رواية مرسال كل حد الفصل السابع 7 بقلم آيه السيد
اعتدل في جلسته وأخد وضعية السواقة ومشي بالعربية وبدأ يحكي: من بعد ما ستي ماتت، جدي مكنش مركز في اي حاجة خالص لا في صحته ولا في شغله وكان فيه صديق له شغال معه اسمه توفيق، جدي كان بيثق فيه اكتر من نفسه ومكنش يعرف ايه الي مخبيه جوه من النوايا، وطبعا وجود جدي في الحالة المتدهورة دي كان انسب وقت علشان توفيق يطلع فيه كل نواياه وينفذ خطته وفعلا خلي جدي يمضي علي ورق بيقر فيه إنه متنازل عن نصيبه من الشركة لشريكه في العمل والي هو توفيق طبعا والمؤسف في الأمر أن توفيق مكنش عايز الشركة بس لا وكمان البيت بالخدم وده الي حصل وجدي مضي علي الورق ده من غير ما يعرف لان حالته مسمحتلوش انه يقرأ حاجة وكان واثق في صاحبه جدا وبالعكس كان ممتن انه مقدر ظروفه وشايل الشغل لوحده لحد ما اكتشف انه كان بيغفله علشان يخليه يمضي علي كل ممتلكاته، طبعا كانت صدمة لينا كلنا وبالاخص جدي لانه كان لسه مفقيش من صدمة جدتي قمر، وبعدين صدمته هو بصاحبه اكتر من صدمته بخسارة كل أموال والي كان فيها له الصدمة الرابعة لما عرف ان توفيق لم الكتب الي في مكتبة جدي كلها علشان يحر..قها، جدي عرف وجرينا انا وهو علي بيتنا وفعلا لاقينه بيحرقها، جدي جري وكان بيقع ويقوم لحد ما وقع قدام الكتب وهي مرمية في قلب ال..نار وهو بيحاول يطلعها ويطفي ال..نار عنها ومكنش حاسس بايده الي اتحرقت هو بس كان بيعيط بحرقة ولتاني مرة اشوفه بيبكي كدا علي حاجة بعد ستي، حاولت اطلع الكتب معه بس مفيش فايدة اتحر..قت، وقفت قدام توفيق واترجيته انه يسيبلنا باقي الكتب واني مستعد اعمل اي حاجة في مقابل انه يسيبلنا الباقي، بس رفض سألته بتعمل كدا ليه؟ مش اخدت الشركة والقصر خلاص، قالي وبكل عيون مليان غل وشماتة: علشان من زمان كان نفسي اشوفه وهو كدا عاجز وضعيف ومتهالك، واشوف حسرة قلبه زي ما كان قلبي بيتحسر وهو واخد مني كل حاجة النجاح وحب الناس وحتي بنت خالتي الي حبيتها من واحنا عيال صغيرين خطفها مني، وابوي الي كل شوية يقارني به وطالع به السماء كأن مفيش في الدنيا غير هادي...
جدي مكنش سامع ولا مستوعب اي حاجة من الي توفيق بيقوله لانه كان منهار وفي حالة صدمة وهو بيشوف كتبه بتتحرق قدامه، كانت لو مرة في حياتي اشوف توفيق علي هيئة شيطان ولو طُلت كنت نزلت فيه ضرب لحد ما موته علي كل دمعة جدي نزلها منه بس مكنش لي غير الخضوع علشان جدي ميتحسريش واحاول انقذ ما بقي من الكتب، اترجيته تاني واني مستعد اعمل اي حاجه حتي ولو وصل الحال اني اكون من ضمن الخدم في القصر، جدي قام من مكانه لما سمع كلمتي الأخيرة وجبدني من ايدي ومشي وقالي الموت علي اهون ولا اني اشوفك مذلول، توفيق حس بإن دي حاجة ممكن تقهر جدي اكتر فندهلنا وقالي: انا موافق.
جدي اخدني من ايدي وخرج بر القصر وهو في كمية غضبه وتحسره، بصلي وقالي انت عايز تشوفني ميت يا حد
قولته مكنتش قادر اشوفك وانت منهار كدا انا كنت بتحرق مع كل كتاب بشوفه قدام عيني اه بس كنت بتحرق عليك اكتر وانت رامي نفسك في النار بتحاول تتطفي ومفيش فايدة، جدي عيط وقالي: انا يمكن حاسس ان ولادي هم الي بيتحرقوا قدام عيني مش كتبي بس كله يهون والا اني اشوفك مذلول بعدها حضني وعيطي كتير وقالي: شوفت يا حد الحياة من بعد ستك بقيت جحيم ازاي انا مكنتش عارف قد ايه انا ضعيف بالشكل ده الا من بعد ما فارقتني وادركت قد ايه انا كنت قوي بها، كانت مصدر كل حاجة في حياتي حبي وقوتي ونجاحي ولما مشيت وسبتني اخدت كل حاجة معها حتي كتبي لما راحت بمجرد ما راحت انا مش عارف انا عايش ليه لغاية دلوقتي ولا ايه لازمتي في الحياة من بعدها..
مكنتش عارف اعمل ايه وانا شايف جدي مقهور كدا انا كنت بموت مع كل لحظة ألم بيمر بها وقررت اني لازم ارجع الكتب لجدي ولو بأي تمن، جه الليل علينا وكنا عند بيت واحد من الموظفين الي كانوا شغالين عندي جدي وكان مبسوط جدا بوجود جدي في بيته واستقبلنا بدون حتي ما يسألنا عن السبب، استنت لحد ما الليل ليل جامد وكانت الساعة ١٢ كدا روحت القصر تاني وسبت جدي نايم، اترجيت توفيق للمرة التالتة انه ياخد اي حاجة بس يسبلنا باقي الكتب وطبعا توفيق محرقيش الكتب الفاضلة علشان كان عارف انه هيحتاجها علشان يلوي بها درعنا اكتر، توفيق قالي: انا قلتلك اني موافق علي طلبك وانك تكون من ضمن الخدم... وقبل ما يكمل كلامه قاطعته وقلته موافق بس متقوليش لجدي حاجة
قالي: طب انت عارف الأول هشغلك هنا قد ايه
سكت واستنيته يكمل، وكمل وقال: مع كل يوم هتشتغل فيه هنا هسبلك كتاب وطبعا ده معناه اني هشتغل عنده لسنين طويلة لحد ما اعجز لان جدي كان عنده المكتبة فيها ١٢ الف كتاب، بس اكتشفت انه حر..ق منهم ١١ ألف ومتبقاش منهم غير الف، وعلشان الالف دول كنت مضطر اعمل اي حاجة، وفعلا بدأت اشتغل عنده بس كنت بشتغل عنده بليل والصبح بروح المدرسة وبعد الضهر كنت بروح ادور على شغل علشان اكيد مش هينفع نعيش عند بيت موظف جدي مدي حياتنا فكنت محتاج اي شغل علشان نعرف حتي نأجر ولو حتى أوضة، كان عندي وقتها ١١ سنة وكنت في نهاية خامسة، عدت خامسة وسادسة وانا بليل شغال عند توفيق خدام وإهانة وذل مفيش بعد كدا، كان يخلني امسح الأرض بقماش قديم ويقولي عايزها تلمع وكان بيعمل نفسه مش واخد باله ويدوس علي ايدي بجزمته وكان بيتعمد يظهرني قدام شركاء جدي واصحابه القدام في اي حفلة او اجتماع ويهزأني قدامهم ويوقع العصير علي الارض قدام رجله ويخليني اميل امسحه قدامهم كنت كل مرة بفكر اسيب كل حاجة وامشي بس جدي كان ديما علي بالي وكان قاهرني وضعه الي بيمر به، بس تعبت جدا بليل اهانة وتهزيق والصبح مدرسة وتهزيق برود من المدرسين علشان كنت بنام اوقات بين الحصص من الانهاك بس اعمل ايه وانا كان عندي شغل بعد المدرسة لحد بليل ومعنديش وقت حتي اتنفس، فضل الحال ده كتير لحد السنة ونص دي ما عدت في يوم وفي حفل من حفلاته شايفني واحد من أصحاب جدي جري علي وسألني عن حالي وايه الي بعمله ده فحكلته كل حاجة فراح لتوفيق ونهره وزعق بس توفيق ولا اتأثر بشعرة، حاول صاحب جدي يقنعه انه ياخد باقي الكتب باي تمن عايزه ولأن توفيق جشع طلب منه ٥ مليون وكان عارف اني عاجز وممعيش المبلغ ده، بس الي استغربته صاحب جدي وانه وافق وفعلا كتبله شيك ب٥ مليون ورميه في وشه، واخدني من ايدي ومشي، وصلني للبيت الي كنا مأجرنوا انا وجدي علي القد كدا عيط لما شاف البيت الي كنا ساكنين فيه وازي الحال اتبدل، حضني وقالي: انا جاي بكر إن شاء الله وسبني ومشي وانا بفكر هسدد الدين ده ازاي وتاني يوم لقيته جه بعربيته واخدني انا وجدي بعد ما سلم عليه وحكي معه شوية وبعدين وقف بعربيته قدام بيت كبير وجمب البيت ده كان فيه أوضة كبيرة منعزلة تماما عن البيت كانت الأوضة الي بيحب يعزل نفسه فيها ديما، دخلنا الأوضة واتفأجنا انا وجدي ان فيها الالف كتاب، كانت أوضة كبيرة للدرجة انها استحملت العديد ده من الكتب وكان فيه كدا سرير علي جمب ومكتب صغير، جدي بمجرد ما شاف الكتب فرح اوووي للدرجة انه كان بيشيل الكتب ويبوسها ويشمها ويحضنها لأول مرة في حياتي اشوف الفرحة في عينه من بعد ستي ما ماتت ولاول مرة اشوفه بيضحك كدا وقتها بس هانت علي السنة ونص عذاب الي عشتها ولو رجع بي الزمن كنت هعمل كدا تاني طالما كنت هشوف ضحكته الي نورت وشه، بس بعد شوية جدي استغرب وسأله ازي فحكاله على الي عملته واني اشتغلت عند توفيق وبصراحة كنت خايف جدي يعرف فيزعل مني، بس حصل عكس ما توقعت وجدي حضني وعيط وقال: كنت بتتعذب كل ده لوحدك ومن غير حتي ما تقولي، انا آسف اني كنت سبب معاناتك يا ابني.
ابتسمتله وقلته: كل يهون في مقابل ابتسامة منك ومكنتش عايز غير اشوفك وانت بتضحك ولو لمرة واحدة ثم بصراحة الشكر كله لأستاذ احمد هو الي دفع ال٥ مليون في مقابل اني اتحرر منه، وبعدين بصت لأستاذ احمد وقلته انا جميلك ده مش هنساه وفلوسك دي دين علي ولازم اسددهلك
استاذ احمد بصلي وقالي: الي جدك عملهولي اكتر بكتير من الي عملته
وقتها جدي اعترض وقال : انا متشكر لكرمك يا ابني بس المعروف حاجة والدين حاجة تانية خالص ودينك ده في رقبتي وارجوك متخلينش احس اني عالة اكتر من احساسي بالي عملته في حفيدي.
احمد سكت وقدر احساس جدي في الوقت الحالي وبعدين أصر علينا نعيش معه في نفس البيت بس جدي رفض وقاله انه هيأجر الأوضة دي وبعد مناوشات كتير احمد استسلم لرغبة جدي بس مرضيش ياخد فلوس، بس برضو جدي مرضيش وقاله انه همشي لو ما اخديش فلوس الايجار فاستسلم تماما لرغبة جدي بس خلنا ندفع مبلغ رمزي، وبعدين روحنا علشان نجيب هدومنا من البيت الي كنا مأجرينه والهدوم دي مكنتش مجرد هدوم دي كانت آخر ما تبقي لنا من الترف والنعيم لأنها كانت فريدة مفيش منها اتنين، لأن جدي كان نزيه ومهتم بلبسه جدا ومبيحبيش يلبس الحاجة مرتين او ان يكون فيه منها اتنين وكان له مصممين بيغير فيهم كل شوية علشان كل واحد فيهم يطلع بحاجة جديدة متعملتيش قبل كدا، جدي اخد صندوق الهدوم ده والي طبعا معرفيش يلبسها في البهدلة الي كنا فيها طول السنة ونص الي فاتت وقرر يبيعهم علشان كان عارف انهم هجيبوا فلوس كويسة وانا كمان اخدت هدومي وقررت ابيعهم مع جدي وفعلا بعنهم بس بتمن بخس جدا ميجبيش حتي تمن تشيرت واحد من بتوعي و من التصاميم الي جدي كان بيدفع فيها ملايين بس كنا مضطرين نبيعهم والمبلغ الي جمعنه كان ٣ مليون، جدي عطي لأحمد الفلوس وقاله انه هيتصرف في الباقي بس يستني عليه شوية، احمد طلع ورقة وطلب من جدي انه يمضي عليها، جدي ولتاني مرة في حياته مضي من غير ما يبص وفجأة لاقينا أحمد بيطلب من جدي انه يقوله: شكرا جدا
جدي استغربه بس متردديش فأنه يقوله شكرا جدا وزاد على الشكر شكر
احمد طبق الورقة وقال كدا تمام اوي يا عمي دفعت الباقي، استغربنا ازاي، فتح الورقة وقالنا مكتوب هنا انه تم سداد المبلغ المتبقي بشكرا جدا.. الاستغراب زاد اكتر بيني وبين جدي فأحمد بص لجدي وقاله: فاكر من ١٨ سنة فاتت لما جيت هنا المدينة وفلوسي اتسرقت وكنت تايه ووقتها انت خدتني علي بيتك واكرمتني بما لذ وطاب وعطتني كمان فلوس وفوق كل ده جبتلي سكن وكنت انت الي بتتدفع الإيجار لحد ما خلصت جامعتي ولما جيت اردلك دينك الي كنت بسجله جنيه جنيه عطتني ورق بخط الايد وبرود مقراتهيش وطلبت مني امضي واقولك شكرا جدا ووقتها أنت قولتي خلاص يا عم انت كدا سدت الي عليك ولما سألتك ازي كدا؟ قولتي: ربنا بيقدر الكلمة فأنت ازاي عايزني مقدرهاش
سألتك ازي يعني وضحلي
قولتي لو أنت بتقرأ في أذكار الصباح والمساء هتلاقي من ضمن الأذكار ذكر: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بإحدي من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر ولو قرأت في فضل الذكر ده هتلاقيه ان الي بيقوله بالنهار فقد أدي شكر يومه والي بيقوله بالمساء فقد ادي شكر ليلته.. انت متخيل ربنا الي مهما عبدناه من المحي للممات عمرنا ما هنوفي شكره على كل نعمه التي لا تعد ولا تحصي ورغم كدا فالذكر البسيط ده الي ميتعدش شوية كلمات بسيطة له الثواب العظيم ده فعايزني أنا بشر بقي مقدريش الكلمة الي هي مكانتها عندي أحسن من المال.. لو عايز مني نصيحة يا ابني كن طالب كلمة مش طالب مال.. جدي ابتسم وبصلي فضحكت لانه ديما كان بيقولي الجملة دي يناغشني بها لما اجي اطلب منه فلوس ودلوقتي بس أدركت معناها الحقيقي ومن ساعتها وانا كنت مقرر إن كلمة الشكر عندي تساوي أجري ومستحيل اخد من حد فلوس قالي شكرا يمكن تشوفي الموضوع غريب يا مرسال واني كدا مش هكسب في حياتي بس عايز اقولك ان محدش اساسا قالي شكرا من قبلك ويمكن تستغربي ده بس انا بحكم اسمي الغريب كنت بنعزل عن الناس علشان اتجنب سخريتهم وغير كل ده منهمك في دراستي وشغلي الي مشوفتيش فيه يوم واحد عدل وهو بيتكلم وقف العربية وقالها: احنا وصلنا باين
لف وشه وبصلها لاقيها حاطة ايدها علي وشها وبتعيط جامد
سألها باستغراب: مالك؟ انت كويسة