اخر الروايات

رواية امبراطورية الرجال الفصل السابع عشر 17 بقلم رحاب ابراهيم

رواية امبراطورية الرجال الفصل السابع عشر 17 بقلم رحاب ابراهيم



استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

قال سقراط مبتسمًا:- أنا قررت اخطب
امعن والده النظر به لوهلة دون فهم ثم أجاب بسخرية واستهزاء:- مش لما تبقى راجل الأول تبقى تخطب يا أهبل !
التوت شفتي سقراط على جانبي فمه بضيق وغيظ فهتف به والده:- ماتنطق ياض عايز ايــه؟!
قـال سقراط بتبرم:- عايزك في مصلحة
روى له سقراط أمر"للي" فقال سمعه مستفسرا :- هي فين ؟
أشار سقراط للجهة الخلفية وقال:- على قمة الشارع في المحل الجديد ، بس عايزين نكرموها بقى دي تبعي
التقط سمعه منشفة مقلمة اللون ملطخة ببقع الزيت والشحم ومسح بها يداه ثم أجاب:- كده كده هنكرموها ، دي تعتبر دلوقتي بنت المنطقة ، تعالى معايا وريني مكانها فين..
ذهب سقراط مع أبيه لمحل "للي" الذي يبعد امتاراً من ورشة الأسطى سمعه..
وقفت للي تنتظر الصبي بالمحل الخاص بها حتى انتبهت لصوت سقراط وقد أتى مع رجل بشوش الوجه يشبهه في الملامح كثيراً...
تنحنح سقراط قبل أن يدلف متجها اليـها وقال:- جبتلك أبويا بنفسه..الأسطى سمعه
رحبت للي بالرجل حتى قال سمعه بلطف :- ما تقلقيش دي حاجة بسيطة ومش هتاخد وقت معايا...شوية وهكون غيرت العجل..
شكرته للي بامتنان:- متشكرة جدًا ، أنا هستنى هنا على ما تخلص
خرج سمعه للسيارة وأرسل سقراط لصبيه الورشة حتى يأتوا بالأدوات اللازمة لتغيير الاطارات المثقوبة..
****** صلّ على النبي الحبيب

**بالمكتب**
شردت حميدة بابتسامة لم تفارق محياها منذ أتت من الصيدلية برفقته..كلما تذكرت ما مر منذ دقائق ماضية....(فلاش باك)
"" بالصيدلية""
وقفت حميدة وعيناها ذابلة بعض الشيء من الالم الذي يزداد برأسها مع كل خطوة ، أتى طبيب صيدلي شاب وتساءلت عيناه عن المطلوب فقال يوسف:- عايز حد يقسلها الضغط
جر الطبيب الصيدلي جهاز قياس الضغط من المنضدة الزجاجية وقال لحميدة:- لو سمحتي ارفعي الكُم
اطرفت عيناها بخجل لا سيما انها تقف بين أثنين من الشباب فهتف يوسف بها بحدة:- استني انتي بتعملي ايه؟!
رمقها بنظرة حادة نادرا ما كانت تراها بعيناه ثم اشار لفتاة حتى تأتي ، فهم الطبيب هذا التصرف وظن أنها ربما تكن خطيبته أو زوجته أو حتى شقيقته..ابتعد بهدوء دون جدال وترك الفتاة تجري قياس ضغط الدم..اتجه يوسف لاتجاه آخر ونظر لجهة أخرى لبعض الوقت حتى لا يشعرها بالحرج نظرا لظهور جزء ولو بسيط من ذراعها..تعجبت الفتاة وهي تضبط المقياس بيدها لابتسامة حميدة التي كادت أن تتحول لضحكة!! لأول وهلة تعجبت ثم فطنت الأمر فابتسمت هي الأخرى بصمت...
انتهى الأمر وخرجت حميدة مع تعليمات الطبيب الصيدلي لارتفاع الضغط...سرقت نظرة جانبية ليوسف الذي يسير برفقتها باتجاه المبنى وأرادت بشدة أن تعرف سبب ضيقه فتساءلت بابتسامة مترددة على شفتيها:- مالك كده كأنك زعلان من حاجة؟!
رمقها بغيظ وقال:- مافيش..
نظرت للأمام بضحكة مكتومة ، نظرته المغتاظة تديرها تسلية ومرح ، حتى بغضبه يبدو مضحكاً!!
دلفت للمكتب معه وجلست أمام مكتبها ، هتف يوسف على على الساعي ليأتي بعصير طازج لكلايهما وجلس بمقعد قريب من المكتب..تطلعت اليه بمرح والضحكة تكاد تفلت من شفتيها...شعور رقيق يجتاح قلبها عندما تشعر بملامح الغيرة بعيناه..كالطفل الثائر على دميته!! أتى الساعي بكوبين من العصير الطازج فأخذ يوسف احد الاكواب ووضعه أمامها فشكرته بلطف...انتظرت حتى يأخذ كوبه ولكنه لم يفعل وتظاهر بالنظر لأحد الأوراق...قالت بتساؤل:- اشرب العصير أنت كمان!!
أجاب دون أن ينظر لها:- مش عايز...انا طلبت اتنين ليكي أنتي
كتمت ضحكة أخرى وقالت :- يا دوبك أشرب ده
رفع عيناه واتضح أنه يمر بحالة عصبية وهتف:- اشربيهم من سكات وسيبي الشغل هكمله أنا..
نظرت له لدقيقة بصمت ثم انفجرت من الضحك واحمرت وجنتيها بشدة...ابتسم يوسف رغما عنه وقال:- نفسي أعرف ايه اللي بيضحكك وأنا متعصب!!
تحكمت حميدة بنوبة الضحك وأجابت بابتسامة عريضة:- مش عارفة بس مش بقدر امسك نفسي من الضحك..وبصراحة مش عارفة متعصب ليه؟!
اشار يوسف لذراعيه وعاد غيظه فقال:- يقولك ارفعي الكم فترفعي كده على طول؟! وبعدين ده شاب ؟!! يعني...
صمت بحيرة من متابعة الحديث...ابتسمت له بمكر وقالت:- ده دكتور لو ناسي ، يعني غصب عني
لوى شفتيه بغيظ ولم يجيب فضحكت دون صوت وتابعت ارتشاف العصير...
****** لا حول ولا قوة الا بالله

عادت من شرودها وتحمل ابتسامة صادقة...ابتسامة مطمئنة لمشاعرها لهذا الرجل الذي سيبدو أنه سيظل طفلاً متذمرا للأبد..تحبه..متأكدة من مشاعرها...ثمة لذة عندما تحب المرأة رجلا بقلب طفل..يبدو أن قسوة العالم لم تصل لأطراف قلبه...أخرجها صوته من شرودها وقال مبتسما بمرح بعدما خرج من مكتب جاسر:- بتضحكي على ايه؟!
نظرت له وقالت بهدوء وابتسامة:- اصل الصداع راح الحمد لله
تنهد بإرتياح وقال:- الحمد لله..مش بحب أشوفك تعبانة والله...بحس أني انا اللي تعبان..
نظرت بجهة الحاسوب وكسا وجهها الخجل فقالت بابتسامة :- بعد الشر عنك..مكنتش عارفة أنك هتزعل عليا كده
جلس يوسف امامها وقال بعفوية:- في حد ما يزعلش على صاحبه؟!
عاد شعور الغيظ بداخلها فصرّت على أسنانها بتمتمة خافته مغتاظة.
***** استغفر الله العظيم
***بمكتب آسر***
ظلت سما ترفع عيناها اليه بين الحين والآخر...عله ينظر ،يشعر بوجودها ، يتحدث في اي شيء..ولكنه بدا غارقاً بفكره وهو ينظر للتصاميم النهائية للمشروع الأول لهم..قالت سما لتقطع هذا الصمت المزعج:- اعملك قهوة؟
كأنه انزعج بالفعل..ونمّ صوته أنها تحدثت بالوقت الخطأ فأجاب بجفاء واختصار:- لأ
مطت شفتيها بضيق وغيظ ، ثم ظلت دقائق وقد انهت عملها على الحاسوب وقالت مجدداً:- قولتلي أنك هتشرحلي التصميم الجديد !
ارتفعت نظرته من الأوراق اليها بصرامة ، وكأنه صفعها بتلك النظرة الحادة ، أجاب باقتضاب:- مش فاضي
اسدلت عيناها بصمت وبضيق ، كأنها فعلت مكروها له ليعاملها هكذا ، ظهر العبوس على وجهها فأنتبهت للأوراق التي دفعها من يده بعصبية وهتف:-
_ موضوع أني اشرحلك التصميمات ده حاجة خارج شغلك اصلا بس قلت كده عشان تتعلمي ، لكن مش معناه أنك ملزومة بده ولا أنا كمان ملزوم أني اشرحلك...شوفي شغلك احسن!!
ابتلعت سما ريقها بصعوبة ، ادمعت عيناها رغما عنها..حدجها بعصبية ثم نهض وخرج من المكتب صافقا الباب خلفه!! أطرفت عيناها بحيرة وقالت :- أنا عملت ايه عشان يعاملني كده؟!
فتح الباب وقد ظنت أنه هو ولكن ظهر امامـها المهندس أسعد..تحاشت سما النظر لأي جهة سوى للحاسوب امامها ، تأملها أسعد بتعجب من دموعها التي تلتمع على وجنتيها بوضوح فتساءل بلطف :- بتعيطي ليـه؟!
تفاجئت سما به ، رفعت عيناها اليه وترددت في الاجابة ، تلعثمت قائلة:- لا أبدًا ، دي حاجة دخلت في عيني
قال أسعد برقة:- طب ممكن تقومي ؟ لو سمحتي
نبرته المهذبة جعلتها تنهض وهي تنظر للأسفل ، أخرج أسعد من جيبه علبة المناديل الورقية وأخرج منهما واحدًا ثم ما لبث وقال بمرح :- لأ خدي العلبة بحالها..
ابتسم ابتسامة لطيفة جعلتها تظهر ظل ابتسامة لتشكره بلطف وهي تأخذ منه العلبة حتى لا تحرجه:- شكراً
أشار لوجهها بضحكة وقال:- بالتكشيرة دي مش هقبل شكر
اتسعت ابتسامتها مجاملة فقط ، ليس شعورا بمزاحه...كررت :- متشكرة أوي..كفاية منديل واحد
أخذت منديلا وأعطته العلبة فقال بمرح:- لأ خلاص ، يدوبك تكفي دموعك بعد ما أمشي ،أكيد آسر هو اللي ضايقك...صح؟ عايز اقولك أن دي طريقته معانا كلنا واحنا صحابه...مع أن بيتعامل مع الغرب بشياكة زايدة!!
شردت سما قليلا في حديثه..هل هذا يعني أنها لم اصبح غريبة بعد؟! نمت ابتسامة صادقة على شفتيها وهي تائهة بفكرها وقد نست أنها بالمكتب...ونست ايضا من يقف أمامها ويتحدث بمزاح..واكبر ما تغافلت عنه أن آسر متوقع ظهوره بأي لحظة...فقد كان..
دلف للمكتب ليقف فجأة ناظرا لهما بصمت مريب ، تنقلت نظرته بينهما بتساؤل غاضب وصامت أيضاً...ابتسامتها ضحكات اسعد ، ووقوفهما أمام بعضهما كأنه ضبطها بالجرم المشهود!! انتبهت سما اليه واحتارت من الغضب الذي قتم لون عيناه الصافية باللون العسلي ، توجه أسر لهما بخطوات بطيئة ثم عقد ساعديه أمام صدره وعيناه لا تنبئ بالخير...قال بصوت أجش:- في ايه؟!
كان سؤاله اقرب للاتهام ، هكذا اتضح بنبرته ونظرته الشرسة التي تنتقل بينهما بغضب ، أجاب اسعد ببساطة :- هو ايه اللي في ايه؟! مزعل آنسة سما ليـه؟! حرام عليك يا آسر دي مش حملك !!
راقها أن أسعد يدافع عنها أمام آسر ، وراقها تلك النظرات التي تتطاير شرر غضب بعيناه ، اجلت الابتسامة لوقتٍ تكن فيه بمفردها...قال آسر من بين أسنانه ونظرته قاتلة على أسعد:- وأنت بقى المحامي بتاعها ؟!
ارفق أسعد ذلك بمزاح ، احتارت سما أن كان فهم مقصد آسر أم اعتاد رد حديثه بالمزاح!! أجاب:- لأ انا مهندس مش محامي للأسف ، بس ممكن ابقى محامي وقت اللزوم..أنت هتوجعلي دماغي ليه ياعم أنت ، أنا جايلك عشان اراجع معاك شوية حاجات كده..
بدا أن آسر أخذ من قوته المثير حتى يتمالك أعصابه..أجاب بنظرة ثاقبة لا تخلو من الغضب الصامت :- مش النهاردة يا اسعد ، في بكرة اجتماع للتيم بتاعنا ، اجل الكلام لبكرة.
أجاب اسعد بضحكة ساخرة:- وانا اللي جاي ومتحمس ؟! عموماً خلينا لبكرة...مع السلام بقى
توجه لسما وقال بمرح:- ابقي اختاري الأيام اللي أنا جاي فيها وعيطي عشان اكون موجود واضحكك...هعمل حسابي بلعبتين مناديل المرة الجاية..
ابتسمت سما وهي تتجه للحاسوب وخرج اسعد من المكتب...بينما ظل آسر بمكانه ينظر لها نظرة صامته طويلة وعميقة ، أرادت أن تبتسم بمرح لمعرفتها أنه يريد صفعها الآن من غضبه ، هتف آسر:- قومي اقفي
ذات الأمر ولكن الآن أكثر قسوة وخشونة ، فكرت بمكر وقالت:- حتى أنت بتقولي كده؟! بس باشمهندس أسعد بصراحة قال كده عشان يخليني ابطل عياط...
أخذت علبة المناديل وأخرجت منها واحدة ، جففت وجهها الذي جف تقريبا من نزف الدموع عليه ، قالت بخبث:- انسان مؤدب جدًا
صاح آسر بشراسة:- قلتلك قومي اقفي
لم تنزعج من غضبه بل ابتسمت لنفسها بخبث ، نهضت ووقفت امامه بهدوء...قالت بثبات:- نعم؟!
ضيق عيناه بغضب يحاول لجمه ، أشار لها بتحذير :- لو اللي شوفته ده اتكرر تاني رد فعلي مش هيعجبك..
كأنه يتهمها بتهمة مخزية قالت بعصبية:- ليه هو أنت شوفت ايه أن شاء الله؟!
ضغط على أسنانه بعنف قبل أن يجيب:- أنتي في شغل يا أنسة مش في كافيه على النيل والمشهد الشاعري ده !! أنا مش هكرر...
قاطعته سما بغيظ :- أنت بتقول ايه؟! انا ما اسمحلكش تتكلم عني كده!! كافيه ايه ونيل ايه ؟! ده واحد دخل لقاني بعيط بعد ما اتكلمت معايا بأسلوب غريب ، كل المشكلة بقى انه اداني منديل وانا شكرته؟! فين المشكلة في ده؟!
سلط عيناه الغاضبة عليها وهتف :- أنا حذرتك ، ومش هكرر كلامي تاني..
اقترب اليها بضع خطوات تقريبية وقال بحدة :- ما تضحكيش معاه تاني ولا مع أي حد أنتي فاهمة ؟
قالت مبتسمة :- مش أوي
اغاظه ابتسامتها وصاح:- أنتي مستفزة !!
رمقته بعتاب ولم تقل شيء ،جلست وتظاهرت بأنغماسها بالعمل..امتلأ وجهها بالعبوس فرمقها بضيق...عاد لمكتبه وجلس على مقعده وراقبها بحيرة ، مابه؟! وما الذي يفعله ؟! عبوسها يضيقه...ظل مترددا للحظات حتى نهض مقترباً اليها...قال ببطء وبشيء وكأنه يعتذر بخفاء:- تعالي اشرحلك التصميم اللي طلبتيه
أجابت بجمود ولم تنظر له :- مش عايزة اعطلك..
قرع باب المكتب فجأة فسمح آسر بالدخول وعاد هاتفا بها بغيظ:- تصدقي أنك فعلا مستفزة وانا غلطان أني كنت بصالحك
استدار بعصبية ولم يحسب مجيء الساعي وبيده فنجان قهوة وكوب من عصير الكوكتيل قد طلبه لها...انسكب محتويات الأكواب على قميصه الأسود فاتسعت عين سما بذهول وركضت عليه بقلق...قال آسر بضيق من شعور القهوة الساخنة على جسده:- مش تخلي بالك ياعم مرزوق؟!
قال الرجل معتذرا بأسف:- معلش يابني ،والله ما اقصد..
اخذت سما علبة المناديل سريعا ومررت منديلا على ذراعه قائلة:- مايقصدش معلش ،استنى همسح القهوة من على ايدك
ذهب الساعي ليأت بكوب ماء للتنظيف حتى جالت نظرة آسر على وجه سما وهي تنظف كم قميصه بلهفة واضحة...ابتسم ببطء واحب لهفتها عليه..انتبهت لنظراته فابتعدت قائلة بمكر وهي تعطيه المناديل:- كمل أنت ، علبة المناديل بتاعت باشمهندس اسعد نفعت
اشتعلت نظرته غبضا والقى علبة المناديل على الأرض بعصبية وخرج من المكتب بخطوات سريعة
وضعت سما يدها على فمها بضحكة وقالت:- شهرياري هههههه
******* الله أكبر
***بمكتب رعد***
انشغل رعد ورضوى بمراجعة أحد الملفات حتى دق هاتفه الخاص باتصال..نظرت رضوى للهاتف القريب منها وهي تقف بجانب رعد وقالت:- تليفونك..
نظر للرعد للهاتف بضيق وقال :- ردي
تطلعت اليه بدهشة!! فكرر كلمته وهي ينظر للملف بتمعن:- بقولك ردي!
ارتفع حاجبيها بتعجب ولكن اطاعت الأمر وجذبت الهاتف اليها ،رمقت الشاشة بنظرة حادة عندما وجدت اسم " سمر" اجابت ببعض الحدة :- الو؟
أجابت سمر باستغراب وقالت:- مين معايا؟! دي نمرة رعد مش كده؟!
لوت رضوى شفتيها بغيظ وأجابت:- أه هي!!
تساءلت سمر بتعجب:- طب وأنتي مين؟؛
هتفت رضوى بعصبية فنتج ظهور عقدة لسانها:- سكيكته (سكرتيرته)
انتبه رعد على الكلمة فنظر اليها بضحكة وأخذ منها الهاتف محاولا كتم ضحكته ، رفع صوت الهاتف للسماعة الخارجية عندما رمقها غاضبة وأجاب والهاتف بيده عن بُعد:- ايوة ؟
قالت سمر بضحكة:- مين اللدغة اللي ردت عليا دي؟! فصلتني ضحك
جاهد ليكبت ضحكته وقال:- عايزة ايه يا سمر؟
قالت سمر بمرح:- أنت ناسي أن فرحي بعد اسبوعين يا ندل؟! وفين المجرمين التانيين مش عارفة اوصلهم !! انا عرفت اللي حصل من عمو وجيه وعمالة ادور عليكم مش لقياكم !!
قال رعد بعبوس على ذكر عمه:- ما تقلقيش ، هنحضر انا وولاد عمامي ، اكيد ماينفعش مانحضرش فرح اختنا الصغيرة
شدد رعد وهو ينظر لرضوى بضحكة على كلمة"اختنا" فرمقته ببسمة حاولت أن تخفيه وقد هجر العبوس ملامحها...قالت سمر بضحكة:- بس خلي بالك بقى أن بنات عمو خالد جايين ، اوووو ده هيبقى فرح الموسم وانتوا كلكم متجمعين ههههه
قال رعد بسخرية:- كالعادة يعني ، بنات لزجة ومايعة وبتاعت مقالب
اضافت سمر بتحذير:- بس خلي بالك بقى عشان مايحصلش زي المرة اللي فاتت ،المرة اللي فاتت عدت على خير بس راندا ناويالك المرادي ، مش هتمشي من الفرح غير وانت خاطبها هههه
راقب رعد ملامح رضوى التي انقلبت للعبوس مرة أخرى وفكر بمكر ، ابتسم بخبث مجيبا :- لا ما تقلقيش ،المرادي هنكون كلنا متأمنين كويس..
ضحكت سمر عاليًا وقالت:- والله انتوا الاربعة تحف نادرة ، ابقى سلملي على المفجوع يوسف وعملاله بوفيه لوحده مخصوص
ارفقت حديثها بضحكة أخرى فأجاب رعد ولا زال نظرته على رضوى التي تظاهرت بالعمل:- ما تقلقيش ، كله متأمن وتحت السيطرة
انتهى الاتصال بعد لحظات ووضع رعد الهاتف ببسمة ماكرة ، تحججت رضوى وهتفت بعصبية:- انتوا بتتريقوا عليا عشان انا لدغة يعني؟!
قالت رعد ببطء:- سكيكية
رمى رأسه للخلف بضحكة عالية وهو يتذكر نطقها للكلمة فتطلعت اليه بضيق حتى قال معتذرا بضحكة:- خلاص أسف ما تزعليش ، بس أنتي لو تسمعي نفسك وانتي بتقولي كده هتضحكي والله...
سومته بنظرة عاتبة فقال مكررا الأسف:- خلاص بقى اسف
تبدد ضيقها منه ، فالحقيقة كانت تبتسم سرا لضحكاته لا سيما انها السبب في ذلك فقال :- تعالي نكمل شغل يا سيكيكتي
انفجر من الضحك رغما عنه..حاولت أن تغضب ولكن فشلت ..فتبسمت..
******سبحان الله وبحمده
***بغرفة السطوح***
انهت جميلة تنظيف المكان جيدًا ،جلست بتنهيدة ولم يغفل عن عقلها لحظة ما تمر به..لم تغفل عيناه عنها ، ولا صوته من أذنيها...ماذا تفعل وهو خطر على ثباتها ومقاومتها...لو كان على غير ما هو عليه من فساد لكان سلب عقلها وقلبها دون خوف...لكان أكثر جاذبية أيضاً...فأنها ترى الرجل الذي يتخفى المكر بعيناه ويتحكم برغباته هو أشد جاذبية من الرجل الذي يترك لشهوته العنان دون قيود..ودون أخلاق....بأي عقل تفكر بمستقبل وهي من تتعهد بقرب انتهاء هذا الارتباط؟! لماذا دائمًا تجده بالغد والآتِ!! كأنه أصبح مرسى الحياة وزورق الرحلة!!
وتساءلت بحيرة..هل هي جميلة للحد الذي لم يخفيه التنكر؟! أم هو الغرور الذي جعله يلتفت اليها عندما لم تعير لوسامته اهتمام؟!
كأي فتاة هي تريد الارتباط برجلا وسيم ولكن..ما نحتاجه يكن احيانا اعظم من رغبة القلب...الاحتياج للآمان وللدفء اكبر بكثير من احتياجها للحب...ربما هذا بسبب افتقارها للأسرة فهي منذ أن تفتحت عيناها للحياة ولم تجد لها اما أو ابا..
خائفة هي من قلبها..ومن سيطرة رغبة القلب..فأشد خوف عندما يخاف المرء من نفسه..فأي عداء يحمل وأي حربٍ تُقام ؟!
نهضت من مقعدها وأرادت النظر لملامحها علها تجد الأجابة...وقفت أمام المرآة تنظر لأنعكاس وجهها بتمعن..نظرت لملامحها بدقة..قالت بمرح عندما تذكرت تحديها معه وحررت شعرها على كتفيها من تلك الكورة المضمومة أعلى رأسها:-
_ زمانه دلوقتي متغاظ أني غبت..ااحسن ، قـال ايه هيخليني أحبه وهيتجوزني عافية !! فاكر نفسه حدق!! هو يعني عشان حلو شوية؟!
ارتفع صوت جاسر بضحكة وهو يراقبها من نافذة الغرفة بعدما تسلل للمبنى بخفاء.. وقال بمرح :- Hellllo
تجمدت للحظات بصدمة ، استدارت بعد لحظات لتجد عيناه تتفحص شعرها ووجهها بدقة فركضت الى الداخل وهي تنتفض من الخجل والغضب بآنٍ واحد...
خرجت بعد دقائق بعدما ارتدت رداء محتشم يخفيها من شعرها لأخمص قدميها ولم تغفل عن النظارة السميكة التي باتت بالنسبة له مغرية أكثر من السابق ، دائما عبق الفتنة يكمن بالخفاء..
وقفت بخارج الغرفة وهتفت به بضيق:- أنت أزاي تتجرأ وتيجي هنا؟!
اقترب لها بابتسامة ماكرة وأجاب ببطء:- من النظرة التالته تقريبًا وانا عرفت أن ورا مظهرك ده حاجة تانية بتداريها..عجباني دماغك
كررت سؤالها بشكل أعنف فأجاب ببساطة:-
_ هو مش أنتي خطيبتي ؟ وعرفت أنك تعبانة ،متخافيش محدش شافني وأنا طالع ،مع أني شايف انه عادي..
غضبت جميلة وصاحت:- عادي ده عندك أنت ، انما عندي لأ وماينفعش ومش أصول ده ان ماكنش قلة أدب كمان ، لو سمحت أمشي قبل ما حد يشوفك هنا ويبقى شكلي وحش ،انا لوحدي هنا
اقترب جاسر لها أكثر وقال بهمس:-
_ لما عرفت أنك تعبانة جيت اطمن عليكي ، انتي هتلوميني أنك وحشتيني ؟! على فكرة انتي عدوة نفسك!
ابتلعت جميلة ريقها بارتباك وابتعدت عنه ، قالت وجاهدت ليخرج صوتها حاد وغاضب:- طريقتك مش بتعجبني ، انا مش بحب كده ، هو فيها حاجة لو بقيت محترم وتبطل كلامك وتلميحاتك اللي كلها...
قطعت حديثها بخجل فقال مبتسما :- كلها ايه؟!
هزت رأسها بيأس عندما رأت الغرور الذكوري بعيناه:-
_ على فكرة لو بقيت محترم ده هيخليك جذاب اكتر ، ما تفتكرش طريقتك واسلوبك ده بيعجبني !! أنت في عنيا مش أقل من متحرش!!
حدجها بشراسة وهتف بغضب:- متحرش!! انتي فاهمة اللي بتقوليه اصلا؟! هو أنا كنت اتحرشت بيكي ؟!
رمقته بنظرة حادة وكانت الاجابة فقال بغيظ:- تقصدي امبارح يعني ؟! فاتحنا اتقرت لو فاكرة!
سخرت قائلة:- وده معناه انك تقربلي؟! أنت فاهم الموضوع غلط ، وعموما أنا عارفة أنت مصمم على الخطوبة دي ليه
تساءل بغموض:- ليه؟
ازدردت جميلة غصة بحلقها عالقة وقالت بأسى:- أنت اللي زيك لما بيغلب مع واحدة بيحاول يوصلها بكل الطرق ، وبما أن مافيش طريق ليا غير الرسمي فأنت اخترته ، بس اخترته برضو عشان توصل للي في دماغك..
امتلأت عيناها بحزن لأول مرة تظهره له فقالت بنبرة تشبه الرجاء:- سيبني وابعد عني ، أنت بتخليني خايفة ، وقلقانة ، مش ببقى مطمنة وأنت موجود بالعكس ، مش أنت اللي أحب اكمل معاه..لو فاكر أني حبيتك أو حتى اعجبت بيك تبقى غلطان..مافيش واحدة هتحب واحد وتحس بكده!!
لاحظت نظرة غريبة بعيناه ، نظرة غاضبة شرسة ، عنيفة ،قاتمة وقاتلة وكل شيء يصل لمنتهاه ، ارتبكت عندما اقترب اليها وظنته أنه سيصفعها او على الأقل تعنيف ولكنه همس برقة لأول مرة تبدر منه...قال:-
_ يمكن عشان كده مصمم على الخطوبة ، مش يمكن عايزك تعرفيني ؟! مش يمكن أنا مش بالصورة اللي أنتي شيفاني بيها!! ليه ما حطيتيش ولو نسبة بسيطة أني فعلا معجب بيكي ؟!
نظرت اليه بحيرة..يبدو حديثه صادقاً لدرجة كبيرة!! ، كيف يمكن للكذب أن يصل لهذه المصداقية في نظرته؟! والأغرب لمحت نظرة معذبة بعيناه لأول مرة تراها أيضاً...تابع بغموض:-
_ مش كل اللي بتشوفيه من بعيد حقيقي...عشان تحكمي صح لازم تعرفي كل الحقايق ، تعرفي اللي مداري جوا القلوب ، وساعتها يمكن تعرفي وتتأكدي أني مش زي ما أنتي فاهمة ، ومش زي ما الكل شايفني...يمكن لو أنتي بس شوفتي حقيقتي ده كفاية أوي عندي...مايهمنيش أي حد تاني..وصدقيني أنا جيت لأني فعلا كنت قلقان عليكي..
ابتعد عنها وسرعان ما أختفى من امامها وذهب...ظلت صامته لدقائق تستعب معنى كلماته..وكأن كلماته من لغة أخرى تبحث عنها بالقاموس!! اتصدقه؟ يبدو ذلك غباء أن فعلت ويبدو غباء أن كذبت !! ولكنها تمنت أن يكن صادقاً...يا الله...هي تتمنى ؟!
احبت...وانتهى الأمر
****** سبحان الله العظيم
انهى الاسطى سمعه عمله وسلم السيارة لـ"للي" وقال بفخر:-
_ عربيتك رجعت زي ما كانت واحسن
شكرته للي كثيرا وسألته عن اجره فرفض ببادئ الأمر ثم قال بعد اصرارها مبلغا اقل بكثير من المتوقع فقالت :-
_ بس ده اقل من حقك يا اسطى سمعه !! ده يعتبر حق الكاوتش بس!!
قال سمعه وهو يجفف يده بالمنشفة:- اعتبريه ترحيب بيكي في حارتنا بدل اللي عملوه العفاريت عيال الحارة في عربيتك..
ابتسمت للي بود وقالت:- مش عارفة اشكرك أزاي..
قال سقراط وهي يطرف عيناه بهيام:- احنا المفروض نشكرك أنك نورتي حارتنا المعفنة دي
اتسعت ابتسامة للي بصدق فأخذ سمعة المبلغ منها واستأذن بالانصراف...استغل سقراط الموقف وقال بخبث:-
_ طب انا هطلب منك طلب وياريت توافقي
قالت للي بابتسامة وقد اعتادت الحديث مع الصبي:- قول يا سقراط اللي انت عايزه
قال سقراط بابتسامة:- شبكة اختي يوم الجمعة الجاية ،احنا عاملينها عائلية على ادنا كده ، ياريت تحضري
قالت للي ببعض التعجب وسبقت قولها بالتهنئة:- الف مبروك ليها ، بس انت بتقول عائلية !! يمكن وجودي يضايق حد !
اسبل سقراط عيناه ببطء وقال :- لا ما انتي خلاص بقيتي مننا وعلينا
تعجبت للي وهي تريد الضحك من طريقة الصبي الصغير فتابع سقراط مصححاً:- اقصد يعني بقيتي بنت حارتنا ، هتنورينا ولا ايه؟
قالت بموافقة:- هحضر بأذن الله ، بعد اللي عملته معايا انت ووالدك مقدرش ارفض وفي جميع الأحوال انا من أول بكرة هكون هنا كل يوم..
قال سقراط بسعادة:- هتيجي تلاقيني راشش مية قدام المحل بتاعك ومافيش اي عيل جربان هيقدر يجي جنب عربيتك
ضحكت للي ثم قالت:- لا كده اجي وانا مطمنة
******* اللهم حسن الخاتمة



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close