رواية الالم القاسي وجع الهوي الفصل الخامس عشر15 بقلم ايمي نور
وقفت مكانها تراقب تقدم جلال البطيئ من تلك الزائرة وعلى وجهه قناع غير قابل للقراءة قائلا بهدوء
: اهلا اميرة حمدلله على السلامة
جلال و عينيه فوق اميرة بتفكير رغم توجه بالحديث لامه
: تشرف يا امى ..بس مقلتيش يعنى انها جاية كنا حتى على الاقل استقبلناها
توتر ملامح قدرية تلتفت الى اميرة لتسرع اميرة فى اجابته قائلة
: انا اللى طلبت منها يابن عمتى كنت عاوزة اعملهالك مفاجأة بس الظاهر انها مكنتش مفاجأة حلوة ليك
قالت كلماتها الاخير بعتاب وتدلل جعلت من ليله الواقفة تتابع ما يحدث بعيون متسعةوهى ترى ابتسامة جلال التى ارتفعت فورا فوق شفتيه قائلا برقة وترحيب
: لا ازاى ... دى احلى مفاجأة على فكرة من زمان وانا نفسى اشوفك واشوف خالى وباقى العيلة
اميرة وهى ترفرف برموشها بخجل مصطنع
: وانت كمان والله وحشتنى علشان كده جيت اقعد معاك ومع عمتى كام يوم وبعدين بابا هيبقى يحصلنى
هنا ولم تستطع ليله التحمل لتهتف بعصبية منادية اياه
: جلاااال ....
التفت اليها جلال بجانب وجهه مجيبا اياها ببرود ارسل القشعريرة فى جسدها لتسرع قائلة بتردد متلعثمة وهى تتابع بعينيها تلك الوافدة
: اظن كان فيه موضوع مهم كانا بنتكلم فيه
قال جلال دون ان يلتفت لها بخشونة
: مش وقته ياليله.. وقت تانى هنتكلم
هتفت اميرة وهى تمرر نظراتها فوق ليله من اعلاها الى اسفلها والعكس بأستعلاء قائلة بسخرية مبطنة لم تلاحظها سوى ليله
: بقى انتى ليله ....ازيك يا حبيبتى
لم تجيبها ليله بل وقفت تطالعها هى الاخرى بأستعلاء تمرر عينيها فوقها هى الاخرى تلاحظ شعرها الاسود الفاحم والموضوع فوقه حجابها يظهر من اسفه نصفه وعيون مرسومة بالكحل الثقيل اما فستانها زهرى ذو قصة قصيرة لا تناسب الاعراف هنا قبل ان توجه حديثها مرة اخرى لجلال قائلة بحزم
: لاا انا عوزة اتكلم دلوقت وحالا ..مش هستنى لحظة واحدة بعد كده والا .....
قطعت جملتها حين التفت اليها جلال بغتة عينيه تتطاير بداخلها الشرر سائلا اياها بهدوء مفترس
: والا ايه ياليله ؟ احب اعرف اللى هتعمليه
نظرت ليله متوترة ناحية اميرة والتى رفعت لها حاجبها بتحدى تسرع قائلة بارتباك
: نتكلم فى اوضة المكتب احسن
لكن وامام عينيها المنصدمة صدعت ضحكة جلال الساخرة وهو يجاهد للحديث بصعوبة بعدها قائلا
: انتى شايفة كده ؟؟.طب متخلينا هنا احسن ويبقى وفرتى على نفسك المجهود
ليله ووجهها قد اصبح محتقنا من سخريته منها بتلك الطريقة امام الاخرين لكنها قالت بحزم رغم ارتجاف صوتها
: لا اوضة المكتب احسن ..وياريت دلوقت وفورا
خفض جلال راسه مشيرا لها بطريقة مسرحية ساخرة ناحية غرفة المكتب ان تتقدمه لتتحرك بخطوات ثابتة رغم ارتجاف ووهن جسدها تشعر به خلفها الا بعدة خطوات بعد ان طلب من والدته ان تتبعهم هى الاخرى
دلفت الى غرفة المكتب سريعا يتبعها هو ايضا يتقدم بخطواته ناحية مكتبه يجلس خلفه بهدوء وراحة عاقدا كفيه امام شفتيه وهو يطالعها بنظرات متفحصة بطيئة جعلتها تتملل فى وقفتها من قدم الى اخرى للحظة تهتف به بتوتر
: هتفضل ساكت كده كتير وقاعد تبصلى وخلاص.. اتكلم قول حاجة
لم يجيبها جلال بل ضاقت نظراته فوقها اكثر جالسا فى مكانه كتمثال نحت على هذا الوضع لتصرخ به تلك المرة بحدة وعنف
: متفتكرش انك كده بتخوفنى وانى هسكت لا ...فوق يا جلال بيه انا ممكن....
: اخرسى
كلمة واحدة خرجت منه بهدوء كحد السيف وكان لها مفعول السحر عليها اذ بهتت ملامحها على اثرها تقف فاغرة الفاه وعينيها متسعة بصدمة بينما يتراجع هو فى مقعده للخلف يكمل بهدوء شديد ارعبها
: صوتك مسمعهوش ...واظن كل اللى عندك قلتيه يبقى تخرسى خالص وتسمعى وبس ..مفهوم
صرخ بكلمته الاخير بصوت جهورى غاضب جعلها تشهق بفزعة وهو تغمض عينيها بشدة خوفا منه ليشعر بتسلل الندم اليه على فعلته هذه وقسوته تلك معها لكنه اسرع بازاحة ندمه هذا فورا جانبا يرتفع بدلا عنه غضبه وحنقه منها سريعا يكمل بصوت خشن جاف
: اقعدى عندك مسمعش ليكى صوت لحد ما افهم ايه الموضوع بالظبط
فتحت فمها لتجيب اياه مستنكرة لكنها اسرعت تطبق شفتيها سريعا حين هتف بها بغيظ
: قلت صوتك ميطلعش واقعدى عندك زاى ما قلت
تحرك من مكانها باقدام مرتعشة تجلس تحت انظاره المراقبةلها بحدة فوق المقعد المقابل له فى الوقت ذاته تقدمت قدرية الى داخل الغرفة مرتجفة تتبعها اميرةبخطوات واثقة لتسرع قدرية قائلا بتوتر حين هم جلال بالحديث
: اميرة عندها كلمتين ليك يا جلال
جلال بحدة وعينه ترسل رسالة الى والدته واضحة المعنى
: مش وقته يا امى بعدين لما نخلص من موضوعنا ده الاول
تقدم اميرة الى الامام ناحية المكتب تحت انظار ليله المتابعة بحيرة ما يجرى تتسع عينيها ذهولا حين قالت اميرة بثقة وصوت حازم
: ما هما الكلمتين بتوعى يبقوا بخصوص الموضوع ده بالذات يا جلال
**************
:خلاص يا راغب فهمت والله وحفظت الكلام تحب حتى اسمعلك
امدت يد راغب تصفع مؤخرة رأس المتحدث بقوة جعلت يشهق بألم بينما راغب ينهره بعنف قائلا
: بلاش غلاسة وركز كويس اقل كلمة ممكن تضيعنا وتضيع كل اللى ناوى عليه
دفعه فى جانب راسه بغلظة يكمل
: افهم يا غبى هنا غير القاهرة هنا الناس كلها عارفة
بعضها واى غريب بيتعرف فى ثانية يعنى كله لازم يخلص فيومها وبعدها طيارة بره البلد فهمت يا نسيم
حك نسيم راسه قائلا بتردد
: فهمت يا كبير بس اااا....
راغب زافرا بنفاذ صبر
: اخلص عاوز تقول ايه ؟
نسيم قد اخفض صوته تماما ينحنى على اذن راغب قائلا باهتمام
: الجماعة اتصلوا من كام يوم بالوسيط وعاوزين باقى فلوسهم وانت عارف دول ملهش صبر على حد
عقد راغب حاجبيه بشدة يهمس هو الاخر بقلق
: عارف بس هعمل ايه الدنيا اتعقدت هنا على اللى كنت ناوىه ...ده حتى ابويا مش طايق ليا كلمة بعد اللى حصل
نسيم مأنبا اياه بتردد وخشية قائلا
: ليه حق يا راغب حد يهبب اللى هببته ده لا وكمان رايح تعرفها بموضوع الارض ما كنت تسيبها على عماها وهو كنا عرفنا نطلع بمصلحة منه الموضوع ده
زفر راغب بضيق ناظرا للبعيد قائلا بصوت حانق
: اهو اللى حصل بقى ...انا قلت لما اعرفها حقيقة جوازتها والعب فى دماغها شوية وانا راسم الطيبة الخوف عليها هتبقى زاى العجينة فى ايدى ونخلص
جز فوق اسنانه يلتفت ناحية نسيم يكمل بغيظ
:بس بنت ال.... قامت تدور على المحروس بتاعها وتتحامى فيه ومحستش بنفس غير وانا بدور فيها الضرب
لوى نسيم شفتيه يهمس بأستهزاء
: هو كان ضرب بس يا راغب دانت كنت هتاخدها غصب
التمعت عين راغب بشهوة يضغط فوق شفتيه بأسنانه قائلا
: اه يا نسيم كنت خلاص ثوانى وهتبقى ملكى لولا الغبى اخويا هو والزفتة اختها وصلوا قبلها بثوانى
بس ااه لوكان حصل كانت هتبقى سكة تانية لينا خالص نلعب بيها على كيف كيفنا
طوح نسيم بيده فى الهواء بعدم اهتمام قائلا بعدها
: اللى حصل حصل ..خلينا فى فلوس الجماعة هتجهزها ازاى...خصوصا بعد حركة جدك ونص الارض اللى ضاعت منك دى لبنات عمك
ضاقت عينى راغب بتفكير تتلاعب اصابعه بطرف ذقنه
: كله حاجة وليها حل بس نخلص الاول من اللى جيبك علشانه وساعتها اللعب هيبقى على المكشوف
ونبقى نشوف مين هينجدها بعدها منى
*****************
نهضت ليله عن مقعدها صارخة بغضب هستيرى تلتفت الى جلال الجالس بهدوء خلف مكتبه تضرب سطحه بعنف قائلة
: يعنى ايه الكلام ده ...عاوز تفهمنى انك اول مرة تسمع وتعرف بلى عملته امك
جلال وهو مازال على هدوئه رغم ارتجاف عضلة فى وجهه تبين عكس ما يظهر
: ملكيش دعوة ان كنت اعرف ولا معرفش واظن انك جاوبتى بنفسك على سؤالك ده من قبل حتى ما تسألينى فيه
جلست ليله باحباط مكانها تهتف ذاهلة
: يعنى انتوا بتخيرونى لتاخدوا الارض منى لتتجوز بنت خالك عليا
هنا تحدثت اميرة تضع قدما فوق اخرى قائلة بانتصار شماتة
: بالظبط كده يا حبيبتى واظن مفيش غلط فى اللى قلته مانتى عملتيه قبل كده
جلال بحدة يهتف بها وهو ينهض عن مقعده متجها ناحية جلوسها هى وقدرية وعينيه تلتمع بنيران مستعيرة تقع شرارتها فوق قدرية تحرقها والتى جلست تفرك كفيها ببعضها بتوتر تعلم علما اليقين انها لن تمر بفعلتها مرور الكرام ابدا
: متتكلميش معاها كده ادامى ..كلامك معايا انا ....وخلاصة الكلام انا هشترى الارض منك بضعف تمنها مرتين واظن كده انتى الكسبانة
اميرة وهى تتراجع فى مقعدها قائلة بنعومة تتمطى بحروفها باغراء وميوعة
: وانا بقولك استحالة ...دى فرصة وجاتلى على طبق من دهب ...ده حتى ابويا نفسه موافقنى عليها
عم الصمت ارجاء الغرفة كان جلال واميرة يتبادلان النظرات تتحدث بالكثير والكثير بينما جلست ليله تتابع ما يجرى بينهم بذهول تشعر كانها وقعت بين المطرقة والسندان يوسوس لها شيطانها بكلمات كالاشواك داخل عقلها بان مايحدث لم يكن سوى مسرحية هزلية وقعت هى ضحيتها كان اول الممثلين فى دورها رئيسى هو جلال وهى تراقب حديث العيون بينه وبين تلك الافعى لتدرك ان بينهم ماهو اكثر مما تظهره المظاهر بينهم لذا وقفت على قدميها
ببطء شديد عينيها ببرودة الجليد قائلة بصوت لا حياة فيه
: مفيش داعى لكل ده ...انا مواقفة تتجوزها وترجعلى ارضى بعدها
******************
جلست قدرية فى غرفتها بعد حين وهى تبكى بهستريا تجلس بجانبها اميرة تربت فوق كتفها قائلا بصوت رتيب تدير عينيها بملل قائلة
: ما خلاص بقى يا عمتى ...مانت كنت عارفة انه ده اللى هيحصل يعنى كنت مستنية منه ايه بعد اللى عملتيه
قدرية بصوت متألم باكى
: انا كنت فاكرة انه هيفرح خصوصا لما ماحولش يوضح لمقصوفة الرقبة دى انه مكنش يعرف عن لعبتى حاجة قلت بس ده ماشى معايا على الخط
تراجعت اميرة برأسها الى خلف تهتف بدهشة وتعجب
: نعم ! بقى عاوزة تعملى كل اللى عملتيه ده ومن وراه ومستنية منه يقولك برافو
ارتجفت قدرية مدركة صدق حديثها وهى تتذكر ما حدث تاليا فبعد خروج ليله فورا بعد ان القت بقنبلتها غير عابئة باحد بينما وقف جلال مراقبا اياها ببرود دون ان يحاول ايقافها
ثم يلتفت ببطء اليهم وقد تحول وجهه للنقيض تماما يهتف بهم بشراسة وعيون تشتعل بالغضب
: بقى كل ده تعملوه من ورايا ؟! بترسموا وتخططوا ومستنين من الاهبل العبيط يوافقكم مش كده
انتفضت قدرية مكانها حين تحول عنهم ناحية مكتب يطوح بيده كل مافوق صارخا
: انا يتعمل معايا كده ؟ لا ومن مين من امى
قدرية بصوت مرتعش تحاول امتصاص غضبه
: يابنى كنت بساعدك كنت عوزاه....
التفت جلال اليها يشير ناحية اميرة والتى جلست تتابع ما يحدث بقلب مرتجف رعبا من حالته تلك لكنها اظهرت الثبات فوق ملامحها وهو يصرخ عاليا بحنق
: تساعدينى بايه ؟بانك تكتبى الارض لبنت اخوكى علشان تجبرينى اتجوزها قصاد انها ترجع الارض لمراتى اللى ضحكتى عليها بتمثلية وس...
قطع حديثه بغتة قبل اتمامه لفظه النابى واضعا يده فى خصلات شعره يجذبها بعنف وهو يدور فى ارجاء الغرفة يروا كنمر حبيس يستعد لانقضاض عليهم فى اى لحظة حتى تحدثت قدرية بصوت مختنق ضعيف يظهر الانكسار به
: انا عملت كده علشانك ...علشان مش دى اللى اتمنتها لابنى تبقى مراته.... مش دى اللى تبقى مرات الكبير فاهم يا جلال وان كان على الارص مستعدة اخلى اميرة ترجعلهاك وحالا بس متزعلش منى
التفت اليها جلال بعدم تصديق يسألها
: ببساطة كده ...ترجعى الارض وكل حاجة ترجع زاى الاول....كانك مولعتيش الدنيا
هنا وهبت اميرة واقفة تهتف به بصوت حاولت اظهاره قوى ثابت
: انت بتكلمها كده ليه مش ذنبها ان الست هانم مراتك مصدقتش انك متعرفش حاجة وانها مش لعبة منك عليها ...دى زى ما تكون ما صدقت تلاقيلك غلطة علشان تطلب الطلاق
تقدم منها جلال سريعا وبخطوات عاضبة تعصف فى عينيه غريزة القتل فى تلك اللحظة يفح من بين اسنانه مما جعل اميرة تتراجع للخلف برعب وهلع
: انتى تخرسى خالص ودقايق وتخفى من البيت خالص ومشفوش وشك تانى
تمالكت اميرة نفسها سريعا ترسم ابتسامتها الناعمة قائلة بخبث
: امشى اروح فين يا روحى ....مش هنا برضه هنعيش بعد الجواز
تجمد جلال بصدمة يسألها
: انتى مجنونة صح ؟ جواز ايه اللى بتكلمى عنه
اقتربت منه اميرة ببطء تمد اناملها تتلاعب بازرار قميصه قائلة بدلال
: جوازنا يا قلبى ...اومال هرجعلك الارض قصاد ايه
قدرية وجهها يزداد شحوبا
: اميرة ...انتى مش قولتى هترجعى الارض وقت ما اطلب
التفتت اميرة اليها تزداد اقترابا من جلال تضع راسها بكل جرأة فوق صدر جلال الذى تعالت انفاسه نفورا قائلة
: اسفة ياعمتو بس دى فرصة متتعوضش...انى ابقى اميرة مرات جلال الصاوى كبير عيلة الصاوى ولا ابقى مرات اى واحد تانى ميسواش فى عيلتنا اللى اغنى مافيها شحات
امسكها جلال بقسوة من ذراعيها غارزا اظافره فى لحمها يدفعها عنه بعنف حتى كادت ان تسقطت ارضا
وعينيه تدور بينهم بذهول وعدم تصديق
: انتوا اكيد اتجننتوا... اوعوا تفتكروا انى هسيبكم تعدوا بلى عملتوا ده ....
تحرك مغادرا بخطوات عاصفة ليتوقف مكانه فجأة يلتفت ناحية قدرية مشيرا لها بسبابته قائلا بقسوة وشراسة
: انتى بقى تنسى انك ليكى ابن من هنا ورايح ....وحاضر هنفذلك اللى طلبتيه ...فعلا بنت اخوكى هى اللى تستاهلى تبقى مرات ابنك
ثم التفت يكمل خطواته مغادرا لتنهار قدرية فور مغادرته تبكى لاول مرة بدموع حقيقيةمنذ امد طويل
.............
خرجت قدرية من دوامة افكارها حين هتفت بها اميرة بقلق
: عمتى روحتى فين ...اوعى تكونى رجعتى فى كلامك وهترجعينى بيتنا علشان اتجوز المنيل ابن عمى
ضربتى قدرية بعنف فوق ذراعها تهتف بها وهى تزيل دموعها المنسابة فوق وجنتها بحزم
: لمى لسانك يا بت دى يبقى ابن اخويا برضه
لوت اميرة شفتيها من جانب الى اخر بسخرية قائلة
: بلا نيلة كلهم عالم مش لاقية تاكل... انا بقى نفسى اهرب منها عيشة الفقر دى وابقى زيك كده هانم وسط دارها
ربتت قدرية فوق كفها تهتف بها بتأكيد
: هيحصل يا عين عمتك وبكرة تشوفى . جلال مدام قال هيعملها يبقى هيعملها وخصوصا ان الخايبة اقصرت علينا نص السكة بكلامها الدبش وشكها فيه
ارتفعت اميرة من فوق مقعدها تصفق بجزل قائلة بفخر
: بس ايه رايك فيا وانا واقفة زاى الاسد ادام ابنك وبقوله مفيش ارض هترجع الا بجوازنا وانتى يا عينى عاملة فيها الطيبة الغلبانة اللى مفيش فى اديها حاجة
اخفضت صوتها قائلة بلوم
: ميعرفش انك واخدة عليه ورقة ضد تخليكى تودينى فى داهية لو قلت بم بس ليكى
هتفت بها قدرية باستنكار وحدة
: لا كنت اسيبلك ارض تسوى ملايين الملايين يا عين امك من غير ما اضمن حقى
اميرة بابتسامة صفراء منافقة
: طبعا حقك ياعمتى وهو انا قلت حاجة
لتكمل بعدها بحيرة
: بس ماقولتلش انتى مخترتيش سلمى ليه دى حتى تبقى بنت عمه ومن بيت عز وانت طول عمرك عينك منها لجلال
قالت جملتها الاخيرة بحقد وعينيها تلتمع بغيرة لم تلاحظها قدرية هى تشرد للبعيد قائلة بأسف
: اه والله كان نفسى تكون هى مرات ابنى بس سلمى بقيت كرت محروق وبشخطة واحدة من جلال كانت هترجع كل حاجة ليه ومش بعيد تفضحنى ده غير ابوها طبعا مكنش هيسكت
التفتت الى اميرة والتى اسرعت باخفاء مشاعرها سريعا وقدرية تقول بحزم
: وبعدين مانتى بنت اخويا برضه واولى من الغريبة مش كده ولا ايه يابت
اميرة بابتسامة ملتوية صفراء تخفى ورائها نوايا سوداء كقلبها
: طبعا ياعمتى هو كنت اطول اتجوز كبير عيلة الصاوى ده حاجة ولا كانت حتى فى الاحلام
****************
كانت تخرج ملابسها من داخل خزانتها تدفعها داخل الحقيبة بعيون لا ترى شيئ من شدة دموعها المنهمرة فلاول مرة فى حياتى تتعرض لانكسار والاهانة بتلك الطريقة حتى عندما زوجها جدها له بتلك الطريقة لم تشعر كما تشعر الان يتلغب عليها احساسها بالخديعة وبأنها كانت لقمة سائغة له ولاهله
صرخت بداخلها بألم ..اكان يستحق منه الامر كل هذا التخطيط وتعريضها لتلك المعاناة من اجل ارض لو كان طلبها منها بنفسه ما ترددت ثانية ان تعطيه اياها خاصا بعد ما رأته منه من حنان ومراعاة فى فترة مرضها
ولكن اااااه والف ااااه فقد كان كل هذا تمثيل وتخطيط منه لها ..لم يشعر اتجاهها ولو بذرة واحدة من الحب قد رفعها للسموات السبع ثم خسف بها الى اسفل السافلين ينهيها ويعتصر قلبها دون رحمة او شفقة حين خيرها مابين زواجه من اخرى او رجوع حقها لها
انفجرت الدموع تشهق معها بصوت متألم بشدة ترمى ما بيدها ارضا ثم ترتمى بجسدها بعده صارخة دون صوت يريحها تتسائل ...ماذا كان ينتظر منها ...اكان ينتظر رفضها وتشبثها به فتلفظ كرامتها امام الجميع وهم يروا يأسها للاحتفاظ به .....اكان يتوقع ان تنحنى على اقدامها تتشبث به خوفا من ان تسرقه واحدة اخرى غيرها
اخذت تدور الاسئلة بداخلها كداومة سوداء تبتلعها حتى انتهى بها الامر تسأل سؤال لم تستطيع الفكاك منه
:: هل ما فعلته هو الصواب ....اكان تصرفها هو الصحيح فى ماحدث ....اكان يستحق الامر ان تحتمل كل هذه الالام حين تخلت عنه لاخرى غيرها
ظلت مكانها ترتمى ارضا لوقت غير معلوم حتى قررت استجماع شتات نفسها تنهض واقفة باقدام مرتعشة تستأنف عملها السابق بوجه شاحب وعيون شديدة الاحمرار وحركات هامدة حتى سمعت صوت فتح الباب لتسرع برسم اللامبالاة فوق ملامحها تتجاهل تقدمه البطيئ للداخل حتى توقفت خطواته امامها تماما يسود الصمت التام شعرت خلاله بتحديقه الثابت بها وهو يتابع حركاتها ليصدح صوته الحاد بعدها صارخا بها
: اقدر اعرف ايه اللى بتعمليه ده ؟
تابعت ليله عملها لاتعيره اهتمام ليتقدم نحوها جاذبا اياها من ذراعها نحوه مرتطمة بصدره بعنف منحنا بوجهه نحوها يفح من بين انفاسه
: لما اكلمك تردى عليا .. اياك تتجاهلينى مرة تانية
حدقت به بخيبة امل ترتفع ابتسامة ساخرة مريرة فوق شفتيها هامسة
: اهلا بجلال بيه الحقيقى...طالت الغيبة والله
تحركت عضلة بجانب فكه كانت الدليل الوحيد على تأثره بحديثها تومض تعبيرات وجهه بشيئ لم تستطيع تفسير اختفى سريعا ترتفع ستار البرودة فوق وجهه هامسا هو الاخر
: بالظبط جلال القديم ظهر ..ماهى واحدة زيك مستهلش غيره.. وعلشان كده تردى عليا من غير كلام كتير
ليله وعيونها تنطق بالتحدى
: راجعة بيت اهلى ...استحالة اقعد هنا ثانية واحدة مع ناس زيكم
تراجع رأس جلال للخلف ضاحكا بصخب جعلها تتوتر وتتملل بين ذراعه وهى تراه يقترب بوجهه منها مرة اخرى وعينيه ملتمعة بشدة يسألها باستهزاء
: وبيت اهلك الناس اللى فيه احسن من هنا طبعا ..نقول زاى راغب مثلا؟!
شحب وجهها حين اتى على ذكره امامها يذكرها بكل لحظة سوداء مرت عليها بسبب ذلك الحيوان لكنها اسرعت تتماسك تقترب بوجهها منه اكثر بتحدى تهتف بشراسة
: ايوه زاى راغب اللى ميجيش حاجة جنب استاذ كبير زيك... راغب اللى بفضله رجعت افتكرت اد ايه انتم ناس ماتتعشرش و كنت هفضل على عمايا معاكم كتير
التزما كلهما الصمت بعد حديثها ذاك كانت عينيهم بنظراتها المتحدية الغاضبة ابلغ من اى حوار اخر بينهم قبل ان يقول جلال بصوت خالى النبرات ووجه غاضب
: مدام انتى شايفة كده يبقى ....
التمعت عينيه فجأة بنظرات تدركها جيدا وهو يمررها ببطء فوق حنايا جسدها متراجعا الى الخلف قليلا ليشعل نيران غير مرحب بها فوق كل مكان بجسدها تستقر عينه فوقه فترتفع غصة فى حلقها جعلت من الصعوبة عليها الحديث وقد تسلل برد الخوف والتوتر الى جسدها فحاولت جذب نفسها من بين ذراعيه علها تنهى ما يحدث بينهم لكنه تشبث اكثر بها يقربها منه حتى اصبح لا يفصل بينهم سوى انفاسهم المتصاعدة بوتيرة عالية وهو يهمس بخشونة فوق شفتيها و عينيه تراقب حركة لسانها المضطربة فوقهم
: على فين؟ مش تستنى يمكن اكون استاذ عنه فى حاجات تانية
رفعت عيون مصدومة اليه ومعها كفها تنوى صفعه صفعة قاسية كقسوة كلماته لها ولكنه كان اسرع منها يمسك كفها قبل بلوغه وجهه يلويه بقوة خلف ظهرها ضاما جسدها اكثر اليه ليلتصق صدرها بصدره بشدة لكنها اخذت تحاول التملص منه بيأس بينما ينحنى عليها يبتسم ابتسامة شرسة ذئبية قائلا بصوت اجش
: فاكرة اخر مرة ايدك اتمدت عليا عاقبتك ازاى...ولا لحد هنا وذاكرتك وقفت...بس انا بقى هفكرك
لم يمهلها لحظة سوى لالتقاط الانفاس ينقض على شفتيها يقبلها بقسوة جعلتها تتأوه الما لكنه لم يعيرها اهتماما يتراجع بها ناحية الفراش بخطوات متخطبة دون ان يفصم قبلتهم حتى وصل اخيرا بها الى الفراش يلقيها فوقه فاخذت تتراجع الى الخلف بتعثر وهى تهتف به محذرة بهلع
: عارف لو قربت منى ها...ها...صوت والم عليك البيت
لوى شفتيه بابتسامة ساخرة لم تصل لعينيه ويده تزيح حقيبة ملابسها تلقى بيها ارضا قائلا بصوت ثقيل
: ياريت ... ساعتها يمكن يفتكروا انى بربيكى من اول وجديد زاى مانتى محتاجة فعلا
صرخت بقوة حين قبض فوق كاحلها بغتة يجذبها منه ناحيته حتى اصبحت تستلقى امامه تماما يسد بجسده طريق الهروب امامها
وفجأة اصبح فوقها يمسك بذراعيها فوق رأسها يراقبها بعينان كانت اكثر ما يخيفها فيه تظهر نواياه بها لتتسع عيونها جزعة هامسة باسمه بتضرع دون ارادة منها وعيونها يغشاها الدموع تتطلع له برجاء لتتوقف حركته كألة نزع مقباسها يقف متجمدا صدره يتعالى بانفاس متسارعة تضيق قبضته اكثر فوق معصميها فى لحظات مرت عليها كالدهر قبل ان تنحل قبضته شيئا فشيئا يفرج عن نفسه حاد متراجعا عنها ببطء بنظرات مذعورة يهتف بصوت اجش مرتعش
: انتى ايه.... عاوزة توصلينى لايه ....عاوزة تثبتى ليا ولنفسك انى زاى ما عقلك المريض مصورنى ليكى ..انا ....
صمت يتجعد وجهه اشمئزاز يكمل بخشونة
: انا ....بقيت مقروف من نفسى ومنك انتى بقيتى بتطلعى اسوء ما فيا .....انا..
زفر بعنف يدفع كفه بين خصلات شعره يتلفت حوله كالتائه ثم تحرك ناحية الباب بخطوات سريعة تاركا لها على الفراش كما تركها جسد ملقى باهمال ووجه شاحب شحوب الموتى