اخر الروايات

رواية اصيل وجوهرة بين اغلال الشيطان الفصل التاسع 9 بقلم مني ابو اليزيد

رواية اصيل وجوهرة بين اغلال الشيطان الفصل التاسع 9 بقلم مني ابو اليزيد


تطيل الحياة بنا في ألم وقسوة، هيهات نعاد لمرحلة الطفولة المبكرة كما كنا لنبتسم بأقل الأشياء، لا نشعر بقلة المال عكس ما يحدث بعد ذلك الشعور بالحرمان، يدفع البعض لفعل أشياء محرمة فيما بعد
عاد سنان إلي شقته بعد عمل شاق، الشقة مظلمة، خالية من الحياة والروح، سكنتها الشياطين بدلاً من الملائكة، دخل أحد الحجرات الملونة بزخرفة الأطفال، كل شيء بها يدل أنها حجرة أطفال، مدد جسده على الفراش، حوط أحد لعب الأطفال المصنوعة من القطن من داخلها، خارجها يكسوه قماش بلون(دب)
هطلت العبرات بغزاره من عينيه، اشتاق لابنه الذي حرم منه بسبب أفعاله، تذكر ما حدث بالسابق
***
أمسكت حنان الهاتف المحمول لتجري اتصالاً بأهلها، انتهت من المكالمة كادت أن تضع الهاتف المحمول مكانه مرة أخرى، باغتت بإرسال رسالة أتيت له، استحوذ الفضول عليها أن تفتحها لتطمئن من عدم خيانته، صرخت صرخة خفيفة لكنه استطاع سماعها، لم تصدق ما مكتوب، علمت أنه تاجر أعضاء، وسبب في قتل زوجة أصيل حتى لا ينكشف أمره
وقف أمامها عندما اخترق أذنيه صوت صياحها، فرشت تعبيرات وجهها بالقلق قائلاً:
-في إيه
تجمدت عروقها من الفزع، أوصالها ترتعد من الخوف، تراجعت للخلف بجسدها إرادياً، تهاب منه، الشيطان أمامها في صورة بشر، الأفكار البشعة سيطرت على عقلها، فشلت في النطق عدا كلمة واحدة، كلمة تعني الفرار، واسترداد حريتها مرة أخرى:
-طلقني
***
أخرجت تنهيده من صدره عندما عاد للواقع لم يبقع كثيراً في الألم والذكريات، رن هاتفه المحمول، ليعلن عن فتاة لا يحبها، لا يريدها، استمر في الحديث معها حتى يحصل على ما يريد، منع أن يطوله السواد، ها هو في أمان، فكانت هي مرام، هتف:
-الو
-عامل إيه
-كويس
-بقيت بترد من تحت لسانك من وقت ما دريت عليك
-يوه بقي أنجزي يا مرام
-أنا فسخت خطوبتي على أصيل
نهض من مكانه باندفاع، هاجمها في نبرته، أراد أن تكون أمامه حتى يضع يديه حول عنقه، لكي تختنق بسهوله، ويتخلص منها:
-أنتِ أتجننتِ أزاي تعملي كده
-مش هقدر يا سنان مش هقدر
-ولو وصل وقتها هتروحي في داهية أنا مش عليا حاجة
-اطمئن مش هيعرف
-صحيح عملتي إيه مع البت الطباخة
-جوهرة
-أيوة جوهرة هتجيلي أمتي
-ما بلاش يا سنان قلبي مش مطمئن
-بكرة تبقي عندي مفهوم يا هتشوفي الوش التاني
-مفهوم
........
الفائز ما يستطيع الانتصار على الطرف الآخر، لأبد أن يلجأ في بعض الأحيان إلي المعاونة التي من خلالها يتغلب عليه، بات عقل جوهرة مشغولاً، كيف تنجح في الانتصار، هرولت خارج المطبخ بعد أن أصبح كل شيء جاهز، حركت عينيها في جميع الاتجاهات، جاب بصرها كلاهما سعد ومحمد يجلسان بجوار بعضهما البعض، اقتربت منهما، ألقت سؤالها على الفور دون تردد:
-هو أصيل ممكن حياته تتلون
قوسا فمهما بابتسامة عارمة على ثغرهما، هذا ما كان يريده محمد الشاذلي، لذلك طلب من سعد أن تأتي جوهرة، وتنجح في تلوين حياته، لكن من جانب أخر، اندهش من سرعتها في أخذ القرار لكن سعادته كانت أكبر من الاندهاش، فباح قائلاً:
-طبعاً بس الموضوع هياخد وقت
فركت يدها من التوتر، وهي تلقي سؤال أخر، هذا ما تريد إجابته من قبل سابق:
-طب ليه حياته بقت سوده
توقع محمد أن هذه خدعة، لتعرف المزيد، اندرج في قول كلام أخر تقتنع به دون أن يبوح في نفس الوقت:
-أنا مش صاحب الشأن عشان أقول هو اللي يقول
طردت تلك السؤال من رأسها، لأن هدفها تغير حالياً، أصبح الآن تلون حياته إلي الألوان، وضعت إبهامها في فمها تفكر ماذا تفعل؟ لتطلب منه أن يلون ملابسه، غرقت في بحر من الأفكار حتى وجدت الحل المناسب، فقالت على الفور:
-في كوتشينه هنا
مط محمد شفتيه للأمام، هز كتفه بعدم المعرفة، برزت ملامحه اليأس، لكنه جاء في ذهنه فكرة ما، هتف بسرعة:
-مش عارف بس هقول لحد من الحرس يشتري وخلاص بس ليه
تجاهلت سؤاله، قيدت تعبيرات وجهها بالحماس الزائد، عينيها تشع التحدي، لتنتصر عليه تلك الفتاة الضعيفة، اكتفت أن تقول:
-لازم نجيب دلوقتي ونلعب كلنا ونخليه يلعب معانا
بعد فترة من الوقت، قد بدأ اللعب، صوت الضحك والفرحة يصل للخارج، وصل إلي مسامع أصيل بعد أن أستقر بالسيارة داخل القصر في المكان المخصص لها، احتقن وجهه بالغضب، لا يجوز في عهده الفرح، السعادة، المرح، والضحك خاصة بعد ما حدث لزوجته وأبنه، توجه داخل القصر من الباب الخشبي، وعينيه تشتعل كجمرتين من النيران، تلهب كل شيء أمامه، فتح الباب بقوة، اندفع للداخل يهدر بصوت صاخب، زلزل المكان من حوله:
-انتوا بتعملوا إيه
ردت عليه  جوهرة في هدوء لكي تستفزه:
-بنلعب تعالي ألعب معانا
لو تعلم ما يحل لها من قول تلك الكلمات، التي أدت إلي نتيجة عكسية، قد أغلق باب الرحمة الذي مازال يميزه، ما كانت نطقت، هدر بعنف:
-ألعب.. ألعب إيه واضح إن عشان بعدي حاجات كتير وأقول مغلش لسه مش واخده على نظام يبقي تسوقي فيها لا من هنا ورايح مفيش لعب وهيبقي اللون الأسود أكتر من الأول لو بتعملي كده عشان حياتي تتلون تبقي غلطانة
صمت لبرهة، ثم أضاف بتأكيد:
-أنا مش غبي أنتِ كنت عايزاني ألعب وتكسبي وتطلبي مني ألون جزء من حياتي عشان كسبتي كان غيرك أشطر
اقترب من الطاولة، بعثر الورقات قليلاً، وأخذ البعض يدسه على الأرض بكل قوته، همس بفحيح الأفعي، موجه كلامه لها:
-مش شوية ورق هيطفوا النار اللي جوايا
..........
جلس حمزة على مقعد مكتبه يسب نفسه، ويوبخ ضميره، أنه طرد حنان دون مقدمات، لا يعرف ظروفها، تسرع في القرار، اتهمها بعدم الثقة في أي شيء، بالإضافة أنها لم تقصر في عملها قط، كل ما فعلته كذبه في حياتها، لا تؤثر على عمله، عقله مشغول لم يشعر بخطي وليد، عاد إلي رشده حين هز كتفه، والتقطت أذنيه صوته يقول:
-وبعدين بقي معاك
فرك عينيه ليعلم أين هو، حول بصره في جميع الاتجاهات حتى تيقن من وجوده في المكتب، قال بعدم استيعاب:
-في إيه
جلس وليد على الكرسي المقابل له، رمقه بنظرات غير محبة لهيئته قائلاً:
-من وقت ما هي مشيت وأنت مش طبيعي
نهض من مكانه، خطو بعض حركات في المطبخ، باح بما في قلبه:
-حاسس إن ظلمتها هي مأثرتش في شغلها عشان أمشيها وقتها قولتلها تمشي عشان كنت مصدوم مش بفكر كويس
أخذ وليد قلم عبث فيه، أظهر عدم اهتمامه لما يقول، وهتف:
-محدش قالها تكدب ولو فارقة معاك أتصل بيها
حرك رأسه بالنفي، كسي ملامح وجهه بالحزن، باح بالندم:
-ياريت ينفع بس للأسف مسحت رقمها
علم أن الجلوس والتحدث له فائدة، شعر بعدم رغبة تملئ وجهه، لا حبذا أن يحب هذا المكان، شعر بضيق في التنفس، اندفع للأمام قبل أن يتفوه:
-أنا ماشي يا وليد أنا مخنوق
سار في الطريق مشتت الانتباه، لمح طيف حنان تعبر الطريق، أندلف خلفها تلقائياً، راقب تصرفاتها، كانت تخرج من محل لأخر، محلات منوعة من ملابس، مقاهي، مطاعم، ...إلخ، كل مرة تخرج خيبة الأمل ظاهرة على تعبيرات وجهها، لمحته تبددت ملامحها إلي الضيق، هرولت في خطواتها، تعتمد عدم النظر عليه، فعل عكس ما فعلته، اقترب منها عندما تيقن أنها شاهدته، وقف أمامها قائلاً:
-بتعملي إيه هنا
لوت شفتيها في استنكار، وتشدقت بفمها:
-وأنت مالك
جاءت أن تتحرك عرقل طريقها، ليتحدث بتأكيد:
-بدوري على شغل
ضربت راحتي يدها اليمني على ظهر أليسري، ثم قالت بتهكم:
-أكيد هصرف على أبني منين
بث سمه كالثعبان عليها، لدغها بشراسة حين قال:
-مش هسألك أبوه فين بس كان لأزمته إيه الكدب من الأول
شعرت بغصة داخل جوفها، حاولت ابتلعها، المحاولة باتت بالفشل، هرولت في الركوض بعيد عنه، لا ترحب بالحديث معه لأول مرة، كانت تراه اليد الطيبة أحياناَ، وأحياناً الأخرى الأمان، دمر كل هذا، عقلها مشتت بشدة، سارت في الطريق دون انتباه، بينما هو يراقبها في تحركها، كأنه انتصر عليها، طرد تلك الأفكار التي استوطنت عقله لفترة من الوقت وهو في مكتبه
سعت عينيه من الصدمة عندما ارتطمت بسيارة أثناء عبورها من الطريق، ركض بقوة الصاروخ نحوه، مر بين المارين الذين التفوا حولها، خفق قلبه بقوة، تلون وجهه باللون الأصفر من الفزع، فوجهها ملئ بالدماء، ملامحه قد تكون مخفية، صاح عالياً:
-إسعاف بسرعة حد يتصل بالإسعاف
سمع أحد الأصوات من الواقين يقول بتعجل:
-مستشفي ابن سينا التخصصي قريبة من هنا أسرع من الإسعاف
لم يتردد ثانية حملها بين ذراعيه، اتجه بسرعة إلي المستشفي، عمل كل المطلوب من ملئ استمارة ودفع أموال، وقف أمام حجرة العمليات، يعتلي وجهه القلق والخوف، سمع صوت رنين هاتفه المحمول، ضغط على زر الغلق، متوتر بشدة ليس لديه القدرة على الحديث
كانت أوصاله ترتعد، أمله الوحيد نجاتها، ظل يدعو الله كثيراً، حتى خرج الطبيب، اقترب منه في عجلة قائلاً:
-طمني يا دكتور
أراد الطبيب أن يعرف كل شيء عنها، خاصة بعد هيئتها التي تدل على فقرها، فهذا الطبيب لم يري حنان مطلقاً:
-حضرتك جوزها
فكر في الإيجاب بالتأكيد، لكنه تراجع فهو لا يعرف ماذا يريد، كفي أنه دفع الأموال الأزمة، فقال بنفي:
-لا أنا أعرفها معرفة سطحية ممكن تطمني عليها
تصنع وجهه بالعبوس واليأس، وهو يتفوه بسأم:
-للأسف هي في غيبوبة وحالتها خطيرة
أغلق عينيه بألم واضح، لعن وسب نفسه على ما بذر منه، ثم هتف بقلق:
-والحل
ربت على كتفه قائلاً:
-أدعيلها بس هو مفيش حد غيرك
أومأ رأسه بالتأكيد بحزن يتجلي تعبيرات وجهه، قال بأسف:
-للأسف ملهاش حد
تعمقت الفكرة داخل ذهنه، خفي ابتسامته وفرحته، اندفع للأمام وهو يقول:
-عن أذنك
ولج الطبيب أحد المكاتب، قال بلهفة:
-جات مريضة ملهاش حد هتنفعنا حالتها مش خطيرة كسر في رجليها وأيديها وفتحة صغيرة في جبينها
ترك سنان القلم، أبعد مرمي بصره عن الأوراق، فظهر شعاع الأمل في مقلتيه، هتف:
-بجد
سرد له قصة الفتاة أن ليس لها أحد يسأل عنها سوي رجل واحد يعرفها معرفة سطحية، وحالتها الصحية التي تبدو على ما يرام، فقال بحماس:
-أديها حقنة منومة بعد لما تفوق من البنج
.....
تنفست جوهرة بسعادة بعد شعاع الأمل الذي لحق بها بعد استعدادها للذهاب مع والدها إلي الطبيب، كادت أن تفتح باب الخشبي، احتقن وجهها بالغضب فور ما وجدت أصيل أمامها، لا ترحب بالحديث معها منذ ما حدث في ليلة اللعب، أشاحت وجهها للاتجاه الأخر، تحدثت بدون محبة:
-الأكل جاهز
لم يعقب، بادرها بسؤال ألجم لسانها عن الحديث من دهشتها:
-رايحه فين من غير ما تقولي
فرشت ملامح وجهها بالغيظ، فجزت على أسنانها، لم تنصاع لإجابته، رحبت بفكرة استفزازه أكثر لتسترد جزء من أهانتها في السابق
-وأنت مالك كل اللي عليك أكلك دلوقتي
ضغط على شفتيه لعدم قدرته على فعل شيء، تمني أمساك ذراعها ليغرس قوته لتتألم، فتتراجع عن توبيخها بكثرة، قال بغيظ:
-بس بقي لما أسالك سؤال تجاوبي وبطلي عند أنتِ شغالة هنا
أومأت رأسها بالموافقة، رددت بعض كلماته لتلقنه درس جديد:
-أيوة شغالة هنا من حقي إن أمشي براحتي
اقترب منها ليصافح أنفاسه وجهها، ليهب الخوف داخلها، همس بنبرة فحيح الأفعى:
-الكلام ده لما تكوني مش بتباتي هنا لكن أنتِ بتباتي من حقي أعرف رايحه فين وجاية منين خصوصاً إن كل حاجة موجودة
ظلت مناقشات بينهما كالقط والفأر حتى قطعها سعد بقوله:
-أنتوا مش عاملين ليا حساب بتتخنقوا قصادي
رد عليه أصيل:
-بنتك مش بتحترم حد أنا عامل لأصلي معاها لحد دلوقتي ومش راضي أوريها الوش التاني وقتها مش هتحب تشوفني في المكان لأن حياتها هتبقي سوده
سيطر الغضب عليها من حديثه، باحت بغضب:
-لا أنا محترمة غصب عنك ومسيري في يوم وهسيبك وقريب أوي
تفوه دون أن يحسب ما يقوله:
-هيبقي يوم المني
دخل سعد في الحديث قائلاً بنبرة أمر ممزوجة بغضب:
-وليه تستني يوم المني لمي حاجتنا يا جوهرة أحنا هنمشي دلوقتي


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close