رواية فرح فهيمة الفصل الحادي عشر11 بقلم ايه السيد
“في صحتي… ”
بدأت تتظاهر بالفواق “الزغطه” وتترنح وهي تسير مطمئنه أنها بالبيت لحالها، أغلقت عينيها وهي تقطع صالة شقتها مترنحه، ليتفاجئ هؤلاء الذين يقفون أمامها ينظرون نحوها بذهول، نظرت شاهيناز لصفاء ثم ليوسف وأخيرًا لإبنتها التي مازالت تترنح مغمضة العينين حتى وقعت أرضًا وانسكب باقي البيبسى على وجهها فتحت فرح عينيها على صوت ضحكاتهم، مسحت وجهها وهي ترقد أرضًا وتنظر إليهم بخجل وهم يقفون أمامها ويحدقون بها منفجرين بالضحك ….
“أصبلك كاس تاني يا حببتي”
هكذا هتفت والدتها بسخرية شديده، نهضت فرح واقفه منكسة رأسها بخجل ثم رفعت رأسها ببطئ لتبدل نظرها بين ثلاثتهم وهم يضحكون على فعلها، لاحظ يوسف إحراجها وأشفق عليها فحاول لفت انتباههم لشيء أخر قائلًا بجدية:
-انتوا بقا لازم تتغدوا معانا النهارده ولا إيه يا فرح؟!
أومات فرح رأسها وهي تبتسم بحياء:
-أيوه طبعًا!
عقبت صفاء:
-لأ أنا جايه أسلم على فرح وهنزل علطول
اقتربت من فرح تضمها وبادلتها فرح التحيه، كانت شاهيناز ترفع إحدى حاجبيها وتنظر نحو ابنتها بخيبة أمل وعقبت قائله:
-بس مراتك تأكلك إنت يا يوسف ملكش دعوه بينا
مصمصت شفتيها قائله:
-الله يبني إنت صعبان عليا حاسه إني ظلمتك بجوازك من البت الهبله دي
شهقت فرح ووضعت يدها حول خصرها قائله بعفويه:
-الهبله دي تربيتك يا شاهيناز يا مرات أبويا
هتفت شاهيناز بغيظ:
-معرفتش اربي يا بت للأسف ملحقتش اربيكِ
رفعت فرح رأسها بلامبالاه وهي تقول:
-يبقا دي غلطتك أنا مليش ذنب يا شوشو
عقبت شاهيناز بنبره مرتفعه:
-صح يا بت.. أنا إلي غلطانه!… إنتِ صح
كان يوسف وصفاء يبدلان النظر بين كلاهما ليتابعان الحوار، وفي حركة سريعه شمرت شاهيناز ساعديها وهي تقول:
-بس ملحوقه يا بنت جوزي تعالي
اندفعت شاهيناز نحوها لتمسكها من شعرها، فغر يوسف فاه من هول المفاجأه فلم يتوقع رد فعل شاهيناز، تأوهت فرح قائله:
-سيبي شعري يا شاهيناز
تركت شعرها ومسكتها من ملابسها تهزها بطريقة مضحكه وتقول:
-دا منظر شعر عروسه يا بت
عقبت فرح بتحدي:
-ماله شعري عاجب جوزي بتتدخلي ليه يا ست إنتِ
تركتها شاهيناز ووجهت نظرها ليوسف لتسأله وهي تكرمش وجهها وبنبرة حادة:
-إنت عاجبك شعرها ده!
أوما رأسه مبتسمًا باستفزاز، يكبح ضحكاته على انهيار شاهيناز، نظرت له بغضب فقد خذلها، وقف خلف ظهر والدته خوفًا منها، ضحكت فرح وأخرجت لسانها لوالدتها قائله:
-كسفك يا شوشو
صفقت بيدها وهي تنظر ليوسف قائله:
الله عليك يا قرة عيني
ضغطت شاهيناز على أسنانها بغيظ وهي تبدل نظرها بينهما، ويوسف يحدق بها مترقبًا رد الفعل التالي، أما هي فلم تنطق بحرف أخر وهرولت للمطبخ وهي تقول:
-ماشي يا فرح
جحظت عيني فرح وهي تهرول خلفها قائله:
-لأ لا لا يا ماما اهدي وأنا هعمل إلي إنت عايزاه
بدأت شاهيناز بإخراج الأواني من المطبخ وهي تقول:
-جربي بقا الإحساس ده
وكلما حاولت فرح إمساكها انفلتت شاهيناز منها لتخرج باقي الأواني وتقذفها أرضًا، كان يوسف وصفاء يتابعان الموقف بصدمه همست صفاء ليوسف:
-هي حماتك بتعاني من مرض نفسي؟!
اومأ رأسه ضاحكًا وهو يقول:
-شكلها كدا
وبعد دقائق كانت فرح تجلس بين الأواني بالمطبخ تضع كفيها على وجنتيها وتنظر الأواني الملقاه على أرضية المطبخ، وشاهيناز تضرب كفًا بالأخر كأنها تزيل أثر التراب عن كفيها تنحنحت ثم نظرت ليوسف وصفاء قائله بابتسامه عذبه وكأنها لم تفعل أي شيء:
-إن شاء الله بكره عزال نوح وأنا كنت جايه أعزمكم
كانوا ينظرون لها بذهول فأردفت بنفس الإبتسامه:
-أستأذن أنا بقا عشان ورايا شغل كتير
نظرت لفرح التي ترمقها بطرف عينيها بغيظ وقالت:
-هستناكِ بكره بدري يا فروحه
خرجت من الشقه وسط نظراتهم المصدومه، هتفت صفاء قائلة وهي تغادر:
-أنا ماشيه
غادرت صفاء، ووقف يوسف وهو يضرب كفًا بالأخر بتعجب:
-دا باينلها وراثه ولا إيه؟!
اقترب يوسف وربت على كتف فرح لتفرفع رأسها إليه وهي مازالت على حالتها فيقول بابتسامه:
-يلا هنرتبهم مع بعض
زفرت بقوه وهي تنهض وتقول بابتسامه:
-الست دي أمي عارف لو مش أمي كنت مديت إيدي عليها اه والله
اومأ رأسه ليقول ساخرًا:
-مفهوم طبعًا
بدأ يرتب معها الأواني وهو يضحك كلما تذكر المشهد….
_____________________________________
انتهت من ترتيب الأواني وتناولت الغداء ثم جلست جواره تشاهد التلفاز، فجلس جوارها وهو يحدق بها قائلًا:
-عندي كلام كتير عايز أقولهولك
ارتبكت من نظرته وابتعدت عنه مسافه ليقطعها هو باقترابه منها مجددًا ليمسك يدها وينظر بعينيها ثم يخفض بصره ويتنهد بقوه قبل أن يقول بجديه:
-فرح أنا لما اتجوزتك كنت مجبر عليكِ… عمي أجبرني أتجوزك!
عقدت حاجبيها متعجبه وسالته:
-مش فاهمه ليه يعني يجبرك تتجوزني؟!
ترك يدها وتنهد بألم حين تذكر ما مضى وهو يقول:
-طبعًا انتي عارفه قصة عمك وعمتي الله يرحمهم
أومات رأسها قائله:
-الله يرحمهم ويغفر لهم
نظر لها بعمق يريد اكتشاف تأثير وقوع كلامه على ملامحها تلعثم قائلًا:
-أ… أ..بصي هو عمي كان عاوز ينتقم لعمتي الله يرحمها وعايزني أتجوزك فتره وأطلقك
ازدردت ريقها بتوتر حين قال جملته خوفًا أن يطلقها أو يتركها، فسألته بقلق:
-وإنت موافق على كدا!
هز رأسه بعنف وهو يقول:
-مكنش عندي حل تاني عمي كان ممضيني على شيكات ب ٥ مليون وتنازل عن كل ورثي من أبويا
تجمدت الدماء بعروقها تخاف من جملته القادمه سألته بخوف وهي تضغط على يده كأنها تريد الإطمئنان:
-وهتطلقني؟
ابتسم وهو يقبل يدها قائلًا بحنو:
– فرح لازم تعرفي إن أنا بحبك من قبل ما أعرف إن إنتِ مراتي!
لم تسمع جملته هي فقط تريد إجابة صريحه لسؤالها سالته مجددًا بتوتر وهي تزدرد لعابها:
– هو إنت هتطلقني عشان تاخد الشيكات والورث؟!
ترك يدها ونظر أمامه يحدق بالفراغ قائلًا:
-أنا سبق وقولتلك إني بحبك يا فرح ومش هسيبك
أغلقت عينيها تفكر فيما تود قوله، وعم الصمت بينهما لدقيقه مرت عليها كأنها سنة، عندما طال صمته هتفت وهي مغمضة العينين:
– يوسف
حدق بها وابتسم قائلًا بتعجب:
-إيه دا؟! دا إحنا شيلنا الألقاب؟!
لم تعقب لكن أكملت دون أن تفتح جفونها قائله:
-أنا بحبك
اتسعت ابتسامته واعتدال في جلسته وهو ينظر لها وهي تضغط جفونها حتى تهرب من نظراته أكملت قائله وهي تفتح عيونها:
-من تاني مره شوفتك فيها مكنتش بعرف أمنع نفسي من التفكير فيك
كان يحدق بملامحها بسعاده وهو يقول:
-فرح… قوليها تاني قلبي مشتاق يسمعها
استدارت تنظر نحوه قائله بهُيام:
-انا بحبك يا يوسف
ابتسم وهو يقبض على يدها قائلًا:
-كمان مره
ابتسمت وهي تضم وجهه بين كفيها وقالت وهي تضغط على كل حرف بالجمله:
-بحبك يا يوسف
ضمها بكثير من الحب ثم طبع قبلات متفرقة على وجهها فدفعته بقوه وهي تنهض لتتهرب منه قائله:
-تشرب قهوه
لم تنتظر رده وركضت من أمامه إلى المطبخ وهي تقول:
-أنا هعمل قهوه وهعملك معايا
اعتدل جالسًا وهتف ساخرًا:
-قهوه!!
نهض واقفًا وركض خلفها يقول:
-لأ يا فرح مش هتهربي مني انسي
صاحت قائله:
-ابعد عني وإلا هصوت وألم عليك الناس
قبض عليها يضمها بين ذراعيه قائلًا:
-إكتفى قلبي عناد وبعاد…
حملها بين ذراعيه قائلًا بهُيام: بحبك يا فرولتي
_____________________________________
صباح جديد في جو الشتاء البارد، نظر يوسف لتلك النائمة بجواره وطبع قبلة على رأسها قائلًا:
-اصحي يا فراولتي الساعه ١٠ هنروح لمامتك امته!
فتحت عينيها بنعاس ثم أغلقتها مجددًا وهي تدير له ظهرها وتسحب الغطاء عليها قائله بنزق:
-روح إنت وسيبني أنام
اعتدل جالسًا ليمسك هاتفه ويرى ٦ مكالمات فائته من عائلتها فيناديها مجددًا:
-يا فراولتي اتأخرنا زمان العزال وصل
نفخت بحنق وهي مغمضة العينين، هتف مجددًا بحايلها:
-يلا بقا عشان لسه هنفطر وابقي نامي الظهر
اعتدلت جالسة وعاقدة حاجبيها بضيق وهي تقول: حاضر قومت أهوه
مسك يدها ليقبلها قائلًا:
-صباح الزبادي يا محير فؤادي
ابتسمت ونظرت له بطرف عينيها قائله:
-يا صباح السعاده يا سكر زياده
ضحك على مداعبتها اللطيفه وقال:
-يلا عشان باباكِ رن عليا مرتين ونوح مرتين ومامتك مرتين
هتفت بنعاس:
-يعني كدا المجموع ٦
ابتسم قائلًا:
-الله ينور عليكِ
نهضت واقفه ثم اتجهت لخزانة الملابس لتفتحها وتخرج ثيابًا له قميص بلون السماء الصافيه وبنطلون من الجينز الأزرق وثيابًا لها فستان حمصي اللون وعليه حجاب أسود اللون، وضعتهم على السرير ثم قالت:
-هنلبس دول ماشي؟
ابتسم وهو ينهض قائلًا:
-تحت أمرك يا مولاتي
______________________________
جلست حنان على سريرها تبكي فستبدأ رحلة العلاج الكيماوي من الغد، مسحت دموعها تخاف أن تعترف لزوجها فيطلقها وإن طلقها أين ستذهب وكيف ستعيش بمرضها، تنفست بعمق وزفرت بألم بعد أن قررت ما ستفعله، لن تحكي لزوجها ستتركه لأخر المطاف لكن ستبدأ بساميه يحب أن ينفضح أمرها أمام عائلتة زوجها…..
_____________________________
وأثناء الطريق
“نفسي أجرب حاجه كدا هات إيدك”
قالتها فرح بابتسامه:
اتسعت حدقتيه وهو يسألها بقلق:
-ناويه تعملي إيه يا مجنونه مش وقته؟
مسكت يده وهي تصعد على سطح الترعه الرفيع وتقول:
-هات بس إيدك كدا بسسس
مد يده ليقبض على يدها بعنايه، بدأت تمشي متشبثة بيده ومبتسمه بسعاده سألها يوسف بابتسامه ماكره:
– واثقه فيا أوى كدا؟!
نظرت له قائله:
-إوعى تكون مش أهل للثقه!
ضحك وهو يهزها نحو الترعه متظاهرًا أنه سيدفعها، فصرخت بخفوت وقبضت على يده بقوه وهي تنزل عن سطحها قائله بضحكه:
-لا لا ملكش أمان
حملها وهو يقول:
-طيب استعدي بقا
صرخت قائله بخوف:
-إنت هتعمل إيه لا لا
صعد يوسف حاملًا فرح ليقف على سطح الترعه ويناكفها تشبثت به جيدًا لكن بلا فائدة فقد خانته قدماه حين انزلقت ونزل بها للمياه مسح الماء عن وجهه وهو يقول من بين ضحكاته:
-نسيت أقول صلي على رسول الله
أخرجت الكلام بصعوبه من بين ضحكاتها:
-أصلًا… م… ملحقتش…. الموضوع جه فجأه
حدق بضحكتها بهُيام قائلًا:
-بحبك أوي يا فرولتي
اخفضت بصرها في حياء مبتسمه، حدق بها مبتسمًا وشاردًا في ملامحها الطفوليه، ليقطع تلك اللحظه الرومانسيه صوت أحد الفلاحين صائحًا بنبره مرتفعه:
-إنتوا بتعملوا إيه هنه!
رد يوسف ساخرًا:
-لأ مفيش كنا عطشانين ونزلنا نشرب وطالعين خلاص
عقب الرجل مصدقًا ما قاله يوسف:
-عطشانين! ليه بط إنتو ولا إيه؟!
ابتعد عنهم وهو يضرب كفًا بالأخر ويتمتم: مجانين دول ولا إيه؟
ضحك يوسف قائلًا:
-الراجل صدق ولا إيه؟
خرج يوسف من الماء منفجرًا بالضحك وساعدها لتخرج ارتعش جسدها وهتفت باستنكار:
-جيبتلنا الكلام وخلاص
ضحك يوسف قائلًا:
-يا ستي يعني هي أول مره ما إحنا متعودين
قاطعهما صوت الطبل الذي ياتي بالعزال نحوهم فضحك يوسف بقوه وقال:
-كدا بقا كملت يا روحي
قالت بقلق:
-هنعمل إيه؟!
مسح الماء عن زجاج نظارته الشمسيه بملابسه المبتله بالماء وهو يقول:
-اعملي زي ما هعمل بالظبط
ارتدى نظارته رافعًا رأسه بشموخ، ففعلت مثله وارتدت نظارتها الطبيه، وضع كلتا يديه بجيبي بنطاله، فهتفت:
-يوسف أنا معنديش جيوب!
تنحنح بجديه مصطنعه قائلًا:
-صقفي يحببتي
وقفت فرح تصفق بكل بلاهه مع الطبل، والناس يرمقونهما بذهول، كان عماتها الثلاثه يركبن السيارات ويصفقن، فهتفت إحداهن بنبرة مرتفعه مازحه:
-فرح…. هي مطرت عليكم ولا إيه؟
-اه يا عمتو مطرت شوفتي الهدوم
قالت جملتها وهي تعصر ذيل فستانها، ويوسف يضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته، مرت سيارة أخرى وبها نوح الذي أوقف سيارته جوار قائلًا:
-إبه إلي حصل؟
رفعت فرح يدها نحو السماء وهي تلوي فمها لأسفل قائله:
-مطرت
رمقهما بتعجب قائلًا:
-مطرت ايه الشمس طالعه والجو ربيع أهوه
ضحك نوح وهو ينظر نحو الترعه قائلًا:
-تقريبًا أنا فهمت إلي حصل تعالوا اركبوا متمشوش كدا في البلد هتفضحونا
كان يوسف يراقب الحوار ويضغط على شفتيه كي لا ينفجر بالضحك، اتجه نحو السياره ومازال يضع كلتا يديه بجيبي بنطاله وهتف:
-مبروك يابو نسب
ضحك نوح وهو يقول:
-مبروك عليك إنت الجنان يا حبيبي فرح شكلها عملتها معاك
ركب يوسف السياره وانفجر بالضحك وقال: عقبال عندك يا حبيبي…
_____________________________________
وبعد أن وصلا للبيت سحبت فرح يوسف ليدخلا من الباب الخلفي ليبدلا ملابسهما ويرتدي يوسف من ثياب نوح، وترتدي فرح من ثيابها القديمه….
كان الجميع في حديقة المنزل بعد أن اوصلا جهاز العروس لشقتها، كان المنزل يعج بأفراد العائله، وقفت فرح في ركن بعيد عنهم مع يوسف تمازحه وتداعبه بيدها، فضحك قائلًا:
-“فرح بطلي هزار بقا”
مدت يدها مرة أخرى فقال وهو يكبح ضحكاته:
-إبعدي إيدك الناس هتاخد بالها
ابتسمت قائله بمكر:
-بس أنا مكنتش أعرف إنك بتركب الهوا
اقتربت منه مرة أخرى بمكر شديد ترمقه بخبث وهي تلتفت حولها لتتأكد أنها في بعد عن مرمى نظر الجميع، مدت يدها نحوه لتدغدغه، فابتعد عنها مسافه وهو يتأفف من تصرفها الطفولي، اقتربت مرة أخرى بمكر ومدت يدها نحوه لتدغدغه، حاول التظاهر بالجمود وضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته حتى تيأس منه وتهدأ، لم يلبث هكذا كثيرًا وانفجر ضاحكًا، وضحكت هي أيضًا قائله بمرح:
-اركب الهوا
انتهى من نوبة الضحك قائلًا بهمس:
-ماشي يا فرح لينا بيت يلمنا وهعرفك الهوا بيتركب ازاي
ضحكت وهي ترجع بظهرها للخلف لتتجه نحو والدتها وهي تقول:
– أنا قاعده مع أمي حبيبتي لحد ما الفرح يخلص
كادت أن تقع فلحقها يوسف لتعتدل واقفه مسح يوسف وجهه ضاحكًا حين صاحت والدتها:
-خلي بالك يا فرح ركزي شويه مفيش حد بيمشي بظهره
همس لها قائلًا:
-جيبتِ لنفسك الكلام
أردف قائلًا بهمس:
-أنا الي بيجي عليا مبيكسبش أبدًا
اتجها ليجلسا مع الجميع ليهتف الجد موجهًا كلامه لشاب يبدو أنه بمنتصف العشرينات يجلس بجواره:
-الدور عليك بقا عاوزين نفرح بيك يا دكتور العيله
ابتسم الشاب قائلًا:
-إن شاء الله يا جدي شوفلي إنت العروسه وأنا جاهز
لتناديه والدته “والدة مريم” قائله:
-قوم كدا يا فؤش شغلنا حاجه تحسينا أننا في فرح
اومأ رأسه مبتسمًا وهو يقوم ليشغل أغنية، ارتفعت الزغاريد وبدا الجميع بالتصفيق متجاوبين مع الأغنيه…
«ودي سنة الحياه، نبعد نتوه ونمشي في مليون إتجاه، ودي سنة الحياه، الغالي بيفضل غالي وأنت بقلبك معاه»
كانت هذه كلمات الأغنيه التي صدعت عند وصول تلك الفتاه العشرينيه التي تدخل للبيت بحياء وتنظر حولها بارتباك وهي تعدل نظارتها التي تشبه نظارة فرح، فمن يراها لوهله يظنها أختًا لفرح من شدة اقتراب ملامحها وهيئتهما إلتفت ذلك الشاب إليها محدقًا بها فقد عرفها حتى بعد فراق كل تلك السنوات تلاقت أعينهما للحظات، فبعد غياب أعوام عن اللقاء، تفتحت تلك الزهره وأصبحت وردة جذابه تدفع من أمامها ليشم رائحة عطرها المخفاه، أيعقل أن يكون لسبع سنوات تأثير لتلك الدرجه! وكعادتها عندما ترتبك تتصرف بحماقه بل ببلاهه شديدة، تحركت خطوتين نحو جدها لكن قطعت باقي المسافه وهي تطير نحوه حتى وقعت رأسها بين فخذي جدها حين تعرقلت ساقها بسلة صغيرة أمامها رفعت رأسها لتنظر لجدها مبتسمة ببلاهه:
-وحشتني يا جدي
ضحك الجد وهو يضم وجهها بين كفيه ثم يقبلها من رأسها قائلًا:
-حبيبة قلب جدها إلي بنشوفها مره في السنه
ضمت جدها بإشتياق ثم انتقلت للتسليم على الجميع دون أن تنظر نحو ذالك الشاب الذي يتابعها بطرف عينيه فقد عرفته منذ للوهلة الأولى مما سبب ارتباكها، جلست جوار جدها الذي ربت على ظهرها بحنو وسألها:
-غريبه يعني أبوك سابك تيچي الفرح
تلعثمت قائله: لا.. ما هو… ما هو أنا
نهضت واقفه وهي تبدل نظرها بينهم قائله بابتسامة فخر:
-جماعه أنا هربت
صفقت فرح بحراره وكأن الفتاه أنجزت شيئًا وقالت:
-عاش… عاش يبنتي والله
ابتسمت الفتاه وهي تعدل من ثيابها بفخر، وتومئ رأسها بحركة مسرحيه والجميع ينظر لها بذهول من جملتها، هتف والد فرح “خالها”:
-أبوك مش هيسكت يا وسام
عبست ملامحها وهي تمسك يد جدها وتنظر لعينيه برجاء وقالت:
-لو رجعتني للراجل ده ومراته تاني هموت نفسي يا جدي
شهقت شاهيناز قائله:
– بعد الشر عليكِ يحببتي
ربث الجد على يدها وتنهد قائلًا:
-نخلص فرحنا على خير ونشوف موضوعك ده
لا تدري لمَ سحبها نظرها لترمق ذالك الواقف على مقربة منها بوجهه مكفهر لا تدري أشفقة عليها أم مقتًا لما فعلت!
أخرجها من شرودها تلك السيده “حنان„ التي دخلت للحديقه قائله بنبرة قلقه: السلام عليكم يا جماعه
رد الجميع السلام ونظر لها يوسف متعجبًا، هتفت قائله: أنا عايزه أتكلم معاكم في موضوع بس ياريت ساميه تكون موجوده
هتف الجد: اتفضلي اقعدي… خير
عقبت حنان: خير إن شاء الله
_________________________________
وبعد فتره كانت الوجوه متجهمه والعيون ملتهبه والقبول محطمه مما سمعته هتفت حنان بنبرة نادمة:
-أنا كان لازم أقولكم كلكم قدامها عشان تعرفوا وساختها
هتفت ساميه بنظرات مرتعبه:
-إنتِ كذابه!
ردت حنان بنبرة حادة:
-لأ أنا مش كذابه أنا بحاول أتوب وراضيه بأي عقاب من ربنا عشان إلي عملته مش شويه
هتف الجد وهو ينهض واقفًا بغضب:
-وأنا مش فارق معايا أي حاجه لا إعترافك هيرجع الزمن ولا هيرجعلي إبني ولا هيرجع مرات ابني الله يرحمها
هتفت شاهيناز بغضب:
-حسبي الله ونعم الوكيل في أمثالكم إنتوا قلوبكم إيه حجر!
عقب نوح باشمئزاز:
-متظلميش الحجر يا ماما دا الحجر بيسبح ربنا وبيخشاه
لفت ساميه ظهرها لتغادر فهتفت عمة فرح “والدة مريم”:
-رايحه فين يا ساميه كلامنا لسه مخلصش!
نظرت لإبنها قائله:
-قوم يا فؤاد خد الرجاله وادخلوا جوه وإنتِ يا حنان اتفضلي من غير مطرود
نظر كل من وسام وفرح لبعضهماوجحظت أعينهم فقد فهما ما تنوي على فعله، سحب فؤاد يوسف ونوح قائلًا:
-يلا عشان أنا عارف النظره دي وراها إيه
اقتربت “والدة مريم” مع أخواتها الإثنتان من ساميه وبدأ يفرغان بها شحنة غضبهن بلكمها وضربها، وهي تصرخ تحت يديهم،
هتفت فرح: تستاهل والله بنت ال…..
وانتهين بدفعها لخارج البيت لتهتف والدة مريم:
-منشوفكيش هنا وإلا والله ما حد هيحبسك غيري
ضمت ساميه ابنها وصاحت وكأنها مظلومه:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ربنا ياخدلي حقي منكم واحد واحد
قالت والدة مريم: يلا يا زباله منك لله ربنا ينتقم منك إنتِ يا شيخه
لتنظر ساميه لإبنها صاحب السبع أعوام قائله:
-بكره ابني يكبر ويجيبلي حقي منكم واحد واحد
كان الطفل يشاهد الحوار ويبكي لكن عمة فرح أغلقت الباب بوجه ساميه لتأخذ ساميه ابنها وتغادر…..
________________________________
وقفت فرح بالحديقه بجوار وسام وفجأه شعرت بدوار رأسها ووقعت أرضًا، صرخت وسام وهي تهزها بعنف، وهرول يوسف إليها على صوت وسام، هرولت وسام للداخل تنادي شاهيناز وهي تصيح:
-يا طنط … يا طنط فرح داخت ووقعت على الأرض
تهلل وجه شاهيناز وزرغدت بسعاده، لتنظر لها وسام قائله بصدمه:
-إيه يا طنط إنتِ فرحانه إن بنتك تعبانه ولا إيه!
ابتسمت شاهيناز قائله:
-تعبانه ايه يا هبله دي حامل
قالت جملتها وهي تهرول لإبنتها وتنادي على خالة فرح قائله:
-فرح حامل يا بسمه
حكت وسام رأسها وقطبت حاجبيها متعجبه وهي تكرر:
-حامل!!
سرعان ما تحول تعجبها لسعادة دقت ابواب قلبها وهرولت خلف شاهيناز مبتسمه، زغرودة أخرى من خالة فرح صدرت عاليًا وهي تربت على ظهر فرح بحنو قائله:
-مبروك يا حببتي ربنا يكملك على خير يارب
اعتدلت فرح جالسة لتسالهم بدهشه:
-فيه ايه؟
نظرت شاهيناز ليوسف بفرحه:
-مبروك يا حبيبي هتبقا أب
فغرت فرح فاها وجحظت عينيها بدهشه وعقد يوسف حاجبيه بصدمه وهو يشير لنفسه قائلًا:
-أنا!
مباركات كثيره من العائله تهافتت عليهم وأحضان أكثر، ويوسف وفرح يرمقونهما بصدمه ودهشه وذهول لتصيح فرح بنبره مرتفعه:
-باااااس أنا مش حامل
تجهم وجه الجميع منتبهين لفرح التي أردفت:
-جايبن الكلام ده منين؟
ضحكت وسام وهي تقول: طنط شاهيناز
نظرت لشاهيناز بغضب وهي تنهض واقفه ثم قالت:
-ماشي يا شاهيناز والله لأوريكِ
دخلت للبيت مسرعه، فاتسعت عيني شاهيناز وهي تقول ليوسف:
-إلحق بنت الهبله دي هتطلعلي المطبخ كله دلوقتي
جلس يوسف على المقعد ببرود قائلًا بضحكه:
-علفكره أنا لو روحت هساعدها
ضحك الجميع على شاهيناز التي تركض خلف ابنتها قائله:
-استني يا بت…. بت يا فرح… يا فهيمه….
زادت ضحكات وسام، كان فؤاد ينظر إلي ضحكتها فرحًا أنها تشعر بالسعاده حتى لو مؤقته، هرولت وسام خلف شاهيناز لكنه هرول خلفها وأوقفها مناديًا إياها بارتباك:
-و.. وسام
ازدردت ريقها بتوتر وهي تلتفت نحوه وتنظر أرضًا بارتباك، ابتسم هو الأخر قائلًا بمكر:
-إنتِ مش فاكراني؟
خانها لسانها قائله في سرعه بعفويه:
– عارفاك
عضت لسانها قائله بسذاجه:
-قصدي لأ مش عارفاك
ابتسم على ارتباكها ومسح شعره متوترًا هو الأخر قائلًا:
-لأ إنتِ عارفاني…
هربت منه قائله:
-طنط بتنادي عليا…
هتفت بارتباك وهي تغادر: أيوه يا طنط جايه
وقف ينظر لأثرها مبتسمًا وهو يقول:
-الظاهر إن حكايتنا هتبدأ يا وسام…
مش هقول النهايه لكن هقول
يتبع…في رواية وسام الفؤاد