اخر الروايات

رواية ذهاب وعودة الفصل الثاني 2

رواية ذهاب وعودة الفصل الثاني 2



الفصل الثاني
«زين»…
في احدى حانات «زايا» الوضعية المليئة بشاربين الخمر و لاعبوا القُمار .. كان يجلس على احدي طاولتها شاب في مُنتصف الثلاثنيات .. وسيم ذو لحية كثيفة وشعر طويل يصل إلى كتفيه وعينين واسعتين لونهما بُنيتين ووجه قمحي كأغلب سُكان «زايا» .. أما عن قوّام جسده فكان فارع الطول مفتول العضلات ويرتدي ملابس مُهترئة وحول خصره علّق سيفه ولكنه كان في حالة مُزرية .. وكان مُمسكًا بزجاجة كبيرة من الخمر يشرب منها بنهم .. ورأسه تترنح يمينًا ويسارًا .. بينما كان عقله شاردًا وكان وجهه حزينًا مصفرًا .. فجأة فرغت زجاجة الخمر التي في يده فنادى علي النادل .. فجاء إليه وفي يده زجاجة خمر لكنه لم يضعها أمامه علي الطاولة بل ظل مُمسكًا بها فرفع الشاب عينيه له وقال :
-"لماذا لا تضع الزجاجة علي الطاولة؟".
فأجاب النادل:
-"هذه ليست لك يا سيدي .. إنها لزبون اخر".
-"إذن اذهب واتِ لي بواحدة ".
-"عُذرًا ياسيدي لا استطيع .. السيد أمرني ألا انصع لطلباتك حتي تدفع ما عليك".
وقف الشاب مترنحًا وألقي بالزجاجة الفارغة علي الأرض فتهشمت ونظر جميع الجالسين إليه باستغراب وترقب .. ثم قال الشاب بغضب:
-"سُحقًا لك ولسيدك .. ألا تعرف من أنا؟".
-"سيدي ليس لي ذنب في ذلك".
أمسكه الشاب من عُنقه وقال:
-"إنه لآخر يوم لك في هذه الحياة".
وفجأة ظهر السيد صاحب الحانة وقال غاضبًا:
-"ما الذي يُحدث هُنا؟".
ترك الشاب عُنق النادل وقال موجهًا كلامه لصاحب الحانة:
-"ذلك الحقير يرفض أن ينصاع لأمري.. ويأتي لي بزجاجة أخري .. ويقول أنها أوامرك ".
قال صاحب الحانة بهدوء:
-"لقد صدق .. أنا من أمرته بذلك .. حتي وإن دفعت ما عليك من مال فأنا أرفض من الآن أن تُقدم لك حانتي أي خدمات".
ابتسم الشاب بزاوية فمه وقال:
-"سُحقًا لك ولحانتك .. ألا تعرف من أنا؟".
-"كنت أعرف من أنت قبل أن تصبح ما عليه الآن .. كنت رجُلًا شريف يحترمه الجميع .. أما ما أراه الآن ليس سوي شبحًا لرجلاً ميتًا .. رُجلًا فقد كُل ما لديه".
قال الشاب بابتسامة حزينة:
-"إذن دعني أشرب حتي تذهب روحي في سلام".
جلس صاحب الحانة علي أقرب مقعد له وقال:
-"لا أُريد أن أشارك في كتابة آخر صفحة من حياتك .. اذهب ياسيدي ولا تعد إلي هنا مجددًا".
هز الشاب رأسه وكاد أن يرحل لكنه نظر إلى النادل وسحب زجاجة الخمر التي في يده رُغمًا عنه .. ثم اقترب من صاحب الحانة وفك الحزام الذي يربط سيفه علي خصره ثم ناوله إلي صاحب الحانة وقال:
-"أنا لا أشرب الخمر مجانًا .. ".
لكن صاحب الحانة قال بهدوء:
-"ذلك السيف شريف .. وأنا لم أكن أتوقع أن تتخلى عنه يومًا ما .. انني حتي لا أجرؤ علي أن ألمسه .. لا ياسيدي .. لا تتخلى عن سيفك .. إنه أخر أمل في أن تعود كما كُنت .. إن تخليت عنه ستصبح مثل هؤلاء".
ثم أشار إلي الحاضرين وأردف:
-"رجل بلا شرف".
ابتسم الشاب بسخرية وربط الحزام علي خصره ثم خطي خطوات قاصدًا الخروج من الحانة ..عندما وقف بُرهة بعدما سمع صاحب الحانة يقول دون أن يلتفت له :
-"أتعلم؟..أظن أنني كنت أحُبك أكثر وأنت تأتي إلي حانة كل ليلة لتُفزع الزبائن وتبحث بينهم عن اللصوص والمجرمين ثم تُحذرني وأنت تُغادر من العواقب الوخيمة إن ثُبت أنني أتستر علي مُجرم هارب من العدالة".
لم يجيبه الشاب بكلمة وأكمل طريقه خارجًا من الحانة بينما هز صاحب الحانة رأسه أسفًا علي الحال الذي وصل إليه الشاب ..
★. ★. ★.
خرج الشاب من باب الحانة ثم سار يترنح في مشيته يمينًا ويسارًا وهو يسير في شوارع «زايا» المُظلمة في تلك الساعة المتأخرة من الليل إلا من المشاعل المُعلقة علي جدران البيوت لتنير للمارة طريقهم.. ثم دخل إلي شارع جانبي ومن الشارع إلي زقاق ومن الزقاق إلي شارع رئيسي ثم إلي شارع جانبي أخر حتي وصل إلى منطقة المقابر .. منطقة يحاوطها سور قصير ارتفاعه لا يتعدى ذراعين له بوابة حديدية قصيرة .. حمل شُعلة موضوعة علي بوابة السور ثم دلف من البوابة وسار وسط المقابر ..
ظل يسُير مُترنحًا في مشيته وسط شواهد القبور حتي وصل إلي قبر مُعين يقصده وسط تلك القبور .. وعلي ضياء الشُعلة ظهر الاسم المكتوب علي الرخامة المُعلقة علي شاهد القبر بخط يدوي ردئ .. «مريم جاسم» وتاريخ الوفاة اليوم العاشر من الشهر التاسع سنة ألفين بعد جفاف نهر الدُر .. جلس بجانب القبر وأسند ظهره علي جداره وغرس المشعل بجانبه في الرمال ثم فتح زجاجة الخمر وشرب أكثر من ربع الزجاجة ثم قال بلسان ثقيل:
-"كيف حالك يا «مريم»؟".
ثم شرب القليل من الزجاجة وقال:
-"ماذا؟!..هل أنتِ غاضبة مني؟ .. تقولين أنّ حالتي مُزرية .. ولا تريدين أن أتي لزيارتك وأنا بتلك الحالة .. ".
ثم رشف من الزجاجة وأردف بابتسامة مريرة:
-" أنا أيضًا غاضب منكِ .. غاضب لأنكِ تركتني وحدي في هذا العالم و رحلتِ .. ألم تعديني أنكِ ستظلين بجانبي للأبد .. لماذا أخلفتِ وعدك لي؟".
ثم شرب نصف الزجاجة علي مرة واحدة و استطرد والدموع تنهمر من عينيه:
-"أعلم أيضًا أنني أخلفت وعدي ولم أستطع حمايتك .. كنت قد وعدتك أن أحميكِ من أي شيء .. لكني لستُ رجل شريف لأني لم أستطع أن أنفذ وعدي لكِ .. أهذا عقاب لي؟.. أعلم أني المخطئ .. لكن لم أكن أستحق أن تتركني وحدي وأنتِ تعلمين اني سأموت بدونك .. كان يجب أن تبقي معي .. أو أن أموت أنا معك .. لكن هذا ليس عادلًا .. أنا أيضًا غاضب منكِ".
ثم شرب بقية الزجاجة وحاول القيام مستندًا علي جدران القبر حتي وقف علي قدميه.. ثم قال بتلعثم:
-"أنا سأذهب ولن أتي لزياتك مُجددًا".
و تحرك خطوتين ثم وقف وجلس مجددًا وقال باكيًا:
-"كُل هذا العالم ضاق بي ولم يعد لي مكان غير هنا .. لا مكان أرتاح فيه غير هنا .. بجانبك ..".
ثم نام بجانب القبر وقال والدموع تتساقط من عينيه:
-"أنا أشتاق لكِ .. أشتاق لكِ كثيرًا .. أريد أن أغرس ذلك السيف في قلبي لألحق بكِ .. لكني لستُ شجاع لأفعل ذلك.. سامحيني يا «مريم» .. أرجوكِ سامحيني"..
رجلين كانا يسيران في طريق المقابر و شاهدان من بعيد ضياء المشعل وسط شواهد القبور فقال أحدهم للثاني باستغراب:-
-"غريب من يجلس عند القبور في تلك الساعة؟".
فأجابه الثاني:
-"الأكيد أن هذا «زين» .. فهذه عادته منذ وفاة زوجته .. يأتي كل ليلة ويجلس بجانب قبرها حتي طلوع النهار .. وكأنه خسر رُشده بعد موتها".
-"ومن يكون «زين» هذا؟".
-"ألا تعرف من يكون «زين الراشد» .. لا أظن أن أحدًا في «زايا» لا يعرف من يكون الفارس «زين الراشد» .. كان مقاتل عظيم وشجاع لا يهاب الموت ولا يخشي شئ .. عُرف عنه الشرف والأخلاق والشجاعة و الفُرسية .. كان رُجلًا شريف .. كانت نُقطة ضعفه الوحيدة زوجته «مريم» .. كان يُحبها كثيرًا .. كان مُتيم بها .. لسنوات طويلة كان يحارب اللصوص والمجرمين في «زايا» ويقضي علي مخططاتهم وقد شارك أيضًا في معارك قبائل وادي الشام .. لذا كان «زين» سيف مسلول علي رقبة المجرمين .. وكانوا يخططون للانتقام منه علي ما أذاقهم من الويلات .. حتي دبروا له الخطة ونصبوا له الفخ .. وفي يوم من الأيام كان «زين» يتسابق مع زوجته «مريم» في صحراء «زايا» .. وهناك وقفوا هؤلاء الاوغاد علي جبلًا عاليًا ثم وجهوا السهام ناحية «زين» و زوجته .. لكنهم بدلًا من أن يقتلوه .. أصابوا زوجته فقتلوها واكتفوا بسهم في ذراعه اليُمنى .. فعلوا ذلك ليجعلوه يعيش حياته في جحيم وعذاب علي فُقدانه لها .. وقد نجحوا في ذلك ".
ثم نظر إلي ضياء الشُعلة بشرود وقال :
-"هيا بنا"..
★. ★. ★.
في قصر الملك «سلمان» ملك مملكة اليمامة السوداء .. كانت الأميرة «ماريا» تجلس علي فراشها في الغرفة المحتجزة بها تفكر في وسيلة للهروب .. وفجأة سمعت طرقات علي باب الغرفة فابتلعت ريقها بخوف .. تجددت الطرقات فنطقت «ماريا» :
-"فليدخل الطارق".
وهنا انفتح الباب ودخل الملك «سلمان» .. بمجرد أن رأته «ماريا» هبت واقفة من مكانه وقالت بنبرة حادة محاولة أن تخفي خوفها:
-"ماذا تريد؟".
تجاهل "سلمان" سؤالها وجلس علي مقعد وثير بالغرفة وقال بابتسامة عريضة:
-"أرايتي كيف أنني رجل شريف أحافظ علي الخصوصيات".
قالت «ماريا» وهي تضغط على أسنانه:
-"ماذا تريد؟".
فأجابها بهدوء:
-"لا شئ .. جئت أتفقد ضيفتنا إن كانت تحتاج إلى شيء .. في النهاية أنتِ أميرة .. والأميرات يجب أن يعملن باحترام وتبجيل".
-"أخرج من الغرفة".
أصدر "سلمان" ايماءة بفمه وقال وهو يشير حوله:
-"هذا قصري"
قالت «ماريا» وهي تجلس على حافة الفراش:
-"إياك أن تظن أنني سأسمح لك بأن تجعلني وسيلة ضغط على أبي".
ابتسم "سلمان" بسخرية ثم وقف وقال :
-"سنري".
ثم غادر الغرفة…
★. ★. ★.
في اليوم التالي في أرض «زايا» ..
استيقظ «زين» من النوم علي صوت طرقات قوية علي باب بيته .. نهض من فراشه واتجه إلى باب البيت .. تثاءب وفرك عينيه ثم فتح الباب فوجد جنديين يقفان علي باب بيته نظر لهما «زين» باستغراب وتساؤل فقال أحدهما:
-"السيد «زين الراشد»؟".
أؤما إيجابًا برأسه ونطق:
-"نعم أنا".
-"تعال معنا".
-"إلي أين؟".
-"عندما تأتي ستعرف".
فقال «زين» وهو يتثاءب:
-"ملابسكم توحي لي بأنكم من الحرس الملكي".
نظرا إلي بعضهما وقال الجندي:
-"نحن كذلك .. والملك بنفسه يُريد لقائك".
-"هل مازلت نائمًا وهذا حلم؟".
-"أرجوك يا سيدي أبدل ملابسك وتعال معنا فالملك في انتظارك".
-"أخبرها أنني لا أذهب لأحد .. من يُريدني يأتي إليّ".
ثم أراد أن يُغلق الباب فأوقفه الجندي بقدمه وقال بحدة:
-"تعال معي الآن يا سيدي دون مشاكل .. فمولاي الملك في انتظارك".
قال «زين» بغضب شديد:
-"سُحقًا لك و للملك .. أنا رجل لا أُهدد في بيتي ".
ثم أغلق الباب في وجههما .. فطرق الجندي الباب بعنف فقال «زين» من الداخل:
-"أُطرق حتي الأبد فلن أفتح لكما".
ثم اتجه إلى غرفة نومه وألقي بجسده علي الفراش وعاد إلي النوم .. بينما لم يجد الجنديين حلًا أخر سوي العودة إلى القصر واخبار الملك بما حدث …
★. ★. ★.
في قصر الملك «عمار» كان الملك مجتمع بقائد جيشه «حمزة» و وزيره «سُهيل» والجنديين الذين أرسلهما الملك ل«زين» .. سأل «حمزة» للمرة الثانية الجنديين:
-"أخبراني مرة أخري..ماذا قال لكما؟".
فأجاب أحدهم بخوف:
-"قال من يُريدني يأتي إليّ .. و قال أيضًا ..".
ثم صمت فقال الملك :
-"ماذا قال أيضًا ؟".
ابتلع الجندي ريقه قبل أن يقول:
-"سُحقًا لكما و للملك".
نظر «حمزة» إليه بغضب شديد وكأنه هو من قالها فنظرا الجنديين للأرض هنا أمرهما الملك بالمغادرة .. وبعد أن خرجا قال «حمزة» بغضب :-
-"أريت يا مولاي ماذا قال ذلك القذر؟ .. سأذهب وأجُره بحصاني جرًا إلي هنا".
فقال الوزير «سُهيل» :-
-"عُذرًا يا قائد «حمزة» إن رٌجل مثل «زين» لا يجب أن يعامل بهذه الطريقة .. إنُه رجل لا يملك شيئًا في هذه الحياة أغلي من كرامته .. وإن شعر بأن أحد يحاول سلبها منه فأوهن عليه أن يموت وألا يحدث ذلك ".
فقال «حمزة» بحدة:
-"ماذا تريد منا يا سيد «سُهيل» أن نذهب إليه و نرجوه أن يرضى ويتكرم علينا ويوافق علي مقابلتنا ؟".
-"يا قائد «حمزة» نحن من نحتاجه وليس العكس .. فيجب أن تُظهر له إحترامًا حتي يقبل بما نريده منه .. ثم إنه رجل يختلف عن أهل «زايا» جميعًا.. ويختلف عن أي أحد تعرفه".
-"و سبُه للملك و…".
قاطعه الملك قائلًا:
-"يكفي يا «حمزة» .. إن الوزير «سُهيل» لديه الحق فيما قاله .. نحن من نحتاجه وليس العكس .. لذا سأذهب إليه بنفسي ".
-"ولكن يا مولاي…"
-"قُضي الأمر"…
★. ★. ★.
مرة أخرى يستيقظ «زين» علي طرقات متقطعة علي باب بيته .. فيستيقظ من النوم ويفرك عينيه ثم ينهض متثاءبًا ويتجه إلى باب ويفتحه ليجد رجلاً ملعثمًا يغطي وجهه ويقف على باب بيته .. فسأله «زين»:
-"من أنت أيها المُلعثم".
-"أدخلني وسأخبرك من أنا".
-"اسمع أيها الملعثم كفاني حمقي اليوم .. اما أن تُظهر وجهك وتخبرني من أنت و إما أغلق بابي في وجهك .. ولعلمك ان أغلقت هذا الباب فلن يفتح حتي الساعة".
فأنزل الرجل الشال الذي يغطي وجهه .. وبمجرد أن كشف عن الرجل عن وجهه قال «زين» باستغراب:
-"مولاي الملك .. ألم أقل أنني مازلت نائم وأن هذا حلم".
-"هل يمكنني الدخول الآن".
-"بالطبع .. تفضل يا مولاي ".
وافسح له المجال للدخول .. فدخل الملك وأغلق «زين» الباب خلفه ثم قادّه إلي غرفة استقبال الضيوف وسأله:
-"أيهما يفضل مولاي .. لبن مُحلي بالعسل .. أم النبيذ".
فقال الملك وهو يجلس على مقعده:
-"الخيار الأول أفضل".
أومأ «زين» برأسه إيجابًا ثم خرج وغاب قليلًا ثم عاد يحمل صحفة عليها كوبين من اللبن المُحلي بالعسل وقدم كوبًا إلي الملك ثم جلس على كرسيه وسأل الملك باستغراب :
-"إذن الموضوع جد خطير ليأتي الملك بنفسه إلي بيتي المتواضع".
رشف الملك من كوبه ثم نظر إليه وقال:
-" وماذا أفعل وقد رفضت أن تأتي إليّ؟ .. وسببت الجنديين وأنا".
-"عذرًا يا مولاي .. ولكن رجالك هم من هددوني في بيتي .. وأنا رجل حُر ".
-"أعلم ذلك .. ولكن دعنا من هذا .. ولتعرف لماذا جئت إليك".
-"تفضل يا مولاي".
-"أحتاج منك أن تنفذ لي مهمة.. وسأعطيك ما تُريده من المال وسأعيدك إلي الجيش بمنصب أكبر إن شئت".
-"وما تلك المهمة ؟".
-"هل تعرف أنّ ابنتي تم اختطافها من القصر .. وأن من اختطفها «سلمان» ملك أرض الظلام".
-"لقد سمعت ذلك وأنا في الحانة".
-"مُهمتك أن .. ".
-"أن أعيد ابنتك الأميرة من أرض الظلام".
-"أجل".
ابتسم «زين» بسخرية وقال بعد لحظات قليلة من التفكير :
-"عُذرًا يا مولاي .. أنا أرفض طلبك".
-"لماذا؟".
-"لأنك جئت للرجل غير المناسب".
-"لكني لا أري ذلك .. افعل تلك المهمة لأجلي وسأنفذ ما وعدته لك".
-"لا أريد مالك ولا منصب في الجيش .. وإن أردت أن تسجنني فلن ألومك علي ذلك".
-"أنت تعرف اني لن أفعل ذلك".
-"ولكني لن أغير قراري .. أنا رجل لا أصلح لما تريده مني".
قال الملك بعد صمت للحظات :
-"قبل أن آتي إلي هنا سمعت قصتك .. وألمني ما حدث لزوجتك .. وعرفت كما كُنت تُحبها .. وكيف أنك خسرت كل شئ بعد موتها .. وأنك حملت نفسك ذنب ما حدث ".
-"هل بعد كل ما سمعته عني مازلت مصممًا علي اني أصلح لما تريده مني".
أومأ الملك برأسه إيجابًا وقال :
-" بعدما عرفت قصتك .. أيقنت أنك أصلح رجل لهذه المُهمة".
-"حتي وأنا لم أستطع أن احمي زوجتي؟".
-"لا تحمل نفسك ذنب ما حدث .. إنه ليس خطئك .. هذا هو القدر يابني .. وبالنسبة لسؤالك .. أجل .. أتعرف لماذا؟ ".
هز رأسه بالنفي فأردف الملك:
-"لأنك جربت مرارة الفقد .. وبالتأكيد ستشعر بي .. وبما أشعر به الآن .. أرجوك .. هي ما تبقي لي في هذه الحياة ولا أريد أن أفقدها ".
صمت «زين» لدقائق ثم قال:
-"عذرًا يا مولاي .. لن أستطيع".
تنهد الملك «عمار» ثم وقف من مكانه فوقف «زين» وقال الملك كلماته الأخيرة:
-"أظن أنني أخطأت بالفعل عندما أتُيت إليك ..".
وتحرك قاصدًا المغادرة لكنه وقف أمام لوحة زيتية لصورة «مريم» ثم إلتفت لزين وقال:
-"أظن أنّ زوجتك لو كانت حية الآن كانت ستطلب منك مساعدتي".
أغمض «زين» عينيه ثم فتحهما ونظر إلى صورة زوجته وتنهد .. بينما اتجه الملك إلي الباب لكنه قبل أن يخرج أوقفه «زين»:
-"انتظر يا مولاي الملك"…
-يتبع…


الثالث من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close