اخر الروايات

رواية مزيج العشق الفصل الخامس عشر15 بقلم نورهان محسن

رواية مزيج العشق الفصل الخامس عشر15 بقلم نورهان محسن


يُهزم الإنسان بالأشياء التي يبالغ في  محبّتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عند زين و روان

يجلس على السرير ببرود شديد ، وهي تقف أمامه ترتجف يديها ، ومن الواضح أن آثار الصدمة التي تلقتها للتو من الشخص الوحيد الذي يمتلك قلبها ، وروحها تنعكس بشدة على تعبيرات وجهها.

تجمعت دموع كثيفه في عينيها ، حاولت الضغط على شفتيها في محاولة لخنق دموعها و عدم كشف ما تشعر به في قلبها المكسور ، كل ذلك بسبب قلبها الذي كان كل ذنبه أنه أحبه و لم يري أحد غيره ، 
و بالأخير طعنها بخنجر كلماته السامة دون رحمة.

حاولت أن تتنفس الهواء بهدوء ، لتتمكن من الرد على كلماته.

روان بتماسك مزيف و هي تتسائل بحيرة : كان ايه لازمة جوازنا من الاول يا زين .. ليه طلبتني للجواز و انت مش عايز تكمل؟!! 

كان ينظر اليها في تردد يسأل نفسه هل يصارحها ام لا ؟

قال زين و هو يشير اليها برأسه نحو الفراش : تعالي اقعدي جنبي 

لكنها لم ترغب في الاقتراب منه بهذه اللحظة ، فوقفت مكانها دون أن تتحرك.

قرأ هو رفضها الصامت في عينيها ، ليتنهد قائلا بهدوء : ماشي هقولك السبب يا روان عشان انتي من حقك تعرفي ..

تنهد مرة اخري و هو يغمض عينيه قائلا بتوضيح : كنت بحب وحدة زميلتي في الكلية من سنه تانيه و احنا مع بعض .. كانت بينا قصه حب الكلية كلها تعرف بيها .. ماكنتش بقدر امسك ايديها من خوفي علي سمعتها و عشان عاوز احافظ عليها .. و كنت مقرر بعد ما نتخرج هتقدملها رسمي و نتجوز و نبدأ حياتنا مع بعض بالقاهرة .. بس في اخر سنه في الكلية اكتشفت انها علي علاقه بزميل لينا في الكلية .. شوفتها نازله من العمارة اللي ساكن فيها و لما اتأكدت من البواب انها بتتردد علي العمارة دي كتير اجننت و طلعت خبطت علي الواد دا و ضربته كان هيموت في ايدي و من خوفه اعترفلي انها علي علاقه به من فترة طويلة.

نظر اليها فرأها تحدق به بعيون واسعة ، ثم أردف بقهر : فكرت اقتلها بس لاقيت ان مستقبلي انا اللي هيضيع عشان وحدة رخيصة و خاينة ماتستاهلش .. قطعت علاقتي بها و بعد ما اتخرجت .. جدي فتح معايا موضوع جوازي منك و مع تصميم امي كمان علي الموضوع و عشان بتحبك وافقت و اتخطبنا ...

قام من مكانه وهو يرآها تذرف الدموع ، ولا يعرف لماذا شعر بألم في قلبه عندما رآها تنظر إليه بحزن.

شعر بسهام تخترق قلبه ، يعلم أنها تحبه ، لكنه حطمها كما تحطم قلبه من قبل.

حاول ان يقترب منها ، لكنها لم تعطي له اي فرصة  بالاقتراب و فرت هاربة من الغرفة ، متوجهة إلى غرفتها القديمة ، وأغلقت الباب خلفها ، ثم دفنت رأسها بوسادتها ، وأطلقت العنان لشهقتها العالية التي أخفتها بالوسادة. 

اخذت تفكر هل تحزن عليه أم على نفسها ، فهو أذقها طعم الخذلان من نفس الكأس التي تذوق هو منه.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في نفس التوقيت و المكان 

بغرفه بدر و حنان

دلفت حنان في سعادة تبشر زوجها بفرحتها لإبنتها ،
فرأته يرتدي ملابسه ، لتقول بسرور : الحمدلله يا بدر الامور تمام عند بنتك و جوزها

بدر بضحكة : الحمدلله اخيرا اطمنتي عليها و استريحتي معرفتش انام منك طول الليل

حنان بحرج : معلش بقي يا بدر هي البت هتتجوز كل يوم يعني و بعدين لازم اطمن انها مبسوطة و الا مش هرتاح ابدا

بدر بمحبة عميقة : ربنا ميحرمناش من حنيتك يا ام ماجد

اردفت حنان بدهشة : ايه دا انت هتخرج؟

 رد ببساطة : ايوه يا حبيبتي عندي شغل كتير في الارض 

حنان بعتاب : معقوله هتخرج يوم صباحية بنتك يا راجل

ضحك بدر وقال بمكر : هي صبحيتي انا و لا صباحية بنتك يا ولية

حنان بنبرة رقيقة : ماشي بس ماتتأخرش هعملك اكله بتحبها انهاردة

رد بدر غامزًا بطرف عينه : هو دا الحديث الزين يا ريت بقي تكون كوارع ترم عظمي اللي حاسس انه اتفشفش علي الاخر 

ضحكت حنان وقالت بحب : سلامة عظمك .. عينيا يا حبيبي هعملهلك

نظر اليها بإبتسامة يفكر رغم ان زواجه منها لم يكن عن حب ، و لكن استطاعت حنان السيطرة علي قلبه بطيبتها و خفة دمها و مواقفها معه في الازمات.

طبع قبلة على جبهتها ثم أردف بإبتسامة: تسلملي عينيكي يا حنون

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في قصر البارون 

في غرفة الطعام 

بعدما جهزت الخادمة الفطار ، و وضعته علي المائدة.

دخلت نادين تتلفت ورائها ، و يبدو عليها الارتباك .

نظرت إلى الطاولة في حيرة ، هناك أربعة أكواب من العصير بنكهات مختلفة و أدهم يشرب القهوة دائما. 

تقدمت إلى كوب من عصير المانجو ، فهو بالتأكيد يخص كارمن ، ووضعت فيه برشامًا وقلبته سريعا ، حيث والدة أدهم ووالدة كارمن تشربان البرتقال ، و هي تشرب عصير الأناناس ، وعندما انتهت جلست في مكانها المعتاد في صمت كأنها لم تفعل شيئا.

بعد لحظات قليلة ، جاءت ليلي تحمل ملك وورائها كارمن ومريم. 

ألقت كارمن تحية الصباح عليها بأدب ، فأجابت نادين بإبتسامة مزيفه ساخرة : صباح النور يا عروسة 

تجاهلت كارمن نبرة السخرية في صوتها ، و جلست بهدوء دون ان ترد عليها.

في هذه اللحظة دخل أدهم مرتديا ثيابا عادية ، و ليس بدلات رسمية كالمعتاد ، وجلس على رأس الطاولة.

ادهم بصوته الرخيم : صباح الخير 

ليلي و مريم بإبتسامة : صباح النور 

اردفت ليلي بدهشة ممزوجة بالسرور : غريبة يا ادهم ايه اللي اللبس دا انت مش رايح الشغل زي ماقولت امبارح ؟

نظر أدهم من زاوية عينه إلى كارمن الجالسة ، و هي تفطر في صمت بين ليلي و مريم.

رد ادهم بإبتسامة خبيثة : صحيت متأخر يا امي و كارمن اقترحت عليا مارحش الشغل انهاردة وانا عجبتني الفكرة

خجلت كارمن من حديثه الخبيث ، ونبرته الماكرة التي فهمتها جيدا ، ونظرت إليه بغضب صامت

بينما كانت نادين تنظر إلى كارمن بخبث وحقد عندما شاهدتها تشرب العصير ، وتكاد تموت غيظًا من أسلوب أدهم المتغير تمامًا منذ اليوم الأول لكارمن في المنزل. 

اعتقدت ليلي أن شيئًا ما حدث بينهما ، وان الامور تسير علي مايرام ، لأنها تري أدهم مختلفًا تمامًا عما كان عليه طوال حياته ، فمنذ متي وهو يستمع إلى رأي اي شخص ، حتى هي.

ربتت على يد كارمن بحنان ، قائلة بفخر وسعادة : برافو عليكي يا كارمن دا بقالو سنين ماخدش يوم اجازة 

همست كارمن بصوت منخفض ، لكنهم سمعوا جميعا : رجل فولاذي بجد 

ابتسم ادهم قائلا بمشاكسة : قولي الله اكبر من اول يوم قايم من النوم ظهري وجعني

غصت كارمن وهي تشرب العصير من كلماته التي تحمل معاني كثيرة ، وهى تشعر ان الحرارة ترتفع إلى خديها بقوة.

مريم بخوف : اسم الله عليكي يا بنتي .. 

ناولتها كوب من الماء ، فشربته كارمن كله و هي تنظر الي ادهم بنظرات نارية ، ليبتسم لها ببرود كى يستفزها اكثر.

قالت ليلي و هي تلاعب ملك : علي فكرة يا ادهم ملك هتم السنتين بعد كام يوم 

ليأخذها أدهم من والدته ويضعها على قدميه ، وهو يقبل الطفلة على خديها بحنان وقال بهدوء : عارف يا امي و ليها عندي هدية حلوة 

حادثت كارمن بإبتسامه جميلة ، لطفلتها التي تلعب في هاتف ادهم : قولي لعمو شكرا يا لوكه

ليلي بسؤال : هي لسه برده مش بتكلم كتير

كارمن بحيرة : عاوزة اخدها للدكتور بتاعها يطمني عليها لان الاطفال في السن دا بينطقوا كلمات كتير حتي لو مش صح بس هي كلامها بسيط خالص 

مريم بضحكة : كارمن لحد ما تمت السنتين اصلا مكنتش بتكلم انا و ابوها كنا حيرانين اوي و روحنا لدكتور قال هي مفهاش حاجة و اكلوها يمام جبنالها اليمام يومها مش بتبطل الكلام 

شعرت كارمن بالحرج ، حينما لمحت ابتسامة ادهم ، لتقول بتذمر طفولى : انتي حكيتي الموضوع دا مليون مرة يا ماما 

ضحكت ليلي ايضا وقالت : ياسين و هو عنده سنة و نص كان بيقول كلمات كتير و غريبة .. مالك كان علي طول يكلم معه كأنه راجل مش طفل .. الولد طلع لسانه شبرين قدامه

ضحكت كارمن بشدة ممَ جعل أدهم يشرد بملامحها الساحرة وشفتيها المبتسمتين ، ثم ضمت شفتيها بإغراء غير مقصود بينما كانت تمضغ الطعام . 

ذهب معها إلى عالم آخر لم ير فيه إلا هي ، ابتسم تلقائيًا ، ولم يستيقظ إلا عندما لمست أمه كتفه بحنان ، فنظر إليها بدهشة.

ليلي بذهول : روحت فين يا ابني ؟

ادهم بجمود : معاكم يا امي 

ثم نظر الي كارمن مردفًا : قوليلي قبل ماتروحي للدكتور عشان اجي معاكي

كارمن بلا مبالاة : مفيش داعي تتعب نفسك ماما هتروح معايا 

ادهم بحزم : لا هاجي انا معاكي بلغيني بس قبلها 

فهزت رأسها بالموافقة لتغمغم : تمام 

كانت نادين تتابعهم بصمت. ،و لم تحاول مشاركتهم الحديث ، وشعرت بتزايد الكراهية داخلها اتجاه كارمن. 

لا تصدق أن أدهم الذي لا يمزح ولا يبتسم ، ولو قليلاً تراه الآن يتحدث و يمزح بتلقائية ، و ظلت تتواعد في نفسها لكارمن و هي تفكر في خطوتها التالية.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند روان 

هدأت قليلاً من نوبة البكاء ، وشعرت بالارتياح لأنها أفرغت ما كانت تشعر به من غضب وتوتر ، ونهضت بعزم إلى الحمام و توضأت ، و ذهبت لتلبس اسدال الصلاة لتأدي فرضها.

تفكر أنها ليست صغيرة لتشكو مشاكلها لأحد ، أنها ستلجأ إلى الله سبحانه وتعالي الذي سيهديها إلى القرار الصحيح ويزيل همومها.

★★★

أما هو فكان يجلس يلوم نفسه على قسوته عليها. 

ليس ذنبها ، كان هذا اختياره من البداية ، كانت لديه فرصة للرفض ، لكنه لم يرفض ، كان جزء مما قاله كذبة ، فلم يضغط عليه أحد كما اوهمها.

لا يعرف لماذا قال لها هذا الكلام ؟ 

لماذا ينتقم منها هي ؟ 

كان على وشك أن يجعل زواجهما حقيقيًا وأن ينسى كل شيء آخر ، لولا طرق الباب التي جعله يعود إلى رشده. 

هل قال لها ذلك لحماية قلبه بعد تعرضه للخذلان والخيانة ؟

تذكر أول مرة رآها عند عودته من القاهرة بعد تخرجه أعجب بجمالها الذي تضاعف ، فعندما سافر كانت لا تزال صغيرة جدًا ولا يتذكر أنه كان يراها في إجازاته ، لكن ما اعجبه بها نظراتها كانت لا تزال بريئة و قلبها نقي. 

كان غاضبًا جدًا عندما تذكر "جمال" ابن خالها البغيض

عندما مدحها أمامه وهو يرأى نظراته إليها ، كان سينتف رأسه ، فحينها شعر بنيران تندلع داخل قلبه ، و بدون لحظة تفكير واحدة عندما فتح جده معه موضوع زواجه منها ، وافق على الفور.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

اما في ايطاليا 

لازال مراد يجلس في المستشفي يكمل علاجه

سمع رنين هاتفه فأجاب سريعا عندما عرف المتصل

مراد بغضب شديد : انت فين يا زفت يا حمدي بتصل بيك من وقت مافوقت و انت مابتردش .. حسابك بعدين دلوقتي بسرعه قولي ايه الاخبار

حمدي رجل من رجال مراد في مصر فهو من يراقب كارمن ك ظلها و لكن دون ان يلفت الانظار

اجاب حمدي بأدب و ارتباك : اسف جدا يا فندم .. بس انا عندي ليك اخبار مش هتعجبك يا مراد بيه

مراد على الفور : قول بسرعه

حمدي بخوف اشد من الذي سيقوله : مدام كارمن اتجوزت امبارح 

قاطعه مراد بحدة مخيفة : نعم يا روح امك انت اجننت ايه اللي بتقوله دا و ازاي دا حصل 

اجاب حمدي سريعا : زي ما بقولك كدا يا باشا اللي فهمته انها خلصت عدتها و اتجوزت ادهم بيه رجل الاعمال اخو جوزها اللي مات 

شعر بصدمة قوية فهو بالطبع لم يتوقع هذا الخبر ، ووصل غضبه لذروته واندلعت النيران في شرايينه يصرخ بغضب جامح : عينك ماتنزلش من عليهم انت فاهم و انا هنزل مصر خلال الاسبوع الجاي

أغلق الخط وهو يفك أزرار قميصه بعنف ، وبدأ يدور في الغرفة بغضب ، يفكر أن عليه أن يضع حدًا لكل ما يحدث ، ولكن عليه الأن انهاء كل شئ هنا أولا ، وظهرت نظره شر مظلمة في عينيه تعلن بداية الجحيم 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close