رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل العشرون 20
الفصل العشرون
وفجاءة طعنها بالسكين الذي يحمله في يده
خرجت منها صرخة آلم بعدما وضعت يدها علي موضع الطعنة فوجدت الدماء تسيل منه بغزارة
جحظت عيناها هلعاً وهي تكاد تصاب بنوبة ذعر لخوفها من الدماء ولكنها قررت الصمود وهي تتوسل عقلها بالتركيز فقط علي ما يحدث لها الآن حتي بدأت في إبعاد كل تلك الأفكار وغض بصرها عن كل تلك الدماء المتناثرة حولها في ثبات وأخذت تدعو سليم في وهن وآلم
سمع سليم صرختها وشعر بحركة غريبة خلف الشجيرات........إتجه ببصره إلي مكان جلوسها فلم يجدها.......إعتراه القلق فركض ناحيتها لكي يطمئن
وفجاءة وجدها تسقط أرضاً في آلم ....إنتفض قلبه قبل جسده إثر رؤيته لدمائها الغزيرة تسيل من جسدها وثيابها التي تخضبت بالدماء فركض ناحيتها محتضناً إياها قبل سقوطها واضعاً رأسها علي قدمه وهو يضرب وجنتيها بلطف
هاتفاً بها في وله عاشق معذب عساها تستجيب
يصرخ قلبه هاتفاً بوله لن أسمح لكِ أن تنفصلِ عني حتي لو أردتِ..... أنتِ ملكي.....كنتِ ضائعة مني وقد وجدتكِ....اريدكِ أن تبقى ملكي طويلاً ..... ملكي إلى الأبد
ولكن كل ما تسرب الي لسانه من ذلك الحديث الطويل هو صراخه بهلع
سليم: مليكة مليكة ردي عليا
حاولت أخذ أنفاسها بقوة وهي تحاول تحريك شفتيها التي تخضبت بدمائها بصعوبة لتتحدث ثم فقدت وعيها
ضمها سليم الي جسده صارخاً بالأمن وطلب من أميرة أن تأخذ مراد الي الأعلي كيلا يري مليكة
حمل هو مليكة وركض بها الي سيارته بفزع
واضعاً جسدها الهزيل الملطخ بدمائها علي المقعد الي جانبه ممسكاً بيدها في قوة وحنان في أن واحد......هاتفاً بها في قلق
سليم: مليكة عاوزك تفتحي عيونك متغمضيش يا مليكة
كان يسمع فقط همهمات تأوهاتها فصرخ بها مرة آخري بقلق قد بلغ منه مبلغه
كانت هي تجاهد حتي تبقي زرقاوتيها مفتوحتين ولكنها تشعر بأنهما ثقيلتان وكأن بهما رمل
فقدت الوعي تماما وهدأت تأوهاتها فصرخ بها سليم بخوف كيلا تغلقهما
وصلا الي المستشفي بعد دقائق فحملها ودلف للداخل راكضاً وهو يصرخ بالجميع
سليم: دكتور بسرعة
حملتها منه الممرضات ودلفن الي غرفة العمليات
*************************
خارج الغرفة
جلس سليم علي أحد المقاعد الموجودة واضعاً رأسه بين يديه مفكراً تراها ستفيق أم لا
هبط قلبه الي قدميه حينما راودته فكرة أن تكون إصابتها شديدة الخطورة الي الحد الذي لا تستفيق فيه .......شعر بآلم غريب يجتاح قلبه.......هز رأسه بعنف فهو لا يحبها.....لا يحبها........لا يجب عليه ذلك
بعد عدة ساعات
سمع أصوات حركة كثيرة وهرولة الممرضات وبعض الهرج والمرج
فهب واقفاً بهلع محاولاً أن يوقف إحداهن
صرخ بهلع
سليم: في إيه.......مراتي إيه اللي بيحصلها جوة
فأخبرته الممرضة أن مليكة قد فقدت الكثير من الدماء ولا يجدوا نفس فصيلتها
هتف برجاء
سليم: أنا o negative خدو كل اللي تحتاجوه بس المهم تفوق
تهللت أسارير الممرضة كثيراً وطلبت منه أن يأتي معها......وبالفعل دلف سليم الي غرفة العمليات
وضعوه علي سرير يقابل سريرها ووصلوا بذراعه بعض الانابيب لينقلوا لها الدم سريعا
أخذ يتطلع إليها وهي مُنسدحة علي الفراش في وداعة شديدة......لاحول لها ولا قوة......تشبه الملائكة كثيراً علي الرغم من شحوب وجهها الشديد
وشفتيها أيضاً ولكن كل ذلك لم يخفي جمالها
وبعد وقت قصير إنتهت العملية
فطمئنه الطبيب كثيراً مُخبراً إياه أنها ستظل في العناية المركزة حتي تمر أول 48ساعة لخطورة مكان الإصابة ثم تنقل بعد ذلك الي غرفة عادية
زفر سليم بأريحية فطلب منه الطبيب أن يستريح ويتناول بعض السوائل حتي يعوض ما تم أخذه
أومأ سليم براسه ولم يعلق وجلس بجوارها حتي يكون الي جوارها حين تستيقظ............سمعها تنادي باسمه تارة وتارة باسم مراد وتارة آخري بوالدها ووالدتها و تارة بذلك العاصم الذي لا يعرف حتي من هو
*************************
في قصر الغرباوية
وتحديداً في صحن القصر كان ياسر يقف مودعاً والداته وجدتة وزوجته لرحيله للقاهرة كي يطمئن علي زوجة ابن عمه
تمتمت قمر في لهفة
قمر: خلي بالك من حالك بس وطمنا علي مليكة الله يخليك أول ما توصل
أومأ ياسر براسه متمتما في هدوء
ياسر: إن شاء الله
هم ياسر بالرحيل فشعرت قمر بأن الدنيا تميد تحت قدميها وبتشوش في رؤيتها
فهتفت في صوت مضطرب متقطع
قمر: إلحجني يا ياسر
إنتفض قلبه قبل جسده حينما سمع صيحة إستنجادها وإحتضنها قبل سقوطها أرضاً
ليصرخ منادياً بإسمها ولكن......لا منادي
إندفع الخفير عوض مستدعياً الطبيب ما إن صرخ فيه ياسر آمراً بذلك وهو يحمل قمر صاعداً الدرج في عجالة......إندفعتا خلفه الحاجة خيرية ووداد في وجل....... وضعها ياسر علي الفراش لاهثاً في وله حقيقي عليها......ينادي بإسمها في فزع محاولاً إفاقتها لعلها تستجيب لندائه.......وعندما لم يجد منها أي إستجابة..... إندفع محضراً عطره ثم وضع بعضاً منه علي كف يديه وقربه من أنفاس قمر التي بدأت في الإستجابة لتهمهم في وهن محركة رأسها يمنة ويسرة في هدوء
زفر بأريحية .........في نفس اللحظة التي وصل فيها الطبيب علي باب الحجرة
دخل ليفحص قمر فإنسل هو من جوارها تاركاً والدته وجدته مع الطبيب........لم يستطع مداراة قلقه فوقف يدعوا الله وهو يتحرك أمام الباب ذهاباً واياباً
حتي إنفتح باب الغرفة أخيراً علي خروج الطبيب مصحوباً بإندفاع مفاجئ لزغاريد أمه وإبتسامة جدته
وقف تائهاً لا يعلم ماذا يحدث..... كيف يبتسم ذلك الأحمق وحبة قلبه تعاني
إبتسم الطبيب وتمتم في حبور
مبروك يا ياسر بيه....... المدام حامل
تسمر ياسر للحظات مشدوهاً يحملق في الطبيب الذي إتسعت إبتسامته ونقل نظراته لوالدته التي أومات برأسها في إبتسامة يتبعها تاكيداً من جدته
ليهتف ياسر اخيراً
ياسر: إنت متاكد يا داكتور من حديتك ديه
ضحك الطبيب بخفة وتابع مشاكساً بمرح
علي حسب معلوماتي الطبية المتواضعة جداً جداً فأقدر أكدلك كلامي ده
إبتسم ياسر بحرج وتابع معتذراً
العفو يا داكتور مقصدييش إكده.....
إبتسم الطبيب بحبور وتابع مربتاً علي كتف ياسر
الطبيب: أهم حاجة دلوقتي هي الراحة التامة للمدام وطبعا مش هوصي الحاجة علي التغذية الكويسة علشان الحمل وكدة
هز ياسر رأسه مؤكداً وهو يطلب من عوض إصطحاب الطبيب للخارج دالفاً هو لغرفته مغلقاً الباب خلفه في سعادة......إقترب من قمر المنسدحة علي الفراش في هدوء وإنحني مقبلاً جبهتها في محبة عارمة
فتحت قمر عيناها وهمست بحب
مبروك يا ابو عمار
ضمها إليه في سرور بالغ وكأنه يضعها بداخل قلبه
فأغمضت هي عيناها تستنشق رائحته علها ترزق بطفل يشبهه في كل شئ كما تمنت دوماً
************************
بعد عدة ساعات كان قد وصل القاهرة بعدما ترك زوجته علي مضد لأجل سليم فهو يعلم مدي قلقه الأن فهو قد رأي حب مليكة يطل من بين عينيه ولكنه يعلم ابن عمه ورفيقه جيداً فهو يعافر بقوة كيلا يظهر هذا الحب وهو حقاً لا يعرف لماذا
زفر بعمق وهو يتمتم بحنق
ياخرابي علي المرار الطافح اللي إنت فيه يا ياسر
هما يتنيلوا يحبوا وإنت تتجندل علي دماغ اللي خلفوك
***********************
وصل للمستشفي ليجد سليم قابعاً علي أحد المقاعد عيناه خير دليل علي عدم رؤيتها للنوم ولو لعدة دقائق حتي
ياسر: طمني يا واد عمي
هتف سليم بصوته العميق في وله وجزع
سليم: الدكتور بيقول إنها بقت كويسة بس هي لسة لحد دلوقتي مفاقتش
ربت ياسر علي كتفه في إشفاق
ياسر: إن شاء الله خير يا خيي متجلجش
بس كيف دا حوصل...... وكيف حد يدخل الجصر عنديك من غير ماحد لا يحس ولا يدرا بيه
هتف سليم بحنق ودهشة
سليم: مش عارف يا ياسر ودا اللي هيجنني دخل إزاي وكان عاوز إيه مادام هو مش جاي للسرقة أصلاً
ربت علي كتفيه في حنو وتابع بهدوء
ياسر: أصبر ياواد عمي لما مرتك تفوج ونوبجي نسألوها يمكن اللي عمل إكده جالها أيتها حاچة نعرف منيها هو مين أو حتي كان چاي ليه
تمتم سليم بصبر
سليم: أديني مستني
تمتم ياسر بتوجس
ياسر: في خبر إكده أني عارف إنه مش وجته بس لازم تعرفه مش عارف أخبيه عنيك عاد
زم سليم شفتيه وتابع بسخرية
سليم: خير في إيه تاني
إبتسم ياسر ملئ شدقتيه وتابع بفرحة
ياسر : لا دا خير وكل خير..... جمر مرتي حامل
إبتسم سليم في حبور
سليم: مبروك يا ياسر الف مبروك والله الواحد كان محتاج يسمع أخبار حلوة
تمتم ياسر بهدوء
ياسر: لساتني عارف جبل ما أچيك طوالي
ضيق سليم عيناه وتابع موبخاً
سليم : وإيه اللي جابك يا ابني إنت كنت خليك جنب مراتك علشان تاخد بالك منها وتراعيها
إستطرد موبخاً
ياسر: والله عيب اللي بتجوله دا
جمر وياتها أمي والحاچة خيرية والبلد كلاتها لو حبت بس إنتو هنية لحالكوا يوبجي تسكت خالص
ولم يكد سليم أن يتحدث حتي سمعا صوت انثوي
يهتف في دهشة ممزوجة بالقلق
نورسين: أستاذ سليم
إلتفتا سوياً علي وقع الصوت في هدوء بينما إقتربت منهم نورسين التي دب القلق لأوصالها
تسأل عن سبب وجودهم
رحب بها سليم بأدب
سليم: د.نورسين أهلاً وسهلاً مليكة تعبانة شوية
تابعت نورسين بقلق
نورسين : خير فيها إيه
قص عليها ما حدث بإقتضاب يخبئ ورائه الكثير والكثير من الغضب
شهقت نورسين بفزع ثم حاولت الإستفسار عن سبب الحدوث فأخبرها سليم بعدم معرفته لأي شئ حتي الآن...........فتركتهم هي بعد الإستئذان لتطمئن علي حالتها وتطمئنه قليلا ً
وبالفعل بعد وقت قصير خرجت لتخبره بإفاقتها
فهب سليم واقفاً هاتفاً بوله عاشق أضناه القلق وإحترق بنيران الخوف من الفقد والفراق
سليم: أنا عاوز أتطمن عليها
تمتمت نورسين في هدوء تطمئنه وتخبره بألا يحدثها كثيراً كيلا تؤذي جرحها
أومأ سليم برأسه عدة مرات وإتجه مندفعاً لغرفتها يسبقه قلقه وشوقه
وجدها منسدحة علي الفراش في وداعة تبدو بوادر الآلم علي وجهها الذي أضحي شحوبه يماثل شحوب الموتي جلس الي جوارها ممسكاً بيدها في حنو بالغ يتنافي مع قسوته في الأيام السابقة
كيف لا والحب النقي بنيتي هو من يسكن الوحش الذي بداخل الانسان.......همس برقة بالغة يعتريها قلق شديد سمح له بأن يطل من خضراوتيه
سليم: حمد لله علي سلامتك
همست في وهن شديد يتخلله آلم تحاول جاهدة إخفاؤه
مليكة: الله يسلمك
مراد.... مراد فين
أردف يطمئنها في حبور
سليم: متقلقيش مراد كويس
رفرفت بأهدابها بتلك الحركة الطفولية وكأنها تقول له حسناً ثم غابت عن الوعي مرة أخري
هب سليم واقفاً في هلع وخرج مسرعاً ليحضر الطبيب
سليم: د. نورسين مليكة... مليكة
هتفت نورسين بهلع
نورسين: مالها
هتف سليم بجزع
سليم: مش عارف أنا كنت بكلمها وفجاءة لقيتها غمضت عيونها
إبتسمت نورسين في حبور
نورسين: متقلقش يا باشمهندس هي كويسة دا بس من البنج والعملية متخافش
زفر سليم بأريحية وأومأ برأسه بمعني حسناً
إستأذنت نورسين ورحلت بعدما طلبت منهم إعلامها إذا إحتاجوا لأي شئ
إبتسم ياسر مشاكساً بعدما خبط علي كتف سليم
ياسر: واه واه علي زينة الرچال .....إيه مشندل حالك إكده يا واد عمي