اخر الروايات

رواية فاتنة والهوي كامله بقلم اميرة احمد

رواية فاتنة والهوي كامله بقلم اميرة احمد 



_الفصل ألاول
"أعلم أن الحياة مُنصفة؛ فهي لا تعطيك كل شيء ولا تأخذ منك كل شيء".
ملأ صوت العصافير أرجاء المكان بعد آذان الفجر مباشرة، بعد نصف ساعة أو ساعة منه _ لا تذكُر _، فتحت عينيها بِبُطء وهي تتثآب من أثر النوم، نظرت حولها بِرؤية مُشوشة ولكن سرعان ما هدأت وابتسمت لِبداية يوم جديد، ثم تحركت ببطء من جوار زوجها الغافي بِجانبها وهي تتجه إلى شرفة غرفتها الواسعة ووقفت بها وهي تغلق خلفها باب الشرفة، ابتسمت وهي ترى النهار الذي لم يظهر بعد وتتأمله بِبسمة جانبية تزيّن ثغرها مثل كل يوم، ورجع بها خيالها إلى قبل كل هذا وهذه الحياة الجديدة التي فُرضت عليها بالقوة،
تحديدًا قبل ثلاث سنوات...
"كانت طفلة..فتاة يافعة في بداية عمرها مُدلّلة والدتها، مُحبة أبيها، تفعل ما تريد بدون عقاب، كل شيء مسموح لها أن تفعله وقت ما تشاء، ما زالت في الثانوية التي لم تنتهي منها بعد، عمرها كان في الثامنة عشر عامًا _ولا تستغربوا عمرها فوالدتها دللتها لدرجة أنها لم ترضى أن تدخل المدرسة في هذا السن _، الجميع يعلم من تكون هي، ابنة من هي، لم تحمل همًا بعد حتى هذا اليوم الذي غيّر حياتها بأكملها..
تحركت بخطواتها المسرعة تجاه غرفتها وهي تحمل بيدها فستانها الأحمر الجذّاب وحذاء بنفس اللون استعدادًا لحضور حفلة عمها مع شركاؤه في العمل، وكم كانت سعيدة بذلك فأخيرًا ستحضر حفلة مختلفة عن عادات وتقاليد بلدتها وأشخاصها التي لم ترى سواهم، والآن سوف تتعامل مع أشخاص جُدد
عليها.
وقفت مكانها وهي تستمع لصوت والدتها الحبيب التي قالت بِبسمة= بالراحة طيب يا فتون الحفلة مش هتطير.
فتون ببسمة صغيرة من ثغرها الوردي= يا زوزو عايزة أظبّط نفسي وأبقى زي القمر.
زينب بفخر= إنتِ قمر أصلًا يا قلب زينب مش محتاجة كل ده.
فتون ببسمة= يسلملي ها الواثق بس بردو محتاجة أكون برنسيسة الحفلة.
زينب بيأس= مع إنك مش محتاجة..بس ماشي يا حبيبتي ادخلي.
ابتسمت فتون وهي ترسل لها قُبلة في الهواء ثم سريعًا دخلت غرفتها وبدأت للاستعداد للحفل.
مساءً نزلت من غرفتها وهي ترتدي فستانها الخلّاب وتنزل بدلال شديد يليق بها وهي تبتسم بثغرها المُلون باللون الأحمر القاتم وهي في طريقها للخروج للحفل أوقفتها والدتها،
ثم قالت مُنبهرة= إيه الحلاوة دي يا فتون!
مخبّية الجمال ده كله فين يا قلبي!
فتون بسعادة= بجد حلوة يا ماما؟
شكلي حلو؟
اقتربت منها زينب وهي تقول بِسعادة= قمر يا روحي والله ربنا يحميك.
احتضنتها فتون بسعادة وهي تقول= ربنا يخليك ليا يا زوزو يارب، أروح أنا بقى يمكن أصطادلي عريس وأرجع بسرعة.
ضحكت زينب بسعادة لابنتها وهي لا تصدق أن ابنتها أصبحن أمامها عروس بتلك السرعة.
خرجت إلى الخارج وهي تبتسم بشدة حتى اصطدمت بأحدهم فوقعت على الأرض وهي تتأوه وتمسك رأسها بشدة، رفعت رأسها لأعلى
ثم قالت بغضب= إنت غبي!
ابتسم الذي أمامها وهو يساعدها على الوقوف ثم قال باعتذار لطيف= حقك عليا معلش يا فتون.
فتون بغضب مصطنع= معلش إيه بوظتلي الفستان حرام عليك.
ضحك هو بشدة وقال= ما إنت الل مش واخدة بالك وماشية تبصي على نفسك.
ابتسمت فتون وقالت= قمر مش كده؟
ابتسم وقال= قمر يا فتون أحلى من القمر، راحة فين كده؟
فتون= داخلة الحفلة!
نظر لها من أعلى لأسفل وقال= وماله يا فتون وماله!
بعد بضعة ثواني نظر لها بعيون غاضبة وقال= دقيقة يا فتون لو ملقيتكيش جوة هتشوفي تصرف مش هيعجبك وأنا بتمنى معملهوش.
نظرت له بأعين غاضبة وقالت= وإنت مالك بيا!
إنت ابن عمي وبس وهدخل يعني هدخل.
أغمض عينيه التي اشتعلت بغضب وهو يأخذها من يديها عنوة للداخل وهنا كانت أول مرة ترى هذا الوجه الذي لم تتمنى أن تراه مطلقًا.
وجه رأته لأول مرة وتتمنى لو لم ترتدي هذا الفستان ولم ترى هذا الوجه مطلقًا،
فما حدث بعدها فتح أبواب الجحيم لها وجعلها تدرك أن كل هذا بسببها وبسبب غباءها، ظلّت تصرخ كثيرًا وهو يجذبها عنوة إلى داخل البيت ولا يهتم بصراخها أو بدفعه الشديد لها، واجتمع جميع من بقصرهم على صراخها الشديد وهو يدفعها على الأرض الصلبة
وقال بقسوة= المسخرة الل إنت لابساه وفاكرة نفسك هتخرجي بيه كده قدام كل الناس دي تتغير، تتغير وإلا وربي ما إنت خارجة أحسن.
قاطعته والدتها بصراخ= بدر إنت عملت إيه في بنت عمك! وإزاي توقعها على الأرض بالشكل ده إنت اتجننت!
ثم اقتربت سريعًا من فتون التي تبكي بحرقة وتجذبها من على الأرض الصلبة وجذبتها في حضنها
وقالت بصوت هادئ= بس يا حبيبتي بس.
نظر لها بدر وإلى فتون بسخرية وقال= عملت إيه! إنت مش شايفة بنتك واللبس المسخرة الل لابساه!
اتجننتوا إنتوا علشان تسمحوا ليها تلبس لبس زي ده!
طب حضرتك مدلعاها أومال فين عمي!
إزاي يخرّجها كده!
اقتربت منه زينب وهي تجذب فتون التي تبكي في أحضانها وقالت بقوة= وأنت مالك!
بنتي مش لابسة حاجة عيب أو حرام وأبوها هو الل نزل معاها واختار ليها اللبس الل بتتكلم عنه ده بكل بجاحة قدامي ولا مراعي إني مرات عمك ولا إني أكبر منك ولا إنك في بيتي وأنا هعاملك على الأساس ده، إنت مالك!
مين إنت علشان تتدخل في حياة بنتي وتقول هتلبس إيه ومتلبسش إيه!
مين إنت علشان تجيبها بالشكل ده الل لا يمكن أسمح بيه!
مين إنت!
نظر لها بدر بغضب شديد وإحراج لِنفسه كيف تتحدث معه هكذا!
حتى لو كانت زوجة عمه، هو ليس طفل صغير حتى تحدثه هكذا وأمام ابنتها! كيف تفعلها!
حاول إزالة الإحراج عن نفسه بقدر الإمكان
وهو يقول بصراخ= مالي!
مش بنت عمي!
مش الناس هتقول شوفوا بنت أخو متعب لابسة إيه!
مش الناس هتلومنا إحنا على أي حاجة هتحصل!
نظرت زينب لفتون التي ترجف وهي تأخذها من أحضانها وأجلستها على الأريكة وعادت له وهي تستمع لحديثه
ثم ما لبس أن ضحكت بسخرية وهي تقول= لبسها!
ماله لبسها يا حبيبي!
عريان؟ فستان ولتحت الركبة زي الل بتلبسه وأختك بتلبسه وغيرها بيلبسوه، وبعدين الناس هتقول هتقول شوفوا بنت متعب؟
بنت متعب من حلاوتها وجمالها ما شاء الله، وبعدين دي بنتي لو عملت حاجة حلوة لينا ولو وحشة لينا برضو مش لأمك.
قاطعها بصراخ عندما سمع اسم أمه= مرات عمي.!
زينب بصراخ هي الأخرى= ودلوقتي علشان غلطت أكتر من اللازم فتتفضل تطلع برة علشان ورانا حفلة نروحها.
نظر لها بصدمة شديدة هل تطرده الآن!
والأهم من هذا هل ستخرج فتون إلى الحفل بهذا الفستان الفاتن مثل اسمها!
قاطعه شروده وهي تقول بأمر وصراخ= برة!
نظر لها دقيقة بغضب ثم انصرف بهدوء شديد خلفه قلب مشتعل بشدة.
نظرت زينب إلى رحيله ببسمة فخر لما فعلته وحق ابنتها التي أرجعته في نفس الدقيقة، زينب دومًا كانت هكذا وستظل هكذا لا تدع أي شخص يهين ابنتها في وجودها أو غيابها أبدًا، هي ابنتها المُدللة كيف تتحمل أن ترى أحد يزعجها!
أو ترى دموعها التي تحرق قلبها!
والله لن تتركه يحيا بهدوء إذا فعلها!
خرجت من شرودها تلى صوت شخص يرتجف، نظرت سريعًا إلى فتون التي تبكي بشدة وأسرعت لها وهي تجذبها إلى أحضانها
وقالت بهدوء= بس بس يا روح زينب خلاص مشى خلاص.
وقبّلتها قبلات كثيرة على كامل وجهها وهي تقول= إنت بتعيطي ليه يا روحي! إنت مغلطتيش وأنا مسبتهوش غيره لما ربيته وعلمته الأدب، زعلانة ليه دلوقتي!
وأكملت ببسمة= أقوم أشتمه تاني؟
ابتسمت فتون ببسمة صغيرة وهزت رأسها بِلا.
فقبلتها زينب مرة أخرى وهي تقول بِابتسامة= يعني عِجبتِك؟
طب أقوم أجيبلك حقك تاني ولا كفاية كده؟
أبتسمت فتون وهي تشدد من احتضان والدتها وقالت ببسمة= لأ كفاية كده عليه إنت مسكتّيش.
قبلتها زينب بقوة وقالت= ولا هسكت لأي حد يزعل نور عيني على وش الدنيا أبدًا أبدًا.
ابتسمت فتون بسعادة وقالت= يا زينب يا جامد.
زينب بحب= يلا قومي ظبّطي شعرك الل بوّظه منه لله ده، وتعالي نخرج سوا للحفلة وخلّي أي جدع يتكلم.
نظرت لها فتون بصدمة منذ قليل رفضت حضورها بل أصرّت على رفضها والآن!
ابتسمت زينب لما وقالت بِغمزة= هتروحي ولا أغيّر رأيي؟
لم تكمل جملتها عندما اندفعت فتون إلى أعلى تعدل شعرها ومكياجها وبقيت زينب مكانها تبتسم بعشق إلى مُدللة قلبها كما تُسمّيها.
_________________________
خرج بدر من عندهم والغضب يأكل كامل عقله وما زال حديث زينب يدور داخل عقله وكيف أهانته بشدة بل وطردته شر طردة إلى الخارج ولم تحسب له أي حساب بل ومكانته أيضًا.
دخل إلى قصره ولم يُبالي إلى والدته التي تنادي عليه وأسرع بشدة إلى غرفته وأغلق الباب على نفسه وكلامها يدور داخل عقله، نظر إلى نفسه بالمرآة وهو يسأل نفسه كيف سمح لها بإهانته هكذا؟
كيف سمح لها أن تتحدث معه بتلك الطريقة وتلك اللغة بالأساس؟
ألا تدري من هو!
بل وطردته شر طردة من قصرها!
جن جنونه وهو ينظر إلى نفسه كيف تفعلها كيف!
ولم يشعر بشيء سوى وهو يضرب يديه في المرآة التي كُسرَت سريعًا إلى أشلاء صغيرة.
نظر إلى يديه التي تنزف المزيد من الدمــاء وهو ينظر لها ثم إلى انعكاس نفسه في المرآة الصغيرة المحطــمة
وقال بوجع= أهو الكسرة دي متجيش حاجة زي كسرة قلبي في الوقت ده بالذات، ليه يا فتون تزعليني وتتحديني بالشكل ده!
قلبي وجعني على الدموع الل نزلت من عينيك الحلوة دي بسببي بس كان لازم أعمل كده علشان متتكررش تاني!
ثم أكمل بغضب= وأمك زي العادة بوظت كل خططي علشانك وهتخليكِ تعصيني أكتر دلوقتي وهتقويكِ عليا.
ثم أعاد النظر إلى يديه التي تنزف وقال بألم= امتى بقى تحسي بحبي ليكِ يا فتون!
وقلبي الل مدقّش ولا عرف الحب غير ليكِ امتى بقى!
خرج من شروده على صوت والدته التي دقت على الباب بخوف وهي تقول= بدر إنت كويس يا حبيبي فيك حاجة؟
وعندما طال صمته قالت بخوف= بدر افتح الباب يا بدر.
تنفس بعمق وهو يتجه إلى الباب وفتحه، دخلت والدته سريعًا وهي تنظر حولها حتى رأت الدماء والمرآة المنكسرة
وقالت بخوف= إيه الل كسر الإزاز كده!
ونظرت إلى يديه بخوف= بدر.. بدر إيدك بتنزف كده ليه يا بدر!
عملت إيه يا ابني!
ابتسم لها نصف ابتسامة وقال= مفيش حاجة يا حبيبتي مجرد حادثة.
والدته "أمل" بخوف= طب هات إيدك أعقمهالك.
لكن لم يجبها وتركها سريعًا وهو ينزل على الدرج بسرعة وهي خلفه تنادي عليه بِاسمه بهلع لكنه لم يتوقف.
اتجه إلى الحمام وهو يغسل يديه بالماء ثم جفّفها وخرج من الحمام وهي خلفه تقول بهلع مُستمر= طب استني أعقمهالك!
لم يجب عليها وأكمل خروجه إلى الخارج.
وهي تقول بيأس= طب قولي حتى رايح فين!
ولم يجب عليها كعادته فجلست مكانها بإحباط كبير يسيطر عليها وتدعي من كل قلبها أن يكون بخير.
_________________________
في الحفل
دلفت فتون إلى داخل الحفل مع والدتها زينب وهي تبتسم بسعادة بالغة وهي ترى الجميع الذي أتى ليهنئ عمها على هذا الحفل.
كانت تنظر حولها بأعين مبهورة مثل عيون القطط
وهي تقول إلى والدتها= الله المكان جميل أوي يا زينو.
زينب ببسمة= طبعًا مش تصميم جوزي.
ضحكت فتون وهي تقول= أيوة بتعاكسي أبويا قدامي عيني عينك كده!
ماشي يا زينو يا جامد .
زينب ببسمة= وماله مش جوزي من حقي أعمل الل يعجبني بقى وقت ما يعجبني.
فتون بضحك عالي= من حقك تتدلعي يا زينب يا جامد إنت.
ابتسمت زينب لها بشدة وهي ترى أمامها ابنتها الجميلة التي جاءت لها بعد طلب شديد من الله، كانت دومًا تتمنى أن يزرقها الله بأول أبناءها بنات لكن لم يستجب الله لها ورزقها بولد لكنها لم تتوقف بل ظلت تدعي كثيرًا حتى أتت لها فتون.
أميرة حياتها صغيرة، أختها التي شاركتها كل شيء كما كانت تتمنى وكانت هي أيضًا أختها وليست والدتها.
نظرت إلى مُدللة حياتها وهي تدخل معها ببسمة إلى الداخل وعيون فتون كلها سعادة وهي تدخل لكن فجأة توقفت مكانها بذعر شديد لا تتخيله.


الثاني من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close