها تطبع قبلة رقيقة لظهر يده وعيناها تبعث الطمأنينة لروحه....
ابتعدت قليلا عنه وهي تتابع....
:_ غير هدومك و هتلاقي احلي فطار في الدنيا مستنيك...
قالتها بأبتسامة واسعة تاركة اياه واقفا ببهو الفيلا و ذهبت.... بينما راقب طيفها الذي غاب و رفع وجهه ينوي الصعود لاعلي.... الا ان والدته توقفت بمنتصف الدرج لم تقوي على اكمال سيرها، فوقفت تطالعه بحزن اهلك قلبها الضعيف.... خفضت وجهها بخزي امامه، بينما سمعت صوت اقدامه على الدرج حتى توقفت الخطوات امامها شعرت به رائحته العطرة ازكمت آنفها... لم تشتم رائحة عطره الفرنسي بل عطر جسده، اغمضت عيناها وتمنت ضمه لصدرها ضم طفلها الذي غاب عن عينها وبقي طيفه رفيق ايامها الكئيبة بغيابه.... اي عذاب عليها تحمله غضبه هذا ام حرمانها من رؤياه...
بينما رمقها هو بشعورين متناقضين ،غضب و كراهية لم فعلته به... وحنين و اشتياق فقط لحضنها ان تضم الطفل بداخله فتربت عليه بحنانها..... لقد علم بمرضها بعد رحيله و ان عيناها قد ضعف النور بهما من كثرة البكاء عليه ،لكنها رغم حزنها لم تكن شجاعة لتأتي لرؤيته استسلمت لم فرض عليها و تركته يتضور جوعا و اشتياقا إليها.... اراد الصعود و تركها اراد الابتعاد و الاكتفاء بما ذاقه لكن تلك البقعة بقلبه خالفت رغبته ....
:_ صحتك عاملة ايه؟؟
النبرة الخافته وصلت إلى مسمعها كلحن ضعيف فرفعت عيناها بعدم تصديق هل خصها بكلماته الان؟؟! هل يسألها عن حالها؟! تفحصت ملامحه الرجولية التي ازدادت وسامة لقد كبر صغيرها و اصبح رجل ... كبر ولم تشاركه مراحل عمره.... اغروقت عيناها بالدموع وهي تضع كفيها على وجهها باكية الدموع انهمرت على كل سنوات العمر الماضية...
بينما خفق قلبه لها وكأنها لم تؤذيه.... لقد هرمت و كبر سنها لكن عيناها الصغيرتين خلف زجاج نظارتها كانت تفيض وجعا فمد يده يحاول أن يربت على ظهرها إلا انها القت بجسدها عليه... ضمته بكل ضعفها ضمته وهي تقبل موضع قلبه بشفتيها و هي تتمتم ببكاء....
:_ عمرك ما غبت عن بالي لحظة يا حبيبي... عمري ما اتهنيت في غيابك دقيقة يا ريان...
غيابك خد فرحتي و عمري كله... غيابك كسرني في عز قوتي.....
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close