اخر الروايات

رواية قلب متكبر وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة نبيل

رواية قلب متكبر وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة نبيل


[وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء]
"الفصل الحادي عشر" -١١-
تربد وجه يعقوب بالغضب ونطق بنبرة خطيرة جحيمية:-
- الولية دي شكل دماغها هبت منها على الأخر ومحتاجة تتربى وتتعلم الأدب..
بس هي معذورة يا كريم .. هي لسه متعرفش بتتعامل مع مين، ومين يعقوب!!
نطق كريم يُحذره:-
- يعقوب أتصرف بحكمة وبلاش تسرع علشان ميوصلش لبيبة بدران حاجة من الدوشة دي، أنت ناسي إن الست دي ذكرت اسمك في قسم الشرطة ولو اتسربت معلومة من دي أكيد هتوصل للبيبة بدران..
صرخ يعقوب بتفلت أعصاب حتى وصل صوته للفتيات ليُخرجهم من صدمتهم:-
- ولا تهمني لبيبة بدران ولا غيرها إللي عنده حاجة يعملها أنا خلاص شبعت من عميلها...
قال كريم يُهدئه:-
- طب اهدى اهدى وخلينا نحلها سوا...
قولي إنت عايز حاجة أعملها دلوقتي..
أردف بوعيد من تحت أنفاسه اللاهبة:-
- الولية دي متطلعش من مركز الشرطة ألا ما أنا أجي ... أنا جاي حالًا..
عند رِفقة التي تسمرت تُردد بصدمة:-
- مش فاهمة .. يعني أيه الحساب فاضي!!
قالت نهال بحزن:-
- للأسف يا رِفقة الحساب مسحوب منه كل الفلوس ... احكي أيه إللي حصل معاكِ الفترة الأخيرة .. لأن المبلغ ده كبير مينفعش يتسحب من الماكينة مرة واحدة وفي يوم واحد، أكيد عفاف عملت مكيدة تانية..
قالت رِفقة بتيهة وأعين باهتة والحزن يمور بداخلها بينما تتذكر الأحداث الأخيرة التي حدثت معها:-
- أنا معرفش .. معرفش حصل أيه .. هي بعد ما كلمتني وقبل ما نروح الشقة .. روحنا البنك وهي قالتلي هنسحب الفلوس بتاعة الشقة إللي كانت ٢٥٠ ألف بس ... وبعدين صاحب الشقة قالي إن الشقة إيجار مش تمليك .. قولت يمكن هي مرضتيش تقولي إنها إيجار ووفرت الفلوس والمهم إنها خلصت مني وخلاص..
أنا وثقت فيها وعطيتها الرقم السري بتاع الفيزا، ماشي تكرهني وأبقى عِبء عليها لكن إنها تضحك عليا وتاخد الفلوس إللي أهلي سايبنها ليا وهما عارفين إن لا أملك غيرها وبصرف منها لأن لغاية دلوقتي مفيش شغلانه بتقبلني..
اشتد حزن كلًا من آلاء ونهال بينما يعقوب الذي وقف على مقربة منهم يستمع لما يدور وقد صُبّت النيران في دمه، ومزق الألم قلبه لما حدث لِرفقة..
بينما طفقت نهال تتسائل:-
- طب مش فاكره هي خليتك تمضي على حاجة يعني أي أوراق..
أخذت رِفقة تعود بذاكرتها للخلف وهي تشعر أن الأرض قد ضاقت عليها بما رحبت لتُسرع تقول بينما تساقطت من أعينها دموع الأسى:-
- أيوا .. هي في وقت قبل كدا كانت جابت كام ورقة وقالتلي إنهم إجراءات يخصوا بابا وماما ولازم أمضي عليهم .. أنا عمري ما شكيت فيهم خالص .. أنا وثقت فيهم .. ليه عملوا معايا كدا..
احتضنتها نهال بحنان وأخذت آلاء تمسد على ذراعها..
قالت نهال بحرقة تحرق جوفها:-
- حسبي الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم منها يارب..
- رِفقة..
التفتت رِفقة بأعين دامعة عندما سمعت صوت يعقوب لتهمس بنبرة مرتعشة حزينة:-
- نعم..
نبرة كانت كألف سوط على قلب يعقوب العاشق العاكف في محراب هواها...
قال برِفق وتحنان:-
- يلا علشان ترتاحي..
وقفت كالتائهة تلتفت من حولها تعشر بشعور قاتل، شعور بالعجز والإنهزام والوحدة..
ذلك الشعور الذي تسببتم في أن أشعر به الآن، سيُحاسبكم به الله حتمًا، فقد أخبرته بكل شيء..
همست رِفقة بصوت متقطع ضعيف تائه:-
- أروح فين ... أنا ... أنا أعمل أيه...
قال يعقوب بحنان ولهفة:-
- أنا موجود ... معايا يا رِفقة .. بكرا الصبح هنتجوز وهتكوني معايا في بيتك..
وأكمل بوعيد:-
- ورب العباد لأدفعهم تمن كل إللي عملوه .. بس ثقي فيا يا رِفقة..
هوصلك دلوقتي لشقتنا ومن بكرا الصبح كل حاجة هتتغير...
يلا بينا..
سارت بصحبة آلاء ونهال بانهزام خائرة القوة ودموعها تتساقط شاعرة بالشفقة على نفسها، شعور مؤذي لأبعد حدّ...
إنها مجرد زائد في هذا الكون، لا أحد لها، لا أهل..
لا سند ... لا أحد يُحبها ولا أحد يُريدها، مجرد عِبء يحاول الجميع التخلص من ثقله...
لكن ما ذنبها .. وماذا فعلت؟!
ليس ذنبها أنها فقدت البصر، تلك مشيئة الله ولا يحق لها الإعتراض..
إن صار كل نافع ضار فليرحمنا الله، فإن كان هم من تحمل دماءهم فكيف يكون الغريب..!!
ظلت جالسة بين آلاء ونهال تهبط دموعها الكاسفة على وجنتيها بصمت على روحها المنهكة..
كان يعقوب ينظر لها بالمرآة الأمامية بقلبٍ مكلوم يتقد بنار الإنتقام، يُقسم أنهم سيدفعون ثمن كل دمعة تذرفها عينيها الجميلتان..
رفع هاتفه ثم أرسل رسالةً ما وأغلقه وهو يُكمل طريقه...
بعد مدة قصيرة كان يقف أمام إحدى البنايات الراقية، هبط ليهبط الجميع..
قال عبد الرحمن وهو يُشير ليعقوب:-
- أنا هنتظرك هنا يا يعقوب..
حرك يعقوب رأسه بإيجاب وصعد للأعلى لتصعد خلفه الفتيات حتى وقف أمام إحدى الشقق والصمت يُزين الأرجاء...
فتح يعقوب الباب ليقول بهدوء:-
- اتفضلوا..
وقف قليلًا ثم قال:-
- رِفقة .. الشقة هنا آمنة جدًا وفيها كل حاجة...
أنا نازل وهرجع عالطول وإنتوا لو سمحتوا تفضلوا مع رِفقة لغاية ما أرجع...
أقترب من رِفقة فابتعد كلًا من آلاء ونهال ليتركوا لهم مساحة، وأردف بهدوء:-
- الصبح مجرد ما تكوني على ذمتي كل حاجة هتتغير، هيبقى عندي الحرية والحق أقولك على كل إللي جوايا واحتوي حزنك ووجعك..
وبوعدك يا رِفقة إن هرجعلك حقك وادفعهم تمن كل إللي عملوه..
لا تعلم أتحزن أم تضحك؟!
هناك بروحها أصبح حاجزًا يمنعها من الثقة المطلقة والأمان بعد ما رأته..!
نعم هي فاقدة للبصر لكنها تستشعر صدق نبرته إلا إذا كان منافقًا متلونًا بالخداع مثلما فعلت عفاف وبناتها..
نعم كانت تعلم أنها تُثقل كاهلهم لكنها لم تعلم خداعهم وكرههم لها..
- أستاذ يعقوب..
كان صوت أحد شباب توصيل الطعام بمطعمِه يقف أمام باب الشقة الذي تركه يعقوب مفتوحًا..
أقترب منه يعقوب وأخذ الطعام ثم عاد للداخل وقال لرِفقة بحنان:-
- دا كُل الأكل إللي بتحبيه .. كُلي واشبعي وامسحي دموعك .. أنا اتعلمت منك إن ربنا أبدًا مش بيجيب حاجة وحشة .. مش إنتِ قولتيلي كدا، وإننا لازم نرضى بالأقدار إللي ربنا يكتبها لنا، وإن أي حاجة تحصل لنا أكيد خير...
كمان إللي حصل ده خير؛ لأن ربنا بيّن لكِ أشخاص كنتِ مخدوعة فيهم وإلا كنتِ فضلتي كدا العمر كله، وناس زي دي ملهومش أمان يعني تتوقعي منهم الأسوء، أنا المرة دي بقولك مع إن محدش علمني ولا رباني على كدا .. قولي الحمد لله ... واستعدي علشان أنا بوعدك إن بكرا هيبقى يوم سعيد ...دا وعد من يعقوب..
أنا هنزل أعمل شغله وأرجع وهبقى في الشقة إللي قصادك..
وخرج راحلًا تحت إندهاش قلب رِفقة التي ابتسمت بدموع بينما قلبها فيطرق بشدة ووجهها الذي يتغضن بالألم أصبح يومض بالحُب للمرة الأولى... والأهم أنها تشعر بالأمان يتسرب لقلبها رويدًا رويدا..
********************
بعد خروج يعقوب تاركهم في حالة من الصدمة التي لم يتخيلوها بأحلامهم يومًا..
صاحت أمل بغلّ:-
- إنتوا شوفتوا إللي شوفتوا .. مين يعقوب ده ويعرف رِفقة منين، شوفتوا كان بيدافع عنها إزاي وملهوف عليها..
أردفت شيرين بحقد وكره:-
- دي عاميه... إزاي قدرت توقع واحد زي ده..
تسائلت أمل بحيرة:-
- يكون عارف بالمبلغ إللي معاها وعايز يلهفه منها..
رددت شيرين برفض:-
- مبلغ أيه يا بنتي .. إنتِ هبله .. دا منظر واحد يبصّ على مبلغ زي ده .. بالنسبة ليه فكة..
العاميه إللي اسمها رِفقة قدرت فعلًا توقعه وتوهمه بقلبها الطيب يا عيني وبراءتها..
هنا نطقت عفاف أخيرًا بأعين مليئة بالشرّ:-
- بح .. الفلوس إللي كانت معاها مبقاش لها ولا مليم..
تسائلت أمل بعدم فهم:-
- قصدك أيه يا ماما..!!
- قصدي إن الفلوس بقت ملكنا .. دي حقنا إحنا بقلنا قد أيه مقعدنها ومستحملين قرفها وأكل وشرب ولبس ويدوب مكانتش بتسحب ألا ملاليم، دا تعويض لنا على كل إللي عملناه، وبعدين واحدة عاميه زي دي ملهاش مستقبل هتعمل بالفلوس دي أيه، دي المفروض تقعد في أي دار رعاية ويبقى حلو أوي عليها وتستنى الموت لما يجيلها...
فلوس جهاز أيه .. ولا جواز أيه إللي هتتجوزه..
رددت شيرين بحماس وفرحة:-
- بجد بجد يا ماما .. يعني إنتِ دلوقتي معاكِ نصّ مليون جنيه ... يعني المبلغ ده حقيقي بقى ملكنا..
إزاي عملتي كدا يا ماما .. حقيقي إنتِ دماغك سم..
أخرجت عفاف من حقيبتها ورقة بتوكيل عام لجميع ما تمتلكه رِفقة وأسفلها توقيعها وبصمتها، أي أن لها مُوجب التصرف بكل شيء حتى بسحب الأموال من حسابها البنكي..
قال عفاف بفخر وكأنها قامت بأحد الإنجازات العظيمة:-
- أنا خليتها تمضي عليه من غير ما تحسّ، وسعد ابن عمك شغال في البنك وسهّل الموضوع عليا..
ضحكوا جميعًا في سعادة، لتقول شيرين بقلق:-
- بس دلوقتي رِفقة هتتجوز إللي اسمه يعقوب ده، دا فعلًا شكل الموضوع بجد..
ابتسمت الأفعى عفاف وقالت بشر يعبق قلبها:-
- مبقاش عفاف لو خليت الجوازة دي تتم...
- هتعملي أيه يعني!!
استقامت وهي تقول:-
- عايزاكم بس تبهدلوا نفسكم كدا وشعركم وتقطعوا هدومكم ... وبصوا تمثلولي دور المنهارين لأبعد الحدود...
تسائلت أمل بعدم فهم وتعجب:-
- طب إنتِ هتعملي أيه ... وخارجة ليه دلوقتي..
ابتسمت بخبث وقالت وهي تخرج متصنعة الإنهيار والبكاء:-
- واحد اتهجم على بيتي وبناتي والجيران شاهدين هروح فين يعني..
وخرجت تركض منهارة تحت شفقة الجيران لتوقفها أحدهم متسائلة:-
- أيه يا عفاف ...في أيه عندكم ومين كان داخل يتهجم عليكم كدا..
ازدادت عفاف في البكاء وأخذت تقول بتمثيل:-
- شوفتي إللي حصلنا يا أختي بسبب مقصوفة الرقبة إللي اسمها رِفقة، دا واحد تعرفه وجاي يهددنا ...يعني ده جزاءنا بعد ما فتحتلها بيتي، مش كفاية سابتنا من كام يوم وقالت أنا قرفت من القاعدة والعيشة معاكم ... ودا كله ليه ...علشان بنسألها لما بترجع متأخر ولا تقعد من أول النهار لأخره في الشارع..
ألقت كذبتها وركضت منهارة بالشارع لتعلو همهمات الجيران وسخطهم لما حدث...
بعد قليل كانت عفاف تقف أمام رئيس المركز بعد أن سردت له أكاذيبها وهي تتصنع البكاء والإنهيار وبمجرد ذكرها لاسم يعقوب بدران ثار الضابط المسؤول وهو يطرق فوق سطح المكتب وصاح بانفعال:-
- إنتِ اتجننتي يا ست إنتِ .. إنتِ تعرفي بتتهمي مين ...دا وريث عائلات بدران يا كيداهم، روحي دوري على غيرها وخدي بعضك واتكلي على الله من هنا بدل ما تروحي في شربة ميا...
حتى لو إللي بتقوليه حصل أحسنلك تنسي الموضوع ده وتروحي على بيتك أحسنلك..
ررد ضابط آخر يقول بحقد دفين تحت أسماع عفاف:-
- وتنسى الموضوع ده ليه يا باشا، هما زيهم زي أي مواطنين ولازم فضايح آل بدران إللي عاملين نفسهم صفوة المجتمع تبقى على كل لسان علشان رفعة الراس الكدابة إللي هما فيها دي نخلص منها..
إحنا لازم نمشي في التحقيق والإجراءات وكل واحد ياخد حقه...
- ودا رأيي بردوه يا سعادة الباشا، كل واحد لازم ياخد حقه ...ولازم تشوفوا شغلكم وتبدأوا التحقيق والتحري فورًا...
كان هذا صوت يعقوب الذي ولج للمكتب برأس شامخ وجسد مشدود، كانت طلته كفيلة ببث الرعب بأوصال عفاف وما جعل هلعها يبلغ عنان السماء حين قال يعقوب:-
- أنا كمان عندي أدلة أكيد هتفيدكم عن عمليات سرقة ونصب واحتيال وضيف لهم الشروع في القتل......

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close