رواية ضراوة العشق الفصل الثالث عشر 13 بقلم دهب عطية
لبارت الثالث عشر
كلما اردت الفرار انغلقت الأبواب...
كلما اردت النتفس ذاد الاختناق.....
كلما امتلكت السعادة تنزلق كالرمال
وحين افترس عشقها كياني علمت أنني عاجز
حتى عن النسيان !...
(راوية: ضراوة العشق)
______________________________________
تناولت اخر قطعه من شريحة الدجاج وهي تلوي شفتيها باعجاب.....
نظر لها بطرف عينيه وهو يقول بمداعبه طفيفه...
"يارب الأكل يكون عجبك... ولو في اي ملاحظات كلي اذان صاغيه..."
مسحت فمها بالمنديل الورقي وهي تقول بحرج من تتبع عيناه للقادم منها...
"بصراحه الأكل حلو.... تسلم إيدك..."
اكتفى بهمهما بسيطه وهو ينهض من مكانه وفي يداه الطبق الذي اكل به....فعلت هي أيضاً المثل واخذت طبقها واتجهت به لحوض الماء الصغير...
"بتعمل إيه ياعمرو....." مسكت منه الطبق وهي تقول
بحنق..
"سبهم انا هغسلهم..."
تركهم لها وهو يقول ببساطه...
"انتي مضايقه اوي كدا ليه.... فيها إيه يعني لو غسلتهم..."
"مفهاش حاجه..... بس انا وقفه معاك ومينفعش... وبعدين اي شاطره دي كلها انا فكره إنك قبل ماتسافر
كنت بتكسل تشغل Coffee machine..(آلة صنع القهوة)....... اي اللي أتغير بعد سفرك..."
ابتسم بجمود لم تلاحظه فكانت عينيها مسلطه على الأواني التي تقوم بغسلها...
"حاجات كتير اوي اتغيرت......"
لم تنتبه لنبرته الغريبه بل قررت السؤال...
"إيه يعني مش فاهمه..... كُنت بتعمل كل حاجه لوحدك وانتَ هناك...."
رد بإختصار...
"حاجه زي كده...."
رفعت عينيها عليه ثم سألته باستفسار...
"طب لي مجبتش شغاله تقوم بطلباتك...."
ضيق عينيه وهو يحدج به بهدوء قبل ان يقول بخبث...
"مش لازم دارين بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان مضطرش اجيب شغاله................. اصلها بتغير..."
وقع الطبق من يداها ارضاً ولا تعرف متى
وكيف انزلق بتلك السرعة.... جثت ارضاً لتلم
اجزاءاً متناثرة حولهم...
هبط لجوارها وحمل القطع الزجاجيه وهو
يقول بجفاء...
"مالك ارتبكتي كدا ليه...... وطبق وقع منك إزاي...."
برمت شفتيها بحنق...
"معرفش اهو وقع وخلاص...... عادي...."
افترس وجهها وهو يرد بغموض...
"لا مش عادي.."
فغرت شفتيها ورفعت عينيها عليه
وهي تقول بتوتر.....
"يعني إيه...... آآه..."
نظرت الى ابهامها الذي جُرح من طرف الزجاجه بدون ان تلاحظ انها كانت تتكأ عليه اثناء تحدثه..
اختفت القسوة من على وجهه وهو يتناول يدها قائلاً
ببعض القلق....
"اتعورتي فين وريني...."
سحبت يدها منه بقوة وهي تقول بصوت مبحوح...
"مفيش حاجه.... دا جرح بسيط...." خرجت من المطبخ متوجهه الى الحمام مُغلقه الباب خلفها تاركه الدموع تنزل الان باريحيه...
لماذا تبكي.... لماذا يهوى قلبها لسابع أرض ويتمزق لمجرد حديثه عن حبيبته او من تحبه وهو غير مبالي
بها او بحبها... لكنه يقدر غيرتها ويبدو انه لا يحب ازعاجها وحزنها منه.... تلك الأسباب قوية جداً لبدأ
علاقة عاطفيه مع 'دارين'...
مادخلكِ فاليحب ويعيش كما يريد.....
مزلتِ معطوبه مهزوزه غير متوازنة في حياتك ودخول مشاعرك في علاقة حب بعد فشلك الذريع في زواجك الذي انتهى بخيانه وقهر حتماً ستنالي
من العذاب أضعاف مضاعفه...لا تزالي في بداية
طريق الشفاء من التجربة الأولى فلا تزيدي الأوجاع
بإدخار قلبك مشاعر غريبه لذيذه وثمينة! لرجل بعيد كامل البعد عن الاستداره لكِ بعد فعلتكِ المشينة
له في الماضي.....
رفعت عينيها على المرآة فوجدت احمرار وجهها وعينيها بفعل دموعها وضغط على نفسها...
ضعيفه ومهزوزه ومضطربه ولا تعرف العلاج لكل مايعتريها؟..
سمعت طرقه الخافت على الباب وصوته الهادئ يسالها ببعض القلق الذي يحاول اخفائه...
"وعد.......انتي كويسه..."
هزت راسها امام المرآة وهي تنظر لوجهها بسخرية...
"ااه كويسه.......... شويه وخرجه...."
فتحت صنبور المياه وبدت بغسل وجهها ولم تهتم بزينتها التي فسدت كل ما اردته غسل افكارها ومشاعرها الخائنه لعل الصدأ بهم يجري مع الماء
ويمحى؟!....
فتحت الباب وهي ترفع عينيها، فوجئت به ينتظرها عند إطاره مستند بكفه عليه ينظر لها بهدوء يتفحص كل جزء بها بنهم وفضول...
"انتي..... كويسه..." سألها وهو يفصل الخطوات بينهم ليكن بمواجهة وجهها...
"انتي كنتي بتعيطي..." اطرح سؤالاً اخر بعد تفقده
لعينيها...
اسلبت عينيها ورطبت شفتيها بتوتر وهي تجيب باقتضاب...
"انا كويسه.... مفيش حاجه...." كادت ان تتخطاه ولكنه مسك ذراعها وهو يقول بخشونة...
"راح فين..... استني..."
استدارت له فلاحظت تلك العلبة الصغيرة بين يداه
اخفضت عينيها وهي تراه يضع ملصق طبي حول ابهامه وهو يقول بتافف...
"ابقي خدي بالك اكتر من كده...... بذات وانتي بتلمي حاجه مكسوره..."
لم ترد عليه بل سحبت يدها وهي تقول بصوت خافض...
"انا هطلع قعد على البحر شويه...."
تخطت إياه بمنتهى البساطة وخرجت حيثُ الهواء النقي والجو المألوف بروعة سحره، تلك البقعة الزرقاء وما تحمله من طيات ساحره تجذب الجميع لها.... حتى ان كُنت لا تهوى السباحة ولا تفضل الماء
بها، إلا انها تجبرك بالسحرِ الخالص للجلوس
وتتاملها بشرود وعلى حسب حالتك المزاجية تتفاعل معك وكانها تواسيك.... وتساندك.... وتسعدك اينما أردت هذا !؟...
تطاير شعرها من حولها بخفه ونعومه توازي جمالها ورقة شخصيتها......
رذاذ منعش لفح وجنتيها فجعلها تتنهد بعمق وكأنها تبحث عن الملاذ في خلوتها...
لم تظل الخلوه لوقتاً طويل كما ظنت بل شعرت به
يشاركها إياها بمنتهى التطفل منه...
جالساً بجوارها ينظر الى ماتنظر بيده فنجان من القهوة يرتشف منه بهدوء ووجه حجري صلب يبدو وكأنه يريد الاستفسار عن شيء لكنه متردد...
"ناويه تعملي إيه الفتره الجايه..."سمعت صوته فجأه يدوي بسؤالٍ غريب لا تعرف المغزى منه...
التفتت وعد تنظر له وهي تسأله بحيرة..
"مش فاهمه قصدك؟.."
ارتشف من قهوته ولاحظت ان بين أصابعه سجارةً اشعلها حديثاً ولم تلاحظها حتى...تكلم وهو ينفث
من سجارته...
"يعني بعد طلقك......"
بلعت مابحلقها وهي تشيح بوجهها لناحية الأخرى ثم اجابت باقتضاب...
"ولا حاجه.....هكمل في شُغلي..."
قال باستنكار...
"شغلك بس..."
تلك المرة نظرت له برماديتان مُشتعلتان بالغضب
هتفت من بين اسنانها...
"ااه شغلي بس......ولا انتَ شايف حاجه انا مش شيفاها...."
تكلم بصعوبة على ما يحرق قلبه ويخشاه...
"يعني مش ممكن تتجوزي تاني...."
برغم من ان الجملة غير متوقعه الا انها جفلت عمداً وضحكت هازئه امام عينيه الثاقبة...
"اتجوز تاني؟....عندك عريس ليه يعني..."
أشاح هو بوجهه عنها وكان بداخله يلعن نفسه على تسارعه في سؤال الذي يلاحقه منذ ان قرر السفر والابتعاد للمره الثانية ولاخيره عنها ...
حين ذاد الصمت بينهم تحدثت هي وقالت بصوتها العذب...
"مفيش واحده عقله تدخل في علاقه جواز وحب بعد اللي حصلها........مبقتش قدره اثق في حد....انا اوقات مببقش فاهمه نفسي.....ولا عارفه انا عايزه إيه بظبط..... "صمتت وهي تنظر بحزن للبحر اومواجه
المتمردة... وقد احتلى وجهها علامات الحزن... والاحباط... وضياع.....
تكلم بصعوبة عنوة عن كبرياء رجولته المطعون...
" بتحبيه لدرجادي..."
لاحت منها بسمة حزن وعينيها ثابته مكانها....
"كُنت!........." تريثت برهة قبل ان تتابع بسخرية "غريبه اوي مشاعرنا دي ممكن في لحظه حبك يتحول لكره ونفور..... مش عشان بس اللي عمله
لا انا دورت جواي كتير على حاجه تشفع ليه
ملقتش دورت على الحب اللي وقفت قدام الدنيا
كلها عشان اوصله ملقتوش......ملقتش حاجه
تخليني اكمل واستمر معاه!......."
صمتت مره اخرى ولم تنظر إليه ولافضل انها لم
تفعل فبرغم من شعور الشفقه نحوها الا ان ذكرها
لعنادها وخيانتها له جعل ملامحه قاسية غاضبة مخيفة وتحكي الكثير عن ما يعتريه....
تابعت وعد بحنق اكبر ولا تعرف لم تندفع الكلمات على شفتيها إليه وكانها ترتاح بتحدث معه وتلك من الأشياء التي اكتشفتها حديثاً....
"انا اكتر حاجه بكرها في حياتي الفشل...وحاولت كتير بس برضه فشلت....."برمت شفتيها بسخرية أكبر....
رد باختناق حقيقي....
"دا نصيب ومحدش يقدر يغير النصيب..."ايسخر من نفسه الان ام ينتظر قليلاً... ايقوم بمواساة المرأة التي تركته وفضلت عليه من تشكي منه الان وتتحسر
لفشل زيجتهم....... انها سخرية القدر.....
استدارت له وهي تقول شاجنه..
" آآه نصيب...... بس برضو مقولتش...لي بتسأل السؤال ده...."
مط شفتيه بفتور...
"عادي.....مجرد سؤال جه على بالي...."
هزت راسها وهي تقول بسخط....
"مجرد سؤال !!...."سكتت برهة ثم قالت بهدوء غير متوازن مع مشاعرها الخائنه...
" وانت...... مش ناوي تتجوز.... "
كان وجهه حجري بارد لا يعبر عن شيء.... خرج صوته عادياً وكانه يحكي عن طقس اليوم...
" اكيد هتجوز وقريب اوي...."
هوى قلبها بشدة...الى متى ستظل تشعر بنفس الوجع
كلما تحدث عن حياته الخاصه..اليس من حقه؟....تلك انانيه منها، لكن عنوة عنها يخونها الإحساس وتجني على نفسها اسوء المشاعر....
بللت شفتيها وهي تنزع نفسها من عواصف
الأفكار.....
"مبروك...........امته الفرح..."
نظر لها بتمعن أكبر وكأنها شفافة أمامه يرى ويشعر بها جيداً ومع هذا لم يرأف بها وهو يقول ببساطة
مصطنعه...
"قريب....بعد السفر هبعتلكم دعوة الفرح...."
إبتسمت بلطف زائف وهي تقول بيقين...
"دارين...."
ضحك ضحكه خافته تبين مدى ذكائها وتاكد شكوكه...
"عندك قوة ملاحظه عاليه... "
غرزت يدها في رمال الشاطئ مُجيبه إياه...
"مش قوة ملاحظه بس انت مش بتكلم غير عنها من ساعة مكالمتك ليها...."
رد بمكر بارد...
"اكيد مش ببقى قصد...كلام بيجيب كلام..."
قالت بارتباك....
"ودا يأكد ان هي العروسه...."
رد ببرود...
"مش شرط...."
نظرت له بحيره رافعه حاجبها منتظره المزيد ولم يجعلها تنتظر اكثر وهو يقول بصلف...
"مش شرط تكون دارين....ممكن غيرها....يعني على حسب مأنا عايز...."
نظرت له اكثر واكثر وهي تقول بزهول..
"انت غريب أوي يعني اي ست وخلاص....طب والحب و...."
بتر جملتها وابتسم هازئاً مُجيب بجزع....
"الحب....لا دا ملوش لازمه....في حاجات تانيه تتعوض بالحب..."
تابعت الحديث معه لنهاية ولا تعرف لماذا تريد معرفته أكثر من الازم....
"زي إيه.....يعني إيه اللي ممكن يتعوض بالحب...يعني الامان.... الراحه النفسيه..الاستقرار في حياتك مع شخص معين وبناء اسره كل دا بيبقى بدافع الحب..."
رد بطريقة مُعقدة...
"ساعات بيبقى روتين ممل كلنا بنجري عليه عايزين نجرب مَررته...."
جفلت عن طريقته وتعقيده ربما هي سببه الرئيسي مهم هربت منه
لكنها لا تعرف سبب الخساره الزريعه التي اقدمت عليها...ربما جرحته وغضب منها وقتها لكن لا يصل
به الحال ان يلعن الحب والزواج والاستقرار الزوجي
في آنٍ واحد....ربما لم يلعنه ولكن خلف كلماته
لعنات وشتائم تكاد تسمعها بدون ان ينطق بها...
ربما تشعر بحربه لكن لا تعرف ماسبب ضراوة قامت على ساحه لا تناسبها !؟ ....
تحدثت أخيرا وهي تعيد السؤال...
"برضو مقولتليش اي الحاجات اللي ممكن يعوضها الحب...."
"حاجه واحده جواها حاجات تاني كتير...."
عقدة حاجبيها بتوجس...
"مش فاهمه..."
"الرغبه..." قالها ببساطه...
نظرت له وعد وهي مشدودة الملامح وكانها تتأهب للقادم بتردد...
اكمل عمرو وهو يفترس عينيها وملامحها بنهم قبل ان يقول بوقاحه مفاجأه....
"لم الست تحس انها مرغوبه من الراجل اللي متجوزاه... ويشبع رغباتها وهي في حضنه...
ساعتها مش هتحتاج للحب..... لان كل واحد كده عرف هو عايز اي من التاني...."
تقززت بداخلها من تفكيره ومن ما وصل إليه بفضلها..
او ممكن تكون فكره عفِنه في عقله منذ البداية فما دخلها هي آذن ولكنها ستقدم نصيحتها بم انها أمرأه
وتتفهم ما يهذي به جيداً....
تاهبت للنهوض ولكنها قالت بلطف...
"حتى الرغبه اللي بتكلم عنها بيبقى وراها حب... ولو كانت الرغبه فيها من غير حب فصدقني هتزهق منها بسرعه اوي.... فبلاش تفكر بطريق دي عشان اول واحده هتقع في طريقك هتتآذي بسببك جامد... ويمكن تحبها وتندم انك خسرتها... " ابتعدت عنه وسارت لداخل...
ابتسم بغضب وهو ينظر للبحر... تقول ان الرغبه اساسها الحب.... ولماذا كانت في حضن صديقه
وعلى فراشه بدون اي رابط شرعي بينهم...
أ كانت الرغبه أيضا... لا لا.. بل الرغبه والحب معاً
هذا هو المبرر الأقوى آذن ؟!....
ابتسم هازئاً وهو يبصر بشرود..
هل يتألم بما اقترفته اثناء خطبتهم ام يتألم بما اجرته سريعاً بعد سفره.... الاوجاع كثيره وجميعها يشتبك ببعضه.... ورغبه الانتقام تفوق صبره وتحمله لعامان واكثر يريد نيل حقه المسلوب.... ورجوله
مطعونه....
لكنها رغبه هوجاء ربما تخلص منها بعد مرور الوقت
بعد السفر سينسى... لن يسمح لنفسه بالانزلاق اكثر من هذا معها....
هو ليس لها... وهي لا تصلح زوجه... ولا امٍ لأولاده.... فقط ليته يتخلص من سحرِ عشقها وتنتهي
الضراوة للأبد....
____________________________________
قبل الغروب تجمع فريق العمل القادرين على اقامة موقع التصوير بشكلٍ مناسب لاجرء جلسة التصوير
بصوره طبيعية في مكان ساحر يستحق الرحلة منذ البداية...
نظرت وعد بجوارها عن بعد فوجدت صديقتها نهى تجلس بالقرب من طارق تتحدث معه وتضحك وتبتسم بسعادة وكان النجوم تتلألأ بعينيها
ولاول مره تراها هكذا....أبتسمت لهم بفرحه
حقيقيه وهي تتمنى لهم اتمم مشاعر في بداية
خروجها للنور.....
رجعت برماديتيها للأمام، راته أمامها بمسافة ولكن يوليها ظهره...يلتقط بعدسات الكامرا صوره للفاتنة (آنَا...)التي لا تكل ولا تمل من إظهار ما يفتن اعين الرجال بها... ترى على يتاثر او يلاحظ خبث تلك الشقراء غربية الطباع؟... بطبع يلاحظ فهو يتعامل ويخوض مع امثالها هل هو برياء مثلاً !...
رأته يتقدم من الشقراء ويرجع خصله من شعرها للخلف لتجد 'آنا' ترجع شعرها الاشقر للخلف اكثر
بطريقه مغريه ثم التقط هو الصوره بعدها....
صاح عمرو بصوتٍ هادئ....
"بريك ياجماعه...لحد ما آنا تغير الفستان...ساعديها ياميار...."
اومات له ميار وهي تتطلب منها بلكنه الانجليزية وهم يسيرون للداخل ....
رفعت زجاجة المياه على فمها بعدم اكتراث فوجدته يتقدم منها جالساً على مقعد بجواره يفصلهم طاوله بلاستيكيه.....
انزلت الزجاجة وكادت ان تغلقه ولكنه قال بارهاق...
"هاتي المياه دي ياوعد...."
نظرت للماء ثم له وقالت بهدوء وهي تجلب زجاجه مغلقه لم يفتحها احد بعد...
"خد دي...اصل....."
سحب من يدها الزجاجة التي كانت تشرب منها رفعها على فمه وسط نظرتها المتفحصه...انزل الزجاجة وهو يقول ببساطه....
"اكيد مش هقرف منك يعني.....او ممكن انتي اللي تكوني قرفانه انك تشربي من مكاني...يمكن
متشربيش منها تاني..."
استقامت اكثر في جلستها وهي تقول بحنق...
"اي اللي انتَ بتقوله ده....بطل تبصلها بشكل ده انا بس ادتك غيرها عشان متكنش مضطر تشرب مكاني..."
نظر لعمق عينيها وابتسم بحنان تلك المرة وهو
يقول بصدق...
"مُضطر؟....ياريت الواحد يضطر كده دايماً ..."
توردت وجنتيها عنوة عنها وهي تشيح بوجهها لناحية الأخرى....
قال مداعباً بوقاحه....
"بوز الازازه كان مسكر اوي...."
"عمرو...."ضربت كفه المرتاح على الطاوله وهي تنظر له بحدة.....رفع عينيه بصدمة وهو يقول بدهشه...
"انتي عملتي إيه...."
للحظه خشت منه فقالت بتلعثم..
"مش قصدي...ولا اقولك آآه قصدي..مانتَ كمان بتقول حاجات متصحش...."
"متصحش ولا تصح.....مد ايدك ده مش هيعدي
على خير...."
ركضت من أمامه فلحق به باصرار معظمه
غضب ولاخر شوق لخلد ذكرى جديدة في ذهنه...
لحسن حظهم ان الشاطئ كان فارغ وان بعض المساعدين في موقع التصوير قد اختفوا بعد قول (البريك) وكانهم قرروا استغلال الساعة في مكان
اجمل....
كانت تركض وهي تاخذ انفاسها بصعوبه ثم قالت بحنق...
"عمرو بس بقه بجد..... انتَ اللي قليل الادب وبتتعدى حدودك...."
ركض خلفها يريد ان يمسك بها فقال بتهكم...
"يعني مش بس ايدك اللي طويله دا لسانك اطول منك كمان...... تعالي هنا ياوعد...."
"وللهِ اذا كان عجبك...انا مبعرفش اسكت....وبعدين لا.... نفسك طويل امسكني.... "
"ماشي... بس انا مبعرفش اسامح..."ركض خلفها اكثر وكادَ ان يمسكها فصرخت بقوة واسرعت اكثر ومن شدة ارتكبها دلفت الى البحر ببنطالها الجينز وكنزتها الرقيقه....
"آآه عمرو....لا لا..بجد...خلاص اخر مره..."فلتت منها ضحكه ممزوجه بالخوف من مواجهته لها وسعيدة بركض ولعب لم تفعله منذ الصغر....
وجدته يصفعها بخفه على كتفها.... وللهِ كانت رقيقه بقدر رقة قلبه وحنانه الذي يخفيه عن عينيها متعمد
إخراج شيطان يغوي إياه بالافكار السامه فقط...
عقدت حاجبيها وهي تقول بغضب....
"اي ده انتَ بتهزر..... ازاي تمد إيدك عليه..."
اقترب منها اكثر وأصبح لا يفصل عن وجوههم الا عقلة اصبع قال امام عينيه باستفزاز...
"وبنسبه لحضرتك...."
"انا..."
قاطعها وهو يقول بجدية...
"اخر مره ياوعد..... انا قلبتها معاكي هزار... بس بجد انا مبحبش الطريقه دي وبذات قدام الناس..."
زمت شفتيها وهي تقول بتبرير...
"انتَ اللي استفزتني ياعمرو...."
رد ببساطة مُذكرها بوقاحته...
"بالعكس انا قولت الحقيقه...."
توردت وجنتيها قليلاً وهي تقول مندفعه بغضب زائف..
"وانا مش عايزه اسمع الحقيقه.... احتفظ بيها لنفسك...."
همهم وهو ينظر حوله بتأني والماء الأزرق يحاوط اجسادهم بتناغم.... قال بعتاب يغيظ إياها...
"مبسوطه كده...شكلنا هيبقى إيه واحنا خرجين مبلولين كده..."لوت شفتيها وهي تقول بتهكم...
"مش ذنبي انتَ اللي خضتني...."
نظر الى عينيها الرمادية الامعه ووجهها المبلل الجميل وشعرها الاسود الذي يطوف فوق الماء وحركة جسدها الغض داخل المياة...قال بدون حسبان...
"شكلك حلو...."
"عمرو...."صاحت بأسمه بحنق وهي تشيح وجهها عنه بخجل وغضب مِن آثارة مشاعرها التي بالكاد تتجاهلها امامه بعد حديثهم الذي مَر عليه ساعات...
فاق على صوت تالمها وهي تنحني لتلامس قدميها...
" مالك ياوعد..... في حاجه بتوجعك... "
ردت بتالم وهي تتحسس قدمها...
"مش عارفه في حاجه قرصت رجلي من تحت.... شكلها اتعورت...."
احتل وجهه علامات القلق وهو يمسك يدها ليخرج به....
"تعالي اشوف مالها رجلك..."
تبقى عدة خطوات وتصل لشاطئ ولكن حينما لمست قدميها الارض حتى صرخت وهي ترفع قدمها اليمنى وكادت ان تتعثر لولا يد عمرو المطبقه عليها
والذي اسندها سريعا....
"وعد مالك...."
تاوهت بتالم وهي تقول ....
"مش قادره أقف على رجلي....بتوجعني اوي... "
مالى عليها وحملها على ذراعه...شهقت وهي تقول بضيق...
"نزلني ياعمرو مينفعش كده.....افرض حد شافك دلوقت هيـ.."
قاطعها بنبرة مهيبه...
"ولا كلمه ياوعد.......رجلك بتجيب دم...."نظرت باتجاه قدميها وبرغم من انها لم تراها
بسبب وضعيتها الا انها رات الدماء تسيل من
الاسفل موضع الألم بظبط وهذا سبب عجزها عن إكمال السير....
لم ينتبه كلاهما للعدسة المتربصة لهم تطفل عليهم منذ ان بدأو ركضاً خلف بعضهم....استكفى المصور وهو يقول بحماس...
"كده احلوت اوي الصور دي هتقلب الدنيا.."
جلست على المقعد امامه قال عمرو قبل ان يدلف لداخل...
"خليكي مكانك هجيب مطهر وشاش وقطن وجاي...."
تحسست قدمها بتعب فوجدت ان الدم يسيل ببطء على الرمال....تاففت بضيق في تلك اللحظه ظهر عمرو وجلب علبة الاسعافات الصغيرة....جثى على ركبته أمامها وغسل قدمها اليمنى بالماء ثم جففها
بالمنديل قبل ان يبدأ تعقيم الجرح ولفه بشاش قطني واثناء تعقيمه لجرحها كان يضع قدمها فوق
ساقه بدون حرج...امّا هي فكانت تموت من فعلته
ولدهشه من أفعاله تربكها وتزيد انجراف مشاعرها
مع التيار؟!...
تاوهت عنوة عنها فوجدته يعتذر بحنان قائلاً...
"معلشي ياوعد مخدتش بالي..."
اومات له بحرج يلتهم خلايا عقلها....
تحدث مداعباً وهو يربط الجرح....
"شكل النهارده يوم الحوادث العالمي عندك....."
"يسلام ماكل منك ولا ناسي انك سبب المرتين..."
ضيق عينيه وهو يقول بانتباه....
"سبب المرتين إزاي...."
اشاحت بوجهها وهي تغير مجرى الحديث ببراعه...
"معرفش اسأل نفسك....وبعدين مين اللي خضني وضطريت ادخل المايه بسببه...."
اشار على نفسه وهو يقول بصلف...
"العبد لله...."
ضحكت عنوة عنها وهي تهز راسها مستاءة..
"مش هتتغير....لم الحوار ميكونش عجبك تقلبه بسرعه لهزار..."
رفع حاجبه وهو يقول باعجاب بارد...
"غريبه فهمتيني بسرعه دي......"
قالت بنبرة لا تقبل الشك...
"انا فهماك من زمان......مش ابن عمي...."
برم شفتيه بأسى...
"ااه ابن عمك.....بس دا مكنش باين زمان...."
جفلت عنه باطراق رأسها وهي تقول بهدوء...
"يمكن عشان مكناش قريبين اوي من بعض...."
نظر ببنيتان ثاقبتان قبل ان يقول بجزع...
"واحنا كده قريبين....."
"لا....... آآه...... يعني شويه...."تنفست بصعوبه وكلما طرق الحديث ابوابه لهم ذكر شيءٍ من الماضي وكانه لم ينسى بعض ولم يشفى حتى منه......
"وعد مالك اي اللي حصل لرجلك....وهدومك لي مبلوله كده...."تقدمت نهى منها وهي تسالها بقلق
وشك بعد رايت عمرو بملابسه المبلله أيضاً....
لاحظت وعد تلك الكارثه الآن فجفلت عن السؤال للحظه قبل ان تقول بتردد...
"مفيش يانهى يعني دوست على حاجه وتعورت...و"
قاطعها عمرو وهو ينهض ويمد يداه لها لكي يسندها
لدخول....
"هاتي إيدك ياوعد......وطلعي معها يانهى
ساعديها تغيري هدومها دي عشان متبرديش...."
وجدت وعد نفسها تقول سريعاً...
"طب وانتَ......هتفضل كده...."
عنوة عنه شقت شفتيه بسمه صغيره وهو يطفو بعينيه على ملامحها الجميلة ولكن بتدريج اختفت الابتسامه الجذابه من على محياه وهو يقول
بهدوء...
"هطلع اغير بس اطلعي انتي الأول...يلا يانهى..."
كانت نهى فغرت الفم وهي تراقب مايحدث أمامها ماذا تغير بينهم ليكن عمرو بهذا الاهتمام والحنان
في آنٍ واحد نحو صديقتها وحتى صديقتها صلبة العقل والمشاعر وبذات امام شخصية 'عمرو' تقف
الآن وتصر على تبديل ملابسه حتى لا يبرد...هل فقدت عقلها ؟!....
كانت تصعد للاعلى وهي تسند بيدها على كتفه
وبالكاد تصير بصعوبه وتألم خفي فهي تكبح تآوه
الوجع بشفتيها وهي بجواره حتى لا يتهور
ويحملها على ذراعه كما فعل منذ دقائق....عليها الصمود فصديقتها مدهوشة الملامح تسير خلفهم
سمعت صوته العذب في حنانه يسالها....
"قدره تدوسي عليها... ولا بتوجعك...."
قالت بكذب...
"لا مش بتوجعني.....قدره ادوس عليها...."
"مش باين....."مط شفتيه بعدم تصديق فملامحها حمراء بطريقه ملحوظه وعينيها تترقرق بهم
الدموع الحبيسة...
دلفت للغرفه أخيراً وضعها على الفراش بمساعدت نهى التي اتجهت بعدها لملابسها لتخرج له
غيار آخر....
تكلم عمرو قبل ان يخرج بهدوء...
"خليكي معها يانهى.....بلاش تنزلي... حد تاني
هيكمل شغلك...."
اومات له بسعادة وامتنان....
قبل خروجه من الغرفه نظر لها نظره عميقه مليئه بالكثير من المشاعر بعدها ان تذوقته لن تتركه أبداً
ظنت ان بعد تلك النظره سيقول شيءٍ ما، لكنه
لم يفعل كل مايصعب قوله على لسانه قالته عيناه
وان لم تفهم فالاتزال في بداية الطريق معه!....
قالت بسرعه قبل ان يغلق الباب ويتركها...
"عمرو....غير هدومك.....عشان متتعبش... "
ذاك الإهتمام والسؤال محور اللذه الحقيقيه في هذا
الوقت جعلته ينظر لها بحنان وحب لاول مره
قبل ان يكتفي بإيماءه بسيطه قبل ان يخرج مغلق الباب....
تنهدت براحه وهي تبتسم كالمسحوره فوجئت بمن تجلس بقوة جوارها وهي تصيح بفضول....
"هو في اي بظبط..... اي اللي بيحصل مابينكم..."
"اي يانهى خضتيني...."وضعت وعد يدها على صدرها....
صاحت الاخرى كالمجنونه الفضوليه...
"خضيتك؟؟... يعني كمان سرحانه....قوليلي بسرعه
اي اللي بيحصل بظبط.."
زاغت عينا وعد وقالت بانكار...
"ولا حاجه يانهى......عادي..."
صاحت الاخرى بيقين مُصره....
"يعني إيه ولا حاجه انتي مش شايفه شكلك و..."
"نهى كفايه رغي وتعالي ساعديني أغير هدومي..."
حاولت وعد تجنب السؤال وهي تحاول النهوض
عن الفراش...
نظرت لها الاخر بضيق وبرمت شفتيها قائلة بثقه...
"طيب براحتك....خليكي مخبيه عليا...بس انا واثقه
إنك هتيجي بنفسك تحكيلي..."
"ماشي ياست الواثقه...."صمتت وعد قليلاً ثم قالت
بخبث...
"ااه صحيح...اي اخبار طارق لخمه..."
اندفعت نهى لاول مره تدافع عنه...
"متقوليش عليه كده ياوعد...اسمه طارق انور...."
رفعت وعد احد حاجبيها بزهول...
"سبحان الله دانتي اللي مطلعه عليه الإسم ده.........ياترى اي اللي غير رأيك يانونا...."
ابتسمت نهى بحرج وهي تقول....
"يعني اكتشفت ان طيب وحنين وميستحقش التريقه عليه....دا جدع اوي ياوعد...وعمره ما عرف
ولا أعجب ببنت غيري....."
قالت وعد بتوجس زائف...
"غيرك !!...ااه قولتيلي....طيب...."
قالت نهى بتردد ووجنتين حمراء...
"صحيح ياوعد انتي اي رايك في طارق...."
قالت وعد ببساطة...
"رايي؟.. مش مهم رأيي....رايك انتي الأهم ..."
ردت نهى بابتسامة حالمه...
"هو زي مقولتلك معندوش علاقات حب قبلي ولا عمرى اتكلم مع وحده غيري...دا غير ان طيب وجدع وحنين.... "
قدمت وعد نصيحه لم تاخذه من احد في
الماضي..
"كويس.... بس بصي يانهى بلاش تتسرعي في الموضوع.... سيبي كل حاجه مابينكم تاخد وقتها.....حتى مشاعرك بلاش تعبري عنها غير لما تتاكدي منها ومنه اكتر...."
اومات نهى لها بدون جدال اخر وهي تقول...
"دا اللي هيحصل....وهحول معلقش نفسي بيه...
يمكن ميكونش في نصيب بينا...."
_____________________________________
بعد ساعات من العمل انتهت جلسة التصوير وحل الظلام الدامس على الجميع.....
قال عمرو للجميع بعد ان جلس على المقعد...
"احنا هنبات هنا اليلادي...وصبح ان شاء الله هنرجع..."
اوماء الجميع له...فبدأ بتفحص حاسوبة وهو يتفقد تلك الصور التي التقطها منذ ساعات.....ثم قال وعينيه على الحاسوب...
"في اوضتين فوق واحده هتبات فيها وعد ونهى...والتانيه لآنَا وميار....وتحت هبات انا وشباب تمام..."
أومأ له الجميع بأحترام و مره اخرى بالموافقه....فظل متكأ امام حاسوبه بتركيز....لكن بعد مدة من العمل أنتبه لوجود نهى في الأسفل..فاشار إليه لتتقدم....ففعلت وهي تقول بخفوت...
"أيوه ياستاذ عمرو....عايز حاجه.. "برم شفتيه
من القب ولكنه قال لها بهدوء...
" وعد لسه نايمه.... "
ردت بخفوت...
"آآه نايمه.... انا لسه بصه عليها وكانت نايمه برضو.. مردتش اصحيها زي محضرتك امرت..."
اومأ لها وهو يشير لها بالانصراف نفذت اوامره على مضض فهي تكره لغة الإشارة..... اتجهت نحو (طارق)
وبقت بالقرب منه متحدثه معه بأمور عديده تخص حياتها وطباعها وهو لم يمل منها قط بل شاركها من اسراره وحياته الكثير برغم من تلعثم لسانه في الحديث وتعرق جبهته وتوتر عينيه كلما نظرت نحوه وابتسمت له بكل بساطه الا انه أكمل بشجاعه
هائله الحديث معها ...
بعد مده كان لا يزال على نفس الجلسه منكب امام الجهاز يعمل بشغفٍ واضح جعله لا يشعر بالوقت الذي مر سريعاً....
ابعد راسه للخلف وهو ينظر للإمام بتعب، مرر يده على جانب عنقه وهو يزفر بارهاق... ثم أغلق جهاز الحاسوب وهو ياخذه لوضعه بمكان مناسب.....
صعد على السلالم بعد ان أتبع لها طعاماً مخصوص لها....
دلف لغرفتها بعد ان طرق الباب ولكنه حين دلف مُغلق الباب وجدها لا تزال نائمه....
اقترب منها ووضع الاكياس على المنضدة بجوارها ثم جلس بجوارها ولمس وجنتها بلطف وهو يقول بحنان...
"وعد...وعد....."
برمت شفتيها بانزعاج وهي تعود لناحية الاخرى موليه إياه ظهرها و لم تشعر بثوبها العلوي الذي ارتفع قليلا مُظهر جزءاً من ظهرها الأبيض
المشدود...
نظر لناحية الأخرى وهو يزفر بخفوت....
مد يده وسترها بالفراش وهو يقول بخشونه كي
تعي وجوده.....
"وعد...قومي......"
تلك المرة انتفضت في نومها وهي تنهض بفزع...
"اي ده انتَ بتعمل اي هنا....إزاي تدخل كده..."
نظر لوجهها الشاحب ثم قال بنزق...
"براحه ياوعد.......مفيش حته فيكي نقصه..."
نظرت لصدرها فوجدت ملابسها بمكانها...فبلعت ريقها وهي تقول بحرج...
"انا اسفه....بس اتخضيت لم شوفتك مكنش ينفع تدخل كده من غير ماتخبط على الأقل..."
رد بسأم واضح...
"خبط وفتكرتك صحيتي من النوم....ولما لقيتك لسه نايمه حاولت اصحيكي براحه مجش معاكي...
عليت صوتي فتخضيتي دي كل الحكايه...."
نظرت له بحرج وبررت بـِ...
"شكلي اتخدرت جامد من الوقفه على البحر.. فنمت كل ده...."
هز رأسه بتفهم وهو ينظر الى قدميها المغطاه تحت شرشف الفراش...
"ولا يهمك... المهم رجلك عامله إيه لسه وجعاكي..."
قالت بهدوء..
"يعني وجع بسيط...."
قال بحنو...
"يومين وهتخف.....وانا هغيرلك عليها الصبح قبل مانرجع..."
رفعت حاجبها بأستغراب...
"هنرجع؟...خلصت شغل خلاص..."
رد بفتور وهو يحدج بعينيها المحببه له...
"ااه الحمدلله.....كده فاضل الشغل على الاب توب
لم اخلصه هبعته من على النت ليكي.... من هناك..."
نظرت له مردده بعدم فهم...
"من هناك....من هناك فين؟..."
"فرنسا.... انا هسافر بعد بكره الصبح....لسه قفل مع هند ومعرفها... "نهض وهو يحضر لها اكياس الطعام فقالت عنوة عنها بحزن...
"بسرعه كده هتسفرو..."
"هنستنا ليه اكتر من كده.....ان اهملت الشغل اللي هناك كتير....وكده الشركه هتقع وانا تعبت لحد ماوصلتها للمستوى ده......
" خدي كُلي....انتي متغدتيش معانا تحت بسبب انك كنتي نايمه....."فتح العلاب أمامها وهو يحدج بها بنظره مبهمه قبل ان يقول بهدوء.......
"مالك ياوعد سكته ليه..."
نظرت له وهي تهز رأسها بنفي...
"مفيش.....انتَ ليه جبت اكل......انا مش جعانه...."
مط شفتيه وهو يرمقها بحيرة تماثل نبرتها...
"أزاي مش جعانه انا واكل انا وانتي من بدري.......
كُلي وبطلي دلع ..."
هزت راسها باصرار وقد تمكن منها الحزن فقالت بنفي اكبر....
"مش دلع......... بجد مش جعانه...."
"وان قولتلك عشان خاطري...."
هذا هو السحر يجري بعروقي وانا مخدره مزلت لا أعلم بهواية مشاعري نحوه ، ولماذ انزعج من فكرة سفره الم يأتي لهنا فقط لحل مسألة طلاقي ويرحل بعد انتهى الأمر وقد فعل!... فلماذا تفور دمائي بداخلي لمجرد سماعي برحيله المتوقع منذ عودته...
(وان قولتلك عشان خاطري...)
اي أمرأه أمام تلك الجمله ومنه هو بكل ما يتمتع به من رجولة.. و وسامة.. جاذبية بمعاملته وحنانه يجعلكِ مغمضة العينان تلبي الطلب عن طيب خاطر...
فهو يستحق ...
مدت يدها وبدات تاكل الطعام بصمت....فوجدت أنه أحضر طعامها المفضل...(تعشق تلك الاكلات البحرية
بجميع انوعها واشكلها...ومذاقها في الطهي المحترف....)
ظنت انها صدفه فلم تتحدث واكلت بهدوء يشوبه بعض الحرج....
نهض عمرو وهو يقول بصوتٍ اجش....
"هسيبك تاكلي براحتك.....واعملي حسابك هنرجع بكره الصبح عشان في شوية حاجات هعملها في شركه قبل ما سافر...."
توقفت المعلقه امام فمها بفعل يدها التي تصلبت كلما ذكرها بسفره......وجدته يستدير لها وقبل ان يغلق الباب قال ببساطة...
"ياريت تاكلي الاكل كله....انا جيبلك انواع السمك اللي بتحبيها...."أغلق الباب بعد بسمة بسيطه لم تلامس عيناه....
فغرت شفتيها وتوسعت عينيها بصدمه...فـصدفه مقصوده....من اين علم؟... ولماذا يحفظ بكل هذهِ
الدقه...فالعجيب انها تفضل طهي معظم الاصناف
البحرية بطريقة وصفة تتقنها بعض المطاعم
الفخمه من ضمن وصفات عديدة لنفس
الاصناف !...من اين له بمعرفة الوصفه التي
تفضلها بهم بكل هذه الدقة ؟؟...
غريب....
والغريبه انها ضائعه في افكارها؟!..
(العشق؟ اختلاف الحب و العشق وربما لمقارنة
بينهم غير عادله
أحبك تختلف عن أعشقك...الفرق ان العشق
لهيب مشاعره أكبر وتعد اقرب للهوس بك وبكل تفاصيلك حتى ان كانت صغيره وتافهه من وجهت نظر بعض الجاهلين لتلك المشاعر لكنها تعد للعاشق كنز ثمين يظل محتفظ به بذكرياته الخالده....تلك التفاصيل بملامح الحبيبه... حركاتها العفوية....طباع شخصيتها.....ماذا تحب... ماذا تكره...بما تفكر....
وحين تتذمر ..... اوقات تشعر بحزنها.... وتقرأ شفافية العين... تفهم الحكايه بعد نظره واحده ....اعراض العشق شاسعة ومتعدده وتختلف من شخص لاخر....ورغم كل شيء ذكر عن العشق
فهو ارضاً ملغمه التحرك بها يعد غباءاً !!!!!!....)
_________________________________
قد مَر اليومين سريعاً واتى الصباح محمل معه
مشهد الوداع...
هل تسلم عليه اولاً ام تعانق صديقتها التي ستهاجر
وتتركها وحيده بعد ان عادت صداقتهم....
هبطت على السلالم بثوب سماوي رقيق رافعه
شعرها للاعلى يتدلى ذيلة بنعومة متارجح على ظهرها.....زينتها رقيقه جميلة تسحر الناظر لها...
نظرت لهم فوجدتهم يقفون في البهو يسلمون على والديها بحراره وكانه
الوداع الأخير....
اسلبت عينيها وهي تتقدم منهم متجاهله تلك السلبيه التي تتمكن منها ألا وهي "الضعف أمامه "...
قالت بصوتها الرقيق بتسائل...
"خلاص ماشيين دلوقتي...."
تحدثت خلف ظهره جعلت خفقاته تتسارع فكان يتمنى ان لا يراه اليوم !....
اتجهت لها هند وهي تعانقها بحزن وحبور...
"هتوحشيني اوي ياوعد....انا مش عرفه إزاي هسافر وسيبك..."بدالتها وعد العناق وهي تقول بصوتٍ شاجن...
"انا كمان مش عارفه هتعود ازاي على بعدك....."
رفعت عينيها بفتور فوجدته مصوب بنيتاه عليها
بنظره لم تترجمها بعد....اطرقت براسها وكانها تحتمي بكتف هند قبل ان تبتعد عنها وهي تقول بمداعبه بسيطه...
"بس انا هقرفك مكالمتك....هكلمك كل شويه عشان اطمن عليكي وأعرف اخبارك عند برج ايفل..."غمزة
لها بمشاكسه فابتسمت الاخرى وسط دموعها وهي
تمسح وجنتها ونظرت لها بحب مودعة لصداقه لا تزال تتعافى بعد ما حدث بالماضي بينهم.....
"انا كمان هكلمك على طول.....حتى لو انتي نسيتي تكلميني.... "
ابتسمت وعد بعذوبة تُسحر العين...وقالت بشك مشاكس...
"انسى.... طب بكره نشوف مين اللي هينسى التاني.."
لكزتها هند بخفه في ذراعها...
"مش انا طبعاً انتي اللي هتنسينا...."
صفة جمع ! جعلته ينظر بساعة معصمه
وهو يقول بعجله جافه..
"هند.....كفايه كده اتأخرنا على طياره..."
نظرت له وعد بصمت وبدون تعبير اشاحت بوجهها...
اتى اتصال لثروت جعله يرد باهتمام وهو يوليهم ظهره...
لكزة نادية ابنتها التي تقف بجوارها وهي تقول بخفوت وعتاب ...
"سلمي على عمرو ياوعد....بلاش تكوني قليلة الذوق بعد اللي عمله معاكي..."
لم تهتم بحديث امها فامتعض وجهها وهي تجد أمها تلكزها مره اخرى باصرار لتفعل ما امرتها به على مضض.....
فتقدمت منه وهي تمد يدها قائله بلطف....
"مع سلامه ياعمرو....خد بالك من نفسك...."
نظر ليدها الممتده لبرهة من الوقت لو عليه لتركها في الهواء مشفي غليله قليلاً منها بسبب اختفائه
الملحوظ منذ عودتهم من 'الغردقة'وكانها تقصد تجنبه، والان حين تمنى ان لا يراها صباح سفره فوجدها تقف فوق رأسه بصوره تفقد المتبقي من الصبر لديه... ابتسامتها الجميله وهي تنظر له الان تجعله يتمنى دفعها لأي حائط صلب وعصر جسدها
الفاتن بيداه قبل عصر ثغرها الشهي الذي يروي
ظمأ عطشه ....
وضع يده في يدها اخيراً بعد نظرات هند ونادية الفضوليه خلف صمته كل هذأ....قال بخشونه
"خدي بالك من شركه ياوعد...وانا هبقى اتواصل معاكي على موقع الشركه عشان اطمن على
الشغل والعروض.."
برمت شفتيها بتهكم وهي ترى الحديث عبر العمل والشركه فقالت بنبرة مماثله له...
"متقلقش الشغل هيمشي زي ما متفقين...وبابا كمان موجود...."
أومأ لها وهو يتكا على كف يدها وقبل ان يتركها
همس لها بخفوت بدون ان يلاحظه احد...
"مكنش لازم تنزلي تودعيني.....انتي بذات اللي محبش اودعها...."
لم تفهم ماذا يعني ولكنها فهمت ان وجودها يزعجه
فخرج صوتها باختناق آثار انزعجها من كلامه...
"مكنتش أعرف.....Sorry...."
حرر يدها اخيراً وهو ينظر لاخته قائلاً بأمر...
"يلا ياهند اتأخرنا.....روحيه ادت الشنط للسواق صح؟!..."
اومات هند مجيبه...
"آآه من بدري..."
اشار لها بعجله...
"طب يلا بينا كفايه كده...."
أتت عليه سريعاً ولوحت بكفها لوعد ونادية بحرج من تسرع اخيها المفاجئ ولكنها لم تلبث ان وقفت هي واخيها بعد صوت عمها الخشن وصارم...
"استنى يا عمرو..."
استدار عمرو لعمه تارك يد أخته وهو يقول بفتور....
"ايوه ياعمي في حاجه ضروريه....اصلي يدوبك نلحق الطياره..."
صاح ثروت وهو يشير عليه هو ووعد بازدراء
واضح بعينيه...
"مفيش سفر ياعمرو قبل ما تشوف المصيبه اللي عملتوها انتوا الاتنين..."
رفع عمرو احد حاجبيه واحتلت الدهشه وجهه وهو يقول باستفهام....
"مصيبة؟... مصيبة اي بظبط انا مش فاهم حاجه...."
كانت بينهم شاحبت الوجه تتابع الموقف بقلق تشعر ان هناك كارثه حدثت لكن الكارثه اثنين ان كانت تخصها هي وعمرو.....
.... يتبع
كلما اردت الفرار انغلقت الأبواب...
كلما اردت النتفس ذاد الاختناق.....
كلما امتلكت السعادة تنزلق كالرمال
وحين افترس عشقها كياني علمت أنني عاجز
حتى عن النسيان !...
(راوية: ضراوة العشق)
______________________________________
تناولت اخر قطعه من شريحة الدجاج وهي تلوي شفتيها باعجاب.....
نظر لها بطرف عينيه وهو يقول بمداعبه طفيفه...
"يارب الأكل يكون عجبك... ولو في اي ملاحظات كلي اذان صاغيه..."
مسحت فمها بالمنديل الورقي وهي تقول بحرج من تتبع عيناه للقادم منها...
"بصراحه الأكل حلو.... تسلم إيدك..."
اكتفى بهمهما بسيطه وهو ينهض من مكانه وفي يداه الطبق الذي اكل به....فعلت هي أيضاً المثل واخذت طبقها واتجهت به لحوض الماء الصغير...
"بتعمل إيه ياعمرو....." مسكت منه الطبق وهي تقول
بحنق..
"سبهم انا هغسلهم..."
تركهم لها وهو يقول ببساطه...
"انتي مضايقه اوي كدا ليه.... فيها إيه يعني لو غسلتهم..."
"مفهاش حاجه..... بس انا وقفه معاك ومينفعش... وبعدين اي شاطره دي كلها انا فكره إنك قبل ماتسافر
كنت بتكسل تشغل Coffee machine..(آلة صنع القهوة)....... اي اللي أتغير بعد سفرك..."
ابتسم بجمود لم تلاحظه فكانت عينيها مسلطه على الأواني التي تقوم بغسلها...
"حاجات كتير اوي اتغيرت......"
لم تنتبه لنبرته الغريبه بل قررت السؤال...
"إيه يعني مش فاهمه..... كُنت بتعمل كل حاجه لوحدك وانتَ هناك...."
رد بإختصار...
"حاجه زي كده...."
رفعت عينيها عليه ثم سألته باستفسار...
"طب لي مجبتش شغاله تقوم بطلباتك...."
ضيق عينيه وهو يحدج به بهدوء قبل ان يقول بخبث...
"مش لازم دارين بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان مضطرش اجيب شغاله................. اصلها بتغير..."
وقع الطبق من يداها ارضاً ولا تعرف متى
وكيف انزلق بتلك السرعة.... جثت ارضاً لتلم
اجزاءاً متناثرة حولهم...
هبط لجوارها وحمل القطع الزجاجيه وهو
يقول بجفاء...
"مالك ارتبكتي كدا ليه...... وطبق وقع منك إزاي...."
برمت شفتيها بحنق...
"معرفش اهو وقع وخلاص...... عادي...."
افترس وجهها وهو يرد بغموض...
"لا مش عادي.."
فغرت شفتيها ورفعت عينيها عليه
وهي تقول بتوتر.....
"يعني إيه...... آآه..."
نظرت الى ابهامها الذي جُرح من طرف الزجاجه بدون ان تلاحظ انها كانت تتكأ عليه اثناء تحدثه..
اختفت القسوة من على وجهه وهو يتناول يدها قائلاً
ببعض القلق....
"اتعورتي فين وريني...."
سحبت يدها منه بقوة وهي تقول بصوت مبحوح...
"مفيش حاجه.... دا جرح بسيط...." خرجت من المطبخ متوجهه الى الحمام مُغلقه الباب خلفها تاركه الدموع تنزل الان باريحيه...
لماذا تبكي.... لماذا يهوى قلبها لسابع أرض ويتمزق لمجرد حديثه عن حبيبته او من تحبه وهو غير مبالي
بها او بحبها... لكنه يقدر غيرتها ويبدو انه لا يحب ازعاجها وحزنها منه.... تلك الأسباب قوية جداً لبدأ
علاقة عاطفيه مع 'دارين'...
مادخلكِ فاليحب ويعيش كما يريد.....
مزلتِ معطوبه مهزوزه غير متوازنة في حياتك ودخول مشاعرك في علاقة حب بعد فشلك الذريع في زواجك الذي انتهى بخيانه وقهر حتماً ستنالي
من العذاب أضعاف مضاعفه...لا تزالي في بداية
طريق الشفاء من التجربة الأولى فلا تزيدي الأوجاع
بإدخار قلبك مشاعر غريبه لذيذه وثمينة! لرجل بعيد كامل البعد عن الاستداره لكِ بعد فعلتكِ المشينة
له في الماضي.....
رفعت عينيها على المرآة فوجدت احمرار وجهها وعينيها بفعل دموعها وضغط على نفسها...
ضعيفه ومهزوزه ومضطربه ولا تعرف العلاج لكل مايعتريها؟..
سمعت طرقه الخافت على الباب وصوته الهادئ يسالها ببعض القلق الذي يحاول اخفائه...
"وعد.......انتي كويسه..."
هزت راسها امام المرآة وهي تنظر لوجهها بسخرية...
"ااه كويسه.......... شويه وخرجه...."
فتحت صنبور المياه وبدت بغسل وجهها ولم تهتم بزينتها التي فسدت كل ما اردته غسل افكارها ومشاعرها الخائنه لعل الصدأ بهم يجري مع الماء
ويمحى؟!....
فتحت الباب وهي ترفع عينيها، فوجئت به ينتظرها عند إطاره مستند بكفه عليه ينظر لها بهدوء يتفحص كل جزء بها بنهم وفضول...
"انتي..... كويسه..." سألها وهو يفصل الخطوات بينهم ليكن بمواجهة وجهها...
"انتي كنتي بتعيطي..." اطرح سؤالاً اخر بعد تفقده
لعينيها...
اسلبت عينيها ورطبت شفتيها بتوتر وهي تجيب باقتضاب...
"انا كويسه.... مفيش حاجه...." كادت ان تتخطاه ولكنه مسك ذراعها وهو يقول بخشونة...
"راح فين..... استني..."
استدارت له فلاحظت تلك العلبة الصغيرة بين يداه
اخفضت عينيها وهي تراه يضع ملصق طبي حول ابهامه وهو يقول بتافف...
"ابقي خدي بالك اكتر من كده...... بذات وانتي بتلمي حاجه مكسوره..."
لم ترد عليه بل سحبت يدها وهي تقول بصوت خافض...
"انا هطلع قعد على البحر شويه...."
تخطت إياه بمنتهى البساطة وخرجت حيثُ الهواء النقي والجو المألوف بروعة سحره، تلك البقعة الزرقاء وما تحمله من طيات ساحره تجذب الجميع لها.... حتى ان كُنت لا تهوى السباحة ولا تفضل الماء
بها، إلا انها تجبرك بالسحرِ الخالص للجلوس
وتتاملها بشرود وعلى حسب حالتك المزاجية تتفاعل معك وكانها تواسيك.... وتساندك.... وتسعدك اينما أردت هذا !؟...
تطاير شعرها من حولها بخفه ونعومه توازي جمالها ورقة شخصيتها......
رذاذ منعش لفح وجنتيها فجعلها تتنهد بعمق وكأنها تبحث عن الملاذ في خلوتها...
لم تظل الخلوه لوقتاً طويل كما ظنت بل شعرت به
يشاركها إياها بمنتهى التطفل منه...
جالساً بجوارها ينظر الى ماتنظر بيده فنجان من القهوة يرتشف منه بهدوء ووجه حجري صلب يبدو وكأنه يريد الاستفسار عن شيء لكنه متردد...
"ناويه تعملي إيه الفتره الجايه..."سمعت صوته فجأه يدوي بسؤالٍ غريب لا تعرف المغزى منه...
التفتت وعد تنظر له وهي تسأله بحيرة..
"مش فاهمه قصدك؟.."
ارتشف من قهوته ولاحظت ان بين أصابعه سجارةً اشعلها حديثاً ولم تلاحظها حتى...تكلم وهو ينفث
من سجارته...
"يعني بعد طلقك......"
بلعت مابحلقها وهي تشيح بوجهها لناحية الأخرى ثم اجابت باقتضاب...
"ولا حاجه.....هكمل في شُغلي..."
قال باستنكار...
"شغلك بس..."
تلك المرة نظرت له برماديتان مُشتعلتان بالغضب
هتفت من بين اسنانها...
"ااه شغلي بس......ولا انتَ شايف حاجه انا مش شيفاها...."
تكلم بصعوبة على ما يحرق قلبه ويخشاه...
"يعني مش ممكن تتجوزي تاني...."
برغم من ان الجملة غير متوقعه الا انها جفلت عمداً وضحكت هازئه امام عينيه الثاقبة...
"اتجوز تاني؟....عندك عريس ليه يعني..."
أشاح هو بوجهه عنها وكان بداخله يلعن نفسه على تسارعه في سؤال الذي يلاحقه منذ ان قرر السفر والابتعاد للمره الثانية ولاخيره عنها ...
حين ذاد الصمت بينهم تحدثت هي وقالت بصوتها العذب...
"مفيش واحده عقله تدخل في علاقه جواز وحب بعد اللي حصلها........مبقتش قدره اثق في حد....انا اوقات مببقش فاهمه نفسي.....ولا عارفه انا عايزه إيه بظبط..... "صمتت وهي تنظر بحزن للبحر اومواجه
المتمردة... وقد احتلى وجهها علامات الحزن... والاحباط... وضياع.....
تكلم بصعوبة عنوة عن كبرياء رجولته المطعون...
" بتحبيه لدرجادي..."
لاحت منها بسمة حزن وعينيها ثابته مكانها....
"كُنت!........." تريثت برهة قبل ان تتابع بسخرية "غريبه اوي مشاعرنا دي ممكن في لحظه حبك يتحول لكره ونفور..... مش عشان بس اللي عمله
لا انا دورت جواي كتير على حاجه تشفع ليه
ملقتش دورت على الحب اللي وقفت قدام الدنيا
كلها عشان اوصله ملقتوش......ملقتش حاجه
تخليني اكمل واستمر معاه!......."
صمتت مره اخرى ولم تنظر إليه ولافضل انها لم
تفعل فبرغم من شعور الشفقه نحوها الا ان ذكرها
لعنادها وخيانتها له جعل ملامحه قاسية غاضبة مخيفة وتحكي الكثير عن ما يعتريه....
تابعت وعد بحنق اكبر ولا تعرف لم تندفع الكلمات على شفتيها إليه وكانها ترتاح بتحدث معه وتلك من الأشياء التي اكتشفتها حديثاً....
"انا اكتر حاجه بكرها في حياتي الفشل...وحاولت كتير بس برضه فشلت....."برمت شفتيها بسخرية أكبر....
رد باختناق حقيقي....
"دا نصيب ومحدش يقدر يغير النصيب..."ايسخر من نفسه الان ام ينتظر قليلاً... ايقوم بمواساة المرأة التي تركته وفضلت عليه من تشكي منه الان وتتحسر
لفشل زيجتهم....... انها سخرية القدر.....
استدارت له وهي تقول شاجنه..
" آآه نصيب...... بس برضو مقولتش...لي بتسأل السؤال ده...."
مط شفتيه بفتور...
"عادي.....مجرد سؤال جه على بالي...."
هزت راسها وهي تقول بسخط....
"مجرد سؤال !!...."سكتت برهة ثم قالت بهدوء غير متوازن مع مشاعرها الخائنه...
" وانت...... مش ناوي تتجوز.... "
كان وجهه حجري بارد لا يعبر عن شيء.... خرج صوته عادياً وكانه يحكي عن طقس اليوم...
" اكيد هتجوز وقريب اوي...."
هوى قلبها بشدة...الى متى ستظل تشعر بنفس الوجع
كلما تحدث عن حياته الخاصه..اليس من حقه؟....تلك انانيه منها، لكن عنوة عنها يخونها الإحساس وتجني على نفسها اسوء المشاعر....
بللت شفتيها وهي تنزع نفسها من عواصف
الأفكار.....
"مبروك...........امته الفرح..."
نظر لها بتمعن أكبر وكأنها شفافة أمامه يرى ويشعر بها جيداً ومع هذا لم يرأف بها وهو يقول ببساطة
مصطنعه...
"قريب....بعد السفر هبعتلكم دعوة الفرح...."
إبتسمت بلطف زائف وهي تقول بيقين...
"دارين...."
ضحك ضحكه خافته تبين مدى ذكائها وتاكد شكوكه...
"عندك قوة ملاحظه عاليه... "
غرزت يدها في رمال الشاطئ مُجيبه إياه...
"مش قوة ملاحظه بس انت مش بتكلم غير عنها من ساعة مكالمتك ليها...."
رد بمكر بارد...
"اكيد مش ببقى قصد...كلام بيجيب كلام..."
قالت بارتباك....
"ودا يأكد ان هي العروسه...."
رد ببرود...
"مش شرط...."
نظرت له بحيره رافعه حاجبها منتظره المزيد ولم يجعلها تنتظر اكثر وهو يقول بصلف...
"مش شرط تكون دارين....ممكن غيرها....يعني على حسب مأنا عايز...."
نظرت له اكثر واكثر وهي تقول بزهول..
"انت غريب أوي يعني اي ست وخلاص....طب والحب و...."
بتر جملتها وابتسم هازئاً مُجيب بجزع....
"الحب....لا دا ملوش لازمه....في حاجات تانيه تتعوض بالحب..."
تابعت الحديث معه لنهاية ولا تعرف لماذا تريد معرفته أكثر من الازم....
"زي إيه.....يعني إيه اللي ممكن يتعوض بالحب...يعني الامان.... الراحه النفسيه..الاستقرار في حياتك مع شخص معين وبناء اسره كل دا بيبقى بدافع الحب..."
رد بطريقة مُعقدة...
"ساعات بيبقى روتين ممل كلنا بنجري عليه عايزين نجرب مَررته...."
جفلت عن طريقته وتعقيده ربما هي سببه الرئيسي مهم هربت منه
لكنها لا تعرف سبب الخساره الزريعه التي اقدمت عليها...ربما جرحته وغضب منها وقتها لكن لا يصل
به الحال ان يلعن الحب والزواج والاستقرار الزوجي
في آنٍ واحد....ربما لم يلعنه ولكن خلف كلماته
لعنات وشتائم تكاد تسمعها بدون ان ينطق بها...
ربما تشعر بحربه لكن لا تعرف ماسبب ضراوة قامت على ساحه لا تناسبها !؟ ....
تحدثت أخيرا وهي تعيد السؤال...
"برضو مقولتليش اي الحاجات اللي ممكن يعوضها الحب...."
"حاجه واحده جواها حاجات تاني كتير...."
عقدة حاجبيها بتوجس...
"مش فاهمه..."
"الرغبه..." قالها ببساطه...
نظرت له وعد وهي مشدودة الملامح وكانها تتأهب للقادم بتردد...
اكمل عمرو وهو يفترس عينيها وملامحها بنهم قبل ان يقول بوقاحه مفاجأه....
"لم الست تحس انها مرغوبه من الراجل اللي متجوزاه... ويشبع رغباتها وهي في حضنه...
ساعتها مش هتحتاج للحب..... لان كل واحد كده عرف هو عايز اي من التاني...."
تقززت بداخلها من تفكيره ومن ما وصل إليه بفضلها..
او ممكن تكون فكره عفِنه في عقله منذ البداية فما دخلها هي آذن ولكنها ستقدم نصيحتها بم انها أمرأه
وتتفهم ما يهذي به جيداً....
تاهبت للنهوض ولكنها قالت بلطف...
"حتى الرغبه اللي بتكلم عنها بيبقى وراها حب... ولو كانت الرغبه فيها من غير حب فصدقني هتزهق منها بسرعه اوي.... فبلاش تفكر بطريق دي عشان اول واحده هتقع في طريقك هتتآذي بسببك جامد... ويمكن تحبها وتندم انك خسرتها... " ابتعدت عنه وسارت لداخل...
ابتسم بغضب وهو ينظر للبحر... تقول ان الرغبه اساسها الحب.... ولماذا كانت في حضن صديقه
وعلى فراشه بدون اي رابط شرعي بينهم...
أ كانت الرغبه أيضا... لا لا.. بل الرغبه والحب معاً
هذا هو المبرر الأقوى آذن ؟!....
ابتسم هازئاً وهو يبصر بشرود..
هل يتألم بما اقترفته اثناء خطبتهم ام يتألم بما اجرته سريعاً بعد سفره.... الاوجاع كثيره وجميعها يشتبك ببعضه.... ورغبه الانتقام تفوق صبره وتحمله لعامان واكثر يريد نيل حقه المسلوب.... ورجوله
مطعونه....
لكنها رغبه هوجاء ربما تخلص منها بعد مرور الوقت
بعد السفر سينسى... لن يسمح لنفسه بالانزلاق اكثر من هذا معها....
هو ليس لها... وهي لا تصلح زوجه... ولا امٍ لأولاده.... فقط ليته يتخلص من سحرِ عشقها وتنتهي
الضراوة للأبد....
____________________________________
قبل الغروب تجمع فريق العمل القادرين على اقامة موقع التصوير بشكلٍ مناسب لاجرء جلسة التصوير
بصوره طبيعية في مكان ساحر يستحق الرحلة منذ البداية...
نظرت وعد بجوارها عن بعد فوجدت صديقتها نهى تجلس بالقرب من طارق تتحدث معه وتضحك وتبتسم بسعادة وكان النجوم تتلألأ بعينيها
ولاول مره تراها هكذا....أبتسمت لهم بفرحه
حقيقيه وهي تتمنى لهم اتمم مشاعر في بداية
خروجها للنور.....
رجعت برماديتيها للأمام، راته أمامها بمسافة ولكن يوليها ظهره...يلتقط بعدسات الكامرا صوره للفاتنة (آنَا...)التي لا تكل ولا تمل من إظهار ما يفتن اعين الرجال بها... ترى على يتاثر او يلاحظ خبث تلك الشقراء غربية الطباع؟... بطبع يلاحظ فهو يتعامل ويخوض مع امثالها هل هو برياء مثلاً !...
رأته يتقدم من الشقراء ويرجع خصله من شعرها للخلف لتجد 'آنا' ترجع شعرها الاشقر للخلف اكثر
بطريقه مغريه ثم التقط هو الصوره بعدها....
صاح عمرو بصوتٍ هادئ....
"بريك ياجماعه...لحد ما آنا تغير الفستان...ساعديها ياميار...."
اومات له ميار وهي تتطلب منها بلكنه الانجليزية وهم يسيرون للداخل ....
رفعت زجاجة المياه على فمها بعدم اكتراث فوجدته يتقدم منها جالساً على مقعد بجواره يفصلهم طاوله بلاستيكيه.....
انزلت الزجاجة وكادت ان تغلقه ولكنه قال بارهاق...
"هاتي المياه دي ياوعد...."
نظرت للماء ثم له وقالت بهدوء وهي تجلب زجاجه مغلقه لم يفتحها احد بعد...
"خد دي...اصل....."
سحب من يدها الزجاجة التي كانت تشرب منها رفعها على فمه وسط نظرتها المتفحصه...انزل الزجاجة وهو يقول ببساطه....
"اكيد مش هقرف منك يعني.....او ممكن انتي اللي تكوني قرفانه انك تشربي من مكاني...يمكن
متشربيش منها تاني..."
استقامت اكثر في جلستها وهي تقول بحنق...
"اي اللي انتَ بتقوله ده....بطل تبصلها بشكل ده انا بس ادتك غيرها عشان متكنش مضطر تشرب مكاني..."
نظر لعمق عينيها وابتسم بحنان تلك المرة وهو
يقول بصدق...
"مُضطر؟....ياريت الواحد يضطر كده دايماً ..."
توردت وجنتيها عنوة عنها وهي تشيح بوجهها لناحية الأخرى....
قال مداعباً بوقاحه....
"بوز الازازه كان مسكر اوي...."
"عمرو...."ضربت كفه المرتاح على الطاوله وهي تنظر له بحدة.....رفع عينيه بصدمة وهو يقول بدهشه...
"انتي عملتي إيه...."
للحظه خشت منه فقالت بتلعثم..
"مش قصدي...ولا اقولك آآه قصدي..مانتَ كمان بتقول حاجات متصحش...."
"متصحش ولا تصح.....مد ايدك ده مش هيعدي
على خير...."
ركضت من أمامه فلحق به باصرار معظمه
غضب ولاخر شوق لخلد ذكرى جديدة في ذهنه...
لحسن حظهم ان الشاطئ كان فارغ وان بعض المساعدين في موقع التصوير قد اختفوا بعد قول (البريك) وكانهم قرروا استغلال الساعة في مكان
اجمل....
كانت تركض وهي تاخذ انفاسها بصعوبه ثم قالت بحنق...
"عمرو بس بقه بجد..... انتَ اللي قليل الادب وبتتعدى حدودك...."
ركض خلفها يريد ان يمسك بها فقال بتهكم...
"يعني مش بس ايدك اللي طويله دا لسانك اطول منك كمان...... تعالي هنا ياوعد...."
"وللهِ اذا كان عجبك...انا مبعرفش اسكت....وبعدين لا.... نفسك طويل امسكني.... "
"ماشي... بس انا مبعرفش اسامح..."ركض خلفها اكثر وكادَ ان يمسكها فصرخت بقوة واسرعت اكثر ومن شدة ارتكبها دلفت الى البحر ببنطالها الجينز وكنزتها الرقيقه....
"آآه عمرو....لا لا..بجد...خلاص اخر مره..."فلتت منها ضحكه ممزوجه بالخوف من مواجهته لها وسعيدة بركض ولعب لم تفعله منذ الصغر....
وجدته يصفعها بخفه على كتفها.... وللهِ كانت رقيقه بقدر رقة قلبه وحنانه الذي يخفيه عن عينيها متعمد
إخراج شيطان يغوي إياه بالافكار السامه فقط...
عقدت حاجبيها وهي تقول بغضب....
"اي ده انتَ بتهزر..... ازاي تمد إيدك عليه..."
اقترب منها اكثر وأصبح لا يفصل عن وجوههم الا عقلة اصبع قال امام عينيه باستفزاز...
"وبنسبه لحضرتك...."
"انا..."
قاطعها وهو يقول بجدية...
"اخر مره ياوعد..... انا قلبتها معاكي هزار... بس بجد انا مبحبش الطريقه دي وبذات قدام الناس..."
زمت شفتيها وهي تقول بتبرير...
"انتَ اللي استفزتني ياعمرو...."
رد ببساطة مُذكرها بوقاحته...
"بالعكس انا قولت الحقيقه...."
توردت وجنتيها قليلاً وهي تقول مندفعه بغضب زائف..
"وانا مش عايزه اسمع الحقيقه.... احتفظ بيها لنفسك...."
همهم وهو ينظر حوله بتأني والماء الأزرق يحاوط اجسادهم بتناغم.... قال بعتاب يغيظ إياها...
"مبسوطه كده...شكلنا هيبقى إيه واحنا خرجين مبلولين كده..."لوت شفتيها وهي تقول بتهكم...
"مش ذنبي انتَ اللي خضتني...."
نظر الى عينيها الرمادية الامعه ووجهها المبلل الجميل وشعرها الاسود الذي يطوف فوق الماء وحركة جسدها الغض داخل المياة...قال بدون حسبان...
"شكلك حلو...."
"عمرو...."صاحت بأسمه بحنق وهي تشيح وجهها عنه بخجل وغضب مِن آثارة مشاعرها التي بالكاد تتجاهلها امامه بعد حديثهم الذي مَر عليه ساعات...
فاق على صوت تالمها وهي تنحني لتلامس قدميها...
" مالك ياوعد..... في حاجه بتوجعك... "
ردت بتالم وهي تتحسس قدمها...
"مش عارفه في حاجه قرصت رجلي من تحت.... شكلها اتعورت...."
احتل وجهه علامات القلق وهو يمسك يدها ليخرج به....
"تعالي اشوف مالها رجلك..."
تبقى عدة خطوات وتصل لشاطئ ولكن حينما لمست قدميها الارض حتى صرخت وهي ترفع قدمها اليمنى وكادت ان تتعثر لولا يد عمرو المطبقه عليها
والذي اسندها سريعا....
"وعد مالك...."
تاوهت بتالم وهي تقول ....
"مش قادره أقف على رجلي....بتوجعني اوي... "
مالى عليها وحملها على ذراعه...شهقت وهي تقول بضيق...
"نزلني ياعمرو مينفعش كده.....افرض حد شافك دلوقت هيـ.."
قاطعها بنبرة مهيبه...
"ولا كلمه ياوعد.......رجلك بتجيب دم...."نظرت باتجاه قدميها وبرغم من انها لم تراها
بسبب وضعيتها الا انها رات الدماء تسيل من
الاسفل موضع الألم بظبط وهذا سبب عجزها عن إكمال السير....
لم ينتبه كلاهما للعدسة المتربصة لهم تطفل عليهم منذ ان بدأو ركضاً خلف بعضهم....استكفى المصور وهو يقول بحماس...
"كده احلوت اوي الصور دي هتقلب الدنيا.."
جلست على المقعد امامه قال عمرو قبل ان يدلف لداخل...
"خليكي مكانك هجيب مطهر وشاش وقطن وجاي...."
تحسست قدمها بتعب فوجدت ان الدم يسيل ببطء على الرمال....تاففت بضيق في تلك اللحظه ظهر عمرو وجلب علبة الاسعافات الصغيرة....جثى على ركبته أمامها وغسل قدمها اليمنى بالماء ثم جففها
بالمنديل قبل ان يبدأ تعقيم الجرح ولفه بشاش قطني واثناء تعقيمه لجرحها كان يضع قدمها فوق
ساقه بدون حرج...امّا هي فكانت تموت من فعلته
ولدهشه من أفعاله تربكها وتزيد انجراف مشاعرها
مع التيار؟!...
تاوهت عنوة عنها فوجدته يعتذر بحنان قائلاً...
"معلشي ياوعد مخدتش بالي..."
اومات له بحرج يلتهم خلايا عقلها....
تحدث مداعباً وهو يربط الجرح....
"شكل النهارده يوم الحوادث العالمي عندك....."
"يسلام ماكل منك ولا ناسي انك سبب المرتين..."
ضيق عينيه وهو يقول بانتباه....
"سبب المرتين إزاي...."
اشاحت بوجهها وهي تغير مجرى الحديث ببراعه...
"معرفش اسأل نفسك....وبعدين مين اللي خضني وضطريت ادخل المايه بسببه...."
اشار على نفسه وهو يقول بصلف...
"العبد لله...."
ضحكت عنوة عنها وهي تهز راسها مستاءة..
"مش هتتغير....لم الحوار ميكونش عجبك تقلبه بسرعه لهزار..."
رفع حاجبه وهو يقول باعجاب بارد...
"غريبه فهمتيني بسرعه دي......"
قالت بنبرة لا تقبل الشك...
"انا فهماك من زمان......مش ابن عمي...."
برم شفتيه بأسى...
"ااه ابن عمك.....بس دا مكنش باين زمان...."
جفلت عنه باطراق رأسها وهي تقول بهدوء...
"يمكن عشان مكناش قريبين اوي من بعض...."
نظر ببنيتان ثاقبتان قبل ان يقول بجزع...
"واحنا كده قريبين....."
"لا....... آآه...... يعني شويه...."تنفست بصعوبه وكلما طرق الحديث ابوابه لهم ذكر شيءٍ من الماضي وكانه لم ينسى بعض ولم يشفى حتى منه......
"وعد مالك اي اللي حصل لرجلك....وهدومك لي مبلوله كده...."تقدمت نهى منها وهي تسالها بقلق
وشك بعد رايت عمرو بملابسه المبلله أيضاً....
لاحظت وعد تلك الكارثه الآن فجفلت عن السؤال للحظه قبل ان تقول بتردد...
"مفيش يانهى يعني دوست على حاجه وتعورت...و"
قاطعها عمرو وهو ينهض ويمد يداه لها لكي يسندها
لدخول....
"هاتي إيدك ياوعد......وطلعي معها يانهى
ساعديها تغيري هدومها دي عشان متبرديش...."
وجدت وعد نفسها تقول سريعاً...
"طب وانتَ......هتفضل كده...."
عنوة عنه شقت شفتيه بسمه صغيره وهو يطفو بعينيه على ملامحها الجميلة ولكن بتدريج اختفت الابتسامه الجذابه من على محياه وهو يقول
بهدوء...
"هطلع اغير بس اطلعي انتي الأول...يلا يانهى..."
كانت نهى فغرت الفم وهي تراقب مايحدث أمامها ماذا تغير بينهم ليكن عمرو بهذا الاهتمام والحنان
في آنٍ واحد نحو صديقتها وحتى صديقتها صلبة العقل والمشاعر وبذات امام شخصية 'عمرو' تقف
الآن وتصر على تبديل ملابسه حتى لا يبرد...هل فقدت عقلها ؟!....
كانت تصعد للاعلى وهي تسند بيدها على كتفه
وبالكاد تصير بصعوبه وتألم خفي فهي تكبح تآوه
الوجع بشفتيها وهي بجواره حتى لا يتهور
ويحملها على ذراعه كما فعل منذ دقائق....عليها الصمود فصديقتها مدهوشة الملامح تسير خلفهم
سمعت صوته العذب في حنانه يسالها....
"قدره تدوسي عليها... ولا بتوجعك...."
قالت بكذب...
"لا مش بتوجعني.....قدره ادوس عليها...."
"مش باين....."مط شفتيه بعدم تصديق فملامحها حمراء بطريقه ملحوظه وعينيها تترقرق بهم
الدموع الحبيسة...
دلفت للغرفه أخيراً وضعها على الفراش بمساعدت نهى التي اتجهت بعدها لملابسها لتخرج له
غيار آخر....
تكلم عمرو قبل ان يخرج بهدوء...
"خليكي معها يانهى.....بلاش تنزلي... حد تاني
هيكمل شغلك...."
اومات له بسعادة وامتنان....
قبل خروجه من الغرفه نظر لها نظره عميقه مليئه بالكثير من المشاعر بعدها ان تذوقته لن تتركه أبداً
ظنت ان بعد تلك النظره سيقول شيءٍ ما، لكنه
لم يفعل كل مايصعب قوله على لسانه قالته عيناه
وان لم تفهم فالاتزال في بداية الطريق معه!....
قالت بسرعه قبل ان يغلق الباب ويتركها...
"عمرو....غير هدومك.....عشان متتعبش... "
ذاك الإهتمام والسؤال محور اللذه الحقيقيه في هذا
الوقت جعلته ينظر لها بحنان وحب لاول مره
قبل ان يكتفي بإيماءه بسيطه قبل ان يخرج مغلق الباب....
تنهدت براحه وهي تبتسم كالمسحوره فوجئت بمن تجلس بقوة جوارها وهي تصيح بفضول....
"هو في اي بظبط..... اي اللي بيحصل مابينكم..."
"اي يانهى خضتيني...."وضعت وعد يدها على صدرها....
صاحت الاخرى كالمجنونه الفضوليه...
"خضيتك؟؟... يعني كمان سرحانه....قوليلي بسرعه
اي اللي بيحصل بظبط.."
زاغت عينا وعد وقالت بانكار...
"ولا حاجه يانهى......عادي..."
صاحت الاخرى بيقين مُصره....
"يعني إيه ولا حاجه انتي مش شايفه شكلك و..."
"نهى كفايه رغي وتعالي ساعديني أغير هدومي..."
حاولت وعد تجنب السؤال وهي تحاول النهوض
عن الفراش...
نظرت لها الاخر بضيق وبرمت شفتيها قائلة بثقه...
"طيب براحتك....خليكي مخبيه عليا...بس انا واثقه
إنك هتيجي بنفسك تحكيلي..."
"ماشي ياست الواثقه...."صمتت وعد قليلاً ثم قالت
بخبث...
"ااه صحيح...اي اخبار طارق لخمه..."
اندفعت نهى لاول مره تدافع عنه...
"متقوليش عليه كده ياوعد...اسمه طارق انور...."
رفعت وعد احد حاجبيها بزهول...
"سبحان الله دانتي اللي مطلعه عليه الإسم ده.........ياترى اي اللي غير رأيك يانونا...."
ابتسمت نهى بحرج وهي تقول....
"يعني اكتشفت ان طيب وحنين وميستحقش التريقه عليه....دا جدع اوي ياوعد...وعمره ما عرف
ولا أعجب ببنت غيري....."
قالت وعد بتوجس زائف...
"غيرك !!...ااه قولتيلي....طيب...."
قالت نهى بتردد ووجنتين حمراء...
"صحيح ياوعد انتي اي رايك في طارق...."
قالت وعد ببساطة...
"رايي؟.. مش مهم رأيي....رايك انتي الأهم ..."
ردت نهى بابتسامة حالمه...
"هو زي مقولتلك معندوش علاقات حب قبلي ولا عمرى اتكلم مع وحده غيري...دا غير ان طيب وجدع وحنين.... "
قدمت وعد نصيحه لم تاخذه من احد في
الماضي..
"كويس.... بس بصي يانهى بلاش تتسرعي في الموضوع.... سيبي كل حاجه مابينكم تاخد وقتها.....حتى مشاعرك بلاش تعبري عنها غير لما تتاكدي منها ومنه اكتر...."
اومات نهى لها بدون جدال اخر وهي تقول...
"دا اللي هيحصل....وهحول معلقش نفسي بيه...
يمكن ميكونش في نصيب بينا...."
_____________________________________
بعد ساعات من العمل انتهت جلسة التصوير وحل الظلام الدامس على الجميع.....
قال عمرو للجميع بعد ان جلس على المقعد...
"احنا هنبات هنا اليلادي...وصبح ان شاء الله هنرجع..."
اوماء الجميع له...فبدأ بتفحص حاسوبة وهو يتفقد تلك الصور التي التقطها منذ ساعات.....ثم قال وعينيه على الحاسوب...
"في اوضتين فوق واحده هتبات فيها وعد ونهى...والتانيه لآنَا وميار....وتحت هبات انا وشباب تمام..."
أومأ له الجميع بأحترام و مره اخرى بالموافقه....فظل متكأ امام حاسوبه بتركيز....لكن بعد مدة من العمل أنتبه لوجود نهى في الأسفل..فاشار إليه لتتقدم....ففعلت وهي تقول بخفوت...
"أيوه ياستاذ عمرو....عايز حاجه.. "برم شفتيه
من القب ولكنه قال لها بهدوء...
" وعد لسه نايمه.... "
ردت بخفوت...
"آآه نايمه.... انا لسه بصه عليها وكانت نايمه برضو.. مردتش اصحيها زي محضرتك امرت..."
اومأ لها وهو يشير لها بالانصراف نفذت اوامره على مضض فهي تكره لغة الإشارة..... اتجهت نحو (طارق)
وبقت بالقرب منه متحدثه معه بأمور عديده تخص حياتها وطباعها وهو لم يمل منها قط بل شاركها من اسراره وحياته الكثير برغم من تلعثم لسانه في الحديث وتعرق جبهته وتوتر عينيه كلما نظرت نحوه وابتسمت له بكل بساطه الا انه أكمل بشجاعه
هائله الحديث معها ...
بعد مده كان لا يزال على نفس الجلسه منكب امام الجهاز يعمل بشغفٍ واضح جعله لا يشعر بالوقت الذي مر سريعاً....
ابعد راسه للخلف وهو ينظر للإمام بتعب، مرر يده على جانب عنقه وهو يزفر بارهاق... ثم أغلق جهاز الحاسوب وهو ياخذه لوضعه بمكان مناسب.....
صعد على السلالم بعد ان أتبع لها طعاماً مخصوص لها....
دلف لغرفتها بعد ان طرق الباب ولكنه حين دلف مُغلق الباب وجدها لا تزال نائمه....
اقترب منها ووضع الاكياس على المنضدة بجوارها ثم جلس بجوارها ولمس وجنتها بلطف وهو يقول بحنان...
"وعد...وعد....."
برمت شفتيها بانزعاج وهي تعود لناحية الاخرى موليه إياه ظهرها و لم تشعر بثوبها العلوي الذي ارتفع قليلا مُظهر جزءاً من ظهرها الأبيض
المشدود...
نظر لناحية الأخرى وهو يزفر بخفوت....
مد يده وسترها بالفراش وهو يقول بخشونه كي
تعي وجوده.....
"وعد...قومي......"
تلك المرة انتفضت في نومها وهي تنهض بفزع...
"اي ده انتَ بتعمل اي هنا....إزاي تدخل كده..."
نظر لوجهها الشاحب ثم قال بنزق...
"براحه ياوعد.......مفيش حته فيكي نقصه..."
نظرت لصدرها فوجدت ملابسها بمكانها...فبلعت ريقها وهي تقول بحرج...
"انا اسفه....بس اتخضيت لم شوفتك مكنش ينفع تدخل كده من غير ماتخبط على الأقل..."
رد بسأم واضح...
"خبط وفتكرتك صحيتي من النوم....ولما لقيتك لسه نايمه حاولت اصحيكي براحه مجش معاكي...
عليت صوتي فتخضيتي دي كل الحكايه...."
نظرت له بحرج وبررت بـِ...
"شكلي اتخدرت جامد من الوقفه على البحر.. فنمت كل ده...."
هز رأسه بتفهم وهو ينظر الى قدميها المغطاه تحت شرشف الفراش...
"ولا يهمك... المهم رجلك عامله إيه لسه وجعاكي..."
قالت بهدوء..
"يعني وجع بسيط...."
قال بحنو...
"يومين وهتخف.....وانا هغيرلك عليها الصبح قبل مانرجع..."
رفعت حاجبها بأستغراب...
"هنرجع؟...خلصت شغل خلاص..."
رد بفتور وهو يحدج بعينيها المحببه له...
"ااه الحمدلله.....كده فاضل الشغل على الاب توب
لم اخلصه هبعته من على النت ليكي.... من هناك..."
نظرت له مردده بعدم فهم...
"من هناك....من هناك فين؟..."
"فرنسا.... انا هسافر بعد بكره الصبح....لسه قفل مع هند ومعرفها... "نهض وهو يحضر لها اكياس الطعام فقالت عنوة عنها بحزن...
"بسرعه كده هتسفرو..."
"هنستنا ليه اكتر من كده.....ان اهملت الشغل اللي هناك كتير....وكده الشركه هتقع وانا تعبت لحد ماوصلتها للمستوى ده......
" خدي كُلي....انتي متغدتيش معانا تحت بسبب انك كنتي نايمه....."فتح العلاب أمامها وهو يحدج بها بنظره مبهمه قبل ان يقول بهدوء.......
"مالك ياوعد سكته ليه..."
نظرت له وهي تهز رأسها بنفي...
"مفيش.....انتَ ليه جبت اكل......انا مش جعانه...."
مط شفتيه وهو يرمقها بحيرة تماثل نبرتها...
"أزاي مش جعانه انا واكل انا وانتي من بدري.......
كُلي وبطلي دلع ..."
هزت راسها باصرار وقد تمكن منها الحزن فقالت بنفي اكبر....
"مش دلع......... بجد مش جعانه...."
"وان قولتلك عشان خاطري...."
هذا هو السحر يجري بعروقي وانا مخدره مزلت لا أعلم بهواية مشاعري نحوه ، ولماذ انزعج من فكرة سفره الم يأتي لهنا فقط لحل مسألة طلاقي ويرحل بعد انتهى الأمر وقد فعل!... فلماذا تفور دمائي بداخلي لمجرد سماعي برحيله المتوقع منذ عودته...
(وان قولتلك عشان خاطري...)
اي أمرأه أمام تلك الجمله ومنه هو بكل ما يتمتع به من رجولة.. و وسامة.. جاذبية بمعاملته وحنانه يجعلكِ مغمضة العينان تلبي الطلب عن طيب خاطر...
فهو يستحق ...
مدت يدها وبدات تاكل الطعام بصمت....فوجدت أنه أحضر طعامها المفضل...(تعشق تلك الاكلات البحرية
بجميع انوعها واشكلها...ومذاقها في الطهي المحترف....)
ظنت انها صدفه فلم تتحدث واكلت بهدوء يشوبه بعض الحرج....
نهض عمرو وهو يقول بصوتٍ اجش....
"هسيبك تاكلي براحتك.....واعملي حسابك هنرجع بكره الصبح عشان في شوية حاجات هعملها في شركه قبل ما سافر...."
توقفت المعلقه امام فمها بفعل يدها التي تصلبت كلما ذكرها بسفره......وجدته يستدير لها وقبل ان يغلق الباب قال ببساطة...
"ياريت تاكلي الاكل كله....انا جيبلك انواع السمك اللي بتحبيها...."أغلق الباب بعد بسمة بسيطه لم تلامس عيناه....
فغرت شفتيها وتوسعت عينيها بصدمه...فـصدفه مقصوده....من اين علم؟... ولماذا يحفظ بكل هذهِ
الدقه...فالعجيب انها تفضل طهي معظم الاصناف
البحرية بطريقة وصفة تتقنها بعض المطاعم
الفخمه من ضمن وصفات عديدة لنفس
الاصناف !...من اين له بمعرفة الوصفه التي
تفضلها بهم بكل هذه الدقة ؟؟...
غريب....
والغريبه انها ضائعه في افكارها؟!..
(العشق؟ اختلاف الحب و العشق وربما لمقارنة
بينهم غير عادله
أحبك تختلف عن أعشقك...الفرق ان العشق
لهيب مشاعره أكبر وتعد اقرب للهوس بك وبكل تفاصيلك حتى ان كانت صغيره وتافهه من وجهت نظر بعض الجاهلين لتلك المشاعر لكنها تعد للعاشق كنز ثمين يظل محتفظ به بذكرياته الخالده....تلك التفاصيل بملامح الحبيبه... حركاتها العفوية....طباع شخصيتها.....ماذا تحب... ماذا تكره...بما تفكر....
وحين تتذمر ..... اوقات تشعر بحزنها.... وتقرأ شفافية العين... تفهم الحكايه بعد نظره واحده ....اعراض العشق شاسعة ومتعدده وتختلف من شخص لاخر....ورغم كل شيء ذكر عن العشق
فهو ارضاً ملغمه التحرك بها يعد غباءاً !!!!!!....)
_________________________________
قد مَر اليومين سريعاً واتى الصباح محمل معه
مشهد الوداع...
هل تسلم عليه اولاً ام تعانق صديقتها التي ستهاجر
وتتركها وحيده بعد ان عادت صداقتهم....
هبطت على السلالم بثوب سماوي رقيق رافعه
شعرها للاعلى يتدلى ذيلة بنعومة متارجح على ظهرها.....زينتها رقيقه جميلة تسحر الناظر لها...
نظرت لهم فوجدتهم يقفون في البهو يسلمون على والديها بحراره وكانه
الوداع الأخير....
اسلبت عينيها وهي تتقدم منهم متجاهله تلك السلبيه التي تتمكن منها ألا وهي "الضعف أمامه "...
قالت بصوتها الرقيق بتسائل...
"خلاص ماشيين دلوقتي...."
تحدثت خلف ظهره جعلت خفقاته تتسارع فكان يتمنى ان لا يراه اليوم !....
اتجهت لها هند وهي تعانقها بحزن وحبور...
"هتوحشيني اوي ياوعد....انا مش عرفه إزاي هسافر وسيبك..."بدالتها وعد العناق وهي تقول بصوتٍ شاجن...
"انا كمان مش عارفه هتعود ازاي على بعدك....."
رفعت عينيها بفتور فوجدته مصوب بنيتاه عليها
بنظره لم تترجمها بعد....اطرقت براسها وكانها تحتمي بكتف هند قبل ان تبتعد عنها وهي تقول بمداعبه بسيطه...
"بس انا هقرفك مكالمتك....هكلمك كل شويه عشان اطمن عليكي وأعرف اخبارك عند برج ايفل..."غمزة
لها بمشاكسه فابتسمت الاخرى وسط دموعها وهي
تمسح وجنتها ونظرت لها بحب مودعة لصداقه لا تزال تتعافى بعد ما حدث بالماضي بينهم.....
"انا كمان هكلمك على طول.....حتى لو انتي نسيتي تكلميني.... "
ابتسمت وعد بعذوبة تُسحر العين...وقالت بشك مشاكس...
"انسى.... طب بكره نشوف مين اللي هينسى التاني.."
لكزتها هند بخفه في ذراعها...
"مش انا طبعاً انتي اللي هتنسينا...."
صفة جمع ! جعلته ينظر بساعة معصمه
وهو يقول بعجله جافه..
"هند.....كفايه كده اتأخرنا على طياره..."
نظرت له وعد بصمت وبدون تعبير اشاحت بوجهها...
اتى اتصال لثروت جعله يرد باهتمام وهو يوليهم ظهره...
لكزة نادية ابنتها التي تقف بجوارها وهي تقول بخفوت وعتاب ...
"سلمي على عمرو ياوعد....بلاش تكوني قليلة الذوق بعد اللي عمله معاكي..."
لم تهتم بحديث امها فامتعض وجهها وهي تجد أمها تلكزها مره اخرى باصرار لتفعل ما امرتها به على مضض.....
فتقدمت منه وهي تمد يدها قائله بلطف....
"مع سلامه ياعمرو....خد بالك من نفسك...."
نظر ليدها الممتده لبرهة من الوقت لو عليه لتركها في الهواء مشفي غليله قليلاً منها بسبب اختفائه
الملحوظ منذ عودتهم من 'الغردقة'وكانها تقصد تجنبه، والان حين تمنى ان لا يراها صباح سفره فوجدها تقف فوق رأسه بصوره تفقد المتبقي من الصبر لديه... ابتسامتها الجميله وهي تنظر له الان تجعله يتمنى دفعها لأي حائط صلب وعصر جسدها
الفاتن بيداه قبل عصر ثغرها الشهي الذي يروي
ظمأ عطشه ....
وضع يده في يدها اخيراً بعد نظرات هند ونادية الفضوليه خلف صمته كل هذأ....قال بخشونه
"خدي بالك من شركه ياوعد...وانا هبقى اتواصل معاكي على موقع الشركه عشان اطمن على
الشغل والعروض.."
برمت شفتيها بتهكم وهي ترى الحديث عبر العمل والشركه فقالت بنبرة مماثله له...
"متقلقش الشغل هيمشي زي ما متفقين...وبابا كمان موجود...."
أومأ لها وهو يتكا على كف يدها وقبل ان يتركها
همس لها بخفوت بدون ان يلاحظه احد...
"مكنش لازم تنزلي تودعيني.....انتي بذات اللي محبش اودعها...."
لم تفهم ماذا يعني ولكنها فهمت ان وجودها يزعجه
فخرج صوتها باختناق آثار انزعجها من كلامه...
"مكنتش أعرف.....Sorry...."
حرر يدها اخيراً وهو ينظر لاخته قائلاً بأمر...
"يلا ياهند اتأخرنا.....روحيه ادت الشنط للسواق صح؟!..."
اومات هند مجيبه...
"آآه من بدري..."
اشار لها بعجله...
"طب يلا بينا كفايه كده...."
أتت عليه سريعاً ولوحت بكفها لوعد ونادية بحرج من تسرع اخيها المفاجئ ولكنها لم تلبث ان وقفت هي واخيها بعد صوت عمها الخشن وصارم...
"استنى يا عمرو..."
استدار عمرو لعمه تارك يد أخته وهو يقول بفتور....
"ايوه ياعمي في حاجه ضروريه....اصلي يدوبك نلحق الطياره..."
صاح ثروت وهو يشير عليه هو ووعد بازدراء
واضح بعينيه...
"مفيش سفر ياعمرو قبل ما تشوف المصيبه اللي عملتوها انتوا الاتنين..."
رفع عمرو احد حاجبيه واحتلت الدهشه وجهه وهو يقول باستفهام....
"مصيبة؟... مصيبة اي بظبط انا مش فاهم حاجه...."
كانت بينهم شاحبت الوجه تتابع الموقف بقلق تشعر ان هناك كارثه حدثت لكن الكارثه اثنين ان كانت تخصها هي وعمرو.....
.... يتبع