رواية نوح والامانة الفصل السابع عشر 17 بقلم ميمي عوالي
نوح والأمانة
الفصل السابع عشر
فى شقة نوح
تجلس أمانة متوشحة بالسواد وسط اهتزاز جسدها وكتفيها من اثر البكاء وتجلس بجوارها هدى ونيللى وغادة وسط كلمات المواساة
هدى : يابنتى اطلبيلها الرحمة والمغفرة ، وماتعمليش فى روحك كده
أمانة بنشيج : اول مرة يسافر وهو بيوصينى عليها ، لما يرجع اقولله ايه ، لما يسألنى عليها اقولله ايه
غادة : لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم ، يا أمانة استغفرى ربنا وبلاش اللى بتعمليه ده، هو انتى يابنتى قصرتى معاها فى حاجة ، ما الكل عارف كانت ايه بالنسبة لك
أمانة : كانت امى اللى عزتنى ، امى اللى دفتنى وضمتنى ياغادة ، عمرها ماحسستنى باليتم وانا فى حضنها ، امى الحقيقية رجعتلى بس حسيت باليتم لما نعمة ماتت ياغادة ، نعمة هى اللى ربتنى ، كانت امى وابويا
هدى ببكاء : عمر ماحد يقدر ينكر فضلها ، الله يرحمها ، بس برضة يابنتى ...انتى كده بتعذبيها بدموعك دى
أمانة : مش قادرة ، انتو ليه مش حاسين بيا ، مش قادرة اصدق انى مش هشوفها تانى ، مش قادرة اصدق ان كل الخيوط انقطعت خلاص
غادة : اومال نوح لما ييجى بقى هيتحمل ازاى وانتى بالشكل ده ، المفروض انتى تبقى سنده يا أمانة فى موقف زى ده
أمانة وهى تمسك بيد غادة : كان حاسس ياغادة أن هيحصل لها حاجة ، قاللى خليكى جنبها وماتسيبيهاش عشان لو تعبت تلحقيها
نيللى : والحمدلله ياحبيبتى انك كنتى جنبها ولحقتيها ، ماكانتش لوحدها ، اسعفتيها على طول ، بس الاعمار بايد الله
لكل اجل كتاب ..انا لله وانا اليه راجعون
لتلتفت أمانة بلهفة عندما سمعت تلك الكلمات ، فقد كان صوته ،صوت نوح وهو يبكى بشدة ، وعندما نهضت من مكانها حدث مالم تتوقعه يوما فقد تفاجئت بنوح يتقدم إليها بسرعة ليجذبها إلى أحضانه باكيا كطفل ضائع ..جذبها بشدة وضمها إلى ضلوعة بشدة وهو يقول باكيا : الشجرة وقعت يا أمانة ...الشجرة وقعت
فما كان من أمانة الا أن انشجت ببكائها عندما تذكرت نعمة وهى تشبه نفسها بشجرة ليس لها إلا غصنين صغيرين كانت تتمنى أن ترى ثمارها ، ولكن الموت لم يمهلها
ليشعر نوح بيد تربت على كتفه وعندما التفت وجد عامر يجذبه ويحتضنه قائلا : شد حيلك يا بنى وادعيلها بالرحمة والمغفرة
نوح : انا عملت الإجراءات وان شاء الله الدافنة بعد صلاة الضهر
أسامة : أن شاء الله ، شوف انت عاوز ايه واحنا كلنا معاك حواليك وكلنا اخواتك يانوح
هدى وهى تربت على ذراعه : والدتك الله يرحمها جميلها فى رقبتى عمرى ما اقدر انساه وغلاوتك من غلاوتها
نوح : انا متشكر اوى ، بعد اذنكم انا هغير هدومى وهننزل عشان نحضر كل حاجة
ثم التفت إلى أمانة قائلا : أمانة ...عاوزك دقيقتين لو تسمحى
لتذهب أمانة خلفه إلى شقتها التى اتجه إليها بعيدا عن المعزيين وهو يحمل حقيبة صغيرة وبعد أن دخلت أمانة إلى شقتها اعطاها الحقيبة وهو يقول : من فضلك خليلى دى معاكى ، اوعى تديها لحد أو حد يعرف فيها ايه
أمانة : هى ايه دى
نوح : اكيد هتعرفى بس مش دلوقتى ، المهم خليها فى شقتك بعيد عن ايد اى حد وخصوصا سهر ، هى فين
لتتلجلج أمانة قائلة : موجودة فى اوضتكم
نوح بجمود : كانت فين لما ماما ماتت
أمانة : لما روحنا المستشفى انا طلبت منها تفضل هنا ، وموجودة من ساعتها ماراحتش فى اى حتة
نوح : ماشى ، انا هروح اغير وهنروح على المستشفى على طول ، هاتيجى معايا
أمانة بدموع : طبعا ..لازم أقف على غسلها وادعيلها
ليومئ نوح رأسه ويعود إلى شقته فيتجه إلى غرفته وما أن فتح الباب حتى هبت سهر من مكانها وهى تنظر إليه بتأهب فى محاولة منها لاستشفاف مايجول بخاطره وان كان علم بمشادتها مع أمه ام أنه لم يعلم بعد ، ولكنها عندما نظرت بوجهه لم ترى غير الحزن فهدأ هذا من روعها نوعا ما وعلمت أنه لم يعلم بشئ..فاتجهت إليه قائلة : نوح ...حمدلله على السلامة ، البقاء لله
نوح بجمود : ونعم بالله
وعندما رأته يغير ملابسه استعدادا للخروج مرة أخرى
سهر : هتعمل ايه دلوقتى
نوح : هنروح المستشفى نجهزها عشان الدافنة
سهر : تحب اجى معاك
نوح بحزم : لا ...أمانة هاتيجى معايا ، خليكى انتى هنا على مانرجع
وبعدها خرج نوح متجها إلى الجمع بالخارج وقال : ياللا بينا ..ثم نظر إلى غادة قائلا : بعد اذنك ياغادة خليكى انتى هنا عشان تاخدى بالك من كل حاجة
غادة : حاضر يانوح ماتقلقش ..مع السلامة انتم ، ربنا المستعان
ليتجه الجميع إلى وداع نعمة وإيصالها إلى مثواها الأخير بين الدعاء والحزن والمواساة
إلى أن انقضى اسبوع على موت نعمة
كان الجميع قد انصرف إلى حياته وعادت هدى وزوجها واولادها إلى منزلهم بعد أن قابلت أمانة طلبهم بالذهاب للمعيشة معهم بالرفض الشديد وأصرت على البقاء بشقتها
خرج نوح من شقته صباحا ودق على شقة أمانة لتفتح له وهى مستعدة للذهاب إلى عملها
نوح بهدوء : صباح الخير
أمانة بحنان: صباح الخير يانوح ، عامل ايه النهاردة
نوح وهو يومئ برأسه : الحمدلله يا أمانة ، مابقاش حاجة ليها طعم من بعد ماراحت
أمانة وقد وضحت معالم بكائها على صوتها : ربنا يرحمها ويحسن إليها يارب
نوح : يارب ، ياللا بينا
أمانة : طب روح انت وانا هحصلك
نوح بحزم حنون : طالما مع بعض فى نفس المكان يبقى هنروح وتيجى سوا ..ياللا
لتغلق أمانة بابها وتذهب معه
فى السيارة
نوح : ماجاتش مناسبة من ساعتها أسألك
أمانة بتوجس : عاوز تسألنى على ايه
نوح : ايه اللى تعب ماما فجأة كده ..انا كنت لاحظت أن حالتها مستقرة من ساعة مارجعت من دبى
لتصمت أمانة وهى لا تعلم بما تجيبه وعندما طال صمتها قال : اتكلمى يا أمانة مهما كان اللى هتقوليه مش هيبقى اكتر عندى من موتها
أمانة بتردد : انا هحكيلك يانوح لأنها طلبت منى قبل ما تموت انى اعرفك
نوح بفضول : تعرفينى ايه
لتقص عليه أمانة كل ماحدث ليلة وفاة نعمة بالتفصيل ثم بعد أن انتهت من حديثها تنهدت قائلة : صدقنى لولا أن مراة عمى امنتنى انى مااسيبكش معمى ماكنتش حكيتلك اى كلمة من الكلام ده
كان نوح قد أوقف السيارة عندما بدأت أمانة فى قص ماحدث وأخذ فى الاستماع وهو يقبض على المقود حتى ابيضت مفاصل كفه وبعد أن انتهت أدار السيارة مرة أخرى فى صمت حتى وصلوا إلى مقر شركة عبد الراضى ولكن نوح قال لها : روحى انتى يا أمانة على المكتب وانا هوصل لمكتب حاتم عشان عاوزه ضرورى وبعدين هحصلك
لتومئ أمانة رأسها وتتركه متجهه إلى عملها
……………………
بعد ثلاثة أيام
بعد انتهاء أمانة من عملها قامت بلملمة جميع أوراقها وهى تقول لنوح : المفروض اننا هننقل الشغل بعد كده فى الموقع
نوح باستغراب : وانتى بتروحى المواقع اللى برة القاهرة
أمانة : ماكنتش بروح زمان عشان ماابعدش عن نعمة ، لكن دلوقتى ……
نوح : دلوقتى ايه
أمانة : محتاجة اروح يانوح ، يمكن اتعود على بعدها
نوح : لو قلتلك تروحى تعيشى مع مامتك يا أمانة ...
أمانة بحزم : لا
نوح : مش احسن من قعادك لوحدك
أمانة : انا ممكن اقعد معاهم يوم او اتنين ، لكن اعيش هناك على طول وابعد عن… وابعد عن بيتى ، لا مش هقدر، نعمة وصتنى ماابعدش
نوح : ووصتنى انا كمان
أمانة باستغراب : وصتك بايه
نوح : وصتنى على الأمانة يا أمانة ،ثم أكمل بتنهيدة : احنا محتاجين قعدة طويلة مع بعض بس الاول النهاردة بالليل فيه قعدة اهم هتحصل عندى فى شقتى بحضور احمد وغادة ، اول مايوصلوا هندهلك على طول وتجيبيلى معاكى الشنطة اللى اديتهالك يوم مارجعت من السفر
أمانة وهى تخمن سبب تلك الجلسة : ماشى ...ياللا بينا بقى عشان نلحق نتغدى الاول
………………..
مساءا بشقة نوح
تدخل أمانة لتجد احمد وغادة يجلسان فى صمت وهما يتبادلان النظرات لتحييهم وتجلس بجانب غادة بعد أن أعطت الحقيبة لنوح فأخذها من يديها واعطاها لاحمد ثم جلس معهم وظل اربعتهم يتبادلون الأحاديث العادية وهم بانتظار سهر التى كانت بالخارج ولم تعد بعد
وبعد مايقرب من الساعة وجدوها تفتح الباب وتدخل لتتفاجئ بوجود الجميع أمامها
سهر ومعالم الدهشة مازالت على وجهها : مساء الخير ، ايه ده انتو هنا من امتى
احمد : احنا هنا من ساعتين تقريبا
سهر بامتعاض : وماقولتوليش ليه ..كنت حاولت اجى بدرى
نوح : منين
لتلتفت سهر إليه بدهشة قائلة : هو ايه اللى منين
نوح : بتقولى كنت جيت من بدرى وانا بقوللك منين ، جاية منين ياسهر
سهر ببرود : من الشغل ، هاكون جاية منين
نوح بجمود : الشغل اللى واخدة منه إجازة من قبل مانرجع من دبى ...ولحد دلوقتى ماقطعتيهاش
سهر بارتباك : ااانا أنا عندى مشاغل تانية بعيدة عن الشركة
نوح : مشاغل زى ايه يعنى ، مش تشركينا معاكى ، يمكن نفكر نغير نشاطنا احنا كمان
سهر : نشاط ايه اللى تغيره ، انا مش فاهمة انت بتتكلم على ايه
احمد : اسمحلى افهمها انا يانوح
ليشير نوح بحركة مسرحية الى احمد معناها السماح له بالحديث ليقول احمد : بصى يا مدام سهر احنا معانا ملف قضيتك القديمة
لتبهت سهر وهى تقول : قضية ايه
نوح يتهكم : الا المصيبة يكون عندك قواضى غيرها
سهر وهى تنهض متجهة إلى باب الشقة : انا مش هقعد اسمع الكلام الفارغ ده اكتر من كده
ليلحقها نوح ويجذبها من يدها وهو يقول لها بنبرة حاقدة : بقى كنتى عايشة طول عمرك برة يا قذرة يا واطية وانتى سايبة مصر بفضيحة ، بقى تتحبسى تلات سنين فى قضية اداب وانتى يادوب عمرك اتنين وعشرين سنة ، لا وابوكى اللى عامل نفسه حارس الشرف والأمانة كان القواد بتاعك ، دلوقتى بس فهمت كلام امك لما قالتلك يارب الجواز يهديكى ويعقلك ، امك اللى هربت من قذارة ابوكى لما كان عاوزها هى كمان تدورها بس طلعت اشرف منكم واتطلقت وهربت وسابتلكم البلد باللى فيها
لا وكمان بعد ما اتجوزنا يانجسة مدوراها ...ايه .. النجاسة ماشية فى دمك للدرجة دى ، واحدة غيرك ربنا سترها واتجوزت كانت تتوب وتنضف ، لكن انتى فضلتى على نفس ملتك
ثم زفر بشدة وقال : كله كوم واللى عملتيه فى امى كوم تانى
لتنظر سهر لأمانة برعب وهى تقول : كدابة ..كدابة ، انا ماعملتش حاجة ، هى اللى وقعت لوحدها من غير ما أقوالها حاجة
ليصفعها نوح على وجنتيها مرارا وتكرارا تحت صراخها الحاد حتى وقف احمد بين نوح وبينها وهو يمنعه عنها قائلا : وبعدها لك يانوح ، بقى هو ده اللى اتفقنا عليه
نوح صارخا : قتلتها يا احمد ، قتلت نعمة ..قتلت امى
لتقول أمانة وهى تجذب نوح ناحيتها : الاعمار بايد الله يانوح
نوح : ونعم بالله ..بس هى السبب
ثم جلس نوح وهو ينظر إليها بغضب قائلا : انا اخدت الشيك بتاعى من ابوكى و معايا اوراق ممضية بايديكى بتعترفى بيها بكل اعمالك المشبوهة ومعايا شيك باسمك ممضى على بياض ممكن اسجنك بيه فى اى وقت ، لو فى خلال تلات ايام ماسيبتيش مصر من غير رجعة اعملى حسابك انى هسجنك الباقى من عمرك
وعلى ماده يحصل وتغورى من البلد واللى فيها مش عاوز اشوف وشك فى اى مكان والشنطة دى فيها كل حاجتك اللى هنا ، قالها وهو يشير إلى حقيبة سفر موضوعة بالقرب من باب الشقة لم تراها قبل اللحظة
نوح مكملا : ومش عاوز منك غير انى اعرف حاجة واحدة بس ، ثم نظر إلى عينيها بغضب واكمل قائلا : يوم ما ابوكى دخل علينا وهددنى ، كان حصل بينا حاجة
سهر من وسط بكائها : لا .. انت كنت نايم ومتخدر
نوح : وليه عملتوا كده
سهر : كنت عاوزة لو نزلت مصر فى اى وقت ابقى متجوزة
نوح بسخرية : ااه...عشان تتسرمحى براحتك ...روحى وانتى طالق ..الله يلعنك
لتذهب سهر إلى حقيبتها وتسحبها فى اتجاه الخارج إلا أن نوح أوقفها مرة أخرى قائلا : ماتحاوليش تروحى ناحية الشركة هنا او فى دبى أو شركة عبد الراضى لأن الملف بتاعك فى منه نسخة فى كل حتة وفضي